صلوات الله

عزيزي القارئ ، بودّي أن أخلق الشوق التامّ المؤكّد في وجودك ، واُرغّبك إلى أفضل الأعمال التي تهدم الذنوب وتثقل الميزان وترضي الربّ ، وهي الصلاة على محمّد وآله ، وإنّما أذكر لك ذلك من خلال ملاحظة نبذة من الروايات الشريفة التي تشير إلى فضل الصلوات ، وإن كان بعضها يعدّ من الحديث الصعب المستصعب ، والأمر الذي لا يتحمّله إلاّ ملكٌ مقرّب ، أو نبيّ مرسل ، أو مؤمن امتحن الله قلبه بالإيمان .

روى الكليني (رحمه الله) في الكافي عن مولانا الإمام الصادق (عليه السلام) أ نّه قال : كلّما ذكر النبيّ وآله ، فأكثروا من الصلوات عليه ، فإنّ من صلّى على النبيّ (صلى الله عليه وآله) مرّةً واحدة ، فإنّ الله تبارك وتعالى يصلّي عليه ألف مرّة في ألف صفّ من الملائكة ، ولا يبقى على الأرض مخلوق إلاّ صلّى على ذلك العبد ، اُسوةً بصلاة الله وملائكته ، فمن رغب عن هذا الأمر فإنّه جاهل مغترّ بنفسه ، ينفر الله ورسوله وأهل بيته[1] .

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : من قال (صلّى الله على محمّد وآله) قال الله جلّ جلاله : (صلّى الله عليك) ، فليكثر من ذلك .

من طرق العامّة :

عن عبد الله عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) عن جبرئيل عن ميكائيل عن إسرافيل عن الرفيع عن اللوح المحفوظ عن الله تعالى ، أ نّه أظهر في اللوح أن يخبر الرفيع ، وأن يخبر الرفيع إسرافيل ، وأن يخبر إسرافيل ميكائيل ، وأن يخبر ميكائيل جبرائيل ، وأن يخبر جبرائيل محمّداً (صلى الله عليه وآله وسلم) أ نّه (من صلّى عليك في اليوم والليلة مائة مرّة صلّيت عليه ألفي صلاة ، ويقضى له ألف حاجة أيسرها أن يعتقه من النار)[2] .

وعن أنس بن مالك قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : (من صلّى عليّ واحدة صلّى الله عليه عشر صلوات وحطّ عنه عشر خطيئات ، ورفع له عشر درجات)[3] .

روي عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) قال : لقيني جبرئيل (عليه السلام) فبشّرني قال : إنّ الله عزّ وجلّ يقول : من صلّى عليك صلّيت عليه ، ومن سلّم عليك سلّمت عليه ، فسجدت لذلك .

عن عمّـار بن ياسر قال : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول : إنّ الله أعطى ملكاً من الملائكة أسماء الخلائق كلّهم وأسماء آبائهم ، فهو قائم على قبري إذا متّ إلى يوم القيامة ، فليس أحد يصلّي عليّ صلاة إلاّ قال : يا محمّد صلّى عليك فلان بن فلان بكذا وكذا ، وإنّ ربّي كفل لي أن يصلّي على ذلك العبد بكلّ واحدة عشراً[4] .

عن أبي عبد الله (عليه السلام) : قال : من قال : (صلّى الله على محمّد النبيّ) قال الله تبارك وتعالى : (صلّى الله عليك) ، فليكثر أو يقلّ .

ولا يخفى أنّ الصلاة من الله سبحانه بمعنى الرحمة الرحيميّة الخاصّة التي هي قريبة من المحسنين ، وأنّ الله سبحانه يصلّى على المؤمنين كما ورد في الخبر الشريف .

عن سليمان بن خالد الأقطع قال : قلت للصادق (عليه السلام) : أيجوز أن يُصلّى على المؤمنين ؟ قال : إي والله يُصلّى عليهم ، أما سمعت قول الله ( هُوَ الَّذي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ )[5] .

وسألني بعض الشباب عن معنى صلاة الله بألف مرّة على من يصلّي على النبيّ بمرّة واحدة ، فألهمتُ مجيباً ، أنّ صلاة الله بمعنى رحمته الخاصّة التي تختصّ بالمؤمنين في الدنيا والآخرة ، ومن ينظر إليه ربّه برحمته الرحيميّة ، فإنّه يموت على الإيمان به ، ولا يخرج من الدنيا كافراً ، بل يرد على ربّه مؤمناً مغفوراً له وهذا يعني الحصول على الحياة الأبديّة ، فإنّ الآخرة لهي دار الحَيَوان ـ بفتح الحاء ـ أي دار الحياة الأبديّة في جنّات عدن اُعدّت للمتّقين ، فيها ما تشتهي الأنفس ، وتلذّ الأعين ، وما لم يخطر على قلب بشر ، فحينئذ من بركات وآثار الصلوات على محمّد وآله أنّ المصلّي يحرز هذا النعيم المخلّد حين يصلّي عليه ربّه بكلّ واحدة ألفاً ، يتجلّى بسلامة الموت ـ وسلام عليه يوم مات ـ وبسلامة البعث ـ وسلام عليه يوم يبعث حيّاً ـ وتكون دنياه مزرعة الآخرة ومتجرها ، ويعيش الحياة الطيّبة والمطمئنّة ، حتّى ولو كان مبتلى بمصائب أيّوب (عليه السلام) ، فتدبّر فالصلاة من الله بمعنى الرحمة العامّة والخاصّة ، وبمعنى البركة والخير المستقرّ والمستمرّ ، وبمعنى التزكية والثناء الجميل وحسن المعاملة في الدنيا والآخرة .

ومن أحاديث العامّة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله : من صلّى عليّ مرّة صلّى الله عليه عشراً . رواه مسلم وأبو داود والنسائي والترمذي ، وقال : حديثٌ حسنٌ صحيح[6] .

وعن عبد الله بن أبي طلحة عن أبيه أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) جاء ذات يوم والبشر في وجهه ، فقلنا : إنّا لنرى البشر في وجهك ، فقال : إنّه أتاني الملك فقال : يا محمّد إنّ ربّك يقول : أما يرضيك أ نّه لا يصلّي عليك أحد إلاّ صلّيت عليه عشراً ، ولا يسلّم عليه أحد إلاّ سلّمت عليه عشراً .


[1]البحار 94 : 57 ، عن الكافي .

[2]تأريخ بغداد 2 : 250 ، وسنن الدارمي 2 : 317 .

[3]فتح الباري : 256 ، والصلاة على النبيّ للقاضي عياض : 47 .

[4]البحار 91 : 68 ، عن جمال الاسبوع : 241 .

[5]البحار 91 : 70 ، عن بيان التنزيل ، والآية في سورة الأحزاب : 43 .

[6]الصلات والبشر : 39 .

10