29  ـ  المؤمنون

قلّة  المؤمنين

قال الله تعالى :

( حَتَّى إذا جاءَ أمْرُنا وَفارَ التَّنُّورُ قُلـْنا احْمِلْ فيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأهْلَكَ إلاّ مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ القَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَما آمَنَ مَعَهُ إلاّ قَليلٌ )[1].

لا تعجب لو قلنا : إنّ من زوجات الأنبياء من كانت من الغابرين المغضوب عليهم ، فمن الأنبياء الماضين قبل خاتم النبيّين عليه وعليهم السلام ، كان من الزوجات ممّن استحقّت العذاب الإلهي ، فهذه امرأة نوح وتلك امرأة لوط سبق عليهما القول بالعذاب والهلاك وكانتا مع الأكثريّة في الغرق واللعن ، وأمّا نوح وكذلك الأنبياء وحتّى خاتم النبيّين محمّد (صلى الله عليه وآله) فما آمن معه حقّاً وصدقاً وكاملا ، إلاّ القليل ممّن وفى لرعاية الحقّ فيهم ، فقد افترقت اُمّته ـ كما أخبر بذلك ـ إلى ثلاث وسبعين فرقة ، واحدة ناجية يوم القيامة ، والباقي من الهالكين ، وهذا لا يتنافى مع الوحدة الإسلاميّة ، فإنّا كلّنا في هذه الدنيا وبساتينها بحكم الأشجار وما فيها ، والماء إنّما يسقي الجميع ، إلاّ أنّ النجاة لمن ركب سفينتها ، وعلى كلّ واحد أن يعرف ذلك ويبحث عن نجاته ، وعمّـا يُسئل عنه يوم القيامة : ( وَقِفُوهُمْ إنَّهُمْ مَسْؤولونَ ) ، فإنّ الله يسألنا عن شيء ، فلا بدّ أن نبحث عن ذلك ، ونعدّ له الجواب ، حتّى لا يخسر الإنسان دنياه وآخرته.


[1]هود : 40.

30 ـ القلب السليم