لقد جعل رسول الله (صلى الله عليه وآله) الحبّ لله من شروط الإيمان في أخبار كثيرة ، إذ قال أبو رزين العقيلي : يا رسول الله ، ما الإيمان ؟ « قال : أن يكون الله ورسوله أحبّ إليك ممّـا سواهما » . وفي حديث آخر : « لا يؤمن أحدكم حتّى يكون الله ورسوله أحبّ إليه ممّـا سواهما » . وفي حديث آخر : « لا يؤمن العبد حتّى أكون أحبّ إليه من ماله وأهله والناس أجمعين » . وفي رواية « ومن نفسه ».
كيف ، وقد قال الله تعالى :
( قُلْ إنْ كانَ آباؤُكُمْ وَأبْناؤُكُمْ وَإخْوانُكُمْ ) إلى قوله : ( أحَبُّ إلَيْكُمْ مِنَ اللهِ وَرَسولِهِ )[1] الآية.
وإنّما جرى ذلك في معرض التهديد والإنكار ، وقد أمر (عليه السلام) بالمحبّة فقال : « أحبّوا الله لما يغدوكم به من نعمة ، وأحبّوني لحبّ الله إيّاي ».
وقد يروى أنّ رجلا قال : يا رسول الله ، إنّي اُحبّك . فقال : استعدّ للفقر . فقال : إنّي اُحبّ الله ، فقال : استعدّ للبلاء.
وعن عمر ، قال : نظر النبيّ (عليه السلام) إلى مصعب بن عمير مقبلا وعليه إهاب كبش قد تنطّق به ، فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله) : « انظروا إلى هذا الرجل الذي قد نوّر الله قلبه ، لقد رأيته بين أبويه يغذوانه بأطيب الطعام والشراب ، فدعاه حبّ الله وحبّ رسوله إلى ما ترون ».
وفي الخبر المشهور : « إنّ إبراهيم (عليه السلام) قال لملك الموت إذ جاءه لقبض روحه : هل رأيت خليلا يميت خليله ؟ فأوحى الله عزّ وجلّ إليه : هل رأيت محبّاً يكره لقاء حبيبه ؟ فقال : يا ملك الموت ، الآن فاقبض » . وهذه لا يجدها إلاّ عبدٌ يحبّ الله عزّ وجلّ بكلّ قلبه ، فإذا علم أنّ الموت سبب اللقاء انزعج قلبه إليه ، ولم يكن له محبوب غيره ، حتّى يلتفت إليه ، وقد قال نبيّنا (صلى الله عليه وآله) في دعائه : « اللهمّ ارزقني حبّك وحبّ من يحبّك ، وحبّ ما يقرّبني إلى حبّك ، واجعل حبّك أحبّ إليّ من الماء البارد »[2].
[1]التوبة : 23.
[2]المحجّة البيضاء 8 : 5 ـ 6.