![]() |
![]() |
![]() |
قال الله تعالى في كتابه العزيز :
( اللهُ الَّذي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَد تَرَوْنَها وَالقَمَرَ كُلٌّ يَجْري لأجَل مُسَمَّىً يُدَبِّرُ الأمْرَ يُفَصِّلُ الآياتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقاءِ رَبِّكُمْ توقِنونَ )[1].
هذه الآية الكريمة وما بعدها تدلّ على معرفة هذا العرش الذي سمّيناه بالعرش التدبيري وبالعرش الحكومي أيضاً ، في كلّ ذلك آيات لقوم يتفكّرون ويتعقّلون ، ونتيجة العقل والتفكّر إنّما هو زيادة اليقين وكمال الإيقان ، ولعلّكم بلقاء ربّكم المسخّر والمدبّر والحاكم على الكون توقنون وتعتقدون ، فسبحانه وتعالى استولى واستوى على العرش ، ليدبّر الأمر في خلقه وعباده ، ويفصّل لهم الآيات الربّانيّة ، لزيادة يقينهم ، وإنّهم سيلاقون ربّهم ، فإنّ الإنسان كادحٌ إلى ربّه كدحاً فملاقيه ، ومن يرجو لقاء ربّه فإنّه يعمل الصالحات وهو مؤمن ، وهذا هو المقصود من اليقين التامّ والإيمان الكامل بالله سبحانه وبلقائه ، ويكون في مقعد صدق عند مليك مقتدر ، فلا بدّ من العمل الصالح المقرون بالإيمان ، كما في آيات القرآن في كثير من المواضع ، فقد قارن الله سبحانه الإيمان بالعمل الصالح في قوله تعالى :
( الَّذينَ آمَنوا وَعَمِلوا الصَّالِحاتِ ).
فالله سبحانه هو المدبّر ، وفي زمن الإمام السجّاد (عليه السلام) شوهد قد كتب على ستار الكعبة :
لا تدبّر لك أمراً *** فاُولي التدبير هلكى
وكّل الأمر إلى من *** هو أولى منك أمرا
والله سبحانه يهدي عباده أن يتوكّلوا عليه :
( وَعَلى اللهِ فَلـْيَتَوَكَّلِ المُؤْمِنونَ )[2].
ومن توكّل على الله فهو حسبه ويكفيه ، فإنّه خير وكيل ، جامع لكلّ صفات الكمال والجمال ، فإنّه الحيّ السرمدي العالم بكلّ شيء والقادر عليه ، فيفعل الله ما يشاء بقدرته ، ويحكم ما يريد بعزّته.
فهو المدبّر لما سواه مباشرة أو بوسائط ، فأزمّة الاُمور طرّاً بيده ، وليس في الديار ديّاناً إلاّ هو ، هو الأوّل هو الآخر ، هو الظاهر هو الباطن ، فبالعلم المطلق والرحمة الرحمانيّة استوى على العرش التدبيري ، ليدبّر أمر خلقه ونظمه بحكمة بالغة ونظام ودقيق ، وعلى مثل هذا العرش الإلهي كتب بلون أخضر لون المعرفة : ( الحسين مصباح هدى وسفينة نجاة ) ليسري النور الحسيني من مصباح هدايته في كلّ المخلوقات ، فتبكيه الأرضين والسماوات وما فيهنّ ، كما ورد في الأخبار الشريفة.
[1]الرعد : 2.
[2]التغابن : 13.
![]() |
![]() |
![]() |