لا يحقّ للطبيب أن يستهين بمريضه ، فلا يحترمه في عقائده ومذهبه وسلوكه وعاداته وتقاليده ، ممّـا يوجب اضطرابه وجرح مشاعره ، فإنّ كلّ واحد له شخصيّته الفردية والاجتماعية ، وعقائده محترمة عنده ، ويحاول أن يدافع عنها مهما كلّفه الأمر ، فلا يستغلّ الطبيب مرضه ، ليحمّله عقائده وأفكاره ، أو يجذبه إلى حزبه ، فيما لو كان الطبيب متحزّباً ، وإنّي لأنصح الأطباء وكذلك رجال الدين أن لا يتحزّبوا ، فإنّ دخولهم في حزب يلزمهم أن يفقدوا شرائح اجتماعية كثيرة ، وأحزاب اُخرى ، وخلق كثير ، والحال أنّ الطبيب الجسدي والطبيب الروحي ـ أي : الدكتور والعالم الديني ـ إنّما هو لكلّ الناس وفوق الميول والاتجاهات الخاصّة.
فالطبيب الحاذق عليه أن يراعي كمال الأخلاقيات العامّة والخاصّة مع الكلّ ، لا سيّما مع مريضه.
يقول محمد بن زكريا الرازي : « ولا شيء أجدى على العليل من أن يكون الطبيب مائلا إليه بقلبه محبّاً له »[1].
فالواجب على الطبيب المسلم أن يحترم مريضه ويكرمه ويحسن عليه ، فإنّه أخوه في الدين أو الإنسانية.
قال الله تعالى:
(أحْسِنْ كَما أحْسَنَ اللهُ إلَيْكَ)[2].
(أحْسِنوا إنَّ اللهَ يُحِبُّ الُمحْسِنينَ)[3].
(إنَّ اللهَ يَأمُرُ بِالعَدْلِ وَالإحْسانِ)[4].
(إنَّ اللهَ مَعَ الَّذينَ اتَّقَوْا وَالَّذينَ هُمْ مُحْسِنونَ)[5].
(إنْ أحْسَنْتُمْ أحْسَنْتُمْ لأنْفُسِكُمْ وَإنْ أسَأتُمْ فَلَها)[6].
(لِلَّذينَ أحْسَنوا في هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةً وَلَدارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ)[7].
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
« من أكرم أخاه المسلم بكلمة يلطفه بها ، ومجلس يكرمه به ، لم يزل في ظلّ الله عزّ وجلّ ممدوداً عليه بالرحمة ، ما كان في ذلك ».
« ما في اُمّتي عبد ألطف أخاه في الله بشيء من لطف إلاّ أخدمه الله من خدم الجنّة ».
« إلقَ أخاك بوجه منبسط ».
« جبلت القلوب على حبّ من أحسن إليها ، وبُغض من أساء إليها ».
قال أمير المؤمنين علي (عليه السلام):
« الإحسان غريزة الأخيار ، والإساءة غريزة الأشرار ».
« الإحسان المحبّة ».
« الأحسان غُنم ».
« الإحسان ذُخر ، والكريم من حازه ».
« عليك بالإحسان فإنّه أفضل زراعة ، وأربح بضاعة ».
« أفضل الإيمان الإحسان ».
« بالإحسان تُغمد الذنوب ».
« رأس الإيمان الإحسان إلى الناس ».
« نِعم زاد المعاد الإحسان إلى العباد ».
« لو رأيتم الإحسان شخصاً لرأيتموه شكلا جميلا يفوق العالمين ».
« من كثر إحسانه أحبّه إخوانه ».
« الإحسان يسترقّ الإنسان ».
« بالإحسان تملك القلوب ».
« المحسن معان ».
« المحسن حيّ وإن نُقل إلى منازل الأموات ».
« المحسن من عمّ الناس بالإحسان ».
« إنّ المؤمنين المحسنون ».
« إنّك إن أحسنت فنفسك تكرم وإليها تحسن ، إنّك إن أسأت فنفسك تمتهن وإيّاها تغبن ».
« تمام الإحسان ترك المنّ به »[8].
قال الإمام الصادق (عليه السلام):
« من أتاه أخوه المؤمن فأكرمه فإنّما أكرم الله عزّ وجلّ ».
« من قال لأخيه مرحباً كتب الله له مرحباً إلى يوم القيامة ».
« إنّ من عظّم دينه عظّم إخوانه ، ومن استخفّ بدينه استخفّ بإخوانه »[9].
[1] أخلاق الطبيب : 35.
[2] القصص : 77.
[3] البقرة : 195.
[4] النحل : 90.
[5] النحل : 128.
[6] الإسراء : 7.
[7] النحل : 30.
[8] ميزان الحكمة 2 : 442.
[9] ميزان الحكمة 1 : 20.