35  ـ  بداية  الركوب  والحركة  والسير  باسم  الله

قال الله تعالى :

( وَقالَ ارْكَبوا فيها بِسْمِ اللهَ مَجْراها وَمَرْساها إنَّ رَبِّي لَغَفورٌ رَحيمٌ )[1].

لقد أدّبنا الله في كتابه الكريم بآدابه السامية ، فأحسن تأديبنا ، فعلّمنا من خلال قصص الأنبياء ووقائعهم وما جرى عليهم مع اُممهم ، كيف نعيش بأخلاق حميدة وآداب حسنة ، فمن الأدب الإلهي والإسلامي أن يكون بدء العمل وختمه باسم الله وحمده ، فإنّه من الراجح أن يبدأ الإنسان قبل أيّ عمل بالبسملة ، وأنّ الفعل الذي لم يبدأ به بالبسملة ، فإنّه أبتر مقطوع البركة من الخير المستمرّ والمستقرّ ، وهذا نوح (عليه السلام) يركب أصحابه الفلك ـ أي السفينة ـ مخاطباً ( ارْكَبوا فيها بِسْمِ اللهَ مَجْراها وَمَرْساها ) ، ففي كلّ حال لا بدّ أن يكون العمل باسم الله في الحركة والسكون ، في الصعود والهبوط ، في الضرّاء والرخاء ، في الليل والنهار ، في الحضر والسفر ، فرداً أو في المجتمع ، في السرّ والعلن.

وما كان عليه اسم الله فإنّه يحلّ ويحيى ، ولا يكون من الميتة التي لا روح فيها ، بل يعيش روحانيّة العمل وحياته الخالدة.

وما كان اسم الله عليه فإنّه يخلّد بخلود أسماء الله وصفاته.

وما كان عليه اسم الله فإنّه يبارك فيه من الخيرات الدائمة والثابتة.

وما كان اسم الله عليه فإنّه يخلص من الشوائب ومن الجهل فيصعد إلى الله ، فإنّه يصعد إليه الكلم الطيّب أي الخالص.

وما كان اسم الله عليه ، يعني كان عليه صبغة الله ورسوله واُولي الأمر الأئمّة الهداة.

وما كان كذلك فهو من الحلال الطيّب المبارك ، ومن ثمّ فلا يصدر من الطيّب إلاّ الطيّب ، وأمّا ما خبث فيخرج منه نكداً.

ولمثل هذا لا بدّ أن نركب سفينة الإمام الحسين (عليه السلام) باسم الله مجراها ومرساها ، وإنّ الله لغفورٌ رحيم.


[1]هود : 41.

36 ـ العمى لمن تخلّف وكذّب