السيّد علي الهاشمي

1328  ـ  1396

هو العلاّمة والاُستاذ الأديب الشاعر المفلق والخطيب الشهير الحاج السيّد علي بن السيّد حسين بن السيّد صالح بن السيّد باقر بن السيّد عبد الكريم بن السيّد عبد الرحيم بن السيّد أحمد المقدّس (المعروف بالحمزة الشرقي) بن السيّد هاشم بن السيّد علوي بن السيّد حسن الغريفي (العالم الجليل المعروف صاحب كتاب الغنية) ، ينتهي نسبه الشريف بسلالة السادات الأشراف بالإمام الهمام موسى الكاظم عليه أفضل الصلاة والسلام ، وذلك عن طريق السيّد محمّد العابد (المدفون مع سيّد شاه چراغ في شيراز) ، عن طريق ولده السيّد إبراهيم المجاب (نزيل الحائر الحسيني الشريف سلام الله عليه).

ولادته كانت في النجف الأشرف سنة 1328 هـ ق ، وترعرع وتربّى في حجر والده (رحمه الله) والذي كان من كسبة النجف الأشرف ، وعاش في النجف الأشرف ما يقارب اثنان وأربعون سنة حيث انتقل بعدها إلى بغداد ثمّ إلى الكاظمية المقدّسة حيث قطن هناك ما يقارب الستّ وعشرين سنة حتّى وافاه الأجل هناك قدّس سرّه الطاهر.

أمّا أساتذته فهم نخبة من العلماء والاُدباء المشاهير والشعراء المبدعين والفطاحلة من الخطباء منهم السيّد الخطيب البارع مهدي الأعرجي والخطيب الشاعر السيّد صادق الهندي والخطيب الشاعر السيّد صالح الحلّي والشيخ العالم الجليل محمّد الحسين آل كاشف الغطاء ، والشيخ محمّد حسين الفيخراني والشيخ علي كاشف الغطاء والشيخ علي الثامر ولازم اُدباء ومشاهير عصره وكبار مثقّفيه أمثال الاُستاذ أحمد امين والعلاّمة الشيخ محمّد جواد مغنية والحجّة السيّد إسماعيل الصدر والشهيد السيّد محمّد باقر الصدر والاُستاذ حسين علي محفوظ والشيخ الشاعر الجليل سلمان الأنباري والاُستاذ الكبير السيّد محمود الحبوبي والشيخ الحجّة المحقّق الكبير آغا بزرك الطهراني وغيرهم ممّن كان في هذه الميادين شاعراً أو أديباً أو خطيباً أو عالماً.

له من المؤلفات ما تربوا على العشرين مؤلفاً ، فمنها :

1 ـ ثمرات الأعواد بجزئين الذي حظى بأهميّة بالغة وانشداد عظيم من قبل أرباب المنابر.

2 ـ وكذلك كتاب محمد بن الحنفية.

3 ـ والحسين في طريقه إلى الشهادة.

4 ـ وكميل بن زياد النخعي.

5 ـ وصعصعة بن صوحان العبدي.

6 ـ وكتاب المطالب المهمّة في تأريخ الرسول والزهراء والأئمة.

7 ـ وكتاب كلمات الأعلام في شخصية علي أمير المؤمنين (عليه السلام).

8 ـ وكتاب وقعة النهروان أو الخوارج.

9 ـ وكتاب عقيلة بني هاشم.

10 ـ وكتاب سعيد بن جبير.

11 ـ وكتاب موسى الكاظم.

12 ـ وكتاب شرح ميمية أبي فراس الحمداني.

13 ـ وكتاب شرح قصيدة السيّد جعفر الخطي البحراني.

14 ـ وكتاب أبو جعفر المنصور.

15 ـ وديوان شعر الهاشميات.

16 ـ وشرح دعاء كميل بن زياد النخعي.

17 ـ وشرح خطبة الزهراء.

18 ـ وتأريخ من دفن في العراق من الصحابة.

19 ـ وتأريخ الأنبار.

إضافة إلى بعض المخطوطات الاُخرى.

شعره :

له من الشعر قدّس الله نفسه الطاهرة الرائق العذب ، فمن قصيدته العصماء بمناسبة انتقاله من النجف الأشرف إلى بغداد حيث قطن الكاظمية المقدّسة في منزله المعروف في محلّة المحيط ومطلعها :

وأحبابي بأكناف الغري *** لتهنئكم مجاورة الوصي

مجاورة الوصيّ أبا ترابِ *** إمام المسلمين أخ النبيّ

عليكم من محبّكم تحايا *** معطّرة كعرف الرازي

ومنها :

رعى الله الأحبّة والنوادي *** واُمسياتنا بحمى عليّ

نواد لا ترى إلاّ أديب *** يجدّد فيها ذكرى البحتري

نواد قد نشأت بها وصبحي *** تعمر بالبكور وبالعشي

وله (قدس سره) وقد طبع على كتابه ثمرات الأعواد :

ولقد بكيت على الحسين بناظر *** أدمت مآقي جفنه عبراته

حتّى سقيت بأدمعي سجر الأسن *** فنمى وطال وهذه ثمراته

وله (قدس سره) في التأريخ فقد نظم مؤرخاً وفاة المغفور له المرحوم السيّد محمّد حسن الأسترآبادي :

محافل الطفّ وأعوادها *** تنعى خطيباً كان فرد الزمن

وتنشد الأعلام تأريخه *** (بيومه لذكر فقد الحسن)

 *** 1366 هـ ق

وله (قدس سره) في تأريخ وفاة الخطيب الشهير الشيخ محمّد علي اليعقوبي :

قضى ابن يعقوب والناعي نعاه *** أساء صرف الردى فينا تصرّفه

والناس تندبه شجواً وأدمعها *** من ذوب أكبادها أرّخت (تذرفه)

 *** 1385 هـ ق

وله (قدس سره) مؤرخاً الكاتب والاُستاذ الشهير أحمد أمين :

أرى اُسرة العلم مفجوعة *** بفقد المربّي والمرشد

ونابغة الفكر بحري الندى *** عميد الهدى العالم الأوحد

ففي صفر قال تأريخه *** (تضجّ بكاء على أحمد)

 *** 1390 هـ ق

وله (قدس سره) مؤرخاً كتاب (إرشاد الحيدري) للعلاّمة السيّد علي السيّد صادق الحيدري (رحمه الله) :

آيات إرشاد « علي » بدت *** لحيدر محكمها يسند

والحيدريون أياد لهم *** بيضاء يحكي نورها الفرقد

فيا « عليّ » القدر لا غرو فا *** لأجيال أرّخ (بك تسترشد)

 *** 1386 هـ ق

وله (قدس سره) مؤرخاً كتاب (هداية الأحكام) للعلاّمة السيّد علي السيّد صادق الحيدري (رحمه الله) :

هداية الإسلام خذ بنهجه *** إن رمت يا صاح بلوغ الأمل

فاقرأ فضوله وأرخ (وأفد *** هداية الإسلام فصلٌ من علي

 *** 1389 هـ ق

وله (قدس سره) قصيدة عصماء ألقاها في الحفلة الأربعينية للمرحوم العلاّمة الخطيب الشاعر الشيخ جواد الشبيبي (رحمه الله) ومطلعها :

حلبات الآداب في كلّ نادي *** أكبرت كبوة الردى بالجوادِ

أوقد السمع نعيه حنى وافى *** ضمن موج الأثير من بغدادِ

نبأ راع ذكره كلّ قلب *** حسن روى وَفَتَّ في الأعضادِ

كما وإنّه (قدس سره) شارك في الحفلة الأربعينية المقامة للمرحوم الفقيد سماحة العلاّمة الجليل الحجّة السيّد صادق الموسوي الهندي قدّس الله روحه الطاهرة والتي اُقيمت له عصر يوم الجمعة 1 / 1 / 1965 في بغداد ، ولقد كانت مشاركته في هذا الحفل بكلمة وإنّها كانت تحمل عنوان « مصاب جلل » وإليك ما جاء في آخرها :

أ يّها السادة ، إنّ الصادق حيّ بآثاره وأياديه وإنّ ذكراه ماثلة في القلوب والأفئدة ، لقول سيّد الموحّدين عليّ أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه إذ قال : « العلماء باقون مابقي الدهر ، أعيانهم مفقودة وأمثالهم في القلوب موجودة ».

وفقيدنا الصادق في طليعة اُولئكم العلماء ، فرحمه الله برحمته وعوّضه فردوس جنّته . إلى أن يختتم كلمته بتأريخ وفاته قائلا :

أ يّها السادة : وأختتم كلمتي هذه بهذا التأريخ راجياً أن يحظى لديكم بالرضى والقبول :

أبكى الحجون والمقام فقد من *** بكاه كلّ ناظم وناثر

وكلّ أعلام الهدى أرخ (وقل *** بكت لفقد الصادق بن الباقر

 *** 1384 هـ ق

وله أيضاً (قدس سره) قال في حقّ عائلة العلماء الاُدباء السادة آل الهندي مؤبّناً لهم :

خذ في ثنائهم الجميل مؤبّناً *** فالقوم قد جلّوا عن التأبينِ

وله (قدس سره) أيضاً في المرحوم العلاّمة السيّد صادق الهندي (رحمه الله) :

مزاياه لا تحصى بعدّ كأ نّها *** عطاياه أن وافى إليه المؤمّل

وله أيضاً (قدس سره) مقصورته المعروفة في 67 بيتاً يتناول فيها مسيرة سيّد الشهداء (عليه السلام) من المدينة فإلى مكّة المكرّمة ومنها إلى العراق وشارحاً لها في كتاب بديع رائع رائق للقاصي والداني ويطلبه الكثير من أرباب المقاتل والمنابر وأضاف خارطة ضمن الكتاب توضح المسيرة الحسينية الخالدة ويقدّر فيها المنازل وهي ما يقارب 38 منزلا.

ومن النوادر الطريفة التي جرت في الكوفة . احتفل أهل الكوفة بقائمقام النجف وقتئذ السيّد حسن جواد الحسيني البغدادي ، فألقى في ذلك الحفل صديقنا الخطيب الشيخ علي نازي قصيدة تكريماً للقائمقام ، وقد طالب بقصيدته إنشاء إسالة ماء بالكوفة ، وبعد انتهاء الحفل وانفضاض الجمع إلاّ القليل من النجفيين المدعوّين وأشراف أهل الكوفة . ناول اُستاذنا اليعقوبي رقعة للقائمقام وقد كتب فيها بيتين على سبيل المداعبة والضرافة والبيتان :

لا تعر أهل كوفة الجند سمعاً *** ودع القوم يهلكون ظماءا

كيف تسقي يا بن الجواد اُناساً *** منعوا جدّك الحسين الماءا

ولقد شطّرها الاُدباء وخمّسها الشعراء وإليك تشطيري.

لا تعر أهل كوفة الجند سمعاً *** يا بن من جاز في علاه السماءا

فاله عنه ولا تعدهم بماء *** ودع القوم يهلكون ظماءا

كيف تسقي يا بن الجواد اُناساً *** سقوا المرهفات منكم دماءا

فحرام عليهم الماء لمّـا *** منعوا جدّك الحسين الماءا

لا تعر أهل كوفة الجند سمعاً *** عجباً منك يطلبون حفاءا

ويقولون لا تجبهم بشيء *** ودع القوم يهلكون ظماءا

كيف تسقي يا بن الجواد اُناساً *** وسواهم يكابدون العناءا

أو ترضى تعدّ من حزب قوم *** منعوا جدّك الحسين الماءا

رحلته إلى دار الرضوان (عُطّر مثواه) :

كان (رحمه الله) في الآونة الأخيرة من حياته يعاني المرض الذي راح يستفحل شيئاً فشيئاً حتّى لزم الفراش مدّة.

وفي تلك المدّة زاره العلاّمة الخطيب السيّد جواد شبّر الذي كان من أعزّ أصدقائه في منزله ، فنظم قصيدة وأرسلها إليه مطلعها :

متى كان من الظنّ أ نّي أراك *** ملقى الفراش حليف الألم

متى حوّمت حولك الواهمات *** متى نهشتك نيوب السقم

متى زعزعتك سوافي الرياح *** وعهدي بأ نّك طودٌ أشمّ

ألست المعاني الذي يمتلي *** نشاطاً يزينك لطف الشمم

وثغرك ذاك الضحوك الوقور *** يعطّر أجواءنا بالنسم

وكانت هذه القصيدة تحتوي على 50 بيتاً.

فأرسل إليه (قدس سره) قبل وفاته بأ يّام رسالة ومعها قصيدة جواباً على قصيدته الغرّاء ومطلعها :

هزار الغريّين أتحفتني *** بغرّاء تُذهب عنّى السقم

نظمت قوافيها كالعقود *** فنعم المنظّم والمنتظم

فقبّلتها بفم الامتنان *** مقلّ لتقبيلها ألف فم

وجلت بسحر مقاطيعها *** بمطرقة دمعها منسجم

وما ذاك إلاّ اشتياق إليك *** لأ نّك أنت الأخ المحترم

وكانت تحتوي على 37 بيتاً.

إلى أن شاء المولى عزّ شأنه أن يختاره إلى جواره الكريم لبّى النداء بنفس مطمئنّة راضية مرضيّة شاكرة قانعة طامعة بغفران ورحمة ربّ الأرباب ومجاورة للنبي المختار والوصيّ المرتجى والبتول الطهر والنجباء من ذرّيتهم عليهم آلاف الصلاة والتحيّة والإكرام والسلام ، رحل عن ديار الأحبّة إلى ديار الوحشة والغربة ، وذلك كان في الكاظمية مساء يوم الثلاثاء 23 صفر سنة 1396 هـ ، وشيّع تشييعاً رسميّاً ضخماً حضره الخاصّ والعامّ والقاصي والداني ، ثمّ نقل إلى مقبرته الخاصّة في النجف الأشرف في مقبرة الصحابي الجليل (كميل بن زياد النخعي (رحمه الله)) وذلك بعد خدمة طويلة لمنبر سيّد الشهداء في البصرة والكاظمية وبغداد والكويت
والبحرين ولبنان وإيران بعد عمر شريف دام 66 سنة تقريباً ، تغمّده الله برحمته الواسعة وأسكنه الفسيح من جنانه وجعل قبره روضة من رياض الجنّة وحشره مع النبيّ وآله الطيّبين الطاهرين[1].

وحدّثني والدي العلاّمة السيّد العلوي نقلا عن السيّد المترجم له السيّد الهاشمي (قدس سرهما) ، أ نّه لمّـا حضرت وفاة السيّد علي البهبهاني ـ وهو من أثرياء الكويت المعروفين ومؤسس الجامع الهاشمي في الكاظمية المقدّسة ـ كان السيّد الهاشمي في المستشفى عند سريره ، فيقول : لقد اُغمي على السيّد البهبهاني وهو في سكرات الموت ، ثمّ أفاق والتفت إليّ فقال : يا سيّد علي ، كلّ من يخلّصني من الموت الآن اُعطيه نصف ما أملك ، فخلّصني ... فقلت له : شافاك الله ، وأخذت اُسلّيه ، فاُغمي عليه مرّةً اُخرى وأفاق فقال : يا سيّد علي ، اُعطيه جميع ما أملك فخلّصني من الموت ، ثمّ اُغمي عليه وأفاق فقال : ربّ ارجعوني لعلّي أعمل صالحاً . ثمّ فاضت روحه إلى قابض الأرواح ، ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم.


[1]صحيفة (صوت الكاظمين) ، العدد 14 لسنة 1414 تحت عنوان : الخطيب البارع.

141

«141»