زبدة  الكلام :

خلاصة ما يستفاد من هذه الأدعية والروايات الشريفة : أنّ التوفيق الإلهي منه ما هو عامّ من مظاهر الرحمانية الإلهية العامّة التي تعمّ وتشمل المؤمن والكافر ، وذلك من العدل الإلهي ، والإنسان باختياره إذا أحسن حسن الاستعمال من هذا التوفيق العامّ ، فإنّه يحوز على التوفيق الخاصّ الذي هو من مظاهر الرحيميّة الخاصّة بالمؤمنين في دنياهم وآخرتهم ، فتشمله التوفيقات الخاصّة التي تجذبه إلى قاب قوسين أو أدنى ، حتّى يدخل في حضيرة القدس في مقعد صدق عند مليك مقتدر ، فيه ما تشتهي الأنفس وتلذّ الأعين ، ورضوان الله أكبر . ويشير إلى ذلك مثل قوله (عليه السلام) : « اللهمّ إنّي أسألك توفيق أهل الهدى » ، فهذا من التوفيق الخاصّ ، فمن كان من أهله يدرك ذلك ويسعد في حياته وبعد مماته ، والتوفيق سعادة ، إلاّ أ نّه لا بدّ من إرادة ذلك كما ورد « اُريد الخير فأعنّي عليه ووفّقني له » ، ثمّ الاجتهاد بعد الدعاء وطلب ذلك من الله سبحانه لما ورد عن الإمام الرضا (عليه السلام) : « من سأل الله التوفيق ولم يجتهد فقد استهزأ بنفسه »[1].

وكان مع رسول الله خلق يوفّقه ( 25 / 68 / 15 ) ، وروح يوفّقه ( 25 / 68 / 15 ) ، الروح هو مع الأئمة يوفّقهم ويسدّدهم ( 25 / 67 / 8 ) وهذا من التوفيق الخاصّ.

وأمّا مصاديق التوفيق في منطق الإسلام وعلى لسان الله ورسوله وأهل بيته (عليهم السلام) ، فنستخرجها إجمالا من الأدعية التي ذكرناها ، كما فيها كنوز ومباحث مختلفة يقف عليها الذكيّ الألمعيّ ، فنحيل ذلك إلى القرّاء الكرام ، ومن الله التوفيق والسداد.

وأمّا المصاديق فمنها : حسن اليقين ، التسليم والقبول والعصمة ، النعمة ، شكر النعمة ، نور ، رحمة ، الإطاعة ، حسن العمل ، جميع الاُمور للآخرة ، قرين العلم والحكم في القلوب ، رضوان الله ، حمد الله ، ما يحبّه الله ويرضاه ، لما دعا إليه من سبيله ، ما وفّق له شيعة آل محمد (عليهم السلام) ، دفاع الله ، إحسان الله ، إسباغ النعمة ، تكميل النواقص ، الرضا والعون على الصبر ، الإنابة والقربة ، الصراط المستقيم ، معرفة الخير كلّه ، السعادة تسهيل طريق الطاعة ، النيّة الصالحة ، رأفة الله ، بلوغ رضا الله ، نعمة الدين والطاعة ، الصواب ، الإدراك ، ترك المحرّمات ، الإثبات على الدين ، حفظ الله وتأييده ، الإيمان ، نيل الطاعة ، الصوم ، عدم إضاعة الإيمان ، حمد الله والثناء عليه ، القوّة على العبادة ، النجاة ، القيام ، شدّة العزم وسداد الرأي ، تمام العمل ، حضور الرغبة ، عبادة الله ، رعاية الله ، الزهد في الدنيا ، الفوز ، التوبة ، صحبة الأنبياء والمرسلين ، الخلاص ، ابتغاء الزلفة بموالاة أولياء الله ، أداء الصلاة كما هي مفروضة ، سلوك محبّة الله ومرضاته ، الأعمال الصالحة ، الاعتراف بأيادي الله ونعمه ، الرشد والإرشاد ، إطالة العمر ، النفع في الحياة ، موافقة الحقّ والعدل ، النجاة من العذاب ، توفيق الحمد ، توفيق أهل الهدى ، الفقه ، الشكر والخشية ، مصاديق الإجابة ، سدّ الفاقة والفقر ، فتح الأبواب ، تسهيل الأسباب ، إدامة التوفيق ، مصاحبة التوفيق ، الهداية ، معرفة التأويل ، رفد الله ، وفور النعمة ، العون الإلهي ، قوّة الصبر ، زيادة التوفيق ، قضاء الحوائج ، الخير ، بركة الله ، كلاءة الله ، إرشاد الأمر ، التوكّل على الله ، الثواب ، الثقة بالله ، القيام بالطاعة ، القتل في سبيل الله مع وليّ الله ، معرفة أصل الدين ، محاسن الأخلاق ، سبق الحسنى ، إحياء سنّة النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، الأمان من مكر الله ، استعمال الفقه ، الذكر ، التوفيق للتوبة والخيرات ، الهداية ، صواب الرأي ، عفو الله ، إجابة الدعاء ، صلاح ما يؤمّله الإنسان ، الخيرة في عافية ، درك ليلة القدر ، اليُسر ، توفيقات آل محمد (عليهم السلام) ، توفيقات الشيعة ، عدم الضلال ، دلالة الله على الخير ، فضل الله ، زيارة أولياء الله ، إعطاء المنى ، الإيمان بالنبيّ ، معرفة الوحدانية ، تحمّل الخير وطاقته ، ستر الله ، الوفادة على الله ، معرفة الأئمة الأطهار (عليهم السلام) ، كفاية الله ، معرفة صفات الله ، اصطفاء الله واستجابة الدعاء ، اجتناب المعاصي والآثام ، اليسر للخير ، صالح العمل ، المقام المحمود ، عمل الأبرار ، قراءة القرآن الكريم والتدبّر فيه ، زيارة الأئمة (عليهم السلام) ، كلّ ما يرضي الله ، الاستعداد للموت قبل حلوله ، الأمر الرشيد ، الحمد على النعم الإلهيّة ، وأداء شكر النعم عملا وقولا ، أداء حقّ الله وفرائضه وأوامره ، قضاء الدين ، ما فيه النفع والقربة إلى الله سبحانه ، موالاة أولياء الله ، إرادة الخير ، تسهيل الاُمور ، منافع الدنيا والآخرة ، الاستقامة ، العمل بما ورد عليه من الله سبحانه ، التسديد للحُسنى ، نورانية القلب ، التأمّل في صنع الخلائق ، صحّة الجواب وسلامته ، قبول الموعظة ، فهذه جملة ما ورد في مصاديق التوفيق الإلهي وعلائمه ، نسأله أن يوفّقنا وإيّاكم لمحابّه وما يرضاه ويسعدنا في الدارين ، ويرزقنا خير الدنيا والآخرة ، إنّه حميد مجيد.

هذا إجمال ما أردنا بيانه في أصل التوفيق ومعناه من منظار الإسلام ، وأمّا أسبابه فنشير إليها بكلّ إيجاز وإشارة ، بذكر بعض الآيات الكريمة والروايات الشريفة ، وعلى المطالع أن يرجع إلى المطوّلات من الكتب الروائية في هذا الباب ، كبحار الأنوار لشيخنا الأجل العلاّمة المجلسي قدّس سرّه الشريف ، والله الموفّق للصواب.


[1]البحار 75 : 356.