![]() |
![]() |
![]() |
كان النبيّ طبيباً دوّراً ، وقد أمره الله سبحانه أن يقوم بإنذار الناس :
( قُمْ فَأنْذِرْ )[1].
فكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يأتي الناس بنفسه ليهديهم ويدعوهم إلى الإسلام ، وإلى توحيد الله ، ففي علّة حدوث الإسلام أمر الله نبيّه أن يأتي الاُمّة ، ولكن في العلّة المبقية للإسلام ، فعلى الاُمّة أن تأتي إمامها وخليفة رسولها ، فإنّه كما ورد في الروايات : إنّ الإمام كالكعبة يُؤتى ولا يأتي ، ويُزار ولا يزور ، فالناس من وظيفتهم الدينيّة والشرعيّة بعد أن آمنوا بدين الله ورسوله ، أن يأتوا أئمتهم الأطهار خلفاء الرسول المختار (عليهم السلام) ويطلبوا منهم الهداية والمعرفة ونجاة الدارين وسعادتهما ، ويدلّ على ذلك أيضاً حديث السفينة ، فإنّها لا تأتي للإنسان لتخلّصه من الغرق والموت ، بل على الإنسان والغريق أن يأتيها ، لينجو بها ويسعد بركوبها.
قال أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام) في نهجه البليغ : انظروا أهل بيت نبيّكم فالزموا سمتهم ، واتّبعوا أثرهم ، فلن يخرجوكم من هدىً ، ولن يعيدوكم في ردىً ، فإن لبدوا فالبدوا ، وإن نهضوا فانهضوا[2].
وقال (عليه السلام) فيمن تركوا أهل البيت (عليهم السلام) : آثروا عاجلا وأخّروا آجلا ، وتركوا صافياً وشربوا آجناً ، كأ نّي أنظر إلى فاسقهم وقد صحب المنكر فألفه.
وقال (عليه السلام) في ذكر حال الأئمة وصفاتهم : جعلهم الله حياة للأنام ومصابيح للظلام ومفاتيح للكلام ودعائم للإسلام ... فإنّهم عيش العلم وموت الجهل ، هم الذين يخبركم حكمهم عن علمهم وصمتهم عن منطقهم ، وظاهرهم عن باطنهم لا يخالفون الدين ولا يختلفون فيه ، فهو بينهم شاهد صادق وصامت ناطق . وإنّهم الأئمة قوّام الله على خلقه وعرفاؤه على عباده ، ولا يدخل الجنّة إلاّ من عرفهم وعرفوه ، ولا يدخل النار إلاّ من أنكرهم وأنكروه.
( نحن الشعار والأصحاب والخزنة والأبواب ، ولا تؤتى البيوت إلاّ من أبوابها ، فمن أتاها من غير أبوابها سُمّي سارقاً ).
( نحن النمرقة الوسطى التي يلحق بها التالي وإليها يرجع الغالي ).
( نحن شجرة النبوّة ومحطّ الرسالة ومختلف الملائكة ومعادن العلم وينابيع الحكم ).
قال الإمام الصادق (عليه السلام) : معنا راية الحقّ من تبعها لحق ومن تأخّر عنها غرق ، ألا وبنا يدرك ترة كلّ مؤمن وبنا تخلع ربقة الذلّ عن أعناقكم وبنا فتح الله لا بكم وبنا يختم لا بكم )[3].
قال الإمام الباقر (عليه السلام) : أما إنّه ليس عند أحد من الناس حقّ ولا صواب إلاّ شيء أخذوه منّا أهل البيت ولا أحد من الناس يقضي بحقّ ولا عدل إلاّ ومفتاح ذلك القضاء وبابه وأوّله وسننه أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)[4].
وعنه (عليه السلام) : فوالله ما كان يلقي في روعي ولا يخطر ببالي أنّ العرب تزعج هذا الأمر من بعده (صلى الله عليه وآله) عن أهل بيته ، ولا أ نّهم منحوه عنّي من بعده ... حتّى رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الإسلام يدعون إلى محقّ دين محمّد (صلى الله عليه وآله) فخشيت إن لم أنصر الإسلام وأهله أن أرى فيه ثلماً أو هدماً تكون المصيبة به عليّ أعظم.
فهذا في بداية الأمر وبعد رحلة الرسول الأعظم مباشرة كان يخاف على ارتداد الناس فسكت الأمير (عليه السلام) عن حقّه ، وإلاّ اليوم على كلّ مسلم أن يعرف الحقّ ويعرف أهله ، فيلزمهم في كلّ شيء ، حتّى يكون معهم ، فكونوا مع الصادقين والحقّ يا اُمّة الإسلام.
[1]المدثّر : 2.
[2]شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 7 : 76.
[3]البحار 23 : 105.
[4]أمالي المفيد : 96.
![]() |
![]() |
![]() |