كلّ واحد منّا لا بدّ أن يكون له هدف في حياته ، يبرمج أوقاته بروح الأمل ليصل إلى الهدف المنشود ، والأهداف تختلف باختلاف الهمم والنفوس ، ومن لم يكن له هدف مقدّس في حياته ، فإنّه ضائع حيران في ألوان الإرادة والتصميم ، ومن يبغي القمّة والعظمة في حياته العلمية أو العملية ، فلا بدّ أن يكون له هدف واحد ، وتصميم واحد ، وأمل واحد ، ولا يصل الإنسان إلى ما يبغيه بالتمنّي والترجّي وبلعلّ وليت ، إنّما بالسعي المتواصل والعمل الدؤوب والجهود المستمرّة ، ولا ينال وسام الموفّقية بسهولة ، بل بالجهد والنصب ، ولا بدّ من تربية الحواسّ الخمسة الظاهرية لكسب العلوم والفنون ، وكلّ من عظمت روحه ، فشعاره في الحياة إمّا الموت دون الهدف الصادق وإمّا الفوز والنصر بوصول الهدف الفائق ، فلا بدّ من إحدى الحسنيين . والرجل الواقعي من كان له شجاعة القول ، ومن قدُر أن يقتل اليأس في نفسه ، فإنّه لا يؤخّر عمل اليوم إلى غده ، فإنّ عمل اليوم لهذا اليوم ، وللغد أعماله ، ولا بدّ من الإرادة والتصميم والصدق والصبر والشجاعة.
فإنّ طارق بن زياد حين فتح الأندلس ، أحرق السفن من خلفه ، خاطباً في عسكره ، هاتفاً : « أ يّها الناس أين المفرّ ، البحر من ورائكم ، والعدوّ من إمامكم ، وليس لكم والله إلاّ الصدق والصبر » ، ومن طلب العلى سهر الليالي ، واشترى الآلام بنفسه ووجوده.
الحيوان ابن الدبّ حين مشيه أخذ يتفلسف مع اُمّه قائلا : أبغي المشي ولكن لا أدري هل أضع رجلي اليسرى على الأرض أو الرجلين الخلفية أو أمشي على الأربع ؟ فقالت له اُمّه : دع عنك التفلسف وسر.
إن كنت ترقى سلّم الإكبار *** فاختر لنفسك مركب الأخطارِ
سِر لا تعيق في المسير عوائق *** سِر فلا يُجديك قول حذارِ[1]
[1]من أشعار والدي العلاّمة المرحوم السيّد علي بن الحسين العلوي قدّس سرّه وأسكنه الله فسيح جنانه وحشره مع أجداده محمّد وآله.