الجود والسخاء من أخلاق الله ، وإنّ الله يحبّ السخيّ ، وأولى الناس بالسخاء الطبيب ، فلا يبخل بماله ، كما لا يبخل بعلمه ، بل زكاة طبّه معالجة المرضاء ، وتعليم الجهلاء ، وإشاعة الفضائل والعلوم ، وتقديم ما عنده من التجارب والكشفيّات إلى العالم كلّه ، فإنّ الطبيب طبيب الكلّ ، ولا ينحصر بشعب خاصّ أو وطن خاصّ ، لأنّ العالم للجميع ، ولا يتحدّد بحدود جغرافية ، ويتقلّم بأقاليم خاصّة.
فالطبيب الناجح من كان سخيّاً غير حسود ، ويحبّ الخير ونشره ، ويحبّ لأخيه ما يحبّ لنفسه.
وإنّ البخل يهدم صرح الإيمان ، كما إنّ الحسد سجن الروح ويفني الجسد ويوجب الهمّ والغمّ ، وأقلّ الناس لذّة الحسود والبخيل ، ومن السخاء العفو عمّن ظلمك ، كما إنّ ذلك من مكارم الأخلاق ، قال الله تعالى:
( إدْفَعْ بِالَّتي هِيَ أحْسَنُ فَإذا الَّذي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأ نَّهُ وَليٌّ حَميمٌ وَما يُلَقَّاها إلاّ الَّذين صَبَروا وَما يُلَقَّاها إلاّ ذو حَظٍّ عَظيم )[1] ، فالسخاء وعدم الحسد والعفو وعدم الغضب صفات يجب أن يتحلّى بها الطبيب الموفّق.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
« السخاء خلق الله الأعظم ».
« إنّ السخاء شجرة من أشجار الجنّة ، لها أغصان متدلّية في الدنيا ، فمن كان سخيّاً تعلّق بغصن من أغصانها فساقه ذلك الغصن إلى الجنّة ».
« السخيّ قريب من الله ، قريب من الناس ، قريب من الجنّة ».
إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال لعديّ بن حاتم طيء:
« دفع عن أبيك العذاب الشديد لسخاء نفسه ».
« طعام السخيّ دواء وطعام الشحيح داء ».
أقول : ما أروع هذه الرواية عندما تتجلّى في دواء الطبيب السخيّ ، فإنّه يكون دواؤه أسرع تأثيراً من غيره.
قال أمير المؤمنين علي (عليه السلام):
« سادة الناس في الدنيا الأسخياء ، وفي الآخرة الأتقياء ».
« تحلّ بالسخاء والورع ، فهما حلية الإيمان وأشرف خلالك ».
« السخاء خلق الأنبياء ».
« السخاء والشجاعة غرائز شريفة يضعها الله سبحانه فيمن أحبّه وامتحنه ».
« السخاء فطنة ».
« لا يستعان على اللبّ إلاّ بالسخاوة ».
« السخاء ثمرة العقل ».
« غطّوا معايبكم بالسخاء ، فإنّه ستر العيوب ».
« السخاء يزرع المحبّة ».
« السخاء يثمر الصفاء ».
« السخاء يمحّص الذنوب ويجلب محبّة القلوب ».
« عليكم بالسخاء وحسن الخلق ، فإنّهما يزيدان الرزق ويوجبان المحبّة ».
قال الإمام الصادق (عليه السلام):
« السخاء من أخلاق الأنبياء ، وهو عماد الإيمان ، ولا يكون مؤمن إلاّ سخيّ ، ولا يكون سخيّاً إلاّ ذو يقين وهمّة عالية ، لأنّ السخاء شعاع نور اليقين ، ومن عرف ما قصد ، هان عليه ما بذل ».
« خياركم سمحاؤكم ، وشراركم بخلاؤكم ».
« شابّ سخيّ مرهق في الذنوب أحبّ إلى الله عزّ وجلّ من شيخ عابد بخيل ».
قيل للصادق (عليه السلام) : ما حدّ السخاء ؟ قال:
« تخرج من مالك الحقّ الذي أوجبه الله عليك فتضعه في موضعه ».
« السخيّ الكريم الذي ينفق ماله في حقّ ».
« السخاء أن تسخو نفس العبد عن الحرام أن تطلبه ، فإذا ظفر بالحلال طابت نفسه أن ينفقه في طاعة الله عزّ وجلّ ».
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
« إنّ الله يبغض البخيل في حياته ، السخيّ عند وفاته »[2].
[1] فصّلت : 34 ـ 35.
[2] ميزان الحكمة 4 : 418.
( 17 )