11  ـ  خلائف  في  الأرض

قال الله تعالى :

( وَاتْلُ نَبَأ نوح إذْ قالَ لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ إنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مقامي وَتَذْكيري بِآياتِ اللهِ فَعَلى اللهِ تَوَكَّلـْتُ فَاجْمَعوا أمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ ثُمَّ لا يَكُنْ أمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضوا إلَيَّ وَلا تُنْظِرون * فَإنْ تَوَلَّيْتُمْ فَما سَألـْتكُمْ مِنْ أجْر إنْ أجْريَ إلاّ عَلى اللهِ وَاُمِرْتُ أنْ أكونَ مِنَ المُسْلِمينَ * فَكَذَّبوهُ فَنَجَّيْناهُ وَمَنْ مَعَهُ في الفُلـْكِ وَجَعَلـْناهُمْ خَلائِفَ وَأغْرَقْنا الَّذينَ كَذَّبوا بِآياتِنا فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ المُنْذَرينَ )[1].

في تفسير مجمع البيان في قوله تعالى ( وَجَعَلْناهُمْ خَلائِفَ ) أي جعلنا الذين نجوا مع نوح خلفاء لمن هلك بالغرق ، وقيل : إنّهم كانوا ثمانين نفساً . وقال البلخي : يجوز أن يكون أراد جعلناهم رؤساء في الأرض ( وَأغْرَقْنا الَّذينَ كَذَّبوا بِآياتِنا )أي أهلكنا باقي أهل الأرض أجمع لتذكيبهم لنوح (عليه السلام) ( فَانْظُرْ ) أ يّها السامع ( كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ المُنْذَرينَ ) أي المخوّفين بالله وعذابه ، أي كيف أهلكهم الله[2].

وفي تفسير الميزان : الخلائف جمع خليفة أي جعلنا هؤلاء الناجين خلائف في الأرض والباقين من بعدهم يخلفون سلفهم ويقومون مقامهم[3].

الخليفة هو الذي يخلف نفساً في أمر ، واُطلق أوّلا على آدم (عليه السلام) فهو خليفة الله جلّ جلاله ، وإنّما خلافة كلّ شيء بحسبه ، فخلافة الله في أسمائه وصفاته ، في علمه وقدرته وحياته.

توضيح ذلك : قال سيّدنا العلاّمة الطباطبائي (قدس سره) في تفسيره القيّم في قوله تعالى : ( وَإذْ قالَ رَبُّكَ لَلْمَلائِكَةِ إنِّي جاعِلٌ في الأرْضِ خَليفَةً قالوا أتَجْعَلُ فيها مَنْ يَُفْسِدُ فيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قالَ إنِّي أعْلَمُ ما لا تَعْلَمونَ وَعَلَّمَ آدَمَ الأسْماءَ كُلَّها ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلى المَلائِكَةِ فَقالَ أنْبِئوني بِأسْماءِ هؤلاءِ إنْ كُنْتُمْ صادِقينَ قالوا سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إلاّ ما عَلَّمْتَنا إنَّكَ أنْتَ العَليمُ الحَكيمُ قالَ يا آدَمُ أنْبِئْهُمْ بِأسْمائِهِمْ فَلَمَّـا أنْبَأهُمْ بِأسْمائِهِمْ قالَ ألَمْ أقُلْ لَكُمْ إنِّي أعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالأرْضَ وَأعْلَمُ ما تُبْدونَ وَما كُنْتُمْ تَكْتُمونَ )[4].

الآيات الكريمة تنبئ عن غرض إنزال الإنسان إلى الدنيا ، وحقيقة جعل الخلافة في الأرض وما هو آثارها وخواصّها ، وهي على خلاف سائر قصصه لم يقع في القرآن إلاّ في محلّ واحد وهو هذا المحلّ.

قوله تعالى : ( قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ) إلى قوله : ( ونقدّس لك ) مشعر بأ نّهم إنّما فهموا وقوع الإفساد وسفك الدماء من قوله سبحانه ( إنّي جاعل في الأرض خليفة ) حيث إنّ الموجود الأرضي بما أ نّه مادّي مركّب من القوى الغضبيّة والشهويّة ، والدار دار التزاحم ، محدودة الجهات ، وافرة المزاحمات ، مركّباتها في معرض الانحلال ، وانتظاماتها وإصلاحاتها في مظنّة الفساد ومصبّ البطلان لا تتمّ الحياة فيها إلاّ بالحياة النوعيّة ، ولا يكمل البقاء فيها إلاّ بالاجتماع والتعاون ، فلا تخلو من الفساد وسفك الدماء ، ففهموا من هناك أنّ الخلافة المرادة لا تقع في الأرض إلاّ بكثرة من الأفراد ونظام اجتماعي بينهم يفضي بالاخرة إلى الفساد والسفك ، والخلافة وهي قيام شيء مقام آخر لا تتمّ إلاّ بكون الخليفة حاكياً للمستخلف في جميع شؤونه الوجوديّة وآثاره وأحكامه وتدابيره بما هو مستخلف ، والله سبحانه في وجوده مسمّى بالأسماء الحسنى متّصف بالصفات العليا ، من أوصاف الجمال والجلال ، منزّه في نفسه عن النقص ومقدّس في فعله عن الشرّ والفساد جلّت عظمته ، والخليفة الأرضي بما هو كذلك لا يليق بالاستخلاف ولا يحكي بوجوده المشوب بكلّ نقص وشين الوجود الإلهي المقدّس المنزّه عن جميع النقائص وكلّ الأعدام ، فأين التراب وربّ الأرباب ، وهذا الكلام من الملائكة في مقام تعرف ما جهلوه ، واستيضاح ما أشكل عليهم من أمر هذا الخليفة ، وليس من الاعتراض والخصومة في شيء ، والدليل على ذلك قولهم فيما حكاه الله تعالى عنهم ( إنّك أنت العليم الحكيم ) حيث صدّر الجملة بإنّ التعليليّة المشعرة بتسليم مدخولها ، فافهم.

فملخّص قولهم يعود إلى أنّ جعل الخلافة إنّما هو لأجل أن يحكي الخليفة مستخلفه بتسبيحه بحمده وتقديسه له بوجوده ، والأرضيّة لا تدعه يفعل ذلك بل تجرّه إلى الفساد والشرّ ، والغايه من هذا الجعل وهي التسبيح والتقديس بالمعنى الذي مرّ من الحكاية حاصلة بتسبيحنا بحمدك وتقديسنا لك ، فنحن خلفاؤك أو فاجعلنا خلفاء لك ، فما فائدة جعل هذه الخلافة الأرضيّة لك ؟ فردّ الله سبحانه ذلك عليهم بقوله : ( إنّي أعلم ما لا تعلمون وعلّم آدم الأسماء كلّها ) ، وهذا السياق يشعر أوّلا : بأنّ الخلافة المذكورة إنّما كانت خلافة الله تعالى ، لا خلافة نوع من الموجود الأرضي كانوا في الأرض قبل الإنسان وانقرضوا ، ثمّ أراد الله تعالى أن يخلفهم بالإنسان ، كما احتمله بعض المفسّرين ، وذلك لأنّ الجواب الذي أجاب سبحانه به عنهم وهو تعليم آدم الأسماء لا يناسب ذلك ، وعلى هذا فالخلافة غير مقصورة على شخص آدم (عليه السلام) ، بل بنوه يشاركونه فيها من غير اختصاص ـ فالخلافة مستمرّة إلى يوم القيامة ، ولا تخلو الأرض من خليفة الله وهو الإنسان الكامل جامع الجمع له ما لرسول الله محمّد خاتم النبيّين (عليهم السلام) من شؤون الولاية العظمى سوى النبوّة ـ ويكون معنى تعليم الأسماء إيداع هذا العلم في الإنسان بحيث يظهر منه آثاره تدريجاً دائماً ولو اهتدى إلى السبيل أمكنه أن يخرجه من القوّة إلى الفعل ، ويؤيّد عموم الخلافة قوله تعالى ( إذ جعلكم خلفاء في الأرض )[5] ، وقوله تعالى ( ثمّ جعلناكم خلائف في الأرض )[6] ، وقوله تعالى : ( ويجعلكم خلفاء الأرض )[7].

أقول : كما يدلّ عليه نفس الآية الشريفة ( إنّي جاعل في الأرض خليفة )فإنّها جملة إسميّة تفيد الاستمرار ، فلا يصحّ القول بأنّ الخلافة منحصرة بآدم (عليه السلام)لا غير.

ثمّ قال العلاّمة (قدس سره) : وثانياً : إنّه سبحانه لم ينفِ عن خليفة الأرض الفساد وسفك الدماء ، ولا كذّب الملائكة في دعواهم التسبيح والتقديس ، وقرّرهم على ما ادّعوا ، بل إنّما أبدى شيئاً آخر وهو أنّ هناك أمراً لا يقدر الملائكة على حمله ولا تحمّله ، ويتحمّله هذا الخليفة الأرضي ، فإنّه يحكي عن الله سبحانه أمراً ، ويتحمّل منه سرّاً ليس في وسع الملائكة ، ولا محالة يتدارك بذلك أمر الفساد وسفك الدماء ، وقد بدّل سبحانه قوله ( قال إنّي أعلم ما لا تعلمون ) ثانياً بقوله : ( ألم أقل لكم إنّي أعلم غيب السماوات والأرض ) والمراد بهذا الغيب هؤلاء الأسماء لا علم آدم بها ، فإنّها الملائكة ما كانت تعلم أنّ هناك أسماء لا يعلمونها ، لا أ نّهم كانوا يعلمون وجود الأسماء كذلك ويجهلون من آدم أ نّه يعلمها ، وإلاّ لما كان لسؤاله تعالى إيّاهم عن الأسماء وجه وهو ظاهر ، بل كان حقّ المقام أن يقتصر بقوله : ( قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم ) حتّى يبتيّن لهم أنّ آدم يعلمها لا أن يسأل الملائكة عن ذلك ، فإنّ هذا السياق يعطي أ نّهم ادّعوا الخلافة وأذعنوا بانتفائها عن آدم ، وكان اللازم أن يعلم الخليفة بالأسماء ، فسألهم عن الأسماء فجهلوها وعلمها آدم ، فثبت بذلك لياقته لها وانتفائها عنهم ، وقد ذيّل سبحانه السؤال بقوله : ( إن كنتم صادقين ) وهو مشعر بأ نّه كانوا ادّعوا شيئاً كان لازمه العلم بالأسماء.

أقول : ولا يخفى كما جاء في روايات آل محمّد في عرش الله ـ كما مرّ ـ أنّ الأسماء التي كانت في الغيب ليست مجرّد حروف وألفاظ بل المراد المسمّيات ، وأ نّها موجودات أحياء عقلاء هم أشرف خلق الله ، وإنّهم نور واحد ، صدر من الواحد ، وهو الصادر الأوّل ، فالعلم به وبولايته العظمى لا يتحمّله إلاّ ملك مقرّب أو نبيّ مرسل كآدم (عليه السلام) أو مؤمن امتحن الله قلبه بالإيمان ، فتلك الأسماء هي أسماء آل محمّد (عليهم السلام) وما صدر عنهم في العوالم الغيبيّة والشهوديّة بأمر الله وخلقه سبحانه وتعالى.

قال العلاّمة (قدس سره) : وقوله تعالى ( وعلّم آدم الأسماء كلّها ثمّ عرضهم ) مشعر بأنّ هذه الأسماء أو مسمّياتها كانوا أحياء عقلاء محجوبين تحت حجاب الغيب ، وأنّ العلم بأسمائهم كان غير نحو العلم الذي عندنا بأسماء الأشياء ، وإلاّ كانت الملائكة بإنباء آدم إيّاهم بها عالمين وصائرين مثل آدم مساوين معه ، ولم يكن في ذلك إكرام لآدم ولا كرامة حيث علّمه الله سبحانه أسماء ولم يعلّمهم ، ولو علّمهم إيّاها كانوا مثل آدم أو أشرف منه ، ولم يكن في ذلك ما يقنعهم أو يبطل حجّتهم ، وأيّ حجّة تتمّ في أن يعلم الله تعالى رجلا علم اللغة ثمّ يباهى به ويتمّ الحجّة على ملائكة مكرمين لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعلمون بأنّ هذا خليفتي وقابل لكرامتي دونكم ؟ ويقول تعالى أنبئوني باللغات التي سوف يضعها الآدميون بينهم للإفهام والتفهيم إن كنتم صادقين في دعواكم أو مسألتكم خلافتي ، على أنّ كمال اللغة هو المعرفة بمقاصد القلوب والملائكة لا تحتاج فيها إلى التكلّم ، وإنّما تتلقّى المقاصد من غير واسطة ، فلهم كمال فوق كمال التكلّم.

وبالجملة فما حصل للملائكة من العلم بواسطة إنباء آدم لهم بالأسماء هو غير ما حصل لآدم من حقيقة العلم بالأسماء بتعليم الله تعالى فأحد الأمرين كان ممكناً في حقّ الملائكة وفي مقدرتهم دون الآخر ، وآدم إنّما استحقّ الخلافة الإلهيّة بالعلم بالأسماء دون إنبائها ، إذ الملائكة إنّما قالوا في مقام الجواب ( سبحانك لا علم لنا إلاّ ما علّمتنا ) فنفوا العلم.

فقد ظهر ممّـا مرّ أنّ العلم بأسماء هؤلاء المسمّيات يجب أن يكون بحيث يكشف عن حقائقهم وأعيان وجوداتهم ، دون مجرّد ما يتكفّله الوضع اللغوي من إعطاء المفهوم فهؤلاء المسمّيات المعلومة حقائق خارجيّة ، ووجودات عينيّة وهي مع ذلك مستورة تحت ستر الغيب ، غيب السماوات والأرض ، والعلم بها على ما هي عليها كان أوّلا ميسوراً ممكناً لموجود أرضي لا ملك سماوي ، وثانياً : دخيلا في الخلافة الإلهيّة.

ثمّ يقول : وإذا تأمّلت هذه الجهات أعني عموم الأسماء وكون مسمّياتها اُولي حياة وعلم وكونها غيب السماوات والأرض قضيت بانطباقها بالضرورة على ما اُشير إليه في قوله تعالى ( وإن من شيء إلاّ عندنا خزائنه وما ننزله إلاّ بقدر معلوم )[8] حيث أخبر سبحانه بأ نّه كلّ ما يقع عليه اسم شيء فله عنده تعالى خزائن مخزونة باقية عنده غير نافذة ، ولا مقدّرة بقدر ، ولا محدودة بحدّ ، وإنّ القدر والحدّ في مرتبة الإنزال والخلق ، وإنّ الكثرة التي هي في هذه الخزائن ليست من جنس الكثرة العدديّة الملازمة للتقدير والتحديد بل تعدّد المراتب والدرجات.

فتحصّل أنّ هؤلاء الذين عرضهم الله تعالى على الملائكة موجودات عالية محفوظة عند الله تعالى ، محجوبة بحجب الغيب ، أنزل الله سبحانه كلّ اسم في العالم بخيرها وبركتها ، واشتقّ كلّ ما في السماوات والأرض من نورها وبهائها ، وأ نّهم على كثرتهم وتعدّدهم لا يتعدّدون تعدّد الأفراد ولا يتفاوتون تفاوت الأشخاص ، وإنّما يدور الأمر هناك مدار المراتب والدرجات ونزول الاسم من عند هؤلاء إنّما هو بهذا القسم من النزول.

وقوله تعالى ( وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون ) وكأنّ هذان القسمان من الغيب النسبي الذي هو بعض السماوات والأرض ، ولذلك قوبل به قوله : ( أعلم غيب السماوات والأرض ) ليشمل قسمي الغيب أعني الخارج عن العالم الأرضي والسماوي وغير الخارج عنه ـ وللبحث صلة فراجع ، انتهى كلامه رفع الله مقامه ـ .

جاء في زيارة الجامعة الكبرى وفي كثير من الروايات الصحيحة أنّ خزائن علم الله هم محمّد وآل محمّد ، وإذا كانت الأسماء كلّها ترجع إلى أسماء الله الحسنى ومن اسمه المهيمن ، فهو المهيمن على كلّ شيء ، وأسمائه الحسنى المهيمنة على كلّ الأسماء ، وورد في الصحيح عن الأئمة (عليهم السلام) : ( نحن أسماء الله الحسنى التي يدعى بها ) فهم مسمّيات تلك الأسماء في تبلورها الجوهري والعرضي التجرّدي والحسّي ، فهم مظاهر أسماء الله وهياكل وأركان التوحيد ، وكان محمّد (صلى الله عليه وآله) نبيّاً وآدم بين الماء والتراب ، وخلقه الله قبل أن يخلق الخلق فهو الصادر الأوّل ، وقد رأى آدم نور أصحاب الكساء على عرش الله سبحانه ـ كما مرّ تفصيل ذلك ـ وقد أمر الله الملائكة بالسجود والتعظيم لآدم لما حمل العلم ، والعلم هم آل محمّد (عليهم السلام) فهم العالون ( استكبرت أم كنت من العالين ) وهذا من السرّ المكنون ، ومن الغيب المصون ، يرجع علمه إلى أهله.

ثمّ القرآن الكريم نزل لتربية الخليفة لله في الأرض ، وآدم إنّما هو خليفة الله في شخصيّته لا في شخصه وحسب ، ويدلّ على ذلك قوله تعالى ( إنّي جاعل في الأرض خليفة ) بصيغة الجملة الاسمية المفيدة للعموم والاستمرار ، وأفضل الأنبياء اُولي العزم وأفضلهم خاتم النبيّين محمّد (صلى الله عليه وآله) ، ثمّ الأئمّة الأطهار نفس النبيّ لا فرق بينهم وبينه إلاّ النبوّة ، فهم خلائف الله ورسوله في الأرض ، والله سبحانه يربّي بلطفه دائماً خليفة في الأرض وهو الحجّة إمّا ظاهراً أو مستوراً ، لولاه لساخت الأرض بأهلها ، ثمّ الخلافة الإلهيّة تكون للأمثل فالأمثل ممّن يحذو حذو الأنبياء ويرثهم في علومهم وسلوكهم من العلماء الصالحين ، والخلق كلّهم جند الله ، والمؤمن يحاول أن يكون من جنده المخلصين ، تجري على يديه أفعال الله ، فيحمل بين جوانحه همم عالية ، فلا يكون عيال على غير الله ، بل يمدّ مائدته ومؤدبيه باسم الله ، فإنّه استخلف ربّه في أسمائه وصفاته لينتفع الناس منه ، فالله سبحانه دائم الفيض على البريّة ، وخليفته يعلّم الناس الكتاب والحكمة ويزكّيهم ويقيم القسط بينهم ، ويرى كلّ هذا من فضل ربّه ، فلا وجود له في نفسه ، فهو شاهد لله وشهيد.

ثمّ النبيّ بأمر من الله نصّ على خلفائه من بعده فقال (صلى الله عليه وآله) : إنّ هذا الأمر لا ينقضي حتّى يمضي فيهم اثنا عشر خليفة[9].

وقال (صلى الله عليه وآله) : ما يزال أمر الناس ماضياً ما وليهم اثنا عشر رجلا كلّهم من قريش.

وقال : إنّ عدّة الخلفاء بعدي عدّة نقباء موسى.

وقال (صلى الله عليه وآله) : لا يزال هذا الدين قائماً حتّى يكون عليكم اثنا عشر خليفة.

والأخبار في هذا المعنى كثيرة ، راجع صحيح مسلم كتاب الإمارة ، وكنز العمّـال 12 : 33032 ، وغيرهما من كتب العامّة وكذلك الخاصّة.

عن عبد العظيم الحسني قال : دخلت على سيّدي عليّ بن محمّد (عليهما السلام) فلمّـا بصر بي قال لي : مرحباً بك يا أبا القاسم أنت وليّنا حقّاً . فقلت له : يا بن رسول الله إنّي اُريد أن أعرض عليك ديني ، إنّي أقول : إنّ الله تبارك وتعالى واحد وإنّ محمّداً عبده ورسوله خاتم النبيّين فلا نبيّ بعده إلى يوم القيامة . وأقول : إنّ الإمام والخليفة ووليّ الأمر بعده أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) ثمّ الحسن ثمّ الحسين ثمّ عليّ ابن الحسين ثمّ محمّد بن عليّ ثمّ جعفر بن محمّد ثمّ موسى بن جعفر ثمّ عليّ بن موسى ثمّ محمّد بن عليّ ثمّ أنت يا مولاي . فقال الإمام (عليه السلام) : ومن بعد الحسن ابني فكيف للناس بالخلف من بعده ! قال : فقلت : وكيف يا مولاي ؟ قال : لأ نّه لا يرى شخصه ولا يحلّ ذكره باسمه حتّى يخرج فيملأ الأرض قسطاً وعدلا . فقال : يا أبا القاسم هذا والله دين الله الذي ارتضاه لعباده فاثبت عليه ، ثبّتك الله بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة[10].

هذا ولا بأس من أن نذكر بعض الروايات التي وردت في الخلافة الخاصّة وذلك من خلال المعجم المفهرس لألفاظ أحاديث بحار الأنوار 9 : 6326 ـ 6396.

1  ـ  اعلم أنّ رسولك وخلفاءك أحياء عندك         100     371     13

2  ـ  يا رسول الله من خلفاؤك     2          25       6

3  ـ  أتقياءك وشهداؤك وخلفاؤك            95       358     21

4  ـ  شهداؤهم خلفاؤك في أرضك           102     203     9

5  ـ  خلفاؤك في عبادك وأعلامك في بلادك           100     187     23

6  ـ  إنّ أولياءه خلفاؤك وأوصياؤه أوصياؤك          80       316     17

7  ـ  أوصياؤك وخلفاؤك وخير خلق بعدك 52       312     13

8  ـ  إنّي زرت ـ خليفتك وابن خلفائك  102     169   15

9  ـ  الأئمة الهادين ـ خلفاؤك في أرضك 52       21       15

10  ـ  خلفاؤك في أرضك الذين اخترتهم لنفسك    90       369     17

11  ـ  خالفوا الله وخالفوا رسوله وخلفاءه 67       104     10

12  ـ  أكرم خلفاءه فأوجب لهم الجنّة      44       132     10

13  ـ  خلفاؤك من بعده هم النجوم الزاهرة           17       341     6

14  ـ  خلفاؤه في أرضه بعد انقضاء وحيه 43       2          19

15  ـ  إنّ هؤلاء عترة نبيّكم وخلفاؤه       26       258     14

16  ـ  فنحن ـ خلفاؤه 46       306     10

17  ـ  عليّ (عليه السلام) ـ خليفته حقّاً وخلفاؤه خلفاء الله 24       358     10

18  ـ  خلفاؤه خلفاء الله            70       211     7

19  ـ  الأنبياء ـ خلفاؤه على عباده        6          353     15

20  ـ  أنتم والله ـ الأئمة الأطهار ـ خلفاؤه ـ النبيّ         10       162     8

           المختار ـ في التوراة

21  ـ  نحن حجج الله في أرضه وخلفاؤه في عباده    23       35       4

22  ـ  الأئمة ـ خلفاؤه ـ النبي ـ من بعده بلا فاصلة       52       164     8

23  ـ  حجج الله وخلفاؤه واُمناؤه وأئمته   26       6          11

24  ـ  الكفر بولاية عليّ (عليه السلام) وخلفائه      8          301     1

25  ـ  المشتمل على إمامة عليّ ـ وخلفائه            9          320     11

26  ـ  يدعوهم إلى ولاية محمّد وعليّ وخلفائه       26       290     14

27  ـ  عرف الله ـ فضل ـ شيعة علي وخلفائه    11       138     5

28  ـ  السلام على أنصار الله وخلفائه      100     223     3

29  ـ  بإذن الله وإذن رسوله وإذن خلفائه 102     84       5

30  ـ  وارث أنبياء الله وخلفائه   102     93       8

31  ـ  أبان ـ خلافة علي ـ وأمر خلفائه بعده     28       66       5

32  ـ  عليّ وخلفائه ـ جنب ـ ربّهم     21       228     15

33  ـ  في علي ـ وسائر خلفائه وأوليائه   8          300     12

34  ـ  دانت به خلفاؤهم وأتباعهم من المؤمنين      10       440     7

35  ـ  على المسلمين طاعة خلفائهم         49       149     15

36  ـ  وفى بالعهد ـ لمحمّد وعليّ وخلفائهما         70       392     2

37  ـ  رحم الله خلفائي 2          25       5

38  ـ  علي وعترته من بعده فإنّهم خلفائي            27       162     7

39  ـ  اجعلهم خلفائي على خلقي في أرضي          63       83       5

40  ـ  تسعة من ولد الحسين ـ خلفائي عليكم     36       244     9

41  ـ  هؤلاء أوصيائي وخلفائي وأئمّة المسلمين     36       254     3

42  ـ  اللهمّ والِ من والى خلفائي وأئمة اُمّتي         36       246     17

43  ـ  هؤلاء يا جابر خلفائي وأوصيائي   36       252     15

44  ـ  إنّ خلفائي وأوصيائي اثنا عشر      51       71       18

45  ـ  اُولي الأمر ـ هم خلفائي يا جابر   36       250     4

46  ـ  نعم الخليفة ـ عليّ (عليه السلام) ـ خلفت 5          294     12

47  ـ  فقلت علياً فقال نعم الخليفة خلفت            27       121     9

48  ـ  قد خلّفت فيكم عترتي أهل بيتي    22       486     9

49  ـ  ليأتمّ بالأئمة فإنّهم خلفائي وأوصيائي          38       92       7

50  ـ  الأئمة من خلفائي وأوصيائي وأوليائي         36       333     17

51  ـ  خلّفت فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي        23       151     14

8          15       8

23       109     18


[1]يونس : 71 ـ 73.

[2]مجمع البيان 11 : 212.

[3]تفسير الميزان 11 : 98.

[4]البقرة : 30 ـ 33.

[5]الأعراف : 69.

[6]يونس : 14.

[7]النمل : 62.

[8]الحجر : 21.

[9]صحيح مسلم : 182.

[10]البحار 69 : 201.

12 ـ متابعة الإمام وإتيانه