![]() |
![]() |
![]() |
1320 ـ
السيّد أبو الحسن بن السيّد إسماعيل بن السيّد صدر الدين محمّد بن السيّد صالح.
كان عالماً فاضلا ، وشاعراً أديباً ، ترعرع في اُسرة العلم والتُقى والسيادة والريادة ، فآل الصدر من الاُسر العلوية الشهيرة في العراق وفي الكاظمية المقدّسة.
ولد يوم 21 جمادى الاُولى سنة 1320 هـ في الكاظمية المقدّسة وبها نشأ على والده ، فعنى بتربيته ولقّنه مبادئ العلوم ، واختلف على أعمامه فانتهل من نمير علومهم وآدابهم ، فشبّ باسقاً في بيت العلم والشرف . وهاجر إلى النجف الأشرف فوقف على ثلّة من أعلامها ، ثمّ رجع إلى أبيه وعمّيه ، فعكف على شرائعهم السائغة ومناهلهم العذبة ، حتّى خلف أباه ، فكان نعم الخلف عن خير سلف.
وقد عنى أيّام شبابه بالشعر والأدب ، كما تربّع على كرسي التدريس في حلقة من شباب عشيرته من آل الصدر وآل شرف الدين وآل ياسين ، وطلاّب جبل عامل والكاظمية والنجف الأشرف.
مؤلّفاته :
له كرّاسات وقصاصات كما ذكر هو في ترجمته ، طارت بها أيدي الإهمال والاغتراب.
كان كثير السفر ، فقد سافر إلى الهند في سنة 1346 هـ ، وطال ثلاث سنين أو أكثر ، ورجع إلى الوطن سنة 1350 هـ ، ثمّ زار الإمام الرضا (عليه السلام) في خراسان وجال في بلاد إيران واتّصل بعلمائها الأعلام ، كما زار مرّة اُخرى ورجع إلى الكاظمية سنة 1367 هـ فارتحلت والدته إلى جوار ربّها في هذه السنة ، فأصابه الحزن الشديد.
كان يقيم صلاة الجماعة في إصفهان ، كما كان يدرّس ويرقى المنبر للوعظ والإرشاد.
مشايخه في الرواية :
منهم والده
المقدّس ، والإمام السيّد حسن الصدر ، والسيّد نجم الدين
من علماء الإماميّة في الهند ، والسيّد ناصر حسين نجل صاحب
العبقات.
من شعره
الرقيق ونظمه الرائع ، أجاد في شوقه إلى النجف الأشرف
قائلا :
هل لي إلى أرض الغريّ سبيلُ *** فاُقيم فيها والمقام جميلُ
وأشمّ من عبقات مسك ترابها *** ما ينعش الإنسان وهو عليلُ
ويكون لي في ربعها متجوّلٌ *** وتجرّ لي فيها قناً وذيولُ
هل أوبةٌ لي نحو ذيال الحمى *** مستوطناً فيه ولست أحولُ
هل يأتِ يومٌ بالغريّ يكون لي *** في منتداها موئل ومقيلُ
قد سرت عنها يوم سرت وفي الحشا *** ضرم وفي القلب العليل غليلُ
والصدر يجهش بالبكاء وأدمعي *** منهلة فوق الخدود تسيلُ
ما زلت أنظر نحوها متلفّتاً *** حتّى اختفت منها عليَّ طلولُ
إن رحتُ يوماً نائياً عنها فلي *** قلبٌ هناك يقيم وليس يزولُ
لم تصيبني عنها الظباء سوانحاً *** كلاّ ولا رشأ أغنّ كحيلُ
أهواك يا أرض الغريّ ولست عن *** حبّي لمغناك الزكيّ أزولُ
لو أستطيع سقيت ربعك وابلا *** من مدمعي الجاري وذاك قليلُ
لو كنت أملك اختيار إرادتي *** ما كان لي عنكِ الغداة رحيلُ
توفّي (رحمه الله) في إصفهان في 21 شوّال سنة 1398 هـ ، ولا عقب له ، أسكنه الله فسيح جنانه[1].
[1] صوت الكاظمين ، العدد 58 لسنة 1418 ، تحت عنوان : خير سلف.
11«11»
1235 ـ
السيّد أبو الحسن الشريف الهادي بن السيّد محمّد علي بن السيّد صالح.
العلاّمة الفقيه الكامل والباحث النبيه الفاضل.
ولد في النجف الأشرف سنة 1235 هـ ، واُمّه من جلائل عقائل المؤمنين الصالحين من بيوتات بغداد ، وذهب أبوه به وباُمّه إلى اصفهان طفلا ، وسرعان ما اُصيب ثمّة بأبيه ، فضمّه عمّه السيّد صدر الدين إليه ، فكفله في إصفهان أحسن كفالة ، وأحسن عناية ، فنشأ في حجره ، وشبّ في وارف ظلاله ، كأعزّ أولاده ، فنسب هو وأعقابه إليه.
وكان منذ الطفولة نابهاً ذكي القلب متوقّد الذهن سريع الفطنة ، فعيّن له عمّه بعد حفظه القرآن الكريم أساتذة بررة مهرة في اللغة العربية وآدابها من النحو والصرف والمعاني والبيان ، ثمّ مبادئ المنطق والحكمة والكلام ، ثمّ سطوح الفقه والاُصول ، وعكف بعد هذا على دروس عمّه في الفقه والاُصول ، وهاجر على عهده إلى النجف الأشرف سنة 1252 هـ ، فحضر على الشيخ الأكبر كاشف الغطاء ، وعلى الشيخ الأعظم الشيخ مرتضى الأنصاري (قدس سرهما) ، حتّى بلغ الغاية ، وكان من أعلام الفقه والاُصول الذين يشار إليهم بالبنان في حوزة النجف الأشرف ، وقد تأثّر بطريقة السيّد ابن طاووس في الفتيا ، فكان كثير الاحتياط والورع ، وكان يعامل النوافل الراتبة معاملة الفرائض ، كثير البرّ والصدقة يحنو على اليتامى ، ويعطف على الأيامى ، ويرقّ للفقراء والمساكين ، واشتهر بعزّة النفس ، وعلوّ الهمّة ، والعزوف عن الدنيا ، والرضا بميسور العيش.
ومدينة الكاظمية المقدّسة في عهده كانت مزدانة بآية الله العظمى شيخ الطائفة الشيخ محمد حسن آل ياسين صاحب (أسرار الفقاهة) فارتفع شأنه فعنت له وجوه المؤمنين وطلاّب علوم الدين وأعلامهم فكان له منهم حوزة يكتظّ بها درسه حتّى لا يندوها نادية.
والسيّد المترجم له كان إذا أتى الكاظمية ينتهز فرصة الاجتماع بالشيخ وقت درسه ، وأوقات فراغه ، فينهل من نميره المبارك ، فاستوطن السيّد في الكاظمية بعد أن تأهّل فيها بالعقيلة كريمة الشيخ محمد بن الحاج حسين مراد الهمداني[1] ، له في البرّ والإحسان وصالحات الأعمال قدم صدق وذلك سنة 1264 هـ ، وما أن حطّ السيّد رحله بفناء أبي الحوائج إلى الله عزّ وجلّ ، مستجيراً بحرمهما ، لاجئاً إلى كرمهما ، حتّى استأنف نشاطه للبحث والتدريس ، فنزع طلاّب العلم إلى السيّد برجائهم ، متأهّبين لأخذ العلم عنه وانثال عليه المؤمنون يأخذون عنه معالم دينهم يتوسّلون به إلى الله عزّ وجلّ في قضاء حوائجهم وإصلاح شؤونهم وقد عقد الله توسّلهم له بالفوز وظهرت له كرامات ، ذكرها ولده الإمام السيّد حسن الصدر في رسالة أسماها (بهجة النادي في ترجمة السيّد الهادي) كما ذكرها خاتم المحدّثين الشيخ ميرزا النوري في كتابه دار السلام.
أعقب السيّد من ولديه الإمام أبي محمد الحسن ، والهمام أبي أحمد محمد حسين.
توفّي عصر يوم 22 من جمادى الاُولى سنة 1316 هـ في مشهد الكاظمين ، فكانت المصيبة عامة ، والرزيّة بفقده كاملة ، وكان يومه في الكاظمية مشهوداً ، وصلّى عليه خلفه البارّ السيّد حسن الصدر بعد تشييع ضخم ، ودفن في الحجرة الثانية عن يمين الداخل إلى الصحن الشريف من الباب الشرقي المعروف بباب المراد ، وكان قد ذكر له الدفن في النجف الأشرف فقال رحمه الله تعالى : كنت في الحياة الاُولى سعيداً بانضوائي إلى الوارف من ظلال الإمامين الكاظمين (عليهما السلام) وأرجو من الله السعادة في الحياة الاُخرى برمسي في تربتهما المقدّسة ، وحسبي ذلك وكفى . واُقيمت له المآتم والفواتح ، تبارى فيها العلماء والأعيان في العتبات المقدّسة في العراق وإيران وجبل عامل ، وقد أشاد الخطباء بتأبينه وأجاد الشعراء برثائه ، وأرّخ بعض الأعلام من أسباطه فقال :
مذ اطمأنّت نفسه راجعه *** ترجو لقاء ربّها تشوّقا
نادى الأمين في السماء مؤرّخاً *** انطمست والله أعلام التقى
[1] جاءت ترجمته بالتفصيل في بغية الراغبين 1 : 291 ، وفي أعيان الشيعة وتكملة أمل الآمل : 422.
![]() |
![]() |
![]() |