الشيخ حبيب الكاظمي

الشيخ حبيب بن طالب البغدادي الكاظمي ، نزيل جبل عامل.

كان حيّاً سنة 1269 والله أعلم كم عاش بعدها.

هو شاعر مجيد متفنّن خفيف الروح يجمع شعره الرقّة والانسجام وأنواع الطرائف.

ذكره الشيخ محمّد آل مغنية في كتابه (جواهر الحكم) فقال :

الشاعر المفلّق الذي إذا خطب أعجب وإذا أنشد أطرب ، لم أرَ في عمري أفكه من هذا الشاعر المجيد ، وكان أسرع الناس بديهة وأذكى قريحة ، رأيته مراراً لا يتوقّف في كتابة ما أراد من الشعر والإملاء ، سريع البديهة وحسن المحاضرة ، صاحب أجوبة مسكتة ، جزل الكلام ، إذا تكلّم أعجب كلّ سامع ينشيء القصيدة الطويلة في الوقت القصير ، وشعره كثير لا يكاد يحصى من السهل الممتنع.

فيقول في قصيدة :

بني النبيّ لكم في القلب منزلة *** بها لغير ولاكم قط ما جنا

يلومني الناس في تركي مديحكم *** وكم زجرت بكم من لامني ولحا

عذراً بني المصطفى إن عنكم جمحت *** قريحتي وهي مثل الزند منقدحا

سبقتم الناس في علم ومعرفة *** والأمر تمّ بكم ختماً ومفتتحا

وله يرثي الحسين (عليه السلام) في سنة 1250 هـ :

خلّ النسيب فلست بالمرتاد *** لهو الحديث بزينب وسعاد

ما لي وكاعبة تكلّفني الهوى *** شتّان بين مرادها ومرادي

دعني وفيض محاجري فلقد غدت *** تقري ضيوف الهمّ نار فؤادي

واذكر مصاب الطفّ فهي رزينة *** فصم الضلال بها عرى الإرشاد

يوم أصاب الشرك فيه حشى الهدى *** بمسدّد الأضغان والأحقاد

يوم غدا فيه على رغم العلا *** رأس الحسين هدية ابن زياد

الله أكبر يا ليوم في الورى *** لبست به الأيام ثوب سواد

يومٌ به عجّت بنات محمّد *** من مبلغ عنّا النبيّ الهادي

يا جدّ لو أبصرت ما بلغ العدى *** منّا وما نالته آل زياد

أهون بكلّ رزيّة إلاّ التي *** صدعت بعاشوراء كلّ فؤاد

وقال لمّـا ورد الكاظمية المقدّسة زائراً وقد ركب دجلة :

وافت إليكم تجوب الماء حاملةً *** ناراً من الشوق لا يطفأ لها لهب

حتّى ترى الطور والأنوار تشمله *** من نار موسى وفيه السرّ محتجب

وقال لمّـا زار سامراء :

لله تربكِ سامراء فاح به *** ريح النبوّة أشماماً وتعبيقا

هنئت يا طرف فيما متّعتك به *** يد المواهب تأييداً وتوفيقا

لم يطرق العقل باباً من سرائرهم *** إلاّ وكان عن الأفهام مغلوقا

وفي المعاجز والآثار تبصرة *** لرائم غرر الإيضاح تحقيقا

هذا الكتاب فسله عنهم فبِهِ *** صراحة المدح مفهوماً ومنطوقا

قومٌ إذا مدحوا في كلّ مكرمة *** قال الكتاب نعم أو زاد تصديقا

أضحى الثناء لهم كالشمس رأد ضحى *** وبات في غيرهم كذباً وتلفيقا

إلى أن قال :

إنّ الإمامة والتوحيد في قرن *** فكيف يؤمن من يختار تفريقا

يا من إليهم حملت الشوق ممتطياً *** أقتاب دجلة لا خيلا ولا نوقا

الماء يحملني والنار أحملها *** من لاعج الوجد تبريحاً وتشويقا

أنتم رجائي وشوقي كلّ آونة *** وأنتم فرجي مهما أجد ضيقا

ونحن في هذه الدنيا لحبّكم *** نرعى على الضيم جبريّاً وزنديقا

وقال يمدح الأمام الرضا (عليه السلام) :

أبا الحسن الرضا قصدتك منّا *** قلوب قد وردن نداك هيما

ولاحت قبّة كالشمس تمحو *** أشعّتها عن القلب الهموما

فلم تر غير حبّكم نجاة *** ولم ترَ غير فضلكم نعيما

ألستم في الورى كسفين نوح *** ومن ركب السفين نجا سليما

ومن جاب الفيافي في ولاكم *** فلا بأس يخاف ولا جحيما

قدّس الله سرّه وأسكنه فسيح جنّاته وحشره مع مواليه محمّد وآله (عليهم السلام) فإنّ المرء مع من أحبّ[1].


[1]راجع في أشعاره كتاب أعيان الشيعة 4 : 541 ، والكرام البررة 1 : 292 ، وصحيفة (صوت الكاظمين) ، العدد 13 لسنة 1414 بعنوان: من شعراء أهل البيت (عليهم السلام).

70

«70»