![]() |
![]() |
![]() |
لقد ثبت بالتواتر الإجمالي والمعنوي ، أنّ من شؤون آل محمّد (عليهم السلام) العليا ومقاماتهم الإلهيّة السامية ، أنّ أنوارهم القدسيّة زيّنت عرش الله سبحانه وتعالى ، فكثير من الروايات النبويّة والولويّة المروية عن أولياء الله الأئمة الأطهار (عليهم السلام)تدلّ على هذا المقام العظيم والمنزلة الرفيعة المختصّة بأهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، نذكر نماذج من هذه الأخبار الشريفة :
1 ـ عن علل الشرائع وعيون أخبار الرضا(عليه السلام) بسنده عن الإمام الرضا(عليه السلام)عن آبائه (عليهم السلام) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : لمّـا عُرج بي إلى السماء نوديت : يا محمّد ، فقلت : لبّيك ربّي وسعديك تباركت وتعاليت ، فنوديت : يا محمّد ، أنت عبدي وأنا ربّك فإيّاي فاعبد ، وعليّ فتوكّل فإنّك نوري في عبادي ورسولي إلى خلقي وحجّتي على بريّتي ، لك ولمن تبعك خلقت جنّتي ، ولمن خالفك خلقت ناري ، ولأوصيائك أوجبت كرامتي ، ولشيعتهم أوجبت ثوابي ، فقلت : يا ربّ ، ومَن أوصيائي ؟ فنوديت : يا محمّد ، أوصياؤك المكتوبون على ساق عرشي ، فنظرت وأنا بين يدي ربّي جلّ جلاله إلى ساق العرش ، فرأيت اثني عشر نوراً في كلّ نور سطرٌ أخضر ، عليه اسم وصيّ من أوصيائي ، أوّلهم عليّ بن أبي طالب وآخرهم مهدي اُمّتي ، فقلت : يا ربّ ، هؤلاء أوصيائي بعدي ؟ فنوديت : يا محمّد ، هؤلاء أوليائي وأحبّائي وأصفيائي وحججي بعدك على بريّتي ، وهم أوصياؤك وخلفاؤك وخير خلقي بعدك ، وعزّتي وجلالي لاُطهرنّ بهم ديني ولاُعلينّ بهم كلمتي ، ولاُطهرنّ الأرض بآخرهم من أعدائي ، ولاُملكنّه مشارق الأرض ومغاربها ، ولاُسخرنّ له الرياح ، ولاُذلّلنّ له السحاب الصعاب ، ولاُرقينّه في الأسباب ، ولأنصرنّه بجندي ، ولأمدّنّه بملائكتي حتّى يعلن دعوتي ، يجمع الخلق على توحيدي ثمّ لاُديمنّ ملكه ، ولاُداولنّ الأيّام بين أوليائي إلى يوم القيامة[1].
2 ـ قصص الأنبياء بسنده قال أبو عبد الله (عليه السلام) : اجتمع ولد آدم في بيت ، فتشاجروا فقال بعضهم : خير خلق الله أبونا آدم ، وقال بعضهم : الملائكة المقرّبون ، وقال بعضهم : حملة العرش ، إذ دخل عليهم هبة الله فقال بعضهم : لقد جاءكم من يفرّج عنكم ، فسلّم ثمّ جلس فقال : في أيّ شيء كنتم ؟ فقال : كنّا نفكّر في خير خلق الله ، فأخبروه فقال : اصبروا لي قليلا حتّى أرجع إليكم ، فأتى أباه فقال : يا أبتِ ، إنّي دخلت على إخوتي وهم يتشاجرون في خير خلق الله ، فسألوني فلم يكن عندي ما اُخبرهم ، فقلت : اصبروا حتّى أرجع إليكم ، فقال آدم : يا بنيّ وقفت بين يدي الله جلّ جلاله ، فنظرت إلى سطر على وجه العرش مكتوب : بسم الله الرحمن الرحيم محمّد وآل محمّد خير من برأ الله[2].
3 ـ فضائل الشيعة بسنده عن أبي سعيد الخدري قال : كنّا جلوساً مع رسول الله(صلى الله عليه وآله) إذ أقبل إليه رجل فقال : يا رسول الله أخبرني عن قول الله عزّوجلّ لإبليس ( أسٌتَكْبَرْتَ أمْ كُنْتَ مِنَ العالينَ ) فمن هم يا رسول الله الذي هم أعلى من الملائكة ؟ فقال رسول الله : أنا وعليّ وفاطمة والحسن والحسين ، كنّا في سرادق العرش نسبّح الله ، وتسبّح الملائكة بتسبيحنا قبل أن يخلق الله عزّ وجلّ آدم بألفي عام ، فلمّـا خلق الله عزّ وجلّ آدم أمر الملائكة أن يسجدوا له ولم يأمرنا بالسجود ، فسجدت الملائكة كلّهم إلاّ إبليس فإنّه أبى أن يسجد ، فقال الله تبارك وتعالى : ( أسٌتَكْبَرْتَ أمْ كُنْتَ مِنَ العالينَ ) أي من هؤلاء الخمس المكتوب أسماؤهم في سرادق العرش ، فنحن باب الله الذي يؤتى منه ، بنا يهتدي المهتدون ، فمن أحبّنا أحبّه الله وأسكنه جنّته ، ومن أبغضنا أبغضه الله وأسكنه ناره ، ولا يحبّنا إلاّ من طاب مولده[3].
4 ـ عن قبيصة بن يزيد الجعفي قال : دخلت على الصادق جعفر بن محمّد (عليه السلام)وعنده الدوس بن أبي الدوس وابن ظبيان والقاسم الصيرفي فسلّمت وجلست وقلت : يا بن رسول الله ، لقد أتيتك مستفيداً ، قال : سل وأوجز ، قلت : أين كنتم قبل أن يخلق الله سماءً مبنيّة وأرضاً مدحيّة أو ظلمة ونوراً ؟ قال : يا قبيصة ، لِمَ سألتنا عن هذا الحديث في مثل هذا الوقت ؟ أما علمت أنّ حبّنا قد اكتتم وبغضنا قد فشا ، وإنّ لنا أعداء من الجنّ يخرجون حديثنا إلى أعدائنا من الإنس ، وإنّ الحيطان لها آذان كآذان الناس ؟ قال : قلت : قد سألت عن ذلك . قال : يا قبيصة ، كنّا أشباح نور حول العرش نسبّح الله قبل أن يخلق آدم بخمسة عشر ألف عام ، فلمّـا خلق الله آدم فرّغنا في صلبه فلم يزل ينقلنا من صلب طاهر إلى رحم مطهّر حتّى بعث الله محمّداً (صلى الله عليه وآله) ، فنحن عروة الله الوثقى من استمسك بنا نجا ، ومن تخلّف عنّا هوى ، لا ندخله في باب ضلال ، ولا نخرجه من باب هدىً ، ونحن رعاة شمس الله ، ونحن عترة رسول الله ، ونحن القبّة التي طالت أطنابها واتّسع فناؤها ، من ضوى إلينا نجا إلى الجنّة ، ومن تخلّف عنّا هوى إلى النار . قلت : لوجه ربّي الحمد[4].
5 ـ روى الصدوق في كتاب المعراج عن رجاله إلى ابن عباس ، قال : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو يخاطب عليّاً (عليه السلام) ويقول : يا عليّ ، إنّ الله تبارك وتعالى كان ولا شيء معه فخلقني وخلقك روحين من نور جلاله ، فكنّا أمام عرش ربّ العالمين نسبّح الله ونقدّسه ونحمده ونهلّله ، وذلك قبل أن يخلق السماوات والأرضين ... يا محمّد ، كتبت اسمك واسمه على عرشي من قبل أن أخلق الخلق محبّة لكما ولمن أحبّكما وتولاّكما وأطاعكما ... الحديث طويل فراجع[5].
6 ـ عن أنس بن مالك قال : بينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) صلّى صلاة الفجر ثمّ استوى في محرابه كالدر في تمامه فقلت : يا رسول الله ، إن رأيت أن تفسّر لنا هذه الآية قوله تعالى : ( اُولـئِكَ مَعَ الَّذينَ أنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحينَ ) ، فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله) : أمّا النبيّون فأنا ، وأمّا الصدّيقون فعليّ بن أبي طالب ، وأمّا الشهداء فعمّي حمزة ، وأمّا الصالحون فابنتي فاطمة وولداها الحسن والحسين ، فنهض العباس من زاوية المسجد إلى بين يديه (صلى الله عليه وآله) وقال : يا رسول الله ، ألست أنا وأنت وعلي وفاطمة والحسن والحسين من ينبوع واحد ؟ قال (صلى الله عليه وآله) : وما وراء ذلك يا عمّـاه ؟ قال : لأ نّك لم تذكرني حين ذكرتهم ولم تشرّفني حين شرّفتهم.
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : يا عمّـاه ، أمّا قولك أنا وأنت وعلي والحسن والحسين من ينبوع واحد فصدقت ، ولكن خلقنا الله نحن حيث لا سماء مبنيّة ولا أرض مدحيّة ولا عرش ولا جنّة ولا نار ، كنّا نسّبحه حين لا تسبيح ، ونقدّسه حين لا تقديس ، فلمّـا أراد الله بدء الصنعة فتق نوري فخلق منه العرش ، فنور العرش من نوري ، ونوري من نور الله ، وأنا أفضل من العرش ـ الحديث طويل فراجع[6] ـ .
7 ـ أمالي ابن الشيخ بسنده عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : إنّ الله خلق محمّداً (صلى الله عليه وآله) من طينة من جوهرة تحت العرش ، وإنّه كان لطينته نضج فجبل طينة أمير المؤمنين (عليه السلام) من نضج طينة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وكان لطينة أمير المؤمنين نضج فجبل طينتنا من فضل طينة أمير المؤمنين (عليه السلام) ، وكانت لطينتنا نضج فجبل طينة شيعتنا من نضج طينتنا ، فقلوبهم تحنّ إلينا ، وقلوبنا تعطف عليهم ، تعطّف الوالد على الولد ، ونحن خير لهم وهم خير لنا ، ورسول الله لنا خير ونحن له خير[7].
8 ـ قال أبو عبد الله (عليه السلام) : إنّ الله إذا أحبّ أن يخلق الإمام أخذ شربة من تحت العرش فأعطاها ملكاً فسقاها إيّاها ـ أي اُمّ الإمام ـ فمن ذلك يخلق الإمام ، فإذا ولد بعث الله ذلك الملك إلى الإمام فكتب بين عينيه ( وتمّت كلمة ربّك صدقاً وعدلا لا مبدّل لكلماته وهو السميع العليم ) . فإذا مضى ذلك الإمام الذي قبله رفع له مناراً يبصر به أعمال العباد ، فكذلك يحتجّ به على خلقه[8].
9 ـ عن جابر بن يزيد الجعفي قال : قال أبو جعفر محمّد بن عليّ الباقر (عليه السلام) : يا جابر ، كان الله ولا شيء غيره ولا معلوم ولا مجهول ، فأوّل ما ابتدأ من خلق خلقه أن خلق محمّداً (صلى الله عليه وآله) وخلقنا أهل البيت معه من نوره وعظمته ، فأوقفنا أظلّة خضراء بين يديه ، حيث لا سماء ولا أرض ولا مكان ولا ليل ولا نهار ولا شمس ولا قمر ، يفصل نورنا عن نور ربّنا كشعاع الشمس من الشمس ، نسبّح الله تعالى ونقدّسه ونحمده ونعبده حقّ عبادته ، ثمّ بدا لله تعالى عزّ وجلّ أن يخلق المكان فخلقه ، وكتب على المكان لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله عليّ أمير المؤمنين ووصيّه ، به أيّدته ونصرته ، ثمّ خلق الله العرش فكتب على سرادقات العرش مثل ذلك ، ثمّ خلق الله السماوات فكتب على أطرافها مثل ذلك ، ثمّ خلق الجنّة والنار فكتب عليها مثل ذلك ، ثمّ خلق الملائكة وأسكنهم السماء ، ثمّ تراءى لهم الله تعالى ـ أي عرّف نفسه لهم فعرفوه ـ وأخذه عليهم الميثاق له بالربوبيّة ولمحمّد (صلى الله عليه وآله) بالنبوّة ولعليّ (عليه السلام)بالولاية ، فاضطربت فرائص الملائكة ـ أي تزلزلوا في قبول ذلك ـ فسخط الله على الملائكة واحتجب عنهم فلاذوا بالعرش سبع سنين يستجيرون الله من سخطه ويقرّون بما أخذ عليهم ، ويسألونه الرضا فرضي عنهم بعدما أقرّوا بذلك ، وأسكنهم بذلك الإقرار السماء واختصّهم لنفسه واختارهم لعبادته ، ثمّ أمر الله تعالى أنوارنا أن تسبّح ، فسبّحت ، فسبّحوا بتسبيحنا ، ولولا تسبيح أنوارنا ما دروا كيف يسبّحون الله ولا كيف يقدّسونه ... الحديث طويل نقلنا منه موضع الحاجة ، فراجع[9].
10 ـ روى الشيخ أبو جعفر الطوسي قدّس الله روحه عن رجاله عن عبد الله ابن عجلان السكوني قال : سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول : بيت علي وفاطمة من حجرة رسول الله صلوات الله عليهم ، وسقف بيتهم عرش ربّ العالمين ، وفي قعر بيوتهم فرجة مكشوطة إلى العرش معراج الوحي والملائكة ، تنزل عليهم بالوحي صباحاً ومساءً ، وفي كلّ ساعة وطرفة عين ، والملائكة لا ينقطع فوجهم ، فوج ينزل وفوج يصعد ، وإنّ الله تبارك وتعالى كشط لإبراهيم (عليه السلام) عن السماوات حتّى أبصر العرش وزاد الله في قوّة ناظره ، وإنّ الله زاد في قوّة ناظرة محمّد وعلي وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم ، وكانوا يبصرون العرش ـ أي يبصرون ملكوت السماوات والأرض أو يدركون علوم الله تبارك وتعالى ومعارفه وآياته أو ما ذكرناه من معاني العرش من أسماء الله وصفاته ـ ولا يجدون لبيوتهم سقفاً غير العرش ، فبيوتهم مسقّفة بعرش الرحمن ، ومعارج معراج الملائكة والروح ، فوج بعد فوج ، لا انقطاع لهم ، وما من بيت من بيوت الأئمة منّا إلاّ وفيه معراج الملائكة ، يقول الله : ( تَنَزَّلُ المَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فيها بِإذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أمْر سَلامٌ ) قال : قلت : من كلّ أمر ؟ قال : بكلّ أمر ، قلت : هذا التنزيل ؟ قال : نعم[10].
11 ـ عن زيد الشحّام قال : قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) : أ يّما أفضل الحسن أم الحسين ؟ فقال : إنّ فضل أوّلنا يلحق بفضل آخرنا ، وفضل آخرنا يلحق بفضل أوّلنا ، وكلّ له فضل ، قال : قلت له : جعلت فداك وسّع عليّ في الجواب ، فإنّي والله ما سألتك إلاّ مرتاداً ، فقال : نحن من شجرة طيّبة برأنا الله من طينة واحدة ، فضلنا من الله ، وعلمنا من عند الله ، ونحن اُمناؤه على خلقه ، والدعاة إلى دينه ، والحجّاب فيما بينه وبين خلقه.
أزيدك يا زيد ؟ قلت : نعم . فقال : خلقنا واحد ، وعلمنا واحد ، وفضلنا واحد ، وكلّنا واحد عند الله تعالى ، فقال : أخبرني بعدّتكم ؟ فقال : نحن اثنا عشر هكذا حول عرش ربّنا عزّ وجلّ في مبتدأ خلقنا ، أوّلنا محمّد وأوسطنا محمّد وآخرنا محمّد[11].
12 ـ عن عبد الله بن بكر الأرجائي في حديث عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : قلت : جعلت فداك ، أخبرني عن الحسين (عليه السلام) لو نبش كانوا يجدون في قبره شيئاً ؟ قال : يا ابن بكر ما أعظم مسائلك ؟ الحسين مع أبيه واُمّه وأخيه الحسن في منزل رسول الله (صلى الله عليه وآله) يحيون كما يحيى ، ويرزقون كما يرزق ، فلو نبش في أ يّامه لوجد ، فأمّا اليوم فهو حيّ عند ربّه ينظر إلى معسكره وينظر إلى العرش ، متى يؤمر أن يحمله ، وإنّه لعلى يمين العرش متعلّق يقول : يا ربّ أنجز لي ما وعدتني ، وإنّه لينظر إلى زوّاره وهو أعرف بهم وبأسمائهم وأسماء آبائهم وبدرجاتهم وبمنزلتهم عند الله من أحدكم بولده وما في رحله ، وإنّه ليرى من يبكيه فيستغفر له رحمةً له ، ويسأل آباءه الاستغفار له ويقول : لو تعلم أ يّها الباكي ما أعدّ لك لفرحت أكثر ممّـا جزعت ، ويستغفر له رحمةً له كلّ من سمع بكاءه من الملائكة في السماء وفي الحائر وينقلب وما عليه من ذنب[12].
13 ـ قال الإمام الصادق (عليه السلام) : إنّ لنا في كلّ ليلة جمعة سروراً ، إنّه إذا كان ليلة الجمعة وافى رسول الله (صلى الله عليه وآله) العرش ووافى الأئمة معه ووافينا معهم ، فلا ترد أرواحنا إلى أبداننا إلاّ بعلم مستفاد ، ولولا ذلك لنفد ما عندنا[13].
قال العلاّمة المجلسي في بيان الخبر : يحتمل أن يكون بقاء ما عندهم من العلم مشروطاً بتلك الحالة ، ويحتمل أن يكون المستفاد تفصيلا لما علموا مجملا ، ويمكنهم استنباط التفصيل منه ، أو المراد أ نّه لا يجوز لنا الإظهار بدون ذلك كما يؤمي إليه خبر ليلة القدر ، أو المراد أنفدنا من علم مخصوص سوى الحلال والحرام ولم يفض على النبيّ والأئمة المتقدّمين صلوات الله عليهم ، وإن اُفيض في ذلك الوقت كما سيأتي ، وذلك إمّا من المعارف الإلهيّة أو من الاُمور البدائيّة كما مرّ منّا الإشارة إليهما ، ويؤيّد الأخير كثير من الأخبار الآتية ـ انتهى كلامه رفع الله مقامه ـ ويحتمل أن يكون من العلم المستأثر عند الله ، كما في الخبر[14] ، فراجع.
14 ـ عن الثمالي عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : سمعته يقول : والله إنّا لخزّان الله في سمائه وخزّانه في أرضه ، لسنا بخزّان على ذهب ولا فضّة ، وإنّ منّا لحملة العرش يوم القيامة[15].
15 ـ روي لنا أنّ حبيب بن مظاهر الأسدي ـ بيّض الله وجهه ـ أ نّه قال للحسين بن عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) : أيّ شيء كنتم قبل أن يخلق الله عزّ وجلّ آدم (عليه السلام) ؟ قال : كنّا أشباح نور ندور حول عرش الرحمن فنعلّم الملائكه التسبيح والتهليل والتحميد[16].
16 ـ عن الهروي قال : قلت للرضا (عليه السلام) : يا ابن رسول الله ، أخبرني عن الشجرة التي أكل منها آدم وحوّاء ما كانت ؟ فقد اختلف الناس فيها ، فمنهم من يروي أ نّها الحنطة ، ومنهم من يروي أ نّها العنب ، ومنهم من يروي أ نّها شجرة الحسد ؟ فقال : كلّ ذلك حقّ . قلت : فما معنى هذه الوجوه على اختلافها ؟ فقال : يا أبا الصلت ، إنّ شجرة الجنّة تحمل أنواعاً ، فكانت شجرة الحنطة وفيها عنب وليست كشجرة الدنيا.
وإنّ آدم لمّـا أكرمه الله تعالى ذكره بأسماء الملائكة له ، وبإدخاله الجنّة ، قال في نفسه : هل خلق الله بشراً أفضل منّي ؟ فعلم الله عزّ وجلّ ما وقع في نفسه فناداه : ارفع رأسك يا آدم فانظر إلى ساق عرشي ، فرفع آدم رأسه فنظر إلى ساق العرش فوجد عليه مكتوباً : لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين وزوجته فاطمة سيّدة نساء العالمين والحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة.
فقال آدم (عليه السلام) : يا ربّ ، من هؤلاء ؟ فقال عزّ وجلّ : من ذرّيتك وهم خيرٌ منك ومن جميع خلقي ، ولولاهم ما خلقتك ولا خلقت الجنّة والنار ولا السماء والأرض ، فإيّاك أن تنظر إليهم بعين الحسد ، فاُخرجك عن جواري.
ونظر إليهم بعين الحسد ، وتمنّى منزلتهم ، فتسلّط الشيطان عليه حتّى أكل من الشجرة التي نهي عنها ، وتسلّط على حوّاء لنظرها إلى فاطمة (عليها السلام) بعين الحسد حتّى أكلت من الشجرة كما أكل آدم فأخرجهما الله عزّ وجلّ عن جنّته وأهبطهما عن جواره إلى الأرض[17].
قال العلاّمة المجلسي في بيان الخبر : لعلّ المراد بنظر الحسد تمنّي أحوالهم والوصول إلى منازلهم وكان ذلك منهما ترك الأولى ، لأ نّه مع العلم بأنّ الله تعالى فضّلهم عليهما ، كان ينبغي لهما أن يكونا في مقام الرضا والتسليم ، وأن لا يتمنّيا درجاتهم صلوات الله عليهم.
أقول : ولعلّ قولهم (عليهم السلام) : « لا يقاس بنا أحد » إشارة إلى هذا المقام العظيم ، وحتّى لمثل آدم (عليه السلام) لا يحقّ له أن يقيس نفسه بهم ، فإنّهم دون الخالق جلّ جلاله ، وفوق ما سواه عزّ وجلّ ، فهم صنايع الله والخلق صنايعهم ، فهم الصادر الأوّل والعلّة الغائيّة في الوجود ، وهذا من سرّ السرّ في المعبود ، فتدبّر.
17 ـ الكراجكي في كنز الفوائد بسنده في حديث طويل في معراج النبيّ (صلى الله عليه وآله)عن الجارود بن المنذر العبدي : قال رسول الله : يا جارود ، ليلة اُسري بي إلى السماء أوحى الله عزّ وجلّ إليّ أن سل من أرسلنا قبلك من رسلنا على ما بعثوا ؟ فقلت : على ما بعثتم ؟ فقالوا : على نبوّتك وولاية عليّ بن أبي طالب والأئمة منكما ، ثمّ اُوحي إليّ أن التفت عن يمين العرش . فالتفتّ فإذا : عليّ والحسن والحسين وعليّ بن الحسين ومحمّد بن عليّ وجعفر بن محمّد وموسى بن جعفر وعليّ بن موسى ومحمّد بن عليّ وعليّ بن محمّد والحسن بن عليّ والمهدي في ضحضاح من نور يصلّون ، فقال لي الربّ تعالى : هؤلاء الحجج أوليائي وهذا ـ أي المهدي (عليه السلام) ـ المنتقم من أعدائي[18].
هذا وينقل العلاّمة المجلسي ما يقول المحقّق الكراجكي (رحمهما الله) في بيان الخبر الشريف وأ نّه لو سئل الشيعة عن هذا الحديث أ نّه كيف كان الأنبياء المرسلون قبل رسول الله قد ماتوا فكيف يصحّ سؤالهم في السماء ؟ وما معنى أ نّهم بعثوا على نبوّته وولاية علي والأئمة من ولده (عليهم السلام) ؟ وأ نّه كيف يصحّ أن يكون الأئمة الاثنا عشر (عليهم السلام) في تلك الحال في السماء ونحن نعلم ضرورة خلاف هذا ، لأنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) كان في ذلك الوقت بمكّة في الأرض ، ولم يدّع قط ولا ادّعى له أحد أ نّه صعد إلى السماء ، فأمّا الأئمة من ولده فلم يكن وجد أحد منهم بعد ولا ولد ، فما معنى ذلك إن كان الخبر حقّاً ؟
فأجاب (قدس سره) عن السؤال الأوّل : إنّا لا نشكّ في موت الأنبياء (عليهم السلام) غير أنّ الخبر قد ورد بأنّ الله تعالى يرفعهم بعد مماتهم إلى سمائه ، وأ نّهم يكونون فيها أحياء متنعّمين إلى يوم القيامة ، ليس ذلك بمستحيل في قدرة الله سبحانه ، وقد ورد عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) أ نّه قال : أنا أكرم عند الله من أن يدعني في الأرض أكثر من ثلاث ، وهكذا عندنا حكم الأئمة (عليهم السلام).
قال النبيّ (صلى الله عليه وآله) : « لو مات نبيّ بالمشرق ومات وصيّه بالمغرب لجمع الله بينهما » وليس زيارتنا لمشاهدهم على أ نّهم بها ، ولكن أشرف المواضع فكانت غيّبت الأجسام فيها ، ولعبادة أيضاً ندبنا إليها ، فيصحّ على هذا أن يكون النبيّ (صلى الله عليه وآله) رأى الأنبياء (عليهم السلام) في السماء فسألهم كما أمره الله تعالى.
وبعد فقد قال الله تعالى : ( وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذينَ قُتِلوا في سَبيلِ اللهِ أمْواتاً بَلْ أحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ ) فإذا كان المؤمنون الذين قتلوا في سبيل الله على هذا الوصف ، فكيف ينكر أنّ الأنبياء (عليهم السلام) بعد موتهم أحياء منعّمون في السماء ، وقد اتّصلت الأخبار من طريق الخاصّ والعامّ بتصحيح هذا.
وأجمع الرواة على أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) لمّـا خوطب لغرض الصلاة ليلة المعراج وهو في السماء ، قال له موسى (عليه السلام) : « إنّ اُمّتك لا تطيق » وإنّه راجع إلى الله تعالى دفعة بعد اُخرى ، وما حصل عليه الاتّفاق فلم يبقَ فيه كذب.
وأمّا الجواب عن السؤال الثاني : فهو أن يكون الأنبياء (عليهم السلام) قد اُعلموا بأ نّه سيبعث نبيّاً يكون خاتمهم ، وناسخاً بشرعه شرائعهم ، واُعلموا أ نّه أجلّهم وأفضلهم ، وأ نّه سيكون أوصياؤه من بعده حفظة لشرعه وحملة لدينه وحججاً على اُمّته ، فوجب على الأنبياء (عليهم السلام) التصديق بما اُخبروا به والإقرار بجميعه.
أخبر الشريف يحيى بن أحمد بن إبراهيم بن طباطبا الحسيني عن عبد الواحد ابن عبد الله الموصلي عن أبي علي بن همّـام عن عبد الله بن جعفر الحميري عن عبد الله بن محمد بن محمّد بن أحمد عن يونس بن يعقوب عن عبد الأعلى بن أعين قال : سمعت أبا عبد الله الصادق (عليه السلام) يقول : ما تنبّأ نبيّ قطّ إلاّ بمعرفة حقّنا ، وتفضيلنا على من سوانا.
وإنّ الاُمّة مجمعة على أنّ الأنبياء (عليهم السلام) قد بشّروا بنبيّنا (صلى الله عليه وآله) ونبّهوا على أمره ، ولا يصحّ منهم ذاك إلاّ وقد أعلمهم الله تعالى به فصدّقوا وآمنوا بالمخبر به ، وكذلك قد روت الشيعة بأ نّهم قد بشّروا بالأئمة أوصياء رسول الله (صلى الله عليه وآله).
وأمّا الجواب عن السؤال الثالث : فهو أ نّه يجوز أن يكون تعالى أحدث لرسول الله (صلى الله عليه وآله) في الحال صوراً كصور الأئمة (عليهم السلام) ليراهم أجمعين على كمالهم كمن شاهد أشخاصهم برؤية مثالهم ، ويشكر الله تعالى على ما منحه من تفضيلهم وإجلالهم وهذا في الممكن المقدور ـ أي كان ممكناً ومقدوراً لله سبحانه فلا يستحيل عقلا لوجود المقتضي وعدم المانع ـ .
ويجوز أيضاً أن يكون الله تعالى خلق على صورهم ملائكة في سمائه يسبّحونه ويقدّسونه لتراهم ملائكته الذين قد أعلمهم بأ نّهم سيكونون في أرضه حججاً له على خلقه ، فتتأكّد عندهم منازلهم وتكون رؤيتهم تذكاراً لهم بهم وبما سيكون من أمرهم.
وقد جاء في الحديث أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) رأى في السماء لمّـا عرج به ملكاً على صورة أمير المؤمنين صلوات الله عليه ، وهذا خبر اتّفق أصحاب الحديث من السنّة والشيعة على نقله ، حدّثني به من طريق العامّة أبو الحسن محمّد بن أحمد بن شاذان عن جعفر بن محمد بن مسرور عن الحسين بن محمّد عن أحمد بن علويه عن إبراهيم ابن محمّد عن عبد الله بن صالح عن حديد عن عبد الحميد عن مجاهد عن ابن عباس قال : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول : لمّـا اُسري بي إلى السماء ما مررت بملأ من الملائكة إلاّ سألوني عن علي بن أبي طالب حتّى ظننت أنّ اسم علي أشهر في السماء من اسمي ، فلمّـا بلغت السماء الرابعة نظرت إلى ملك الموت (عليه السلام) فقال لي : يا محمّد ، ما خلق الله خلقاً إلاّ أقبض روحه بيدي ما خلا أنت وعليّ ، فإنّ الله جلّ جلاله يقبض أرواحكما بقدرته . فلمّـا صرت تحت العرش نظرت فإذا أنا بعليّ بن أبي طالب واقفاً تحت عرش ربّي ، فقلت : يا عليّ سبقتني ؟ فقال لي جبرئيل (عليه السلام) : يا محمّد ، من هذا الذي يكلّمك ؟ قلت : هذا أخي علي بن أبي طالب ، قال لي : يا محمّد ليس هذا عليّاً ، ولكنّه ملك من ملائكة الرحمان خلقه الله على صورة علي ابن أبي طالب ، فنحن الملائكة المقرّبون كلّما اشتقنا إلى وجه علي بن أبي طالب زرنا هذا الملك ، لكرامة علي بن أبي طالب على الله سبحانه.
فيصحّ على هذا الوجه أن يكون الذين رآهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ملائكة على صور الأئمة (عليهم السلام) ، وجميع ذلك داخل في باب التجويز والإمكان والحمد لله . انتهى كلامه رفع الله مقامه.
يقول العلاّمة المجلسي : ويحتمل أيضاً في رؤية من مضى ومن لم يأت ، أن يكون (صلى الله عليه وآله) رأى أجسادهم المثالية أو أرواحهم على القول بتجسّمها ، وقد مرّ بعض القول في ذلك في كتاب المعاد والله يهدي إلى الرشاد.
أقول :
ويمكن أن يكون من عالم الأنوار أو الأشباح الذي كان قبل خلق السماوات والأرض ، وما بينهما وقبل خلق آدم (عليه السلام) ، كما ورد في الروايات الكثيرة ، فتدبّر.
18 ـ عن المفضّل في حديث طويل في قصّة آدم وحوّاء وعرض الأمانة على السماوات والأرض فأبين أن يحملنها وحملها الإنسان إنّه كان ظلوماً جهولا ، فقال الإمام الصادق (عليه السلام) : فلمّـا أراد الله عزّ وجلّ أن يتوب عليهما جاءهما جبرئيل فقال لهما : إنّكما ظلمتما أنفسكما بتمنّي منزلة من فضّل عليكما ، فجزاؤكما ما قد عوقبتما به من الهبوط من جوار الله عزّ وجلّ إلى أرضه ، فاسألا ربّكما بحقّ الأسماء التي رأيتموها على ساق العرش حتّى يتوب عليكما.
فقالا : اللهمّ إنّا نسألك بحقّ الأكرمين عليك محمّد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين والأئمة إلاّ تبت علينا ورحمتنا ، فتاب الله عليهما إنّه هو التوّاب الرحيم[19].
أقول : في هذا المعنى روايات كثيرة مختلفة إلاّ أنّ مضمونها واحد ، بأنّ الله سبحانه تاب على آدم وحوّاء بمحمّد وآله (عليهم السلام) ، وأنّ أسماءهم وأنوارهم القدسيّة كانت على ساق العرش وحوله أو قدّامه ، أي ثابتة في علم الله ورحمته وتدبيره وفي كلّ أسمائه الحسنى وصفاته العليا ، فلا تعرف ولا تنال إلاّ بهم ، فهم (عليهم السلام) الوجه إليها والدليل عليها ، بل هم أسماء الله الحسنى التي بها يُدعى ، فهم العرش الإلهي حقيقة وفي نفس الأمر ، فهم من علم الله وقدرته ، وهم جنب الله وروحه ويده وعينه ولسانه ووجهه في خلقه ، كما جاء في أخبارنا الصحيحة ، كلّ هذا باعتبار العلم وشُعبه ومتعلّقاته ومقاماته ، فلا تغفل.
19 ـ عن أبي عبد الله (عليه السلام)
قال : إنّ الكروبيّين قوم من شيعتنا من الخلق الأوّل جعلهم الله خلف
العرش ، لو قسّم نور واحد منهم على أهل الأرض لكفاهم ، ثمّ
قال : إنّ موسى (عليه السلام) لمّـا أن سأل ربّه ما
سأل ، أمر واحداً من الكروبيّين
فتجلّى للجبل
فجعله دكّاً[20].
20 ـ عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : لمّـا خلق الله العرش خلق ملكين فاكتنفاه فقال : اشهدا أن لا إله إلاّ أنا ، فشهدا ، ثمّ قال : اشهدا أنّ محمّداً رسول الله ، فشهدا ، ثمّ قال : اشهدا أنّ عليّاً أمير المؤمنين ، فشهدا[21].
21 ـ إرشاد القلوب عن أبي ذرّ الغفاري قال : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول : افتخر إسرائيل على جبرائيل فقال : أنا خير منك . قال : ولِمَ أنت خير منّي ؟ قال : لأ نّي صاحب الثمانية حملة العرش ، وأنا صاحب النفخة في الصور ، وأنا أقرب الملائكة إلى الله تعالى.
قال جبرئيل : أنا خير منك ، فقال : بما أنت خيرٌ منّي ؟ قال : لأ نّي أمين الله على وحيه ، وأنا رسوله إلى الأنبياء والمرسلين ، وأنا صاحب الخسوف والكسوف ، وما أهلك الله اُمّة من الاُمم إلاّ على يدي . فاختصما إلى الله تعالى فأوحى إليهما : اسكتا ، وعزّتي وجلالي لقد خلقت من هو خيرٌ منكما ، قالا : يا ربّ ، أوَ تخلق خيراً منّا ونحن خلقنا من نور ، قال الله تعالى : نعم ، وأوحى إلى حجب القدرة انكشفي ، فانكشفت فإذا على ساق العرش الأيمن مكتوب : « لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله وعلي وفاطمة والحسن والحسين أحبّاء الله » فقال جبرئيل : يا ربّ ، فإنّي أسألك بحقّهم عليك إلاّ جعلتني خادمهم ، قال الله تعالى : قد جعلت . فجبرئيل (عليه السلام) من أهل البيت وإنّه خادمنا[22].
22 ـ عن ابن عباس قال : قال رسول الله (صلى الله
عليه وآله) :
من صافح عليّاً فكأ نّما
صافحني ،
ومن صافحني فكأ نّما صافح أركان العرش ، ومن عانقه فكأ نّما
عانقني ، ومن عانقني فكأ نّما عانق الأنبياء كلّهم ، ومن صافح
محبّاً لعليّ غفر الله له الذنوب واُدخل الجنّة بغير حساب[23].
أقول : أركان العرش ـ كما ذكرنا في تربيع العرش ـ عبارة عن التسبيحات الأربعة ( سبحان الله والحمد لله ولا إله إلاّ الله والله أكبر ) وهذا خلاصة العلم بالله سبحانه حسب الطاقة البشرية ، فمصافحته ربما يعني القرب منه ، حتّى يحسّ به الإنسان العارف بالله وكأ نّه يلمسه بكلّ وجوده ، والمصافحة من باب المفاعلة التي تستلزم الطرفين كالمشاركة والمضاربة ، فلا تغفل.
23 ـ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) في حديث : إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش : أين محمّد وعليّ ؟ فيزخّ بكما إلى السماء حتّى توقفان بين يدي الله ، فيقول لنبيّه (عليه السلام) : أورد عليّاً الحوض ، وهذا كأس أعطه حتّى يسقي محبّيه وشيعته ، ولا يسقي أحداً من مبغضيه ، ويأمر لمحبّيه أن يحاسبوا حساباً يسيراً ، ويؤمر بهم إلى الجنّة[24].
24 ـ عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) أ نّه قال : لمّـا خلق الله العرش خلق سبعين ألف ملك وقال لهم : طوفوا بعرش النور وسبّحوني واحملوا عرشي ، فطافوا وسبّحوا ، وأرادوا أن يحملوا العرش فما قدروا . فقال لهم الله : طوفوا بعرش النور فصلّوا على نور جلال محمّد حبيبي واحملوا عرشي ، فطافوا بعرش الجلال وصلّوا على محمّد وحملوا العرش ، فأطاقوا حمله ، فقالوا : ربّنا أمرتنا بتسبيحك وتقديسك ، فقال الله لهم : يا ملائكتي ، إذا صلّيتم على حبيبي محمّد فقد سبّحتموني وقدّستموني وهلّلتموني[25].
25 ـ من كتاب النشر والطيّ عن الرضا (عليه السلام) في خبر طويل في فضل يوم الغدير قال : وفي يوم الغدير عرض الله الولاية على أهل السماوات السبع فسبق إليها أهل السماء السابعة فزيّن بها العرش ...[26].
26 ـ عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) في حديث طويل في مظلوميّة أهل البيت (عليهم السلام) ثمّ شهادة الإمام الحسين (عليه السلام) فيقول (صلى الله عليه وآله) عن الله في المعراج : وأمّا ابنها الآخر فتدعوه اُمّتك إلى الجهاد ، ثمّ يقتلونه صبراً ويقتلون ولده ومن معه من أهل بيته ، ثمّ يسلبون حرمه فيستعين بي وقد مضى القضاء منّي فيه بالشهادة له ، ولمن معه ، ويكون قتله حجّة على من بين قطريها ، فتبكيه أهل السماوات والأرضين جزعاً عليه ، وتبكيه ملائكة لم يدركوا نصرته ، ثمّ اُخرج من صلبه ذكراً به أنصرك وإنّ شبحه عندي تحت العرش ـ وفي نسخة اُخرى ـ : ثمّ اُخرج من صلبه ذكراً أنتصر له به وإنّ شبحه عندي تحت العرش يملأ الأرض بالعدل ويطفئها بالقسط ، يسير معه الرعب ...[27]وأمّا ابنك المقتول المخذول وابنك المغدور المقتول صبراً فإنّهما ممّـا اُزيّن بهما عرشي ، ولهما من الكرامة سوى ذلك ما لا يخطر على قلب بشر لما أصابهما من البلاء ، ولكلّ من أتى قبره من الخلق ، لأنّ زوّاره زوّارك وزوّارك زوّاري ، وعليّ كرامة زائري ، وأنا اُعطيه ما سأل وأجزيه جزاء يغبطه من نظر إلى تعظيمي له ، وما أعددت له من كرامتي ...
27 ـ عن أبي الهيتم بن التيهان الأنصاري قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : إنّ الله عزّ وجلّ خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي عام وعلّقها بالعرش وأمرها بالتسليم عليّ والطاعة لي ، وكان أوّل من سلّم عليّ وأطاعني من الرجال روح عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)[28].
28 ـ وفي خبر عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) : إذا كان يوم القيامة زُيّن عرش الرحمن بكلّ زينة ، ثمّ يؤتى بمنبرين من نور ، طولهما مائة ميل ، فيوضع أحدهما عن يمين العرش ، والآخر عن يسار العرش ، ثمّ يؤتى بالحسن والحسين (عليهما السلام) ، فيزيّن الربّ تبارك وتعالى بهما عرشه كما يزيّن المرأة قرطاها[29].
29 ـ وعنه (صلى الله عليه وآله) : الحسن والحسين شنفا العرش وليسا بمعلّقين . ( الشنف ـ بالفتح والسكون ـ : القرط الأعلى أو معلاق فوق الاُذن ، وأمّا ما علّق في أسفلها فقرط ).
30 ـ عن سهل بن سعد الأنصاري ، قال : سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن قول الله عزّ وجلّ : ( وَما كُنْت بِجانِبِ الطُّوْرِ إذْ نادَيْناهُ ) ، قال : كتب الله عزّ وجلّ كتاباً قبل أن يخلق الخلق بألفي عام في ورق آس ، ثمّ وضعها على العرش ، ثمّ نادى يا اُمّة محمّد : إنّ رحمتي سبقت غضبي ، اُعطيكم قبل أن تسألوني ، وغفرت لكم قبل أن تستغفروني ، فمن لقيني منكم يشهد أن لا إله إلاّ أنا وأنّ محمّداً عبدي ورسولي ، أدخلته الجنّة برحمتي[30].
31 ـ عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال : كان الله ولا شيء غيره ، فأوّل ما ابتدأ من خلق الله أن خلق محمّداً وخلقنا أهل البيت معه من نور عظمته ، فأوقفنا أظلّة خضراء بين يديه ، حيث لا سماء ولا أرض ولا مكان ولا ليل ولا نهار ولا شمس ولا قمر.
32 ـ عن صفوان ، عن الصادق (عليه السلام) ، قال : لمّـا خلق الله السماوات والأرضين استوى على العرش فأمر نورين من نوره فطافا حول العرش سبعين مرّة ، فقال عزّ وجلّ : هذان نوران لي مطيعان ، فلخق الله من ذلك النور محمّداً وعليّاً والأصفياء من ولده (عليهم السلام).
أقول : لا يخفى أنّ لنا مثل هذه الأحاديث الشريفة الكثير ، ولا تعجب منها في فضل رسول الله وعترته الطاهرين ، فإنّه دون الربوبيّة ، قالوا (عليهم السلام) : ( نزّلونا عن الربوبيّة وقولوا فينا ما شئتم ولن تبلغوا معشار عشر ) ، فهذا ليس من الغلوّ[31].
ولا بأس أن أذكر ما جاء في البحار عن الشيخ المفيد (قدس سره) :
قال في جواب المسائل السرويّة حيث سئل : ما قوله ـ أدام الله تأييده ـ في معنى الأخبار المرويّة من الأئمة الهادية (عليهم السلام) في الأشباح وخلق الله تعالى الأرواح قبل خلق آدم (عليه السلام) بألفي عام وإخراج الذريّة من صلبه على صور الذرّ ، ومعنى قول رسول الله (صلى الله عليه وآله): الأرواح جنود مجنّدة، فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف؟
الجواب ـ وبالله التوفيق ـ : إنّ الأخبار بذكر الأشباح تختلف ألفاظها وتتباين معانيها ، وقد بنت الغلاة عليها أباطيل كثيرة ، وصنّفوا فيها كتباً لغوا فيها ، وهزؤوا فيما أثبتوه منه في معانيها ، وأضافوا ما حوته الكتب إلى جماعة من شيوخ أهل الحقّ ، وتخرّصوا الباطل بإضافتها إليهم ، من جملتها كتاب سمّوه كتاب ( الأشباح والأظلّة ) نسبوه في تأليفه إلى محمّد بن سنان ، ولسنا نعلم صحّة ما ذكروه في هذا الباب عنه ، وإن كان صحيحاً ، فإنّ ابن سنان قد طعن عليه وهو متّهم بالغلوّ ، فإن صدقوا في إضافة هذا الكتاب إليه فهو ضلال لضالّ عن الحقّ ، وإن كذبوا فقد تحمّلوا أوزار ذلك ، والصحيح من حديث الأشباح ، الرواية التي جاءت عن الثقاة بأنّ آدم (عليه السلام)رأى على العرش أشباحاً يلمع نورها ، فسأل الله تعالى عنها ، فأوحى إليه أ نّها أشباح رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين والحسن والحسين وفاطمة صلوات الله عليهم ، وأعلمه أ نّه لولا الأشباح التي رآها ما خلقه ولا خلق سماءً ولا أرضاً ، والوجه فيما أظهر الله تعالى من الأشباح والصور لآدم أن دلّه على أنّ مصالح الدين والدنيا لا تتمّ إلاّ بهم ، ولم يكونوا في تلك الحال صوراً مجيبة ، ولا أرواحاً ناطقة ، لكنّها كانت على مثل صورهم في البشريّة ، يدلّ على ما يكونوا عليه في المستقبل في الهيئة ، والنور الذي جعله عليهم يدلّ على نور الدين بهم ، وضياء الحقّ بحججهم ،وقد روي أنّ أسماءهم كانت مكتوبة إذ ذاك على العرش ، وأنّ آدم (عليه السلام)لمّـا تاب إلى الله عزّ وجلّ وناجاه بقبول توبته سأله بحقّهم عليه ومحلّهم عنده فأجابه ، وهذا غير منكر في العقول ، ولا مضادّ للشرع المنقول ، وقد رواه الصالحون المأمومون ، وسلّم لروايته طائفة الحقّ ، ولا طريق إلى إنكاره ، والله وليّ التوفيق[32].
33 ـ قال الإمام الرضا (عليه السلام) : إنّ آدم (عليه السلام) لمّـا أكرمه الله تعالى ذكّره بإسجاد ملائكته له وبإدخاله الجنّة ، قال في نفسه : هل خلق الله بشراً أفضل منّي ؟ فعلم الله عزّ وجلّ ما وقع في نفسه ، فناداه : ارفع رأسك يا آدم فانظر إلى ساق عرشي ، فرفع آدم رأسه فنظر إلى ساق العرش فوجد عليه مكتوباً : لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين وزوجه فاطمة سيّدة نساء العالمين ، والحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة . فقال آدم (عليه السلام) : يا ربّ ، من هؤلاء ؟ قال عزّ وجلّ : من ذرّيتك وهم خيرٌ منك ومن جميع خلقي ، لولاهم ما خلقتك ولا خلقت الجنّة والنار ولا السماء والأرض ، فإيّاك أن تنظر إليهم بعين الحسد فاُخرجك عن جواري ، فنظر إليهم بعين الحسد وتمنّى منزلتهم فتسلّط الشيطان عليه حتّى أكل من الشجرة التي نهي عنها ، وتسلّط على حوّاء لنظرها إلى فاطمة (عليها السلام)بعين الحسد حتّى أكلت من الشجرة كما أكل آدم ، فأخرجهما الله عزّ وجلّ عن جنّته ، وأهبطهما عن جواره إلى الأرض[33].
34 ـ عن الإمام الصادق (عليه السلام) في حديث قال : فلمّـا أراد الله عزّ وجلّ أن يتوب عليهما جاءهما جبرئيل فقال لهما : إنّكما إنّما ظلمتما أنفسكما بتمنّي منزلة من فضّل عليكما فجزاؤكما ما قد عوقبتما به من الهبوط من جوار الله عزّ وجلّ إلى أرضه ، فسلا ربّكما بحقّ الأسماء التي رأيتموها على ساق العرش حتّى يتوب عليكما ، فقالا : ( اللهمّ إنّا نسألك بحقّ الأكرمين عليك ، محمّد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين والأئمة ، إلاّ تبت علينا ورحمتنا ) ، فتاب الله عليهما إنّه هو التوّاب الرحيم[34].
35 ـ عن ابن عباس في حديث قال : فلمّـا
أسجد له الملائكة تداخله العجب
فقال :
يا ربّ ، خلقت خلقاً أحبّ إليك منّي ؟ فلم يجب ، ثمّ قال
الثانية ، فلم يجب ، ثمّ قال الثالثة فلم يجب ،
ثمّ قال الله عزّ وجلّ له : نعم ولولاهم ما خلقتك .
فقال : يا ربّ ، فأرينهم ، فأوحى الله عزّ
وجلّ إلى ملائكة الحجب : أن ارفعوا الحجب ، فلمّـا رفعت إذا آدم
بخمسة أشباح قدّام العرش ، فقال : يا ربّ من هؤلاء ؟
قال : يا آدم هذا محمّد نبيّي ، وهذا عليّ أمير
المؤمنين ابن عمّ نبيّي ووصيّه ، وهذه فاطمة ابنة نبيّي ، وهذا الحسن
والحسين ابنا عليّ وولدا نبيّي ، ثمّ قال : يا آدم هم ولدك ،
ففرح بذلك ، فلمّـا اقترف الخطيئة قال : يا ربّ ، أسألك بحقّ
محمّد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين لما غفرت لي ، فغفر الله له بهذا ،
فهذا الذي قال الله عزّ وجلّ : ( فَتَلَقَّى
آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمات فَتابَ ) ،
فلمّـا هبط إلى الأرض صاغ خاتماً فنقش عليه ( محمّد رسول الله وعليّ أمير
المؤمنين ) ، ويكنّى آدم بأبي محمّد[35].
36 ـ عن معاذ بن جبل أنّ رسول الله (صلى الله
عليه وآله)
قال : إنّ الله خلقني وعليّاً وفاطمة والحسن والحسين من قبل أن يخلق
الدنيا بسبعة آلاف عام ، قلت : فأين كنتم يا رسول
الله ؟ قال : قدّام العرش ، نسبّح الله ونحمده ونقدّسه
ونمجّد ، قلت : على أيّ مثال ؟ قال : أشباح
نور حتّى إذا أراد الله عزّ وجلّ أن يخلق صورنا صيّرنا عمود نور ، ثمّ قذفنا
في صلب آدم ثمّ أخرجنا إلى أصلاب الآباء وأرحام الاُمّهات ، ولا يصيبنا
نجس الشرك ولا سفاح الكفر ، يسعد بنا قوم ويشقى بنا آخرون ، فلمّـا
صيّرنا إلى صلب عبد المطّلب أخرج ذلك النور فشقّه نصفين ، فجعل نصفه في عبد الله ،
ونصفه في أبي طالب ، ثمّ أخرج الذي لي إلى آمنة ، والنصف إلى فاطمة بنت
أسد، فأخرجتني آمنة، وأخرجت فاطمة عليّاً ، ثمّ أعاد الله عزّ وجلّ العمود
إليّ
فخرجت
منّي فاطمة ، ثمّ أعاد عزّ وجلّ العمود إلى عليّ فخرج منه الحسن والحسين
ـ يعني من النصفين جميعاً ـ فما كان من نور عليّ فصار في
ولد الحسن ، وما كان من نوري صار في ولد الحسين ، فهو ينتقل في الأئمة
من ولده إلى يوم القيامة[36].
37 ـ عن أبي ذرّ الغفاري عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) في خبر طويل في وصف المعراج ساقه إلى أن قال : قلت : يا ملائكة ربّي هل تعرفونا حقّ معرفتنا ؟ فقالوا : يا نبيّ الله وكيف لا نعرفكم وأنتم أوّل ما خلق الله ؟ خلقكم أشباح نور من نوره في نور من سناء عزّه ، ومن سناء ملكه ، ومن نور وجهه الكريم ، وجعل لكم مقاعد في ملكوت سلطانه ، وعرشه على الماء قبل أن تكون السماء مبنيّة والأرض مدحيّة ، ثمّ خلق السماوات والأرض في ستّة أيّام ، ثمّ رفع العرش إلى السماء السابعة فاستوى على عرشه ، وأنتم أمام عرشه تسبّحون وتقدّسون وتكبّرون ، ثمّ خلق الملائكة من بدء ما أراد من أنوار شتّى ، وكنّا نمرّ بكم وأنتم تسبّحون وتحمدون وتهلّلون وتكبّرون وتمجّدون وتقدّسون فنسبّح ونقدّس ونمجّد ونكبّر ونهلّل بتسبيحكم وتمجيدكم وتهليلكم وتكبيركم وتقديسكم وتمجيدكم ، فما اُنزل من الله فإليكم وما صعد إلى الله فمن عندكم ، فلِمَ لا نعرفكم ؟ اقرأ علياً منّا السلام[37].
38 ـ عن أنس عن النبيّ في حديث : فلمّا أراد الله تعالى أن ينشئ خلقه فتق نوري فخلق منه العرش ، فالعرش من نوري ، ونوري من نور الله ، ونوري أفضل من العرش[38].
عن أنس بن
مالك قال : قلت للنبيّ (صلى الله عليه وآله) : يا رسول
الله ، عليّ أخوك ؟ قال :
نعم ،
عليّ أخي . قلت : يا رسول الله ، صف لي كيف عليّ
أخوك ؟ قال : إنّ الله عزّ وجلّ لمّـا
خلق ماء تحت العرش قبل أن يخلق آدم بثلاثة آلاف عام ، وأسكنه في لؤلؤة خضراء
في غامض علمه إلى أن خلق آدم ، فلمّـا خلق آدم نقل ذلك الماء من اللؤلؤة
فأجراه في صلب آدم ، إلى أن قبضه الله ، ثمّ نقله إلى صلب شيث ،
فلم يزل ذلك الماء ينتقل من ظهر إلى ظهر حتّى صار في عبد المطّلب ، ثمّ شقّه
الله عزّ وجلّ نصفين : فصار نصفه في أبي عبد الله بن عبد
المطّلب ، ونصفه في أبي طالب ، فأنا من نصف الماء
وعليّ من النصف الآخر ، فعليّ أخي في الدنيا والآخرة ، ثمّ قرأ رسول
الله (صلى
الله عليه وآله) : ( وَهُوَ
الَّذي خَلَقَ مِنَ الماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكانَ رَبُّكَ
قَديراً )[39].
39 ـ عن ابن مسعود قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعليّ بن أبي طالب (عليه السلام) : لمّـا خلق الله عزّ ذكره آدم ونفخ فيه من روحه ، وأسجد له ملائكته وأسكنه جنّته وزوّجه حوّاء أمته ، فرفع طرفه نحو العرش فإذا هو بخمسة سطور مكتوبات ، قال آدم : يا ربّ ، من هؤلاء ؟ قال الله عزّ وجلّ له : هؤلاء الذين إذا تشفّع بهم إليّ خلقي شفّعتهم فقال آدم : يا ربّ ، بقدرهم عندك ما اسمهم ؟ قال : أمّا الأوّل فأنا المحمود وهو محمّد ، والثاني فأنا العالي الأعلى وهذا علي ، والثالث فأنا الفاطر وهذه فاطمة ، والرابع فأنا المحسن وهذا الحسن ، والخامس فأنا ذو الإحسان وهذا حسين ، كلّ يحمد الله عزّ وجلّ[40].
وبهذا المضمون أخبار كثيرة في البحار في كتاب الإمامة ، فراجع.
40 ـ عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : إنّ الله خلق محمّداً من طينة من جوهرة تحت العرش[41] ، وعنه (عليه السلام) ، قال : إنّ الله عزّ وجلّ خلق محمّداً ، وعترته من طينة العرش ، فلا ينقص منهم واحد ولا يزيد منهم واحد.
لا يخفى أ نّه لا تنافي بين الروايات في هذا الباب فخلقتهم قبل العرش باعتبار أنوارهم المجرّدة المقدّسة ، ومن تحت العرش باعتبارهم الخلق اللطيف المتلائم مع تلك العوالم قبل خلق الدنيا والعالم السفلي ، فتدبّر.
41 ـ عن الإمام الصادق (عليه السلام) في حديث المرأة من الجنّ وأ نّها رأت إبليس يدعو بهذا الدعاء : ( إلهي إذا بررت قسمك وأدخلتني نار جهنّم فأسألك بحقّ محمّد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين إلاّ خلّصتني منها ، وحشرتني معهم ) ، فقلت : يا حارث ما هذه الأسماء التي تدعو بها ؟ قال لي : رأيتها على ساق العرش من قبل أن يخلق الله آدم بسبعة آلاف سنة ، فعلمت أ نّهم أكرم الخلق على الله عزّ وجلّ ، فأنا أسأله بحقّهم ، فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله) : والله لو أقسم أهل الأرض بهذه الأسماء لأجابهم[42].
42 ـ في كنز الفوائد في قصّة الجارود بن المنذر ودخوله على رسول الله وقصّة المعراج فقال : ثمّ قلت : يا رسول الله ، أنبئني أنبأك الله بخبر عن هذه الأسماء التي لم نشهدها وأشهدنا قسّ ذكرها ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : يا جارود ، ليلة اُسري بي إلى السماء أوحى الله عزّ وجلّ إليّ أن سل من أرسلنا من قبلك من رسلنا على ما بُعثوا ؟ فقلت : على ما بُعثتم ؟ فقالوا : على نبوّتك وولاية عليّ بن أبي طالب والأئمة منكما ، ثمّ أوحى إليّ أن التفت عن يمين العرش ، فالتفت فإذا عليّ والحسن والحسين وعليّ ابن الحسين ومحمّد بن عليّ وجعفر بن محمّد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمّد ابن عليّ وعليّ بن محمّد والحسن بن عليّ والمهدي في ضحضاح من نور يصلّون ، فقال لي الربّ تعالى : هؤلاء الحجج أوليائي ، وهذا المنتقم من أعدائي ، قال الجارود فقال لي سلمان : يا جارود ، هؤلاء المذكورون في التوراة والإنجيل والزبور كذاك[43].
43 ـ عن أبي محمّد العسكري عن آبائه (عليهم السلام) عن الحسين بن عليّ (عليه السلام) قال : سمعت جدّي رسول الله يقول : ليلة أسرى بي ربّي عزّ وجلّ رأيت في بطنان العرش ملكاً بيده سيف من نور يلعب به كما يلعب عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) بذي الفقار ، وإنّ الملائكة إذا اشتاقوا إلى عليّ بن أبي طالب نظروا إلى وجه ذلك الملك ، فقلت : يا ربّ ، هذا أخي عليّ بن أبي طالب وابن عمّي ؟ فقال : يا محمّد ، هذا ملك خلقته على صورة عليّ يعبدني في بطنان عرش ، تكتب حسناته وتسبيحه وتقديسه لعليّ ابن أبي طالب إلى يوم القيامة[44].
بيان : قال الجزري : فيه ينادي مناد من بطنان العرش ، أي من وسطه ، وقيل : من أصله ، وقيل : البطنان جمع بطن وهو الغامض من الأرض ، يريد من داخل العرش.
44 ـ عن أبي بصير عن أبي عبد الله عن آبائه عن عليّ (عليهم السلام) قال : قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله) : يا عليّ ، إنّه لمّـا اُسري بي إلى السماء تلقّتني الملائكة بالبشارات في كلّ سماء حتّى لقيني جبرئيل في محفل من الملائكة ، فقال : لو اجتمعت اُمّتك على حبّ عليّ ما خلق الله عزّ وجلّ النار ، يا عليّ، إنّ الله تعالى أشهدك معي في سبعة مواطن حتّى آنست بك ، أمّا أوّ ذلك فليلة اُسري بي إلى السماء قال لي جبرئيل (عليه السلام) : أين أخوك يا محمّد ؟ فقلت : خلّفته ورائي ، فقال : ادعُ الله عزّ وجلّ فليأتك به ، فدعوت الله عزّ وجلّ فإذا مثالك معي ، وإذا الملائكة وقوف صفوفاً ، فقلت : يا جبرئيل من هؤلاء ؟ قال : هؤلاء الذين يباهي الله عزّ وجلّ بهم يوم القيامة ، فدنوت فنطقت بما كان وبما يكون إلى يوم القيامة.
والثانية : حين اُسري بي إلى ذي العرش عزّ وجلّ قال جبرئيل : أين أخوك يا محمّد ؟ فقلت : خلّفته ورائي ، فقال : ادعُ الله عزّ وجلّ فليأتك به ، فدعوت الله عزّ وجلّ فإذا مثالك معي ، وكشط لي عن سبع سماوات حتّى رأيت سكّانها وعمّـارها وموضع كلّ ملك منها ـ إلى أن يقول : ـ فلمّـا جاوزت السدرة وانتهيت إلى عرش ربّ العالمين وجدت مكتوباً على قائمة من قوائم العرش ( لا إله إلاّ الله أنا وحدي محمّد حبيبي وصفوتي من خلقي أيّدته بوزيره وأخيه ونصرته به )[45].
45 ـ وفي حديث المعراج أيضاً في قوله عزّ وجلّ : ( ذو مِرَّة فَاسْتَوى ) إلى قوله : ( إذْ يَغْشى السِّدْرَةَ ما يَغْشى ) قال (صلى الله عليه وآله) : ثمّ صعد بي حتّى صرت تحت العرش فدلّى لي رفرف أخضر ما اُحسن أصفه ، فرفعني الرفرف بإذن الله إلى ربّي فصرت عنده ، وانقطع عنّي أصوات الملائكة ودويّهم ، وذهبت عنّي المخاوف والروعات وهدأت نفسي واستبشرت ، وظننت أنّ جميع الخلائق قد ماتوا أجمعين ، ولم أرَ عندي أحداً من خلقه فتركني ما شاء الله ...[46].
46 ـ وفي حديث المعراج أيضاً عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) : فلمّـا جاوزت السدرة انتهيت إلى عرش ربّ العالمين وجدت مكتوباً على كلّ قائمة من قوائم العرش : ( أنا الله لا إله إلاّ أنا محمّد حبيبي أيّدته بوزيره ونصرته بوزيره )[47].
ولا منافاة بين الروايات لتعدّد الرؤية والكتابات ، ويدلّ هذا على عظمة الولاية ، وإكمال الدين ، وامتداد النبوّة وتأيّدها بها ، فلا تغفل.
47 ـ وفي حديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) : فقام عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) فقال : يا رسول الله ، أنسبني من أنا لتعرف الناس قرابتي منك.
فقال : يا عليّ ، خلقت أنا وأنت من عمودين من نور معلّقين من تحت العرش ، يقدّسان الملك من قبل أن يخلق الخلق بألفي عام ، ثمّ خلق من ذينك العمودين نطفتين بيضاوين ملتويتين ، ثمّ نقل تلك النطفتين في الأصلاب الكريمة إلى الأرحام الزكيّة الطاهرة حتّى جعل نصفها في صلب عبد الله ، ونصفها في صلب أبي طالب ، فجزء أنا وجزء أنت ، وهو قول الله عزّ وجلّ : ( وَهُوَ الَّذي خَلَقَ مِنَ الماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكانَ رَبُّكَ قَديراً ).
يا عليّ ، أنت منّي وأنا منك ، سبط لحمك بلحمي ودمك بدمي ، وأنت السبب فيما بين الله وبين خلقه بعدي ، فمن جحد ولايتك قطع السبب الذي فيما بينه وبين الله ، وكان ماضياً في الدركات.
يا عليّ ، ما عرف الله إلاّ بي ثمّ بك ، ومن جحد ولايتك جحد الله ربوبيّته.
يا عليّ ، أنت علم الله بعدي الأكبر في الأرض ، وأنت الركن الأكبر في القيامة ، فمن استظلّ بفيئك كان فائزاً لأنّ حساب الخلائق إليك ومآبهم إليك ، والميزان ميزانك والصراط صراطك ، والموقف موقفك ، والحساب حسابك ، فمن ركن إليك نجا ، ومن خالفك هوى وهلك ، اللهمّ اشهد اللهمّ اشهد ، ثمّ نزل[48].
48 ـ عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : ما من ليلة جمعة إلاّ ولأولياء الله فيها سرور ، قلت : كيف ذاك جعلت فداك ؟ قال : إذا كانت ليلة الجمعة وافى رسول الله (صلى الله عليه وآله) العرش ووافيت معه ، فما أرجع إلاّ بعلم مستفاد ، ولولا ذلك لنفد ما عندنا[49].
49 ـ عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : إذا كان يوم القيامة دعي محمّد فيكسى حلّة ورديّة ثمّ يقام عن يمين العرش ثمّ يدعى بإبراهيم فيكسى حلّة بيضاء ، فيقام عن يسار العرش ، ثمّ يدعى بعليّ أمير المؤمنين فيكسى حلّة ورديّة فيقام عن يمين النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، ثمّ يدعى بإسماعيل فيكسى حلّة بيضاء فيقام عن يسار إبراهيم (عليه السلام) ، ثمّ يدعى بالحسن فيكسى حلّة ورديّة فيقام عن يمين أمير المؤمنين (عليه السلام) ، ثمّ يدعى بالحسين فيكسى حلّة ورديّة فيقام عن يمين الحسن ، ثمّ يدعى بالأئمة فيكسون حللا ورديّة فيقام كلّ واحد عن يمين صاحبه ، ثمّ يدعى بالشيعة فيقومون أمامهم ، ثمّ يدعى بفاطمة (عليها السلام) ونساؤها من ذرّيتها وشيعتها فيدخلون الجنّة بغير حساب ، ثمّ ينادي مناد من بطنان العرش من قبل ربّ العزّة والاُفق الأعلى : نعم الأب أبوك يا محمّد وهو إبراهيم ، ونعم الأخ أخوك وهو عليّ بن أبي طالب ، ونعم السبطان سبطاك وهما الحسن والحسين ، ونعم الجنين جنينك وهو محسن ، ونعم الأئمّة الراشدون ذرّيتك وهم فلان وفلان ، ونعم الشيعة شيعتك ، ألا إنّ محمّداً ووصيّه وسبطيه هم الفائزون ، ثمّ يؤمر بهم إلى الجنّة وذلك قوله : ( فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَاُدْخِلَ الجَنَّةَ فَقَدْ فازَ )[50].
50 ـ عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) في خبر ، قيل : يا رسول الله ، فكم بينك وبين عليّ في الفردوس الأعلى ؟ قال : فتر أو أقلّ من فتر ـ وهو ما بين طرف الإبهام وطرف السبّابة إذا فتحهما ـ أنا وعليّ من نور عرش ربّنا ، وعليّ على كرسيّ من نور كرسيّ ربّنا ، لا يدرى أ يّنا أقرب من ربّه عزّ وجلّ.
51 ـ روى الأعمش عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ، وروى الرضا (عليه السلام)عن آبائه (عليهم السلام) ، واللفظ له ، كلّهم عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، قال : ليس في القيامة راكب غيرنا ونحن أربعة ، أنا على دابّة الله البراق ، وأخي صالح على ناقة الله التي عقرت ، وعمّي حمزة على ناقتي الغضباء ، وأخي علي بن أبي طالب (عليه السلام) على ناقة من نوق الجنّة بيده لواء الحمد واقف بين يدي العرش ، ينادي ( لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله ) ، قال : فيقول الآدميّون : ما هذا إلاّ ملك مقرّب أو نبيّ مرسل أو حامل عرش ربّ العالمين ، قال : فيجيبهم ملك من تحت بطنان العرش : ما هذا ملك مقرّب ولا نبيّ مرسل ولا حامل عرش ، هذا الصدّيق الأكبر ، هذا عليّ بن أبي طالب (عليه السلام).
وقد رواه الخطيب في تأريخه بإسناده عن أبي هريرة وأبو جعفر الطوسي في أماليه بإسناده إلى هارون الرشيد عن المهدي عن المنصور عن محمّد بن عليّ بن عبد الله بن عبّاس ، إلاّ أ نّهما لم يذكرا حمزة وقالا في موضعه : فاطمة (عليها السلام)[51].
52 ـ عن شهاب بن عبد ربّه قال : سمعت الصادق (عليه السلام) يقول : يا شهاب ، نحن شجرة النبوّة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة ، ونحن عهد الله وذمّته ، ونحن ودّ الله وحجّته ، كنّا أنوار صفوف حول العرش ، نسبّح فيسبّح أهل السماء بتسبيحنا ، إلى أن هبطنا إلى الأرض فسبّحنا فسبّح أهل الأرض بتسبيحنا ، وإنّا لنحن الصافّون ، وإنّا لنحن المسبّحون ، فمن وفى بذمّتنا فقد وفى بعهد الله عزّ وجلّ وذمّته ، ومن خفر ذمّتنا فقد خفر ذمّة الله عزّ وجلّ وعهده[52].
52 ـ عن عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) في بعض خطبه : إنّا آل محمّد كنّا أنواراً حول العرش ، فأمرنا الله بالتسبيح فسبّحنا فسبّحت الملائكة بتسبيحنا.
54 ـ كنز الفوائد بسنده عن محمّد بن زياد قال : سأل ابن مهران عبد الله بن العبّاس عن تفسير قوله تعالى : ( وَإنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ وَإنَّا لَنَحْنُ المُسَبِّحونَ ) ؟ قال ابن عباس : إنّا كنّا عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأقبل عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) فلمّـا رآه النبيّ (صلى الله عليه وآله) تبسّم في وجهه وقال : مرحباً بمن خلقه الله قبل آدم بأربعين ألف عام . فقلت : يا رسول الله ، أكان الإبن قبل الأب ؟ قال : إنّ الله تعالى خلقني وخلق عليّاً (عليه السلام) قبل أن يخلق آدم بهذه المدّة ، خلق نوراً فقسّمه نصفين فخلقني من نصفه وخلق عليّاً (عليه السلام) من النصف الآخر قبل الأشياء كلّها ، ثمّ خلق الأشياء فكانت مظلمة ، فنوّرها من نوري ونور عليّ (عليه السلام) ثمّ جعلنا عن يمين العرش ، ثمّ خلق الملائكة فسبّحنا فسبّحت الملائكة وهلّلنا فهلّلت الملائكة ، وكبّرنا فكبّرت الملائكة ، فكان ذلك من تعليمي وتعليم عليّ (عليه السلام).
55 ـ تفسير القمّي : في قوله تعالى : ( الَّذينَ يَحْمِلونَ العَرْشَ ) يعني رسول الله (صلى الله عليه وآله) والأوصياء من بعده يحملون علم الله.
56 ـ بصائر الدرجات عن جعفر بن محمّد (عليهما السلام) قال : سمعته يقول : إنّ الله إذا أراد أن يخلق الإمام من الإمام بعث ملكاً فأخذ شربة من تحت العرش ، ثمّ أوصلها أو دفعها إلى الإمام فيمكث في الرحم أربعين يوماً لا يسمع الكلام ، ثمّ يسمع بعد ذلك ، فإذا وضعته اُمّه بعث الله ذلك الملك الذي كان أخذ شربة ويكتب على عضده الأيمن : ( وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلا لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَهُوَ السَّميعُ العَليمُ )[53].
57 ـ عن أبي عبد الله (عليه السلام)
قال : إنّ الله خلق محمّداً (صلى الله عليه وآله) من جوهرة
تحت العرش ، وإنّه كان لطينته نضج فجبل طينة أمير المؤمنين (عليه
السلام)
من نضج طينة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكان
لطينة أمير المؤمنين (عليه السلام) نضج فجبل طينتنا من فضل طينة
أمير
المؤمنين (عليه
السلام) ،
وكانت لطينتنا نضج فجبل طينة شيعنا من نضج طينتنا ، فقلوبهم تحنّ
إلينا ، وقلوبنا تعطف عليهم تعطّف الوالد على الولد ، ونحن خير لهم وهم
خير لنا ، ورسول الله لنا خير ونحن له خير[54].
58 ـ عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : إنّ الله خلق محمّداً وعترته من طينة العرش ، فلا ينقص منهم واحداً ولا يزيد منهم واحد[55].
59 ـ عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : سمعته يقول : خلقنا الله من نور عظمته ، ثمّ صوّر خلقنا من طينة مخزونة مكنونة من تحت العرش ، فأسكن ذلك النور فيه ، فكنّا نحن خلقاً وبشراً نوراً نبيّن ، لم يجعل لأحد في مثل الذي خلقنا منه نصيباً ، وخلق أرواح شيعتنا من أبداننا وأبدانهم من طينة مخزونة مكنونة أسفل من ذلك الطينة ، ولم يجعل الله لأحد في مثل ذلك الذي خلقهم منه نصيباً إلاّ الأنبياء والمرسلين فكذلك صرنا نحن وهم ؟؟؟؟؟ وسائر الناس همجاً في النار وإلى النار.
60 ـ عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال لأبي يحيى : يا أبا يحيى لنا في ليالي الجمعة لشأن من الشأن ، قال : فقلت له : جعلت فداك وما ذلك الشأن ؟ قال : يؤذن لأرواح الأنبياء الموتى وأرواح الأوصياء الموتى وروح الوصيّ الذي بين ظهرانيكم يعرج بها إلى السماء حتّى توافي عرش ربّها فتطوف بها اُسبوعاً ، وتصلّي عند كلّ قائمة من قوائم العرش ركعتين ، ثمّ تردّ إلى الأبدان التي كانت فيها فتصبح الأنبياء والأوصياء قد ملئوا واُعطوا سروراً ، ويصبح الوصيّ الذي بين ظهرانيكم فقد زيد في علمه مثل جمّ غفير[56].
61 ـ عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : إذا كانت ليلة الجمعة وافى رسول الله (صلى الله عليه وآله)العرش ووافيت معه فما أرجع إلاّ بعلم مستفاد ، ولولا ذلك لنفد ما عندنا[57].
وفي هذا الباب روايات كثيرة لم نتعرّض لها طلباً للاختصار.
62 ـ روى عن القاسم بن معاوية قال : قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) : هؤلاء يروون حديثاً في معراجهم أ نّه لمّـا اُسري برسول الله (صلى الله عليه وآله) رأى على العرش لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله أبو بكر الصدّيق . فقال : سبحان الله ، غيّروا كلّ شيء حتّى هذا ؟ قلت : نعم ، قال : إنّ الله عزّ وجلّ لمّـا خلق العرش كتب على قوائمه : لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله عليّ أمير المؤمنين[58].
قال رسول الله : رأيت ليلة الإسراء مكتوباً على قائمة من قوائم العرش : أنا الله لا إله إلاّ أنا وحدي خلقت جنّة عدن بيدي ، محمّد صفوتي من خلقي أيّدته بعليّ ونصرته بعليّ.
63 ـ عن ابن عباس قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) :
لمّـا أن خلق الله تعالى آدم وقفه بين يديه فعطس فألهمه الله أن حمده فقال : يا آدم أحمدتني ، فوعزّتي وجلالي لولا عبدان اُريد أن أخلقهما في آخر الزمان ما خلقتك ، قال آدم : يا ربّ بقدرهم عندك ما اسمهم ؟ فقال تعالى : يا آدم انظر نحو العرش ، فإذا بسطرين من نور أوّل السطر : لا إله إلاّ الله محمّد نبيّ الرحمة وعليّ مفتاح الجنّة ، السطر الثاني : آليت على نفسي أن أرحم من والاهما واعُذّب من عاداهما[59].
64 ـ عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : لمّـا أخطأ آدم خطيئته توجّه بمحمّد وأهل بيته ، فأوحى الله إليه : يا آدم ما علمك بمحمّد ؟ قال : حين خلقتني رفعت رأسي فرأيت في العرش مكتوباً : محمّد رسول الله عليّ أمير المؤمنين.
65 ـ عن ابن عباس قال رسول الله : والذي بعثني بالحقّ بشيراً ما استقرّ الكرسيّ والعرش ولا دار الفلك ولا قامت السماوات والأرض إلاّ بأن كتب عليها : لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله عليّ أمير المؤمنين[60].
66 ـ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : مكتوب على العرش : لا إله إلاّ الله محمّد نبيّ الرحمة وعليّ مقيم الحجّة ، من عرف حقّ عليّ زكى وطاب ، ومن أنكر حقّه لعن وخاب ، أقسمت بعزّتي أن اُدخل الجنّة من أطاعه وإن عصاني ، وأقسمت بعزّتي أن اُدخل النار من عصاه وإن أطاعني[61].
وعندنا في هذا المعنى عشرات الروايات فلا نطيل طلباً للاختصار ، وإذا أردت التفصيل فراجع بحار الأنوار.
67 ـ عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال : إنّي لأعرف بطرق السماوات من طرق الأرض ، ونحن الاسم المخزون المكنون ، نحن الأسماء الحسنى التي إذا سئل الله عزّ وجلّ بها أجاب ، نحن الأسماء المكتوبة على العرش ، ولأجلنا خلق الله عزّ وجلّ السماء والأرض والعرش والكرسي والجنّة والنار ، ومنّا تعلّمت الملائكة التسبيح والتقديس والتوحيد والتهليل والتكبير ، ونحن الكلمات التي تلقّاها آدم من ربّه فتاب عليه[62].
68 ـ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : خلقت أنا وعليّ بن أبي طالب من نور واحد نسبّح الله يمنة العرش قبل أن يخلق آدم بألفي عام ، فلمّـا خلق الله آدم جعل ذلك النور في صلبه[63].
69 ـ في تفسير أهل البيت (عليهم السلام) أنّ قوله : ( هَلْ أتى عَلى الإنْسانِ حينٌ مِنَ الدَّهْرِ ) يعني به عليّاً (عليه السلام) وتقدير الكلام : ما أتى على الإنسان زمان من الدهر إلاّ وكان فيه شيئاً مذكوراً ، وكيف لم يكن مذكوراً وإنّ اسمه مكتوب على ساق العرش وعلى باب الجنّة والدليل على هذا القول قوله : ( إنَّا خَلَقْنا الإنْسانِ مِنْ نُطْفَة ) ومعلوم أنّ آدم (عليه السلام) لم يخلق من النطفة[64].
70 ـ روي عن عبد الله بن مسعود قال : دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فسلّمت وقلت : يا رسول الله أرني الحقّ أنظر إليه بياناً.
فقال : يا ابن مسعود لُج المخدع فانظر ماذا ترى ؟
قال : فدخلت فإذا عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) راكعاً وساجداً وهو يخشع في ركوعه وسجوده ويقول : اللهمّ بحقّ نبيّك محمّد إلاّ ما غفرت للمذنبين من شيعتي ، فخرجت لاُخبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) بذلك ، فوجدته راكعاً وساجداً وهو يخشع في ركوعه وسجوده ويقول : اللهمّ بحقّ عليّ وليّك إلاّ ما غفرت للمذنبين من اُمّتي ، فأخذني الهلع.
فأوجز (صلى الله عليه وآله) في صلاته وقال : يا ابن مسعود أكفراً بعد إيمان !
فقلت : لا وعيشك يا رسول الله غير أ نّي نظرت إلى عليّ وهو يسأل الله تعالى بجاهك ، ونظرت إليك وأنت تسأل الله بجاهه ، فلا أعلم أ يّكما أوجه عند الله تعالى من الآخر ؟
فقال : يا ابن مسعود ، إنّ الله تعالى خلقني وخلق عليّاً والحسن والحسين من نور قدسه ، فلمّـا أراد أن ينشئ خلقه فتق نوري وخلق منه السماوات والأرض ، وأنا والله أجلّ من السماوات والأرض ، وفتق نور عليّ وخلق منه العرش والكرسي ، وعليّ والله أجلّ من العرش والكرسي ـ باعتبار شرافة العلّة على المعلول ـ وفتق نور الحسن وخلق منه الحور العين والملائكة ، والحسن والله أجلّ من الحور العين والملائكة ، وفتق نور الحسين وخلق منه اللوح والقلم ، والحسين والله أجلّ من اللوح والقلم ، فعند ذلك اظلمّت المشارق والمغارب ، فضجّت الملائكة ونادت : إلهنا وسيّدنا بحقّ الأشباح التي خلقتها إلاّ ما فرّجت عنّا هذه الظلمة ، فعند ذلك تكلّم الله بكلمة اُخرى فخلق منها روحاً ، فاحتمل النور الروح فخلق منه الزهراء فاطمة ، فأقامها أمام العرش ، فأزهرت المشارق والمغارب ، فلأجل ذلك سمّيت الزهراء.
يا ابن مسعود ، إذا كان يوم القيامة يقول الله عزّ وجلّ لي ولعليّ : أدخلا الجنّة من أحببتما ، وألقيا في النار من أبغضتما ، والدليل على ذلك قوله تعالى : ( ألْقِيا في جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّار عَنيد ).
فقلت : يا رسول الله ، من الكفّار العنيد ؟
قال : الكفّار من كفر بنبوّتي والعنيد من عاند عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)[65].
71 ـ عن الإمام الصادق (عليه السلام) في حديث قال : إذا كان يوم القيامة دعا الله بالنبيّ وبعليّ (عليهما السلام) فيجلسان على كرسي الكرامة بين يدي العرش ، كلّما خرجت زمرة من شيعتهم فيقولون هذا النبيّ وهذا الوصيّ فيقول بعضهم لبعض ( الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنّا لنهتدي لولا أن هدانا الله ) بولاية النبيّ (صلى الله عليه وآله) وعليّ والأئمة من ولدهم (عليهم السلام) ، فيؤمر بهم إلى الجنّة[66].
72 ـ عن جابر الجعفي أ نّه سأل جعفر بن محمّد (عليه السلام) عن تفسير قوله تعالى : ( وَإنَّ مِنْ شيعَتِهِ لإبْراهيمَ ) فقال (عليه السلام) : إنّ الله سبحانه لمّـا خلق إبراهيم كشف له بصره ، فنظر فرأى نوراً إلى جنب العرش ، فقال : إلهي ما هذا النور ؟ فقال : هذا نور محمّد صفوتي من خلقي ، ورأى نوراً من جنبه فقال : إلهي ما هذا النور ؟ فقال : نور عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) ناصر ديني ، ورأى إلى جنبهما ثلاثة أنوار فقال : إلهي ما هذه الأنوار ؟ فقيل له : هذا نور فاطمة ، فطمت محبّيها من النار ، ونور ولديها الحسن والحسين ، فقال : إلهي وأرى تسعة أنوار قد أحدقوا بهم ، قيل : يا إبراهيم هؤلاء الأئمة من ولد عليّ وفاطمة ، فقال إبراهيم : إلهي بحقّ هؤلاء الخمسة إلاّ عرّفتني من التسعة ؟ قيل : يا إبراهيم أوّلهم عليّ بن الحسين وابنه محمّد وابنه جعفر وابنه موسى وابنه عليّ وابنه محمّد وابنه عليّ وابنه الحسن والحجّة القائم ، فقال إبراهيم : إلهي وسيّدي أرى أنواراً قد أحدقوا بهم لا يحصي عددهم إلاّ أنت ؟ فقيل : يا إبراهيم هؤلاء شيعتهم شيعة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) . فقال إبراهيم : وبما تعرف شيعته ؟ قال : بصلاة إحدى وخمسين والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم والقنوت قبل الركوع والتختّم باليمين ، فعند ذلك قال إبراهيم : اللهمّ اجعلني من شيعة أمير المؤمنين . قال : فأخبر الله تعالى في كتابه فقال : ( وَإنَّ مِنْ شيعَتِهِ لإبْراهيم )[67].
73 ـ عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) في حديث طويل في المعراج : قال : ثمّ صعد بي إلى تحت العرش فدنا إليّ رفرف أخضر ، فرفعني الرفرف بإذن الله إلى ربّي[68].
74 ـ وعنه في حديث طويل قال : خلقني الله تبارك وتعالى وأهل بيتي من نور واحد قبل أن يخلق آدم بسبعة آلاف عام ، ثمّ نقلنا من صلبه إلى أصلاب الطاهرين وإلى أرحام المطهّرات . قلت : يا رسول الله فأين كنتم ؟ وعليّ أيّ مثل كنتم ؟ قال : كنّا أشباحاً من نور تحت العرش نسبّح الله ونقدّسه ونمجّده[69].
75 ـ وفي آخر طويل أيضاً قال (صلى الله عليه وآله) : لمّـا عرج بي إلى المساء نظرت إلى ساق العرش فإذا هو مكتوب بالنور : لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله أيّدته بعليّ ونصرته بعليّ ورأيت أحد عشر اسماً مكتوباً بالنور على ساق العرش بعد عليّ : الحسن والحسين عليّاً عليّاً عليّاً ومحمّداً محمّداً وجعفراً وموسى والحسن والحجّة ، قلت : إلهي وسيّدي من هؤلاء الذين أكرمتهم وقرنت أسماءهم باسمك ؟ فنوديت : يا محمّد هم الأوصياء بعدك والأئمة فطوبى لمحبّيهم والويل لمبغضيهم[70].
وفي هذا المضمار روايات عديدة.
76 ـ عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) قال : أخبرني جبرئيل (عليه السلام) لمّـا أثبت الله تبارك وتعالى اسم محمّد في ساق العرش قلت : يا ربّ هذا الاسم مكتوب في سرادق العرش أرى أعزّ خلقك عليك قال : فأراه الله اثنى عشر أشباحاً أبداناً بلا أرواح بين السماء والأرض[71].
77 ـ وفي حديث آخر : ثمّ خلق العرش فكتب على أركانه لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله عليّ وصيّه[72].
78 ـ عن الإمام الصادق (عليه السلام) عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أ نّه قال : إنّ الله تبارك وتعالى خلق نور محمّد (صلى الله عليه وآله) قبل أن يخلق السماوات والأرض والعرش والكرسي واللوح والقلم والجنّة والنار وقبل أن خلق آدم ونوحاً ... ثمّ أظهره على العرش فكان على ساق العرش مثبتاً سبعة آلاف سنة إلى أن وضعه الله عزّ وجلّ في صلب آدم (عليه السلام) ...
79 ـ عن عبد الله بن العباس في حديث في فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام)وما أعطاه الله وأعطى رسوله قال : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول : أعطاني الله تعالى خمساً وأعطى عليّاً (عليه السلام) خمساً ـ إلى أن قال ـ : وقالوا لي : يا محمّد والذي بعثك بالحقّ لقد دخل السرور على جميع الملائكة باستخلاف الله عزّ وجلّ لك ابن عمّك ، ورأيت حملة العرش قد نكسوا رؤوسهم إلى الأرض ، فقلت : يا جبرئيل لِمَ نكس حملة العرش رؤوسهم ؟ فقال : يا محمّد ما من ملك من الملائكة إلاّ وقد نظر إلى وجه عليّ بن أبي طالب استبشاراً به ما خلا حملة العرش ، فإنّهم استأذنوا الله عزّ وجلّ في هذه الساعة فأذن لهم أن ينظروا إلى عليّ بن أبي طالب فنظروا إليه[73] ...
80 ـ وعن ابن عباس في حديث احتجاج اليهود مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال : إنّ الله عزّ وجلّ أعطاني نهراً في السماء مجراه من تحت العرش ، وعليه ألف ألف قصر لبنة من ذهب ولبنة من فضّة حشيشتها الزعفران ورضراضها الدرّ والياقوت ، وأرضها المسك الأبيض ، فذاك خير لي ولاُمّتي وذلك قوله تعالى : ( إنَّا أعْطَيْناكَ الكَوْثَر ) قالوا : صدقت يا محمّد وهو مكتوب في التوراة[74].
81 ـ عن الإمام الكاظم في حديث عن أمير المؤمنين (عليه السلام) : ومحمّد (صلى الله عليه وآله)ناجاه الله جلّ ثناؤه فوق سبع سماوات رفعه عليهن فناجاه في موطنين : أحدهما عند سدرة المنتهى ، وكان له هناك مقام محمود ، ثمّ عرج به حتّى انتهى إلى ساق العرش ، فقال عزّ وجلّ : ( ثُمَّ دَنى فَتَدَلَّى )[75].
82 ـ عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : لمّـا خلق الله العرش خلق ملكين فاكتنفاه فقال : أشهد أن لا إله إلاّ أنا ، فشهدا ، ثمّ قال : اشهدا أنّ محمّداً رسول الله فشهدا ، ثمّ قال : اشهدا أنّ عليّاً أمير المؤمنين فشهدا[76].
83 ـ عن أبي ذرّ الغفاري (رضي الله عنه) قال : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول : افتخر إسرافيل على جبرائيل فقال : أنا خيرٌ منك ، قال : ولِمَ أنت خيرٌ منّي ؟ قال : لأ نّي صاحب الثمانية حملة العرش وأنا صاحب النفخة في الصور وأنا أقرب الملائكة إلى الله تعالى ، قال جبرائيل (عليه السلام) : أنا خيرٌ منك ، فقال : بما أنت خير منّي ؟ قال : لأ نّي أمين الله على وحيه ، وأنا رسوله إلى الأنبياء والمرسلين ، وأنا صاحب الخسوف والقذوف ، وما أهلك الله اُمّة من الاُمم إلاّ على يدي ، فاختصما إلى الله تعالى فأوحى إليهما : اسكتا فوعزّتي وجلالي لقد خلقت من هو خير منكما ، قالا : يا ربّ أوَ تخلق خيراً منّا ، ونحن خلقنا من نور ؟ قال الله تعالى : نعم وأوحى إلى حجب القدرة : انكشفي فانكشفت ، فإذا على ساق العرش الأيمن مكتوب : ( لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله وعليّ وفاطمة والحسن والحسين خير خلق الله ) فقال جبرائيل : يا ربّ فإنّي أسألك بحقّهم عليك إلاّ جعلتني خادمهم قال الله تعالى : قد جعلت ، فجبرائيل من أهل البيت وإنّه لخادمنا[77].
84 ـ عن الأصبغ أ نّه سأل أمير المؤمنين (عليه السلام) عن قول الله عزّ وجلّ : ( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلى ) فقال : مكتوب على قائمة العرش قبل أن يخلق الله السماوات والأرضين بألفي عام : لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، وأنّ محمّداً عبده ورسوله ، فاشهدوا بهما ، وأنّ عليّاً (عليه السلام) وصيّ محمّد (صلى الله عليه وآله)[78].
85 ـ عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله تبارك وتعالى : ( عَسى أنْ يَبْعَثكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْموداً ) قال : يجلسه على العرش[79].
قوله (عليه السلام) : ( يجلسه على العرش ) كناية عن رفعة مقامه وتفوّقه على الخلائق أجمعين أو يكون الجلوس حقيقة أو تشريفاً.
86 ـ عن المفضّل عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : يا مفضّل إنّ الله تبارك وتعالى جعل للنبيّ (صلى الله عليه وآله) خمسة أرواح : روح الحياة فيه دبّ ودرج ، وروح القوّة فيه نهض وجاهد ، وروح الشهوة فيه أكل وشرب وأتى النساء من الحلال ، وروح الإيمان فيه أمر وعدل ، وروح القدس فيه حمل النبوّة ، فإذا قبض النبيّ (صلى الله عليه وآله) انتقل روح القدس ، فصار في الإمام ، وروح القدس لا ينام ولا يغفل ولا يلهو ولا يسهو ، والأربعة الأرواح تنام وتلهو وتغفل وتسهو ، وروح القدس ثابت يرى به ما في شرق الأرض وغربها وبرّها وبحرها ، قلت : جعلت فداك يتناول الإمام ما ببغداد بيده ؟ قال : نعم وما دون العرش[80].
87 ـ ومن هذا الباب قصّة من عنده علم من الكتاب في قصّة سليمان وعرش بلقيس ، فهو من الولاية التكوينيّة.
88 ـ عن المفضّل قال : قال لي أبو عبد
الله (عليه
السلام)
ذات يوم : إنّ لنا في كلّ ليلة
جمعة
سروراً ، قلت : زادك الله وما ذاك ؟ قال :
إنّه إذا كان ليلة الجمعة وافى رسول الله (صلى الله
عليه وآله)
العرش ، ووافى الأئمة (عليهم السلام) معهم ،
ووافيناهم ، فلا تردّ أرواحنا إلى أبداننا إلاّ بعلم مستفاد ولولا ذلك لنفذ
ما عندنا[81].
89 ـ عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : قال : يا أبا يحيى لنا في ليالي الجمعة لشأن من الشأن ، قال : فقلت له : جعلت فداك وما ذاك الشأن ؟ قال : يؤذن لأرواح الأنبياء الموتى ، وأرواح الأوصياء الموتى ، وروح الوصيّ الذي بين ظهرانيكم ، يعرج بها إلى السماء حتّى توافي عرش ربّها ، فتطوف بها اُسبوعاً ، وتصلّي عند كلّ قائمة من قوائم العرش ركعتين ، ثمّ تردّ إلى الأبدان التي كانت فيها ، فتصبح الأنبياء والأوصياء ، قد ملئوا واُعطوا سروراً ويصبح الوصيّ الذي بين ظهرانيكم وقد زيد في علمه مثل جمّ غفير[82].
90 ـ عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : إنّ أرواحنا وأرواح النبيّين توافي العرش كلّ ليلة جمعة فتصبح الأوصياء وقد زيد في علمهم مثل جمّ الغفير من العلم[83].
91 ـ وفي حديث في أفضليّة النبيّ الأكرم محمّد (صلى الله
عليه وآله)
على عيسى بن مريم (عليه السلام)وأ نّه أحيا الموتى على يديه ويد
أمير المؤمنين (عليه
السلام)
فقال (عليه
السلام) :
ثمّ نادى المحبّون : معاشر المسلمين إنّ لمحمّد وعليّ شأناً عظيماً في
الممالك التي كنّا فيها ، لقد رأينا لمحمّد (صلى الله
عليه وآله)
مثالا على سرير عند البيت المعمور وعند العرش ، ولعليّ (عليه
السلام)
مثالا عند
البيت
المعمور وعند الكرسي وأملاك السماوات والحجب وأملاك العرش يحفّون بهما ويعظمونهما
ويصلّون عليهما ويصدرون عن أوامرهما ، ويقسمون على الله عزّ وجلّ لحوائجهم
إذا سألوه بهما ، فأمن منهم سبعة نفر وغلب الشقاء على الآخرين[84].
92 ـ وفي حديث في فضل النبيّ الخاتم على الأنبياء وفضله على سليمان قال عليّ (عليه السلام) : ومحمّد (صلى الله عليه وآله) اُعطي ما هو أفضل من هذا إنّه اُسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى مسيرة شهر ، وعرج به في ملكوت السماوات مسيرة خمسين ألف عام في أقلّ من ثلث الليل حتّى انتهى إلى ساق العرش فدنا بالعلم فتدلّى ، فدلّي له من الجنّة رفرف أخضر ، وغشي النور بصره ، فرأى عظمة ربّه عزّ وجلّ بفؤاده ولم يرها بعينه ، فكان قاب قوسين بينها وبينه أو أدنى[85].
وزاده الله تعالى الكوثر وأعطاه الشفاعة ، وذلك أعظم من ملك الدنيا من أوّلها إلى آخرها سبعين مرّة ، ووعده المقام المحمود ، فإذا كان يوم القيامة أقعده الله تعالى على العرش ، فهذا أفضل ممّـا اُعطي سليمان بن داود (عليه السلام)[86].
93 ـ قال عليّ بن إبراهيم في قوله : ( بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجيدٌ في لَوْح مَحْفوظ )قال : اللوح المحفوظ له طرفان : طرف على العرش وطرف على جبهة إسرافيل ، فإذا تكلّم الربّ جلّ ذكره بالوحي ضرب اللوح جبين إسرافيل ، فنظر في اللوح فيوحى بما في اللوح إلى جبرائيل (عليه السلام)[87].
94 ـ وفي حديث المعراج عن الإمام الصادق (عليه
السلام) ،
قال رسول الله (صلى
الله عليه وآله) :
فلمّـا
دخلت الجنّة رجعت إليّ نفسي فسألت جبرئيل عن تلك البحار وهولها وأعاجيبها
فقال :
هي سرادقات الحجب التي احتجب الله تبارك وتعالى بها ، ولولا تلك الحجب لتهتّك نور العرش وكلّ شيء فيه ...[88].
95 ـ عن ابن عباس قال : قال النبيّ (صلى الله عليه وآله) فيما احتجّ على اليهود : حملت على جناح جبرئيل (عليه السلام) حتّى انتهيت إلى السماء السابعة ، فجاوزت سدرة المنتهى عندها جنّة المأوى حتّى تعلّقت بساق العرش ، فنوديت من ساق العرش : إنّي أنا الله لا إله إلاّ أنا السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبّار المتكبّر ، الرؤوف الرحيم ، فرأيته بقلبي وما رأيته بعيني[89].
96 ـ وروي عن جابر قال : جاء جبرئيل إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال : من هذا العبد الصالح الذي مات ، فتحت له أبواب السماء وتحرّك له العرش ـ اهتزّ له العرش ـ فخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) فإذا سعد بن معاذ قد قبض[90].
97 ـ عن عبد العظيم الحسني عن أبي جعفر الثاني عن آبائه (عليهم السلام) قال :
دعا سلمان أبا ذرّ رحمة الله عليهما إلى منزله ، فقدّم إليه رغيفين ، فأخذ أبو ذرّ الرغيفين يقلّبهما ، فقال له سلمان : يا أبا ذرّ لأيّ شيء تقلّب هذين الرغيفين ؟
قال : خفت أن لا يكونا ناضجين.
فغضب سلمان من ذلك غضباً شديداً ، ثمّ قال : ما أجرأك حيث تقلّب هذين الرغيفين ؟ فوالله لقد عمل في هذا الخبر الماء الذي تحت العرش ، وعملت فيه الملائكة حتّى ألقوه إلى الريح ، وعملت فيه الريح حتّى ألقته إلى السحاب ، وعمل فيه السحاب حتّى أمطره إلى الأرض ، وعمل فيه الرعد والملائكة حتّى وضعوا مواضعه ، وعملت فيه الأرض والخشب والحديد والبهائم والنار والحطب والملح وما لا اُحصيه أكثر ، فكيف لك أن تقوم بهذا الشكر ؟
فقال أبو ذرّ : إلى الله أتوب وأستغفر الله ممّـا أحدثت ، وإليك أعتذر ممّـا كرهت[91].
98 ـ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعمّـار بن ياسر : يا عمّـار بالعلم نلت ما نلت من هذا الفضل ، فازدد منه تزدد فضلا ، فإنّ العبد إذا خرج في طلب العلم ناداه الله عزّ وجلّ من فوق العرش : مرحباً يا عبدي أتدري أيّ منزلة تطلب ؟ وأ يّة درجة تروم تضاهي ملائكتي المقرّبين لتكون لهم قريباً لاُبلغنّك مرادك ولاُوصلنّك لحاجتك[92].
99 ـ عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : إنّ الكروبيين قوم من شيعتنا من الخلق الأوّل جعلهم الله خلف العرش ، لو قسّم نور واحد منهم على أهل الأرض لكفاهم ، ثمّ قال : إنّ موسى (عليه السلام) لمّـا أن سأل ربّه ما سأل ، أمر واحداً من الكرويّين فتجلّى للجبل فجعله دكّاً[93].
100 ـ عن أبي هريرة قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : إنّ الله خلق في السماء السابعة ملكاً رأسه تحت العرش ورجلاه تحت الثرى ، وملائكة أكثر من ربيعة ومضر ليس لهم طعام ولا شراب ، إلاّ الصلاة على أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ومحبّيه والاستغفار لشيعته ومواليه[94].
101 ـ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : إنّ الله لمّـا خلق العرش خلق له ثلاثمائة وستّين ألف ركن ، وخلق عند كلّ ركن ثلاثمائة ألف وستّين ألف ملك لو أذن الله تعالى لأصغرهم فالتقم السماوات السبع والأرضين السبع ما كان ذلك بين لهواته إلاّ كالرملة في المفازة الفضفاضة ، فقال لهم الله : يا عبادي احتملوا عرش هذا ، فتعاطوه فلم يطيقوا حمله ولا تحريكه . فخلق الله عزّ وجلّ مع كلّ واحد منهم واحداً فلم يقدروا أن يزعزعوه فخلق الله مع كلّ واحد منهم عشرة فلم يقدروا أن يحرّكوه فخلق الله بعدد كلّ واحد منهم مثل جماعتهم فلم يقدروا أن يحرّكوه ، فقال الله عزّ وجلّ لجميعهم : خلّوه عليّ اُمسكه بقدرتي ، فخلّوه فأمسكه الله عزّ وجلّ بقدرته . ثمّ قال لثمانية منهم : احملوه أنتم ، فقالوا : يا ربّنا لم نطقه نحن وهذا الخلق الكثير والجمّ الغفير ، فكيف نطيقه الآن دونهم ؟ فقال الله عزّ وجلّ : لأنّي أنا الله المقرّب للبعيد والمذلّل للعبيد والمخفّف للشديد والمسهّل للعسير ، أفعل ما أشاء وأحكم ما اُريد اُعلّمكم كلمات تقولونها يخفّف بها عليكم ، قالوا : وما هي يا ربّنا ؟ قال : تقولون : بسم الله الرحمن الرحيم ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين ، فقالوها فحملوه وخفّ على كواهلهم كشعرة نابتة على كاهل رجل جَلد قوي . قال الله عزّ وجلّ لسائر تلك الأملاك : خلّوا على هؤلاء الثمانية عرشي ، ليحملوه وطوفوا أنتم حوله وسبّحوني وقدّسوني ، فإنّي أنا الله القادر على ما رأيتم وعلى كلّ شيء قدير[95].
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : ألا ومن أحبّ عليّاً ناداه ملك من تحت العرش : أن يا عبد الله استأنف العمل فقد غفر الله لك الذنوب كلّها ...[96].
102 ـ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : من صافح عليّاً فكأ نّما صافحني ، ومن صافحني فكأ نّما صافح أركان العرش[97].
103 ـ قال رسول الله : إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش : أين محمّد وعليّ ، فيزخّ بكما إلى السماء حتّى توقفان بين يدي الله ، فيقول لنبيّه (عليه السلام) : أورد عليّاً الحوض وهذا كأس أعطه حتّى يسقي محبّيه وشيعته ولا يسقي أحداً من مبغضيه ...[98].
104 ـ قال جبرئيل لرسول الله (صلى الله عليه وآله) : إذا كان يوم القيامة نصب لك منبر عن يمين العرش والنبيّون كلّهم عن يسار العرش وبين يديه ، ونصب لعليّ (عليه السلام) كرسي إلى جانبك إكراماً له ، فمن هذه خصائصه يجب عليكم أن تحبّوه[99].
105 ـ قال رسول الله لعليّ (عليه السلام) : إذا كان يوم القيامة أخذت بحجزة من ذي العرش تعالى ، وأخذت يا عليّ بحجزتي ، وأخذت ذرّيتك بحجزتك ، وأخذ شيعتكم بحجزتكم[100].
عن الإمام الصادق ، عن آبائه ، قال : قال رسول الله : من ضعف عن نصرتنا أهل البيت فلعن في خلواته أعداءنا بلّغ الله صوته جميع الأملاك من الثرى إلى العرش ، فكلّما لعن هذا الرجل أعداءنا لعناً ساعدوه ولعنوا من يلعنه ثمّ ثنّوا فقالوا : اللهمّ صلّ على عبدك هذا الذي قد بذل ما في وسعه ، ولو قدر على أكثر منه لفعل ، فإذا النداء من قبل الله عزّ وجلّ ، قد أجبت دعاءكم وسمعت نداءكم وصلّيت على روحه في الأرواح وجعلته عندي من المصطفين الأخيار[101].
106 ـ عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) أ نّه قال : لمّـا خلق الله العرش خلق سبعين ألف ملك وقال لهم : طوفوا بعرش النور وسبّحوني واحملوا عرشي فطافوا وسبّحوا ، وأرادوا أن يحملوا العرش فما قدروا فقال لهم الله : طوفوا بعرش النور فصلّوا على نور جلالي محمّد حبيبي ، واحملوا عرشي فطافوا بعرش الجلال وصلّوا على محمّد وحملوا العرش فأطاقوا حمله ، فقالوا : ربّنا أمرتنا بتسبيحك وتقديسك فقال الله لهم : يا ملائكتي إذا صلّيتم على حبيبي محمّد فقد سبّحتموني وقدّستموني وهلّلتموني[102].
عن الإمام الرضا (عليه السلام) في خبر طويل في فضل يوم الغدير قال : وفي يوم الغدير عرض الله الولاية على أهل السماوات السبع فسبق إليها أهل السماء السابعة فزيّن بها العرش[103].
في حديث طويل في مظلوميّة أهل البيت (عليهم السلام) عن الله سبحانه مخاطباً نبيّه إلى أن يقول :
ثمّ اُخرج من صلبه ذكراً أنتصر له به ـ وهو صاحب الزمان (عليه السلام) ـ وأنّ شبحه عندي تحت العرش يملأ الأرض بالعدل ويطفئها بالقسط ...[104].
اللهمّ بحقّ محمّد وآله وباسمك العظيم الأعظم عجّل فرجه وسهّل مخرجه ، وأرنا طلعته الرشيدة وغُرّته الحميدة ، واجعلنا من خلّص شيعته وأعوان مذهبه ، وأنصار دينه ، والمستشهدين بين يديه ، والمنتظرين حقّاً لقدومه ودولته وولايته.
هذه نبذة يسيرة من الروايات الشريفة الكثيرة الواردة في شأن من شؤون محمّد وآله (عليهم السلام) ، وأ نّهم في عالم الأنوار قبل خلق الخلائق ، ثمّ في عرش الله عند خلقه من نورهم الأنور (عليهم السلام) ، ثمّ في عالم الأصلاب والأرحام في قوس نزولي ، ثمّ إلى ربّهم يرجعون في قوس صعودي ، وبهم بدأ الله سبحانه وبهم يختم ، ولا فرق بينه وبينهم إلاّ أ نّهم عباد الله المكرمون فتقهم ورتقهم بيده جلّ جلاله.
[1]سفينة البحار 6 : 199 ، عن البحار 52 : 312.
[2]السفينة 6 : 205 ، عن البحار 26 : 282.
[3]البحار 25 : 2 ، عن فضائل الشيعة : 7.
[4]المصدر ، عن تفسير فرات : 207.
[5]البحار 25 : 4 ، عن كنز الفوائد : 374.
[6]المصدر.
[7]المصدر ، عن أمالي ابن الشيخ : 92.
[8]المصدر ، عن تفسير القمّي : 202.
[9]البحار 25 : 18.
[10]البحار 25 : 97 ، عن كنز الفوائد : 473.
[11]البحار 25 : 363 ، عن المختصر : 159.
[12]البحار 25 : 376 ، عن كامل الزيارات : 226.
[13]البحار 26 : 89 ، عن بصائر الدرجات : 36.
[14]البحار 26 : 92 ، الحديث 23.
[15]البحار 26 : 105 ، الباب 5.
[16]موسوعة كلمات الإمام الحسين (عليه السلام) : 58 ، عن بحار الأنوار 60 : 311.
[17]المصدر ، عن عيون الأخبار : 170.
[18]البحار 26 : 301 ، عن الكنز : 256 ، والضحضاح : قريب القعر.
[19]البحار 26 : 322 ، عن معاني الأخبار : 37.
[20]البحار ، عن البصائر : 21.
[21]البحار ، عن اليقين : 55.
[22]البحار 26 : 345 ، عن إرشاد القلوب : 214.
[23]البحار 27 : 115.
[24]المصدر.
[25]البحار 27 : 259.
[26]المصدر : 262 ، عن بصائر الدرجات : 21.
[27]البحار 28 : 62 ، عن كامل الزيارات : 232.
[28]أمالي المفيد : 125.
[29]الخصائص الحسينيّة : 418 ، عن أمالي الشيخ الصدوق : 98 ـ 99 ، ونقله البحار 43 : 291 ، والمنتخب : 158.
[30]البحار 3 : 12 ، عن ثواب الأعمال.
[31]لقد تعرّضت إلى ذلك بالتفصيل في ( هذه هي الولاية )، و (جلوة من ولاية أهل البيت (عليهم السلام))، فراجع.
[32]البحار 5 : 262.
[33]البحار 11 : 165 ، عن معاني الأخبار : 42 ، وعيون الأخبار : 170.
[34]البحار 11 : 174.
[35]المصدر : 175.
[36]البحار 15 : 8 ، عن علل الشرائع : 80 .
[37]المصدر : 8 ، عن تفسير فرات : 134.
[38]المصدر : 10.
[39]المصدر : 14 ، عن أمالي ابن الشيخ : 197.
[40]البحار 15 : 14 ، عن معاني الأخبار : 21.
[41]المصدر : 22 ، عن بصائر الدرجات : 5.
[42]البحار 18 : 83 ، عن الخصال 2 : 171.
[43]المصدر : 297.
[44]البحار 18 : 354 ، عن عيون أخبار الرضا : 272.
[45]المصدر : 389.
[46]المصدر : 395.
[47]البحار 18 : 408.
[48]البحار 22 : 148 ، عن كتاب سليم بن قيس : 215.
[49]البحار 22 : 552 ، عن الاختصاص : 312.
[50]البحار 23 : 131 ، عن تفسير القمّي : 116 ، والآية في سورة آل عمران : 185.
[51]المصدر 39 : 223.
[52]البحار 24 : 88 ، عن تفسير القمّي : 560 ، الباب 43 ، وفيه 11 رواية.
[53]المصدر : 178 ، عن البصائر : 130 ، والآية في الأنعام : 115.
[54]البحار 25 : 8 ، عن البصائر : 5.
[55]المصدر والمرجع.
[56]البحار 26 : 90 ، عن البصائر : 36.
[57]المصدر والمرجع.
[58]البحار 27 : 1 ، عن الاحتجاج : 83 ، وفي البحار الباب الأوّل وفيه 28 رواية بهذا المضمون.
[59]البحار 27 : 6.
[60]المصدر : 8 ، عن اليقين في إمرة أمير المؤمنين.
[61]المصدر : 10.
[62]البحار 27 : 39.
[63]البحار 35 : 33.
[64]البحار 35 : 254 ، عن المناقب 1 : 580.
[65]البحار 36 : 74 ، عن كنز الفوائد.
[66]البحار 36 : 115.
[67]البحار 36 : 152 ، عن الكنز ، وفي تفسير البرهان 4 : 20.
[68]البحار 36 : 162.
[69]المصدر : 302 ، إرشاد القلوب : 272.
[70]البحار 36 : 326.
[71]المصدر : 341.
[72]المصدر : 342.
[73]المصدر 16 : 318.
[74]المصدر : 328.
[75]المصدر : 344.
[76]المصدر : 364 ، عن كشف اليقين.
[77]البحار 16 : 364 ، عن إرشاد القلوب 2 : 214.
[78]المصدر : 365 ، عن تفسير القمّي : 721.
[79]المصدر : 378.
[80]المصدر 17 : 106 ، عن بصائر الدرجات : 134.
[81]البحار 17 : 151 ، عن بصائر الدرجات : 36.
[82]المصدر : 152 ، عن البصائر : 36.
[83]المصدر والمرجع.
[84]البحار 17 : 261 ، عن التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري : 149.
[85]المصدر : 289.
[86]المصدر : 288.
[87]البحار 18 : 258 ، عن تفسير القمّي.
[88]المصدر : 328 ، وجاء في الهامش : في الحديث كما ترى أسرار لم يطّلع عليها أحد إلى الآن ، ولم يكشف عنها العلوم غطاءها إلى حينذاك كقوله : سرادقات الحجب وهتك النور وغيرهما ، ولعلّ الله ادّخر علم تلك الأسرار الكونيّة التي أفاض علمها إلى أئمّتنا (عليهم السلام) لجيل يأتي يوماً ينقر العلوم نقراً ، يتصفّح عن الحقائق الكامنة في جوّ العالم والكرات الواقعة في الفضاء اللامتناهي تصفّحاً ، والأسف أنّ المسلمين مع تصلّبهم في العمل ونشاطهم في الاُمور وتنقيرهم عن الأسرار في زمنهم الأوّل أصبحوا كسالى خاملين معطّلين ، طائفة منهم رسخت فيهما العطالة والبطالة ، ومالوا إلى العزلة ودعوا المجتمع إليها ، راجحين للانفراد على المدنيّة والحضارة مقلّدين من كان قبلهم من أصحاب الأديار والكهوف والغيران ، وصنف منهم عكفوا إلى جمع الدرهم والدنيار وانحازوا إلى الأشر والبطر والترف ، وأراحوا أنفسهم عن كدّ تحصيل العلوم ، وتصفّح الأسرار الكونيّة وما أودع الله علمه في كمون ذلك العالم ، ولحبّهم الفسوق نسوا أنفسهم فأنساهم الله ما أعدّ فيهم من استعدادات قويّة يمكنهم الاستمداد منها على حلّ الأسرار وكشف ما غمض حقيقته عنّا ، وتسخير القوى الطبيعيّة واستخدامها . وهذه الطائفة ليسوا بأقلّ من غيرهم بل هم الأكثرون ، سيّما في قرننا المظلم آفاقه ، والظالم أهله ، الذي خطف أبصار أهله ما استفاد الغربيّون من العلوم ، وركنوا إليهم وإليها واكتفوا بها فصاروا عبيداً بعدما كانوا سادة ، وتبعاً بعدما كانوا متبوعين ، فهل يقطة بعد النوم ؟ ونشاط عبد الكسل والفشل . وما ظلم هؤلاء المترفون بأكثر من ظلم طائفة اُخرى كما رأوا أو سمعوا من الأسرار الكونيّة الواردة في الثراء العلميّة من أحاديثنا يتأوّلونها بمعان خياليّة تفهة ، أو عرفانيّة صرفة.
[89]البحار 18 : 340.
[90]البحار 20 : 213.
[91]البحار 22 : 320 ، عن عيون أخبار الرضا : 215.
[92]المصدر : 340.
[93]البحار 26 : 342 ، عن البصائر : 21.
[94]البحار 26 : 349.
[95]البحار 27 : 97.
[96]المصدر : 115.
[97]المصدر نفسه.
[98]المصدر : 118.
[99]البحار 27 : 129.
[100]المصدر : 161.
[101]المصدر : 223.
[102]المصدر : 259.
[103]المصدر : 262.
[104]البحار 28 : 62.
![]() |
![]() |
![]() |