باب « ص »

«108»

الشيخ صالح التميمي الكاظمي

الشيخ صالح بن درويش بن علي التميمي الكاظمي الشاعر المشهور.

ولد في الكاظمية سنة 1218 هجرية.

كان من بيت أدب وكمال وقد تربّى في حجر جدّه الشيخ علي الزيني الشهير في مطارحاته مع السيّد بحر العلوم وغيره في النجف الأشرف.

انتقل مع جدّه من الكاظميّة إلى النجف فأقام برهة ثمّ سكن الحلّة وبقي بها مدّة حتّى استقدمه والي بغداد داود باشا فسكنها.

وكان سبب طلبه له أنّ الشيخ موسى ابن الشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء كان مقيماً في الحلّة ثمّ رحل عنها إلى النجف سنة 1241 وذلك أنه في هذه السنة ثار الحليّون ثورة كبرى على داود باشا والي العراق المشهور وقتلوا جنوده ونصبوا عليهم عميداً حلياً منهم فجهّز داود باشا على الحليين جيشاً كبيراً وتطوّع معه بعض العرب لأخذ الحلّة ومنهم أمير ربيعة درويش ففارق الشيخ موسى بلد الحلّة حيث أنشأ التميمي هذين البيتين معرّضاً بسليمان الاربلي الذي ولاه داود باشا أمر الحلّة :

بمن تفخر الفيحاء والفخر دأبها *** قديماً وعنها سار موسى بأهله

وخلفها من بعد عزّ ومنعة *** تكابد كبد السامري وعجله

وأمّا جيش داود فقد تغلّب على الحلّة والتجأ الحليون إلى آل (جشعم) فغدروا بهم غدرة تأريخية مشهورة على ألسنة العراقيين والفراتيين منهم خاصّة . ولما وصل (سليمان الاربلي) إلى الحلّة استدعى الشيخ صالح التميمي وسأله عن السامري وعجله واستنشده البيتين السابقين فتخلّص بارتجاله هذين البيتين الآخرين :

زهت بأبي داود حلّة بابل *** وألبسها بالأمن حلّة عدله

وكانت قديماً قبل موسى وقبله *** تكابد كيد السامري وعجله

فعلم أ نّه ارتجلهما فعجب من بديهته ورضي عنه ومن هنا اتصل خبره بداود باشا فاستدعاه إليه واستبقاه لما عرف من حسن أدبه وجعله كاتب إنشاء العربية وبقي كذلك بعده في عهد باشا حتّى توفي.

قال الشيخ محمد رضا الشبيبي : هو في عصره كأبي تمام في عصره.

ومن شعره قوله :

متى ماس غصن أو تغنّت حمائمه *** جرى غير منزور من الدمع ساجمه

وما الشوق إلاّ جذوة يستثيرها *** هبوب غرام حين جدت سمائمه

كتمت الهوى حتّى أضرّ بي الهوى *** وأنفس شيء للمهالك كاتمه

وعيش تقضى لي على السفح برهة *** ترجّل عنّي واستقلّت رواسمه

لهوت به دهراً وما حال دونه *** هوى لائم والحبّ شتّى لوائمه

وله في مدح النبيّ (صلى الله عليه وآله) :

بماذا اعتذاري حين ألقاك في غد *** وقد خفّ ميزاني بما اكتسبت يدي

تصرّم عمري والهوى يستفزّني *** لطرف كحيل فوق خدو مورّد

إلى أن يقول :

فيا راكباً يطوي الفلاة بجسره *** من البرق تطوى فدفداً بعد فدفد

إذا أنت شارفت المدينة فابلغن *** تحيّة ملهوف لأكرم منجد

وقل يا شفيع المذنبين استغاثة *** وشكوى أتت من عبد رقّ لسيّد

ألا يا رسول الله دعوة صارخ *** وندبة عان بالذنوب مقيّد

ألا يا رسول الله دعوة خائف *** صروف الردى فانظر لشمل مبدّد

كليب يغيث المستجير فكيف من *** بمولى كليب غوث كلّ مصفّد

يلوذ فهل يخشى من الدهر غارة *** ويحذر من خطب الدهر أنكد

عليك سلام الله يا خير من مشى *** على الأرض ما راعى الكواكب مهتدي

وله في مدح أمير المؤمنين (عليه السلام) من قصيدة :

غاية المدح في علاك ابتداء *** ليت شعري ما تصنع الشعراء

يا أخا المصطفى وخير ابن عمّ *** وأمير إن عدّت الاُمراء

ما نرى ما استطال إلاّ تناهى *** ومعاليك ما لهنّ انتهاء

يا صراطاً إلى الهدى مستقيماً *** وبه جاء للصدور الشفاء

بني الدين فاستقام ولولا *** ضرب ماضيك ما استقام البناء

أنت للحقّ سلّم ما لراق *** يتأتّى بغيره الارتقاء

معدن الناس كلّها الأرض لكن *** أنت من جوهر وهم حصباء

والقصيدة طويلة وجميلة يذكرها صاحب أعيان الشيعة كما يذكر قصائد اُخرى في المدح والرثاء.

مؤلفاته :

1 ـ وشاح الورود في أخبار داود (والي بغداد).

2 ـ ديوان شعره.

توفي في بغداد بعد الظهر لأربع عشرة ليلة بقيت من شعبان سنة 1261 ، ودفن في الكاظمية المقدّسة[1].


[1]أعيان الشيعة 7 : 369 ، وصحيفة (صوت الكاظمين) ، العدد 53 لسنة 1417 تحت عنوان : أبو تمام زمانه.

109

«109»