باب «آ»

«1»

السيّدة آمنة (بنت الهدى) الصدر

1356  ـ  1400

السيّدة آمنة بنت السيّد حيدر بن السيّد إسماعيل الصدر ، المعروفة بـ (بنت الهدى).

من النساء الفاضلات المجاهدات العابدات العالمات ، فهي آية من آيات الله في علمها ونبوغها ، وإنّها سيّدة من سيّدات نساء زمانها ، ودرّة يتيمة من دراري دهرها ، ذات نفس هاشمية علوية مجاهدة ، قلّ نظيرها في زمانها ، جمعت بين المحاسن من سيادة الشرف والنسب والعلم والجهاد ، وحازت السبق بين أقرانها جامعةً بين المعقول والمنقول.

ولدت في الكاظمية المقدّسة يوم التاسع من المحرّم سنة 1356 هـ واستشهدت مع أخيها الآية العظمى الشهيد السعيد السيّد محمّد باقر الصدر في بغداد 19 جمادى الاُولى سنة 1400 هـ.

أنبتها الله نباتاً حسناً حيث صاغها من ذلك المعدن الطيّب الطاهر ، وأنشأها على أحسن ما تكون عليه المرأة من صفات الكمال . فقدت والدها في أوائل عمرها وأخذت العلوم الإسلامية عن أخويها الآيتين السيّد إسماعيل وشريكها في النضال والجهاد السيّد محمّد باقر الصدر (قدس سرهم) ، حتّى حصلت على العلم الوافر والثقافة الإسلاميّة الواسعة ، ما جعلها من أندر وأعلم نساء عصرها . وقد اشتغلت في مدارس الزهراء الأهليّة للبنات فترة من الزمن ، وكانت تقود النساء المسلمات في العراق ، ولها نشاط إسلامي وعلمي رائع وعظيم ، وظهرت عبقريّتها العلميّة والفكريّة والجهاديّة ، وبرزت كاتبة إسلاميّة ، كتبت ونشرت في الصحف العراقيّة مقالات بتوقيع ـ بنت الهدى ـ .

فهي فقيهة عالمة وعاملة في حقل الوعي الديني ، وقائدة مصلحة في ميدان الوعي الإجتماعي . فأمست شمعة وهّاجة في درب الجهاد الإسلامي بالعلم والعمل والتضحية والشهادة ...

مؤلفاتها :

لها مؤلفات عديدة قيّمة ومفيدة مخطوطة ومطبوعة . فمن المخطوطات :

1 ـ اُمنية ودعوة للمرأة المسلمة.

2 ـ بطولة المرأة المسلمة.

3 ـ الفضيلة تنتصر.

4 ـ كلمة دعوة.

5 ـ المرأة مع النبيّ.

6 ـ المرأة وحديث المفاهيم الإسلاميّة.

7 ـ صراع ، وهو مجموعة قصصيّة نشرتها في النجف الأشرف سنة 1970.

8 ـ الباحثة عن الحقيقة.

9 ـ لقاء في المستشفى.

10 ـ امرأتان ورجل.

11 ـ الخالة الضائعة.

12 ـ ذكريات على تلال مكّة.

13 ـ ليتني كنت أعلم.

جهادها :

لقد جاهدت حقّ الجهاد ، وأبلت في الله بلاءً حسناً ، في يوم الثلاثاء 17 رجب سنة 1399 هـ دخل ما يقارب المائتي مسلّح من جماعة النظام بيت أخيها في النجف ، وألقوا القبض عليهما ثمّ اُطلق سراحهما بعد مدّة من الزمن ، وفي جمادى الاُولى سنة 1400 هـ اُلقي القبض عليهما مرّة اُخرى ، واستشهدت بصورة فجيعة على يد الطاغية صدّام اللعين مع أخيها الخالد بخلود الفضائل والمكارم ، فكانت كاُمّها الزهراء وعمّتها زينب الكبرى (عليهما السلام) صور متشابهة وحوادث متقاربة ، وذريّة بعضها من بعض ، من أجل المبدأ والعقيدة ، بشعور توحيديّ وشعار ولائي ، ومن أجل الرسالة الإسلاميّة.

« بنت الهدى حجاب يقنّع وجهاً ، بمثله شرفت الخدور وارتفعت حتّى انخفضت دونها الشموس والبدور ، ثمّ لا تدري هل تواري خلفه لتكتم اسمها الميمون رعاية لبيئتها المحافظة ، أم ضمنته معنى تواضع المجيد الخجول بجودته ، أم أرادته امتحاناً لقارئ تعوّد أن ينظر إلى من قال لا إلى ما قيل.

ومهما يكن من أمر ، فالرمز يتضمّن ـ قصدت أم لم تقصد ـ أصدق التعابير عن ميراث اتّصل من أبيها إلى الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) دون انقطاع من نسب شرّفه حمل الرسالة منفعلا وفاعلا باستمرار.

وإذا كان للبيئة في تحجيب اسمها بالرمز ، فإنّه لممّـا يشرّف (النهج) أن تحطّم هذا التقليد غير الإسلامي ، وتشقّ الصدف عن مكنون هذه الدرّة الغالية ، لو كان للدرّ هذا الشرف ، ومن أولى بآمنة ابنة المغفور له الإمام السيّد حيدر الصدر بأن تكون طليعة الكتيبة القائدة في نهضة النجف الأشرف النسوية »[1].

وكانت الشهيدة تمتلك قريحة النظم ومن شعرها[2] :

قسماً وإن ملئ الطريق *** بما يعيق السير قدما

قسماً وإن جهد الزمان *** لكي يثبّط فيَّ عزما

أو حاول الدهر الخؤون *** بأن يريش إليَّ سهما

وتفاعلت شتّى الظروف *** تكيل آلاماً وهمّا

فتراكمت سحب الهموم *** باُفق فكري فادلهمّا

لن أنثني عمّـا أروم *** وإن غدت قدماي تدمى

كلاّ ولن أدع الجهاد *** فغايتي أعلى وأسمى

*     *     *

أنا كنت أعلم أنّ در *** ب الحقّ بالأشواك حافل

خال من الريحان ينشـ *** ـر عطره بين الجداول

لكنّني أقدمت أقفو *** السير في خطو الأوائل

فلطالما كان المجا *** هد مفرداً بين الجحافل

ولطالما نصر الإله *** جنوده وهم القلائل

فالحقّ يخلد في الوجود *** وكلّ ما يعدوه زائل

سأظلّ أشدو باسم إسلا *** مي واُنكر كلّ باطل

*     *     *

إسلامنا أنت الحبيب *** وكلّ صعب فيك سهلُ

ولأجل دعوتك العزيز *** ة علقم الأيام يحلو

لم يعلُ شيء فوق اسمـ *** ـك في الدنا فالحقّ يعلو

وتطبق الدنيا مبادئك *** العزيزة وهي عدلُ

وسينصر الرحمن جنـ *** ـد الحقّ ما ساروا وحلّوا

وسيخلدون دين الله *** وكلّ ما يعدوه يبلو

وأظلّ باسمك دائماً *** أشدو فلا ألهو وأسلو[3]


[1]بغية الراغبين 2 : 778.

[2]المصدر : 789.

[3] أعيان الشيعة 2 : 137 ، الذريعة 25 : 194 ، معجم المؤلفين 1 : 23 ، نقباء البشر 1 : 14 ، أعلام العراق الحديث 1 : 24.

باب « أ »