![]() |
![]() |
![]() |
يظهر من الآيات الكريمة والروايات الشريفة الصادرة عن معدن العلم والرسالة السمحاء ، أنّ إطلاق العرش له معان متعدّدة ، فتارةً في عالم الأسماء والصفات وفي عالم النور ، فهو مظهر الاسم النوري في نطاق الأمر ( لَهُ الأمْرُ وَالخَلْقُ ) كما يظهر في عالم الخلق بما يناسبه من العالم العلوي الملكوتي ، وهو الذي خلق من نور النبيّ والوصيّ بعد خلقهما من نوره المطلق ومطلق النور ( اللهُ نورُ السَّماواتِ وَالأرْضِ ) وهذا العرش الثاني له الجهات ولو تجوّزاً كاليمين والشمال والفوق والتحت والأمام والخلف ، وله الظلّ والقوائم والسرادقات والأركان والبطنان ، ومثل هذا العرش يكون من تحته الماء والريح والمطر واللوح المحفوظ وسجود الملائكة والفطرة وميزان العدل واجتماع الناس والحبّ العلويّ المخزون وخفيق أجنحة الملائكة وزبرجدة خضراء والبيت والبحر المسجور والقناديل وغير ذلك من العوالم والمعالم.
ولكي نعيش تلك العوالم الروحانيّة ، ويُفتح لنا آفاق جديدة في الفكر الإسلامي حول العرش الإلهي ، حبّذا أن نطرق أبواب النبيّ المصطفى والعترة الطاهرة ، معدن العلم والرسالة (عليهم السلام) ، فإنّهم أعرف من غيرهم بما في العرش ، فإنّه خلق من نورهم ، وهم أهله ، وفي ضحضاحه وبطنانه ، وأهل البيت أدرى وأعرف بما في البيت . ثمّ أذكر الأخبار تفصيلا وإجمالا.
هذا ولا أشرح الروايات ، كما لا اُعلّق عليها إلاّ نادراً ، إنّما اُفوّض ذلك إليك أ يّها القارئ الكريم ، لتستخرج منها اللآلئ والدرر ، وتقف على حقائق تزهدك في الدنيا ، وتشوّقك لتسكن في ظلّ العرش الإلهي.
1 ـ عن هشام بن الحكم في حديث طويل عن أبي عبد الله (عليه السلام) في أسئلة السائل عن التوحيد فقال : فقوله ( الرَّحْمنُ عَلى العَرْشِ اسْتَوى ) قال أبو عبد الله (عليه السلام) بذلك وصف نفسه ، وكذلك هو مستول على العرش بائن من خلقه ، من غير أن يكون العرش حاملا له ، ولا أنّ العرش محلّ له ، لكنّا نقول : هو حامل للعرش ، وممسك للعرش ، ونقول في ذلك ، ما قال : ( وَسع كرسيّه السماوات والأرض ) فثبّتنا من العرش والكرسي ما ثبّته ، ونفينا أن يكون العرش والكرسي حاوياً له ، وأن يكون عزّ وجلّ محتاجاً إلى مكان أو إلى شيء ممّـا خلق ، بل خلقه محتاجون إليه.
قال السائل : فما الفرق بين أن يرفعوا أيديهم إلى السماء وبين أن تخفضوها نحو الأرض ؟ قال أبو عبد الله (عليه السلام) : ذلك في علمه وإحاطته وقدرته سواء ولكنّه عزّ وجلّ أمر أولياءه وعباده برفع أيديهم إلى السماء نحو العرش لأ نّه جعله معدن الرزق ، فثبّتنا ما ثبّته القرآن والأخبار عن الرسول (صلى الله عليه وآله) حين قال : ارفعوا أيديكم إلى الله عزّ وجلّ وهذا تجمع عليه فرق الاُمّة كلّها[1].
ولا يخفى أنّ الحديث حول العرش وما دونه ، وأمّا فوق العرش فقد نهينا عن الخوض فيه ـ وإن كان علمه عند أهله ـ فلا نتحدّث عن ذلك ، ولا نفكّر بما هنالك.
2 ـ عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : تكلّموا فيما دون العرش ، ولا تكلّموا فيما فوق العرش ـ أي في الله سبحانه ـ فإنّ قوماً تكلّموا في الله فتاهوا ، حتّى كان الرجل ينادي من بين يديه فيجب من خلفه[2].
هذا وليس المراد من العرش في السماوات هو الشيء المادّي كما في الأرض ، وأنّ الله يجلس عليه ويكون له أطيط كأطيط الرحل كما في كتاب ( مسلم ) ، وكما تعتقد به المجسّمة والحنابلة وأتباع ابن تيميّة وابن القيّم ومحمّد بن عبد الوهاب ، فهذا أمر مردود وسخيف ، يناقضه البراهين العقليّة والأدلّة النقليّة من الكتاب الكريم والسنّة الصحيحة . كما أرشد إلى ذلك أمير المؤمنين علي (عليه السلام) ذلك الرجل اليهودي.
3 ـ روي أنّ بعض أحبار اليهود جاء إلى أبي بكر فقال له : أنت خليفة رسول الله على الاُمّة ؟ فقال : نعم . فقال : إنّا نجد في التوراة أنّ خلفاء الأنبياء أعلم اُممهم ، فخبّرني عن الله أين هو ؟ في السماء هو أم في الأرض ؟ فقال له أبو بكر : في السماء على العرش . قال اليهودي : فأرى الأرض خالية منه ، فاراه على هذا القول في مكان دون مكان ، فقال أبو بكر : هذا كلام الزنادقة ، اُعزب عنّي وإلاّ قتلتك ، فولّى الرجل متعجّباً يستهزئ بالإسلام ، فاستقبله أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال له : يا يهودي ، قد عرفت ما سألت عنه وما اُجبت به ، وإنّا نقول : إنّ الله عزّ وجلّ أيّن الأين فلا أين له ، وجلّ من أن يحويه مكان ، وهو في كلّ مكان بغير مماسّة ولا مجاورة ، يحيط علماً بما فيها ، ولا يخلو شيء من تدبيره تعالى ، وإنّي مخبرك بما جاء في كتاب نبيّكم ، يصدّق بما ذكرته لك فإن عرفته أتؤمن به ؟ قال اليهودي : نعم ، قال : ألستم تجدون في بعض كتبكم أنّ موسى بن عمران كان ذات يوم جالساً إذ جاءه ملك من المشرق فقال له : من أين جئت ؟ قال : من عند الله عزّ وجلّ ، ثمّ جاءه ملك من المغرب فقال له : من أين جئت ؟ قال : من عند الله عزّ وجلّ ، ثمّ جاءه ملك آخر فقال له : من أين جئت ؟ قال : قد جئتك من السماء السابعة من عند الله عزّ وجلّ ، وجاءه ملك آخر فقال : من أين جئت ؟ قال : قد جئتك من الأرض السابعة السفلى من عند الله عزّ وجلّ ، فقال موسى (عليه السلام) : سبحان من لا يخلو منه مكان ولا يكون إلى مكان أقرب من مكان ، فقال اليهودي : أشهد أنّ هذا هو الحقّ المبين ، وإنّك أحقّ بمقام نبيّك ممّن استولى عليه[3].
4 ـ وفي مسائل اليهودي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال له : فربّك يَحمل أو يُحمل ؟ قال : إنّ ربّي عزّ وجلّ يحمل كلّ شيء بقدرته ولا يحمله شيء ، قال : فكيف قوله عزّ وجلّ : ( وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذ ثَمانِيَة ) ؟ قال : يا يهودي ، ألم تعلم أنّ لله ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى ، فكلّ شيء على الثرى ، والثرى على القدرة ، والقدرة تحمل كلّ شيء.
5 ـ عن الهروي قال : سأل المأمون أبا الحسن عليّ بن موسى الرضا (عليه السلام) عن قول الله عزّ وجلّ : ( وَهُوَ الَّذي خَلَقَ السَّماوات وَالأرْضَ في سِتَّةِ أيَّام وَكانَ عَرْشُهُ عَلى الماءِ لِيَبْلُوكُمْ أ يَّكمْ أحْسَن عَملا ) فقال : إنّ الله تبارك وتعالى خلق العرش والماء والملائكة قبل خلق السماوات والأرض ، وكانت الملائكة تستدلّ بأنفسها وبالعرش والماء على الله عزّ وجلّ ، ثمّ جعل عرشه على الماء ليظهر بذلك قدرته للملائكة ، فتعلم أ نّه على كلّ شيء قدير ، ثمّ رفع العرش بقدرته ونقله ، وجعله فوق السماوات السبع ، ثمّ خلق السماوات والأرض في ستّة أيام وهو مستول على عرشه ، وكان قادراً على أن يخلقها في طرفة عين ، ولكنّه عزّ وجلّ خلقها في ستّة أيام ليظهر للملائكة ما يخلقه منها شيئاً بعد شيء ، فيستدلّ بحدوث ما يحدث على الله تعالى ذكره مرّة بعد مرّة ، ولم يخلق الله العرش لحاجة له إليه ، لأ نّه غنيّ عن العرش وعن جميع ما خلق ، لا يوصف بالكون على العرش لأ نّه ليس بجسم تعالى عن صفة خلقه علوّاً كبيراً[4].
يظهر من هذا الخبر الشريف أنّ العرش العلمي والرحماني وغير ذلك من العروش الإلهيّة ، يخلقها الله ويمثّلها في عالم المجرّدات كالعقول المجرّدة ، وفي عالم الأنوار والأرواح فيكون العرش مخلوقاً لله وهو غنيّ عنه ، أمّا العرش بمعنى العلم ، فإنّ العلم عين ذات الله كما هو المعتقد الصحيح الثابت في محلّه ، فتدبّر.
6 ـ وعن هشام بن الحكم في حديث الزنديق الذي أتى أبا عبد الله (عليه السلام)يسأله مسائل : قال السائل : فتقول : إنّه ينزل إلى السماء الدنيا ؟ قال أبو عبد الله(عليه السلام): نقول ذلك ، لأنّ الروايات قد صحّت به والأخبار . قال السائل : وإذا نزل أليس قد حال عن العرش وحوّله عن العرش انتقال ؟ قال أبو عبد الله (عليه السلام) : ليس ذلك على ما يوجد من المخلوق الذي ينتقل باختلاف الحال عليه والملالة والسأمة وناقل ينقله ويحوّله من حال إلى حال ، بل هو تبارك وتعالى لا يحدث عليه الحال ، ولا يجري عليه الحدوث فلا يكون نزوله كنزول المخلوق الذي متى تنحّى عن مكان خلا منه المكان الأوّل ولكنّه ينزل إلى سماء الدنيا بغير معاناة ولا حركة فيكون هو كما في السماء السابعة على العرش كذلك هو في سماء الدنيا ، إنّما يكشف عن عظمته ، ويري أولياءه نفسه حيث شاء ، ويكشف ما شاء من قدرته ، ومنظره في القرب والبعد سواء.
ثمّ قال : قال مصنّف هذا الكتاب : قوله (عليه السلام) : إنّه على العرش إنّه ليس بمعنى التمكّن فيه ، ولكنّه بمعنى التعالي عليه بالقدرة يقال : فلان على خير واستعانة على عمل كذا وكذا ، ليس بمعنى التمكّن فيه والاستقرار عليه ، ولكن ذلك بمعنى التمكّن منه والقدرة عليه ، وقوله في النزول ليس بمعنى الانتقال وقطع المسافة ، ولكنّه على معنى إنزال الأمر منه إلى سماء الدنيا ، لأنّ العرش هو المكان الذي ينتهى إليه بأعمال العباد من السدرة المنتهى إليه ، وقد يجعل الله عزّ وجلّ السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل ، وفي ليالي الجمعة مسافة الأعمال في ارتفاعها أقرب منها في سائر الأوقات إلى العرش . وقوله : يرى أولياءه نفسه ، فإنّه يعني بإظهار بدائع فطرته ، فقد جرت العادة بأن يقال للسلطان إذا أظهر قوّة وقدرة وخيلا ورجلا : قد أظهر نفسه ، وعلى ذلك دلّ الكلام ومجاز اللفظ . انتهى كلامه[5].
ولا يخفى أنّ هناك قضايا وحوادث تتعلّق بالعرش ويظهر من الروايات الشريفة أنّ العرش هو العلم الإلهي إلاّ أنّ إيجاده للغير إنّما يكون بأنوار وأجسام لطيفة تناسب مع العالم الملكوتي غير الأجسام في العالم الناسوتي ، وربما من ضيق التعبير اُعبّر عنها بالأجسام اللطيفة.
7 ـ فما ورد في هذا المعنى أنّ المؤمن عند موته ينادي روحه مناد من قبل ربّ العزّة من بطنان العرش من فوق الاُفق الأعلى ويقول : يا أ يّها النفس المطمئنّة إلى محمّد وآله ـ صلوات الله عليهم ـ ارجعي إلى ربّك راضية مرضيّة ، فادخلي في عبادي وادخلي جنّتي[6].
8 ـ وعن أبي ولاّد الحنّاط عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : قلت له : جعلت فداك يروون أنّ أرواح المؤمنين في حواصل طيور خضر حول العرش ، فقال : لا ، المؤمن أكرم على الله من أن يجعل روحه في حوصلة طير[7].
وهذا يعني أنّ المؤمن بعد رحلته يكون في بدن كبدنه الدنيوي حول العرش وإذا قدم عليه القادم عرفه بتلك الصورة التي كانت في الدنيا.
9 ـ عن ابن أبي عمير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : سأل عليّ (عليه السلام)رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن تفسير قوله : ( يَوْمَ نَحْشُرُ المُتَّقينَ ) الآية قال : يا عليّ إنّ الوفد لا يكونون إلاّ ركباناً ، اُولئك رجال اتّقوا الله فأحبّهم الله واختصّهم ورضي أعمالهم فسمّـاهم الله المتّقين ، ثمّ قال : يا عليّ أما والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة إنّهم ليخرجون من قبورهم وبياض وجوههم كبياض الثلج ، عليهم ثياب بياضها كبياض اللبن ، عليهم نعال الذهب شراكها من لؤلؤ يتلألأ . وفي حديث آخر قال : إنّ الملائكة لتستقبلنّهم بنوق من العزّة من أنوق الجنّة ، عليها رحائل الذهب مكلّلة بالدرّ والياقوت ، وجلالها الاستبرق والسندس وخطامها جدل الأرجوان ، وزمامها من زبرجد فتطير بهم إلى المجلس ، مع كلّ رجل منهم ألف ملك من قدّامه وعن يمينه وعن شماله يزفّونهم زفّاً حتّى ينتهوا بهم إلى باب الجنّة الأعظم وعلى باب الجنّة شجرة الورقة منها تستظلّ تحتها مائة ألف من الناس ، وعن يمين الشجرة عين مطهّرة مزكيّة قال : فيسقون منها شربة فيطهّر الله قلوبهم من الحسد ويسقط من أبشارهم الشعر ، وذلك قوله : ( وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهوراً ) من تلك العين المطهّرة ، ثمّ يرجعون إلى عين الثرى عن يسار الشجرة فيغتسلون منها ، وهي عين الحياة فلا يموتون أبداً ، قال : ثمّ يوقف بهم قدّام العرش ، وقد سلموا من الآفات والأسقام والحرّ والبرد أبداً ، قال : فيقول الجبّار للملائكة الذين معهم : احشروا أوليائي إلى الجنّة فلا توقفوهم مع الخلائق فقد سبق رضاي عنهم ووجبت رحمتي لهم فكيف اُريد أن اُوقفهم مع أصحاب الحسنات والسيّئات ، فيسوقهم الملائكة إلى الجنّة ، فإذا انتهوا إلى باب الجنّة الأعظم ضربوا الملائكة الحلقة ضربة فتصرّ صريراً فيبلغ صوت صريرها كلّ حوراء خلقها الله وأعدّها لأوليائه فيتباشرون إذ سمعوا صرير الحلقة ويقول بعضهم لبعض ( فيتباشرن إذا سمعن صرير الحلقة ويقول بعضهنّ لبعض ) : قد جاءنا أولياء الله ، فيفتح لهم الباب فيدخلون الجنّة ويشرف عليهم أزواجهم من الحور العين والآدميين فيقلن لهم : مرحباً بكم فما كان أشدّ شوقنا إليكم ؟ ويقول لهن أولياء الله مثل ذلك ، فقال عليّ (عليه السلام) : من هؤلاء يا رسول الله ؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : هؤلاء شيعتك يا عليّ وأنت إمامهم ، وهو قوله : ( وَيومَ نحشر المتّقين إلى الرحمن وفداً ) على الرحائل ( ونسوق المجرمين إلى جهنّم ورداً )[8].
10 ـ عن عامر الجهني قال : دخل رسول الله (صلى الله عليه وآله) المسجد ونحن جلوس وفينا أبو بكر وعمر وعثمان وعليّ (عليه السلام) في ناحية ، فجاء النبيّ (صلى الله عليه وآله) فجلس إلى جانب علي (عليه السلام) ، فجعل ينظر يميناً وشمالا ، ثمّ قال : إنّ عن يمين العرش وعن يسار العرش لرجالا على منابر من نور يتلألأ وجوههم نوراً ، قال : فقام أبو بكر فقال : بأبي أنت واُمّي يا رسول الله أنا منهم ؟ قال له : إجلس ، ثمّ قام إليه عمر فقال له مثل ذلك ، فقال له : إجلس ، فلمّـا رأى ابن مسعود ما قال لهما النبيّ (صلى الله عليه وآله) استوى قائماً على قدميه ثمّ قال : بأبي أنت واُمّي يا رسول الله صفهم لنا نعرفهم بصفتهم ، قال : فضرب على منكب عليّ (عليه السلام) ثمّ قال : هذا وشيعته هم الفائزون[9].
11 ـ عن أبي عبد الله عن أبيه عن جدّه (عليهم السلام) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعليّ : يا عليّ لقد مثّلت لي اُمّتي في الطين حتّى رأيت صغيرهم وكبيرهم أرواحاً قبل أن تخلق أجسادهم ، وإنّي مررت بك وبشيعتك فاستغفرت لكم ، فقال علي : يا نبيّ الله زدني فيهم ، قال : نعم يا عليّ تخرج أنت وشيعتك من قبوركم ووجوهكم كالقمر ليلة البدر ، وقد فرجت عنكم الشدائد ، وذهب عنكم الأحزان ، تستظلّون تحت العرش ، يخاف الناس ولا تخافون ، ويحزن الناس ولا تحزنون وتوضع لكم مائدة والناس في المحاسبة[10].
العرش يوم القيامة هو ( العرش المسمّى ) الذي يصوّر ويمثّل ( العرش الإسمي ) لله سبحانه ، وكلّما يقال في نعيم الآخرة من المعالم الحيّة فإنّه يقال في عرش الله سبحانه ، وشيعة أمير المؤمنين موقفهم الأخير في الجنّة منهم من هو إمامه ومنهم من هو تحت العرش وحوله.
12 ـ عن الحسين بن سعيد معنعناً عن عليّ (عليه السلام) قال : أنا وشيعتي يوم القيامة على منابر من نور فيمرّ علينا الملائكة ويسلّم علينا ؟ قال : فيقولون : من هذا الرجل ؟ ومن هؤلاء ؟ فيقال لهم : هذا عليّ بن أبي طالب ابن عمّ النبيّ فيقال : من هؤلاء ؟ قال : فيقال لهم : هؤلاء شيعته ، قال : فيقولون : أين النبيّ العربي وابن عمّه ؟ فيقولون : هما عند العرش ، قال : فينادي مناد من السماء عند ربّ العزّة : يا عليّ ادخل أنت وشيعتك لا حساب عليك ولا عليهم . فيدخلون الجنّة وينعّمون فيها من فواكهها ويلبسون السندس والاستبرق وما لم ترَ عين . فيقولون : ( الحمد لله الذي أذهب عنّا الحزن إنّ ربّنا لغفورٌ شكور ) الذي منّ علينا بنبيّه محمّد (صلى الله عليه وآله) وبوصيّه عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) ، والحمد لله الذي منّ علينا بهما من فضله ، وأدخلنا الجنّة فنعم أجر العاملين ، فينادي مناد من السماء : كلوا واشربوا هنيئاً ، قد نظر إليكم الرحمن نظرة فلا بؤس عليكم ولا حساب ولا عذاب[11].
13 ـ وفي صفات المتّقين وحالهم يوم القيامة يقول أمير المؤمنين (عليه السلام) : وهاجت لهم ريح من قبل العرش فنثرت عليهم الياسمين والأقحوان[12].
14 ـ وعن رسول الله في وصف أمير المؤمنين وما يحدث له يوم القيامة يقول : وعليّ بن أبي طالب على ناقة من نوق الجنّة ... فلا يمرّ بملأ من الملائكة إلاّ قالوا : نبيّ مرسل ، ولا يمرّ بنبيّ إلاّ يقول : ملك مقرّب ، فينادي مناد من بطنان العرش : يا أ يّها الناس ليس هذا ملك مقرّب ولا نبيّ مرسل ولا حامل عرش ، هذا عليّ بن أبي طالب ، وتجيء شيعته من بعده فينادي مناد لشيعته : من أنتم ؟ فيقولون : نحن العلويّون ، فيأتيهم النداء : أ يّها العلويّون أنتم آمنون ادخلوا الجنّة مع من كنتم توالون[13].
15 ـ وفي حديث آخر : وأخي عليّ بن أبي طالب على ناقة من نوق الجنّة ، وبيده لواء الحمد واقف بين يدي العرش ينادي : لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله ، قال : فيقول الآدميون : ما هذا إلاّ ملك مقرّب أو نبيّ مرسل أو حامل عرش ربّ العالمين ، قال : فيجيبهم ملك من تحت بطنان العرش : معاشر الآدميين ، ما هذا ملكاً مقرّباً ، ولا نبيّاً مرسلا ، ولا حامل عرش ، هذا الصدّيق الأكبر ، هذا عليّ بن أبي طالب[14].
وفي هذا المضمون روايات كثيرة كادت أن تكون متواترة.
16 ـ وفي حديث : فينادي مناد من تلقاء العرش[15].
17 ـ وفي حديث أحوال يوم القيامة : فيقول الله عزّ وجلّ : ... أ يّها الخلائق استعدّوا للحساب ... والجبّار تبارك وتعالى على العرش ـ أي يصدر حكمه من قبل العرش ـ قد نشرت الدواوين ونصبت الموازين . واُحضر النبيّون والشهداء وهم الأئمة ، يشهد كلّ إمام على أهل عالمه بأ نّه قد قام فيهم بأمر الله عزّ وجلّ ودعاهم إلى سبيل الله[16].
يظهر من الأخبار الشريفة أنّ يوم القيامة كلّ شيء يتمثّل ويتصوّر إلاّ سبحانه وتعالى ، فلا مثل له ولا صورة له ، فالعرش يتصوّر كما أنّ الملائكة لهم صورهم ، وكذلك القلم واللوح يتصوّران بصورة الآدمي.
18 ـ عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله : ( هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم )قال : إذا كان يوم القيامة وحشر الناس للحساب فيمرّون بأهوال يوم القيامة فينتهون إلى العرصة ، ويشرف الجبّار عليهم حتّى يجهدوا جهداً شديداً ، قال : يقفون بفناء العرصة ويشرف الجبّار عليهم وهو على عرشه ، فأوّل من يدعى بنداء يسمع الخلائق أجمعين أن يهتف باسم محمّد بن عبد الله النبيّ القرشيّ العربيّ ، قال : فيتقدّم حتّى يقف على يمين العرش ، قال : ثمّ يدعى بصاحبكم عليّ (عليه السلام) فيتقدّم حتّى يقف على يسار رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثمّ يدعى باُمّة محمّد (صلى الله عليه وآله) فيقفون عن يسار علي ، ثمّ يدعى كلّ نبيّ واُمّته معه من أوّل النبيّين إلى آخرهم واُمّتهم معهم فيقفون عن يسار العرش ، قال : ثمّ أوّل من يدعى للمسألة القلم ، قال : فيتقدّم فيقف بين يدي الله في صورة الآدميين ـ إلى آخر الحديث الشريف ـ[17].
19 ـ وعن النبيّ في حديث عن فضيلة صوم رجب قال : ومن صام من رجب ثلاثة عشر يوماً وضعت له يوم القيامة مائدة من ياقوت أخضر في ظلّ العرش قوائمها من درّ أوسع من الدنيا سبعين مرّة ...[18].
وعن أبي جعفر (عليه السلام) قال : يبعث قوم تحت ظلّ العرش وجوههم من نور ، رياشهم من نور ، جلوس على كراسي من نور ، قال : فتشرف لهم الخلائق فيقولون : هؤلاء أنبياء ؟ فينادي مناد من تحت العرش : أن ليس هؤلاء بأنبياء . قال : فيقولون هؤلاء شهداء ؟ فينادي مناد من تحت العرش : أن ليس هؤلاء شهداء ، ولكن هؤلاء قوم كانوا ييسّرون على المؤمنين ( على المعسر ) وينظرون المعسر حتّى ييسر[19].
20 ـ وفي حديث طويل في تجسّم القرآن وتصوّره بصورة إنسان يوم القيامة ، وما يجري عليه، وحواره مع الله سبحانه عن أبي جعفر (عليه السلام) عندما يمرّ القرآن بالناس والشهداء والنبيّين والمرسلين : ثمّ يجاوز حتّى ينتهي إلى ربّ العزّة تبارك وتعالى فيخرّ تحت العرش فيناديه تبارك وتعالى : يا حجّتي في الأرض وكلامي الناطق ارفع رأسك وسل تعطَ ، واشفع تشفع ، فيرفع رأسه فيقول الله تبارك وتعالى : كيف رأيت عبادي ، فيقول : يا ربّ منهم من صانني وحافظ عليّ ولم يضيّع شيئاً ، ومنهم من ضيّعني واستخفّ بحقّي وكذّب وأنا حجّتك على جميع خلقك ، فيقول الله تبارك وتعالى : وعزّتي وجلالي وارتفاع مكاني لاُثيبنّ عليك اليوم أحسن الثواب ، ولاُعاقبنّ عليك اليوم أليم العقاب ...[20].
21 ـ عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : إذا كان يوم القيامة دعي محمّد فيكسى حلّة ورديّة ثمّ يقام عن يمين العرش ، ثمّ يدعى بإبراهيم فيكسى حلّة بيضاء فيقام عن يسار العرش ، ثمّ يدعى بعليّ أمير المؤمنين فيكسى حلّة ورديّة فيقام عن يمين العرش ... ثمّ ينادي مناد من بطنان العرش من قبل ربّ العزّة والاُفق الأعلى : نعم الأب أبوك يا محمّد وهو إبراهيم ونعم الأخ أخوك وهو عليّ بن أبي طالب ، ونعم السبطان سبطاك وهما الحسن والحسين ، ونعم الجنين جنينك وهو محسن ، ونعم الأئمة الراشدون ذرّيتك وهم فلان وفلان ، ونعم الشيعة شيعتك ، ألا إنّ محمّداً ووصيّه وسبطيه والأئمة من ذرّيته هم الفائزون ، ثمّ يؤمر بهم إلى الجنّة ، وذلك قوله : ( فمن زُحزح عن النار واُدخل الجنّة فقد فاز )[21].
وفي هذا المعنى روايات مستفيضة.
22 ـ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : إذا كان يوم القيامة أمر الله مالكاً أن يسعّر النيران السبع ، ويأمر رضوان أن يزخرف الجنان الثمان ، ويقول : يا ميكائيل مدّ الصراط على متن جهنّم ، ويقول : يا جبرئيل انصب ميزان العدل تحت العرش ، ويقول : يا محمّد قرّب اُمّتك للحساب ، ثمّ يأمر الله أن يعقد على الصراط سبع قناطر طول كلّ قنطرة سبعة عشر ألف فرسخ ، وعلى كلّ قنطرة سبعون ألف ملك يسألون هذه الاُمّة نساؤهم ورجالهم في القنطرة الاُولى عن ولاية أمير المؤمنين وحبّ أهل بيت محمّد (عليهم السلام) ، فمن أتى به جاز القنطرة الاُولى كالبرق الخاطف ، ومن لم يحبّ اهل بيته سقط على اُمّ رأسه في قعر جهنّم ، ولو كان معه من أعمال البرّ عمل سبعين صدّيقاً[22].
عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه (عليهم السلام) قال : إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش : يا محمّد يا عليّ القيا في جهنّم كلّ كفّار عنيد ، فهما الملقيان في النار[23].
23 ـ وفي هذا المعنى روايات مستفيضة : ( ثمّ ينادي مناد من بطنان العرش : يا معشر الخلائق غضّوا أبصاركم حتّى تمرّ بنت حبيب الله إلى قصرها ، فتمرّ فاطمة بنتي )[24].
24 ـ عن عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) في قوله تعالى : ( ألقيا في جهنّم كلّ كفّار عنيد ) قال : فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله) : إنّ الله تبارك وتعالى إذا جمع الناس يوم القيامة في صعيد واحد كنت أنا وأنت يومئذ عن يمين العرش فيقال لي ذلك : قوما فألقيا من أبضغكما وخالفكما وكذّبكما في النار[25].
25 ـ عن بريد العجلي قال : قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) : كيف صار الناس يستلمون الحجر والركن اليماني ولا يستلمون الركنين الآخرين ؟ فقال : إنّ الحجر الأسود والركن اليماني عن يمين العرش وإنّما أمر الله تعالى أن يستلزم ما عن يمين عرشه ، قلت : فكيف صار مقام إبراهيم (عليه السلام) عن يساره ؟ فقال : لأنّ لإبراهيم (عليه السلام)مقاماً في القيامة ، ولمحمّد (صلى الله عليه وآله) مقاماً ، فمقام محمّد (صلى الله عليه وآله) عن يمين عرش ربّنا عزّ وجلّ ، ومقام إبراهيم (عليه السلام) عن شمال عرشه ، فمقام إبراهيم في مقامه يوم القيامة وعرش ربّنا مقبل غير مدبر.
يقول
العلاّمة المجلسي في توضيح الخبر : قال الوالد العلاّمة (رحمه
الله) :
حاصله أ نّه ينبغي أن يتصوّر أنّ البيت بحذاء العرش وإزائه في الدنيا وفي
القيامة ، وينبغي أن يتصوّر أنّ البيت بمنزلة رجل وجهه إلى الناس ووجهه طرف
الباب ، فإذا توجّه الإنسان إلى البيت يكون المقام عن يمين الإنسان والحجر عن
يساره ، لكنّ الحجر عن يمين البيت والمقام عن يساره ، وكذا العرش الآن
ويوم القيامة ، والحجر بمنزلة مقام نبيّنا (صلى الله عليه وآله) والركن
اليماني بمنزلة مقام أئمتنا صلوات الله عليهم ، وكما أنّ مقام النبيّ والأئمة
صلوات الله عليهم في الدنيا عن يمين البيت وبإزاء يمين العرش كذلك يكون في
الآخرة ، لأنّ العرش مقبل وجهه إلينا غير مدبر ، لأ نّه لو كان
مدبراً لكان اليمين لإبراهيم (عليه السلام) ، واليسار
للنبيّ والأئمة (عليهم السلام) ، هذا تفسير الخبر بحسب
الظاهر ، ويمكن أن يكون إشارة إلى علوّ رتبة نبيّنا (صلى الله عليه وآله) ورفعته
وأفضليّته على رتبة إبراهيم الذي هو أفضل الأنبياء بعد النبيّ والأئمة (عليهم
السلام) ،
وقد ورد في الأخبار استحباب استلام الركنين الآخرين ، فيكون المراد تأكّد
فضيلة استلامهما ، والمنفيّ تأكّد الفضيلة
لا أصلها ،
انتهى كلامه رفع الله مقامه[26].
26 ـ قال رسول الله : فأقوم عن يمين العرش . فيقومون عن يمين العرش في ظلّه ... حتّى تقف بيني وبين إبراهيم في ظلّ العرش ... ثمّ ينادي مناد من عند العرش : نعم الأب أبوك إبراهيم ونعم الأخ أخوك عليّ ...[27].
وفي حديث : ثمّ بنادي مناد من تلقاء العرش : أين النبيّ الاُمّي ؟[28].
27 ـ لمّـا نزل على رسول الله ( إنّا أعطيناك الكوثر ) قال له عليّ بن أبي طالب : ما هو الكوثر يا رسول الله ؟ قال : نهر أكرمني الله به . قال عليّ : إنّ هذا النهر شريف فانعته لنا يا رسول الله . قال : نعم يا علي ، الكوثر نهر يجري تحت عرش الله تعالى ماؤه أشدّ بياضاً من اللبن وأحلى من العسل وألين من الزبد وحصاه الزبرجد والياقوت والمرجان ، حشيشه الزعفران ترابه المسك الأذفر ، قواعده تحت عرش الله عزّ وجلّ ثمّ ضرب رسول الله (صلى الله عليه وآله) يده في جنب عليّ أمير المؤمنين (عليه السلام) وقال : يا عليّ إنّ هذا النهر لي ولك ولمحبّيك من بعدي[29] . وفي حديث قال أبو عبد الله (عليه السلام) : والكوثر مخرجه من ساق العرش ...[30].
وهذا النهر مصداق من مصاديق الكوثر الذي هو بمعنى الخير الكثير في الدارين.
28 ـ عن النبيّ : يا عليّ أنت وشيعتك على
الحوض تسقون ما أحببتم وتمنعون
من
كرهتم وأنتم الآمنون يوم الفزع الأكبر في ظلّ العرش ، يفزع الناس ولا تفزعون
ويحزن الناس ولا تحزنون ...[31].
29 ـ عن عليّ (عليه السلام) في حديث : فلا أزال واقفاً على الصراط أدعو وأقول : ربّ سلّم شيعتي ومحبّي وأنصاري ومن توالاني في دار الدنيا ، فإذا النداء من بطنان العرش : قد اُجيبت دعوتك[32].
وعن جعفر بن محمّد (عليهما السلام) في حديث : فيقول آدم : لست بصاحبكم خلقني ربّي بيده وحملني على عرشه وأسجد لي ملائكته ثمّ أمرني فعصيته ... قال النبيّ ... ثمّ آتي المقام المحمود حتّى أقضي عليه وهو تلّ من مسك أذفر بحيال العرش ... ثمّ يؤتى بنا فيجلس على العرش ربّنا ويؤتى بالكتب فنرجع فنشهد على عدوّنا ، ونشفع لمن كان من شيعتنا مرهقاً ، قال : قلت : جعلت فداك فما المرهق ؟ قال : المذنب فأمّا الذين اتّقوا من شيعتنا فقد نجاهم الله بمفازتهم لا يمسّهم السوء ولا هم يحزنون ...
قال الجزري : قوله : فإذا نظرت إلى ربّي أي إلى عرشه أو كرامته أو إلى نور من أنوار عظمته ، والجلوس على العرش كناية عن ظهور الحكم والأمر من عند العرش وخلق الكلام هناك[33].
30 ـ قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في نهجه : واعلموا أنّ من يتّق الله يجعل له مخرجاً من الفتن ونوراً من الظلم ويخلّده فيما اشتهت نفسه وينزله منزل الكرامة عنده ، في دار اصطنعها لنفسه ، ظلّها عرشه ، ونورها بهجته ، وزوّارها ملائكته ، ورفقاؤها رسله ، ثمّ قال (صلى الله عليه وآله) : فبادروا بأعمالكم تكونوا مع جيران الله ، رافق بهم رسله وأزارهم ملائكته وأكرم أسماعهم عن أن تسمع حسيس نار أبداً ، وصان أجسادهم أن تلقى لغوباً ونصباً ، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم[34].
31 ـ وفي وصف حال المتّقين في الجنان في حديث : فبينا هم كذلك إذ يسمعون صوتاً من تحت العرش : يا أهل الجنّة كيف ترون منقلبكم ؟ فيقولون : خير المنقلب منقلبنا[35].
32 ـ وفي حديث في وصف من هو أشقى من الشيطان فيقول عليه اللعنة : فرأيت رجلين في أعناقهما سلاسل النيران معلّقين بها إلى فوق . وعلى رؤوسهما قوم معهم مقامع النيران يقمعونهما بها . فقلت : يا ملك ، من هذان ؟ فقال : أو ما قرأت على ساق العرش وكنت قبل قرأته قبل أن يخلق الله الدنيا بألفي عام ـ لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله أيّدته ونصرته بعليّ ، فقال : هذان عدوّا اُولئك وظالماهم.
بيان : لعلّه تعالى خلق صورتيهما في جهنّم لتعيين مكانهما وتصوير شقاوتهما للملأ الأعلى ولمن سمع الخبر من غيرهم[36].
33 ـ وفي حديث احتجاج النبيّ مع اليهود قالت اليهود : موسى خير منك ؟ قال النبيّ (صلى الله عليه وآله) : ولِمَ ذلك ؟ قالوا : لأنّ الله عزّ وجلّ كلّمه بأربعة آلاف كلمة ولم يكلّمك بشيء . فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله) : لقد اُعطيت أنا أفضل من ذلك . فقالوا : وما ذاك ؟ قال : قوله تعالى : ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله ) وحمّلت على جناج جبرئيل حتّى انتهيت إلى السماء السابعة ، فجاوزت سدرة المنتهى عندها جنّة المأوى حتّى تعلّقت بساق العرش ، فنوديت من ساق العرش : إنّي أنا الله لا إله إلاّ أنا السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبّار المتكبّر الرؤوف الرحيم ، فرأيته بقلبي وما رأيته بعيني ، فهذا أفضل من ذلك . فقالت اليهود : صدقت يا محمّد وهو مكتوب في التوراة . قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : هذا اثنان ...[37].
34 ـ وفي حديث : إذا قال العبد ( سبحان ) الله سبّح معه ما دون العرش فيعطى قائلها عشر أمثالها[38].
35 ـ وفي حديث القوم الذين سألوا أمير المؤمنين وفيما سألوا : أين كان الله قبل أن يخلق عرشه ؟ فقال (عليه السلام) : سبحان من لا تدرك كنه صفته حملة العرش على قرب ربواتهم من كرسيّ كرامته ، ولا الملائكة المقرّبون من أنوار سبحات جلاله ، ويحك لا يقال : الله أين ، ولا فيمَ ؟ ولا أيّ ، ولا كيف[39].
36 ـ وفي احتجاجات الإمام الصادق مع الزنادقة قال : فالكرسي أكبر أم العرش ؟ قال : كلّ شيء خلقه الله تعالى في جوف الكرسي خلا عرشه فإنّه أعظم من أن يحيط به الكرسي ... فخلق الكرسي فخشاه السماوات والأرض ، والكرسي أكبر من كلّ شيء خلق ، ثمّ خلق العرش أكبر من الكرسي[40].
37 ـ قال السائل : وإذا نزل أليس قد حال عن العرش ، وحؤوله عن العرش انتقال ؟ قال أبي عبد الله (عليه السلام) : ليس ذلك على ما هو يوجد من المخلوق الذي ينتقل باختلاف الحال عليه والملالة والسأمة ، وناقل ينقله ويحوّله من حال إلى حال ، بل هو تبارك وتعالى لا يحدث عليه الحال ، ولا يجري عليه الحدوث ، فلا يكون نزوله كنزول المخلوق الذي متى تنحّى عن مكان خلا منه المكان الأوّل ، ولكنّه ينزل إلى سماء الدنيا بغير معاناة ولا حركة فيكون هو كما في السماء السابعة على العرش كذلك هو في سماء الدنيا إنّما يكشف عن عظمته ويري أولياءه نفسه حيث شاء ويكشف ما شاء من قدرته ، ومنظره في القرب والبعد سواء.
قال العلاّمة المجلسي في بيان الخبر : وفي تلك النسخة التي فيها تلك الزيادة زيادة اُخرى بعد تمام الخبر وهي هذه : قال مصنّف هذا الكتاب : قوله (عليه السلام) : ( إنّه على العرش ليس بمعنى التمكّن فيه ، ولكنّه بمعنى التعالي عليه بالقدرة يقال : فلان على خير ، واستعانهُ على عمل كذا أو كذا ، ليس بمعنى التمكّن فيه والاستقرار عليه ، ولكن ذلك بمعنى التمكّن منه والقدرة عليه.
وقوله : ( في النزول ) ليس بمعنى الانتقال وقطع المسافات ، ولكنّه على معنى إنزال الأمر منه إلى السماء الدنيا ، لأنّ العرش هو المكان الذي ينتهى إليه بأعمال العباد من سدرة المنتهى إليه ، وقد يجعل الله عزّ وجلّ السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل وفي ليالي الجمعة مسافة الأعمال في ارتفاعها أقرب منها في سائر الأوقات إلى العرش.
وقوله : ( يري أولياءه نفسه ) فإنّه يعني بإظهار بدائع فطرته ، فقد جرت العادة بأن يقال للسلطان إذا أظهر قوّةً وخيلا ورجلا : قد أظهر نفسه ، وعلى ذلك دلّ الكلام ومجاز اللفظ[41].
38 ـ وفي حديث طويل في خلق آدم عن أبي جعفر الباقر عن آبائه عن عليّ (عليهم السلام) : فقالت الملائكة : يا ربّنا افعل ما شئت ( لا علمَ لنا إلاّ ما علّمتنا إنّك أنت العليم الحكيم ) قال : فباعدهم الله من العرش مسيرة خمسمائة عام قال : فلاذوا بالعرش فأشاروا بالأصابع ، فنظر الربّ جلّ جلاله إليهم ونزلت الرحمة فوضع لهم البيت المعمور فقال : طوفوا به ، ودعوا العرش فإنّه لي رضا ، فطافوا به وهو البيت الذي يدخله كلّ يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه أبداً ، فوضع الله البيت المعمور توبة لأهل السماء ، ووضع الكعبة توبة لأهل الأرض[42].
39 ـ عن أحدهما (عليهما السلام) أ نّه سئل عن ابتداء الطواف فقال : إنّ الله تبارك وتعالى لمّـا خلق آدم (عليه السلام) قال للملائكة : ( إنّي جاعلٌ في الأرض خليفة ) فقال ملكان من الملائكة ( أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ) فوقعت الحجب فيما بينهما وبين الله عزّ وجلّ ، وكان تبارك وتعالى نوره ظاهراً للملائكة ، فلمّـا وقعت الحجب بينه وبينهما ، علما أ نّه سخط قولهما ، فقالا للملائكة : ما حيلتنا ؟ وما وجه توبتنا ؟ فقالوا : ما نعرف لكما من التوبة إلاّ أن تلوذوا بالعرش ، قال : فلاذوا بالعرش حتّى أنزل الله عزّ وجلّ توبتهما ورفعت الحجب فيما بينه وبينهم ، وأحبّ الله تبارك وتعالى أن يعبد بتلك العبادة ، فخلق الله البيت في الأرض ، وجعل على العباد الطواف حوله ، وخلق البيت المعمور في السماء يدخله كلّ يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه إلى يوم القيامة.
بيان : المراد بنوره تعالى إمّا الأنوار المخلوقة في عرشه ، أو أنوار الأئمة صلوات الله عليهم ، أو أنوار معرفته وفيضه وفضله ، فالمراد بالحجب على الأخير الحجب المعنويّة[43].
40 ـ عن عليّ بن الحسين (عليه السلام) قال : قلت لأبي : لِمَ صار الطواف سبعة أشواط ؟ قال : لأنّ الله تبارك وتعالى قال للملائكة : ( إنّي جاعلٌ في الأرض خليفة ) فردّوا على الله تبارك وتعالى ( وقالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ) قال الله ( إنّي أعلم ما لا تعلمون ) وكان لا يحجبهم عن نوره ، فحجبهم عن نوره سبعة آلاف عام ، فلاذوا بالعرش سبعة آلاف سنة ، فرحمهم وتاب عليهم وجعل لهم البيت المعمور الذي في السماء الرابعة ، فجعله مثابةً وأمناً ووضع البيت الحرام تحت البيت المعمور فجعله مثابة للناس وأمناً ، فصار الطواف سبعة أشواط واجباً على العباد لكلّ ألف سنة شوطاً واحداً[44].
41 ـ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : لمّـا خلق الله تعالى آدم وقفه بين يديه فعطس فألهمه الله أن حمده ، فقال : يا آدم أحمدتني ، فوعزّتي وجلالي لولا عبدان اُريد أن أخلقهما في آخر الزمان ما خلقتك ، قال آدم : يا ربّ بقدرهم عندك ما اسمهم ؟ فقال تعالى : يا آدم انظر نحو العرش ، فإذا بسطرين من نور أوّل السطر : ( لا إله إلاّ الله محمّد نبيّ الرحمة وعليّ مفتاح الجنّة ) والسطر الثاني : ( آليت على نفسي أن أرحم من والاهما واُعذّب من عاداهما )[45].
42 ـ في حديث قال آدم (عليه السلام) : يا بني وقفت بين يدي الله جلّ جلاله ، فنظرت إلى سطر على وجه العرش مكتوب : بسم الله الرحمن الرحيم محمّد وآل محمّد خير من برأ الله[46].
43 ـ عن أبي سعيد الخدري قال : كنّا جلوساً مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذ أقبل إليه رجل فقال : يا رسول الله أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ لإبليس : ( أستكبرت أم كنت من العالين ) فمن هما يا رسول الله الذين هم أعلى من الملائكة ؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : أنا وعليّ وفاطمة والحسن والحسين ، كنّا في سرادق العرش نسبّح الله وتسبّح الملائكة بتسبيحنا قبل أن خلق الله عزّ وجلّ آدم بألفي عام ، فلمّـا خلق الله عزّ وجلّ آدم أمر الملائكة أن يسجدوا له ولم يأمرنا بالسجود ، فسجدت الملائكة كلّهم أجمعون إلاّ إبليس فإنّه أبى أن يسجد ، فقال الله تبارك وتعالى : ( أستبكرت أم كنت من العالين ) أي من هؤلاء الخمس المكتوب أسماؤهم في سرادق العرش[47].
44 ـ وفي قوله عزّ وجلّ : ( وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلاّ إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين ) قال الإمام (عليه السلام) : قال الله تعالى : كان خلق الله لكم ما في الأرض جميعاً إذ قلنا للملائكة : اسجدوا لآدم في ذلك الوقت خلق لكم ، قال (عليه السلام) : ولمّـا امتحن الحسين (عليه السلام) ومن معه بالعسكر الذي قتلوه وحملوا رأسه قال لعسكره : أنتم في حلّ من بيعتي فالحقوا بعشائركم ومواليكم ، وقال لأهل بيته : قد جعلتكم في حلّ من مفارقتي ، فإنّكم لا تطيقونهم لتضاعف أعدادهم وقواهم ، وما المقصود غيري فدعوني والقوم . فإنّ الله عزّ وجلّ يعينني ولا يخلّيني من حسن نظره كعادته في أسلافنا الطيّبين . فأمّا عسكره ففارقوه ، وأمّا أهله الأدنون من أقربائه فأبوا وقالوا : لا نفارقك ويحزننا ما يحزنك ، ويصيبنا ما يصيبك ، وإنّا أقرب ما نكون إلى الله إذا كنّا معك ، فقال لهم : فإن كنتم قد وطّنتم أنفسكم على ما وطّنت نفسي عليه فاعلموا أنّ الله إنّما يهب المنازل الشريفة لعباده باحتمال المكاره ، وأنّ الله وإن كان خصّني مع من مضى من أهلي الذين أنا آخرهم بقاء في الدنيا من الكرامات بما يسهّل عليّ معها احتمال المكروهات فإنّ لكم شطر ذلك من كرامات الله تعالى ، واعلموا أنّ الدنيا حلوها ومرّها حلم ، والانتباه في الآخرة ، والفائز من فاز فيها ، والشقيّ من شقي فيها ، أوَلا اُحدّثكم بأوّل أمرنا وأمركم معاشر أوليائنا ومحبّينا والمتعصّبين لنا ، ليسهّل عليكم احتمال ما أنتم له مقرّون ؟ قالوا : بلى يا بن رسول الله . قال : إنّ الله تعالى لمّـا خلق آدم وسوّاه وعلّمه أسماء كلّ شيء وعرضهم على الملائكة جعل محمّداً وعلياً وفاطمة والحسن والحسين أشباحاً خمسة في ظهر آدم ، وكانت أنوارهم تضيء في الآفاق من السماوات والحجب والجنان والكرسي والعرش ، فأمر الله الملائكة بالسجدة لآدم تعظيماً له إنّه قد فضّله بأن جعله وعاء لتلك الأشباح التي قد عمّ أنوارها في الآفاق ، فسجدوا إلاّ إبليس أبى أن يتواضع لجلال عظمة الله ، وأن يتواضع لأنوارنا أهل البيت ، وقد تواضعت لها الملائكة كلّها فاستكبر وترفّع وكان بإبائه ذلك وتكبّره من الكافرين.
45 ـ قال عليّ بن الحسين صلوات الله عليهما : حدّثني أبي عن أبيه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال : قال : يا عباد الله ، إنّ آدم لمّـا رأى النور ساطعاً من صلبه إذ كان الله قد نقل أشباحنا من ذروة العرش إلى ظهره رأى النور ولم يتبيّن الأشباح ، فقال : يا ربّ ما هذه الأنوار ؟ قال الله عزّ وجلّ : أنوار أشباح نقلتهم من أشرف بقاع عرشي إلى ظهرك ، ولذلك أمرت الملائكة بالسجود لك إذ كنت وعاءً لتلك الأشباح ، فقال آدم : يا ربّ لو بيّنتها لي ، فقال الله تعالى : اُنظر يا آدم إلى ذروة العرش ، فنظر آدم ـ ووقع نور أشباحنا من ظهر آدم ـ على ذروة العرش فانطبع فيه صور أنوار أشباحنا كما ينطبع وجه الإنسان في المرآة الصافية ، فرأى أشباحنا فقال : ما هذه الأشباح يا ربّ ؟ فقال الله : يا آدم هذه الأشباح أفضل خلائقي وبريّاتي ، هذا محمّد وأنا الحميد والمحمود في أفعالي شققت له إسماً من اسمي ، وهذا عليّ وأنا العليّ العظيم شققت له اسماً من اسمي ، وهذه فاطمة وأنا فاطر السماوات والأرض فاطم أعدائي عن رحمتي يوم فصل قضائي ، فاطم أوليائي عمّـا يعتريهم ويشينهم ـ وهذا من مظاهر الولاية والبراءة ـ فشققت لها اسماً من اسمي ، وهذا الحسن وهذا الحسين وأنا المحسن المجمل شققت لهما اسماً من اسمي ، هؤلاء خيار خلقتي وكرام بريّتي ، بهم آخذ وبهم اُعطي وبهم اُعاقب وبهم اُثيب ، فتوسّل إليّ بهم يا آدم ، وإذا دهتك داهية فاجعلهم إليّ شفعاءك ، فإنّي آليت على نفسي قسماً حقّاً لا اُخيّب بهم آملا ، ولا أردّ بهم سائلا فلذلك حين نزلت منه الخطيئة ، دعا الله عزّ وجلّ بهم فتاب عليه وغفر له[48].
46 ـ عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : إنّ آدم (عليه السلام) لمّـا هبط هبط بالهند ثمّ رمي إليه بالحجر الأسود ، وكان ياقوتة حمراء بفناء العرش ، فلمّـا رأى عرفه فأكبّ عليه وقبّله ، ثمّ أقبل به فحمله إلى مكّة ، فربما أعيا من ثقله فحمله جبرئيل عنه ، وكان إذا لم يأته جبرئيل (عليه السلام) اغتمّ وحزن ، فشكا ذلك إلى جبرئيل فقال : إذا وجدت شيئاً من الحزن فقل : لا حول ولا قوّة إلاّ بالله[49].
47 ـ عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : إنّ ملكاً من الملائكة كانت له منزلة فأهبطه الله من السماء إلى الأرض فأتى إدريس النبيّ (عليه السلام) فقال له : اشفع لي عند ربّك ، فصلّي ثلاث ليال لا يفتر وصام أيّامها لا يفطر ثمّ طلب إلى الله في السحر للملك فأذن له في الصعود إلى السماء فقال له الملك : اُحبّ أن اُكافيك فاطلب إليّ حاجة ، فقال : تريني ملك الموت لعلّي آنس به فإنّه ليس يهنؤني مع ذكره شيء ، فبسط جناحيه ثمّ قال : اركب . فصعد به فطلب ملك الموت في سماء الدنيا فقيل : إنّه قد صعد ، فاستقبله بين السماء الرابعة والخامسة فقال الملك لملك الموت : ما لي أراك قاطباً ؟ قال : أتعجب إنّي كنت تحت ظلّ العرش حتّى اُمرت أن أقبض روح إدريس بين السماء الرابعة والخامسة ، فسمع إدريس ذلك فانتفض من جناح الملك وقبض ملك الموت روحه مكانه ، وذلك قوله تعالى : ( واذكر في الكتاب إدريس إنّه كان صدّيقاً نبيّاً ورفعناه مكاناً عليّاً )[50].
عن الإمام الصادق (عليه السلام) في قصّة إبراهيم الخليل (عليه السلام) : فلمّـا أصبح وطلعت الشمس ورأى ضوءها وقد أضاءت الشمس الدنيا لطلوعها قال : ( هذا ربّي هذا أكبر ) وأحسن فلمّـا تحرّكت وزالت كشط الله عن السماوات حتّى رأى العرش ومن عليه وأراه الله ملكوت السماوات والأرض فعند ذلك قال : ( يا قوم إنّي بريء ممّـا تشركون إنّي وجّهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً وما أنا من المشركين )[51].
48 ـ قال أبو جعفر (عليه السلام) : كشط الله له عن الأرضين حتّى رآهن وما تحتهن ، وعن السماوات حتّى رآهن وما فيهن من الملائكة وحملة العرش ( وليكون من المؤمنين )[52].
49 ـ عن أبي جعفر (عليه السلام) في هذه الآية ( وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين ) قال : كشط له عن الأرض حتّى رآها ومن فيها ، وعن السماء حتّى رآها ومن فيها والملك الذي يحملها والعرش ومن عليه وكذلك أرى صاحبكم[53].
50 ـ قال أبو عبد الله (عليه السلام) : وكذلك نري إبراهيم ... قال : كشط لإبراهيم(عليه السلام)السماوات السبع حتّى نظر إلى ما فوق العرش ، وكشط له الأرض حتّى رأى ما في الهواء ، وفعل محمّد (صلى الله عليه وآله) مثل ذلك ، وإنّي لأرى صاحبكم والأئمة من بعده قد فعل بهم مثل ذلك[54].
51 ـ عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : لمّـا عمل قوم لوط ما عملوا بكت الأرض إلى ربّها حتّى بلغت دموعها السماء ، وبكت السماء حتّى بلغت دموعها العرش ، فأوحى الله عزّ وجلّ إلى السماء ، أن احصبيهم ـ أي ارميهم بالحصباء ـ وأوحى إلى الأرض أن اخسفي بهم[55].
52 ـ عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث
قال : سألته عن بليّة أيّوب (عليه السلام) التي
ابتلي
بها في الدنيا لأيّ علّة كانت ؟ قال : لنعمة انعم الله عليه
بها في الدنيا وأدّى شكرها ، وكان في ذلك الزمان لا يحجب إبليس عن دون
العرش ، فلمّـا صعد ورأى شكر نعمة أيّوب حسده إبليس فقال : يا ربّ
إنّ أيّوب لم يؤدّ إليك شكر هذه النعمة إلاّ بما أعطيته من الدنيا ، ولو
حرمته دنياه ما أدّى إليك شكر نعمة أبداً فسلّطني على دنياه حتّى تعلم أ نّه
لا يؤدّي إليك شكر نعمة أبداً فقيل له : قد سلّطتك على ماله
وولده ... إلى آخر القصّة فراجع[56].
53 ـ عن الإمام الصادق (عليه السلام) في حديث في دعاء عيسى بن مريم (عليه السلام) قال : ثمّ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : يا بني عبد المطّلب سلوا ربّكم بهؤلاء الكلمات ، فوالذي نفسي بيده ما دعا بهن عبد بإخلاص دينه إلاّ اهتزّ له العرش ، وإلاّ قال الله لملائكته : اشهدوا أنّي قد استجبت له بهن وأعطيته سؤله في عاجل دنياه وآجل آخرته ، ثمّ قال لأصحابه : سلوا بها ، ولا تستبطئوا الإجابة[57].
54 ـ وفي حديث طويل عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في خلق النوري لرسول الله (صلى الله عليه وآله) : ثمّ خلق من نور محمّد (صلى الله عليه وآله) جوهرة ، وقسّمها قسمين ، فنظر إلى القسم الأوّل بعين الهيبة فصار ماءً عذباً ، ونظر إلى القسم الثاني بعين الشفقة فخلق منها العرش فاستوى على وجه الماء فخلق الكرسي من نور العرش وخلق من نور الكرسي اللوح ، وخلق من نور اللوح القلم وقال له : اكتب توحيدي[58].
55 ـ قال الله تعالى في وصف ملائكته : ... طعامهم وشرابهم التقديس والتسبيح ، وعيشهم من نسيم العرش ، وتلذّذهم بأنواع العلوم ، خلقهم الله بقدرته أنواراً وأرواحاً كما شاء وأراد[59].
56 ـ روي أنّ في العرش تمثالا لكلّ عبد فإذا اشتغل العبد بالعبادة ، رأت الملائكة تمثالا له ، وإذا اشتغل العبد بالمعصية أمر الله بعض الملائكة حتّى يحجبوه بأجنحتهم لئلاّ تراه الملائكة ، فذلك معنى قوله (صلى الله عليه وآله) : يا من أظهر الجميل وستر القبيح[60].
57 ـ عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) قال : ينادي مناد يوم القيامة تحت العرش : يا اُمّة محمّد ، ما كان لي قِبلكم فقد وهبته لكم ، وقد بقيت التبعات بينكم ، فتواهبوا وادخلوا الجنّة برحمتي[61].
[1]البحار 3 : 30.
[2]البحار 3 : 259 و 265.
[3]البحار 3 : 310 ، عن الخصال.
[4]البحار 3 : 318 ، عن عيون أخبار الرضا.
[5]البحار 3 : 332.
[6]البحار 6 : 164.
[7]المصدر : 268 ، الحديث 119 + 124.
[8]البحار 7 : 173.
[9]البحار 7 : 179.
[10]المصدر : 180.
[11]المصدر : 199.
[12]المصدر : 220.
[13]المصدر : 231.
[14]البحار 7 : 234.
[15]المصدر : 269.
[16]المصدر : 270.
[17]المصدر : 281.
[18]المصدر : 301.
[19]المصدر : 304.
[20]البحار 7 : 320.
[21]المصدر : 329.
[22]المصدر : 332.
[23]المصدر : 335.
[24]المصدر : 336.
[25]البحار 7 : 338.
[26]المصدر : 340.
[27]البحار 8 : 1 ـ 2.
[28]المصدر : 17.
[29]البحار 8 : 18.
[30]المصدر : 162.
[31] المصدر : 28.
[32]المصدر : 39.
[33]المصدر : 47.
[34]المصدر : 163.
[35]المصدر : 215.
[36]البحار 8 : 316.
[37]البحار 9 : 290.
[38]المصدر : 295.
[39]المصدر : 127.
[40]المصدر : 188.
[41]البحار 10 : 200.
[42]البحار 11 : 104.
[43]البحار 11 : 110.
[44]المصدر : 111.
[45]المصدر : 114.
[46]المصدر : 115.
[47]المصدر : 142.
[48]البحار 11 : 150.
[49]المصدر : 210 ، عن علل الشرائع : 163.
[50]المصدر : 278.
[51]البحار 12 : 30.
[52]المصدر : 18.
[53]المصدر : 72.
[54]المصدر : 72.
[55]المصدر : 167.
[56]المصدر : 346.
[57]البحار 14 : 328.
[58]البحار 15 : 29.
[59]البحار 26 : 348 ، عن اعتقادات الصدوق.
[60]البحار 6 : 7 ، عن دعوات الراوندي.
[61]المصدر ، عن عدّة الداعي.
![]() |
![]() |
![]() |