من حياة العظماء

حقّاً حياة العظماء والعلماء مدارس وعبر ، ونبراس هداية وصمود للأجيال.

وما أروع العالم الذي يصدّق قوله فعله وفعله قوله ، ومن اُولئك العباقرة سيّدنا الاُستاذ آية الله العظمى السيّد شهاب الدين المرعشي النجفي (قدس سره).

والتمسته يوماً أن يحدّثني عن شمّة من حياته التي انطبعت بطابع الآلام والمتاعب من أجل العلم وطلبه.

فقال دامت بركاته :

ماذا أقول من حياتي ، وكيف تحمّلت العناء والصعاب في طلب العلم ، وأتعجّب من طلاّب العلم في هذا العصر كيف لا يشكرون الله بالعمل وطلب العلم على ما تفضّل عليهم من وسائل الرفاهيّة والراحة ؟ وكيف لا يجدّون في طلب العلم ؟ فأين الكهرباء في أيام شبابي ، وكنت أعيش في غرفة صغيرة رطبة للغاية ، وكنت أكثر من ثلاثين عاماً مستأجراً ، وبين آونة واُخرى أتنقّل من دار إلى دار ، وأذكر بعد عشرين يوماً من زواجي لم يكن لي طعام وإدام ، فأعطاني أحد المؤمنين اُجرة صلاة الوحشة لميّته ، فصلّيتها واشتريت بالنقود كأساً من لبن وقرص خبز وذلك في شهر رمضان وأتيت أهلي العروس فأعطيتها اللبن والخبز وقلت لها : إنّي في هذه الليلة ضيف ونويت أن أكون ضيف السيّدة المعصومة كريمة أهل البيت (عليهم السلام) ، فأتيت الحرم الشريف وبعد ساعة أتيت الدار ونمت جائعاً ، وكثير من أيامي قضيتها بهذا الحال ، وما أكثر الكتب التي اشتريتها من اُجرة صلاة الاستئجار.

ولا زلت أذكر ، ففي أيام شبابي في النجف الأشرف كانت أدرس في النهار وأعمل في الليل من أجل لقمة العيش ، وكان عملي تهبيش الأرز وتنظيفه ، وذلك لمدّة ستّة أشهر.

ثمّ حكى لي بعض الحكايات الاُخرى.

فقلت في نفسي : هنيئاً لكم يا أبطال العلم بمثل هذا تنالون شرف المرجعيّة وقيادة الاُمّة ، ولا يأتي العلم إلاّ بالفقر والغربة.

فأنتم أهل الخشوع والخشية والولاية الحقّة.

روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال : الخشية ميزان العلم ، والعلم شعاع المعرفة ، وقلب الإيمان ، ومن حرم الخشية لا يكون عالماً ، وإن يشق الشَعْر لمتشابهات العلم.

في محضر شيخ