الأئمة الأطهار كجدّهم المختار اُسوة لنا في كلّ شيء ، نهتدي بهداهم ، ونسير على خطاهم ، ونستنير بأنوارهم القدسيّة ، فهم القدوة في كلّ المكارم والفضائل ، وهم الاُسوة في فضيلة حبّ الله . ومولانا الحسين إمام عشّاق الله سبحانه.
جاء في مقتل الخوارزمي بسنده : إنّ الحسين (عليه السلام) خطب أصحابه ـ يوم عاشوراء ـ فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ قال : أ يّها الناس خُطّ الموت على بني آدم كمخطّ القلادة على جيد الفتاة ، وما أولعني بالشوق إلى أسلافي اشتياق يعقوب إلى يوسف ، وإنّ لي مصرعاً أنا لاقيه ، كأ نّي أنظر إلى أوصالي تقطعها وحوش الفلوات غبراً وعفراً ، قد ملأت منّي أكراشها ، رضى الله رضانا أهل البيت ، نصبر على بلائه ليوفّينا اُجور الصابرين ، لن تشذّ عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لحمته وعترته ، ولن تفارقه أعضاؤه ، وهي مجموعة له في حضيرة القدس ، تقرّ بها عينه ، وتنجز له فيهم عدته.
لقد ضرب الإمام الحسين (عليه السلام) أروع الأمثلة في حبّ الله وعشقه يوم عاشوراء ، فإنّه قدّم كلّ ما يملك ، قدّم الأهل والأصحاب والأقرباء ، وآل الأمر إلى سبي الحرائر بنات رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، كلّ ذلك من أجل الولع والشوق والحبّ الإلهي ، حتّى هوى على الأرض صريعاً مفضوخ الهامة ، قد نبت السهم المثلّث في قلبه المقدّس ، ظمآن عطشان ولسان حاله يترنّم :
تركت الخلق طرّاً في هواكا *** وأيتمت العيال لكي أراكا
فلو قطّعتني في الحبّ إرباً *** لما مال الفؤاد إلى سواكا