![]() |
![]() |
![]() |
في رحاب آية السفينة وحديثها
نبذة من وجوه الشبه بين الآية والرواية
قال الله تعالى في محكم كتابه الكريم مخاطباً نوح (عليه السلام) في صنع السفينة :
( وَاصْنَعِ المُلْكَ بِأعْيُنِنا وَوَحْيِنا )[1].
ومن الأحاديث النبويّة المتواترة لفظاً ومعنىً ، تفصيلا وإجمالا ، عند الفريقين ـ السنّة والشيعة ـ حديث السفينة.
قال رسول الله محمّد (صلى الله عليه وآله) : « مثل أهل بيتي كسفينة نوح من ركبها نجا ، ومن تخلّف عنها غرق وهوى »[2].
وقيل : لمّـا سئل مولانا لسان الله الناطق جعفر بن محمّد الإمام الصادق (عليه السلام)عن حديث « إنّ الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة » : ألستم أنتم سفن النجاة ؟ فقال (عليه السلام) : كلّنا سفن النجاة إلاّ أنّ سفينة الحسين أوسع وأسرع.
كما أنّ للجنّة أبواباً ، منها باب يسمّى باب الحسين (عليه السلام) وهو أوسع الأبواب.
فالسفينة الحسينيّة سعتها بسعة الخلائق ، وتضمّ جميع العباد من آدم (عليه السلام) إلى يوم القيامة.
كما أ نّها أسرع للوصول إلى شاطئ السلام وساحل النجاة ، والوصول إلى بحر فيض الله ورحمته الواسعة ، والفناء في الله سبحانه وتعالى.
وبنظري إنّ المصباح الحسيني للمتّقين ، فإنّه عدل القرآن الكريم ، بل هو القرآن الناطق ، وإذا كان القرآن التدويني العلمي هدىً للمتّقين :
( ذلِكَ الكِتابُ لا رَيْبَ فيهِ هُدىً لِلْمُتَّقينَ )[3].
فكذلك القرآن التكويني العملي ، فهو مصباح الهدى للمتّقين.
كما أنّ السفينة الحسينيّة للمذنبين ، لهما تجلّيات وأشعّات والألواح نورانيّة في السماوات والأرضين ، وعلى مرّ التأريخ والعصور ، فإنّ لقتله وشهادته تبكي السماء دماً ، كما أنّ الأنبياء والأولياء والأوصياء يبكونه ، ويقيمون له المآتم والعزاء ، إنّما هو من تجلّيات تلك السفينة المباركة ، وأشعّة ذلك المصباح الميمون.
ومن بعد شهادته وواقعة الطفّ الحزينة ، نشاهد الثورات القائمة ، والمآتم المنصوبة ، ومواكب العزاء قبل ألف عام ، وبناء الحسينيات قبل قرون ، وإلى يومنا هذا وغداً تزداد وتزداد ، كالقرآن الكريم غضّ جديد لا يبلى ، إنّما ذلك كلّه من بركات تلك السفينة وذلك المصباح ، فإنّ الشعائر الحسينيّة التي هي مظاهر من الشعائر الإلهيّة ، التي من يقيمها فإنّ ذلك من تقوى القلوب ، تلك القلوب التي فيها حرارة قتل سيّد الشهداء الحسين (عليه السلام) ، وإنّها لن تبرد إلى يوم القيامة ، وإنّها شعلة وهّاجة تنير دروب الأحرار على مدى العصور والأحقاب ولكلّ الأجيال ، فإنّ الشعائر الحسينيّة بكلّ مظاهرها ومحتوياتها الشرعيّة إنّما هي من تجلّيات وظهور وبروز تلك السفينة وذلك المصباح . هكذا شاء ربّك الحكيم أن يبقى دينه القويم الإسلام العظيم ، بدم الحسين وأهل بيته الطاهرين (عليهم السلام) أبد الآبدين.
فأهل البيت وعترة النبيّ المختار هم سفن النجاة ، من تركهم فإنّه لا محالة يغرق ويهوى ، كما دلّت على ذلك النصوص القرآنيّة والأحاديث الشريفة وبحكم العقل السليم والفطرة السليمة.
[1]هود : 37.
[2]لقد ذكرت مصادر الحديث بالتفصيل عند الفريقين في كتاب ( أهل البيت (عليهم السلام) سفينة النجاة ) ، وهو مطبوع ، فراجع.
[3]البقرة : 2.
![]() |
![]() |
![]() |