فإنّ من الأخلاق الحسنة للأطباء أ نّه عندما يقف أحدهم على خطأ صاحبه وزميله في الطبّ في تشخيص مرض وكيفية علاج أو تجويز دواء أو ما شابه ذلك ، فلا يخطئه أمام مريضه ، ويتهجّم عليه ويهينه ويستغيبه ، ممّـا يؤدّي ذلك إلى فقد المريض ثقته بالطبيب ، بل بلطائف الكلام ومعاريضه ، يمكن أن يرشد المريض إلى صوابه ورشده وما فيه صلاحه وخيره ، كما يرشد الطبيب الآخر إلى العمل الصحيح والمعالجة الصحيحة بحكمة بالغة من دون جرح المشاعر والأحاسيس.
وقد ورد في الخبر الشريف : « أحبّ الإخوان إليَّ من أهدى إليَّ عيوبي » ، أن يكون التذكّر والنصح على نحو الهدايا لا بقصد الفضيحة والتنقيص والتشهير.
ولا يكون الطبيب دنيّ النفس والطبع ، بل كريماً سمحاً عالي الهمّة ، ومن سماحته أن يذكّر إخوانه بما ينفعهم بلطف وإحسان ، فإنّ الذكرى تنفع المؤمنين لو كانت مع شرائطها الشرعية والعقليّة.
وقال رسول الله : « اُمرت بمداراة الناس » « مداراة الناس صدقة » ، ومن أعظم ما يملك الناس به السماح والعطاء ، فإنّه يسترق به من لم يكن ينقاد ، فلا بدّ للطبيب من المخالطة الحسنة بالتلطّف والمداراة وإيفاء الحقوق والحلم عن الجهّال والعفو عمّن ظلمه والإيثار مع الحزم والعزم وحسن الفطنة والتعقّل الكامل والاجتهاد التامّ وطلب المعالي بسهر الليالي ، ومراعاة حقوق الآخرين ، ومنها عدم تخطئة الأطباء الآخرين أمام المريض ، وإذا كان يختلف معه في التشخيص ، فالأولى له أن يخبره بذلك ، ويتشاوران في معالجة المريض وسلامته ، فإنّ مقصودهما واحد ، لا سيّما وإنّهما يؤمنان بالله ورسوله ، ويقصدان من طبابتهما محض الخدمة والتقرّب إلى الله سبحانه وتعالى.
( 6 )