![]() |
![]() |
![]() |
من الواضح المعلوم أنّ الإنسان رهين بما كسب ، وأ نّه ليس للإنسان إلاّ ما سعى ، وهذا من الاُصول الأساسية في المفاهيم الإسلامية المنبثقة من القرآن الكريم والسنّة الشريفة . فالوصول إلى المراتب العالية والأهداف السامية ، لا يكون بالتكاسل والتمهّل والسكون ، بل لا بدّ من الحركة والعمل الدؤوب المتواصل ليل نهار ، وحتّى في الاُمور المعنوية والمسائل الروحية وما يرتبط بعالم الآخرة ، فلا بدّ من العبادة والانقطاع إلى الله سبحانه في الليل والنهار ، لا بدّ من الصلوات اليومية ، ومن صيام شهر رمضان المبارك ، وأداء مناسك الحج ، ورعاية جميع الأحكام الإلهية ، بإتيان الواجبات وترك المحرّمات ، وذلك من تقوى العام ، بل بإتيان النوافل والمستحبّات فضلا عن الواجبات ، وترك المكروهات فضلا عن المحرّمات ، وذلك من تقوى الخاص . فليس للإنسان إلاّ ما سعى ، وسوف يرى عمله محضراً ، مثقال شرّ أو مثقال خير.
ولكن من
أراد صعود الجبل والوصول إلى قمّته ، فإنّه يتحرّك بنفسه أوّلا ، ويحمل
معه ما يعينه على المسير والصعود ، إلاّ أ نّه في بعض المواقف يحتاج إلى
من يسنده ويعينه ويدفعه إلى الأمام ، ويأخذ بيده للصعود إلى القمّة ،
وحفظه من الانزلاق والهبوط ، وهذا الشخص المعين والمساعد يسمّى
بالشفيع ، فهو بشفاعته
يساعد
الصاعد على صعوده.
والمؤمن في حياته الإيمانية العلمية والعمليّة ، يبذل ما في وسعه وطاقته لنيل رضى الله سبحانه ، إلاّ أ نّه لعظم الصعود وأ نّه إلى ربّك المنتهى ، وأ نّه إليه يصعد الكلم الطيّب والعمل الخالص ، وأ نّه في مقام الإخلاص يرى أ نّه لم يفعل شيئاً ، ولا يقدر طي المنازل وإدامة المسير بوحده ، وإنّه يحتاج إلى شفيع يكمل وتره ، ويشفع له في التقرّب إلى ربّه العزيز ، ليجبر نقصه وضعفه ، وليدفعه إلى الصعود إلى المدارج العالية والمقامات السامية ونيل قمّة الكمال ، وهي زيارة الله في عرشه ، ولا يتحقّق ذلك إلاّ بالشفاعة . ولتحقّق الشفاعة أسباب وعوامل ، ومن أهمّها زيارة أولياء الله ، كما أنّ الإقرار بالذنب من الوسائل لدرك الشفاعة النبوية والولوية ، وخاتم الأنبياء محمّد (صلى الله عليه وآله) ادّخر شفاعته لأصحاب الكبائر من اُمّته ـ كما ورد في الحديث الشريف عند الفريقين ـ .
ومن أبرز العوامل للحصول على الشفاعة والمعونة الإلهية والتوفيقات الربّانية زيارة مولانا الإمام الرضا (عليه السلام) ، فإنّ زائره ينال الشفاعة ولو كان عليه ذنوب الثقلين ، وهذا من أسرار الولاية والزيارة فلا تغفل.
العيون بسنده عن ابن الفضال ، عن أبيه ، قال : سمعت الرضا (عليه السلام) يقول :
إنّي مقتول ومسموم ومدفون بأرض غربة ، أعلم ذلك بعهد عهده إليّ أبي عن أبيه عن آبائه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، ألا فمن زارني في غربتي كنت أنا وآبائي شفعاءه يوم القيامة ، ومن كنّا شفعاؤه نجى ، ولو كان عليه وزر الثقلين.
وهذا لا يعني التجرّؤ على الذنوب ـ والعياذ بالله ـ بل يعني الحياء من الله ورسوله وعترته الطاهرين ، فمن كان عنده مثل هذا الربّ الغفور الرحيم ، ومثل هؤلاء الشفعاء الأطهار ، كيف يعصي الله ورسوله والعترة الهادية ؟ !
![]() |
![]() |
![]() |