يا من تسألني عن الولاية ؟ !
أوَ تدري أ نّها قد وردت في كثير من تفسير وتأويل الآيات القرآنية التي لا يعلمها إلاّ الراسخون في العلم ، اُولئك الأفذاذ الذين امتحن الله قلوبهم بالإيمان والتقوى ، فعرفوا بواطن الآيات الكريمة ، ووقفوا على أسرارها وأنوارها.
ومن ذلك التأويل والتفسير والبواطن التي لا يمسّها إلاّ المطهّرون ، اُولئك الذين ذكرهم الله في كتابه المجيد في آية التطهير:
( إنَّما يُريدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أهْلَ البَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهيراً )[43].
ما جاء في أمر الولاية على لسانهم المعصوم ، فإنّهم القرآن الناطق والعيني العملي ، وإنّ عصمتهم من عصمته ، وعصمتهما من عصمة الله جلّ جلاله.
فمحمّد المصطفى (صلى الله عليه وآله)وآله الشرفاء أصحاب الكساء (عليهم السلام) ، وذرّيتهم الأبرار الأئمّة الأطهار (عليهم السلام) هم الذين يمسّون حقائق القرآن الحكيم ، ويقفون على علومه الإلهيّة ومعارفه الربانية وفيوضاته القدسيّة ، وإنّما يعرف القرآن من خوطب به ، فإنّه في بيوتهم نزل الكتاب ، فهم معدن الوحي ومهبطه ، وهم خزّان علم الله وعيبته ، فمن أخذ منهم أخذ بالحظّ الأوفر وكان من المهتدين . وطلب الهداية من غيرهم مساوق لإنكارهم ، وإنكارهم كفر ونفاق.
فهلّم لنطرق أبوابهم المقدّسة ، أبواب الله والعلم النوراني ، ونسألهم عن ولايتهم المباركة ومقامها العظيم ومنزلتها الرفيعة ، في كتاب الله الكريم.
وإنّ الله سبحانه كيف أمر العباد بالولاية ، وأ نّها الهداية والخير الكثير ، وكلمة التقوى والعروة الوثقى ، وحبل الله وجنّته وحصنه ، والصراط المستقيم والنبأ العظيم ، والجنان والنعيم[44].
1 ـ ففي قوله تعالى: ( أنْ لَوِ اسْتَقاموا عَلى الطَّريقَةِ لأسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً ) ، قال الإمام الصادق (عليه السلام): يعني استقاموا على الولاية[45].
وفي خبر آخر: والطريقة هي ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام) والأوصياء (عليهم السلام)من بعده.
2 ـ وقال الإمام الباقر (عليه السلام) في تفسير قوله تعالى: ( يُضِلُّ بِهِ كَثيراً وَيَهْدي بِهِ كَثيراً ) ، قال (عليه السلام): فهو علي (عليه السلام)يضلّ الله به من عاداه ويهدي به من والاه.
قال:
وما يضلّ به ـ يعني علياً ـ إلاّ الفاسقين ، يعني من
خرج من ولايته فهو
فاسق[46].
3 ـ وقال أمير المؤمنين علي (عليه السلام): إنّ بولايتي أكمل الله لهذه الاُمّة دينهم وأتمّ النعمة ورضي لهم إسلامهم إذ يقول سبحانه ـ يوم الولاية ـ لمحمّد (صلى الله عليه وآله): يا محمّد ، أخبرهم أ نّي أكملت لهم دينهم ، ورضيت الإسلام لهم ديناً ، وأتممت عليهم نعمتي[47].
4 ـ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إنّ كمال الدين وتمام النعمة ورضى الربّ بإرسالي إليكم بالولاية بعدي لعلي بن أبي طالب عليه الصلاة والسلام[48].
5 ـ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) في قوله عزّ وجلّ: ( صِراطَ الَّذينَ أنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرَ المَغْضوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ ) ، قال: شيعة علي (عليه السلام) الذين أنعمت عليهم بولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، لم يغضب عليهم ولم يضلّوا[49].
6 ـ وقال (صلى الله عليه وآله): من أحبّ أن يتمسّك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها فليتمسّك بولاية أخي ووصيّي علي بن أبي طالب ، فإنّه لا يهلك من أحبّه وتولاّه ، ولا ينجو من أبغضه وعاداه[50].
7 ـ وعن ابن عباس في قوله تعالى: ( يُثَبِّتُ اللهُ الَّذينَ آمَنوا بِالقَوْلِ الثَّابِتِ ) ، قال: هي ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام)[51].
8 ـ وفي قوله تعالى: ( وَاعْتَصِموا
بِحَبْلِ اللهِ جَميعاً ) ، قال الإمام
أبو الحسن
(عليه السلام):
علي بن أبي طالب حبل الله المتين[52].
9 ـ وفي قوله تعالى: ( وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتابَ وَالحِكْمَةَ ) ، عن ابن عباس قال: الكتاب القرآن ، والحكمة ولاية علي بن أبي طالب[53].
10 ـ وفي قوله تعالى: ( مَنْ جاءَ بِالحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها ) ، قال الإمام الباقر (عليه السلام): الحسنة ولاية علي (عليه السلام) وحبّه ، والسيّئة عداوة علي وبغضه[54].
11 ـ وعن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالى: ( وَالآخِرَةَ خَيْرٌ وَأبْقى ) ، قال: ولاية علي بن أبي طالب أمير المؤمنين (عليه السلام)[55].
12 ـ قال الإمام الباقر (عليه السلام) في قوله تعالى: ( يا أ يُّها النَّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الرَّسولُ بِالحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ ) في ولاية علي (عليه السلام) ( فَآمِنوا خَيْراً لَكُمْ وَإنْ تَكْفُروا ) بولاية علي (عليه السلام)( فَإنَّ للهِ ما في السَّماواتِ وَما في الأرْضِ )[56].
13 ـ وفي قوله تعالى: ( هُمْ خَيْرُ البَرِيَّةِ ) ، قال رسول الله لأمير المؤمنين: هم والله أنت وشيعتك يا علي[57].
14 ـ قال الإمام الصادق (عليه السلام) في قوله تعالى: ( يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ في رَحْمَتِهِ )ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام)[58].
15 ـ وفي قوله تعالى: ( قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلـْيَفْرَحوا وَهُوَ خَيْرٌ مِمَّـا يَجْمَعونَ ) ، قال (عليه السلام): فضل الله نبوّة نبيّكم (صلى الله عليه وآله) ، ورحمته ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام)[59].
16 ـ وقال الإمام الصادق (عليه السلام) في قوله تعالى: ( حَبَّبَ إلَيْكُمُ الإيْمانَ وَزَيَّنَهُ في قُلوبِكُمْ ) يعني أمير المؤمنين علي (عليه السلام): ( وَكَرَّهَ إلَيْكُمُ الكُفْرَ وَالفُسوقَ وَالعِصْيانَ )الأوّل والثاني والثالث[60].
17 ـ وعن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله تبارك وتعالى: ( ألَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ) ، قال (عليه السلام): بولاية أمير المؤمنين علي (عليه السلام)[61].
18 ـ وفي قوله تعالى: ( إنَّكَ لَتَهْدي إلى صِراط مُسْتَقيم ) ، قال (عليه السلام): إلى ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام)[62].
19 ـ وفي قوله تعالى: ( أوَ مَنْ يَمْشي مُكِبَّاً عَلى وَجْهِهِ أهْدى أمَّنْ يَمْشي سَوِيَّاً عَلى صِراط مُسْتَقيم ) ، قال (عليه السلام): إنّ الله ضرب مثل من حاد عن ولاية علي (عليه السلام) كمن يمشي على وجهه لا يهتدي لأمره ، وجعل من تبعه سوياً على صراط مستقيم ، والصراط المستقيم أمير المؤمنين[63].
20 ـ وفي قوله تعالى: ( فَقَدِ
اسْتَمْسَكَ بِالعُرْوَةِ الوُثْقى ) ، قال (عليه
السلام):
يعني
ولاية
عليّ (عليه
السلام)[64].
21 ـ وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): معاشر الناس من أحبّ أن يستمسك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها ، فليتمسّك بولاية عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) ، فإنّ ولايته ولايتي وطاعته طاعتي[65].
22 ـ وقال رجل لرسول الله (صلى الله عليه وآله): يا رسول الله إنّي سمعت الله عزّ وجلّ يقول فيما اُنزل: ( وَاعْتَصِموا بِحَبْلِ اللهِ جَميعاً وَلا تَفَرَّقوا ) ، فما هذا الحبل الذي أمرنا الله بالاعتصام به وألاّ نتفرّق منه ؟ فأطرق رسول الله (صلى الله عليه وآله)مليّاً ثمّ رفع رأسه وأشار بيده إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام)وقال: هذا حبل الله الذي من تمسّك به عصم به في دنياه ، ولم يضلّ به في آخرته[66].
23 ـ عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام)في قول الله عزّ وجلّ: ( مَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسولَهُ ) في ولاية عليّ وولاية الأئمة من بعده ( فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظيماً )[67].
24 ـ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): سيكون بعدي فتنة مظلمة ، الناجي منها من يمسك بعروة الله الوثقى . فقيل له: يا رسول الله ، وما العروة الوثقى ؟ ! قال (صلى الله عليه وآله): ولاية سيّد الوصيّين ، قيل: يا رسول الله ، ومن سيّد الوصيّين ؟ قال: أمير المؤمنين . قيل: ومن أمير المؤمنين ؟ قال: مولى المسلمين وإمامهم بعدي . قيل: ومن مولى المسلمين ؟ قال (صلى الله عليه وآله): أخي عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)[68].
25 ـ وقال (صلى الله عليه وآله): ستكون من بعدي فتنة ، فإذا كان كذلك فالزموا عليّ بن أبي طالب ، فإنّه الفاروق بين الحقّ والباطل[69].
26 ـ وقال (صلى الله عليه وآله): ستفترق اُمّتي على ثلاث وسبعين فرقة إحداها ناجية وسايرها هالكة.
27 ـ وقد بيّن النبيّ الفرقة الناجية بحديث السفينة فقال لأمير المؤمنين (عليه السلام): يا علي ، مثلك ومثل الأئمة من ولدك بعدك مثل سفينة نوح ، من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق[70].
وقد ذكرت مصادر هذه الرواية الشريفة عند السنّة والشيعة في كتابي (أهل البيت (عليهم السلام)سفينة النجاة) ، مطبوع ، فراجع.
28 ـ فقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): مثل أهل بيتي كسفينة نوح من ركبها نجا ، ومن تخلّف عنها غرق وهوى.
وقد ذكرت وجوه الشبه بين السفينة وبين أهل البيت (عليهم السلام) في كتابي (الإمام الحسين (عليه السلام) في عرش الله) ، فراجع.
وهذه مجموعة روايات اُخرى في تعيين مصداقيّة سفينة النجاة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وأنّ الفرقة الناجية من ركبت هذه السفينة وتمسّكت بها ، وما سواها فمن الهالكين يوم القيامة.
29 ـ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): فاطمة قلبي ، وابناها ثمرة فؤادي ، وبعلها نور بصري ، والأئمة من ولدها اُمنائي ، وحبلها الممدود ، فمن اعتصم بهم نجا ومن تخلّف عنهم هوى[71].
30 ـ وقال امير المؤمنين علي (عليه السلام): أنا وولدي كسفينة نوح في قومه ، من ركبها نجا ، ومن تخلّف عنها غرق[72].
31 ـ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إنّ عليّاً (عليه السلام)هو مدينة الهدى ، فمن دخلها نجا ، ومن تخلّف عنها هلك.
32 ـ قال أمير المؤمنين (عليه السلام): أنا سفينة النجاة من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق[73].
33 ـ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا علي ، مثلك في اُمّتي كمثل سفينة نوح ، من ركبها نجا ، ومن تخلّف عنها غرق[74].
34 ـ وقال: يا علي ، مثلك ومثل الأئمة من ولدك بعدي مثل سفينة نوح ، من ركبها نجا ، ومن تخلّف عنها غرق[75].
35 ـ وقال (صلى الله عليه وآله): إنّ عليّاً (عليه السلام)والطيّبين من عترته كلمة الله العليا وعروته الوثقى وأسماؤه الحسنى ، مثلهم في اُمّتي كسفينة نوح من ركبها نجا ، ومن تخلّف عنها غرق[76].
36 ـ وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): ألا وإنّي فيكم أ يّها الناس كهارون في آل فرعون ، وكباب حطة في بني إسرائيل ، وكسفينة نوح في قوم نوح ، إنّي النبأ العظيم والصدّيق الأكبر ، عن قليل ستعلمون ما توعدون . وهل هي إلاّ كلقمة الأكل ومذقة الشارب وخفقة الوسنان ؟ ! ثمّ تلزمهم المعرّات خزياً في الدنيا ويوم القيامة يردّون إلى أشدّ العذاب ، وما الله بغافل عمّـا يعملون.
فما جزاء من تنكّب محجّته ؟ ! وأنكر حجّته وخالف هدايته ، وحاد عن نوره ، واقتحم في ظلمه ، واستبدل بالماء السراب ، وبالنعيم العذاب ، وبالفوز الشقاء ، وبالسرّاء الضرّاء ، وبالسعة الضنك ، إلاّ جزاء اقترافه وسوء خلافه ، فليوقنوا بالوعد على حقيقته وليستيقنوا بما يوعدون ، يوم تأتي الصيحة بالحقّ ، ذلك يوم الخروج[77].
37 ـ وعن ابن صالح عن ابن عباس قال: إنّ لعليّ بن أبي طالب (عليه السلام) في كتاب الله أسماء لا يعرفه الناس ، قلت: ما هي ؟ قال: سمّـاه نهراً . إنّ الله مبتليكم بنهر كما ابتلى بني إسرائيل ، إذ خرجوا إلى قتال جالوت فابتلاهم بنهر ، فابتلاكم بولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، العارف فيها ناج ، والمقصّر فيها مذنب ، والتارك لها هالك[78].
38 ـ قال أمير المؤمنين (عليه السلام): من جحد ولايتي هلك ، ومن أقرّ بها نجا.
39 ـ هذا وفي قوله تعالى: ( اللهُ وَلِيُّ الَّذينَ آمَنوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إلى النُّورِ ) ، معناه: يخرجهم من ظلمات الخطايا إلى نور الإيمان والولاية[79].
40 ـ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأمير المؤمنين (عليه السلام): يا علي ، إنّ الله تبارك وتعالى خلقني وإيّاك من نوره الأعظم ، ثمّ رشّ من نورنا على جميع الأنوار من بعدي خلقه لها ، فمن أصابه من ذلك النور اهتدى إلينا ، ومن أخطأه ذلك النور ضلّ عنّا ، ثمّ قرأ (صلى الله عليه وآله): ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور يهتدي إلى نورنا[80].
41 ـ وفي قوله تعالى: ( إنَّ الَّذينَ آمَنوا وَعَمِلوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلْ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدَّاً ) ، قال الإمام الصادق (عليه السلام): ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) هو الودّ[81].
42 ـ وفي قوله تعالى: ( فَإذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ ) ، قال الإمام الباقر (عليه السلام): فإذا فرغت من دنياك فانصب علياً (عليه السلام) للولاية تهتدي به الفرقة[82].
43 ـ وفي قوله تعالى: ( يَهْدي إلَيْهِ مَنْ يُنيب ) إنّ الله ـ يا محمّد ـ يهدي إليه من ينيب من يجيبك إلى ولاية علي (عليه السلام)[83].
44 ـ وفي قوله تعالى: ( هَلْ أدُلُّكُمْ عَلى تَجارَة تُنْجيكُمْ مِنْ عَذابِ اللهِ ) ، عن أبي عبد الله (عليه السلام)قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): أنا التجارة المربحة من العذاب الأليم التي دلّ الله عليها في كتابه[84].
45 ـ وفي قوله تعالى: ( فَمَنِ
اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى ) ،
قال رسول الله
(صلى الله عليه وآله):
يا أ يّها الناس اتّبعوا هدى الله تهتدوا وترشدوا ، وهو هداي ،
وهداي هدى علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، فمن تبع هداه
في حياتي وبعد موتي فقد اتبع هداي ، ومن اتّبع هداي فقد اتّبع هدى
الله ، ومن اتّبع هدى الله فلا يضلّ ولا يشقى[85].
46 ـ وفي قوله تعالى: ( وَاتَّبَعوا النُّورَ الَّذي اُنْزِلَ مَعَهُ اُوْلـئِكَ هُمُ المُفْلِحونَ ) ، قال الإمام الصادق (عليه السلام): النور في هذا الموضع علي أمير المؤمنين والأئمة (عليهم السلام)[86].
47 ـ عن بريد العجلي قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)عن قول الله عزّ وجلّ: ( وَكَذلِكَ جَعَلـْناكُمْ اُمَّةً وَسَطاً لِتَكونوا شُهَداءَ عَلى النَّاسِ ) ، قال: نحن الاُمّة الوسطى ، ونحن شهداء الله على خلقه وحججه في أرضه ، قلت: قول الله عزّ وجلّ: ( مِلَّةَ أبيكُمْ إبْراهيمَ ) ، قال: إيّانا عنى خاصّة ( هُوَ سَمَّـاكُمُ المُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ ) في الكتب التي مضت ( وَفي هذا ) القرآن ( لِيَكونَ الرَّسولُ عَلَيْكُمْ شَهيداً ) فرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)الشهيد علينا بما بلغنا عن الله عزّ وجلّ ، ونحن الشهداء على الناس ، فمن صدّق صدّقناه يوم القيامة ، ومن كذّب كذبناه يوم القيامة[87].
48 ـ وعنه (عليه السلام) في قوله تعالى: ( يا أ يُّها الَّذينَ آمَنوا ارْكَعوا وَاسْجُدوا وَاعْبُدوا رَبَّكُمْ وَافْعَلوا الخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحونَ وَجاهِدوا في اللهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ ) ، قال: إيّانا عنى ونحن المجتبون ولم يجعل الله تبارك وتعالى في الدين من ضيق ، والحرج أشدّ من الضيق ...[88].
49 ـ عن أمير المؤمنين (عليه السلام):
إنّ الله تبارك وتعالى طهّرنا وعصمنا وجعلنا
شهداء
على خلقه وحجّته في أرضه وجعلنا مع القرآن وجعل القرآن معنا لا نفارقه ولا يفارقنا[89].
50 ـ وعن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عزّ وجلّ: ( إنَّما أنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْم هاد ) ، فقال: رسول الله (صلى الله عليه وآله)المنذر ، ولكلّ زمان منّا هاد يهديهم إلى ما جاء به نبي الله (صلى الله عليه وآله) ، ثمّ الهداة من بعده علي ثمّ الأوصياء واحداً بعد واحد.
وعنه أيضاً في قوله تعالى: ( إنَّما أنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْم هاد ) ، قال: رسول الله (صلى الله عليه وآله)المنذر ، وعلي الهادي ، أما والله ما ذهبت منّا وما زالت فينا إلى الساعة.
51 ـ عن عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)عن قول الله جلّ جلاله: ( وَعَدَ اللهُ الَّذينَ آمَنوا مِنْكُمْ وَعَمِلوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ في الأرْضِ كَما اسْتَخْلَفَ الَّذينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ) ، قال: هم الأئمة.
52 ـ وعن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالى: ( يا أ يُّها الَّذينَ آمَنوا اتَّقوا اللهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نوراً تَمْشونَ بِهِ ) ، يعني إماماً تأتمّون به.
53 ـ عن أبي الحسن (عليه السلام)قال: سألته عن قول الله تبارك وتعالى: ( يُريدونَ لِيُطْفِئوا نورَ اللهِ بِأفْواهِهِمْ ) ، قال: يريدون ليطفئوا ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)بأفواههم ، قلت: قوله تعالى: ( وَاللهُ مُتِمُّ نورِهِ ) ، قال: يقول: والله متمّ الإمامة ، والإمامةُ هي النور وذلك قوله عزّ وجلّ: ( آمِنوا بِاللهِ وَرَسولِهِ وَالنُّورِ الَّذي أنْزَلـْنا ) ، قال: النور هو الإمام[90].
54 ـ وعن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالى: ( وَلَقَدْ وَصَّلـْنا لَهُمُ القَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرونَ ) ، قال (عليه السلام): إمام بعد إمام[91].
55 ـ وعن مقرن قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام)يقول: جاء ابن الكوّاء إلى أمير المؤمنين علي (عليه السلام)فقال: يا أمير المؤمنين ( وَعَلى الأعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفونَ كُلاّ بِسيماهِمْ ) ، فقال: نحن على الأعراف ، نعرف أنصارنا بسيماهم ، ونحن الأعراف الذي لا يعرف الله عزّ وجلّ إلاّ بسبيل معرفتنا ، ونحن الأعراف يعرفنا الله عزّ وجلّ يوم القيامة على الصراط ، فلا يدخل الجنّة إلاّ من عرفنا وعرفناه ، ولا يدخل النار إلاّ مَن أنكرنا وأنكرناه ، إنّ الله تبارك وتعالى لو شاء لعرّف العباد نفسه ، ولكن جعلنا أبوابه وصراطه وسبيله والوجه الذي يؤتى منه ، فمن عدل عن ولايتنا ، أو فضّل علينا غيرنا ، فإنّهم عن الصراط لناكبون ، فلا سواء من اعتصم الناس به ، ولا سواء حيث ذهب الناس إلى عيون كدرة يفرغ بعضها في بعض ، وذهب من ذهب إلينا إلى عيون صافية تجري بأمر ربّها ، لا نفاد لها ولا انقطاع.
56 ـ وعن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عزّ وجلّ: ( وَمَنْ يُؤْتَ الحِكْمَةَ فَقَدْ اُوْتِيَ خَيْراً كَثيراً ) ، قال: طاعة الله ومعرفة الإمام.
57 ـ وعن بريد قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام)يقول في قول الله تبارك وتعالى: ( أوَ مَنْ كانَ مَيْتاً فَأحْيَيْناهُ وَجَعَلـْنا لَهُ نوراً يَمْشي بِهِ في النَّاسِ ) ، فقال: ( مَيْتاً ) لا يعرف شيئاً ، و ( نُوراً يَمْشي بِهِ في النَّاسِ ) إماماً يؤتمّ به ( كَمَنْ مَثَلُهُ في الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارج مِنْها )قال: الذي لا يعرف الإمام.
58 ـ عن عبد الرحمن بن كثير عن أبي عبد الله (عليه السلام)قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): دخل أبو عبد الله الجدلي على أمير المؤمنين فقال (عليه السلام): يا أبا عبد الله ، ألا اُخبرك بقول الله عزّ وجلّ: ( مَنْ جاءَ بِالحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَهُمْ مِنْ فَزَع يَوْمَئِذ آمِنونَ وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجوهُهُمْ في النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إلاّ ما كُنْتُمْ تَعْمَلونَ ) ؟ قال: بلى يا أمير المؤمنين جعلت فداك . فقال: الحسنة معرفة الولاية وحبّنا أهل البيت ، والسيّئة إنكار الولاية وبغضنا أهل البيت ، ثمّ قرأ عليه الآية[92].
59 ـ عن أبي الحسن (عليه السلام) في قوله: ( وَمَنْ أضَلُّ مِمَّنْ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللهِ ) ، قال: من اتّخذ دينه رأيه بغير إمام من أئمة الهدى[93].
60 ـ فيما احتجّ الرضا (عليه السلام) على علماء العامّة في فضل العترة الطاهرة أ نّه سأل العلماء فقال: أخبروني عن قول الله عزّ وجلّ: ( يس وَالقُرْآنِ الحَكيمِ إنَّكَ لَمِنَ المُرْسَلينَ عَلى صِراط مُسْتَقيم ) ، فمن عنى بقوله: يس ؟ قالت العلماء: يس محمّد (صلى الله عليه وآله)لم يشكّ فيه أحد . قال أبو الحسن (عليه السلام): فإنّ الله عزّ وجلّ أعطى محمّداً وآل محمد من ذلك فضلا لا يبلغ أحد كنه وصفه إلاّ من عقله ، وذلك أنّ الله عزّ وجلّ لم يسلّم على أحد إلاّ على الأنبياء صلوات الله عليهم فقال تبارك وتعالى: ( سَلامٌ عَلى نوح في العالَمينَ ) ، وقال: ( سَلامٌ عَلى إبْراهيمَ ) ، وقال: ( سَلامٌ عَلى موسى وَهارونَ ) ، ولم يقل: سلام على آل نوح ، ولم يقل: سلامٌ على آل إبراهيم ، ولا قال: سلامٌ على آل موسى وهارون ، وقال عزّ وجلّ: ( سَلامٌ عَلى آلِ يس ) ، يعني آل محمّد (عليهم السلام)[94].
61 ـ وعن محمد بن مسلم وجابر الجعفي في قوله تعالى: ( فَاسْألوا أهْلَ الذِّكْرِ ) ، قال الإمام الباقر (عليه السلام): نحن أهل الذكر[95].
62 ـ عن ابن عباس في قوله تعالى: ( فَاسْألوا أهْلَ الذِّكْرِ ) ، قال: هو محمّد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) ، وهم أهل الذكر والعلم والعقل والبيان ، وهم أهل بيت النبوّة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة ، والله ما سمّي المؤمن مؤمناً إلاّ كرامةً لأمير المؤمنين (عليه السلام)[96].
63 ـ عن أنس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ( الَّذينَ آمَنوا وَتَطْمَئِنُّ قُلوبُهُمْ بِذِكْرِ اللهِ ألا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ القُلوبُ ) أتدري من هم يا بن اُمّ سليم ؟ قلت: مَن هم يا رسول الله ؟ قال: نحن أهل البيت وشيعتنا.
64 ـ قال علي (عليه السلام): ألا إنّ الذكر رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، ونحن أهله ، ونحن الراسخون في العلم ، ونحن منار الهدى وأعلام التقى ، ولنا ضُربت الأمثال.
65 ـ في تفسير القمّي: ( الذَّينَ آمَنوا وَتَطْمَئِنُّ قُلوبُهُمْ بِذِكْرِ اللهِ ) ، قال: ( الذَّينَ آمَنوا )الشيعة ، و ( ذِكْرِ اللهِ ) أمير المؤمنين والأئمة (عليهم السلام) ، ثمّ قال: ألا بذكر الله تطمئنّ القلوب.
66 ـ عن علي (عليه السلام)قال: قوله عزّ وجلّ: ( إنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْألونَ ) ، فنحن قومه ونحن المسؤولون[97].
67 ـ وعن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله عزّ وجلّ: ( إنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْألونَ ) ، قال: قوله: ( وَلِقَوْمِكَ ) يعني علياً أمير المؤمنين (عليه السلام) وسوف تُسألون عن ولايته[98].
68 ـ عن أبي بصير عن أبي جعفر (عليه السلام)في قوله عزّ وجلّ: ( بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ في صُدورِ الَّذينَ اُوتوا العِلـْمَ ) ، فقلت له: أنتم هم ؟ فقال أبو جعفر (عليه السلام): من عسى أن يكونوا ونحن الراسخون في العلم[99].
69 ـ عن مالك الجهني قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام)في قوله عزّ وجلّ: ( وَاُوحِيَ إلَيَّ هذا القُرْآنَ لاُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ ) ، قال: من بلغ أن يكون إماماً من آل محمد فهو ينذر بالقرآن كما أنذر به رسول الله (صلى الله عليه وآله)[100].
70 ـ عن علي بن أسباط قال: سأل رجل أبا عبد الله (عليه السلام)عن قوله عزّ وجلّ: ( بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ في صُدورِ الَّذينَ اُوتوا العِلـْمَ ) ، قال: نحن هم ، فقال الرجل: جعلت فداك ، حتّى يقوم القائم (عليه السلام) ؟ قال: كلّنا قائم بأمر الله واحد بعد واحد حتّى يجيء صاحب السيف ، فإذا جاء صاحب السيف جاء أمرٌ غير هذا[101].
71 ـ عن مالك الجهني قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): ( إنَّا أنْزَلـْنا التَّوْراةَ فيها هُدىً وَنور ) إلى قوله ( بِما اسْتُحْفِظوا مِنْ كِتابِ اللهِ ) ، قال: فينا نزلت.
قال العلاّمة المجلسي في بيانه: لعلّ المعنى أنّ الهدى والنور اللذين كانا في التوراة هما الولاية ، ويحتمل أن يكون المراد أنّ الربّانيين والأحبار الذين استحفظوا كتاب الله هم الأئمة (عليهم السلام) في بطن القرآن ، وقد ورد في كثير من الأدعية والأخبار: المستحفظين من آل محمد (عليهم السلام).
72 ـ قال أبو عبد الله (عليه السلام): يا أبا صالح ، نحن قوم فرض الله طاعتنا ، لنا الأنفال ، ولنا صفو المال ، ونحن الراسخون في العلم ، ونحن المحسدون الذين قال الله ( أمْ يَحْسُدونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمْ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ )[102].
73 ـ عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): قوله تعالى: ( هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالحَقِّ ) ، قال: إنّ الكتاب لا ينطق ، ولكن محمد وأهل بيته (عليهم السلام) هم الناطقون بالكتاب[103].
74 ـ عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عزّ وجلّ: ( بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ في صُدورِ الَّذينَ اُوتوا العِلـْمَ ) ، قال: نحن الأئمة خاصّة ( وَما يَعْقِلُها إلاّ العالِمونَ ) ، فزعم أنّ من عرف الإمام والآيات ممّن يعقل ذلك[104].
75 ـ قال أمير المؤمنين (عليه السلام): أين الذين زعموا أ نّهم الراسخون في العلم دوننا كذباً وبغياً علينا وحسداً لنا أن رفعنا الله سبحانه ووضعهم ، وأعطانا وحرمهم ، وأدخلنا وأخرجهم ، بنا يستعطى الهدى ويستجلى العمى لا بهم.
76 ـ عن تفسير القمي: ( فَالَّذينَ آمَنوا وَعَمِلوا الصَّالِحاتِ في جَنَّاتِ النَّعيمِ وَالَّذينَ كَفَروا وَكَذَّبوا بِآياتِنا ) ، قال: ولم يؤمنوا بولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)والأئمة (عليهم السلام)( فَاُوْلـئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهينٌ )[105].
77 ـ وفي قوله تعالى: ( سَيُريكُمْ آياتِهِ فَتَعْرِفونَها ) ، قال: أمير المؤمنين والأئمة (عليهم السلام) إذا رجعوا يعرفهم أعداؤهم إذا رأوهم[106].
78 ـ عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله عزّ وجلّ: ( هُوَ الَّذي أنْزَلَ عَلَيْكَ الكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ اُمُّ الكِتابِ ) ، قال: أمير المؤمنين والأئمة ( وَاُخَرُ مُتَشابِهاتٌ ) ، قال: فلان وفلان وفلان ( فَأ مَّا الَّذينَ في قُلوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأويلِهِ وَما يَعْلَمُ تَأويلَهُ إلاّ اللهُ وَالرَّاسِخونَ في العِلـْمِ ) ، وهم أمير المؤمنين والأئمة (عليهم السلام)[107].
79 ـ عن المفضّل قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)عن قول الله تعالى: ( ائْتِ بِقُرْآن غَيْرِ هذا أوْ بَدِّلـْهُ ) ، قال: قالوا: أو بدّل عليّاً (عليه السلام).
قال العلاّمة المجلسي في بيان الخبر: صدر تلك الآية ( وَإذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّنات قالَ الَّذينَ لا يَرْجونَ لِقاءَنا ائْتِ بِقُرْآن ) ، الآية ، وقد مرّ أنّ المراد بالآيات الأئمة ، أو المراد بها الآيات المشتملة على ذكر ولايتهم ، وعلى التقديرين إذا تُتلى عليهم تلك الآيات قال المنافقون: ائتِ بقرآن غير هذا ليس فيه ما لا نرضى به من ولاية علي ، أو بدّله يعني علياً ، بأن يجعل مكان آية متضمّنة له آية اُخرى ، فقال الله تعالى لرسوله: ( قُلْ ما يَكونُ لي أنْ اُبَدِّلُهُ مِنْ تِلـْقاءِ نَفْسي إنْ أتَّبِعُ إلاّ ما يوحى إلَيَّ إنِّي أخافُ إنْ عَصَيْتُ رَبِّي ) ، أي بالتبديل من قبل نفسي ( عَذابَ يَوْم عَظيم )[108].
80 ـ عن أبي عبد الله (عليه السلام) وقد سأله سائل عن قول الله عزّ وجلّ: ( وَإنَّهُ في اُمِّ الكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكيمٌ ) ، قال: هو أمير المؤمنين.
81 ـ وروي أ نّه سئل أين ذكر علي (عليه السلام)في اُمّ الكتاب ؟ فقال: في قوله سبحانه: ( اهْدِنا الصِّراطَ المُسْتَقيمَ ) ، هو عليّ (عليه السلام).
82 ـ عن سورة بن كليب قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام)عن قول الله تبارك وتعالى: ( ثُمَّ أوْرَثْنا الكِتابَ الَّذينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالخَيْراتِ بِإذْنِ اللهِ ) ، قال: السابق بالخيرات الإمام[109] ، وهي في ولد علي وفاطمة (عليهما السلام) (هم الأئمة) (كلّهم من آل محمد).
83 ـ عن أبي إسحاق السبيعي قال: خرجت حاجّاً فلقيت محمد بن علي فسألته عن هذه الآية ( ثُمَّ أوْرَثْنا الكِتابَ ) الآية ، فقال: ما يقول فيها قومك يا أبا إسحاق ؟ يعني أهل الكوفة ، قال: قلت: يقولون إنّها لهم . قال: فما يخوّفهم إذا كانوا من أهل الجنّة ؟ قلت: فما تقول أنت جعلت فداك ! فقال: هي لنا خاصّة يا أبا إسحاق ، أمّا السابق بالخيرات فعلي بن أبي طالب والحسن والحسين ، والشهيد منّا أهل البيت ، وأمّا المقتصد فصائم بالنهار وقائم بالليل ، وأمّا الظالم لنفسه ففيه ما جاء في التائبين وهو مغفور له يا أبا إسحاق ، بنا يفكّ الله عيوبكم (رقابكم) ، وبنا يحلّ الله رباق الذلّ من أعناقكم ، وبنا يغفر الله ذنوبكم ، وبنا يفتح الله وبنا يختم لا بكم ، ونحن كهفكم كأصحاب الكهف ، ونحن سفينتكم كسفينة نوح ، ونحن باب حطّتكم كباب حطّة بني إسرائيل[110].
84 ـ عن ابن عباس قال: دخلت على أمير
المؤمنين (عليه
السلام)فقلت: يا أبا
الحسن
أخبرني بما أوصى إليك رسول الله (صلى الله عليه وآله) .
قال: ساُخبركم إنّ الله اصطفى لكم الدين وارتضاه ، وأتمّ نعمته
عليكم ، وكنتم أحقّ بها وأهلها ، وإنّ الله أوحى إلى نبيّه أن يوصي إليّ
فقال النبيّ (صلى
الله عليه وآله): يا عليّ ، احفظ وصيّتي وارعَ ذمامي
وأوفِ بعهدي وأنجز عداتي واقضِ ديني وأحيي سنّتي وادعُ إلى ملّتي ، لأنّ الله
تعالى اصطفاني واختارني فذكرت دعوة أخي موسى فقلت: اللهمّ اجعل لي
وزيراً من أهلي كما جعلت هارون من موسى ، فأوحى الله عزّ وجلّ
إليَّ: إنّ علياً وزيرك وناصرك والخليفة من بعدك ، ثمّ يا عليّ
أنت من أئمة الهدى وأولادك منك فأنتم قادة الهدى والتقى والشجرة التي أنا أصلها
وأنتم فرعها ، فمن تمسّك بها فقد نجا ومن تخلّف عنها فقد هلك وهوى ،
وأنتم الذين أوجب الله تعالى مودّتكم وولايتكم والذين ذكرهم الله في كتابه ووصفهم
لعباده فقال عزّ وجلّ من قائل: ( إنَّ
اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنوحاً وَآلَ إبْراهيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلى العالَمينَ
ذُرِّيَّةٌ بَعْضُها مِنْ بَعْض وَاللهُ سَميعٌ عَليمٌ ) ،
فأنتم صفوة الله من آدم ونوح وآل إبراهيم وآل عمران ، وأنتم الاُسرة من
إسماعيل والعترة الهادية من محمد صلّى الله عليه وعليهم[111].
[43]الأحزاب: 33.
[44]ربما يخطر على الذهن أ نّه لماذا لم يذكر اسم أمير المؤمنين علي (عليه السلام)والأئمة من ولده بأسمائهم الكريمة في القرآن الكريم ؟ وقد جاء جواب ذلك في مجلّة ( الكوثر ـ العدد السادس ـ السنة 1418 هـ ) ، والسيّد الإمام الخميني أجاب عن ذلك أيضاً في كتابه ( كشف اسرار ) فراجع.
[45]الكافي 1: 419 ، والبحار 24: 100 ، باب 37 أ نّهم (عليهم السلام) الماء المعين والبئر المعطّلة والقصر المشيد وتأويل السحاب والمطر والظلّ والفواكه وسائر المنافع الظاهرة بعلمهم وبركاتهم (عليهم السلام) ، وفي الباب 21 رواية.
[46]تفسير الفرات: 54.
[47]فرج المهموم: 101 ، وأمالي الطوسي: 205 ، والكافي 1: 290.
[48]أمالي الصدوق: 291.
[49]معاني الأخبار: 36.
[50]معاني الأخبار: 369.
[51]بشارة المصطفى: 241.
[52]تفسير العياشي: 194.
[53]تفسير فرات: 483.
[54]روضة الواعظين: 106.
[55]الكافي 1: 418.
[56]الكافي 1: 424.
[57]أمالي الطوسي: 406.
[58]تفسير فرات الكوفي: 529.
[59]بشارة المصطفى: 179.
[60]الكافي 1: 426.
[61]بصائر الدرجات: 73.
[62]تأويل الآيات 2: 551.
[63]الكافي 1: 433.
[64]المناقب 3: 73.
[65]إرشاد القلوب: 293.
[66]غيبة النعماني: 42.
[67]المناقب 3: 106 ، والكافي 1: 414.
[68]التحصين: 552.
[69]المناقب 3: 91.
[70]بشارة المصطفى: 33.
[71]الفضائل: 146.
[72]إرشاد القلوب: 306.
[73]المناقب 2: 118.
[74]الخصال: 573.
[75]كمال الدين: 241.
[76]مشارق الأنوار: 60.
[77]الكافي 8: 30.
[78]تفسير فرات الكوفي: 69.
[79]مشارق الأنوار: 151.
[80]إرشاد القلوب: 404.
[81]الكافي 1: 431.
[82]المناقب 3: 23.
[83]بصائر الدرجات: 119.
[84]تأويل الآيات 2: 289.
[85]تأويل الآيات 1: 320.
[86]الكافي 1: 194.
[87]المصدر ، باب في أنّ الأئمّة شهداء الله عزّ وجلّ على خلقه.
[88]البحار 23: 337.
[89]البحار 23: 342.
[90]الكافي 1: 108.
[91]البحار 23: 30.
[92]الروايات الأخيره من الكافي 1: 245 ، الباب 8.
[93]البحار 23: 78 ، عن غيبة النعماني: 63.
[94]المصدر: 167 ، عن عيون الأخبار: 131 ، وفي الباب 8 من البحار 11 رواية بهذا المضمون ، فراجع.
[95]المصدر: 172 ، الباب 9 ، وفيه 65 رواية ، وتحدّثت عن ذلك في رسالة ( السؤال والذكر في رحاب القرآن والعترة ) ، فراجع.
[96]البحار 23: 186 ، وإحقاق الحقّ 3: 482.
[97]المصدر: 187 ، عن كنز الفوائد: 292.
[98]المصدر ، عن كنز الفوائد: 293.
[99]المصدر نفسه ، في الباب 10 ، وفي الباب 54 رواية.
[100]المصدر ، عن اُصول الكافي 1: 416.
[101]المصدر ، عن كنز العمّـال: 223.
[102]المصدر: 194 ، عن بصائر الدرجات: 55.
[103]البحار 23: 198 ، عن كنز الفوائد: 300.
[104]المصدر ، عن بصائر الدرجات: 56.
[105]و (2) البحار: 23 ، الباب 11 إنّهم (عليهم السلام) آيات الله وبيّناته وكتابه ، وفي الباب 20 رواية.
[107]المصدر ، عن الكافي 1: 414.
[108]المصدر: 210.
[109]البحار 23: 216 ، الباب 12 إنّ من اصطفاه الله من عباده وأورثه كتابه هم الأئمة (عليهم السلام)وأ نّهم آل إبراهيم وأهل دعوته ، وفي الباب 51 رواية.
[110]المصدر: 218.
[111]المصدر: 222 ، عن كنز الفوائد: 50.
85 ـ عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله يحكي قول إبراهيم خليل الله ( رَبَّنا إنِّي أسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتي بِواد غَيْرِ ذي زَرْع عِنْدَ بَيْتِكَ الُمحَرَّم ) ، إلى آخر القصّة ، فقال (عليه السلام) ما قال: إليه يعني البيت ، ما قال إلاّ: (إليهم) أفترون أنّ الله فرض عليكم إتيان هذه الأحجار والتمسّح بها ولم يفرض عليكم إيتاننا وسؤالنا وحبّنا أهل البيت ؟ والله ما فرض عليكم غيره[112].
86 ـ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
إنّ الله تعالى خلق الأنبياء من أشجار شتّى ،
وخلقت
أنا وعلي من شجرة واحدة ، فأنا أصلها وعليّ فرعها ، والحسن والحسين من
ثمارها ، وأشياعنا أوراقنا ، فمن تعلّق بغصن من أغصانها نجا ، ومن
زاغ هوى ، ولو أنّ عبداً عبد الله بين الصفا والمروة ألف عام ، ثمّ ألف
عام ثمّ ألف عام حتّى يصير كالشنّ البالي ، ثمّ لم يدرك محبّتنا أكبّه الله
على منخريه في النار ، ثمّ تلا ( قُلْ لا أسْألُكُمْ
عَلَيْهِ أجْراً إلاّ المَوَدَّةَ في القُرْبى )[113] .
وعن عليّ (عليه
السلام)قال: فينا في آل حم آية لا يحفظ مودّتنا إلاّ كلّ مؤمن ، ثمّ قرأ
هذه الآية.
87 ـ وصحّ عن الحسن بن علي (عليه السلام)أ نّه خطب الناس فقال في خطبته: أنا من أهل البيت الذين افترض الله مودّتهم على كلّ مسلم فقال: ( قُلْ لا أسْألُكُمْ عَلَيْهِ أجْراً إلاّ المَوَدَّةَ في القُرْبى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فيها حُسناً ) ، واقتراف الحسنة مودّتنا أهل البيت[114].
88 ـ عن إسماعيل بن عبد الخالق قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) للأحول: أتيت البصرة ؟ قال: نعم . قال: كيف رأيت مسارعة الناس في هذا الأمر ـ أي أمر الولاية ـ ودخولهم فيه ؟ فقال: والله إنّهم لقليل ، ولقد فعلوا ذلك وإنّ ذلك لقليل . فقال: عليك بالأحداث فإنّهم أسرع إلى كلّ خير . قال: ما يقول أهل البصرة في هذه الآية ( قُلْ لا أسْألُكُمْ عَلَيْهِ أجْراً إلاّ المَوَدَّةَ في القُرْبى ) ؟ قال: جعلت فداك ، إنّهم يقولون: إنّها لقرابة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولأهل بيته . قال: إنّما نزلت فينا أهل البيت في الحسن والحسين وعلي وفاطمة أصحاب الكساء[115].
بنظري تعدّ هذه الرواية الشريفة من روائع الأخبار ، لا سيّما للعلماء والخطباء والمبلّغين ومن على عاتقهم مسؤولية إصلاح المجتمع ودعوته إلى الحقّ والعدل ، فإنّ الإمام (عليه السلام):
أوّلا: يسأل المبلّغ عن عمله ونشاطه.
ثانياً: مقصود عمل المبلّغ هو نشر معارف أهل البيت (عليهم السلام) وأمر الولاية بالخصوص.
ثالثاً: إقبال الناس وإن كان قليلا ( قَليلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكورُ ) ، ( أكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلونَ ) ، إلاّ أنّ المبلّغ عليه أن يؤدّي المسؤولية ويعمل بوظيفته ولا يثني عزيمته إدبار الناس ، ولا يستوحش في طريق الحقّ من قلّة أهله.
رابعاً: يشير الإمام (عليه السلام)على الشباب والمراهقين فإنّهم صفحة بيضاء أسرع لقبول الحقّ وأسرع إلى كلّ خير . وخير العمل الولاية ، فإنّهم أسرع لقبولها من الشيبة ، ومن اُولئك الذين قضوا عمراً في الضلال وتقليد الآباء حتّى ركبهم الشيطان فتراهم يتعصّبون للباطل ويكرهون الحقّ.
خامساً: تفسير الآية الشريفة وبيان مصداقها الأتمّ ، والإشارة إلى قصّة الكساء في التأريخ الإسلامي.
وفيها فوائد اُخرى ، كما في الروايات الاُخرى لم نتعرّض لها طلباً للاختصار ، واعتماداً على نباهة وثقافة القارئ الكريم ، ومن الله التوفيق والسداد.
89 ـ عن الإمام الباقر (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام)قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما بال أقوام إذا ذكروا آل إبراهيم وآل عمران استبشروا ، وإذا ذكروا آل محمد اشمأزّت قلوبهم ؟ والذي نفس محمد بيده لو أنّ أحدهم وافى بعمل سبعين نبيّاً يوم القيامة ما قبل الله منه حتّى يوافي بولايتي وولاية علي بن أبي طالب[116].
90 ـ عن جابر ، عن أبي جعفر (عليه السلام)في قول الله عزّ وجلّ: ( وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فيها حُسْناً ) ، قال: من تولّى الأوصياء من آل محمد واتّبع آثارهم فذاك يزيده ولاية من مضى من النبيّين والمؤمنين الأوّلين حتّى تصل ولايتهم إلى آدم (عليه السلام)وهو قول الله عزّ وجلّ: ( فَمَنْ جاءَ بِالحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها ) تدخله الجنّة وهو قول الله عزّ وجلّ: ( قُلْ ما سَألـْتُكُمْ مِنْ أجْر فَهُوَ لَكُمْ ) ، يقول: أجر المودّة الذي لم أسألكم غيره فهو لكم تهتدون به وتنجون من عذاب الله يوم القيامة ، وقال لأعداء الله أولياء الشيطان أهل التكذيب والإنكار: ( قُلْ ما أسْألُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أجْر وَما أنا مِنَ المُتَكَلِّفينَ ) يقول متكلّفاً أن أسألكم ما لستم بأهله ، فقال المنافقون عند ذلك بعضهم لبعض: أما يكفي محمّداً أن يكون قهرنا عشرين سنة حتّى يريد أن يحمل أهل بيته على رقابنا ، ولئن قتل محمد أو مات لننزعها من أهل بيته ثمّ لا نعيدها فيهم أبداً ، وأراد الله عزّ ذكره أن يعلم نبيّه (صلى الله عليه وآله)ما أخفوا في صدورهم وأسرّوا به ، فقال في كتابه عزّ وجلّ: ( أمْ يَقولونَ افْتَرى عَلى اللهِ كَذِباً فَإنْ يَشاءُ اللهُ يَخْتِمُ عَلى قَلـْبِكَ ) ، يقول: لو شئت حبست عنك الوحي ، فلم تكلّم بفضل أهل بيتك ولا بمودّتهم وقد قال الله عزّ وجلّ: ( وَيَمْحو اللهُ الباطِلَ وَيُحِقُّ الحَقَّ بِكَلِماتِهِ ) ، يقول: الحقّ لأهل بيتك الولاية ( إنَّهُ عَليمٌ بِذاتِ الصُّدورِ ) ، يقول: بما ألقوه في صدورهم من العداوة لأهل بيتك والظلم بعدك ، وهو قول الله عزّ وجلّ: ( وَأسَرُّوا النَّجْوى الَّذينَ ظَلَموا هَلْ هذا إلاّ بَشَرٌ مَثْلَكُمْ أفَتَأتونَ السِّحْرَ وَأنْتُمْ لا تُبْصِرونَ )[117].
91 ـ هل تدري أنّ تأويل الموؤدة في قوله تعالى: ( وَإذا المَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ بِأيِّ ذَنْب قُتِلَتْ ) هي الولاية والمودّة ، فعن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام)في قوله تعالى: ( وَإذا المَوْؤُدَهُ سُئِلَتْ ) قال: من قتل في مودّتنا (أهل البيت) (وفينا نزلت)[118] (من قتل في ولايتنا) (بأيّ ذنب قتلت) ، قال: ذلك حقّنا الواجب على الناس وحبّنا الواجب على الخلق ، قتلوا مودّتنا.
92 ـ عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالى: ( يا أ يُّها النَّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمْ الَّذي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْس واحِدَة )الآية ، قال: قرابة الرسول (صلى الله عليه وآله) وسيّدهم أمير المؤمنين (عليه السلام) ، اُمروا بمودّتهم فخالفوا ما اُمروا به[119].
93 ـ عن أبي الحسن (عليه السلام) قال في قوله تعالى: ( الَّذينَ يوفونَ بِعَهْدِ اللهِ وَلا يَنْقُضونَ الميثاقَ وَالَّذينَ يَصِلونَ ما أمَرَ اللهُ بِهِ أنْ يوصَلَ ) ، إنّ رحم آل محمّد معلّقة بالعرش يقول: اللهمّ صِل من وصلني واقطع من قطعني ، وهي تجري في كلّ رحم ، ونزلت هذه الآية في آل محمد[120].
94 ـ عن عمر بن مريم قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)عن قول الله ( وَالَّذينَ يَصِلونَ ما أمَرَ اللهُ بِهِ أنْ يوصَلَ ) ، قال: من ذلك صلة الرحم ، وغاية تأويلها صلتك إيّانا.
95 ـ وفي قوله تعالى: ( إنَّ اللهَ يَأمُرُ بِالعَدْلِ وَالإحْسانِ ) ، قال أبو جعفر (عليه السلام): إنّ الله يأمر بالعدل وهو محمد (صلى الله عليه وآله) ، والإحسان وهو علي (عليه السلام) ، ( وَإيْتاءِ ذي القُرْبى ) وهو قرابتنا ، أمر الله العباد بمودّتنا وإيتائنا ، ونهاهم عن الفحشاء والمنكر من بغى على أهل البيت ودعا إلى غيرنا[121].
96 ـ وعن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالى: ( وَوالِد وَما وَلَدَ ) ، هو علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، وما ولد الحسن والحسين (عليهما السلام).
97 ـ عن الصادق (عليه السلام) في قوله تعالى: ( وَاعْبُدوا اللهَ وَلا تُشْرِكوا بِهِ شَيْئاً وَبِالوالِدَيْنِ إحْساناً ) ، قال: إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلي بن أبي طالب (عليه السلام)هما الوالدان ، ( وَبِذي القُرْبى ) ، قال: الحسن والحسين (عليهما السلام)[122].
98 ـ عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله عزّ وجلّ: ( إنَّا عَرَضْنا الأمانَةَ عَلى السَّماواتِ وَالأرْضِ ) قال: يعني ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)[123].
وقال العلاّمة في بيانه: يمكن أن يكون مبنيّاً على أنّ المراد بالأمانة مطلق التكاليف ، وإنّما خصّ الولاية بالذكر لأ نّها عمدتها ، ويمكن أن يقرأ الولاية بالكسر بمعنى الإمارة والخلافة ، فيكون حملها ادّعاؤها بغير حقّ كما مرّ ـ فراجع ـ.
99 ـ عن الإمام الباقر (عليه السلام) في قوله تعالى: ( يا أ يُّها الَّذينَ آمَنوا أطيعوا اللهَ وَأطيعوا الرَّسولَ وَاُولي الأمْرِ مِنْكُمْ ) الأئمة من ولد علي وفاطمة إلى أن تقوم الساعة[124].
100 ـ عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالى: ( أمْ يَحْسِدونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ ) فنحن الناس المحسودون على ما أتانا الله من الإمامة دون خلق الله جميعاً[125].
101 ـ وفي قوله تعالى: ( فَقَدْ آتَيْنا آلَ إبْراهيمَ الكِتابَ وَالحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلـْكاً عَظيماً ) عن أبي جعفر (عليه السلام)قال: فجعلنا منهم الرسل والأنبياء والأئمة ، فكيف يقرّون في آل إبراهيم وينكرون في آل محمّد (صلى الله عليه وآله) ؟ قلت: فما معنى قوله: ( وَآتَيْناهُمْ مُلـْكاً عَظيماً ) ؟ قال: الملك العظيم أن جعل فيهم أئمة ، من أطاعهم أطاع الله ، ومن عصاهم عصى الله ، فهو الملك العظيم[126].
102 ـ جابر الجعفي في تفسيره عن جابر الأنصاري قال: سألت النبيّ (صلى الله عليه وآله) عن قوله: ( يا أ يُّها الَّذينَ آمَنوا أطيعوا اللهَ وَأطيعوا الرَّسولَ ) ، عرفنا الله ورسوله ، فمن اُولي الأمر ؟ قال: هم خلفائي ـ يا جابر ـ وأئمّة المسلمين بعدي ، أوّلهم علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، ثمّ الحسن ، ثمّ الحسين ، ثمّ علي بن الحسين ، ثمّ محمد بن علي المعروف في التوراة بالباقر وستدركه يا جابر فإذا لقيته فاقرأه منّي السلام ، ثمّ الصادق جعفر بن محمد ، ثمّ موسى بن جعفر ، ثمّ علي بن موسى ، ثمّ محمد بن علي ، ثمّ علي بن محمد ، ثمّ الحسن بن علي ، ثمّ سميّي وكنيّي حجّة الله في أرضه وبقيّته في عباده ابن الحسن بن علي الذي يفتح الله على يديه مشارق الأرض ومغاربها ، ذلك الذي يغيب عن شيعته غيبة لا يثبت على القول في إمامته إلاّ من امتحن الله قلبه بالإيمان[127].
103 ـ روي عن الأئمة (عليهم السلام) في قوله تعالى: ( وَنَجْعَلَهُمُ الوارِثينَ ) ، وفي قوله تعالى: ( وَاللهُ يُؤْتي مُلـْكَهُ مَنْ يَشاءُ ) ، أ نّهما نزلتا فيهم[128].
104 ـ عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام)أ نّه قال: ( مَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسولَهُ )في ولاية علي والأئمّة من بعده ( فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظيماً )[129].
105 ـ عن أبي عبد الله (عليه السلام) ( وَلَوْ أنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أنْ اقْتُلوا أنْفُسَكُمْ ) وسلّموا للإمام تسليماً ( أوْ اخْرُجوا مِنْ دِيارِكُمْ ) رضاً له ( ما فَعَلوهُ إلاّ قَليلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ ) أنّ أهل الخلاف ( فَعَلوا ما يوعَظونَ بِهِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأشَدَّ تَثْبيتاً ) وفي هذه الآية ( ثُمَّ لا يَجِدوا في أنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّـا قَضَيْتَ ) في أمر الولاية ( وَيُسَلِّموا ) لله الطاعة ( تَسْليماً )[130].
كلّ هذا من آثار الولاية ، فما أعظمها وأجلّ قدرها ، وأ نّها النور الإلهي ، قد تمثّل بفاطمة الزهراء (عليها السلام) وأبيها وبعلها وبنيها ، كما ورد في الروايات الشريفة في تأويل وتفسير الآيات الكريمة.
106 ـ فعن صالح بن سهل الهمداني قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول في قول الله: ( اللهُ نورُ السَّماواتِ وَالأرْضَ مَثَلُ نورِهِ كَمِشْكاة )المشكاة: فاطمة (عليها السلام) ، ( فيها مِصْباحٌ ) الحسن ، ( المصباح )الحسين ، ( في زُجاجَة كَأ نَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ ) كأنّ فاطمة كوكبٌ درّيٌّ بين نساء أهل الدنيا ونساء أهل الجنّة ، ( يوقَدُ مِنْ شَجَرَة مُبارَكَة ) يوقد من إبراهيم ، ( لا شَرْقَيَّة وَلا غَرْبِيَّة ) لا يهوديّة ولا نصرانيّة ، ( يَكادُ زَيْتُها يُضيءُ ) يكاد العلم ينفجر منها ـ وفي نسخة يكاد علم الأئمة من ذرّيتها ـ ، ( وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نورٌ عَلى نور ) إمام منها بعد إمام ، ( يَهْدي اللهُ لِنورِهِ مَنْ يَشاءُ ) يهدي الله للأئمة من يشاء ، ( وَيَضْرِبُ اللهُ الأمْثالَ لِلنَّاسِ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْء عَليمٌ ) ، ( أوْ كَظُلُمات ) فلان وفلان ، ( في بَحْر لُجِّيٍّ يَغْشاهُ مَوْجٌ ) يعني نعثل ، ( مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ ) طلحة والزبير ، ( ظُلُمات بَعْضُها فَوْقَ بَعْض ) معاوية وفتن بني اُميّة ، ( إذا أخْرَجَ ) المؤمن ، ( يَدَهُ ) في ظلمة فتنتهم ، ( لَمْ يَكَدْ يَراها وَمْنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نوراً فَما لَهُ مِنْ نور ) فما له من إمام يوم القيامة يمشي بنوره ، وقال في قوله: ( نورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أيْديهِمْ وَبِأيْمانِهِمْ ) قال: أئمة المؤمنين يوم القيامة نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم حتّى ينزلوا منازلهم في الجنّة[131].
107 ـ عن أبي خالد الكابلي قال: سألت
أبا جعفر (عليه
السلام)عن قوله: ( فَآمِنوا بِاللهِ وَرَسولِهِ
وَالنُّورِ الَّذي أنْزَلـْنا ) فقال: يا
أبا خالد ، النور والله الأئمة من آل محمد إلى يوم القيامة ، هم والله
نور الله الذي أنزل ، وهم والله نور الله في السماوات والأرض ، والله يا
أبا خالد لنور الإمام في قلوب المؤمنين أنور من الشمس المضيئة بالنهار ، وهم
والله ينوّرون قلوب المؤمنين ، ويحجب الله نورهم عمّن يشاء فتظلم
قلوبهم ، والله يا أبا خالد لا يحبّنا عبد ويتولاّنا حتّى يطهّر الله
قلبه ، ولا يطهّر الله قلب عبد حتّى يسلم لنا ، ويكون سلماً لنا ،
فإذا كان سلماً لنا سلّمه الله من شديد
الحساب
وآمنه من فزع يوم القيامة الأكبر[132].
الله أكبر ، ما أروع هذه الرواية الشريفة وأمثالها ، فيا من تسألني عن الولاية ، هذه هي الولاية ، إنّها النور أنور من الشمس المضيئة بالنهار ، إنّها الطهارة ، إنّها التسليم والسلم ، إنّها الأمن والأمان والنجاة من فزع يوم القيامة الأكبر . ولمثل هذا نقول: الولاية يعني كلّ شيء ، وكلّ شيء يعني الولاية.
108 ـ عن أبي أيوب الأنصاري قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لمّـا خلق الله عزّ وجلّ الجنّة خلقها من نور عرشه ، ثمّ أخذ من ذلك النور ففرّقه ، فأصابني ثلث النور ، وأصاب فاطمة (عليها السلام)ثلث النور ، وأصاب علياً (عليه السلام) وأهل بيته ثلث النور ، فمن أصابه من ذلك النور اهتدى إلى ولاية آل محمد ، ومن لم يصبه من ذلك النور ضلّ عن ولاية آل محمد[133].
109 ـ في تفسير القمي في قوله تعالى: ( أوَ مَنْ كانَ مَيْتاً فَأحْيَيْناهُ ) قال: جاهلا عن الحقّ والولاية فهديناه إليها ، ( وَجَعَلـْنا لَهُ نوراً يَمْشي بِهِ في النَّاسِ ) قال: النور الولاية . ( كَمَنْ مَثَلُهُ في الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِج مِنْها ) يعني في ولاية غير الأئمة (عليهم السلام) ، ( كَذلِكَ زُيِّنَ لِلـْكافِرينَ ما كانوا يَعْمَلونَ )[134].
110 ـ عن الإمام زين العابدين (عليه السلام)في قوله تعالى: ( يَهْدي اللهُ لِنورِهِ مَنْ يَشاءُ ) قال: يهدي لولايتنا من أحبّ[135].
111 ـ عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن الماضي (عليه
السلام)قال: سألته عن قول
الله
عزّ وجلّ: ( يُريدونَ لِيُطْفِئوا نورَ
اللهِ بِأفْواهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نورِهِ )قال: يريدون ليطفئوا ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)بأفواههم ، قلت: ( وَاللهُ مُتِمُّ نورِهِ ) قال (عليه
السلام):
والله متمّ الإمامة لقوله عزّ وجلّ: ( الَّذينَ
آمَنوا بِاللهِ وَرَسولِهِ وَالنُّورِ الَّذي أنْزَلـْنا )وهو النور
هو الإمام ، قلت: ( هُوَ الَّذي أرْسَلَ
رَسولَهُ بِالهُدى وَدينِ الحَقِّ ) قال: هو
الذي أمر الله رسوله بالولاية لوصيّه ، والولاية هي دين الحقّ .
قلت: ( لِيُظْهِرَهُ عَلى الدِّينِ
كُلِّهِ ) قال: ليظهره على الأديان عند قيام
القائم لقول الله عزّ وجلّ: ( وَاللهُ
مُتِمُّ نورِهِ ) بولاية القائم ، ( وَلَوْ
كَرِهَ الكافِرونَ ) بولاية علي (عليه السلام) .
قلت: هذا تنزيل ؟ قال: نعم ، أمّا هذه
الحروف ـ أي الحروف الموجودة في القرآن فتنزيل ، وأمّا غيره
فتأويل ـ أي تفسير[136].
112 ـ عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) قال في حديث طويل في قول الله عزّ وجلّ: ( وَالنَّجْمُ إذا هَوى ) قال: اُقسم بقبر محمّد (صلى الله عليه وآله)إذا قبض ( ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ ) بتفضيله أهل بيته ( وَما غَوى وَما يَنْطِقُ عَنِ الهَوى ) يقول: ما يتكلّم بفضل أهل بيته بهواه ، وهو قول الله عزّ وجلّ: ( إنْ هُوَ إلاّ وَحْيٌ يوحى ) ، وقال الله عزّ وجلّ لمحمّد (صلى الله عليه وآله): ( قُلْ لَوْ أنَّ عِنْدي ما تَسْتَعْجِلونَ بِهِ لَقُضِيَ الأمْرُ بَيْني وَبَيْنَكُمْ )قال: لو أ نّي اُمرت أن اُعلمكم الذي أخفيتم في صدوركم من استعجالكم بموتي لتظلموا أهل بيتي من بعدي فكان مثلكم كما قال الله عزّ وجلّ: ( كَمَثَلِ الَّذي اسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمَّـا أضاءَتْ ما حَوْلَهُ )يقول: أضاءت الأرض بنور محمد (صلى الله عليه وآله) كما تضيء الشمس ، فضرب الله مثل محمد الشمس ، ومثل الوصيّ القمر ، وهو قوله عزّ ذكره: ( جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالقَمَرِ نوراً ) ، وقوله:: ( وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلَ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ فَإذا هُمْ مُظْلِمونَ ) ، وقوله عزّ وجلّ: ( ذَهَبَ اللهُ بِنورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ في ظُلُمات لا يُبْصِرونَ ) يعني قبض محمد فظهرت الظلمة فلم يبصروا فضل أهل بيته وهو قوله عزّ وجلّ: ( وَإنْ تَدْعُهُمْ إلى الهُدى لا يَسْمَعوا وَتَراهُمْ يَنْظُرونَ إلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرونَ )[137].
113 ـ عن محمد الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام)في قوله: ( رَبِّ اغْفِرْ لي وَلِوالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتي مُؤْمِناً ) ، إنّما هي يعني الولاية ومن دخل فيها دخل بيوت الأنبياء.
قال العلاّمة المجلسي في بيان الخبر: لعلّ المعنى أنّ المراد بالبيت البيت المعنوي كما مرّ ، وبيوت الأنبياء كلّها بيت واحد هي بيت العزّ والشرف والكرامة والإسلام ، فمن تولاّهم فقد دخل بيوتهم ولحق بهم ، فأهل الولاية من الشيعة داخلون في هذا البيت ، ويشملهم دعاء نوح (عليه السلام)[138].
114 ـ عن موسى بن جعفر (عليه السلام) في قوله عزّ وجلّ: ( وَإنَّ المَساجِدَ للهِ فَلا تَدْعوا مَعَ اللهِ أحَداً ) ، قال: سمعت أبي جعفر بن محمد (عليه السلام)يقول: هم الأوصياء والأئمّة منّا واحداً فواحداً فلا تدعوا إلى غيرهم فتكونوا كمن دعا مع الله أحداً ، هكذا نزلت[139].
115 ـ عن الحسين بن مهران عن أبي عبد الله (عليه السلام)في قوله: ( وَأقيموا وُجوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِد ) ، قال: يعني الأئمة.
بيان: يحتمل أن
يكون المعنى أنّ المراد بالمسجد بيوت الأئمة ، ويكون أمراً
بإتيانهم
وإطاعتهم ، أو أنّ المراد بالمسجد الأئمة ، لأ نّهم أهل المساجد
حقيقة أو لأ نّهم الذين أمر الله تعالى بالخضوع عندهم والانقياد لهم.
116 ـ عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله: ( خُذوا زينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِد ) ، قال: يعني الأئمة (عليهم السلام).
بيان: أي ولايتهم زينة معنوية للروح لا بدّ من اتّخاذها في الصلاة ، ولا ينافي ذلك ما ورد من تفسيرها باللباس الفاخر وبالطيب والامتشاط عند كلّ صلاة ، لأنّ المراد بالزينة ما يشمل كلاّ من الزينة الصورية والمعنوية ، وإنّما ذكروا (عليهم السلام)في كلّ مقام ما يناسبه ، ويحتمل هذا الخبر وجهين آخرين: الأوّل أن يكون المراد تفسير المسجد ببيوتهم ومشاهدهم (عليهم السلام) ويشهد له بعض الأخبار ، والثاني: أن يكون المعنى كون الخطاب متوجّهاً إليهم (عليهم السلام)كما ورد أ نّه مختصّ بالجمعة والعيدين وجوبها مختصّ بهم وبحضورهم على قول الأكثر ، أو هم الأولى بها عند حضورهم على قول الجميع[140].
117 ـ عن يعقوب بن شعيب قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)عن قول الله عزّ وجلّ : ( وَقُلِ اعْمَلوا فَسَيَرى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسولُهُ وَالمُؤْمِنونَ ) ، قال: هم الأئمة (عليهم السلام).
118 ـ عن أبي عبد الله (عليه السلام)قال: ما من مؤمن يموت أو كافر يوضع في قبره حتّى يعرض عمله على رسول الله وعلى أمير المؤمنين صلوات الله عليهما ، وهلمّ جرّاً إلى آخر من فرض الله طاعته ، فذلك قوله: ( وَقُلِ اعْمَلوا فَسَيَرى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسولُهُ وَالمُؤْمِنونَ )[141].
119 ـ عن زين العابدين أ نّه قال في قول الله: ( بِئْسَما اشْتَروا بِهِ أنْفُسَهُمْ أنْ يَكْفُروا بِما أنْزَلَ اللهُ بَغْياً ) ، قال: بالولاية على أمير المؤمنين والأوصياء من ولده[142].
120 ـ عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله: ( إذا دُعِيَ اللهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإنْ يُشْرَكُ بِهِ تُؤْمِنوا فَالحُكْمُ للهِ العَلِيِّ الكَبيرِ ) ، يقول: إذا ذكر الله وحده بولاية من أمر الله بولايته كفرتم ، وإن يشرك به من ليست له ولاية تؤمنوا بأنّ له ولاية.
بيان: لمّـا كان الائتمام بمن لم يأمر الله بالائتمام به محادّة لله تعالى اُوّلت في الأخيار الكثيرة آيات الشرك بالله بالشرك في الولاية في بطن القرآن ، ونظيره في القرآن كثير كقوله تعالى: ( ألاّ تَعْبُدوا الشَّيْطانَ ) ، وقوله: ( اتَّخَذوا أحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أرْباباً مِنْ دونِ اللهِ ) وأمثالهما[143].
121 ـ وعن الصادق (عليه السلام) في قوله تعالى: ( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسْلامِ ديناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ في الآخِرَةِ مِنَ الخاسِرينَ ) ، قال (عليه السلام): غير التسليم لولايتنا[144].
122 ـ عن موسى بن جعفر (عليه السلام) عن أبيه في قوله تعالى: ( وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخافُ ظُلـْماً وَلا هَضْماً )قال: مؤمن بمحبّه آل محمّد (صلى الله عليه وآله)وَمُبْغِضْ لِعَدُوِّهِمْ[145].
123 ـ عن علي بن جعفر عن أخيه موسى عن آبائه عن أمير المؤمنين (عليهم السلام)قال: قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا علي ، ما بين من يحبّك وبين أن يرى ما تقرّ به عيناه إلاّ أن يعاين الموت ، ثمّ تلا: ( رَبَّنا أخْرِجْنا نَعْمَلُ صالِحاً غَيْرَ الَّذي كُنَّا نَعْمَلُ ) يعني أنّ أعدائنا إذا دخلوا النار قالوا: ربَّنا أخرجنا نعمل صالحاً في ولاية علي (عليه السلام)غير الذي كنّا نعمل في عداوته فيقال لهم في الجواب: ( أوَ لَمْ نُعَمِّرُكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجاءَكُمْ نَذيرٌ ) وهو النبيّ (صلى الله عليه وآله) ( فَذوقوا فَما لِلظَّالِمينَ ) لآل محمّد (صلى الله عليه وآله) ( مِنْ نَصير )ينصرهم ولا ينجيهم منه ولا يحجبهم عنه.
124 ـ عن أبي موسى المشرقاني قال: كنت عنده وحضره قوم من الكوفيين فسالوه عن قول الله عزّ وجلّ: ( لَئِنْ أشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلَكَ ) فقال: ليس حيث تذهبون ، إنّ الله عزّ وجلّ حيث أوحى إلى نبيّه (صلى الله عليه وآله)أن يقيم عليّاً (عليه السلام) للناس علماً ، اندسّ إليه معاذ بن جبل فقال: أشرك في ولايته ـ الأوّل والثاني ـ حتّى يسكن الناس إلى قولك ويصدّقوك ، فلمّـا أنزل الله عزّ وجلّ: ( يا أ يُّها الرَّسولُ بَلِّغْ ما اُنْزِلَ إلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ) شكى رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى جبرائيل فقال: إنّ الناس يكذّبوني ولا يقبلون منّي ، فأنزل الله عزّ وجلّ: ( لَئِنْ أشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكونَنَّ مِنَ الخاسِرينَ ) ففي هذا نزلت هذه الآية ، ولم يكن الله ليبعث رسولا إلى العالم وهو صاحب الشفاعة في العصاة يخاف أن يشرك بربّه ، كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) أوثق عند الله من أن يقول له: لئن أشركت بي ، وهو جاء بإبطال الشرك ورفض الأصنام ، وما عبد مع الله ، وإنّما عنى تشرك في الولاية من الرجال ، فهذا معناه[146].
125 ـ عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله عزّ وجلّ: ( ذلِكُمْ بِأ نَّهُ إذا دُعِيَ اللهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ ) بأنّ لعليّ ولاية ، ( وَإنْ يُشْرَكُ بِهِ ) من ليست له ولاية ( تُؤْمِنوا فَالحُكْمُ للهِ العَلِيِّ الكَبيرِ ).
126 ـ عن جابر بن يزيد قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام)عن قول الله عزّ وجلّ: ( الَّذينَ يَحْمِلونَ العَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ ) قال: يعني الملائكة ( رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْء رَحْمَةً وَعِلـْماً فَاغْفِرْ لِلَّذينَ تابوا ) من ولاية الطواغيت الثلاثة ومن بني اُميّة ( وَاتَّبَعوا سِبيلَكَ ) يعني ولاية عليّ (عليه السلام) وهو السبيل وهو قوله تعالى: ( وَقِهِمُ السَّيِّئاتَ )يعني الثلاثة ( وَمَنْ تَقِ السَّيِّئاتَ يَوْمَئِذ فَقَدْ رَحِمْتَهُ ) ، وقوله تعالى: ( إنَّ الَّذينَ كَفَروا ) يعني بني اُميّة ( يُنادونَ لَمَقْتُ اللهِ أكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أنْفُسَكُمْ إذْ تُدْعَوْنَ إلى الإيمانِ ) يعني إلى ولاية علي (عليه السلام) وهي الإيمان ( فَتَكْفُرونَ )[147].
127 ـ عن أبي بصير عن أبي جعفر (عليه السلام)قال: سألته عن قول الله عزّ وجلّ: ( فَأقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنيفاً فِطْرَةَ اللهِ الَّتي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها ) ، قال: هي الولاية.
128 ـ عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام)أ نّه قال: قال الله عزّ وجلّ: ( فَلَنُذيقَنَّ الَّذينَ كَفَروا ) بتركهم ولاية علي (عليه السلام) ( عَذاباً شَديداً ) في الدنيا ( وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أسْوَأ الَّذي كانوا يَعْمَلونَ ) في الآخرة ( ذلِكَ جَزاءُ أعْداءِ الله النَّارَ لَهُمْ فيها دارُ الخُلـْدِ جَزاءً بِما كانوا بِآياتِنا يَجْحَدونَ ) والآيات الأئمة (عليهم السلام).
129 ـ عن أبي حبيب النساجي عن أبي عبد الله عن أبيه
عن علي بن الحسين (عليه السلام) في قوله تعالى: ( شَرَعَ
لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نوحاً )قال: نحن الذين شرع الله لنا دينه في كتابه وذلك قوله عزّ
وجلّ: ( شَرَعَ لَكُمْ ) يا آل
محمّد ( مِنَ
الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نوحاً وَالَّذي أوْحيْنا إلَيْكَ وَما وَصَّيْنا بِهِ
إبْراهيمَ وَموسى وَعيسى أن أقيموا الدِّينَ ) يا آل
محمّد ( وَلا
تَتَفَرَّقوا فيهِ كَبُرَ عَلى المُشْرِكينَ ما تَدْعوهُمْ إلَيْهِ ) من ولاية
علي
(عليه
السلام)( الله
يَجْتَبي إلَيْهِ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدي إلَيْهِ مَنْ يُنيبُ ) أي من
يجيبك إلى ولاية عليّ (عليه السلام).
130 ـ عن عليّ بن محمد بن بشر قال: قال محمد بن الحنفيّة (عليه السلام): إنّما حبّنا أهل البيت شيء يكتبه الله في أيمن قلب المؤمن ، ومن كتبه الله في قلبه لا يستطيع أحد محوه ، أما سمعت الله تعالى يقول: ( اُولـئِكَ كَتَبَ في قُلوبِهِمُ الإيْمانَ ) فحبّنا أهل البيت الأيمان.
131 ـ عن محمد بن علي عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالى: ( صِبْغَةَ اللهِ وَمَنْ أحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً ) قال (عليه السلام): صبغة المؤمنين بالولاية في الميثاق.
132 ـ عن الرضا (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام)في قوله عزّ وجلّ: ( أرَأيْتَ الَّذي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ ) قال: بولاية أمير المؤمنين (عليه السلام).
133 ـ عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالى: ( الَّذينَ آمَنوا وَتَطْمَئِنَّ قُلوبُهُمْ بِذِكْرِ اللهِ ألا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ القُلوبُ ) ، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعليّ بن أبي طالب (عليه السلام): تدري فيمن نزلت ؟ قال: الله ورسوله أعلم . قال: فيمن صدّق بي وآمن بي ، وأحبّك وعترتك من بعدك ، وسلّم لك الأمر والأئمة من بعدك.
أيا سائلي عن الولاية ، هذه هي الولاية التي ندعو إليها ليل نهار ، فطمأنينة القلوب وتهذيب النفوس وإنارة العقول بذكرها ، ألا بذكر الله تطمئنّ القلوب.
134 ـ عن أبي حمزة عن أبي جعفر (عليه السلام)في قوله تعالى: ( إنَّكُمْ لَفي قَوْل مُخْتَلِف ) في أمر الولاية ( يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ اُفِكَ ) قال: من اُفك عن الولاية اُفك عن الجنّة[148].
135 ـ عن عبد الرحمن بن كثير عن أبي عبد الله (عليه
السلام)في قول الله عزّ وجلّ:
( الَّذينَ
آمَنوا وَلَمْ يَلـْبِسوا إيْمانَهُمْ بِظُلـْم )قال: بما جاء به محمد (صلى الله عليه وآله) من الولاية ،
ولم يخلطوها بولاية فلان وفلان فهو الملبّس بالظلم[149].
136 ـ عن المفضّل قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): ( بَلْ تُؤْثِرونَ الحَياةَ الدُّنْيا )قال: ولايتهم ، ( وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأبْقى ) ، قال: ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) ، ( إنَّ هذا لَفي الصُّحُفِ الاُوْلى صُحُفِ إبْراهيمَ وَموسى )[150].
137 ـ عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام)قال: ( جاءَكُمْ ) محمد (صلى الله عليه وآله)( بِما لا تَهْوى أنْفُسُكُمْ ) بموالاة عليّ (عليه السلام)فـ ( اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَريقاً ) من آل محمّد (صلى الله عليه وآله)( كَذَّبْتُمْ وَفَريقاً تَقْتُلونَ ).
138 ـ عن محمد بن سنان عن الرضا (عليه السلام)في قول الله عزّ وجلّ: ( كَبُرَ مَقْتاً عَلى المُشْرِكينَ ) بولاية علي ( ما تَدْعوهُمْ إلَيْهِ ) يا محمّد من ولاية عليّ هكذا في الكتاب مخطوطة ـ أي هكذا كان تفسيرها في الكتاب مخطوطة ـ[151].
139 ـ عن أبي بصير عن أبي جعفر (عليه السلام)في قوله تعالى: ( فَأقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنيفاً ) قال: هي الولاية.
140 ـ عن أبي بصير عن أبي جعفر (عليه السلام)في قوله تعالى: ( فَسَتَعْلَمونَ مَنْ هُوَ في ضَلال مُبين ) يا معشر المكذّبين حيث اُنبّئكم رسالة ربّي في ولاية علي والأئمة (عليهم السلام)من بعده من هو في ضلال مبين كذا اُنزلت . وفي قوله تعالى: ( إنْ تَلـْووا أوْ تُعْرِضوا ) فقال: إنّ تلووا وتعرضوا عمّـا اُمرتم به ( فَإنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلونَ خَبيراً )
وفي قوله: ( فَلَنُذيقَنَّ الَّذينَ كَفَروا ) بتركهم ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)( عَذاباً شَديداً ) في الدنيا ( وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أسْوَأَ الَّذي كانَ يَعْمَلونَ ).
[112]البحار 23: 224 ، عن تفسير القرآن: 80.
[113]المصدر: 230 ، الباب 13 إنّ مودّتهم أجر الرسالة وسائر ما نزل في مودّتهم ، وفي الباب 32 رواية.
[114]المصدر: 232.
[115]المصدر: 236 ، عن قرب الإسناد: 60.
[116]البحار 23: 221 ، عن كنز جامع الفوائد: 49.
[117]المصدر: 253 ، عن روضة الكافي: 379.
[118]المصدر: 254 ، الباب 14 ، وفيه 12 رواية.
[119]المصدر: 257 ، الباب 15 تأويل الوالدين والولد والأرحام وذوي القربى بهم (عليهم السلام) ، وفي الباب 23 رواية.
[120]البحار 23: 265 ، عن تفسير القمّي: 340.
[121]المصدر ، عن تفسير العياشي 2: 267 ، وكذا الذي قبله.
[122]المصدر ، عن تفسير الفرات: 31.
[123]المصدر: 275 ، باب 16 أنّ الأمانة في القرآن الإمامة ، وفيه 30 رواية.
[124]المصدر: 286 ، الباب 17 وجوب طاعتهم وأ نّها المعني بالملك العظيم وأ نّهم اُولو الأمر وأ نّهم الناس المحسدون ، وفيه 65 رواية.
[125]المصدر: 287 ، عن بصائر الدرجات: 11.
[126]المصدر.
[127]المصدر: 289 ، عن إعلام الورى: 378.
[128]البحار 23: 201 ، عن المناقب 3: 443.
[129]المصدر ، عن كنز جامع الفوائد: 244.
[130]المصدر ، عن روضة الكافي: 184 واُصول الكافي 1: 414 وتفسير العياشي 1: 256.
[131]عن تفسير القمّي: 456 ، وفي البحار 23: 305 ، باب 18 أ نّهم أنوار الله وتأويل آيات النور فيهم (عليهم السلام) ، وفي الباب 42 رواية.
[132]البحار 23: 308 ، عن تفسير القمّي: 683.
[133]المصدر ، عن الخصال 1: 88.
[134]المصدر ، عن تفسير القمي: 203.
[135]المصدر ، عن كنز جامع الفوائد: 183.
[136]المصدر: 318 ، عن اُصول الكافي 1: 432.
[137]البحار 23: 322 ، عن روضة الكافي: 379.
[138]المصدر: 329.
[139]المصدر ، عن كنز الفوائد: 356.
[140]البحار 23: 332.
[141]المصدر: 340 ، عن تفسير القمي: 279.
[142]المصدر: 354 ، الباب 20.
[143]المصدر: 357.
[144]المصدر ، عن المناقب 3: 403.
[145]البحار 23: 361 ، الباب 20 تأويل المؤمنين والإيمان والمسلمين والإسلام بهم وبولايتهم (عليهم السلام) والكفّار والمشركين والكفر والشرك والجبت والطاغوت واللات والعزّى والأصنام بأعدائهم ومخالفيهم ، وفي الباب 100 رواية.
[146]المصدر: 363 ، عن كنز جامع الفوائد: 274.
[147]المصدر والمرجع.
[148]البحار 23: 368 ، عن المناقب 2: 292.
[149]المصدر: 371 ، عن اُصول الكافي 1: 413.
[150]المصدر ، عن اُصول الكافي 1: 418.
[151]البحار 23: 375 ، عن اُصول الكافي 1: 418.
141 ـ عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام)في قول الله تعالى: ( سَألَ سائِلٌ بِعَذاب واقِع لِلـْكافِرينَ ) بولاية علي ( لَيْسَ لَهُ دافِعٌ ) ثمّ قال: هكذا والله نزل بها جبرئيل على محمد (صلى الله عليه وآله)[152].
142 ـ عن أبي حمزة عن أبي جعفر (عليه السلام)في قوله: ( إنَّكُمْ لَفي قَوْل مُخْتَلِف ) في أمر الولاية.
143 ـ عن أبي حمزة عن أبي جعفر (عليه السلام)في قوله تعالى: ( هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَموا في رَبِّهِمْ فَالَّذينَ كَفَروا ) بولاية علي (عليه السلام)( قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نار ).
144 ـ عن أبي حمزة عن أبي جعفر (عليه السلام)قال: نزل جبرئيل بهذه الآية هكذا ( فَأبى أكْثَرُ النَّاسِ ) بولاية عليّ ( إلاّ كُفوراً ) قال: ونزل جبرئيل بهذه الآية هكذا: ( وَقُلِ الحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ ) في ولاية علي (عليه السلام)( فَمَنْ شاءَ فَلـْيُؤْمِنُ وَمَنْ شاءَ فَلـْيَكْفُرُ إنَّا أعْتَدْنا لِلظَّالِمينَ ) آل محمّد ( ناراً )[153].
145 ـ عن نعيم الصحّاف قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)عن قوله: ( فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ ) فقال: عرف الله عزّ وجلّ إيمانهم بموالاتنا وكفرهم بها يوم أخذ عليهم الميثاق وهم ذرّ في صلب آدم (عليه السلام) ، وسألته عن قول الله: ( أطيعوا اللهَ وَأطيعوا الرَّسولَ فَإنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإنَّما عَلى رَسولِنا البَلاغُ المُبينُ ) فقال: أما والله ما هلك من كان قبلكم وما هلك من هلك حتّى يقوم قائمنا إلاّ في ترك ولايتنا وجحود حقّنا ، وما خرج رسول الله من الدنيا حتّى ألزم رقاب هذه الاُمّة حقّنا ، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
146 ـ عن عيسى بن داود عن أبي الحسن موسى عن أبيه (عليهم السلام)في قوله تعالى: ( وَقُلِ الحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ ) في ولاية علي (عليه السلام) ( فَمَنْ شاءَ فَلـْيُؤْمِنُ وَمَنْ شاءَ فَلـْيَكْفُرُ )قال: وقرأ إلى قوله: ( أحْسَنُ عَملا ) ثمّ قال: قيل للنبيّ (صلى الله عليه وآله)( اصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ ) في أمر علي فإنّه الحقّ من ربّكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر فجعل الله تركه معصية وكفراً قال: ثمّ قرأ: ( إنَّا أعْتَدْنا لِلظَّالِمينَ ) لآل محمد ( ناراً أحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها ) ثمّ قرأ: ( إنَّ الَّذينَ آمَنوا وَعَمِلوا الصَّالِحاتِ إنَّا لا نُضيعُ أجْرَ مَنْ أحْسَنَ عَمَلا ) يعني بهم آل محمد (صلى الله عليه وآله).
147 ـ وبهذا الإسناد عنه عن أبيه (عليهما السلام)في قول الله عزّ وجلّ: ( فَالَّذينَ آمَنوا وَعَمِلوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَريمٌ )قال: اُولئك آل محمد (عليهم السلام) ( وَالَّذينَ سَعَوْا ) في قطع مودّة آل محمد ( مُعاجِزينَ اُولـئِكَ أصْحابُ الجَحيمِ ) قال: هي الأربعة نفر: يعني التيمي والعدي والاُمويين[154].
148 ـ روى شيخ الطائفة بإسناده عن أخطب خوارزم رفعه إلى ابن عباس قال: سأل قوم النبيّ (صلى الله عليه وآله) فيمن نزلت هذه الآية: ( وَعَدَ اللهُ الَّذينَ آمَنوا وَعَمِلوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأجْراً عَظيماً )فقال: إذا كان يوم القيامة عقد لواء من نور أبيض ونادى مناد: ليقم سيّد المؤمنين ، ومعه الذين آمنوا بعد بعث محمد فيقوم علي ابن أبي طالب (عليه السلام) فيعطي اللواء من النور الأبيض بيده ، وتحته جميع السابقين الأوّلين من المهاجرين والأنصار ، لا يخالطهم غيرهم حتّى يجلس على منبر من نور ربّ العزّة ويعرض الجميع عليه رجلا رجلا فيعطيه أجره ونوره ، فإذا أتى على آخرهم قيل لهم: قد عرفتم صفتكم ومنازلكم في الجنّة أنّ ربّكم يقول: إنّ لكم عندي مغفرة وأجراً عظيماً ، يعني الجنّة فيقوم علي والقوم تحت لوائه: إنّ لكم عندي الجنّة ، ثمّ يرجع إلى منبره ، فلا يزال يعرض عليه جميع المؤمنين فيأخذ نصيبه منهم إلى الجنّة ، وينزل أقواماً على النار ، فذلك قوله تعالى: ( وَالَّذينَ آمَنوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ اُولـئِكَ هُمُ الصِّدِّيقونَ وَالشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أجْرُهُمْ وَنورُهُمْ ) يعني السابقين الأوّلين والمؤمنين وأهل الولاية له ( وَالَّذينَ كَفَروا وَكَذَّبوا بِآياتِنا اُولـئِكَ أصْحابُ الجَحيمِ )يعني كفروا وكذّبوا بالولاية وبحقّ علي (عليه السلام)[155].
149 ـ الباقر والصادق (عليهما السلام) في قوله تعالى: ( قُلْ إنَّما أعِظُكُمْ بِواحِدَة ) قال: الولاية ، ( أنْ تَقوموا مَثْنىً وَفُرادى ) قال: الأئمة من ذرّيتهما[156].
150 ـ عن الثمالي قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام)عن قول الله عزّ وجلّ: ( قُلْ إنَّما أعِظُكُمْ بِواحِدَة ) فقال: إنّما أعظكم بولاية علي (عليه السلام)هي الواحدة التي قال الله تعالى: ( إنَّما أعِظُكُمْ بِواحِدَة ).
وهذا يعني بوضوح أنّ خلاصة الإسلام وحقيقته وهي الموعظة التي من عمل بها عمل بكلّ الإسلام هي ولاية أمير المؤمنين علي (عليه السلام) وأهل بيته الطاهرين وهذا من تأويل وبطن الآيات القرآنية المباركة.
151 ـ عن الثمالي عن الإمام الباقر (عليه السلام)في قوله تعالى: ( وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ اُمَّة شَهيداً ) نحن الشهود على هذه الاُمّة.
152 ـ عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام)قال: سألته عن هذه الآية في قول الله عزّ وجل: ( وَلإنْ قُتِلـْتُمْ أوْ مِتُّمْ ) قال: فقال (عليه السلام): أتدري ما سبيل الله ؟ قال: قلت: لا والله ، إلاّ أن أسمعه منك ، قال: سبيل الله هو علي (عليه السلام)وذرّيته ، وسبيل الله من قتل في ولايته قتل في سبيل الله ومن مات في ولايته مات في سبيل الله[157].
153 ـ ( وَإنَّكَ لَتَدْعوهُمْ إلى صِراط مُسْتَقيم ) قال: إلى ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) ، قال: ( وَإنَّ الَّذينَ لا يُؤْمِنونَ بِالآخِرَةِ عَنِ الصَّراطِ لَناكِبونَ ) قال: عن الإمام لحادون.
154 ـ عن أبي مالك الأسدي قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام)أسأله عن قول الله تعالى: ( وَأنَّ هذا صِراطي مُسْتَقيماً فَاتَّبِعوهُ وَلا تَتَّبِعوا السُّبُلَ ) إلى آخر الآية ، قال: فبسط أبو جعفر (عليه السلام) يده اليسار ثمّ دوّر فيها يده اليمنى ثمّ قال: نحن صراطه المسـتقيم فاتّبعوه ، ولا تتّبعوا السبل فتفرّق بكم عـن سبيله يميناً وشمالا ، ثمّ خطّ بيده.
في حاشية
نسخة الكمپاني: هذا إشارة إلى أنّ تعدّد الأئمة (عليهم
السلام)لا ينافي كونهم سبيلا واحداً لا تحادّ حقيقتهم النورية وهياكلهم المعنوية كما روي
عنهم من كونهم نوراً واحداً ، أوّلهم محمد وآخرهم محمد وكلّهم محمد ،
وأمّا من يقابلهم (عليهم السلام)فكلّ منهم سبيل على انفراده يدعو لنفسه
دون غيره ، فاحدهم يأخذ يميناً ، والآخر شمالا ، فكلّ واحد منهم
خطّ يقابل الآخر لاستحالة أن يكون الخطّان واحداً بخلاف الدائرة لأنّ كلّ جزء منها
يجوز أن يفرض أوّلا وآخراً ووسطاً فهي متشابهة
الأجزاء ،
يجوز اتّصاف كلّ منها بصفة الآخر ، فتدبّر[158].
155 ـ عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالى: ( وَإنَّ الَّذينَ لا يُؤْمِنونَ بِالآخِرَةِ عَنِ الصَّراطِ لَناكِبونَ ) قال: عن ولايتنا أهل البيت.
156 ـ قال أبو جعفر (عليه السلام): نزل جبرئيل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) بهذه الآية هكذا: ( وَقالَ الظَّالِمونَ ) لآل محمد حقّهم ( إنْ تَتَّبِعونَ إلاّ رَجُلا مَسْحوراً اُنْظُرْ كَيْفَ ضَرَبوا لَكَ الأمْثالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطيعونَ سَبيلا ) إلى ولاية علي سبيلا ، وعلي (عليه السلام)هو السبيل.
157 ـ وعنه (عليه السلام) في قوله تعالى: ( وَالَّذينَ جاهَدوا فينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا ) قال: هذه نزلت في آل محمد وأشياعهم[159].
158 ـ عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (عليه السلام)في قوله تعالى: ( إنَّ الَّذينَ قالوا رَبُّنا اللهُ ثُمَّ اسْتَقاموا ) على الأئمة واحداً بعد واحد ( تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ المَلائِكَةُ )الآية.
159 ـ عن زيد بن علي في قوله تعالى: ( وَعَلى اللهِ قَصْدُ السَّبيلِ ) قال: سبيلنا أهل البيت القصد والسبيل الواضح.
160 ـ وفي قوله تعالى: ( إنَّكَ لَتَهْدي إلى صِراط مُسْتَقيم ) قال: إلى ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام)[160].
161 ـ عن أبي الجارود عن أبي جعفر (عليه السلام)في قوله عزّ وجلّ: ( إنَّ الَّذينَ قالوا رَبُّنا اللهُ ثُمَّ اسْتَقاموا )يقول: استكملوا طاعة الله ورسوله ، وولاية آل محمد (عليهم السلام)ثمّ استقاموا عليها ( تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ المَلائِكَةُ ) يوم القيامة ( ألاّ تَخافوا وَلا تَحْزَنوا وَأبْشِروا بِالجَنَّةِ الَّتي كُنْتُمْ توعَدونَ ) فاُولئك هم الذين إذا فزعوا يوم القيامة حين يبعثون تتلقّاهم الملائكة ويقولون لهم: لا تخافوا ولا تحزنوا نحن الذين كنّا معكم في الحياة الدنيا ، لا نفارقكم حتّى تدخلوا الجنّة وأبشروا بالجنّة التي كنتم توعدون[161].
162 ـ عن سماعة قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام)يقول في قول الله عزّ وجلّ: ( وَأنْ لَوِ اسْتَقاموا عَلى الطَّريقَةِ لأسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً ) يعني استقاموا على الولاية في الأصل عند الأظلّة حين أخذ الله الميثاق على ذرّية آدم ( لأسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً )يعني لأسقيناهم من الماء الفرات العذب.
163 ـ وروى جابر عن أبي عبد الله (عليه السلام)في قوله: ( كونوا مَعَ الصَّادِقينَ )قال: مع آل محمد (عليهم السلام)[162].
164 ـ عن الرضا عن آبائه (عليهم السلام) عن علي صلوات الله عليهم في قوله تعالى: ( فَمَنْ أظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ عَلى اللهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إذْ جاءَهُ )قال: الصدق ولايتنا أهل البيت[163].
165 ـ عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عزّ وجل: ( وَبَشِّرِ الَّذينَ آمَنوا أنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْق عِنْدَ رَبِّهِمْ )قال: ولاية أمير المؤمنين صلوات الله عليه[164].
166 ـ عن محمد بن علي في قوله تعالى: ( مَنْ جاءَ بِالحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أمْثالِها )قال: الحسنة التي عنى الله ولايتنا أهل البيت ، والسيّئة عداوتنا أهل البيت[165].
167 ـ عن أبي عبد الله الجدلي قال: قال لي أمير المؤمنين (عليه السلام): ألا اُخبرك بالحسنة التي من جاء بها أمن من فزع يوم القيامة ، والسيّئة التي من جاء بها كُبّ على وجهه في نار جهنّم ؟ قلت: بلى يا أمير المؤمنين . قال: الحسنة حبّنا أهل البيت ، والسيّئة بغضنا أهل البيت.
168 ـ وعن عمّـار الساباطي قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام)وسأله عبد الله ابن أبي يعفور عن قول الله عزّ وجلّ: ( مَنْ جاءَ بِالحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَهُمْ مِنْ فَزَع يَوْمَئِذ آمِنونَ ) ، فقال: وهل تدري ما الحسنة ؟ إنّما الحسنة معرفة الإمام وطاعته ، وطاعته من طاعة الله.
تعريف الحسنة القرآنية في الروايات النبويّة والولوية بالولاية والمحبّة والمودّة والمعرفة والطاعة وما شابه ذلك ، إنّما هو من باب:
عباراتنا شتّى وحسنك واحد *** كلٌّ إلى ذاك الجمال يشير
فإنّ هذه المعاني السامية والمفاهيم الرفيعة إنّما هي من مظاهر الولاية وآثارها ولوازمها ، وكلّها تشير إلى حقيقة واحدة.
169 ـ وعن عمّـار الساباطي قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إنّ أبا اُميّة يوسف بن ثابت حدّث عنك أ نّك قلت: لا يضرّ مع الإيمان عمل ولا ينفع مع الكفر عمل . فقال: إنّه لم يسألني أبو اُميّة عن تفسيرها ، إنّما عنيت بهذا أ نّه من عرف الإمام من آل محمد (صلى الله عليه وآله)وتولاّه ، ثمّ عمل لنفسه ما شاء من عمل الخير قُبل منه ذلك ، وضوعف له أضعافاً كثيرة ، وانتفع بأعمال الخير مع المعرفة ، فهذا ما عنيت بذلك ، وكذلك لا يقبل الله من العباد الأعمال الصالحة التي يعملونها إذا تولّوا الإمام الجائر الذي ليس من الله تعالى . فقال له عبد الله بن أبي يعفور: أليس الله تعالى قال: ( مَنْ جاءَ بِالحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَهُمْ مِنْ فَزَع يَوْمَئِذ آمِنونَ ) فكيف لا ينفع العمل الصالح ممّن يوالي أئمة الجور ؟ فقال أبو عبد الله (عليه السلام): هل تدري ما الحسنة التي عناها الله تعالى في هذه الآية ، هي معرفة الإمام وطاعته ، وقد قال الله تعالى: ( وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجوهُهُمْ في النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إلاّ ما كُنْتُمْ تَعْمَلونَ ) ، وإنّما أراد بالسيّئة إنكار الإمام الذي هو من الله تعالى ، ثمّ قال أبو عبد الله (عليه السلام): من جاء يوم القيامة بولاية إمام جائر ليس من الله ، وجاء منكراً لحقّنا جاحداً لولايتنا أكبّه الله تعالى يوم القيامة في النار[166].
170 ـ عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالى: ( وَكَذَّبَ بِالحُسْنى ) بولاية علي (عليه السلام)( وَصَدَّقَ بِالحُسْنى ) أي بالولاية.
فما أعظم هذه الولاية ، وأ نّها حقّاً النعمة التي لا تعدّ ولا تحصى.
171 ـ عن إبراهيم بن العباس الصولي قال: كنّا يوماً بين يدي علي بن موسى الرضا (عليه السلام) فقال: ليس في الدنيا نعيم حقيقي . فقال له بعض الفقهاء ممّن يحضره: فيقول الله عزّ وجلّ: ( لَتُسْألُنَّ يَوْمَئِذ عَنِ النَّعيمِ ) أما هذا النعيم في الدنيا وهو الماء البارد ؟ فقال له الرضا (عليه السلام) وعلا صوته: كذا فسّرتموه أنتم وجعلتموه على ضروب ، فقال طائفة: هو الماء البارد ، وقال غيرهم: هو الطعام الطيّب ، وقال آخرون: هو النوم الطيّب ، ولقد حدّثني أبي عن أبيه أبي عبد الله (عليه السلام) أنّ أقوالكم هذه ذكرت عنده في قول الله عزّ وجلّ: ( لَتُسْألُنَّ يَوْمَئِذ عَنِ النَّعيمِ ) فغضب (عليه السلام)وقال: إنّ الله عزّ وجلّ لا يسأل عباده عمّـا تفضّل عليهم به ، ولا يمنّ بذلك عليهم ، والامتنان بالإنعام مستقبح من المخلوقين ، فكيف يضاف إلى الخالق عزّ وجلّ ما لا يرضى المخلوقين به ؟ ولكنّ النعيم حبّنا أهل البيت وموالاتنا ، يسأل الله عزّ وجلّ عنه بعد التوحيد والنبوّة ، لأنّ العبد إذا وفى بذلك أدّاه إلى نعيم الجنّة الذي لا يزول ، ولقد حدّثني بذلك أبي عن أبيه عن محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي عن أبيه علي (عليه السلام)أ نّه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا علي ، إنّ أوّل ما يسأل عنه العبد بعد موته شهادة أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمداً رسول الله وأ نّك وليّ المؤمنين بما جعله الله وجعلته لك ، فمن أقرّ بذلك وكان يعتقده صار إلى النعيم الذي لا زوال له[167].
172 ـ عن جعفر بن محمد (عليهما السلام) في قوله: ( ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذ عَنِ النَّعيمِ ) ، قال: نحن النعيم . وفي قوله: ( وَاعْتَصِموا بِحَبْلِ اللهِ جَميعاً ) قال: نحن الحبل.
173 ـ عن جابر قال: قال رجل عند أبي جعفر (عليه السلام): ( وَأسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً )قال: أمّا النعمة الظاهرة فهو النبي (صلى الله عليه وآله): وما جاء به من معرفة الله عزّ وجلّ وتوحيده ، وأمّا النعمة الباطنة فولايتنا أهل البيت وعقد مودّتنا ، فاعتقد والله قوم هذه النعمة الظاهرة والباطنة ، واعتقدها قوم ظاهرة ولم يعتقدوها باطنة ، فأنزل الله: ( يا أ يُّها الرَّسولَ لا يُحْزِنُكَ الَّذينَ يُسارِعونَ في الكُفْرِ مِنَ الَّذينَ قالوا آمَنَّا بِأفْواهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلوبُهُمْ ) ففرح رسول الله (صلى الله عليه وآله)عند نزولها إذ لم يقبل الله تبارك وتعالى إيمانهم إلاّ بعقد ولايتنا ومحبّتنا[168].
174 ـ عن الإمام الكاظم (عليه السلام): النعمة الظاهرة الإمام الظاهر ، والباطنة الإمام الغائب[169].
175 ـ عن جعفر بن محمد (عليه السلام)أ نّه قال: ( ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذ عَنِ النَّعيمِ ) والله ما هو الطعام والشراب ، ولكن ولايتنا أهل البيت[170].
176 ـ عن أبي عبد الله (عليه السلام)قال: قوله تعالى: ( فَبِأيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ )أي بأيّ نعمتي تكذّبان ؟ بمحمّد أم بعلي ؟ منهما أنعمت على العباد.
177 ـ عن أبي يوسف البزّاز قال: تلا أبو عبد الله (عليه السلام)هذه الآية ( وَاذْكُروا آلاءَ اللهِ ) قال: أتدري ما آلاء الله ؟ قلت: لا . قال: هي أعظم نِعَم الله على خلقه ، وهي ولايتنا.
178 ـ عن عثمان بن عيسى ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: سألته عن قول الله: ( ألَمْ تَرَ إلى الَّذينَ بَدَّلوا نِعْمَةَ اللهِ كُفْراً ) ، قال: نزلت في الأفجرين من قريش: بني اُميّة وبني المغيرة ، فأمّا بنو المغيرة فقطع الله دابرهم يوم بدر ، وأمّا بنو اُميّة فمتّعوا إلى حين ، ثمّ قال: ونحن والله نعمة الله التي أنعم الله بها على عباده ، وبنا يفوز من فاز[171].
179 ـ المناقب ، بسنده قال الصادق والباقر (عليهما السلام)في قوله تعالى: ( ألَمْ تَرَ إلى الَّذينَ بَدَّلوا نِعْمَةَ اللهِ كُفْراً ): نعمة الله رسوله إذ يخبر اُمّته بمن يرشدهم من الأئمّة ، ( فَأحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ البَوارِ ) ذلك معنى قول النبيّ (صلى الله عليه وآله): «لا ترجعنّ بعدي كفّاراً يضرب بعضكم رقاب بعض» ، وبني الدين على اتّباع النبيّ (صلى الله عليه وآله) ( قُلْ إنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعوني ) واتّباع الكتاب ( واتَّبِعوا النُّورَ الَّذي اُنْزِلَ مَعَهُ ) واتّباع الأئمة من أولاده ( وَالَّذينَ اتَّبَعوهُمْ بِإحْسان ) ، فاتّباع النبيّ يورث المحبّة ( يُحْبِبْكُمُ اللهُ ) ، واتّباع الكتاب يورث السعادة ( فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى ) واتّباع الأئمة يورث الجنّة[172].
180 ـ عن جابر ، قال: قال رجل عند أبي جعفر (عليه السلام): ( وَأسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً ) ، قال: أمّا النعمة الظاهرة فهو النبيّ (صلى الله عليه وآله) وما جاء به من معرفة الله عزّ وجلّ وتوحيده ، وأمّا النعمة الباطنة فولايتنا أهل البيت وعقد مودّتنا ، فاعتقد والله قوم هذه النعمة الظاهرة والباطنة ، واعتقدها قوم ظاهرة ولم يعتقدوها باطنة ، فأنزل الله ( يا أ يُّها الرَّسولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذينَ يُسارِعونَ في الكُفْرِ مِنَ الَّذينَ قالوا آمَنَّا بِأفْواهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلوبُهُمْ ) ففرح رسول الله عند نزولها إذ لم يقبل الله تبارك وتعالى إيمانهم إلاّ بعقد ولايتنا ومحبّتنا[173].
181 ـ الشيخ المفيد بسنده قال: لمّـا
قدم الصادق (عليه
السلام)العراق نزل الحيرة
فدخل
عليه أبو حنيفة وسأله عن مسائل وكان ممّـا سأله أن قال له: جعلت
فداك ، ما الأمر بالمعروف ؟ فقال (عليه السلام):
المعروف يا أبا حنيفة المعروف في أهل السماء المعروف في أهل الأرض ، وذاك
أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) ،
قال: جعلت فداك ، فما المنكر ؟ قال:
اللذان ظلماه حقّه[174]
وابتزّاه أمره ، وحملا الناس على كتفه . قال: ألا ما هو أن
ترى الرجل على معاصي الله فتنهاه عنها ؟ فقال أبو عبد الله (عليه
السلام):
ليس ذاك بأمر بمعروف ولا نهي عن منكر ، إنّما ذاك خير قدّمه . قال أبو
حنيفة: أخبرني جعلت فداك عن قول الله عزّ وجلّ: ( ثُمَّ
لَتُسْألُنَّ يَوْمَئِذ عَنِ النَّعيمِ ) ،
قال: فما هو عندك يا أبا حنيفة ؟ قال: الأمن
في السرب وصحّة البدن والقوت الحاضر ، فقال: يا أبا حنيفة ،
لئن وقفك الله وأوقفك يوم القيامة حتّى يسألك عن كلّ أكلة وشربة شربتها ليطولنّ
وقوفك قال: فما النعيم جعلت فداك ؟ قال:
النعيم نحن الذين أنقذ الله الناس بنا من الضلالة ، وبصّرهم بنا من
العمى ، وعلّمهم بنا من الجهل ، قال: جعلت فداك ، فكيف
كان القرآن جديداً أبداً ؟ قال: لأ نّه لم يجعل لزمان
دون زمان فتخلقه الأيام ، ولو كان كذلك لفنى القرآن قبل فناء العالم[175].
182 ـ عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) ، وحمران عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالى: ( لَوْلا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ) قال: فضل الله رسوله ، ورحمته ولاية الأئمة (عليهم السلام)[176].
وفي هذا المعنى أخبار
كثيرة ، كما يذكر العلاّمة المجلسي (قدس سره) في أبواب
الآيات
النازلة
في أمير المؤمنين (عليه السلام).
183 ـ محمّد بن الفضيل عن الرضا (عليه السلام) ، قال: قلت: ( قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحوا هُوَ خَيْرْ مِمَّـا يَجْمَعون ) ، قال: بولاية محمّد وآل محمّد (عليهم السلام)خير ممّـا يجمع هؤلاء من دنياهم[177].
184 ـ الكافي بسنده عن جعفر بن محمّد (عليهما السلام)عن أبيه عن جدّه (عليه السلام) في قول الله عزّ وجلّ: ( يَعْرِفونَ نِعْمَةَ اللهِ ثُمَّ يُنْكِرونَها ) قال: لمّـا نزلت ( إنَّما وَلِيَّكُمُ اللهُ وَرَسولَهُ وَالَّذينَ آمَنوا الَّذينَ يُقيمونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعونَ ) اجتمع نفر من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) في مسجد المدينة فقال بعضهم لبعض: ما تقولون في هذه الآية ؟ فقال بعضهم: إن كفرنا بهذه الآية نفكر بسائرها ، وإن آمنّا فإنّ هذا ذلّ حين يسلّط علينا ابن أبي طالب ، فقالوا: قد علمنا أنّ محمّداً صادق فيما يقول ولكنّا نتولاّه ولا نطيع عليّاً (عليه السلام)فيما أمرنا ، قال: فنزلت هذه الآية: ( يَعْرِفونَ نِعْمَةَ اللهِ ثُمَّ يُنْكِرونَها ) يعرفون يعني ولاية علي (عليه السلام)( وَأكْثَرَهُمُ الكافِرونَ ) بالولاية[178].
ولا ريب أنّ الولاية من أعظم نعم الله على العباد ، إذ بها تنتظم مصالح دنياهم وعقباهم فهي أساس الدين وروحه ، ولولاها لكان الإسلام كالجسد الميّت ، بلا حيويّة ولا نشاط ولا ثورة ضدّ الطغاة ، وهذا ما يسمّى في عصرنا هذا بالإسلام الأمريكي ، فإنّ أمريكا الشيطان الأكبر يطبّل لمثل هذا الإسلام الميّت ، فعلى المسلمين الواعين والرساليّين أن يفهموا مخطّطات الاستعمار والاستكبار العالمي ، ويعتنقوا الإسلام الحقيقي الثائر ضدّ المنكرات والفواحش ما ظهر منها وما بطن وضدّ الطغاة والجبابرة وعملائهم وأذنابهم ، وضدّ الفسوق والفجور والفساد ، لتسود حكومة الله في أرضه ، لتسود الفضائل والقيم الإنسانية والإسلامية ، ليحكم الله ورسوله واُولي الأمر العدول ، ولمثل هذا ندعو إلى الولاية ، ونبذل النفس والنفيس من أجلها وقيامها بين الاُمّة المرحومة . فإنّ سعادتها وخيرها في الدنيا والآخرة بالولاية لأمير المؤمنين عليّ (عليه السلام)وآله الطاهرين المعصومين.
185 ـ روى الصدوق بإسناده عن أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر (عليه السلام)عن أبيه عن جدّه (عليهما السلام) قال: خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله)ذات يوم وهو راكب وخرج علي (عليه السلام)وهو يمشي فقال له: يا أبا الحسن إمّا أن تركب إذا ركبت ، وتمشي إذا مشيت ، وتجلس إذا جلست ، إلاّ أن يكون في حدّ من حدود الله لا بدّ لك من القيام والقعود فيه ، وما أكرمني الله بكرامة إلاّ وأكرمك بمثلها ، وخصّني الله بالنبوّة والرسالة ، وجعلك وليّي في ذلك تقوم في حدوده وصعب اُموره ، والذي بعثني بالحقّ نبيّاً ما آمن بي من أنكرك ، ولا أقرّ بي من جحدك ، ولا آمن بالله من كفر بك ، وإنّ فضلك فضلي ، وإنّ فضلي فضل الله ، وهو قول ربّي عزّ وجلّ ( قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلـْيَفْرَحوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّـا يَجْمَعونَ ) ففضل الله نبوّة نبيّكم ورحمته ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام)( فَبِذلِكَ )قال: بالنبوّة والولاية ( فَلـْيَفْرَحوا ) يعني الشيعة ( هُوَ خَيْرٌ مِمَّـا يَجْمَعونَ ) يعني مخالفيهم من الأهل والمال والولد في دار الدنيا ، والله يا عليّ ما خلقت إلاّ ليعبد بك ، ولتعرف بك معالم الدين ، ويصلح بك دارس السبيل ـ أي السبيل المندرسة ـ ولقد ضلّ من ضلّ عنك ولن يهتدي إلى الله من لم يهتدِ إليك وإلى ولايتك ، وهو قول ربّي عزّ وجلّ ( وَإنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى ) يعني إلى ولايتك ، ولقد أمرني ربّي تبارك وتعالى أن أفترض من حقّك ما أفترض من حقّي ، وإنّ حقّك لمفروض على من آمن بي ، ولولاك لم يعرف عدوّ الله ـ لم يعرف حزب الله ، وبك يعرف عدوّ الله ـ ومن لم يلقه بولايتك لم يلقه بشيء ، ولقد أنزل الله عزّ وجلّ إليّ ( يا أ يُّها الرَّسولُ بَلِّغْ ما اُنْزِلَ إلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ) يعني في ولايتك يا علي ( وَإنْ لؤمْ تَفْعَلُ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ ) ولو لم اُبلّغ ما اُمرتُ به من ولايتك لحبط عملي ، ومن لقى الله عزّ وجلّ بغير ولايتك فقد حبط عمله ، وغدا سحقاً له ، وما أقول إلاّ قول ربّي تبارك وتعالى ، وإنّ الذي أقول لمن الله أنزله فيك[179].
186 ـ عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام)قال: سألته عن قول الله: ( وَالشَّمْسِ وَضُحاها ) قال: الشمس رسول الله (صلى الله عليه وآله)أوضح الله به للناس دينهم ، قلت: ( وَالقَمَرِ إذا تَلاها ) قال: ذاك أمير المؤمنين (عليه السلام) ، قلت: ( وَالنَّهارِ إذا جَلاّها )قال: ذاك الإمام من ذرّية فاطمة (عليها السلام) يسأله رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيجلّي لمن سأله فحكى الله سبحانه عنه فقال: ( وَالنَّهارِ إذا جَلاّها ) ، قلت: ( وَاللَّيْلِ إذا يَغْشاها ) قال: ذاك أئمة الجور الذين استبدّوا بالأمر دون آل رسول الله (صلى الله عليه وآله)وجلسوا مجلساً كان آل رسول الله (صلى الله عليه وآله) أولى به منهم ، فغشوا دين رسول الله (صلى الله عليه وآله)بالظلم والجور ، وهو قوله: ( وَاللَّيْلِ إذا يَغْشاها ) قال: يغشى ظلمة الليل ضوء النهار ، ( وَنَفْس وَما سَوَّاها ) قال: خلقها وصوّرها ، وقوله: ( فَألـْهَمَها فُجورَها وَتَقْواها ) أي عرّفها وألهمها ثمّ خيّرها فاختارت ، ( قَدْ أفْلَحَ مَنْ زَكَّاها ) يعني نفسه طهّرها ، ( وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها ) أي أغواها[180].
187 ـ عن محمّد بن مسلم ، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام)عن قول الله: ( وَاللَّيْلِ إذا يَغْشى ) قال: الليل في هذا الموضع الثاني ـ كناية عن الشخص الثاني ، وفي رواية اُخرى حبتر ودلام كناية عن الأوّل والثاني ، وفي ثالث: عتيق وابن الصهّاك وبنو اُميّة من تولاّهم ، وفي رابع في قوله ( وَاللَّيْلِ إذا يَسْرِ ) هي دولة حبتر فهي تسري إلى قيام القائم ـ غشى أمير المؤمنين (عليه السلام) في دولته التي جرت عليه ، وأمر أمير المؤمنين (عليه السلام) أن يصبر في دولتهم حتّى تنقضي ، قال: ( وَالنَّهارِ إذا تَجَلَّى ) قال: النهار هو القائم منّا أهل البيت (عليهم السلام)إذا قام غلب دولة الباطل ، والقرآن ضرب فيه الأمثال للناس ، وخاطب نبيّه (صلى الله عليه وآله) به ونحن فليس يعلمه غيرنا[181].
قال العلاّمة المجلسي في بيان الخبر الشريف: حبتر ودلام: ... و ... كما سيأتي في كتاب الفتن ولا استبعاد في هذه التأويلات لبطن الآيات ، فإنّ القصص المذكورة في الآيات إنّما هي للتحذير عن وقوع مثلها من الشرور ، أو للحثّ على جلب مثلها من الخيرات لتلك الاُمّة[182].
أخي المسلم: إنّما ندعو إلى ولاية أئمة الحقّ شموس الدين والإيمان بهم ومودّتهم وإطاعتهم والاقتداء بهم ، وأنّ الولاية لا تتمّ إلاّ بالبراءة من أعدائهم أئمة الجور ، اُولئك الذين غصبوا حقوقهم وجلسوا مجلسهم ظلماً وجوراً ، فلا يتمّ الإيمان وحبّ آل الرسول (صلى الله عليه وآله) إلاّ برفض أعدائهم والبراءة منهم ، والبراءة عقيدة وشعور ، وشعاره لعن الظالمين ، وهذا ما أثبتناه بالأدلّة القطعيّة العقليّة والنقليّة في كتابنا (هذه هي البراءة) ، فراجع لتقف على حقيقة الأمر ، وتكون على بصيرة من دينك وأمرك ، ومن الله الهداية والتوفيق والسداد.
188 ـ عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالى: ( وَاعْتَصِموا بِحَبْلِ اللهِ جَميعاً وَلا تَفَرَّقوا ) نحن حبل الله ، ولا تفرّقوا إن الله تبارك وتعالى علم أ نّهم سيفترقون بعد نبيّهم ويختلفون فنهاهم الله عن التفرّق ، كما نهى من كان قبلهم فأمرهم أن يجتمعوا على ولاية آل محمّد (عليهم السلام)ولا يتفرّقوا[183].
189 ـ عن يحيى بن مسلم عن أبي عبد الله قال سمعته يقول: ( وَما مَنا إلاّ لَهُ مَقامٌ مَعْلومٌ ) ، قال: نزلت في الأئمة والأوصياء من آل محمّد صلوات الله عليهم[184].
190 ـ عن عمّـار الساباطي قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)عن قوله تعالى: ( أفَمَنْ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللهِ كَمَنْ باءَ بِسَخَط مِنَ اللهِ وَمَأواهُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ المَصيرِ هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللهِ ) فقال: الذين اتّبعوا رضوان الله هم الأئمة (عليهم السلام) وهم والله يا عمّـار درجات للمؤمنين ، وبولايتهم ومعرفتهم إيّانا يضاعف لهم أعمالهم ، ويرفع الله لهم الدرجات العلى[185].
191 ـ عن جابر بن يزيد قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام)عن قول الله عزّ وجلّ: ( ذلِكَ بِأ نَّهُمْ اتَّبَعوا ما أسْخَطَ اللهَ وَكَرِهوا رِضْوانَهُ فَأحْبَطَ أعْمالَهُمْ ) قال: كرهوا علياً (عليه السلام)وكان علي رضا الله ورضا رسوله ، أمر الله بولايته يوم بدر ويوم حنين وببطن نخلة ويوم التروية ونزلت فيه اثنتان وعشرون آية في الحجّة التي صدّ فيها رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن المسجد الحرام بالجحفة ونجّم[186].
وفي تفسير القمّي ( ذلِكَ بِأ نَّهُمْ اتَّبَعوا ما أسْخَطَ اللهَ ) يعني موالاة فلان وفلان ظالمي أمير المؤمنين (عليه السلام) ( فَأحْبَطَ ) أعمالهم يعني التي عملوها من الخير.
وهذا جواب اُولئك الذين يقولون إنّ فلان وفلان مثلا لهما سوابق في الإسلام وخدمات إسلاميّة من فتح البلدان وما شابه ، فبغصبهما الحقّ وظلمهما أمير المؤمنين يحبط الله أعمالهم ، وهذا جار لكلّ من والاهما ودافع عنهما وبرّأ ساحتهما من الظلم والجور ، فتدبّر.
192 ـ الكافي بسنده عن سعيد بن المسيّب قال: سمعت علي بن الحسين (عليه السلام)يقول: إنّ رجلا جاء إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: أخبرني إن كنت عالماً عن الناس وعن أشباه الناس وعن النسناس: فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): يا حسين أجب الرجل ، فقال الحسين (عليه السلام): أمّا قولك: أخبرني عن الناس ، فنحن الناس ، ولذلك قال الله تبارك وتعالى ذكره في كتابه: ( ثُمَّ أفيضوا مِنْ حَيْثُ أفاضَ النَّاسُ ) فرسول الله (صلى الله عليه وآله) الذي أفاض بالناس ، وأمّا قولك أشباه الناس ، فهم شيعتنا وهم موالينا ، وهم منّا ولذلك قال إبراهيم صلّى الله عليه: ( فَمَنْ تَبِعَني فَإنَّهُ مِنِّي ) وأمّا قولك النسناس فهم السواد الأعظم ، وأشار بيده إلى جماعة الناس ثمّ قال: ( إنْ هُمْ إلاّ كَالأنْعامِ بَلْ هُمْ أضَلُّ سَبيلا )[187].
193 ـ عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث في قوله تعالى: ( فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ ) قال: الدين ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام)[188].
194 ـ عن محمّد بن الفضيل قال: قلت لأبي الحسن الرضا (عليه السلام): أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ: ( وَالتِّينِ وَالزَّيْتونِ ) إلى آخر السورة ، فقال: التين والزيتون الحسن والحسين (عليهما السلام) ، قلت: ( وَطورِ سِنينَ )قال: ليس هو طور سينين ولكنّه طور سيناء ، قال: فقلت: وطور سيناء ؟ فقال: نعم هو أمير المؤمنين (عليه السلام) ، قلت: ( وَهذا البَلَدِ الأمينِ )قال: هو رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمن الناس به إذا أطاعوه ، قلت: ( لَقَدْ خَلَقْنا الإنْسانَ في أحْسَنِ تَقْويم ) قال: ذاك أبو فصيل ـ كناية عن الأوّل ـ حين أخذ الله ميثاقه له بالربوبيّة ولمحمّد (صلى الله عليه وآله) بالنبوّة ولأوصيائه بالولاية فأقرّ وقال: نعم ، ألا ترى أ نّه قال: ( ثُمَّ رَدَدْناهُ أسْفَلَ سافِلينَ ) يعني الدرك الأسفل حين نكص وفعل بآل محمّد ما فعل ، قال: قلت: ( إلاّ الَّذينَ آمَنوا وَعَمِلوا الصَّالِحاتِ ) قال: والله هو أمير المؤمنين (عليه السلام)وشيعته ( فَلَهُمْ أجْرٌ غَيْرُ مَمْنون ) قال: قلت: ( فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ ) قال: مهلا مهلا لا تقل هكذا ، هذا هو الكفر بالله ، والله ما كذّب رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالله طرفة عين ، قال: قلت: فكيف هي ؟ قال: ( فَمَنْ يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ ) والدين أمير المؤمنين ( ألَيْسَ اللهُ بِأحْكَمِ الحاكِمينَ )[189].
[152]المصدر والمرجع.
[153]الروايات من البحار من الكافي المجلّد الأوّل ، فراجع.
[154]البحار 23: 381 ، عن كنز جامع الفوائد: 176.
[155]المصدر والمرجع.
[156]البحار 23: 391 ، الباب 22 في تأويل قوله تعالى ( إنَّما أعِظُكُمْ بِواحِدَة ) ، وفي الباب 4 روايات.
[157]البحار 24: 12 ، عن معاني الأخبار: 53.
[158]المصدر: 15.
[159]المصدر ، عن المناقب 3: 403.
[160]البحار 24: 25 ، عن كنز الفوائد: 288 ، الباب 25 في أنّ الاستقامة إنّما هي على الولاية ، وفي الباب 8 روايات.
[161]المصدر والمرجع.
[162]المصدر ، الباب 26 في أنّ ولايتهم الصدق وأ نّهم الصادقون والصدّيقون والشهداء والصالحون ، وفي الباب 17 رواية.
[163]المصدر: 37 ، عن أمالي ابن الشيخ: 232.
[164]المصدر: 40 ، الباب 27 في تأويل قوله تعالى ( إنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْق ) ، وفي الباب 4 روايات ، وهذه الرواية عن اُصول الكافي 1: 422.
[165]المصدر: 41 ، الباب 28 أنّ الحسنة والحسنى الولاية ، وفي الباب 23 رواية.
[166]المصدر ، عن أمالي الشيخ: 266.
[167]المصدر: 50 ، الباب 29 أ نّهم (عليهم السلام) نعمة الله والولاية شكرها وأ نّهم فضل الله ورحمته وأنّ النعيم هو الولاية وبيان عظمة النعمة على الخلق بهم (عليهم السلام) ، وفي الباب 53 رواية ، وهذه الرواية من عيون الأخبار: 270.
[168]البحار 24: 52 ، عن تفسير القمّي: 509.
[169]المصدر ، عن المناقب 3: 314.
[170]المصدر ، عن كنز الفوائد: 405.
[171]المصدر: عن تفسير القمّي: 347 ، وذكرنا مثل هذا الموضوع بالتفصيل في كتاب ( هذه هي البراءة ) فراجع.
[172]البحار 24: 52 ، عن مناقب آل أبي طالب 3: 404.
[173]المصدر نفسه.
[174]ذكرنا تفصيل ذلك في ( هذه هي البراءة ) ، فراجع.
[175]المصدر: 59 ، عن كنز الفوائد: 491.
[176]المصدر: 60 ، عن تفسير العياشي 1: 260.
[177]المصدر ، عن اُصول الكافي 1: 423.
[178]البحار 24: 63 ، عن اُصول الكافي 1: 427.
[179]البحار 24: 65.
[180]البحار 24: 71 ، باب 20 أ نّهم (عليهم السلام) النجوم والعلامات ، وفيه بعض غرائب التأويل فيهم صلوات الله عليهم وفي أعدائهم ، وفي الباب 32 رواية.
[181]المصدر: 72 ، عن تفسير القمّي: 727.
[182]البحار 24: 73 ، وقد تحدّثت بالتفصيل عن هذا الموضوع عن الظالمين وأئمة الجور الذين استبدّوا بالأمر دون آل الرسول وغصبوا حقوقهم ولا بدّ من البراءة منهم ، في ( هذه هي البراءة ) ، فراجع.
[183]المصدر: 85 ، الباب 21 أ نّهم (عليهم السلام) حبل الله المتين والعروة الوثقى وأ نّهم آخذون بحجزة الله ، وفي الباب 9 روايات ، وقد تحدّثت بالتفصيل عن حبل الله في ( السرّ في آية الاعتصام ) ، وهو مطبوع ، فراجع.
[184]البحار 24: 87 ، باب أ نّهم (عليهم السلام) الصائمون المسبّحون وصاحب المقام المعلوم وحملة عرش الرحمان وأ نّهم السفرة الكرام البررة ، وفي الباب 11 رواية.
[185]حديث الثقلين ، البحار 24: 75 ، رواية 11.
[186]حول العرش 24: 87 .
[187]البحار 24: 95 ، الباب 25 أ نّهم (عليهم السلام) الناس ، وفي الباب 3 روايات.
[188]المصدر: 105 ، عن كنز الفوائد: 393.
[189]المصدر: 106 ، عن الكنز: 393.
قال العلاّمة المجلسي في بيان الخبر الشريف: لعلّه (عليه السلام) على تأويلهم (عليهم السلام)إنّما استعير اسم التين للحسن (عليه السلام) لكونه من ألذّ الثمار وأطيبها ، وروي أ نّه من ثمار الجنّة ، وهي كثيرة المنافع والفوائد ، وهو (عليه السلام) من ثمار الجنّة لتولّده منها ، وبعلومه وحكمه تتغذّى وتتقوّى أرواح المقرّبين ، واسم الزيتون للحسين (عليه السلام) ، لأ نّه فاكهة وإدام ودواء وله دهن مبارك لطيف ، وهو (عليه السلام)ثمرة فؤاد المقرّبين وعلومه قوت قلوب المؤمنين وبنور أولاده الطاهرين اهتدى جميع المهتدين وقد مثّل الله نوره بأنوارهم كما شاع في أخبارهم ، واسم الطور لأمير المؤمنين (عليه السلام)إمّا لأ نّه صاحبه ، إذ بيّن الله فضله (عليه السلام) وفضل أولاده وشيعته لموسى (عليه السلام) عليه ، أو لتشبيهه له في رزانته في أمر الدين وثباته في الحقّ وعلوّ قدره ، كما خاطبه الخضر (عليه السلام)بقوله: «كنت كالجبل لا تحرّكه العواصف» أو لكونه وتداً للأرض به تستقرّ ، كما أنّ الجبال أوتاد لها ، كما روي (أ نّه (عليه السلام) زرّ الأرض الذي تسكن إليه) أو لكونه مهبطاً لأنوار الله وتجلّياته وإفاضاته ، كما إنّ ذلك الجبل كان كذلك ، أو لأ نّه (عليه السلام) تولّد منه الحسنان (عليهما السلام) ، كما نبتت من الطور شجرتان وفسّر البلد الأمين بمكّة ، وإنّما عبّر عن النبيّ (صلى الله عليه وآله)بها لكونه صاحب مكّة ، شرّفها أو لكونه لشرفه بين المقرّبين والمقدّسين كمكّة بين سائر الأرضين ، أو لأ نّه (عليه السلام) من آمن به وبأهل بيته فهو آمن من الضلالة في الدنيا والعذاب في الآخرة ، كما إنّ من دخل مكّة فهو آمن ، وقد قال (صلى الله عليه وآله): «أنا مدينة العلم وعليّ بابها» ويمكن إجراء مثل ما ذكرنا فيما رواه علي بن إبراهيم ، وإن كان التشبيه في غيرها أتمّ ، وأمّا تأويل الإنسان بالأوّل فيحتمل أن يكون سبباً لنزول الآية ، أو لأ نّه أكمل أفرادها ومصداقها في ظهور تلك الشقاوة فيه ، وكونه سبباً لشقاوة غيره ، كما أنّ تأويل ( إلاّ الَّذينَ آمَنوا ) بأمير المؤمنين (عليه السلام) لكونه مورد نزوله ويكون الجمع للتعظيم أو لدخول سائر الأئمة (عليهم السلام)فيه . انتهى كلامه رفع الله مقامه[190].
195 ـ عن سورة بن كليب عن أبي جعفر (عليه السلام)قال: نحن المثاني التي أعطاها الله نبيّنا ، ونحن وجه الله ، نتقلّب في الأرض بين أظهركم ، عرفنا من عرفنا وجهلنا من جهلنا ، من عرفنا أمامه اليقين ، ومن جهلنا أمامه السعير[191].
أقول: وجه الله بمعنى أنّ الأولياء إنّما يتوجّهون إلى الله سبحانه بهم ، أو أنّ الوجه في الإنسان هو الذي يعرّفه ، فكذلك الأئمة بهم يعرف الله سبحانه ، فهم وجه الله.
196 ـ بصائر الدرجات بسنده عن عبد الرحمان يعني ابن كثير قال: حججت مع أبي عبد الله (عليه السلام) فلمّـا صرنا في بعض الطريق صعد على جبل فأشرف فنظر فقال: ما أكثر الضجيج وأقلّ الحجيج ؟ فقال له داود الرقّي: يا ابن رسول الله هل يستجيب الله دعاء هذا الجمع الذي أرى ؟ قال: ويحك يا سليمان ، إنّ الله لا يغفر أن يشرك به الجاحد لولاية علي (عليه السلام)كعابد وثن ، قال: قلت: جعلت فداك ، هل تعرفون محبّكم ومبغضكم ؟ قال: ويحك يا سليمان ، إنّه ليس من عبد يولد الاّ كتب بين عينيه مؤمن أو كافر ، وإنّ الرجل ليدخل إلينا بولايتنا ، وبالبراءة من أعدائنا ، فنرى مكتوباً بين عينيه مؤمن أو كافر ، قال الله عزّ وجلّ: ( إنَّ في ذلِكَ لآيات لِلـْمُتَوَسِّمينَ ) نعرف عدوّنا من وليّنا[192].
197 ـ عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالى: ( ضَرَبَ اللهُ مَثَلا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَة طَيِّبَة أصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها في السَّماءِ ) ، قال: يعني النبيّ (صلى الله عليه وآله) والأئمة من بعده ، هم الأصل الثابت والفرع الولاية لمن دخل فيها[193].
قال العلاّمة المجلسي في بيان الحديث: قوله: «والفرع الولاية» أي هم أصل الشجرة وفرعها ولاية من دخل في أصل الشجرة فمن تعلّق بالفرع وصل إلى الأصل ورفع إلى السماء ، ويحتمل أن يكون قوله: الولاية ، استئنافاً للكلام ، فالمعنى هم أصل الشجرة وفرعها ، والولاية واجبة ولازمة لمن دخل فيها.
198 ـ روى العياشي بإسناده عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام)أ نّه قال: والذي نفسي بيده ليفترقنّ هذه الاُمّة على ثلاث وسبعين فرقة كلّها في النار إلاّ فرقة ( وَمِمَّنْ خَلَقْنا اُمَّةٌ يَهْدونَ بِالحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلونَ ) فهذه التي تنجو[194].
أقول: لقد ورد هذا المعنى وهذا الإخبار عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)أيضاً ، كما تحقّق ذلك واختلفت الاُمّة وافترقت ، إلاّ أ نّه كما ذكرنا تكراراً ومراراً على الرسول من باب اللطف أن يبيّن الفرقة الناجية وقد فعل بما اُمر به من التبليغ في غدير خم وحديث الثقلين وحديث السفينة والدار والطائر وغيرها بالمئات في مواطن عديدة ، إنّ الفرقة الناجية هي المتمسّكة بحبل الله ، بالقرآن الكريم وعترة الرسول الأكرم (عليهم السلام) وهم الأئمة بالحقّ يهدون إلى الحقّ ، فمن تبعهم ووالاهم فهو منهم ويكون من الناجين ، ومن تخلّف عنهم وتركهم فهو من الهالكين ، وقليل من عبادي الشكور ، وأكثرهم كالأنعام بل أضلّ سبيلا.
199 ـ عن الفضيل عن أبي جعفر (عليه السلام): ( إنَّ هذا القُرْآنَ يَهْدي لِلَّتي هِيَ أقْوَمُ ) ، قال: يهدي إلى الولاية[195].
فيا ترى أيّ الفريقين أحقّ بالاتّباع والاقتداء ، أئمة الضلال أو أئمة الحقّ ، أفمن يهدي إلى الحقّ أمّن لا يهدي إلاّ أن يُهدى ؟
200 ـ في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر (عليه السلام)في قوله: ( أفَمَنْ يَهْدي إلى الحَقِّ أحَقُّ أنْ يُتَّبَعَ أ مَّنْ لا يَهْدي إلاّ أنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمونَ ) فأمّا من يهدي إلى الحقّ فهو محمّد وآل محمّد من بعده ، وأمّا من لا يهدي إلاّ أن يُهدى فهو من خالف من قريش وغيرهم أهل بيته من بعده[196].
قال العلاّمة المجلسي (قدس سره): هذه الآية من أعظم الدلالة على إمامة أئمّتنا (عليهم السلام)لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ، للاتّفاق على فضلهم ، وكونهم في كلّ زمان أعلم أهل زمانهم ، لا سيّما أمير المؤمنين (عليه السلام) ، فإنّ أعلميّته أشهر من أن ينكر.
أقول: فكيف لأتباع الرجل القائل: (أقيلوني أقيلوني ولست بخير منكم وفيكم أبو الحسن) ومن قال: (لولا عليّ لهلك عمر) ـ سبعين مرّة ـ ، و (لا معضلة ليس لها أبو الحسن (عليه السلام)) ! وأمير المؤمنين (عليه السلام)يقول: «سلوني قبل أن تفقدوني ، فإنّي أعرف بطرق السماء منكم بطرق الأرض» ، فما لكم كيف تحكمون ؟ ! ( اُولـئِكَ الَّذين هَدى اللهُ فَبِهُداهُمْ اقْتَدِهْ ) ، و ( الحَمْدُ للهِ الَّذي هَدانا لِهذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أنْ هَدانا اللهُ ).
201 ـ الكافي بسنده عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام)في قول الله عزّ وجلّ: ( وَقالوا الحَمْدُ للهِ الَّذي هَدانا لِهذا وَما كُنَّا لِنَهْتَديَ لَوْلا أنْ هَدانا اللهُ ) ، قال: إذا كان يوم القيامة دعي بالنبي (صلى الله عليه وآله) وبأمير المؤمنين وبالأئمة من ولده (عليهم السلام) فينصبون للناس ، فإذا رأتهم شيعتهم قالوا: ( الحَمْدُ للهِ الَّذي هَدانا لِهذا وَما كُنَّا لِنَهْتَديَ لَوْلا أنْ هَدانا اللهُ ) يعني إلى ولايتهم[197].
202 ـ وعن عليّ بن عبد الله قال: سأل أبا عبد الله (عليه السلام)رجلٌ عن قوله تعالى: ( فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى ) ، قال: من قال بالأئمة (عليهم السلام)واتّبع أمرهم ولم يحز عن طاعتهم[198].
203 ـ وعن جابر الجعفي عن أبي جعفر (عليه السلام)في قوله تعالى: ( وَإنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى )قال: إلى ولايتنا[199] . وفي خبر آخر: إلى ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام).
فروح الهداية وأساسها وأصلها هي الولاية ، فلولاها لحبطت الأعمال ولشقي الإنسان وخسر الدنيا والآخرة ، وذلك هو الخسران المبين.
204 ـ وعن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالى: ( ثُمَّ اهْتَدى ) إلى ولايتنا أهل البيت ، فوالله لو أنّ رجلا عبد الله عمره ما بين الركن والمقام ، ثمّ مات ولم يجيء بولايتنا لأكبّه الله في النار على وجهه . رواه الحاكم أبو القاسم الحسكاني بإسناده ، أورده العياشي في تفسيره من عدّة طرق[200].
205 ـ عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالى: ( فَسَتَعْلَمونَ مَنْ أصْحابُ الصِّراطِ السَّويِّ وَمَنِ اهْتَدى ) قال عليّ صاحب الصراط السويّ ومن اهتدى أي إلى ولايتنا أهل البيت (عليهم السلام).
206 ـ فهلمّ لندخل روحاً وقلباً وعقلا وعملا وسلوكاً وعقيدةً وحياة في ولاية أمير المؤمنين بسلام آمنين ، فعن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام)يقول: ( يا أ يُّها الَّذينَ آمَنوا ادْخُلوا في السِّلـْمِ كافَّةً وَلا تَتَّبِعوا خُطواتِ الشَّيْطانِ ) ، قال: أتدري ما السلم ؟ قال: قلت: أنت أعلم ، قال: ولاية علي والأئمة الأوصياء من بعده (عليهم السلام) ، قال: وخطوات الشيطان ، والله ولاية فلان وفلان[201].
207 ـ عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله عزّ وجلّ: ( أفَمَنْ وَعَدْناهُ وَعْداً حَسَناً فُهوَ لاقيهِ ) قال: الموعود علي بن أبي طالب (عليه السلام)وعده الله أن ينتقم له من أعدائه في الدنيا ، ووعده الجنّة له ولأوليائه في الآخرة[202].
208 ـ عن الإمام الكاظم (عليه السلام) في قوله تعالى: ( وَلَوْ أنَّ ما في الأرْضِ مِنْ شَجَرَة أقْلامٌ وَالبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أبْحُر ما نَفَدَتْ كَلِماتُ اللهِ إنَّ اللهَ عَزيزٌ حَكيمٌ ) نحن الكلمات التي لا تدرك فضائلنا ولا تستقصى[203].
209 ـ عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام)قال: وقال لأعداء الله أولياء الشيطان
أهل
التكذيب والإنكار ( قُلْ ما أسْألُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أجْر
وَما أنا مِنَ المُتَكَلِّفينَ ) يقول متكلّفاً أن
أسألكم ما لستم بأهله ، فقال المنافقون عند ذلك بعضهم لبعض: أما
يكفيى محمّداً أن يكون قهرنا عشرين سنة حتّى يريد أن يحمل أهل بيته على
رقابنا ، ولئن قتل محمّد أو مات لننزعنّها من أهل بيته ، ثمّ لا نعيدها
فيهم أبداً ، وأراد الله عزّ ذكره أن يعلم نبيّه (صلى الله عليه وآله) الذي
أخفوا في صدورهم وأسرّوا به فقال في كتابه عزّ وجلّ: ( وَيَمْحُ
اللهُ الباطِلَ وَيُحِقُّ الحَقَّ بِكَلِماتِهِ )يقول: الحقّ لأهل بيتك والولاية ( إنَّهُ
عَليمٌ بِذاتِ الصُّدورِ ) يقول:
بما ألقوه في صدورهم من العداوة لأهل بيتك والظلم بعدك[204].
210 ـ عن مالك بن عبد الله قال: قلت لمولاي الرضا (عليه السلام)قوله تعالى: ( وَألـْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى ) قال: هي ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام).
فكلمة التقوى في القرآن الكريم الذي ألزمها الله سبحانه المتّقين هي الولاية وبها تقبل الأعمال الصالحة وترفع إلى الله سبحانه.
211 ـ عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالى: ( إلَيْهِ يَصْعَدُ الكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعَهُ ) قال: ولايتنا أهل البيت وأهوى بيده إلى صدره ، فمن لم يتولّنا لم يرفع الله له عملا.
أجل هذه هي الولاية وآثارها الخالدة ، ولا بدّ لكلّ مؤمن معتقد أن يحافظ عليها ويراعيها في كلّ شؤونها ، فإنّ لها حرمة لا يجوز هتكها والتقصير في حقّها فإنّ ذلك يوجب الهلاك والخسران.
212 ـ عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إنّ لله حرمات ثلاث: من حفظهنّ حفظ له أمر دينه ودنياه ، ومن لم يحفظهنّ لم يحفظ الله له شيئاً: حرمة الإسلام وحرمتي وحرمة عترتي[205].
213 ـ عن جابر قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله)يقول: يجيء يوم القيامة ثلاث يشكون: المصحف والمسجد والعترة ، يقول المصحف: يا ربّ ، حرّفوني ومزّقوني ، ويقول المسجد: يا ربّ ، عطّلوني وضيّعوني ، ويقول العترة: يا ربّ ، قتلونا وطردونا وشرّدونا ، فأجثو للركبتين للخصومة فيقول الله جلّ جلاله لي: أنا أولى بذلك[206].
214 ـ عن الإمام موسى بن جعفر عن أبيه (عليهما السلام)في قول الله عزّ وجلّ: ( وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ ) ، قال: هي ثلاث حرمات واجبة ، فمن قطع منها حرمة فقد أشرك بالله: الاُولى انتهاك حرمة الله في بيته الحرام ، والثانية تعطيل الكتاب والعمل بغيره ، والثالثة قطيعة ما أوجب الله من فرض مودّتنا وطاعتنا[207].
215 ـ فهذه هي الولاية المفروضة التي أوجبها الله سبحانه ، ويسأل عنها عباده ، عن أبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام)عن أبيه في قول الله جلّ وعزّ: ( وَأوْفوا بِالعَهْدِ إنَّ العَهْدَ كانَ مَسْؤولا وَأوْفوا الكَيْلَ إذا كِلـْتُمْ وَزِنوا بِالقِسْطاسِ المُسْتَقيمِ ) ، قال: العهد ما أخذ النبيّ (صلى الله عليه وآله) على الناس في مودّتنا وطاعة أمير المؤمنين أن لا يخالفوه ولا يتقدّموه ولا يقطعوا رحمه ، وأعلمهم أ نّهم مسؤولون عنه وعن كتاب الله جلّ وعزّ ، وأمّا القسطاس فهو الإمام ، وهو العدل من الخلق أجمعين ، وهو حكم الأئمّة قال الله جلّ وعزّ: ( ذلِكَ خَيْرٌ وَأحْسَنُ تَأويلا ) قال الله: هو أعرف بتأويل القرآن وما يحكم ويقضي[208].
216 ـ عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله تعالى: ( خُذِ العَفْوَ وَأمُرْ بِالمَعْروفِ وَأعْرِضْ عَنِ الجاهِلينَ ) قال: يعني بالولاية.
217 ـ وفي قوله تعالى: ( إنَّ اللهَ يَأمُرُ بِالعَدْلِ وَالإحْسانِ وَيَنْهى عَنِ الفَحْشاءِ وَالمُنْكَرِ وَالبَغْيِ ) عن أبي جعفر (عليه السلام)قال: العدل شهادة أن لا إله إلاّ الله والإحسان ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)والفحشاء الأوّل والمنكر الثاني والبغي الثالث.
218 ـ وفي قوله تعالى: ( أنْ تَقولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتا عَلى ما فَرَّطْتُ في جَنْبِ اللهِ وَإنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرينَ ) قال الإمام الرضا (عليه السلام): ( في جَنْبِ اللهِ ) في ولاية علي (عليه السلام).
219 ـ عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) لأبي ذرّ: يا أبا ذرّ يؤتى بجاحد عليّ يوم القيامة أعمى أبكم ، يتكبكب في ظلمات يوم القيامة ، ينادي يا حسرتا على ما فرّطت في جنب الله[209].
220 ـ عن الصادق (عليه السلام) في قوله تعالى: ( يا حَسْرَتا عَلى ما فَرَّطْتُ في جَنْبِ اللهِ ) يعني في ولاية علي (عليه السلام) . وفي خبر آخر: ولاية محمّد وآل محمّد صلوات الله عليهم أجمعين.
221 ـ عن سلام بن المستنير قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام)عن قول الله عزّ وجلّ ( كُلُّ شَيْء هالِكٌ إلاّ وَجْهُهُ ) قال: نحن والله وجهه الذي قال ، ولن نهلك إلى يوم القيامة بما أمر الله به من طاعتنا وموالاتنا ، فذلك والله الوجه الذي هو قال: كلّ شيء هالك إلاّ وجهه ، وليس منّا ميّت يموت إلاّ وخلفه عاقبة منه إلى يوم القيامة.
222 ـ عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله عزّ وجلّ: ( يَوْمَ لا يُغْني مَوْلىً عَنْ مَوْلىً شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرونَ إلاّ مَنْ رَحِمَ اللهُ )قال: نحن والله الذين رحم الله والذين استثنى والذين تغني ولايتنا[210].
فالغناء والسعادة والرحمة في ولاية أهل البيت (عليهم السلام) ، لا في ولاية فلان وفلان ، فإنّ ولاية الطغاة ولاية الشيطان ، وولاية أئمّة الحقّ ولاية الرحمن.
223 ـ عن جابر بن يزيد قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام)عن قول الله عزّ وجلّ: ( الَّذينَ يَحْمِلونَ العَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ ) قال: يعني الملائكة ( يُسَبِّحونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرونَ لِلَّذينَ آمَنوا ) يعني شيعة محمّد وآل محمّد ( رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْء رَحْمَةً وَعِلـْماً فَاغْفِرْ لِلَّذينَ تابوا ) من ولاية الطواغيت الثلاثة ومن بني اُميّة ( وَاتَّبَعوا سَبيلَكَ ) يعني ولاية علي (عليه السلام) وهو السبيل ، وقوله تعالى: ( وَقِهِمُ السَّيِّئاتِ )يعني الثلاثة ( وَمَنْ تَقِ السَّيِّئاتِ يَوْمَئِذ فَقَدْ رَحِمْتَهُ ) وقوله تعالى: ( إنَّ الَّذينَ كَفَروا ) يعني بني اُميّة ( يُنادَونَ لَمَقْتُ اللهِ أكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أنْفُسَكُمْ إذْ تُدْعَوْنَ إلى الإيْمانِ ) يعني إلى ولاية علي (عليه السلام) وهي الإيمان ( فَتَكْفُرونَ )[211].
أقول: من تمام الولاية البراءة ، فلا براءة بلا ولاية ولا ولاية بلا براءة ، والنزاع بين الحقّ والباطل من اليوم الأوّل منذ خلق الله الخلق ، فكان بين آدم والشيطان ، وبين هابيل وقابيل وفرعون وموسى وهكذا إلى اليوم الموعود ، وكلّ واحد لا بدّ أن يرى نفسه في أيّ المعسكرين: معسكر الحقّ أو معسكر الباطل ، وفي أي الولايتين: ولاية الرحمن أو ولاية الشيطان ، وإنّما تتمثّل ولاية الله في ولاية الأنبياء وأوصيائهم ، في ولاية أمير المؤمنين علي (عليه السلام) وأهل بيته المعصومين (عليهم السلام) ، كما أنّ ولاية الشيطان تتجسّد في ولاية الظالمين أعداء أمير المؤمنين ، فلا إيمان بلا رفض كما في كلمة التوحيد ، فلا بدّ من رفض جميع الآلهة ثمّ الإيمان بالله سبحانه (لا إله إلاّ الله) وكذلك النبوّة والإمامة ، فلا بدّ من رفض إمامة أئمة الضلال والجور والفسوق ، حتّى تتمّ إمامة أئمة الحقّ والعدل والإحسان ، وهذا جار في الثقلين الجنّ والإنس ، بل حتّى الملائكة.
فعن حمّـاد عن أبي عبد الله (عليه السلام)أ نّه سئل هل الملائكة أكثر أم بنو آدم ؟ فقال: والذي نفسي بيده لملائكة الله في السماوات أكثر من عدد التراب في الأرض ، وما في السماء موضع قدم إلاّ وفيها ملك يسبّحه ويقدّسه ، ولا في الأرض شجرة ولا مدر إلاّ وفيها ملك موكّل بها يأتي الله كلّ يوم بعلمها ، والله أعلم بها ، وما منهم أحد إلاّ ويتقرّب كلّ يوم إلى الله بولايتنا أهل البيت ويستغفر لمحبّينا ، ويلعن أعداءنا ، ويسأل الله أن يرسل عليهم العذاب إرسالا[212].
ومن هذا المنطلق على كلّ واحد منّا أن يتواصى بالحقّ والصبر ، أي بالولاية.
224 ـ عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالى: ( إلاّ الَّذينَ آمَنوا وَعَمِلوا الصَّالِحاتِ وَتَواصَوْا بِالحَقِّ وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ )فقال: استثنى أهل صفوته من خلقه حيث قال ( إنَّ الإنْسانَ لَفي خُسْر إلاّ الَّذينَ آمَنوا )يقول: آمنوا بولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)( وَتَواصَوْا بِالحَقِّ ) ذرّياتهم ومن خلّفوا بالولاية ( وَتَواصَوْا )بها وصبروا عليها[213] . وفي خبر آخر: ( وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ ) أي وصّوا ذراريهم ومن خلّفوا من بعدهم بالولاية وبالصبر عليها.
225 ـ عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالى: ( إنَّ في ذلِكَ لآيات لِكُلِّ صَبَّار شَكور ) قال: صبّار على ما نزل به من شدّة أو رخاء ، صبور على الأذى فينا ، شكور لله على ولايتنا أهل البيت.
226 ـ ولاية الأئمة ولاية الله ، فإنّه سبحانه في مواضع من كتابه قرنهم به وخلطهم بنفسه ، كالإطاعة فلمّـا أمر بطاعته بقوله تعالى: ( أطيعوا اللهَ ) خلط طاعته بطاعة رسوله واُولي الأمر من خلفائه وأوصيائه وكذلك معصيتهم معصية الله وظلمهم ظلم الله.
عن أبي الحسن الماضي (عليه السلام)في قوله تعالى: ( وَما ظَلَمونا وَلـكِنْ كانوا أنْفُسَهُمْ يَظْلِمونَ ) إنّ الله أعزّ وأمنع من أن يُظلم ، وأن ينسب نفسه إلى ظلم ، ولكنّ الله خلطنا بنفسه فجعل ظلمنا ظلمه ، وولايتنا ولايته[214].
227 ـ ولا يخفى أنّ الولاية رحمة وبركة ولها من آثارهما ما لا يعدّ ولا يحصى ، إلاّ أ نّها فتنة أيضاً وميزان بين الحقّ والباطل ، فكلّ الناس يبتلون بها ويفتنون ، حتّى يتميّز الخبيث الكاذب من الطيّب الصادق ، هكذا أراد الله لعباده واقتضت حكمته ، وإنّه عليم حكيم يسأل ولا يُسأل ، وما الله بغافل عمّـا يعمل الظالمون.
عن سماعة عن أبي عبد الله (عليه السلام)قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذات ليلة في المسجد ، فلمّـا كان قرب الصبح دخل أمير المؤمنين (عليه السلام) ، فناداه رسول الله (صلى الله عليه وآله)فقال: يا عليّ ، قال: لبّيك ، قال: هلمّ إليّ ، فلمّـا دنا منه قال: يا عليّ بت الليلة حيث تراني فقد سألت ربّي ألف حاجة فقضاها لي ، وسألت لك مثلها فقضاها ، وسألت لك ربّي أن يجمع لك اُمّتي من بعدي فأبى عليّ ربّي فقال: ( ألم أحَسِبَ النَّاسُ أنْ يُتْرَكوا أنْ يَقولوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنونَ )[215] . وفي خبر آخر: ( وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذينَ صَدَقوا )قال: عليّ وأصحابه . ( وَلَيَعْلَمَنَّ الكاذِبينَ )أعداؤه.
228 ـ عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالى: ( وَما ظَلَمْناهُمْ وَلـكِنْ كانوا هُمُ الظَّالِمينَ ) قال: وما ظلمناهم بتركهم ولاية أهل بيتك ولكن كانوا هم الظالمين[216].
229 ـ إنّما يأمن من رجع إلى أهل البيت (عليهم السلام)وآمن بولايتهم وطاعتهم ومودّتهم ، وأخذ عنهم أحكامه وشرائعه ودينه ، أمّا غير هذا فلا يكون آمناً ، بل طلب الهداية من غيرهم (عليهم السلام)مساوق لإنكارهم ، وإنكارهم كفر وشرك ، وإنّ الشرك لظلم عظيم . وما المشركون إلاّ في أسفل درك من الجحيم.
عن الرضا (عليه السلام)عن أبيه عن جدّه جعفر (عليهم السلام) قال: دخل علي أبي بعض من يفسّر القرآن فقال له: أنت فلان ؟ وسمّـاه باسمه قال: نعم ، قال: أنت الذي تفسّر القرآن ؟ قال: نعم . قال: فكيف تفسّر هذه الآية: ( وَجَعَلـْنا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ القُرى الَّتي بارَكْنا فيها قُرىً ظاهِرَةً وَقَدَّرْنا فيها السَّيْرَ سيروا فيها لَياليَ وَأ يَّاماً آمِنينَ ) ، قال: هذه بين مكّة ومنى ، فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): أيكون في هذا الموضع خوف وقطيع ؟ قال: نعم . قال: فموضع يقول الله: أمن يكون فيه خوف وقطع ؟ قال: فما هو ؟ قال: ذاك نحن أهل البيت ، قد سمّـاكم الله ناساً ، وسمّـانا قرىً . قال: جعلت فداك ، أوجدني هذا في كتاب الله إنّ القرى رجال ، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): أليس الله تعالى يقول: ( وَاسْألِ القَرْيَةَ الَّتي كُنَّا فيها وَالعيرَ الَّتي أقْبَلـْنا فيها ) فللجدران والحيطان السؤال أم الناس ؟ وقال تعالى: ( وَإنْ مِنْ قَرْيَة إلاّ نَحْنُ مُهْلِكوها قَبْلَ يَوْمِ القِيامَةِ أوْ مُعَذِّبوها عَذاباً شَديداً ) فمن المعذّب: الرجال أم الجدران والحيطان ؟[217]
230 ـ الكافي بسنده عن زيد الشحّام قال: دخل قتادة بن دعامة على أبي جعفر (عليه السلام)فقال: يا قتادة أنت فقيه أهل البصرة ؟ فقال: هكذا يزعمون . فقال أبو جعفر (عليه السلام): بلغني أ نّك تفسّر القرآن . قال له قتادة: نعم . فقال له أبو جعفر (عليه السلام) : بعلم تفسّره أم بجهل ؟ قال: لا ، بعلم . فقال له أبو جعفر (عليه السلام): فإن كنت تفسّره بعلم فأنت أنت ، وأنا أسألك . قال قتادة: سل . قال: أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ في سبأ: ( وَقَدَّرْنا فيها السَّيْرَ سيروا فيها لَياليَ وَأ يَّاماً آمِنينَ ) فقال قتادة: ذلك من خرج من بيته بزاد وراحلة وكراء حلال يريد هذا البيت كان آمناً حتّى يرجع إلى أهله ، فقال أبو جعفر (عليه السلام): نشدتك الله يا قتادة هل تعلم أ نّه قد يخرج الرجل من بيته بزاد وراحلة وكراء حلال يريد هذا البيت فيقطع عليه الطريق فتذهب نفقته ويضرب مع ذلك ضربة فيها اجتياحه ؟ قال قتادة: اللهمّ نعم . فقال أبو جعفر (عليه السلام) : ويحك يا قتادة ، إن كنت إنّما فسّرت القرآن من تلقاء نفسك فقد هلكت وأهلكت ، وإن كنت قد أخذته من الرجال فقد هلكت وأهلكت ، ويحك يا قتادة ، ذلك من خرج من بيته بزاد وراحلة وكراء حلال يوم هذا البيت عارفاً بحقّنا يهوانا قلبه ، كما قال الله عزّ وجلّ: ( فَاجْعَلْ أفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوي إلَيْهِمْ ) ولم يعنِ البيت فيقول (إلَيْهِ) فنحن والله دعوة إبراهيم (عليه السلام)التي من هوانا قلبه قبلت حجّته ، وإلاّ فلا ، يا قتادة فإذا كان كذلك كان آمناً من عذاب جهنّم يوم القيامة ، قال قتادة: لا جرم والله ولا فسّرتها إلاّ هكذا ، فقال أبو جعفر (عليه السلام): ويحك يا قتادة ، إنّما يعرف القرآن من خوطب به[218].
231 ـ ولمثل هذه التفاسير والتأويلات في القرآن الكريم التي لا يعلمها إلاّ الراسخون في العلم أئمة الحقّ والدين ، لا بدّ أن نرجع إليهم فإنّهم أعرف بالقرآن من غيرهم ، وإنّما يعرف القرآن من نزل في بيته وخوطب به ، وفي بيوتهم نزل الكتاب ، ومن تفسيره الكريم ما جاء بيانه في عدّة الشهور بأ نّها اثنا عشر شهراً ذلك الدين القيّم ، وهذا يعني معرفة هذه الشهور من حقيقة الدين ، ولا يكفي أن يقال معرفة الشهور يعني محرّم وصفر وما شابه ، فهذا ما يعرفه الكثير وليس من الدين القيّم ، كما أشار إلى هذا المعنى الإمام الباقر (عليه السلام) في حديث قائلا: ومعرفة الشهور المحرّم وصفر وربيع وما بعده والحرم منها رجب وذو القعدة وذو الحجّة والمحرّم وذلك لا يكون ديناً قيّماً ، لأنّ اليهود والنصارى والمجوس وسائر الملل والناس جميعاً من الموافقين والمخالفين يعرفون هذه الشهور ويعدّونها بأسمائها ، وليس هو كذلك ، وإنّما عنى بهم الأئمّة القوّامين بدين الله ، إلاّ أن نقول كما ورد في الأخبار الصادرة عن أهل بيت العصمة والوحي.
عن جابر الجعفي قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن تأويل الله عزّ وجلّ: ( إنَّ عِدَّةَ الشُّهورِ عِنْدَ اللهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً في كِتابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالأرْضَ أربْعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ فَلا تَظْلِموا فيهُنَّ أنْفُسَكُمْ )قال: فتنفّس سيّدي الصعداء ، ثمّ قال: يا جابر أمّا السنة فهي جدّي رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وشهورها اثنا عشر شهراً فهو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ومن بعده من الأئمة حتّى يصل إليّ ، وإلى ابني جعفر وابنه موسى وابنه علي وابنه محمّد وابنه عليّ وإلى ابنه الحسن وإلى ابنه محمّد الهادي المهدي اثنا عشر إماماً حجج الله في خلقه واُمناؤه على وحيه وعلمه ، والأربعة الحرم الذين هم الدين القيّم أربعة منهم يخرجون باسم واحد: عليّ أمير المؤمنين (عليه السلام) وأبي علي ابن الحسين وعلي بن موسى وعلي بن محمّد ، فالإقرار بهؤلاء هو الدين القيّم ( فَلا تَظْلِموا فيهِنَّ أنْفُسَكُمْ ) أي قولوا بهم جميعاً تهتدوا[219].
فالهداية في ولايتهم والإيمان والإقرار بهم ذلك الدين القيّم ، ومن تركهم ولم يركب سفينتهم فإنّه ظلم نفسه وأغرقها وأهلكها ، وهذا مصير من اتّخذ وليجة دون الأئمة (عليهم السلام)من الرجال.
232 ـ عن أبان قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام)يقول: يا معشر الأحداث ـ أي الشباب ـ اتّقوا الله ولا تأتوا الرؤساء ، دعوهم حتّى يصيروا أذناباً ، لا تتّخذوا الرجال ولائج من دون الله ، إنّا والله إنّا والله خير لكم منهم ، ثمّ ضرب بيده إلى صدره[220].
233 ـ أبو الصباح الكناني قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): يا أبا الصباح إيّاكم والولائج ، فإنّ كلّ وليجة دوننا فهي طاغوت ، أو قال: ندّ.
234 ـ وفي رواية أبي جارود عن أبي جعفر (عليه السلام)في قوله تعالى: ( وَلَمْ يَتَّخِذوا مِنْ دونِ اللهِ وَلا رَسولِهِ وَلا المُؤْمِنينَ وَليجَةً ) يعني بالمؤمنين آل محمّد[221].
فلا بطانة ولا وليجة دون الأئمة الأطهار (عليهم السلام) وهذا معنى الولاية ، فمن دخل بيوتهم أمن في الدنيا والآخرة.
235 ـ عن بريد عن أبي عبد الله (عليه السلام)قال: الأعراف كثبان بين الجنّة والنار ، والرجال الأئمّة (عليهم السلام) ، يقفون على الأعراف مع شيعتهم ، وقد سيق المؤمنون إلى الجنّة بلا حساب ، فيقول الأئمة لشيعتهم من أصحاب الذنوب ، انظروا إلى إخوانكم في الجنّة قد سبقوا إليها بلا حساب ، وهو قول الله تبارك وتعالى: ( سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلوها وَهُمْ يَطْمَعونَ ) ثمّ يقولون لهم: انظروا إلى أعدائكم في النار وهو قوله: ( وَإذا صُرِفَتْ أبْصارُهُمْ تِلـْقاءَ أصْحابِ النَّارِ قالوا رَبَّنا لا تَجْعَلـْنا مَعَ القَوْمِ الظَّالِمينَ وَنادى أصْحابُ الأعْرافِ رِجالا يَعْرِفونَهُمْ بِسيماهُمْ ) في النار فـ ( قالوا ما أغْنى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ ) في الدنيا وما كنتم تستكبرون ، ثمّ يقولون لمن في النار أعداءهم: (هؤلاء شيعتي وإخواني الذين كنتم أنتم تحلفون في الدنيا أن لا ينالهم الله برحمة ، ثمّ يقول الأئمة لشيعتهم ( ادْخُلوا الجَنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أنْتُمْ تَحْزَنونَ ).
236 ـ عن الأصبغ بن نباتة قال: كنت جالساً عند أمير المؤمنين (عليه السلام) فجاءه ابن الكوّا فقال: يا أمير المؤمنين قول الله عزّ وجلّ: ( وَلَيْسَ البِرَّ بِأنْ تَأتوا البُيوتَ مِنْ ظُهورِها وَلـكِنَّ البِرَّ مَنِ اتَّقى وَأتوا البُيوتَ مِنْ أبْوابِها ) فقال: نحن البيوت التي أمر الله أن تؤتى من أبوابها نحن باب الله وبيوته التي يؤتى منه ، فمن بايعنا وأقرّ بولايتنا فقد أتى البيوت من أبوابها ومن خالفنا وفضّل علينا غيرنا فقد أتى البيوت من ظهورها ، فقال: يا أمير المؤمنين ( وَعلى الأعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفونَ كُلاّ بِسيماهُمْ ) فقال عليّ (عليه السلام): فنحن الأعراف نعرف أنصارنا بسيماهم ، ونحن الأعراف الذين لا يعرف الله إلاّ بسبيل معرفتنا ، ونحن الأعراف يوم القيامة بين الجنّة والنار ، فلا يدخل الجنّة إلاّ من عرفنا وعرفناه ، ولا يدخل النار إلاّ من أنكرنا وأنكرناه ، وذلك بأنّ الله عزّ وجلّ لو شاء عرّف الناس نفسه حتّى يعرفوه ويأتوه من بابه ، ولكن جعلنا أبوابه وصراطه وسبيله وبابه الذي يؤتى منه ، قال: فمن عدل عن ولايتنا وفضّل علينا غيرنا فإنّهم ( عَنِ الصَّراطِ لَناكِبونَ )[222].
وفي خبر آخر: ولا سواء من اعتصم الناس به ، ولا سواء من ذهب حيث ذهب الناس ، ذهب الناس إلى عيون كدرة يفرغ بعضها في بعض ، وذهب من ذهب إلينا إلى عين صافية تجري باُمور لا نفاد لها ولا انقطاع.
فيا ترى بعد هذا هل يجوز لنا أن نستخفّ بالولاية ، ونقول لماذا هذا الإصرار عليها ؟
237 ـ عن ابن عباس قال: إنّ لعليّ بن أبي طالب (عليه السلام)في كتاب الله أسماء لا يعرفها الناس ، قال: قلنا: وما هي ؟ قال: أسماء الله في القرآن: مؤذناً وأذاناً ، فأمّا قوله تعالى: ( فَأذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أنَّ لَعْنَةَ اللهِ عَلى الظَّالِمينَ ) فهو المؤذّن بينهم ، يقول: ألا لعنة الله على الذين كذّبوا بولايتي واستخفّوا بحقّي[223].
فلا بدّ من معرفة الولاية وما لها من المقام الشامخ العظيم ، ولا بدّ من معرفة الأئمة الأطهار (عليهم السلام) ، ولا يعذر أحد في ذلك.
238 ـ عن الثمالي قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): لا يعذر الله أحداً يوم القيامة يقول: يا ربّ لم أعلم أنّ ولد فاطمة هم الولاة ، وفي ولد فاطمة أنزل الله هذه الآية خاصّة: ( يا عِبادِ الَّذينَ أسْرَفوا عَلى أنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إنَّ اللهَ يَغْفِرِ الذُّنوبَ جَميعاً إنَّهُ هُوَ الغَفورُ الرَّحيمُ ).
ولكن هناك من يكذّب بالدين بولاية أمير المؤمنين (عليه السلام).
239 ـ قال الإمام الباقر (عليه السلام) في قوله تعالى: ( فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازينُهُ فَاُوْلـئِكَ هُمُ المُفْلِحونَ ) نزلت فينا ، ثمّ قال: قال الله عزّ وجلّ: ( ألَمْ تَكُنْ آياتي تُتْلى عَلَيْكُمْ ) في عليّ (عليه السلام) ( فَكُنْتُمْ بِها تُكَذِّبونَ ).
وإذا أردت أن تعرف من هو المكذّب ؟
240 ـ عن الصدوق بإسناده إلى سليمان الديلمي قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام)لأبي بصير: لقد ذكركم الله عزّ وجلّ في كتابه إذ حكى قول أعدائكم وهم في النار ( وَقالوا ما لَنا لا نَرى رِجالا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الأشْرارِ ) والله ما عنوا ولا أرادوا بها غيركم إذ صبرتم في العالم على شرار الناس ، وأنتم خيار الناس ، وأنتم والله في النار تُطلبون ، وأنتم والله في الجنّة تحبرون.
أقول: ومن أبرز مصاديق هذا الخبر الشريف في عصرنا الراهن ، الفرقة الوهابية ، فإنّهم ـ وهذا ابن الباز شيخهم ـ يتهجّمون على الشيعة الإماميّة بتهم وبهتان وكذب ، ويعدّونهم شرار الناس ، وإنّهم روافض ، والعالم كلّه يعلم أنّ الشيعة من خيار الناس ، وإنّما يرفضون الباطل والظلم على مرّ العصور والأحقاب ، وفي يومنا هذا يرفضون الشياطين كالشيطان الأكبر أمريكا وأذنابها عملاء الاستعمار في المنطقة من الطغاة والجبابرة ، وموعدنا وإيّاهم يوم القيامة عند الميزان والعدل الإلهي وعند الصراط.
[190]البحار 24: 107.
[191]البحار 24: 114 ، الباب 39 أ نّهم (عليهم السلام) السبع المثاني ، وفي الباب 10 روايات.
[192]البحار 24: 124 ، الباب 42 أ نّهم (عليهم السلام) المتوسّمون ويعرفون جميع أحوال الناس عند رؤيتهم ، وفي الباب 21 رواية.
[193]البحار 24: 141 ، الباب 44 أ نّهم (عليهم السلام) الشجرة الطيّبة في القرآن وأعداءهم الشجرة الخبيثة ، وفي الباب 13 رواية.
[194]البحار 24: 144.
[195]البحار 24: 145.
[196]البحار 24: 145 ، الباب 45 أ نّهم (عليهم السلام) الهداية والهدى والهادون في القرآن ، وفي الباب 42 رواية.
[197]البحار 24: 147 ، عن اُصول الكافي 1: 418.
[198]المصدر ، عن المناقب 3: 273.
[199]المصدر نفسه.
[200]) المصدر نفسه ، عن مجمع البيان 7: 23.
[201]البحار 24: 159 ، الباب 47 أنّ السلم الولاية وهم وشيعتهم أهل الاستسلام والتسليم ، وفي الباب 14 رواية.
[202]المصدر نفسه ، الباب 48 أ نّهم خلفاء الله والذين إذا مكّنوا في الأرض أقاموا شرائع الله ، وسائر ما ورد في قيام القائم (عليه السلام) ، وفي الباب 14 رواية.
[203]المصدر ، عن المناقب 3: 508.
[204]البحار 24: 176 ، عن الروضة: 379.
[205]البحار 24: 186 ، الباب 51 أ نّهم (عليهم السلام) حرمات الله ، وفي الباب 6 روايات ، وهذه الرواية من الخصال 1: 71.
[206]) المصدر ، عن الخصال 1: 83 .
[207]المصدر ، عن كنز الفوائد: 171.
[208]المصدر ، الباب 52 أ نّهم (عليهم السلام) وولايتهم العدل والمعروف والإحسان والقسط والميزان وترك ولايتهم وأعداءهم الكفر والفسوق والعصيان والفحشاء والمنكر والبغي ، وفي الباب 14 رواية.
[209]البحار 24: 191 ، الباب 53 أ نّهم (عليهم السلام) جنب الله ووجه الله ويد الله وأمثالها ، وفي الباب 36 رواية.
[210]البحار 2: 305 ، الباب 54 أنّ المرحومين في القرآن هم وشيعتهم (عليهم السلام) ، وفي الباب 9 روايات.
[211]البحار 24: 208 ، الباب 55 ما نزل في أنّ الملائكة يحبّونهم ويستغفرون لشيعتهم ، وفي الباب 8 روايات.
[212]البحار 24: 210 ، عن تفسير القمّي: 583 ، وقد ذكرت تفصيل البراءة واللعن في كتاب ( هذه هي البراءة ) ، فراجع.
[213]البحار 24: 215 ، الباب 57 ما نزل فيهم (عليهم السلام) من الحقّ والصبر والرباط والعسر واليسر ، وفي الباب 22 رواية.
[214]المصدر ، الباب 58 أ نّهم (عليهم السلام) المظلومون وما نزل في ظلمهم ، وفي الباب 37 رواية.
[215]البحار 24: 228 ، عن كنز الفوائد: 220.
[216]المصدر والمرجع.
[217]البحار 24: 235 ، عن كنز الفوائد: 245.
[218]البحار 24: 238 ، عن روضة الكافي: 311.
[219]البحار 24: 240 ، الباب 60 تأويل الأيام والشهور بالأئمة (عليهم السلام) ، وفي الباب 4 روايات.
[220]البحار 24: 246 ، الباب 61 ما نزل من النهي عن اتّخاذ كلّ بطانة ووليجة ووليّ من دون الله وحججه (عليهم السلام) ، وفي الباب 12 رواية.
[221]المصدر ، عن تفسير القمّي: 259.
[222]البحار 24: 249 ، الباب 62 أ نّهم (عليهم السلام) أهل الأعراف الذين ذكرهم الله في القرآن لا يدخل الجنّة إلاّ من عرفهم وعرفوه ، وفي الباب 20 رواية . والرواية عن الاحتجاج: 121.
[223]المصدر ، عن تفسير الفرات: 45.
أليس الصبح بقريب ؟ وهؤلاء القوم أبناء القوم.
241 ـ عن أبي الفحّام عن عمّ أبيه قال: دخل سماعة بن مهران على الصادق (عليه السلام) فقال له: يا سماعة ، من شرّ الناس عند الناس ؟ قال: نحن يا ابن رسول الله ، قال: فغضب حتّى احمرّت وجنتاه ، ثمّ استوى جالساً وكان متّكئاً فقال: يا سماعة ، من شرّ الناس عند الناس ؟ فقلت: والله ما كذبتك يا ابن رسول الله ، نحن شرّ الناس عند الناس ؟ لأ نّهم سمّونا كفّاراً ورافضة ، فنظر إليّ ، ثمّ قال: كيف بكم إذا سيق بكم إلى الجنّة ، وسيق بهم إلى النار فينظرون إليكم فيقولون: ( ما لَنا لا نَرى رِجالا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الأشْرارِ ) ؟ يا سماعة بن مهران ، إنّه من أساء منكم إساءة مشينا إلى الله تعالى يوم القيامة بأقدامنا نشفع فيه فنشفّع ، والله لا يدخل النار منكم عشرة رجال ، والله لا يدخل النار منكم ثلاثة رجال ، والله لا يدخل النار منكم رجل واحد ، فتنافسوا في الدرجات ، وأكمدوا أعداءكم بالورع.
وبهذا علّمنا أئمتنا الأطهار روحي فداهم وعليهم سلام الله وصلواته الزاكيات أبد الآبدين في الليل والنهار إلى قيام يوم الدين أن نتنافس في الدرجات أي في العلم النافع والعمل الصالح ، في الأخلاق الفاضلة ومحاسنها ومكارمها ، نكمد ونغيض أعداءهم بالورع والتقوى والبرّ حتّى يقال: رحم الله جعفراً كيف أدّب أصحابه.
فهلمّ يا إخوتي في الدين والعقيدة إلى مكارم الأخلاق ومحاسنها ، إلى التقوى والإيمان الراسخ والأعمال الصالحة . ونقول لمن خالفنا: موتوا بغضيكم يا كفّار ، هذا ما أتانا الله من فضله ، وهدانا لهذا وما كنّا لولا أن هدانا الله من المهتدين ، وآخر دعوانا يوم القيامة أن الحمد لله ربّ العالمين ، وهذا هو الفوز العظيم ، ولمثل هذا فليعمل العاملون.
242 ـ عن أمير المؤمنين (عليه السلام): أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) تلا هذه الآية: ( لا يَسْتَوي أصْحابُ النَّارِ وَأصْحابُ الجَنَّةِ )فقال: أصحاب الجنّة من أطاعني وسلّم لعليّ بن أبي طالب بعدي وأقرّ بولايته ، وأصحاب النار من أنكر الولاية ، ونقض العهد من بعدي[224].
243 ـ عن أبي عبد الله (عليه السلام)قال: قوله تعالى: ( يَوْمَ يَنْظُرُ المَرْءُ ما قَدَّمَتْ يَداهُ وَيَقولُ الكافِرُ يا لَيْتَني كُنْتُ تُراباً ) يعني علوياً يوالي أبا تراب.
أقول: (أبا تراب) من كنى أمير المؤمنين علي (عليه السلام) ، وقد ورد في الخبر الصحيح عن النبيّ (صلى الله عليه وآله): «أنا وعليّ أبوا هذه الاُمّة» فلا يبعد قوله: ( كُنْتُ تُراباً )أي منسوباً إلى أمير المؤمنين من باب نسبة الاُبوّة والبنوّة وهي من أقرب وأعظم النسب ، فيكون علوياً يوالي في دينه ومعتقداته وسلوكه وعمله أبا تراب علي أمير المؤمنين (عليه السلام) ، ومن لم يوال علياً فقد كفر وخسر ويقول يوم القيامة ( يا لَيْتَني كُنْتُ تُراباً ).
244 ـ عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر (عليه السلام)في حديث وفاة النبيّ (صلى الله عليه وآله) قال النبيّ لعليّ (عليه السلام):
يا أخي ، ألم تسمع قول الله عزّ وجلّ في كتابه ( إنَّ الَّذينَ آمَنوا وَعَمِلوا الصَّالِحاتِ اُوْلـئِكَ هُمْ خَيْرُ البَرِيَّةِ ) ؟ قال: بلى يا رسول الله . قال: هم أنت وشيعتك تجيئون غرّاً محجّلين شباعاً مرويّين ، ألم تسمع قول الله عزّ وجلّ في كتابه: ( إنَّ الَّذينَ كَفَروا مِنْ أهْلِ الكِتابِ وَالمُشْرِكينَ في نارِ جَهَنَّمَ خالِدينَ فيها اُولـئِكَ هُمْ شَرُّ البَرِيَّة ) ؟ قال: بلى يا رسول الله ، قال: هم أعداؤك وشيعتهم يجيئون يوم القيامة مسودّة وجوههم ظماء ومظمئين أشقياء معذّبين كفّاراً منافقين ذاك لك ولشيعتك ، وهذا لعدوّك وشيعتهم.
أقول: قوله (صلى الله عليه وآله): «غرّاً محجّلين شباعاً مرويّين» كناية عن النور الذي في جباههم وأرجلهم أي من رأسهم إلى أقدامهم يحفّهم نور الإيمان والعلم ، فإنّ العلم نور يقذفه الله في قلب من يشاء هدايته إلى ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) ، فيشبع من معارف الله وعلومه ـ فإنّ منهومان لا يشبعان طالب علم وطالب دنيا ـ ألا إنّه يوم القيامة يفاض عليه من العلوم الإلهيّة بواسطة نبيّه الأكرم وأهل بيته الأطهار (عليهم السلام)حتّى يشبع ويرتوي ، فلا يرد المحشر جائعاً ، وعطشاناً ظمآناً ، كما هو حال أعداء أمير المؤمنين (عليه السلام) ، فإنّ وجوههم مسودّة بالذنوب والمعاصي والجهل ، فإنّ الله خلق الجهل من الظلمة كما خلق العقل من النور ـ كما في حديث أوّل ما خلق الله العقل ـ كما أ نّهم ظماء مظمئين أشقياء غير سعداء في الدارين ، ( أمَّا الَّذينَ شَقوا ففي نارِ جَهَنَّم ) معذّبين بنار جهنّم ، كفّاراً بالولاية أي بالنبوّة والتوحيد أيضاً ، فإنّ الولاية خلاصتهما ، منافقين بألسنتهم يظهرون الإسلام ويقولون الشهادتين ، وباطنهم الكفر والشرك ، فقد أشركوا بولاية الحقّ ولاية الباطل من شياطين الجنّ والإنس ، فقالوا بولاية فلان وفلان ونقضوا عهد النبيّ وميثاقه بغدير خمّ وفي مواطن كثيرة ، وهذا بلاغ مبين لمن كان له قلب وألقى السمع وهو شهيد.
245 ـ قال أبو عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالى: ( يَوْمَ نَدْعو كُلَّ اُناس بإمامِهِمْ )قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): وعليّ إمامكم ، وكم من إمام يجيء يوم القيامة يلعن أصحابه ويلعنونه ، نحن ذرّية محمّد واُمّنا فاطمة (عليها السلام) وما آتى الله أحداً من المرسلين شيئاً إلاّ وقد آتاه محمّداً (صلى الله عليه وآله) كما آتى من قبله ، ثمّ تلا و ( لَقَدْ أرْسَلـْنا رُسُلا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلـْنا لَهُمْ أزْواجاً وَذُرِّيَّةً )[225].
246 ـ عن أبي جعفر (عليه السلام)قال: لمّـا اُنزلت ( يَوْمَ نَدْعو كُلَّ اُناس بإمامِهِمْ )قال المسلمون: يا رسول الله ألست إمام الناس كلّهم أجمعين ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنا رسول الله إلى الناس أجمعين ، ولكن سيكون بعدي أئمة على الناس من أهل بيتي من الله يقومون في الناس فيكذّبونهم ، ويظلمهم أئمة الكفر والضلال وأشياعهم ، ألا فمن والاهم واتّبعهم وصدّقهم فهو منّي ومعي وسيلقاني ، ألا ومن ظلمهم وأعان على ظلمهم وكذّبهم فليس منّي ولا معي وأنا منه بريء[226].
247 ـ عن أبي سعيد المدائني قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): ما معنى قوله تعالى: ( وَما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إذْ نادَيْنا ) ؟ قال: كتاب كتب الله يا أبا سعيد في ورقة آس قبل أن يخلق الخلق بألفي عام ، ثمّ صيّرها في عرشه ـ أو تحت عرشه ـ فيها: يا شيعة آل محمّد قد أعطيتكم قبل أن تسألوني وغفرت لكم قبل أن تستغفروني ، ومن أتاني منكم بولاية محمّد وآله أسكنته جنّتي برحمتي.
أقول: المراد من العرش الإلهي كما في أخبار أهل البيت (عليهم السلام) هو علم الله ، فكتب في علم الله أي قرّر ذلك قبل أن يخلق الخلق فضائل شيعة محمّد وآله (عليهم السلام) ، وكلّ هذا من بركات الولاية في الدنيا والآخرة.
248 ـ عن محمّد بن جعفر بن محمّد عن أبيه عن جدّه (عليهم السلام)في قوله تعالى: ( إنَّ إلَيْنا إيابَهُمْ ثُمَّ إنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ ) قال: إذا كان يوم القيامة وكّلنا الله بحساب شيعتنا ، فما كان لله سألناه أن يهبه لنا فهو لهم ، وما كان لمخالفيهم فهو لهم ، وما كان لنا فهو لهم ثمّ قال: هم معنا حيث كنّا.
249 ـ وفي كثير من الروايات عنهم (عليهم السلام)في قوله تعالى: ( وَقِفوهُمْ إنَّهُمْ مَسْؤولونَ ) عن ولاية عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)وحبّ أهل البيت (عليهم السلام)[227].
250 ـ عن الإمام الرضا (عليه السلام): إنّ النبيّ قرأ ( إنَّ السَّمْعَ وَالبَصَرَ وَالفُؤادَ كُلُّ اُوْلـئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤولا ) فسئل عن ذلك فأشار إلى الثلاثة فقال: هم السمع والبصر والفؤاد ، سيسألون عن وصيّي هذا وأشار إلى عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) ، ثمّ قال: وعزّة ربّي إنّ جميع اُمّتي لموقوفون يوم القيامة ومسؤولون عن ولايته ، وذلك قول الله ( وَقِفوهُمْ إنَّهُمْ مَسؤولونَ ).
251 ـ عن ابن عباس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا كان يوم القيامة أقف أنا وعليّ (عليه السلام) على الصراط ، بيد كلّ واحد منّا سيف ، فلا يمرّ أحد من خلق الله إلاّ سألناه عن ولاية عليّ (عليه السلام) ، فمن كان معه شيء منها نجا وفاز ، وإلاّ ضربنا عنقه وألقيناه في النار ، ثمّ تلا: ( وَقِفوهُمْ إنَّهُمْ مَسْؤولونَ ما لَكُمْ لا تَناصَرونَ بَلْ هُمُ اليَوْمَ مُسْتَسْلِمونَ )[228].
252 ـ عن شريك قال: بعث إلينا الأعمش وهو شديد المرض فأتيناه وقد اجتمع عنده أهل الكوفة ، وفيهم أبو حنيفة وابن قيس الماصر ، فقال لابنه: يا بني أجلسني ، فأجلسه فقال: يا أهل الكوفة ، إنّ أبا حنيفة وابن قيس الماصر أتياني فقالا: إنّك قد حدّثت في عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) أحاديث فارجع عنها ، فإنّ التوبة مقبولة ما دامت الروح في البدن ، فقلت لهما: مثلكما يقول لمثلي هذا ؟ أشهدكم يا أهل الكوفة ، فإنّي في آخر يوم من أيام الدنيا ، وأوّل يوم من أيام الآخرة ، إنّي سمعت عطاء بن رباح يقول: سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن قول الله عزّ وجلّ: ( ألـْقِيا في جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّار عَنيد ) فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنا وعليّ نلقي في جهنّم كلّ من عادانا ، فقال أبو حنيفة لابن قيس: قم بنا لا يجيء بما هو أعظم من هذا ، فقاما وانصرفا.
253 ـ عن أبان قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)عن هذه الآية ( فَلا اقْتَحَمَ العَقَبَةَ ) فقال: يا أبان ، هل بلغك من أحد فيها شيء ؟ فقلت: لا . فقال: نحن العقبة ، فلا يصعد إلينا إلاّ من كان منّا ، ثمّ قال: يا أبان ، ألا أزيدك فيها حرفاً خيراً لك من الدنيا وما فيها ؟ قلت: بلى . قال: فكّ رقبة ، الناس مماليك النار كلّهم غيرك وغير أصحابك ، ففكّهم الله منها . قلت: بما فكّنا منها ؟ قال: بولايتكم أمير المؤمنين عليّ ابن أبي طالب (عليه السلام)[229].
أقول: من مجموع الروايات الشريفة يستفاد أنّ الأصل هو الولاية والأعمال الصالحة من إتيان الواجبات والنوافل وترك المحرّمات والمكروهات من الفروع ، فلا بدّ من العمل الصالح من الورع والتقوى والبرّ والإحسان ، ألا إنّه إذا فسق الموالي لأهل البيت (عليهم السلام)فإنّ الولاية من الأكسير الأعظم التي توجب استيهاب الذنوب من الله سبحانه فتخلّصه من النار ، فينال العاصي من شيعة أهل البيت (عليهم السلام)شفاعتهم يوم القيامة ، فلا يدخل النار ، ولا يخلّد فيها ، وإن كان لتطهيره يبتلى في الدنيا بالمصائب والمشاكل حتّى يغفر له ، أو عند نزع الروح أو في عالم البرزخ يرى بعض الآلام ، إلاّ أ نّه في المحشر ويوم القيامة تنفعه الولاية ، فتخلّصه من أهوالها وشدائدها ، فتفكّ رقبته من النار ويدخل الجنّة مسروراً محبوراً بما حمل من الولاء الصادق لأمير المؤمنين عليّ (عليه السلام)وللأئمّة الأطهار من أهل بيته الأبرار (عليهم السلام) . وهذا من الأمر الصعب المستصعب الذي لا يتحمّله إلاّ ملك مقرّب أو نبيّ مرسل أو مؤمن امتحن الله قلبه بالإيمان ، وعُجنت طينته وفطرته السليمة بمودّة أهل البيت ومحبّتهم (عليهم السلام) ، أمّا من كان في قلبه مرض ، وغلبت عليه شقوته واسودّ قلبه بالذنوب ، فسرعان ما ينكر ذلك ، ويكفيه في مقام الإنكار أن يضعّف الروايات الشريفة ، ويطالب بدليل عقلي ويحسب أنّ مثل هذه الاُمور التي هي فوق العقل ومن عالم الوحي والروح تخضع للأدلّة العقليّة ، ولا بدّ أن تكون في نطاقها ، وكلّ هذا من الاغترار بالمنهج العقلاني الغربي المادّي الملحد ، فلا تغفل.
254 ـ عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالى: ( فَكُّ رَقَبَة )قال: الناس كلّهم عبيد النار إلاّ من دخل في طاعتنا وولايتنا فقد فكّ رقبته من النار ، والعقبة ولايتنا[230].
قال العلاّمة المجلسي في بيانه: اقتحام العقبة كناية عن الدخول في أمر شديد ، وإنّما عبّر عن الولاية باقتحام العقبة لشدّتها على المنافقين ، وحمل ما بعده على الولاية على المبالغة حملا للمسبّب على السبب ، والسببيّة في الفكّ ظاهر.
أقول: هذه جملة من الآيات القرآنية التي بيّن الأئمة الأطهار تأويلها وبواطنها ، وأ نّها نزلت في الولاية والبراءة ، وهناك آيات كثيرة تدلّ وتشير على ذلك . وقد روت الخاصّة والعامّة عن ابن عباس قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): نزل القرآن أرباعاً: ربع فينا وربع في عدوّنا وربع سنن وأمثال ، وربع فرائض وأحكام ، ولنا كرائم القرآن[231] ـ أي محاسنه ـ.
والمشهور أنّ آيات القرآن الكريم تبلغ (6666) ستّة آلاف وستمئة وستة وستّين آية ، فنصف القرآن الكريم أي (3333) آية إنّما هو في أهل البيت (عليهم السلام)في ولائهم والبراءة من أعدائهم ، فتدبّر.
255 ـ عن خثيمة عن أبي جعفر (عليه السلام)في قوله تعالى: ( يَوْمَ يَأتي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إيْمانُها ) إلى آخر الآية ، قال: يعني مودّتنا ونصرتنا ، قلت: أ يّما قدر الله منه باللسان واليدين والقلب ، قال: يا خثيمة نصرتنا باللسان كنصرتنا بالسيف ، ونصرتنا باليدين أفضل ، يا خثيمة إنّ القرآن نزلت أثلاثاً ، فثلت فينا ، وثلث في عدوّنا ، وثلث فرائض وأحكام ، ولو أنّ آية نزلت في قوم ثمّ ماتوا اُولئك ماتت الآية إذاً ما بقي من القرآن شيء ، إنّ القرآن يجري من أوّله إلى آخره ما قامت السماوات والأرض ، فلكلّ قوم آية يتلونها ، يا خثيمة إنّ الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً ، فطوبى للغرباء ، يا خثيمة سيأتي على الناس زمان لا يعرفون الله ما هو والتوحيد حتّى يكون خروج الدجّال ، وحتّى ينزل عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام من السماء ويقتل الله الدجّال على يديه ، ويصلّي بهم رجل منّا أهل البيت ، ألا ترى أنّ عيسى يصلّي خلفنا وهو نبيّ ؟ ألا ونحن أفضل منه[232].
أقول: لا تنافي بين هذه الرواية وما قبلها من حيث الثلث والربع ، فإنّ آيات القصص والأمثال في تأويلها وباطنها إمّا أن يتعلّق بأهل البيت (عليهم السلام) وولائهم أو بأعدائهم والبراءة منهم أو بالأحكام فيثلث على تلك الثلاث ، فتأمّل.
256 ـ عن سالم الحنّاط قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): أخبرني عن قول الله تبارك وتعالى: ( نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأمينُ عَلى قَلـْبِكَ لِتَكونَ مِنَ المُنْذِرينَ بِلِسان عَرَبِيٍّ مُبين ) قال: هي الولاية لأمير المؤمنين (عليه السلام)[233].
257 ـ عن أبي الحسن (عليه السلام) في قول الله عزّ وجلّ: ( يوفونَ بِالنَّذْرِ ) الذي أخذ عليهم من ولايتنا[234].
258 ـ الكافي بسنده عن محمّد بن الفضيل عن أبي الحسن الماضي (عليه السلام)قال: سألته عن قول الله عزّ وجلّ: ( يُريدونَ لِيُطْفِئوا نورَ اللهِ بِأفْواهِهِمْ ) قال: ليطفئوا ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) بأفواههم ، قلت: والله متمّ نوره ، قال: والله متمّ الإمامة لقوله عزّ وجلّ: ( الَّذينَ آمَنوا بِاللهِ وِرَسولِهِ وَالنُّورِ الَّذي أنْزَلـْنا ) فالنور هو الإمام ، قلت: ( هُوَ الَّذي أرْسَلَ رَسولَهُ بِالهُدى وَدينِ الحَقِّ ) ، قال: هو الذي أمر رسوله بالولاية لوصيّه ، والولاية هي دين الحقّ ، قلت: ( لِيُظْهِرَهُ عَلى الدِّينِ كُلِّهِ ) قال: يظهره على جميع الأديان عند قيام القائم ، قال يقول الله: والله متمّ ولاية القائم ولو كره الكافرون بولاية عليّ (عليه السلام) . قلت: هذا تنزيل ؟ قال: نعم ، أمّا هذا الحرف فتنزيل ، وأمّا غيره فتأويل . قلت: ( ذلِكَ بَأ نَّهُمْ آمَنوا ثُمَّ كَفَروا ) قال: إنّ الله تبارك وتعالى سمّى من لم يتّبع رسوله في ولاية وصيّه منافقين ، وجعل من جحد وصيّه إمامته كمن جحد محمّداً وأنزل بذلك قرآناً ، فقال: يا محمّد ( إذا جاءَكَ المُنافِقونَ )بولاية وصيّك ( قالوا نَشْهَدُ أ نَّكَ لَرَسولُ اللهِ وَاللهُ يَعْلَمُ إنَّكَ لَرَسولَهُ وَاللهُ يَشْهَدُ إنَّ المُنافِقينَ ) بولاية علي ( لَكاذِبونَ اتَّخَذوا أيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبيلِ اللهِ ) والسبيل هو الوصيّ ( إنَّهُمْ ساءَ ما كانوا يَعْمَلونَ ذلِكَ بِأ نَّهُمْ آمَنوا ) برسالتك وكفروا بولاية وصيّك ( فَطَبَعَ ) الله ( عَلى قُلوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهونَ ) ، قلت: ما معنى ( لا يَفْقَهونَ )قال: وإذا قيل لهم: ارجعوا إلى ولاية علي يستغفر لكم النبيّ من ذنوبكم ( لَوَوْا رُؤوسَهُمْ ) قال الله: ( وَرَأيْتَهُمْ يَصُدُّونَ ) عن ولاية عليّ ( وَهُمْ مُسْتَكْبِرونَ ) عليه ، ثمّ عطف القول من الله بمعرفته بهم فقال: ( سَواءٌ عَلَيْهِمْ أسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ إنَّ اللهَ لا يَهْدي القَوْمَ الفاسِقينَ )يقول: الظالمين لوصيّك ، قلت: ( أفَمَنْ يَمْشي مُكِبَّاً عَلى وَجْهِهِ أهْدى أمَّنْ يَمْشي سَوِيَّاً عَلى صِراط مُسْتَقيم ) قال: إنّ الله ضرب من حاد عن ولاية علي كمن يمشي على وجهه لا يهتدي لأمره ، وجعل من تبعه سوياً على صراط مستقيم ، والصراط المستقيم أمير المؤمنين (عليه السلام)قال: قلت قوله: ( إنَّهُ لَقَوْلُ رَسول كَريم ) قال: يعني جبرئيل عن الله في ولاية عليّ ، قال: قلت: ( وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِر قَليلا ما يُؤْمِنونَ )قال: قالوا إنّ محمّداً كذّاب على ربّه ، وما أمره الله بهذا في علي ، فأنزل الله بذلك قرآناً ، فقال: إنّ ولاية عليّ (عليه السلام)( تَنْزيلٌ مِنْ رَبِّ العالَمينَ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا ) محمّد ( بَعضَ الأقاويلِ لأخَذْنا مِنْهُ بِالَيمينِ ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الوَتينَ ) ثمّ عطف القول فقال: إنّ ولاية عليّ ( لَتَذْكِرَةٌ لِلـْمُتَّقينَ ) للعالمين ( وَإنَّا لَنَعْلَمُ أنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبينَ ) وأنّ عليّاً ( لَحَسْرَةٌ عَلى الكافِرينَ ) وأنّ ولايته ( لَحَقُّ اليَقينِ فَسَبِّحْ ) يا محمّد ( بِاسْمِ رَبِّكَ العَظيمِ )يقول: اشكر ربّك العظيم الذي أعطاك هذا الفضل ، قلت: قوله ( لَمَّا سَمِعْنا الهُدى آمَنَّا بِهِ ) قال: الهدى الولاية آمنا بمولانا ، فمن آمن بولاية مولاه ( فَلا يَخافَ بَخْساً وَلا رَهَقاً ) ، قلت: تنزيل ؟ قال: لا تأويل ، ـ وأمّا التنزيل فهكذا: ( وَإنَّا لَمَّـا سَمِعْنا الهُدى آمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً وَلا رَهْقاً )[235] ـ قلت: قوله: ( إنِّي لا أمْلِكُ لَكُمْ ضرَّاً وَلا رَشَداً ) قال: إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) دعا الناس إلى ولاية عليّ فاجتمعت إليه قريش فقالوا: يا محمّد أعفنا من هذا فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله): هذا إلى الله ليس إليّ ، فاتّهموه وخرجوا من عنده ، فأنزل الله ( قُلْ إنّي لا أمْلِكُ لَكُمْ ضُرَّاً وَلا رَشَداً قُلْ إنِّي لَنْ يُجيرَني عَنِ اللهِ ) إن عصيته ( أحَدٌ وَلَنْ أجِدَ مِنْ دونِهِ مُلـْتَحَداً إلاّ بَلاغاً مِنَ اللهِ وَرِسالاتِهِ ) في عليّ ، قلت: هذا تنزيل ؟ قال: نعم ، ثمّ قال توكيداً: ( وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسولَهُ ) في ولاية عليّ ( فَإنَّ لَهُ نار جَهَنَّمَ خالِدينَ فيها أبَداً )قلت: ( حَتَّى إذا رَأوا ما يوعَدونَ فَسَيَعْلَمونَ مَنْ أضْعَفُ ناصِراً وَأقَلُّ عَدَداً )قال: يعني بذلك القائم وأنصاره ، قلت: ( فَاصْبِرْ عَلى ما يَقولونَ ) ، قال: يقولون فيك ( وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَميلا وَذَرْني ) يا محمّد ( وَالمُكَذِّبينَ ) بوصيّك ( اُولي النَّعْمَةِ وَمَهِّلـْهُمْ قَليلا ) ، قلت: إنّ هذا تنزيل ؟ قال: نعم . قلت: ( لِيَسْتَيْقِنَ الَّذينَ اُوتوا الكِتابَ ) قال: يستيقنون أنّ الله ورسوله ووصيّه حقّ ، قلت: ( وَيَزْدادَ الَّذينَ آمَنوا إيْماناً ) قال: يزدادون بولاية الوصيّ إيماناً ، قلت: ( وَلا يَرْتابَ الَّذينَ اُوتوا الكِتابَ وَالمُؤْمِنونَ )قال: بولاية علي ، قلت: ما هذا الارتياب ؟ قال: يعني بذلك أهل الكتاب والمؤمنين الذين ذكر الله ، فقال: ولا يرتابون في الولاية ، قلت: ( وَما هِيَ إلاّ ذِكْرى لِلـْبَشَرِ ) قال: نعم ولاية علي ، قلت: ( إنَّها لإحْدى الكُبَرِ ) قال: الولاية . قلت: ( لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أنْ يَتَقَدَّمَ أوْ يَتَأخَّر ) قال: من تقدّم إلى ولايتنا اُخّر عن سقر ، ومن تأخّر عنّا تقدّم إلى سقر ( إلاّ أصْحابُ الَيمينِ ) قال: هم والله شيعتنا . قلت: ( لَمْ نَكُ مِنَ المُصَلِّينَ )قال: إنّا لم نتولّ وصيّ محمّد والأوصياء من بعده ، ولا يصلّون عليهم . قلت: ( فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضينَ ) قال: عن الولاية معرضين . قلت: ( كَلاّ إنَّها تَذْكِرَةٌ ) قال: الولاية ، قلت: قوله: ( يوفونَ بِالنَّذْرِ ) قال: يوفون لله بالنذر الذي أخذ عليهم في الميثاق من ولايتنا ، قلت: ( إنَّا نَحْنُ نَزَّلـْنا عَلَيْكَ القُرْآنَ تَنْزيلا )قال: بولاية علي تنزيلا ، قلت: هذا تنزيل ؟ قال: نعم ذا تأويل . قلت: ( إنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ ) قال: الولاية . قلت: ( يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ إلى رَحْمَتِهِ ) قال: في ولايتنا . قال: ( وَالظَّالِمينَ أعَدَّ لَهُمْ عَذاباً أليماً ) ألا ترى أنّ الله يقول: ( وَما ظَلَمونا وَلـكِنْ كانوا أنْفُسَهُمْ يَظْلِمونَ ) ؟ قال: إنّ الله أعزّ وأمنع من أن يظلم أو ينسب نفسه إلى ظلم ولكن الله خلطنا بنفسه ـ أي جمعنا في مقام الخطابات مع نفسه ـ فجعل ظلمنا ظلمه ، وولايتنا ولايته ، ثمّ أنزل بذلك قرآناً على نبيّه فقال: ( وَما ظَلَمْناهُمْ وَلـكِنْ كانوا أنْفُسَهُمْ يَظْلِمونَ ) قلت: هذا تنزيل ؟ قال: نعم . قلت: ( وَيْلٌ يَوْمَئِذ لِلـْمُكَذِّبينَ )قال: يقول: ويل للمكذّبين يا محمّد بما أوحيت إليك من ولاية علي ( ألَمْ نُهْلِكُ الأوَّلينَ ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الآخِرينَ )قال: من أجرم إلى آل محمّد وركب من وصيّه ما ركب ، قلت: ( إنَّ المُتَّقينَ )قال: نحن والله وشيعتنا ليس على ملّة إبراهيم غيرنا ، وسائِر الناس منها براء ، قلت: ( يَوْمَ يَقومُ الرُّوحُ وَالمَلائِكَةُ صَفَّاً لا يَتَكَلَّمونَ )الآية ، قال: نحن والله المأذون لهم يوم القيامة والقائلون صواباً ، قلت: ما تقولون إذا تكلّمتم ؟ قال: نمجّد ربّنا ونصلّي على نبيّنا ونشفع لشيعتنا فلا يردّنا ربّنا . قلت: ( كَلاّ إنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفي سِجِّين ) قال: هم الذين فجروا في حقّ الأئمّة واعتدوا عليهم . قلت: ثمّ يقال: ( هذا الَّذي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبونَ ) قال: يعني أمير المؤمنين . قلت: تنزيل ؟ قال: نعم[236].
هذا ولشيخنا الأجلّ العلاّمة المجلسي (قدس سره) بيانات في شرح هذا الخبر الشريف ، فراجع.
259 ـ الكافي بسنده عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام)في قول الله عزّ وجلّ: ( وَمَنْ أعْرَضَ عَنْ ذركْري فَإنَّ لَهُ مَعيشَةً ضَنْكاً ) قال: يعني به ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) ، قلت: ( وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ القِيامَةِ أعْمى ) قال: يعني أعمى البصر في الآخرة أعمى القلب في الدنيا عن ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)(قال) وهو متحيّر في القيامة يقول: ( لِمَ حَشَرْتَني أعْمى وَقَدْ كُنْتُ بَصيراً قالَ أتَتْكَ آياتُنا فَنَسيتُها ) قال: الآيات الأئمة (عليهم السلام) ( فَنَسيتُها وَكَذلِكَ اليَوْمَ تُنْسى ) يعني تركتها وكذلك اليوم تترك في النار كما تركت الأئمة (عليهم السلام) فلم تطع أمرهم ولم تسمع لهم ، قلت: ( وَكَذلِكَ نَجْزي مَنْ أسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنُ بِآياتِ رَبِّهِ وَلَعَذابُ الآخِرَةِ أشَدُّ وَأبْقى )قال: يعني من أشرك بولاية أمير المؤمنين غيره ، ولم يؤمن بآيات ربّه وترك الأئمة معاندة ، فلم يتّبع آثارهم ولم يتولّهم ، قلت: ( اللهُ لَطيفٌ بِعِبادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ ) قال: ولاية أمير المؤمنين ، قلت: ( مَنْ كانَ يُريدُ حَرْثَ الآخِرَةِ ) قال: معرفة أمير المؤمنين والأئمّة (عليهم السلام) ( نَزِدْ لَهُ في حَرْثِهِ ) قال: نزيده منها ، قال: يستوفي نصيبه من دولتهم ( وَمَنْ كانَ يُريدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ في الآخِرَةِ مِنْ نَصيب ) قال: ليس له في دولة الحقّ مع القائم نصيب[237].
قال العلاّمة المجلسي في بيان الخبر: الضنك: الضيق مصدر وصف به ، وكذلك يستوي فيه المذكّر والمؤنّث ، وفسّر (عليه السلام) الذكر بالولاية لشموله لها وكونها عمدة أسباب ذكر الله ، والذكر المذكور في الآية شامل لجميع الأنبياء وولايتهم ومتابعتهم وشرائعهم وما أتوا به لكون الخطاب إلى آدم وحوّاء وأولادهما لكونها تتمّة قوله تعالى: ( اهْبِطا جَميعاً ) الآية ، لكنّ أشرف الأنبياء نبيّنا (صلى الله عليه وآله)وأكرم الأوصياء أوصياؤه (عليهم السلام) وأفضل الشرائع شريعته ، فتخصيص أمير المؤمنين (عليه السلام) لكونه أشرف ولكونه المتنازع فيه أوّلا في هذه الاُمّة ، قوله: الآيات الأئمة أي هم آيات الله ، أو المراد الآيات النازلة فيهم أو هي عمدتها ، فسّر الأكثر الإسراف بالشرك بالله ، وفسّره (عليه السلام) بالشرك في الولاية ، فإنّه يتضمّن الشرك بالله ، وفسّر (عليه السلام) الرزق بالولاية تفسيراً له بالرزق الروحاني أو الأعمّ ، وخصّ أشرفه وهو الولاية بالذكر لأ نّها الأصل والمادّة لسائر العلوم والمعارف ، وفسّر زيادة الحرث بالمنافع الدنيويّة الأعمّ منها ، ومن العلوم والمعارف التي يلقونها إليهم ، وفسّر الآخرة بالرجعة ودولة القائم لما عرفت أنّ أكثر آيات القيامة مؤوّلة بها.
أقول: يا هذا تسألني عن الولاية ولماذا هذا الإصرار عليها ، بالله عليك مع هذه الآيات الكريمة والروايات الشريفة ، كيف لا نبذل النفس والنفيس من أجلها وقوامها في الاُمّة ، فإنّ نجاتها وسعادتها بالولاية ولاية أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام) والأئمة المعصومين من بعده (عليهم السلام) ، وولايتهم من ولاية الرسول ، وولايتهم من ولاية الله جلّ جلاله . وأقول مكرّراً لترسيخ العقيدة في النفوس ، أنّ هذه الولاية لا تتمّ إلاّ بالرفض من ولاية الشيطان ومن تمثّلت بهم من الإنس والجان ، وهذا من سنّة الله ، ولن تجد لسنّة الله تبديلا ولا تحويلا ، فإنّها جارية من لدن آدم أبي البشر إلى اليوم الموعود ، فلا بدّ لكلّ واحد قبل موته وانقطاع عمله أن يعيّن مصيره ويبيّن موقفه ، وفي أيّ المعسكرين وبإشراف أيّ الولايتين المعسكر الرحماني بولاية الله ورسوله واُولي الأمر ، أو المعسكر الشيطاني بولاية إبليس وأعوانه وأحزابه.
260 ـ الكافي بسنده عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام)في قوله تعالى: ( لَتَرْكِبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَق ) قال: يا زرارة ، أو لم تركب هذه الاُمّة بعد نبيّها طبقاً عن طبق في أمر فلان وفلان وفلان[238].
قال العلاّمة في بيان الخبر: أي كانت ضلالتهم بعد نبيّهم مطابقة لما صدر من الاُمم السابقة من ترك الخليفة ـ خليفة الحقّ المنصوص بالنصّ الإلهي والنبويّ ـ واتّباع العجل والسامريّ وأشباه ذلك ، كما قال عليّ بن إبراهيم في تفسير تلك الآية ، يقول: حالا بعد حال ، يقول: لتركبنّ سنّة من كان قبلكم حذو النعل بالنعل والقذّة بالقذّة ، لا تخطئون طريقهم ولا يخطئ شبر بشبر وذراع بذراع وباع بباع ، حتّى أن لو كان من قبلكم دخل جحر ضبّ لدخلتموه ، قالوا: اليهود والنصارى تعني يا رسول الله ؟ قال: فمن أعني ؟ لتنقضنّ عرى الإسلام عروة عروة ، فيكون أوّل ما تنقضون من دينكم الأمانة وآخره الصلاة[239].
فلا ولاية حقّة إلاّ بالبراءة من الباطل ، ولا براءة حقّة إلاّ بالولاية للحقّ ، فالتولّي والتبرّي متلازمان كتلازم الأربعة والزوجيّة ، لا يمكن الفكّ بينهما ، وهذا من الشعور الإيماني الراسخ في العقول والقلوب وشعاره الصلاة على محمّد وآله في مقام الولاية ، ولعن أعدائهم في مقام البراءة ، وهذا من الدعاء له وعليه ، فالصلوات واللعن مظهر الولاية والبراءة جناحان لمن أراد أن يحلّق في سماء التكامل والسعادة ، فتدبّر[240].
فولاية الإمام المعصوم (عليه السلام)وطاعته أهمّ المعروفات وأعظمها ، واختيار ولاية غيره عليه أفضع المنكرات وأشنعها ، والطيّبات كلّ ما تستطيعه العقول السليمة ، والخبائث كلّ ما تستقذره النفوس الطيّبة ، فتشمل الطيّبات العلوم والمعارف الحقّة المأخوذة عن أهل بيت العصمة والطهارة (عليهم السلام) ، والخبائث العلوم الباطلة والشبهات الواهية المأخوذة عن أئمة الضلالة وأتباعهم ، فالولاية أصل المعروف وأصل الطيب وأصل الدين وروحه ، وأصل العلوم والفنون والمعارف ، بها يفوز الناس بسعادة الدارين ، ولهم البشرى في الحياة الدنيا والآخرة ، فبشّر عبادِ الذين يستمعون القول فيتّبعون أحسنه ، فأنيبوا إلى ربّكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثمّ لا تنصرون ، فاجتنبوا الجبت والطاغوت وولاية أئمّة الضلال فلان وفلان ، وتوبوا إلى الله بقبول ولاية الحقّ ، وأصلحوا شأنكم ، واتّبعوا النور فإنّكم لا محالة تفلحون وتسعدون.
261 ـ الكافي بسنده عن سماعة عن أبي عبد الله (عليه السلام)في قول الله عزّ وجلّ: ( وَأوْفوا بِعَهْدي ) قال: بولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)( اُوفِ بِعَهْدِكُمْ ) اُوفِ لكم بالجنّة[241].
هذا في الآخرة ، وأمّا الدنيا:
262 ـ كنز الفوائد بسنده عن أبي جعفر (عليه السلام)قال: وقوله عزّ وجلّ: ( إنَّ الأرْضَ يَرِثُها عِباديَ الصَّالِحونَ ) هم آل محمّد صلوات الله عليهم[242].
263 ـ عن أبي صادق قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام)عن قول الله عزّ وجلّ ( وَلَقَدْ كَتَبْنا في الزَّبورِ ) الآية ، قال: نحن هم ، قال: قلت: ( إنَّ في هذا بَلاغاً لِقَوْم عابِدينَ ) قال: هم شيعتنا[243].
264 ـ يا سائلي عن الولاية ، أو تدري لماذا ندافع عنها ، ونرجع فيها إلى صدر الإسلام ، فنرفض ولاية الشياطين أوّلا ، ثمّ نتحلّى بولاية الله وأنبيائه وأوصيائهم الكرام ؟ لأنّ ولاية أهل بيت رسول الله ترجع إلى ولاية الأنبياء ، فمن آدم (عليه السلام)إلى الخاتم (صلى الله عليه وآله) كلّهم ذات ولاية واحدة ، ثمّ تتجلّى هذه الولاية الإلهيّة والحقيقة النبويّة في العترة العلوية الطاهرة آل محمّد (عليهم السلام).
الكافي بسنده عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام)في قول الله عزّ وجلّ: ( وَمَنْ يَقْتَرِف حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فيها حُسْناً ) قال: من تولّى الأوصياء من آل محمّد (صلى الله عليه وآله) واتّبع آثارهم فذاك يزيده ولاية من مضى من النبيّين والمؤمنين الأوّلين حتّى يصل ولايتهم إلى آدم (عليه السلام)وهو قول الله عزّ وجلّ: ( مَنْ جاءَ بِالحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها )تدخله الجنّة وهو قول الله عزّ وجلّ: ( قُلْ ما سَألـْتَكُمْ مِنْ أجْر فَهُوَ لَكُمْ ) يقول: أجر المودّة الذي لم أسألكم غيره فهو لكم تهتدون به وتنجون من عذاب يوم القيامة ، وقال لأعداء الله أولياء الشيطان أهل التكذيب والإنكار: ( قُلْ ما أسْألُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أجْر وَما أنا مِنَ المُتَكَلِّفينَ ) يقول متكلّفاً أن أسألكم ما لستم بأهله فقال المنافقون عند ذلك بعضهم لبعض: أما يكفي محمّداً أن يكون قهرنا عشرين سنة حتّى يريد أن يحمل أهل بيته على رقابنا ؟ فقالوا: ما أنزل الله هذا وما هو إلاّ شيء يتقوّله ، يريد أن يرفع أهل بيته على رقابنا ، ولئن قتل محمّد أو مات لننزعنّها من أهل بيته ، ثمّ لا نيعدها فيهم أبداً ، وأراد الله أن يعلم نبيّه الذي أخفوا في صدورهم وأسرّوا به فقال في كتابه عزّ وجلّ: ( أمْ يَقولونَ افْتَرى على اللهِ كَذِباً فَإنْ يَشَأِ اللهُ يَخْتِمْ عَلى قَلـْبِكَ ) يقول: لو شئت حبست عنك الوحي فلم تكلّم بفضل أهل بيتك ولا بمودّتهم وقد قال الله عزّ وجلّ: ( وَيَمْحُ اللهُ الباطِلَ وَيُحِقُّ الحَقَّ بِكَلِماتِهِ )يقول: الحقّ لأهل بيتك الولاية ، ( إنَّهُ عَليمٌ بِذاتِ الصُّدورِ ) يقول: بما ألقوه في صدورهم من العداوة لأهل بيتك والظلم بعدك ، وهو قول الله عزّ وجلّ: ( وَأسَرُّوا النَّجْوى الَّذينَ ظَلَموا هَلْ هذا إلاّ بَشَرٌ مَثْلَكُمْ أفَتَأتونَ السِّحْرَ وَأنْتُمْ تُبْصِرونَ ) وفي قول الله عزّ وجلّ: ( وَالنَّجْمِ إذا هَوى ) قال: أقسم بقبر محمّد (صلى الله عليه وآله)إذا قبض ( ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ )بتفضيله أهل بيته ( وَما غَوى وَما يَنْطِقُ عَنِ الهَوى ) يقول: ما يتكلّم بفضل أهل بيته بهواه ، وهو قول الله عزّ وجلّ: ( إنْ هُوَ إلاّ وَحْيٌ يُوحى ) ـ والحديث طويل فراجع[244] ـ.
265 ـ كنز الفوائد بسنده عن أبي محمّد الحنّاط قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): قول الله عزّ وجلّ ( نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأمينُ عَلى قَلـْبِكَ لِتَكونَ مِنَ المُنْذِرينَ بِلِسان عَرَبيٍّ مُبين وَإنَّهُ لَفي زُبُرِ الأوَّلينَ )قال: ولاية علي (عليه السلام).
266 ـ فالولاية روح الدين الإسلامي ، ولا بدّ أن نحيا عليها ونموت ، فعن عيسى بن داود النجّار عن أبي الحسن موسى (عليه السلام)قال: سألته عن قول الله ( اُوْلـئِكَ الَّذينَ أنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلـْنا مَعَ نوح ) قال: نحن ذرّية إبراهيم والمحمولون مع نوح ونحن صفوة الله ، وأمّا قوله ( وَمِمَّنْ هَدَيْنا وَاجْتَبَيْنا ) فهم والله شيعتنا ، الذين هداهم الله لمودّتنا واجتباهم لديننا فحيوا عليه وماتوا عليه . وصفهم الله بالعبادة والخشوع ورقّة القلب فقال: ( إذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُ الرَّحْمنِ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيَّاً )[245].
[224]البحار 24: 261 ، الباب 63 الآيات الدالّة على رفعة شأنهم ونجاة شيعتهم في الآخرة والسؤال عن ولايتهم ، وفي الباب 64 رواية ، وهذه الرواية من كنز الفوائد: 395.
[225]البحار 24: 265 ، عن محاسن البرقي: 155.
[226]المصدر والمرجع.
[227]البحار 24: 271 ، عن المناقب: 402.
[228]المصدر ، عن كنز الفوائد: 259.
[229]البحار 24: 280 ، الباب 65 تأويل سورة البلد فيهم (عليهم السلام) ، وفي الباب 13 رواية.
[230]المصدر ، عن كنز الفوائد: 388.
[231]البحار 24: 305 ، الباب 62 جوامع تأويل ما نزل فيهم (عليهم السلام)ونوادرها ، وفي الباب 132 رواية.
[232]البحار 24: 321 ، عن تفسير الفرات: 44.
[233]المصدر ، عن الكافي 1: 412.
[234]المصدر والمرجع.
[235]الجنّ: 13.
[236]البحار 24: 340 ، عن اُصول الكافي 1: 432.
[237]المصدر والمرجع.
[238]البحار 24: 350 ، عن اُصول الكافي 1: 415.
[239]المصدر ، عن تفسير القمّي: 718.
[240]لقد تعرّضت لهذا الموضوع بالتفصيل في ( هذه هي البراءة ) ، فراجع.
[241]البحار 24: 358 ، عن اُصول الكافي 1: 431.
[242]) و (3) البحار 24: 358 ، عن كنز الفوائد: 168.
[244]البحار 24: 369 ، عن روضة الكافي: 379.
[245]المصدر ، عن كنز الفوائد: 152.