إلـهي مَنْ ذا الَّذي ذاقَ حَلاوَةَ مَحَبَّتِكَ فَرامَ مِنْكَ بَدَلا ، وَمَنْ ذا الَّذي أنِسَ بِقُرْبِكَ فَابْتَغى عَنْكَ حِوَلا ، إلـهي فَاجْعَلـْنا مِمَّنْ اصْطَفَيْتَهُ لِقُرْبِكَ وَوِلايَتِكَ وَأخْلَصْتَهُ لِوُدِّكَ وَمَحَبَّتِكَ ، وَشَوَّقْتَهُ إلى لِقائِكَ ، وَرَضَّيْتَهُ بِقَضائِكَ ، وَمَنَحْتَهُ بِالنَّظَرِ إلى وَجْهِكَ ، وَحَبَوْتَهُ بِرِضاكَ ، وَأعَذْتَهُ مِنْ هَجْرِكَ وَقَلاك ، وَبَوَّأتَهُ مَقْعَدَ الصِّدْقِ في جِوارِكَ ، وَخَصَصْتَهُ بِمَعْرِفَتِكَ ، وَأهَّلـْتَهُ لِعِبادَتِكَ ، وَهَيَّمْتَ قَلـْبَهُ لإرادَتِكَ ، وَاجْتَبَيْتَهُ لِمُشاهَدَتِكَ ، وَأخْلَيْتَ وَجْهَهُ لَكَ ، وَفَرَّغْتَ فُؤادَهُ لِحُبِّكَ ، وَرَغَّبْتَهُ فيما عِنْدَكَ ، وَألـْهَمْتَهُ ذِكْرَكَ ، وَأوْزَعْتَهُ شُكْرَكَ ، وَشَغَلـْتَهُ بِطاعَتِكَ ، وَسَيَّرْتَهُ مِنْ صالِحي بَرِيَّتِكَ ، وَاخْتَرْتَهُ لِمُناجاتِكَ ، وَقَطَعْتَ عَنْهُ كُلَّ شَيْء يَقْطَعْهُ عَنْكَ ، اللهُمَّ اجْعَلـْنا مِنَّنْ دَأبُهُمُ الارْتِياحُ إلَيْكَ وَالحَنينَ ، وَدَهْرُهُمُ الزَّفْرَةُ وَالأنينُ ، جِباهُهُمْ ساجِدَةٌ لِعَظَمَتِكَ ، وَعُيونُهُمْ ساهِرَةٌ في خِدْمَتِكَ ، وَدُموعُهُمْ سائِلَةٌ مِنْ خَشْيَتِكَ ، وَقُلوبُهُمْ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحَبَّتِكَ ، وَأفْئِدَتُهُمْ مُنْخَلِعَةٌ مِنْ مَهابَتِكَ ، يا مَنْ أنْوارُ قُدْسِهِ لأبْصارِ مُحِبِّيهِ رائِقَةٌ ، وَسُبُحاتُ وَجْهِهِ لِقُلوبِ عارِفيهِ شائِقَةٌ ، يا مُنى قُلوبِ المُشْتاقينَ ، وَيا غايَةَ آمالِ الُمحِبِّينَ ، أسْألُكَ حُبَّكَ وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ وَحُبَّ كُلِّ عَمَل يوصِلُني إلى قُرْبِكَ ، وَأنْ تَجْعَلَكَ أحَبَّ إلَيَّ مِمَّا سِواكَ ، وَأنْ تَجْعَلَ حُبِّي إيَّاكَ قائِداً إلى رِضْوانِكَ ، وَشَوْقي إلَيْكَ ذائِداً عَنْ عِصْيانِكَ ، وَالاُنْسَ بِالنَّظَرِ إلَيْكَ عَلَيَّ ، وَانْظُرْ بِعَيْنِ الوُدِّ وَالعَطْفِ إلَيَّ ، وَلا تَصْرِفْ عَنِّي وَجْهَكَ ، وَاجْعَلـْني مِنْ أهْلِ الأسْعادِ وَالحَظْوَةِ عِنْدَكَ ، يا مُجيبُ ، يا أرْحَمُ الرَّاحمينَ.