![]() |
![]() |
![]() |
من لم يركب السفينة إنّه من الظالمين
لمّـا كان الأكثر من الغارقين الهالكين ، فهذا يعني أ نّهم من الظالمين ، فإنّهم ظلموا أنفسهم أوّلا ، كما ظلموا أهل الحقّ بمعاداتهم وبغضهم وعدم اتّباعهم وطاعتهم وترك ولايتهم ، كأصحاب نوح ، كما أخبرنا بذلك ربّ العزّة والجلال في قوله تعالى :
( وَقيلَ يا أرْضُ ابْلَعي ماءَكِ وَيا سَماءُ اقْلعي وَغيضَ الماءُ وَقُضيَ الأمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلى الجوديِّ وَقيلَ بُعْداً لِلـْقَوْمِ الظَّالِمينَ )[1].
( وَقَوْمَ نوح لَمَّـا كَذَّبوا الرُّسُلَ أغْرَقْناهُمْ وَجَعَلـْناهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً وَأعْتَدْنا لِلظَّالِمينَ عَذاباً أليماً )[2].
( وَلَقَدْ أرْسَلـْنا نوحاً إلى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فيهِمْ ألـْفَ سَنَة إلاّ خَمْسينَ عاماً فأخَذَهُمُ الطُّوفانُ وَهُمْ ظالِمونَ * فَأنْجَيْناهُ وَأصْحابَ السَّفينَةِ وَجَعَلـْناها آيَةً لِلـْعالَمينَ )[3].
( فَأوْحَيْنا إلَيْهِ أنِ اصْنَعِ الفُلـْكَ بِأعْيُنِنا وَوَحْيِنا فَإذا جاءَ أمْرُنا وَفارَ التَنُّورُ فَاسْلُكْ فيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأهْلَكَ إلاّ مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ القَوْلُ مِنْهُمْ وَلا تُخاطِبْني في الَّذينَ ظَلَموا إنَّهُمْ مُغْرَقونَ )[4].
( وَاصْنَعِ الفُلـْكَ بِأعْيُنِنا وَوَحْيِنا وَلا تُخاطِبْني في الَّذينَ ظَلَموا إنَّهُمْ مُغْرَقونَ )[5].
فكلّ من لم يركب سفينة نوح في زمنه ، فإنّه من الغارقين والهالكين ، وما أكثر اُولئك الذين غرقوا ، فإنّ أصحابه (عليه السلام) كانوا جماعة قليلة ربما عشر المعشار ، نجوا بركوبهم السفينة ، وكذلك في زمن خاتم النبيّين محمّد (صلى الله عليه وآله) إلى قيام يوم الدين ، فإنّه من ركب سفينته التي أخبر عنها بقوله (صلى الله عليه وآله) : « مثل أهل بيتي كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق وهوى » و « إنّ الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة » ، وسفينة الحسين وسفينة أهل البيت (عليهم السلام) هي سفينة النبيّ (صلى الله عليه وآله) بلا شكّ ولا ريب ، فمن ركب هذه السفينة فإنّه ينجو من الشقاء والتعاسة والعذاب والغرق ، ومن تخلّف عنها وتركها فإنّه من الهالكين المغرقين المعذّبين التعساء الأشقياء ، خسر الدنيا والآخرة ، وذلك هو الخسران المبين.
[1]هود : 44.
[2]الفرقان : 37.
[3]العنكبوت : 14 ـ 15.
[4]المؤمنون : 27.
[5]هود : 37.
![]() |
![]() |
![]() |