سُبْحانَكَ ما أضْيَقَ الطُّرُقُ عَلى مَنْ لَمْ تَكُنْ دَليلَهُ ، وَما أوْضَحَ الحَقُّ عِنْدَ مِنْ هَدَيْتَهُ سَبيلَهُ ، إلـهي فَاسْلُكْ بِنا سُبُلَ الوصولِ إلَيْكَ ، وَسَيِّرْنا في أقْرَبِ الطُّرُقِ لِلوُفودِ عَلَيْكَ ، قَرِّبْ عَلَيْنا البَعيدَ ، وَسَهِّلْ عَلَيْنا العَسيرَ الشَّديدَ ، وَألـْحِقْنا بِعِبادِكَ الَّذينَ هُمْ بِالبِدارِ إلَيْكَ يُسارِعونَ وَبابَكَ عَلى الدَّوامِ يَطْرُقونَ ، وَإيَّاكَ في اللَّيْلِ وَالنَّهارِ يَعْبُدونَ ، وَهُمْ مِنْ هَيْبَتِكَ مُشْفِقونَ ، الَّذينَ صَفَّيْتَ لَهُمُ المَشارِبَ وَبَلَّغْتَهُمُ الرَّغائِبَ ، وَأنْجَحْتَ لَهُمُ المَطالِبَ ، وَقَضَيْتَ لَهُمْ مِنْ فَضْلِكَ المَآرِبَ وَمَلأتَ لَهُمْ ضَمائِرَهُمْ مِنْ حُبِّكَ ، وَرَوَّيْتَهُمْ مِنْ صافي شِرْبِكَ ، فَبِكَ إلى لَذيذِ مُناجاتِكَ وَصَلوا وَمِنْكَ أقْصى مَقاصِدِهِمْ حَصَّلوا ، فَيا مَنْ هُوَ عَلى المُقْبِلينَ عَلَيْهِ مُقْبِلٌ ، وَبِالعَطْفِ عَلَيْهِمْ عائِدٌ مُفَضِل ، وَبِالغافِلينَ عَنْ ذِكْرِهِ رَحيمٌ رَؤوفٌ ، وَبِجَذْبِهِمْ إلىْ بابِهِ وَدودٌ عَطوفٌ ، أسْألُكَ أنْ تَجْعَلَني مِنْ أوْفَرِهِمْ مِنْكَ حَظاً ، وَأعْلاهُمْ عِنْدَكَ مَنْزِلا ، وَأجْزَلَهُمْ مِنْ وُدِّكَ قِسْماً ، وَأفْضَلَهُمْ في مَعْرِفَتِكَ نَصيباً ، فَقَدْ انْقَطَعَتْ إلَيْكَ هِمَّتي ، وَانْصَرَفَتْ نَحْوَكَ رَغْبَتي ، فَأنْتَ لا غَيْرَكَ مُرادي ، وَلَكَ لا لِسِواكَ سَهَري وَسُهادي ، وَلِقاؤُكَ قُرَّةَ عَيْني ، وَوَصْلُكَ مُنى نَفْسي ، وَإلَيْكَ شَوْقي ، وَفي مَحَبَّتِكَ وَلَهي ، وَإلى هَواكَ صَبابَتي ، وَرِضاكَ بُغْيَتي ، وَرُؤيَتُكَ حاجَتي ، وَجِوارُكَ طَلَبي ، وَقُرْبُكَ غايَةُ سُؤْلي ، وَفي مُناجاتِكَ رَوْحي وَراحَتي ، وَعِنْدَكَ دَواءُ عَلَّتي ، وَشِفاءُ غُلَّتي ، وَبَرْدَ لَوْعَتي ، وَكَشْفَ كُرْبَتي ، فَكُنْ أنيسي في وَحْشَتي ، وَمُقيلَ عَثْرَتي ، وَغافِرَ زَلَّتي ، وَقابِلَ تَوْبَتي ، وَمُجيبَ دَعْوَتي ، وَوَلِيَّ عِصْمَتي ، وَمُغْني فاقَتي ، وَلا تَقْطَعْني عَنْكَ ، وَلا تُبْعِدْني مِنْكَ ، يا نَعيمي وَجَنَّتي ، وَيا دُنْيايَ وَآخِرَتي.