ثمّ رمضان من أسماء الله، كما ورد ذلك في بعض الروايات عن أهل البيت(عليهم السلام)، فلا يقال رمضان إلاّ مع ذكر المضاف ، أي شهر رمضان ، وقد يذكر معان اُخرى لتسمية شهر رمضان ، فقيل : إنّه علم للشهر كرجب وشعبان .
ومنع من الصرف للعلمية والألف والنون ، واختلف في اشتقاقه ، فعن الخليل : إنّه من الرمض ـ بتسكين الميم ـ وهو مطر يأتي في وقت الخريف ، يطهّر وجه الأرض من الغبار ، سمّي الشهر بذلك لأ نّه يطهِّر الأبدان عن الأوضار والأوزار ، وقيل : من الرمض بمعنى شدّة الحر من وقع الشمس; وقال الزمخشري في الكشاف : الرمضان مصدر رمضَ ، إذا احترق من الرمضاء ، سمّي بذلك إمّا لارتماضهم فيه من حرّ الجوع كما سمّوه نابقاً ، لأ نّه كان ينبقهم أي يزعجهم بشدّته عليهم ، أو لأنّ الذنوب ترمض فيه أي تحترق ، وقيل : إنّما سمّي بذلك ، لأنّ أهل الجاهلية كانوا يرمضون أسلحتهم فيه ، ليقضوا منها أوطارهم في شوال قبل دخول الأشهر الحرم ، وقيل : إنّهم لمّـا نقلوا أسماء الشهور عن اللغة القديمة سمّوها بالأزمنة التي وقعت فيها فوافق هذا الشهر أيّام رمضي الحر فسمّيت بذلك . وهناك وجوه اُخرى .
جاء في
الكافي : عن أبي عبد الله الإمام الصادق ، عن أبيه الإمام الباقر(عليهما
السلام) ،
قال : قال أمير المؤمنين ( صلوات الله عليه ) :
لا تقولوا رمضان ولكن قولوا شهر
رمضان
فإنّكم لا تدرون ما رمضان[1] .
وعن أبي جعفر الإمام الباقر (عليه السلام) قال : كنّا عنده ثمانية رجال فذكرنا رمضان فقال : لا تقولوا رمضان ، ولا ذهب رمضان ، ولا جاء رمضان ، فإنّ رمضان اسم من أسماء الله عزّ وجلّ ، لا يجيء ولا يذهب وإنّما يجيء ويذهب الزائل ، ولكن قولوا شهر رمضان ، فإنّ الشهر مضاف إلى الاسم والاسم اسم الله عزّ ذكره ، وهو الشهر الذي اُنزل فيه القرآن ، جعله مثلا وعيداً .
وإلى هذا المعنى يشير الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) في خطبته في الجمعة الأخيرة من شعبان : قد أقبل عليكم شهر الله .
وفي كتاب الإقبال من كتاب الجعفريات بسند سيّد ابن طاووس عن أمير المؤمنين (عليه السلام) : لا تقولوا رمضان ، فإنّكم لا تدرون ما رمضان ، فمن قاله فليتصدّق ، ويضمر كفّارة لقوله ، ولكن قولوا كما قال الله تعالى : ( شَهْرُ رَمَضَان ) .
قال العلاّمة الطباطبائي في تفسيره القيّم[2] :
« والأخبار الواردة في عدّ أسماء الله تعالى خال عن ذكر رمضان ، على أنّ لفظ رمضان من غير تصديره بلفظ شهر ، وكذا رمضانان بصيغة التثنية كثير الورود في الروايات المنقولة عن النبيّ وعن أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) بحيث يستبعد جدّاً نسبة التجريد إلى الراوي » انتهى كلامه رفع الله مقامه .
والظاهر عدم الاستبعاد ، ولتكن هذه الأخبار التي ذكرناها ممّا تدلّ على أنّ رمضان من أسماء الله أيضاً . والله العالم بحقائق الاُمور .
[1]الكافي 4 : 69 ، باب في النهي عن قول رمضان بلا شهر .
[2]تفسير الميزان 2 : 24 .