قال العلاّمة المحقّق السيّد محسن الأمين في كتابه ( مفتاح الجنّات / المجلّد الثاني / الصفحات 258 ـ 269 ) :
عن البحار : يستحبّ زيارة كلّ من يعلم فضله وعلوّ شأنه ومرقده ورمسه من أفاضل صحابة النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، ومن الصحابة حجر بن عدي الكندي المقتول بعذراء قرية بدمشق على أربعة فراسخ منها إلى جهة الشرق قتله معاوية على حبّ عليّ (عليه السلام)وقتل معه ستّة حملهما إليه زياد من الكوفة إلى الشام وكانوا ثلاثة عشر أو أربعة عشر رجلا قتل منهم ستّة أو سبعة في قرية عذراء حين امتنعوا أن يتبرّأوا من أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)ودفنوا فيها وتشفّع أصحاب معاوية في ستّة منهم فأطلقهم وقال لواحد : ما تقول في عليّ ؟ قال : أقول فيه مثل قولك . قال : أتبرأ من دين عليّ الذي يدين الله به ؟ فسكت فتشفّع فيه بعضهم فنفاه إلى الموصل وقال لآخر : ماتقول في عليّ ؟ فقال : أشهد أ نّه كان من الذاكرين الله كثيراً والآمرين بالحقّ والقائمين بالقسط فردّه إلى زياد وأمره أن يقتله شرّ قتلة فدفنه حيّاً ( وفي بعض الروايات ) أ نّه قتل معهم ابن لحجر طلب أبوه أن يقتل قبله فقيل لحجر : تعجّلت الثكل ؟ فقال : خفت أن يرى هول السيف على عنقي فيرجع عن ولاية عليّ (عليه السلام) فلا نجتمع في دار المقامة التي وعدها الله الصابرين . ( وقال المرزباني ) كان حجر بن عدي بن الأدبر الكندي رحمة الله عليه وفد على النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وشهد القادسية وهو الذي فتح مرج عذراء وشهد مع عليّ (عليه السلام) الجمل وصفّين وهو من العُبّاد الثقاة المعروفين روى عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) . انتهى.
وقد زرنا قبر حجر وأصحابه رضي الله عنهم سنة 1351 فوجدناهم مدفونين في ضريح واحد وعليهم قبّة ببنيان محكم تظهر عليه آثار القدم في جانب مسجد واسع فيه منارة عظيمة قديمة.
ورأينا مكان صخرة كانت على باب القبّة وقلعت وبقي محلّها ظاهراً ولا شكّ أ نّه كانت عليها كتابة كما أخبرنا بذلك بعض أهل القرية وأرونا صخرة مطروحة في أرض القبّة مكتوبةً بخطّ قديم لا تاريخ فيها وهذه صورته :
بسم الله الرحمن الرحيم ، سكّان هذا الضريح أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)حجر بن عدي حامل راية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)وصيفي بن نسيك الشيباني وقبيصة بن ضبيعة العبسي وكدام بن حبان ومحرز بن شهاب السعدي وشريك بن شدّاد الحضرمي . انتهى.
فهؤلاء ستّة.
وقال المرزباني : إنّه كان من جملة المقتولين عبد الرحمن بن حسان العنزي وكريم بن عفيف الخثعمي . ويوجد في مدينة دمشق في محلّة تسمّى ( مز القصب ) جامع يسمّى جامع السادات ومسجد الأقصاب في مدخله ضريح عليه صندوق معلّق على أحد جوانبه لوحة حفر عليها ما صورته :
هذا مرقد سبعة من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حجر بن عديّ الكندي وصيفي بن أبي شكر الشيباني وكدام بن حبان المعبدي وشريك بن شدّاد الحضرمي وقبيصة العبسي ومحرز بن شهاب التميمي وثمامة بن عبد الله الزبيدي رضي الله عنهم سنة 1262 . انتهى.
ولا يعلم أحد ما هو أصل هذا المسجد المسمّى بمسجد السادات نسبة إليهم ولا أصل هذا الضريح ولم يذكر مؤرّخ من المؤرّخين أ نّهم دفنوا بدمشق بل كلّهم قالوا أ نّهم دفنوا بمرج عذراء وكيف الجمع بين وجود ضريح لهم بعذراء وآخر بدمشق ، ويدور على ألسنة العوام حديث لا يصحّ التعويل عليه وهو أنّ هذا مدفن أقصابهم ، والله أعلم بحقيقة حالهم ، ولا بأس بزيارتهم في كلا الموضعين فالثواب مرجوّ بكليهما ( إن شاء الله تعالى ) وإن كانت زيارتهم في عذراء أولى ، ثمّ إنّ ما وجد في كلتا الكتابتين من أ نّهم كلّهم من الصحابة لم نتحقّقه في غير حجر بن عدي كما يظهر من مراجعة الكتب المعدّة لذلك كالاستيعاب والإصابة وغيرهما ، فتقول في زيارتهم :
السَّلامُ عَلَيكُم أ يُّها الشُّهَداءُ الصَّابِرون.
السَّلامُ عَلَيكُم أ يُّها الأتقياءُ الصَّالِحون ، صَبَرتُم عَلى عَظيمِ البَلاءِ حَتَّى قُتِلتُم في حُبِّ سَيِّدِ الأوصياءِ وَفُزتُم بِالدَّرَجاتِ العُلى مَعَ الأنبياءِ وَالمُرسَلينَ وَالشُّهَداءِ وَالصِّدِّيقين . فَما أعظَمَ مَقامَكُم وَأجَلَّ رُتبَتَكُم صَبَرتُم عَلى حَدِّ السُّيوفِ وَشُربِ الحُتوفِ وَلَم تَبرَأوا مِنِ ابنِ عَمِّ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَلا ضَعَفتُم وَلا وَهَنتُم وَآثَرتُمُ الدَّارَ الباقيَةَ عَلى الدَّارِ الفانيَةِ حَتَّى قُتِلتُم صَبراً في سَبيلِ اللهِ وَنُصرَةِ ابنِ عَمِّ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ صابِرينَ مُحتَسِبينَ غَيرَ ناكِلينَ وَلا خائِفين ، فَلَعَنَ اللهُ مَن قَتَلَكُم وَظَلَمَكُم وَاستَحَلَّ مِنكُمُ المَحارِمَ وَضاعَفَ عَلَيهِمُ العَذابَ الأليم.
السَّلامُ عَلَيكُم يا أنصارَ الله.
السَّلامُ عَلَيكُم يا أنصارَ رَسولِ الله ( ص ).
السَّلامُ عَلَيكُم يا أنصارَ أميرِ المُؤمِنينَ عَليٍّ بنَ أبي طالِب وَأنصارَ الإسلام.
السَّلامُ عَلَيكُم بِما صَبَرتُم فَنِعمَ عُقبى الدَّار ، رَزَقَنا اللهُ مُرافَقَتَكُم مَعَ الأبرارِ في جِوارِ النَّبيِّ المُختارِ مَعَ الأئِمَّةِ الأطهارِ صَلَواتُ اللهِ عَلَيهِم.
وَالسَّلامُ عَلَيكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُه.