فطرة الإنسان من نعومة أظفاره ومنذ البداية في تأريخ البشرية تطلب الكمال المطلق ومطلق الكمال ، فهو بطبيعته وجبلّته وما أودع الله فيه من أسراره توّاق إلى نيل تلك الغاية القصوى وإلى الله المنتهى ، ويحلّق الإنسان في آفاق التكامل في سيره الآفاقي والأنفسي بجناحي العلم النافع والعمل الصالح ، بالعلوم المفيدة والأخلاق الحميدة ، بالمعرفة والإيمان ، والسالك إلى الله سبحانه وطالب العلم ، لا بدّ له في مسيرة حياته العلمية والعمليّة من حكيم يرشده ، ويريه الطريق والسبيل الصحيح والمنهاج القويم ، إذ هلك من لم يكن له حكيم يرشده.
ومنذ الصبا برعاية سماحة الوالد الحنون دخلت سلك أهل العلم ، وفي اليوم الأوّل من بلوغي بالسنة الهلالية (6 شهر رمضان 1391 هـ) في حفلة جماهيرية في الجامع العلوي ـ بغداد ـ ألبسني زيّهم ـ العمّة والقباء والعباءة ـ وامتثالا لأمره الشريف إرتقيت المنبر في الجامع ، ودرّست الناس في ليالي شهر رمضان المبارك المسائل الشرعيّة (أحكام الصوم من منهاج الصالحين) ، كما كنت أدرس عند الوالد قدّس سرّه الشريف المقدّمات من دروس الحوزة.
وبعد الهجرة إلى مدينة قم المقدّسة ـ إيران ـ اشتغلت بدروسها الحوزوية ، وقد منّ الله عليَّ إذ وفّقني أن أتشرّف بحضور محافل علماء الأخلاق والعرفان ، وقبل إكمال العقد الثاني من عمري ، حالفني التوفيق أن أحضى مع مجموعة من إخوان الصفا وخلاّن الوفا شرف الحضور بمحضر شيخ كبير كريم حامد ، من أولياء الله وأوتاد الأرض ، بجوار مولانا ثامن الحجج الإمام عليّ بن موسى الرضا عليه أشرف الصلاة والسلام ، وكان المحفل القدسي والمجلس الاُنسي يعقد في كلّ ليلة من الساعة الحادية عشرة إلى أذان الصبح ـ وكنت في خدمته لمدّة خمس سنوات حتّى وافاه الأجل ، فسلام عليه يوم ولد ويوم مات ويوم يبعث حياً ـ ، وما أروع تلك السهرات واللحظات الملكوتية ، حيث كنّا ننسى الدنيا وما فيها ، ونعيش في أجواء روحانيّة وفضاء ملكوتي قلّ نظيره ، قد فقدناها مع رحلة الاُستاذ إلى جوار ربّه الكريم ، قدّس الله سرّه وعطّر الله رمسه وأسكنه فسيح جنانه ، وحشره مع أوليائه محمّد وآله عليهم السلام.
وقد كتبت مقتطفات من تلك المحافل المحفوفة بهالة من القدس والكرامة ، ولكن هيهات أن تنقل الألفاظ حلاوة المعاني ، لا سيّما من عالم عامل ، تخرج الكلمات من قلبه لتدخل في القلب ، لا من مثلي وقد ضيّعت عمري بالآمال والتسويف ، وسوّدت صحيفة أعمالي بالغفلات والذنوب ، وجاوزتني قافلة الأبرار والصالحين.
اُحبّ الصالحين ولست منهم *** لعلّ الله يرزقني الصلاحا
ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم.
وإليك نبذة يسيرة من جلسة واحدة من جلسات مذاكرة العلم التي قال في فضلها النبيّ الأكرم لأبي ذرّ : يا أبا ذرّ ، الجلوس ساعة عند مذاكرة العلم أحبّ إلى الله من قيام ألف ليلة يصلّي في كلّ ليلة ألف ركعة ، والجلوس ساعة عند مذاكرة العلم أحبّ الى الله من ألف غزوة وقراءة القرآن كلّه[1] ، وهذا يعني أنّ الإنسان يتقرّب إلى الله في ساعة بمذاكرة العلم أكثر من ألف ركعة في ألف ليلة بل أفضل من ألف غزوة وتلاوة القرآن كلّه ، كما أنّ ليلة القدر خير من ألف ليلة ، فتدبّر.
فإليك أ يّها القارئ الكريم مقتطفات من كلامه في جلسة واحدة ، حيث قال سماحته :
أثر الزهد :
عليكم بالزهد ، فما زَهِدَ عبدٌ إلاّ أسلك الله الحكمةَ على قلبه ، وأجرى بها لسانه ، وبصّره بعيوب نفسه ، وخرج منها إلى الآخرة سالماً ، فالعمدة في السير والسلوك الزهد في الدنيا ، ولا يكون ذلك إلاّ بمدد ومعونة من الله سبحانه ، وفي زيارة أمين الله ـ الزيارة الثانية لأمير المؤمنين (عليه السلام) كما في مفاتيح الجنان ـ «وسبل الراغبين إليك شارعة» ; فالقصد إلى الله يوجب فتح الباب ولو في الليلة الاُولى ، «وأعلام القاصدين إليك واضحة» ; فمن سلك طريقاً ويريد أن تكون فيه علامة وعلماً يهتدى به ، فما كان لله سبحانه فهو من الأعلام الواضحة ، فالمقصود هو العمل لله سبحانه.
وفي هذه الزيارة معارف ومطالب مهمّة ، كقوله : اللّهم اجعل نفسي مطمئنّة بقضائك ، محبوبةً في أرضك وسمائك ـ ولكن إنّما يطلب من الله أن تكون محبوبة في الأرض عند الناس وفي السماء عند الملائكة لا لنفسه ، بل لله سبحانه ـ مشتاقةً إلى فرحة لقائك ـ أي الموت وما بعده ، فتمنّوا الموت إن كنتم صادقين ، أي غاية أعمالكم هو الموت ، ولكن لا يتمنّونه بما قدّمت أيديهم ، قيل لأبي ذرّ : لماذا نكره الموت ؟ فقال : عمرتم الدنيا وأخربتم الآخرة ، فلا بدّ من كثرة الدعاء والتوسّل بالله وبالرسول وأهل بيته لكي يصل الإنسان إلى هذه المقامات الربّانيّة ، فإنّ الدعاء مخّ العبادة ، ولكن لا يدعو لنفسه بل لله سبحانه ، فإنّ المؤمن حتّى في دعائه يرى رضا الله وحبّه ، فإنّ الإمام الحسين (عليه السلام) عندما يسأل الله الحور العين لا شوقاً وشغفاً بهن ، فإنّ الحور خلقت من نوره الكريم ، بل لأنّ الله يحبّ مثل هذا الدعاء ، فهو يدعو حبّاً لله سبحانه.
قيمة المرء بعقله :
العاقل من عرف قدره ، وكفى بالمرء جهلا أن لا يعرف قدره ، والعاقل من وضع الأشياء في مواضعها ، وإنّما نعرف قدرنا لو وضعنا أنفسنا في طاعة الله ، فإنّ مسير العقل إلى الله سبحانه وتعالى ، وأوّل ما خلق الله العقل ، فقال له : أقبل فأقبل ، فهو مطيع محض ، ولكنّ النفس تميل إلى مشتهياتها ورغباتها ، ومن الصعب أن نجعل هذه النفس الأمّارة بالسوء أن تميل إلى الله ، وفي مناجاة الزاهدين للإمام زين العابدين (عليه السلام) ـ وأخرج حبّ الدنيا من قلبي ... واغرس أشجار محبّتك ـ فلا بدّ من إخراج حبّ الدنيا من القلب أوّلا حتّى يحلّ محلّه حبّ الله ، وهذا ما يسمّى عند علماء الأخلاق بمرحلة التخلية ثمّ التحلية ، أي يخرج من قلبه الصفات الذميمة ثمّ يحلّيه بالصفات الحميدة ، ثمّ يجلّيها في مرحلة التجلية ، والله جبّار يجبر العظم الكسير ويبدل السيّئات حسنات ، ومن تقدّم إلى الله خطوة فإنّه سبحانه يتقدّم إليه بخطوات ، فإنّه يحبّ عبده ويحبّ هدايته ويريد له الخير والصلاح والكمال ، وإنّما أرسل الرسل وأنزل الكتب من أجل ذلك فهو اللطيف الخبير.
المقصود والكمال :
من تساوى يوماه فهو مغبون ، فلا بدّ أن يكون كلّ يوم نحو الكمال ، ومن لم ير الزيادة في نفسه فهو إلى النقصان ، فدوماً لا بدّ من الزيادة وإلاّ فإلى النقصان ، والزيادة في النفس بمعنى زيادة الأخلاق الحسنة وإبعاد الأخلاق الذميمة عن نفسه ، لا الزيادة في الأعمال ، ومن كان إلى النقصان فالموت خيرٌ له من الحياة ، إذ النفس قماشها هكذا ، إذا لم تكن في كمال وزيادة فهي في انحطاط وخسارة.
كلمة التوحيد :
من قال : لا إله إلاّ الله صادقاً فقد فاز وفلح ، قولوا لا إله إلاّ الله تفلحوا ، والمراد من القول العمل ، فالمؤمن يكون موحّداً في كلّ أعماله لا يشرك بعبادة ربّه أحداً ، وكلّ من يشغلك عن ربّك فهو صنمك ، أفرأيت من اتّخذ إلهه هواه ، فمن قال : لا إله إلاّ الله صادقاً فقد فلح ، وعلامة صدقه الورع عن محارم الله ، ونتيجة صدقه التقرّب من الله سبحانه ، وبهذا أمرنا الله أن نكون مع الصادقين المقرّبين ، وإلاّ فلا يكون في مقعد صدق عند مليك مقتدر ، بل يكون من الكاذبين ـ في الدرك الأسفل من الجحيم ـ .
التوبة الصادقة :
من السارقين الماهرين فضيل بن عياض ، رجع إلى الله سبحانه عندما سمع الآية الشريفة (ألَمْ يَأنِ لِلَّذينَ آمَنوا أنْ تَخْشَعَ قُلوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ) ، فقال : نعم آن ذلك ، فرجع إلى الله صادقاً ، ومن صدق الرجوع أن يرضي خصمائه ، فأرضاهم ، وبقي عليه ما سرقه من رجل يهوديّ ، فجائه ليرضيه ، فقال له : لا أرضى عليك حتّى تحفر لي هذه الأرض ، فهنا كنزاً ، فحفر عياض وأخرج كنزاً ، فقال له اليهودي : لم يكن في هذه البقعة كنزاً ، ولكن سمعت : من تاب صدقاً وقبلت توبته ، فلو حفر الأرض لأخرج كنزاً ، فأردت أن أمتحن توبتك.
في الخبر الشريف : أنين المذنبين أحبّ إليَّ من تسبيح المسبّحين ، فمن كان له ربّ جميل هكذا ، فلو لم نكن معه فقد خسرنا وذلك هو الخسران المبين.
طوبى لك أ يّها الشابّ :
قال عيسى بن مريم روح الله للحواريّين : يوجد في مدينة كذا كنزاً ، فذهب وذهب معه الحواريّون ، وفي الطريق وجد الحواريّون كنزاً ، فأناخوا رحلهم عنده ، فقال لهم المسيح : لم أقصد كنزاً خارج المدينة بل هو في المدينة ، فذهب وحده ، وحلّ ضيفاً عند امرأة عجوز ، ولها ولد شابّ حطّاب قابع في زاوية الدار عليه علائم الحزن والكآبة ، فقال له المسيح : ما بالك ، وماذا بك ؟ فقال له الشابّ : أنت ضيفنا ، ولا يسرّني أن اُزعجك ، فقال المسيح : لعلّـي اُصلح أمرك . فقال له الشابّ : لقد رأيت بنت الملك ، فأشغفني حبّها وعشقها ، ولا حيلة لي وأنا حطّاب إلاّ الموت . فقال له المسيح : غداً اُزوّجها لك . وفي غد ، عندما أسفر الصبح ، قال المسيح للشابّ : إذهب واخطب من الملك بنته . فذهب ، وما أن وصل قصر الملك وأخبر البوّاب بحاجته ، إلاّ وعلا الضحك واستهزئ به ، حتّى وصل خبره إلى الملك ، فطلبه ليضحك عليه ، وليقضي وقته بالسخرية من هذا الشاب ، وما أن دخل الشاب إلاّ والملك قال له ، لو تخطب بنتي فمهرها سبعة أطباق من الجواهر واللآلئ ، كلّ طبق بلون . فخرج الشابّ وجاء إلى المسيح وأخبره بذلك . فقال له روح الله عيسى بن مريم : عليّ بالأطباق . وجعل في كلّ طبق حصى رفعها من الأرض ونظر إليها بنظرة ربّانية ، فانقلبت بإذن الله إلى جواهر في كلّ طبق لون . فجاء بها إلى الملك . وما أن رأى الملك ذلك إلاّ وقال له : قد استخرجت كنزاً ، فقال الشاب : ليس كذلك ، إنّما عندنا ضيف فعل هذا ، فقال الملك : لعلّه كلمة الله المسيح ، فجئني به . فجاء مع عيسى المسيح ، وزوّج الملك ابنته ، ثمّ قال : ليس لي ولد ليخلفني ، فهذا الشاب صهري ووليّ عهدي ، فوضع التاج على رأسه ، ثمّ مات الملك ، فتربّع الشابّ على عرش الملوكيّة بين ليلة وضحاها . وعند وداع المسيح سأله الشابّ : أنت الذي دفعتني إلى هذا المقام ، فلماذا أنت هكذا تعيش بزهد ؟ فقال المسيح : نحن خلقنا لشيء آخر . وأخذ يحدّثه عن التوحيد والمعارف الإلهية . فقال الشاب : عجباً ، أخذت الأصل وأعطيتني الفرع ، لا يكون هذا أبداً ، بل اتّبعك وأكون معك في الحياة والممات . فترك المُلك الدنيوي لينال الشرف الاُخروي ، وخرج مع عيسى وأصبح من حواريه ، وترك الدنيا لأهلها ، وعند خروجهما من المدينة التقيا بالحواريّين ، فقال عيسى لهم : إنّما قصدت من الكنز هذا الشابّ.
فقال الاُستاذ ـ نقلا عن شيخه في السير والسلوك ، وكان من المقرّبين ومن أوتاد الأرض ـ : إنّه عندما سمع هذه القصّة كان ذكره القلبي لمدّة شهرين : (طوبى لك أ يّها الشابّ) فرآه في عالم المكاشفة قائلا : (طوبى لكم أنتم اُمّة محمّد (صلى الله عليه وآله) ، نحن نتمنّى مقامكم) . فقال له : وأنتم اُمّة عيسى (عليه السلام) ، فقال : أين نحن من اُمّة محمّد (صلى الله عليه وآله).
حلاوة الإيمان :
نعم ،
لا بدّ من الصدق ، ولا يجد المؤمن حلاوة الإيمان حتّى يدع الكذب جِدّه وهَزله ،
في قوله وعمله وسلوكه ، بل وفي فكره وأحاسيسه ، والتملّق من
الكذب ، وإذا قيل لشخص في مجلس : تريد الشاي ؟
فقال : لا ، خجلا ، وهو يريده ، فهذا من
الكذب
أيضاً.
الاُنس بالله :
يا أبا ذرّ ، لا تصاحب إلاّ مؤمناً . يا أبا ذرّ ، لا تأكل طعام الفاسقين ، ولا يأكل منك إلاّ تقيّ ، وكل طعام من يحبّك في الله ، وأطعم طعامك مَن تحبّه في الله . لو أردنا أن نعمل بهذه الرواية النبويّة الشريفة ، فإنّه تضيق الدنيا علينا قهراً ، وحينئذ يكون رفيقنا ومؤنسنا هو الله سبحانه ، يا رفيق من لا رفيق له ، ويا مؤنس من لا مؤنس له ، ويا صديق من لا صديق له.
كان أحد العرفاء جالساً في بيت فدخل عليه تلميذه ، فقال : أراك وحدك ، فقال الاُستاذ : بل الآن أصبحت وحدي ، إذ كنت من قبل اُناجي ربّي.
وقال الإمام العسكري (عليه السلام) : من استأنس بالله استوحش من الناس.
الرفيق الحيّ :
بكى شخص على موت رفيقه ، فمرّ عليه حكيم ، فقال له : منك السبب ، لماذا اخترت رفيقاً يموت ؟ فقال : وهل هناك من لا يموت ؟ قال : نعم ، هو الله ، وهو رفيق من لا رفيق له ، وأسفاً على عبد لا يكون مع هذا الربّ الرحيم الودود.
رحمة الله وصلة الرحم :
حينما ناجى موسى ربّه ، جاء الخطاب : لا تكثر في كلامك يا ابن لاوي . فغُشي على موسى إلى ثلاث مرّات . فقال ربّه : يا موسى ، قد ناداك قارون ثلاث مرّات : يا موسى ، ـ حينما كانت الأرض تبتلعه ـ وأنت لم تكترث بقوله ، ولو سألني مرّة لأجبته.
ولمّـا قبضته الأرض وكانت الملائكة تهوي به إلى قعرها ، سمع في يوم مناجاةً ، فسأل الملائكة عن صاحبها ، فقالوا : إنّه يونس في بطن الحوت . فسأل من الملائكة الموكلين بعذابه أن يلتقي به ، فأذن الله ، والتقى به ، فسأله عن هارون ، فقال له : قد مات ، فسأل عن الغيور موسى بن عمران ، فقال له : قد مات ، وأخذ يسأل عن أرحامه ويونس يخبره بموتهم ، فرقّ قلبه عليهم ، فجاء الخطاب للملائكة أن ارفعوا عنه العذاب إلى يوم القيامة ; لرقّة قلبه على أرحامه.
حبّ الله :
القرآن الكريم هدىً للمتّقين ، والهداية لها مراتب ، فالنازلة منها أن يأتي المؤمن بالواجبات ويترك المحرّمات ، والعالية أن يواظب على قلبه ، ويجلس على بابه ، ولا يدخل فيه غير الله ، فإنّ قلب المؤمن حرم الله وعرش الله ، والقلب السليم النافع يوم القيامة ، ذلك القلب الذي لا يكون فيه سوى الله سبحانه ، وما فيه اسم الله (اللهمّ إنّي أسألك حبّك وحبّ من يحبّك وحبّ كلّ عمل يوصلني إلى قربك) ، فما نعمة أعظم على العبد من أن لا يجعل في قلبه إلاّ حبّ الله ، فإنّ حبّه نور للهداية ونار لمحو الذنوب.
التقرّب إلى الله :
الشيطان اللعين يقسم على الله بمحمّد وعترته الطاهرين (عليهم السلام) أن ينجو من عذاب الله ، فسُئل الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) : وهل ينفعه ذلك ؟ فقال : يخفّف عنه العذاب . فيا هذا أمن الأنصاف أن يكون لنا مثل هذا الربّ الرحيم ، ومثل هذا النبيّ العظيم ، ومثل أهل بيته الأطهار ، ولا نتقرّب إلى الله سبحانه ونعبده حبّاً وشوقاً.
المؤمنون الكُمَّل :
لو لم يكن في الأرض مؤمنون كاملون لرفعنا الله إليه ، فبقينا من أجلهم ، لو خُليت لانقلبت . وفي الخبر الشريف : اطلبوهم ، فإن وجدتموهم فزتم . المؤمن أعزّ من الكبريت الأحمر ، فمن منكم وجد الكبريت الأحمر ، والمؤمنة أعزّ من المؤمن ، فنادراً ما يجد الإنسان المؤمن الكامل.
مناجاة المريدين :
عليكم بتلاوة المناجاة الخمس عشرة لمولانا زين العابدين (عليه السلام) ، لا سيّما عليكم في كلّ ليلة قراءة مناجاة المريدين ، وفيها : قرّب علينا البعيد ، وسهّل علينا العسير الشديد . والحقّ أنّ المناجاة ليست إلاّ بحكم النسخة الطبّية ، فتارةً يبتلى الإنسان بمرض الذنوب فعليه بمناجاة التائبين ، واُخرى بشكوك النفس الأمّارة فعليه بمناجاة الشاكّين ، وهكذا . وإذا قرأ ذلك لله فإنّ الله يجبر الضرر ، وإذا أراد نفسه فليس له ذلك.
حسن الظنّ بالله :
عندما سمع الأعرابي أنّ الحساب يوم القيامة بيد الله فرح بذلك ، وقال : لو كان بيد غيره للبثنا خمسين ألف سنة ، فإنّ الله سريع الحساب ، وعلينا أن نحسن الظنّ بالله سبحانه ، وحسن الظنّ بالله أن لا نرجو إلاّ الله ولا نخاف إلاّ من ذنبنا ، فخيره إلينا نازل ، وشرّنا إليه صاعد ، فأنت نعم الرّ وأنا بئس العبد ، فاجعلني كما تحبّ يا ربّ ، فكفيبي عزّاً أن أكون لك عبداً ، وكفى بي فخراً أن تكون لي ربّاً ، أنت كما اُحبّ فاجعلني كما تحبّ ، برحمتك يا أرحم الراحمين.
[1]البحار 1 : 303.