![]() |
![]() |
![]() |
قال الله تعالى :
( وَإنَّ مِنْ شيعَتِهِ لإبْراهيمَ * إذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلـْب سَليم )[1].
في ظاهر تفسير الآية الشريفة ، إنّ من شيعة نوح (عليه السلام) إبراهيم الخليل (عليه السلام)الذي امتاز بالقلب السليم ، ذلك القلب الذي ليس فيه سوى الله سبحانه ، فمن كان من شيعة نوح (عليه السلام) ، ومن ركب سفينته ، فإنّه يحمل مثل هذا القلب السليم ، وهذا يعني أنّ من يركب سفينة النجاة ، فإنّه يمتاز بالقلب السليم ، إلاّ أ نّه من الشيعة من كان يحمل هذا القلب في الدنيا ، ومنهم من يحمله في الآخرة بعد تطهيره في الاحتضار أو القبر وعالم البرزخ ، ومنهم من يكتب على أكفانه :
وفدت على الكريم بغير زاد *** من الحسنات والقلب السليمِ
فحمل الزاد أقبح كلّ شيء *** إذا كان الوفود على الكريمِ
فالعمدة سلامة القلب من الشكوك والجهل ، والذنوب والمعاصي ، وحبّ الدنيا ، وكلّ ما لا يرضاه الله سبحانه ، وهذا يعني تخلية القلب من الأغيار ، ثمّ تحليته بالحبّ الإلهي والعبادات والذكر الجلي والخفي ، وبالفضائل ومحاسن الأخلاق ومكارمها ، ثمّ تجليتها بالانقطاع إلى الله سبحانه والفناء في أسمائه الحسنى وصفاته العليا ، وهذا إنّما يتمّ لو استضاء بمصابيح الهداية بمحمّد المصطفى (صلى الله عليه وآله) وبآله المعصومين ، ومن أكثر هذه المصابيح النبويّة والعلويّة نوراً وتجلّياً وسعةً الإمام الحسين (عليه السلام) ، فإنّه من النبيّ والنبيّ منه ، فهو مصباح الهدى للمؤمنين المتّقين ، وأمّا العصاة المذنبين فعليهم بركوب سفن النجاة آل محمّد (عليهم السلام) ، إلاّ أنّ سفينة الحسين (عليه السلام) أوسع شمولا وحيطة ، وأسرع سيراً ووصلا ، فينجو بها حتّى شارب الخمور وتارك الصلاة ، فإنّه في العاقبة يتوب إلى الله ، ويحسن حاله وتصلح سريرته ، ويتصبّغ بصبغة الله جلّ جلاله ، ويمرّ عليه نسيم القلب السليم ، فيتعافى ويفوز بالسعادة ، بدخول الجنّة بسلام آمنين وبقلب سليم.
[1]الصافّات : 83 ـ 84 .
![]() |
![]() |
![]() |