![]() |
![]() |
![]() |
الأكثريّة أهل المعصية
قال الله تعالى :
( قالَ نوحٌ رَبِّ إنَّهُمْ عَصَوْني وَاتَّبَعوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالَهُ وَوَلَدَهُ إلاّ خساراً )[1].
كثير من الناس من يفرح ويفتخر بكثرة ماله وأولاده ( ألهاكُم التكاثر ) ، ولا يدري أ نّه لولا أداء حقوقهما فإنّهما يكونان عليه وبالا ، ولم يزده إلاّ خساراً ، فإنّ حبّهما يخرج الإنسان من الدين ، ومن طاعة ربّ العالمين ، فيعصي الله ورسوله ، ويتّبع المال والدنيا الدنيّة والطغاة الجبابرة ، وأكثر الناس هكذا ، كما يحدّثنا ربّ العباد في قصّة نوح (عليه السلام) عن لسانه المبارك ، فإنّه خلال ألف سنة إلاّ خمسين عاماً يدعوهم إلى الله ليسعدوا في الدارين ، إلاّ أ نّهم يعصونه ويتّبعوا أصحاب الدنيا والثروة وكثرة الأولاد الذي لا يزيدهم إلاّ خساراً.
وكذلك اُمّة خاتم النبيّين وسيّد المرسلين وحبيب إله العالمين محمّد (صلى الله عليه وآله) ، فقد عصوه في أهل بيته الأطهار (عليهم السلام) ، فما منهم إلاّ مقتول أو مسموم ، عصوه في قصّة الغدير وواقعة الطفّ وكربلاء الحزينة ، وأمثالهما ، إلاّ قليل من الناس بذلوا النفس والنفيس في إحياء أمرهم ، وتخليد ذكرهم ، ونشر مذهبهم ، وذكر فضائلهم ومناقبهم ، ومثالب أعداءهم ومنكري حقوقهم ، وهكذا شاء الله سبحانه ديموميّة الصراع بين الحقّ والباطل ، ولا تستوحشوا في طريق الحقّ من قلّة أهله ، فإنّ الشيطان منذ اليوم الأوّل أقسم بعزّة الله سبحانه ( لاغوينّهم أجمعينَ إلاّ عبادك منهم المخلصين ) ، والتأريخ يحدّثنا بالصراع تارةً بين آدم والشيطان واُخرى هابيل وقابيل ، وبين إبراهيم ونمرود وموسى وفرعون وعيسى ويهوذا وخاتم الأنبياء محمّد وأبي جهل وكفّار قريش ، وهكذا حتّى عصر الحسين ويزيد ، ومن بعدهما كلّ واحد إمّا أن يكون في معسكر الحسين (عليه السلام) راكباً سفينته ويستضيء بمصباحه ، وإمّا أن يكون في معسكر يزيد السفّاك ، وقفوهم إنّهم مسؤولون ، فيوم القيامة لا محالة تسأل : في أيّ المعسكرين أنت ؟
[1]نوح : 21.
![]() |
![]() |
![]() |