السيّد محمود الحسيني الكاظمي

             ـ  1079

السيّد محمود بن فتح الله الحسني الكاظمي مولداً النجفي مسكناً.

فقيه فاضل ، مجتهد جليل ، مؤلف متتبّع ، ولد في مدينة الكاظميّة وأكمل فيها مقدّمات العلوم ، ثمّ هاجر إلى النجف الأشرف ، واستوطنها وتتلمذ على الشيخ جواد بن سعد الكاظمي والشيخ حسام الدين الحلّي ثمّ تصدّى للتدريس والتأليف.

مؤلفاته :

1 ـ له كتاب تفريج الكربة ، أ لّفه في النجف باسم اعتماد الدولة الشيخ علي خان في دولة الشاه سليمان الصفوي الذي تولّى الملك سنة 1078 هـ.

2 ـ ومعه رسالة اُخرى له أ لّفها سنة 1079 هـ.

3 ـ ورسالة في تقسيم الخمس ذكر آخرها مشايخه الثلاثة الشيخ جواد بن سعد الكاظمي المعروف بالفاضل الجواد والشيخ حسام الدين الحلّي كلاهما عن الشيخ البهائي والثالث الشيخ فخر الدين الطريحي.

توفّي في النجف الأشرف بعد سنة 1079 ، وقيل : 1085 هـ[1].


[1] أعيان الشيعة 10 : 109، وتعليقة أمل الآمل للأفندي : 313 ، ومعجم رجال الفكر والأدب في النجف 3 : 1056، والذريعة 2 : 193 ، والفوائد الرضويّة : 662 ، والكنى والألقاب 3 : 10.

219

«219»

السيّد مرتضى الحيدري

1260  ـ  1313

السيّد مرتضى بن السيّد أحمد الحيدري الكاظمي.

ولد في حدود سنة 1260 هـ وترعرع في أحضان الفضائل والمكارم حتّى صارت له مكانة سامية في صدور أهل العلم ، بعد أن أكمل المقدّمات في بلدته هاجر إلى النجف الأشرف لإكمال دراسته وحضر على أكابر علماء عصره.

تتلمذ على العلمين الإمامين الشيخ محمّد حسن آل ياسين والميرزا محمّد حسن الشيرازي . وقرأ عليه جماعة من الأعلام كالشيخ مهدي الخالصي ، والميرزا إبراهيم السلماسي وغيرهما . له بعض المؤلفات العلمية ، منها : حاشية على كتاب (نجاة العباد) للفقيه الأعظم الشيخ محمّد حسن صاحب الجواهر.

لم يخلف من الأولاد الذكور سوى ولد واحد وهو المغفور له العلاّمة الجليل السيّد عبد الرزّاق (رحمه الله)، توفّي سنة 1384 ودفن في الوادي المقدّس بالنجف الأشرف.

توفّي في 8 رجب المرجّب سنة 1313 هـ ، وحمل جثمانه بتشييع ضخم ودفن في مقبرة آل حيدر في حسينيّتهم ، وهو أوّل من دفن في المقبرة ، ورثاه الشعراء والخطباء بقصائدهم العصماء[1].


[1] أعيان الشيعة 10 : 116 ، والإمام الثائر : 111 ـ 113 ، ومعارف الرجال 1 : 40 ، وهدية الرازي :157 ، ومعجم رجال الفكر 3 : 1057.

220

«220»

السيّد مصطفى الحيدري

1286  ـ  1339

السيّد مصطفى بن السيّد إبراهيم الحيدري.

ولد في الكاظمية سنة 1286 هـ ونشأ فيها ، وحضر بحث الإمام الثائر السيّد مهدي الحيدري.

وهاجر إلى النجف الأشرف ودرس على علمائها الأعلام.

وعاد إلى وطنه مشتغلا بالبحث والتصنيف.

من العلماء الأجلاّء والفقهاء الأتقياء ، ذو الفضل الجزيل والأدب الجميل ، كاتب مؤلف مؤرّخ منقّب ثقة عدل أمين.

مؤلفاته :

1 ـ بشارة الإسلام في علائم ظهور الإمام الثاني عشر الحجّة بن الحسن (عليهما السلام) ، وهو مطبوع عدّة مرّات.

وقد قرضه جمع من الأعلام من العلماء والشعراء منهم السيّد مهدي الحيدري والميرزا محمّد تقي الشيرازي والسيّد رضا الهندي والشيخ محمّد السماوي أرّخه بقوله :

قد تمّ طبعاً فاشرأبّ له العلا *** طلباً وطرف المكرمات استشرفا

المصطفى قد جاء فيه فأرّخوا *** ببشارة الإسلام جاء المصطفى

2 ـ الباقيات الصالحات في تعقيب الصلوات.

3 ـ الأسرار المودعة في أعمال يوم الجمعة.

وغيرها.

توفّي في الكاظمية 11 شهر رمضان سنة 1339 هـ ، ودفن في صحن الإمامين الكاظمين (عليهما السلام) في مقبرتهم[1].


[1] معارف الرجال 3 : 18.

221

«221»

السيّد مصطفى الكاشاني

1260  ـ  1336

السيّد مصطفى بن الحاج السيّد حسين الكاشاني والد آية الله المجاهد السيّد أبي القاسم الكاشاني.

ولد سنة 1260 هـ في كاشان ، وقيل : حدود سنة 1266 هـ.

يقول صاحب أحسن الوديعة : كان من علماء الكاظمية وفقهائها وزبدة المحقّقين واُسوة الاُدباء الماهرين من تلامذة الميرزا الشيرازي وقد شارك في حرب الانگليز[1].

لقد ترعرع في بيت العلم والسيادة وقرأ على والده العالم الجليل بعض المقدّمات.

ثمّ أرسله والده إلى إصفهان مهاجراً لطلب العلم وقرأ المقدّمات فيها وأكملها وتناول بعض الدروس العالية على علمائها.

ولمّـا انتقل والده إلى طهران انتقل مع المترجم له وبقي معه سنين حتّى توفّي والده سنة 1296 هـ فحلّ محلّ الوالد والتفّ حوله الوجوه والأعيان لما عنده من العلم والفضل وحسن البيان وطيب المعاشرة والأخلاق الحسنة.

حجّ بيت الله الحرام وجعل طريق عودته على العراق قاصداً النجف الأشرف لإكمال دراسته ففاق أقرانه واستقلّ بالتدريس في النجف واشتغل بالتحقيق.

وكان شاعراً باللغتين الفارسي والعربي ، ومن شعره العربي قصيدة في مدح أمير المؤمنين (عليه السلام) ، منها :

حارت الشمس في ضياء المحيّا *** منك كالناظرين فيها حيارى

كم قلوب بليل جعدك ضلّت *** وهي فيه مكبّلات اُسارى

خلّ عنك النسيب يا صاح كم ذا *** تذكر الحيّ والحمى والديارا

وحز الفخر والعلى بعليّ *** واقضين في مدحه الأوطارا

هو صهر الرسول بل نفسه من *** طاب نفساً ومحتداً وفخارا

ومنها :

أنت مولى الورى بما نصّ خير الر *** سل يوم (الغدير) فيك جهارا

ملأ الخافقين فضلك حتّى *** لم نجد منكراً له إنكارا

كان سخيّاً على عظيم من المروءة والذوق السليم والطبع الكريم.

مؤلفاته :

1 ـ رسالة في التجرّي.

2 ـ رسالة في الإجزاء.

3 ـ رسالة في حجّيّة الظنّ.

4 ـ رسالة في منجّزات المريض.

5 ـ كتاب في الاستصحاب.

6 ـ حاشية كبيرة على رياض المسائل.

7 ـ مختصر في تفسير القرآن.

8 ـ قاعدة لا ضرر.

9 ـ حاشية على الإرشاد.

10 ـ حاشية على الشرائع.

وكراريس اُخرى تلف بعضها

والمترجم له هو أصغر إخوته الثلاثة ، وأكبرهم العالم الفاضل الوجيه الروحي السيّد محمّد المتوفّى في كاشان سنة 1308 هـ ، والثاني الفاضل المقدّس السيّد حسن نزيل طهران.

جهاده :

في سنة 1333 هـ خرج مجاهداً مع العلماء المجاهدين في العراق بأمر مراجع الفتيا الأعلام في النجف والكاظمية المقدسة لحرب الإنگليز.

والمشهور عن المترجم له أ نّه أبلى بلاءً حسناً في جبهة القتال التي كان فيها كـ (القرنة والعمارة) مع زملائه العلماء مثل السيّد علي الداماد وشيخ الشريعة والسيّد مهدي الحيدري ونظرائهم.

وبعد الجهاد المرير رجع السيّد مصطفى إلى بلد الكاظمية واستوطنها وأصبح عالمها المطاع وصار إمام جماعة في الصلوات تأتمّ به أهالي الكاظمية بعقيدة وانصياع له.

توفّي في الكاظمية ليلة الثلاثاء 19 من شهر رمضان سنة 1336 هـ بمرض أصابه فيها وشيّع جثمانه بأحسن تشييع ودفن في إحدى حُجَر حرم الكاظمين (عليهما السلام)جنب الكيشوانية الغربية المتّصلة بصحن قريش.

وأعقب ولده الثائر العلاّمة المجاهد والفقيه المصلح السيّد أبو القاسم الكاشاني وهو معروف في نضاله وحربه مع الاستعمار البريطاني في إيران.


[1] أحسن الوديعة 1 : 305 ، ومعارف الرجال 3 : 13.

222

«222»

الشيخ معتوق الكاظمي

الشيخ معتوق بن حمزة بن مير علي الكاظمي.

قال صاحب أعيان الشيعة : وجدنا بخطّه شرح قواعد الإعراب لابن هشام الأنصاري المسمّى بأقرب المقاصد شرح القواعد مجهول المؤلف ، إلاّ أ نّه ذكر في أوّله : قال سيّدنا وشيخنا الإمام العلاّمة ـ إلى آخره ـ . وفي آخره : كتبه الفقير الحقير تراب أقدام المؤمنين معتوق بن حمزة بن مير علي الكاظمي تذكرة للأخ الصالح الناصح الشيخ محمد بن المرحوم الشيخ يوسف الحصري وذلك في مدّة اجتماعه معنا في الكاظمية على مشرّفها أفضل الصلاة والسلام ، وفرغ كتابه يوم الاثنين 17 جمادى الاُولى سنة 1091 هـ ، والحمد لله ربّ العالمين[1].


[1] أعيان الشيعة 10 : 130.

223

«223»

السيّد مهدي الحيدري

1250  ـ  1336

المجتهد الأكبر والمجاهد العظيم والإمام الثائر والبطل الفذّ آية الله الكبرى السيّد مهدي الحيدري طيّب الله ثراه وعطّر مثواه ورث العلم والشرف والسؤدد كابراً عن كابر فآباؤه الأطهار وأهل بيته الأبرار جلّهم من العلماء الأخيار ، وينتهي نسبه الشريف إلى مولانا وإمامنا الحسن المجتبى بن أمير المؤمنين أسد الله الغالب عليّ ابن أبي طالب (عليهم السلام) ، فهو السيّد مهدي بن السيّد أحمد بن حيدر بن إبراهيم بن محمّد الشهير بالعطّار بن علي بن سيف الدين بن رضاء الدين بن سيف الدين بن رميثة بن رضاء الدين بن محمد علي بن عطيفة بن رضاء الدين بن علاء الدين بن مرتضى بن محمد بن الأمير حميضة شريف مكّة بن الشريف أبي نمى بن الشريف الحسن بن علي ابن قتادة بن إدريس بن مطاعن بن عبد الكريم بن عيسى بن الحسن السديد بن سليمان بن علي بن عبد الله بن محمّد بن عبد الله الأكبر بن محمّد الأكبر بن موسى الثاني بن عبد الله الرضا بن موسى الجون بن عبد الله المحض بن الحسن المثنّى بن الإمام الحسن السبط بن الأمير (عليهم السلام).

فانحدر سيّدنا المترجم له من الأصلاب الطاهرة والأرحام المطهّرة وترعرع في بيت العلم والفضيلة والأدب والجهاد ، فبيته من اُسر العراق العريقة بالمجد والسؤدد ، ورث الحيدريّون العلم والشرف خلفاً عن سلف ، وينتهي نسبهم من طرف الاُمّ إلى الإمام الحسين الشهيد (عليه السلام).

يقول الشاعر الكبير الشيخ جابر الكاظمي في مدحهم :

زكت في الورى أعرافهم فزكت لهم *** عناصر قدمت بأكرم مولدِ

فما بعد هذا المجد محدٌ لماجد *** وما بعد هذا الفضل فضل لأحيدِ

لذا قد غدا أزكى الورى (آل حيدر) *** وأكرم أبناء العلى (آل أحمدِ)

هم ورثوا العلياء من كلّ أمجد *** توارثها عن سيّد بعد سيّدِ

ومدحهم العلاّمة الكبير السيّد صادق الهندي بقوله :

يا آل حيدر بيت المجد بيتكمُ *** أنتم كرامٌ وأنتم سادةٌ نجبا

بيت علا في ذرى العليا فتوجّها المجد *** المؤثّل والأفضال لا الذهبا

ما كان قصدي بنظمي حصر فضلكمُ *** لكن لأبلغ من أوصافكم أربا

وفي مثل هذا البيت درج سيّدنا العظيم عليه الرحمة يقتبس خصاله وينهل من معينه الثرّ ويرتشف من منهله العذب حتّى أصبح قائداً ورائداً في عصره يستضاء بنوره.

ولد في مدينة الكاظمية المقدسة في حدود سنة 1250 هـ وترعرع في ظلّ أبيه يقتبس من نوره فتولاّه بالرعاية والتربية العالية وصار يغذّيه بعلمه وفضله وأخلاقه فظهر نبوغه في جميع المجالات ، ولمّـا فرغ من دروس السطوح هاجر إلى عاصمة العلم والدين النجف الأشرف وانقطع إلى الاشتغال والتحصيل وقرأ على
فطاحلة العلم والأدب كالمحقّق الشيخ الأنصاري والشيخ محمّد حسين الكاظمي والميرزا حبيب الله الرشتي وكان جلّ دراسته على اُستاذه الأكبر الإمام المجدّد الميرزا حسن الشيرازي ، وبقي في النجف الأشرف يدرس ويدرّس ويحاضر ويناظر وقد تخرّج على يده عدد كبير من العلماء والفضلاء ، وهاجر مع اُستاذه إلى سامراء ولم يزل مكبّاً على الدرس والتحقيق حتّى بلغ مرتبة كبرى في الاجتهاد فعاد إلى عرينه في الكاظمية وتقلّد فيها مقاليد الإمامة العامّة ورجع كثير من الناس إليه في التقليد بعد وفاة اُستاذه.

أثنى عليه كثير من أرباب السير والتراجم وأشادوا بعلمه ومقامه كما في (أعيان الشيعة) و (معارف الرجال) و (الكرام البررة) و (نقباء البشر) و (أحسن الوديعة في تراجم أشهر مشاهير مجتهدي الشيعة) و (معجم رجال الفكر والأدب) و (الثورة العراقية الكبرى) و (شرح ديوان أبي المحاسن) وغيرها ، وخير من ترجمه العلاّمة المعاصر السيّد أحمد الحسيني في كتابه (الإمام الثائر).

آثاره العلمية :

خلّف سيّدنا رغم مشاغله ومسؤولياته عدداً من الكتب العلمية في مختلف الفنون الإسلامية ، منها :

1 ـ كتاب الطهارة في ستّة مجلدات.

2 ـ كتاب الصلاة في ستّة مجلدات أيضاً (وهذه المجلّدات كلّها الآن من مخطوطات مكتبة الإمام الصادق العامّة في الكاظميّة)[1].

3 ـ كتاب الصوم في مجلد واحد.

4 ـ تقريرات في الاُصول.

5 ـ كتابه في الرجال.

6 ـ تعليق في فرائد الاُصول.

7 ـ تعليق على رسالة الاستصحاب.

8 ـ حاشية على القوانين.

9 ـ حاشية على التبصرة.

10 ـ حاشية على نجاة العباد.

11 ـ حاشية على الوجيزة.

12 ـ رسالة عملية باللغة العربية اسمها (زاد العباد ليوم المعاد) ، مطبوعة في بغداد سنة 1327 هـ.

13 ـ رسالة عملية اُخرى.

14 ـ رسالة عملية ثالثة باللغة الفارسية.

15 ـ كتاب في الهيئة.

وأكثر هذه الكتب موجودة عند ذرّيته وأحفاده ، نسأل الله توفيقهم في طبعها ونشرها.

خلقه وصفاته :

كان مثالا فريداً في حياته الخاصّة والعامّة من الورع والتقوى وشدّه الزهد ولزوم العبادة وطهارة القلب وكرم الأخلاق وسعة الفكر والخشونة في ذات الله والصلابة في الحقّ ، ومن صفاته المعروفة أ نّه إذا وردته الحقوق الشرعيّة كان يقسّمها على مستحقّيها من الطلاب ولا يترك له ولأولاده إلاّ بمقدار ما يعطي لغيره ، كان عازفاً عن لذائذ الدنيا وطيّباتها ، وكثيراً ما كان يأكل الأدنى من الطعام وإن تهيّأ له الأعلى ، كان يحنو على الفقراء والمساكين ويهتمّ باُمور المسلمين حتّى صاروا يفزعون إليه في المهمّات والملمّات وكان مؤيّداً بالعناية الإلهية والشواهد على ذلك كثيرة ، ومنها أ نّه في أثناء المعركة التي خاضها ضدّ الإنكليز جاءه أحد شيوخ القبائل فقدّم له مبلغاً خطيراً من المال وقال له : إنّ هذا المال هو ثلث المرحومة والدتي ، وإنّي أحببت أن تضعه تحت تصرّفكم لتقوموا بصرفه على الوجه الشرعي المطلوب ، فأبى السيّد أن يقبض من المال شيئاً قليلا أو كثيراً ، وكلّما ازداد الشيخ إلحاحاً عليه ازداد هو رفضاً وامتناعاً من قبضه ، وأخيراً رجع الشيخ خائباً دون أن يحصل على ما يريد ، ثمّ ما أسرع ما انكشفت الحقيقة ، وظهر للناس أنّ هذا المال مرسل من الإنكليز على يد هذا الرجل لأغراضهم السياسية . فتعجّب الناس من موقف السيّد وإصراره على رفض هذا المال الكثير في ذلك الوقت العسير وهم بأمسّ الحاجة إلى أمثاله ، وعلموا أنّ السيّد مؤيّد بعناية ربانية خاصة وأ نّه ينظر بنور الله ، وقد ملك القلوب الخاصّة والعامّة بحسن سيرته وطيب سريرته وكرم أخلاقه ، وكانت له الهمّة العالية في الاُمور الخيريّة والمشاريع الدينيّة.

حياته السياسية :

برزت معالم حياته السياسية وجهاده المقدّس في حرب الانكليز سنة 1332 هـ حينما داهمت الجيوش الانكليزية العراق من جهة البصرة تقصد احتلال هذه البلاد الاسلامية والسيطرة على جميع ثرواتها وخيراتها ، فأحسّ المسلمون بخطر وبما سيحيق بهم من الكوارث إذا تمكّن العدوّ الكافر من السيطرة والاستيلاء وبما يجري عليهم من التحلّل في العقيدة والتفسّخ في الأخلاق ، فاستغاثوا بزعيمهم الديني وقائدهم الروحي سيّدنا المهدي من آل حيدر كما استغاثوا بغيره من العلماء والأعلام وأبرقوا لهم يطلبون النجدة ، ومن البرقيات التي أرسلها رؤساء البصرة إلى الكاظمية جاء فيها (ثغر البصرة) الكفّار محيطون به ، الجميع تحت السلاح ، نخشى على باقي بلاد الإسلام ، ساعدونا بأمر العشائر بالدفاع) ، فقرئت هذه البرقية علناً فهاج الناس واجتمعوا في الصحن الكاظمي وأصدر العلماء أمراً بوجوب الدفاع على كلّ مسلم ، فخرجت الجماهير الثائرة وفي طليعتهم السيّد مهدي الحيدري وأعلنها صرخة مدوّية في البلاد (الجهاد الجهاد) ، وتوجّه إلى ساحة الحرب في عصر يوم الثلاثاء الثاني عشر من محرّم الحرام سنة 1333 هـ ومعه ثلّة صالحة من العلماء الأبرار ومن المجاهدين الأبطال وأخذت الجماهير المؤمنة تودّعهم بهتافات شعبيّة صارخة كقولهم : (سيّد مهدي ركن الدين ... نمشي للجهاد وياه وندوس العده بحذاه) ، (حجة الإسلام طالع للجهاد ... محصّن بموسى بن جعفر والجواد).

وبهذا الشكل من التكريم والحماس وصل موكب الجهاد (العمارة) ورقي المنبر سيّدنا المهدي في مسجد الجامع الكبير يحرّض الناس على القتال والجهاد والشهادة فضجّ الناس بالبكاء والتحق به خلق كثير ثمّ سار إلى منطقة (العزير) وكانت الحرب في ذلك الوقت قائمة في (القرنة) قلب المعركة فقصد السيّد بمن معه ساحة الحرب إلاّ أنّ القرنة سقطت بيد العدوّ فرجع إلى العمارة مركز القوّة وموطن العشائر ، واُبلغ أنّ القائد العسكري يريد إخلاءها فقال كلمته الخالدة التي تعبّر عن إيمانه الراسخ وشجاعته الخارقة : « أمّا أنا فلا أتحرّك من هذا المكان واُحاربهم هنا حتّى اُقتل أو أنتصر » ، فصمّم المجاهدون على الثبات مهما كلّف الأمر ، واقترب من ساحة القتال ورابط السيّد المجاهد ومعه أولاده الأعلام السيّد أسد الله والسيّد أحمد والسيّد راضي وبعض ذوي قرباه كالعلاّمة السيّد عبد الكريم والبطل الشهيد السيّد عبد الحسين وحجج الإسلام شيخ الشريعة الإصفهاني والسيّد مصطفى الكاشاني والسيّد علي الداماد والسيّد عبد الرزّاق الحلو وغيرهم ومعهم جموع غفيرة من المجاهدين ، وقد قدّر البعض عددهم بأربعين ألفاً وكان لهم من البطولات ما سجّلها لهم التأريخ بأحرف من نور ، وفي (الشعيبة) الجناح الأيمن للمعركة فقد رابط فيه حجج الإسلام السيّد محمّد سعيد الحبوبي والشيخ باقر حيدر والسيّد محسن الحكيم وغيرهم ومعهم خلق كثير من المجاهدين المرابطين ، وأمّا الجناح الأيسر (الحويزة) فقد رابط فيه الحجج الأعلام الشيخ مهدي الخالصي والشيخ جعفر الشيخ راضي والسيّد نجل الإمام اليزدي وغيرهم ومعهم عدد غفير من المجاهدين والعشائر الثائرة ، واشتدّ القتال بين المعسكرين ، معسكر الكفر ومعسكر الإسلام . وعزم سيّدنا المهدي أن يتقدّم هو بنفسه إلى ساحة الحرب ورجّح له العلماء البقاء بالقرب منها باعتباره القائد الروحي العام ، فقال لهم : « إنّ هذه الجموع الغفيرة إنّما جاءت للحرب والدفاع ولا تتقدّم بنفسها إلى القتال ما لم نتقدّم بأنفسنا أمامهم ونكون معهم في السرّاء والضرّاء » . ولمّـا رأى إصرار البعض عليه بعدم التقدّم أحال الأمر إلى الاستخارة بالقرآن الكريم فخرجت الآية الشريفة : ( وَمَنْ جاهَدَ فَإنَّما يُجاهِدُ لِنَفْسِهِ إنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ عَنِ العالَمينَ ) ، فكبّر الحاضرون واعتبروا هذه الاستخارة كأ نّها الوحي المنزل فسلّم الجميع لرأيه وقرّروا الزحف معه إلى الميدان ، فاشتبك الجيشان وتلاقى الجمعان وقام السيّد بنفسه كأ نّه الليث وهو شيخ كبير قد تجاوز عمره الثمانين وتقلّد سيفه وحمل قرآنه وندب أصحابه وحثّهم على الثبات وحرّضهم على القتال ودعا لهم بالنصر وقال : « لا تخافوا ولا تحزنوا ، فالله معكم وهو ينصركم على القوم الكافرين ، فذودوا عن حرمات الدين وذبّوا عن مقدّسات الإسلام ، فإنّي أرجو أن تكون هذه القذائف والنيران التي يوجّهها العدوّ إليكم برداً وسلاماً عليكم إن شاء الله » ، فكان الأمر كما بشّر به (رحمه الله).

ولم تمضِ على القتال إلاّ ساعات حتّى اندحر الكافرون اندحاراً فظيعاً بعد أن تكبّدوا خسائر جسيمة في الأرواح والمعدّات وقتل من جنودهم ما يناهز الألف او الألفين على اختلاف الروايتين وجرح منهم أكثر من ذلك ، وأمّا من قتل من جيش المسلمين فلم يتجاوز عددهم الأربعة عشر شهيداً ، وأمّا الجرحى فلم يبلغوا الخمسين.

والعجب في هذه المعركة أنّ الله سبحانه سلّم السيّد وأصحابه جميعاً ولم يخرق لهم خباء واحد رغم أ نّهم في قلب المعركة ، وعرفت الواقعة بواقعة يوم الأربعاء ، فإنّها وقعت يوم الأربعاء (5 ربيع الأوّل 1333 هـ) وتعرف أيضاً بمحاربة الروطة لوقوعها قرب نهر يسمّى (الروطة).

ثمّ بقي السيّد وباقي العلماء وجموع المجاهدين مرابطين في تلك الجبهات بعد اندحار العدوّ الانكليزي مدّة أشهر ودامت رحلته العظيمة ونهضته الجبّارة سنة كاملة إلاّ أياماً قليلة كان فيها المثل الأعلى للزعيم الروحي والقائد والبطل الإسلامي الذي لا تأخذه في الله لومة لائم . وكان يقول : « إنّي لا اُفارق المجاهدين بل أكون معهم حيثما كانوا ».

وأخيراً أجاب داعي الله وفاضت روحه القدسية والتحق بالرفيق الأعلى عند صلاة المغرب والعشاء من ليلة الحادي عشر من محرّم سنة 1336 هـ ، فارتجّ البلد بالبكاء والنحيب يندبون قائدهم الكبير ، ودفن في مقبرة آل حيدر الخاصّة في الحسينية الحيدرية واُقيمت له محافل التأبين ومجالس العزاء والفاتحة في أنحاء البلاد ورثاه الشعراء والاُدباء بقصائدهم الغرّاء واستقبله الهتاف الإلهي الكريم : ( يا أ يَّتُها النَّفْسُ المُطْمَئِنَةُ ارْجِعي إلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلي في عِبادي وَادْخُلي جَنَّتي ).

فسلام عليه يوم ولد ، ويوم ارتحل ، ويوم يُبعث حيّاً ، وإنّا على دربه سائرون[2].


[1]الإمام الثائر : 23.

[2] أعيان الشيعة 10 : 143 ، ومعارف الرجال 3 : 143 ، ومستدركات أعيان الشيعة 2 : 333 ، والإمام الثائر بقلم السيّدأحمد الحسيني ، وصحيفة (صوت الكاظمين) العدد 11 لسنة 1414 تحت عنوان : قدوة الثائرين.

224

«224»

الشيخ مهدي الخالصي

1277  ـ  1343 / 1924 م

الشيخ مهدي بن الشيخ حسين الخالصي.

ولد في الكاظمية في التاسع من ذي الحجّة سنة 1276 هـ.

والده وجدّه من العلماء وأنجبت اُسرة (الخالصيّة) عدداً من العلماء . تلقّى علومه في الكاظمية المقدسة والنجف الأشرف وسامراء على علماء عصره المشهورين ومنهم الشيخ عباس الجصاني ووالده الشيخ محمد حسين الكاظمي والميرزا حبيب الله الرشتي والميرزا المجدّد محمّد حسن الشيرازي وغيرهم من الأعلام.

مؤلفاته :

1 ـ له منظومات في العلوم العربية المختلفة تبلغ ألف بيت.

2 ـ وله ما يقرب من العشر الرسائل المختصرة.

3 ـ وله كتاب تلخيص الرسائل لشيخنا الأعظم الأنصاري ، وقد لخّصها في أربع كراسات.

4 ـ وله حاشية على كتاب الكفاية للمحقّق الخراساني ، وهو أوّل من كتب التعليقة والحاشية على الكفاية.

5 ـ وله تعليقة على كتاب الطهارة.

6 ـ وكتاب المنحة الإلهية في ردّ مختصر ترجمة التحفة الاثنى عشرية في ثماني أجزاء.

7 ـ وكتاب العناوين في الاُصول.

8 ـ وكتاب الشريعة السمحاء.

9 ـ ومختصر الرسائل (فارسية).

10 ـ وكتاب القواعد الفقهيّة.

حياته السياسية :

لقد حارب الانكليز برفقة الإمام الثائر السيّد مهدي الحيدري ، فكان يعتقد بوجوب الجهاد فأفتى بذلك وسار مع جماعة من العلماء إلى ميدان الحرب سنة 1332 هـ لتثبيت أقدام الجيش الإسلامي وحثّهم على المقاومة أمام المتجاوزين وأعداء الإسلام ، ثمّ رافق الجيش بنفسه في جبهة الحويزة.

وقد شارك بعد الاحتلال في الثورة العراقية المجيدة ضدّ الانكليز وبعد خمود
الثورة وإعلان الملكية بتخطيط من الاستعمار والدعوة إلى انتخاب المجلس التأسيسي فأحسّ الشيخ المجاهد باللعبة السياسية فكان من رأيه مقاطعة الانتخابات فدعا إلى ذلك علناً فقرّرت الحكومة ـ آنذاك ـ نفيه إلى خارج العراق . ولمّـا وصل إلى عدن في اليمن كانت جهات كثيرة وجماهير متحمّسة تدخّلت لإطلاق سراحه ، فاُطلق سراحه في عدن غير أ نّه قصد مكّة المكرّمة حاجّاً وبعد أداء الفريضة رجع إلى إيران واختار المشهد الرضوي سكناً له حتّى وافاه الأجل في الثاني عشر من شهر رمضان سنة 1346 هـ ، ودفن في دار السيادة في غرفة قريبة من مرقد الإمام الرضا (عليه السلام) واُقيمت له المآتم الحافلة في إيران والعراق وغيرهما.

وقد نعاه ورثاه جمع من الشعراء المعروفين كجميل الزهاوي والحاجّ عبد الحسين الاُزري ومعروف الرصافي وغيرهم[1].


[1]أعيان الشيعة 10 : 157 ، ومعارف الرجال 3 : 147 ، وريحانة الأدب 1 : 117 ، والذريعة 4 : 17 و 2 : 122 ، وگنجينه دانشمندان 1 : 229 ، وصحيفة (صوت الكاظمين) العدد 19 لسنة 1414 تحت عنوان : الفقيه الثائر.

225

«225»

الشيخ مهدي الخراساني

1279  ـ  1339

الشيخ مهدي بن الحاجّ إبراهيم الخراساني الكاظمي.

ولد سنة 1279 هـ.

فقيه جامع وعالم عامل وفاضل كامل.

مؤلفاته :

منها :

1 ـ شرح كفاية الاُصول.

2 ـ رسالة المتنجّس لا ينجّس أو لا ينجس.

3 ـ ديوان شعر.

توفّي يوم الأربعاء 12 ذي الحجّة 1339 هـ ودفن في وادي السلام.

226

«226»

الشيخ مهدي المراياتي

1287  ـ  1342

الشيخ مهدي بن صالح المراياتي.

ولد في الكاظمية حدود سنة 1287 هـ ، ونشأ بها بين أعلام عصره واُدباء مصره ، كما قرأ العلوم فيها على علمائها الأعلام وفقهائها الكرام حتّى أصبح يعدّ من العلماء الأفاضل والشعراء الأماثل ، وكان دمث الأخلاق أديباً مستحضراً للنكات الأدبيّة والمسائل الفقهيّة.

حضر عليه جماعة من أهل الكاظمية في الفقه والاُصول منهم السيّد محمّد جواد بن السيّد إسماعيل الصدر العاملي الكاظمي ، وكان له مجلس أدبي وعلمي يحضره ثلّة من الاُدباء والشعراء ، كما كان إمام جماعة لجمع من المؤمنين.

توفّي في بلده سنة 1342 هـ[1].


[1] أعيان الشيعة 10 : 157 ، ومعارف الرجال 3 : 146.

227

«227»

الشيخ مهدي النمدي

1927 م  ـ  1416 هـ

ببالغ من الحزن والأسى تلقّينا نبأ وفاة العالم الجليل الورع الحسيني حجّة الإسلام والمسلمين الشيخ عبد المهدي بن الحاجّ حسن النمدي الكاظمي رحمة الله عليهما.

ولد في مدينة الكاظمية المقدّسة سنة 1927 ، وسمّـاه والده عبد المهدي ، وحدّثني بسبب اسمه أ نّه كان يعيش لوالده مولود ، فنذر لصاحب الزمان (عج) إن رزق ولداً يكون من جنده ، وسمّـاه بعبد المهدي ، فترعرع في بيت الإيمان وتغذّى من ثدي الفضيلة والتقوى ، وفي العقد الثاني من حياته الكريمة دخل في الحوزة المباركة في الكاظمية المقدّسة وسكن مدرسة علمية كانت تحت رعاية آية الله العظمى السيّد أبي الحسن الإصفهاني (قدس سره) ، فدرس على يد كبار الأساتذة من جملتهم آية الله الشيخ فاضل اللنكراني وآية الله الزنجاني وحجّة الإسلام والمسلمين الشيخ هادي شطيط قدّس الله أسرارهم وبعد أن أكمل المراحل الدراسية بطلب من وجهاء الكاظمية وبقية السادة المعروفين بـ (المدامغة) صار إمام جماعة مسجد السادة في محلّة الشيوخ وبقي فيها حتّى رحلته إلى جوار ربّه وفاء بالمؤمنين ، وكان يقيم الصلاة في المواعيد الثلاثة ويلقي المحاضرات الإسلامية والأحكام الشرعيّة والدروس العقائدية ، وحصل آنذاك على وكالة بالاُمور الحسبيّة وصرف الوجوهات الشرعيّة في ترويج الدين وحوائج الفقراء والبؤساء والمساكين ، فنال الوكالات من آية الله العظمى السيّد أبي الحسن الإصفهاني ، وبعد وفاته كان له وكالة مطلقة من آية الله العظمى السيّد هادي الشيرازي وآية الله العظمى السيّد محسن الحكيم وآية الله العظمى الشهيد السعيد السيّد محمّد باقر الصدر قدّس الله أسرارهم.

إنّ حياة شيخنا الغالي حياة ملؤها الصبر والحلم والمواعظ والأخلاق والنضال ، وكان نبراساً يستضاء به في درب الجهاد والكفاح قد تربّى على يديه مجموعة من الشباب الملتزم وقد نال بعضهم شرف الشهادة على يد الطغاة البعثيين ، وقد أصبح للمؤمنين القدوة الصالحة ، وقد سجنه صدّام اللعين أشهراً لمواقفه الجهادية الخالدة.

كان (قدس سره) الاُسوة الحسنة في الأخلاق الفاضلة والصفات الطيّبة ، يحمل بين جنبيه قلباً رؤوفاً وصدراً رحيباً ، عليه سيماء الصالحين وهيبة المتّقين وعزّة المؤمنين ، كريم النفس سخيّ الطبع ، خلوقاً متواضعاً جميل الصورة أنيق المنظر ، يشاطر الناس في أفراحهم وأتراحهم ، فكان يحضر فواتحهم وأعراسهم ، وكان معروفاً بضبط الموعد الذي هو من علامات المؤمن ، كان حلو المحضر جميل المجلس لطيف الكلام ظريف البيان ، تتجلّى فيه صفات المؤمنين وأخلاق الأنبياء ، فاشتهر بإصلاح ذات البين الذي هو أفضل من عامّة الصلاة كإصلاحه بين بيوتات معروفة كان بينهم الدم كبيت العكلات وبيت الطويل.

كان من عشّاق أهل البيت (عليهم السلام) وكثير البكاء على مصابهم الجلل ، وكان من المؤسسين لموكب المشاة من الكاظميه المقدّسة إلى كربلاء ، فأصبح شعلة وهّاجة في طريق الحسينيين ، وكان المشرف العامّ على موكب الجمهور في الكاظمية.

كان له مواقف حاسمة ومشرّفة مع المنحرفين والحزبيين الفسقة وعلماء السوء ، كان من العبّاد والمتهجّدين ، قائم الليل ومن المستغفرين بالأسحار ، يدعو في نهاره ثلاث ساعات وفي الليل ثلاث ساعات ، يلهج لسانه بالقرآن والدعاء والأوراد والأذكار ، ولمدّة سنة كاملة كان في كلّ اُسبوع يذهب إلى مسجد السهلة ليفوز بلقاء صاحب الزمان (عليه السلام) ، ومن الأوراد التي علّمني هذا الدعاء الجليل : (اللهمّ هذا دينك قد أصبح باكياً لفقد وليّك ، فصلّ على محمّد وآل محمّد وعجّل فرج وليّك رحمة لكتابك ، اللهمّ وهذه عيون المؤمنين قد أصبحت باكية لفقد وليّك فصلّ على محمّد وآل محمّد وعجّل فرج وليك رحمةً للمؤمنين).

والحقّ أنّ اللسان يكلّ عن بيان مآثره ومكارم أخلاقه.

وبعد عمر شريف يسوده خدمة الدين والناس ، وتقديم خدمات ومشاريع اجتماعية ، وبعد الصبر الجميل وفراق الأحبّة والأولاد ومعاناة الزمرة الحاكمة والطغاة البعثيين على عراقنا الجريح ، وافاه الأجل صابراً محتسباً يوم الخامس والعشرين من محرّم الحرام يوم ذكرى استشهاد الإمام زين العابدين (عليه السلام) سنة 1416 ، وما أن سمع أبناء الكاظمية نبأ رحيله إلى جوار ربّه الكريم إلاّ وهتفوا عن بكرة أبيهم صارخين لاطمي الصدور ودموعهم تسيل على الوجنات ليودعوا عزيزاً وعالماً ربّانيّاً فعطّلت الأسواق والدكاكين وخرج الناس يحملون جنازته إلى مثواه الأخير ، فحملت إلى النجف الأشرف ليجاور وليّه أسد الله الغالب مولانا عليّ ابن أبي طالب (عليه السلام) ، فدفن في تلك البقعة المباركة ، واُقيمت له الفواتح في البلاد الإسلاميّة وشارك المؤمنون تعظيماً لشعائر الله وتكريماً لمقام العلم والعلماء.

وإنّا على دربهم لسائرون[1].


[1]صحيفة (صوت الكاظمين) ، العدد 33 لسنة 1416 تحت عنوان : امثولة الأخلاق الحسنة ، بقلم الخطيب الشيخ مكّي الكاظمي.

باب « هـ »