![]() |
![]() |
![]() |
«67»
1329 ـ 1410
العلاّمة الجليل والفقيه النبيل الشيخ حامد بن عبد القهّار بن علي أصغر بن شير علي بن محمد رحيم بن محمد علي الواعظي السبزواري الكاظمي.
ولد في الكاظمية المقدّسة في شهر رجب الأصمّ سنة 1329 هـ ، وفيها نشأ وترعرع وتعلّم الأوّليات.
بأمر من والده ذهب إلى سامراء وهو في الثالثة عشرة من عمره ، فدرس بها المقدّمات العلمية ومقداراً من السطوح على أساتذتها ، ثمّ هاجر إلى إيران وهو في السابعة عشرة من عمره ، وتتلمذ على آية اللّه المجاهد السيّد أبي القاسم الكاشاني في كتاب (كفاية الاُصول) وكان في طهران ، ثمّ تنقّل في مدن خراسان وقراها لهداية الناس مشتغلا بالوعظ والإرشاد ، وكان أكثر إقامته في قرية (فرومد) من قرى سبزوار ، وهي القرية التي نزح منها أبوه إلى الكاظمية.
ولما يحمل من ثوريّة وحماس في نطاق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فقد هاجم حكومة الوقت في منابره وخطاباته ، وندّد بها في قصّة كشف الحجاب التي ابتدعها رضا البهلوي بأمر من أسياده الاستعمار الشرقي والغربي سيما الانگليز ، فسجن على إثر معارضاته عدّة مرات ـ كما حدّثني بذلك وببعض ما جرى له في السجون ـ كما نفي عن بيته شهوراً وتحمّل المشاقّ في سبيل الدعوة إلى الدين وإصلاح اُمور المسلمين.
وبعد ثلاث عشر سنة رجع إلى العراق وأقام بمسقط رأسه الكاظمية المقدّسة مشتغلا بالوعظ والإرشاد ، ومن ثمّ بالتدريس بعد أن ترك المنبر وأقام الجماعة بمقبرة الشريف المرتضى قرب الصحن الشريف ، وأدار حلقات تدريسية بها ، وربّى ثلّة من خيرة الشباب الكاظمي ـ كما قد حضر والدي المرحوم سنين عديدة عنده وارتوى من نميره العلمي ـ .
اختاره المرجع الديني السيّد محمود الشاهرودي وكيلا عنه في الكاظمية وبغداد ، فكان مثالا جميلا لراعية الحقوق الشرعية وتوزيعها في مواردها الخاصّة.
أخرجته حكومة البعث الكافر قسراً من العراق في سنة 1398 هـ فنزل مدينة قم المقدّسة واستوطنها ، واشتغل بالتدريس والتأليف وإقامة الجماعة في مسجد قرب داره في شارع چهار مردان ، ولكنّه كان منهك القوى غلب عليه ضعف الشيخوخة وفراق الأحبّة ، فترك التدريس في سنواته الأخيرة وانزوى في بيته لا يخرج إلاّ لزيارة السـيّدة المعصومة بنت الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) وإقامة صلاة الجماعة.
كان مولعاً بمطالعة الكتب خلوقاً متواضعاً أبيّ النفس مترفّعاً عمّـا في أيدي الناس ، لا تظهر عليه الحاجة حتّى في أشدّ الحالات . حدّثني يوماً إنّه عندما أراد شراء دار لعائلته الكبيرة احتاج إلى مئة ألف تومان وضاق به الأمر ، فأتى إلى السيّدة المعصومة معاتباً ، قال : لمّـا دخلت عليها من شدّة الألم والضيق قلت لها : « سيّدتي كنّا بجوار والدكِ متنعّمين مرتاحين واليوم بجواركِ إلاّ أ نّه لا أرى تلك العناية وكأنّكِ لا تريدينا ، ولا أدخل الحرم بعد يومي هذا » ، فخرجت حزيناً ، فما أن وصلت الصحن الشريف وقبل أن أخرج التقيت بالسيّد جواد الشهرستاني فقال لي : ما بالك يا شيخنا ؟ فقلت له : إذهب وإلاّ ... فضحك السيّد وقال : أراك حزيناً . فقصصت عليه القصّة فقال : سبحان اللّه عجباً إنّ عندي مئة ألف تومان ولا حاجة لي بها فعلا ويمكنني أن اُقرضك ذلك ولمدّة سنتين . فعلمت أنّ هذا من بركة السيّدة وعنايتها فرجعت إليها شاكراً.
وهو من مشايخي في الرواية.
من مؤلّفاته :
« شرح البهجة المرضية » في النحو ، و « شرح تبصرة المتعلّمين » في الفقه.
قبل رحلته بأ يّام التقيت به في حسينية النجف الأشرف فقال لي : ذهب اُولئك الذين كنت أستأنس بهم كوالدك ، وأشعر بالوحدة والغربة فسئمت الحياة واُريد الذهاب إلى ربّي ، فدعوت له بطول العمر ...
توفّي بإحدى مستشفيات طهران في يوم السبت 27 ربيع الأوّل سنة 1410 هـ ، ودفن في إحدى حجرات صحن السيدة المعصومة (عليها السلام) بقم[1].
[1]أحسن الأثر في أعلام القرن الخامس عشر (مخطوط) للعلاّمة السيّد أحمد الحسيني ، وصحيفة (صوت الكاظمين) العدد 37 لسنة 1416 تحت عنوان : المجاهد الواعظ.
68«68»
![]() |
![]() |
![]() |