السيّد هادي الكاظمي

1235  ـ  1316

السيّد هادي بن السيّد محمّد علي بن صالح الموسوي الكاظمي.

ولد في النجف الأشرف سنة 1235 هـ.

قال صاحب أعيان الشيعة :

ذكره ولده في تتمّة أمل الآمل وبالغ في مدحه والثناء عليه فممّـا قاله في حقّه : المقتدي بآثاره المهتدي بأنواره عمدة المحقّقين وملاذ المدقّقين بحر الفضائل الذي ساغ لكلّ وارد ، وكعبة المجد التي يطوي إليها كلّ قاصد ، الجامع بين الرواية والدراية لم يسمع الزمان بمثل أخلاقه وتواضعه ورأفته وفتوّته وسخائه وإبائه ، لا يرجع منه المحتاج إلاّ بحاجة مقضيّة ، وربما كان لا يجد الدراهم فيعطي السائل خاتمه أو بعض ثيابه أو أواني داره.

قال : وفي أيام رضاعه سافر به أبوه مع الأهل والعيال إلى زيارة الإمام الرضا (عليه السلام) ثمّ زار أخاه وشقيقه السيّد صدر الدين الساكن بإصفهان فسأله المقام عنده فتوفّي فيها سنة 1237 هـ فكفل المترجم له عمّه السيّد صدر الدين وربّاه كأعزّ ولده وصار يزيد في تشويقه للعلم حتّى أ نّه كتب له ألفية ابن مالك بخطّ فاخر على ورق (الترمة المذهّب) وقرّر له في حفظ كلّ عشرة أبيات منها أشرفياً حتّى فرغ من العلوم العربيّة وسائر المقدّمات وهو ابن اثنتي عشرة سنة وصار يحضر درس عمّه في الفقه بأمره قبل أوان حلمه ، وكان له اُستاذ يقرأ عليه في المنطق والكلام يعرف بالميرزا عبد الكريم جمع العلوم خصوصاً على الأوائل وبعض العلوم الغريبة كعلم الحروف والأعداد وعلم الرمل والجفر وكان اُستاذه المذكور يرغّبه في تعلّم تلك العلوم فأجابه وتعلّمها حتّى صار عارفاً بها ماهراً فيها لكنّه لم يتظاهر بها وأخفى معرفتها إلى آخر عمره حتّى أ نّي سألته يوماً تعليمي إيّاها فقال : يا بني ما في تعلّمها مزيد فائدة.

قال : ثمّ هاجر إلى النجف الأشرف ولازم درس الشيخ حسن ابن الشيخ جعفر صاحب أنوار الفقاهة خمس سنين فكتب عمّه السيّد صدر الدين إلى الشيخ حسن أن يأمره بالرجوع إلى إصفهان ليزوّجه بنت عمّه السيّد قاسم فرجع وتزوّجها وبعد سنة عاد إلى النجف الأشرف وترك عياله عند عمّه وحضر درس الشيخ حسن ثمّ لازم درس الشيخ مرتضى الأنصاري ، وفي سنة 1263 هـ جاء عمّه السيّد صدر الدين إلى النجف فأمره بالتوجّه إلى إصفهان لإحضار عياله ، فلمّـا ورد بلد الكاظمين وجد عمّته الشريفة رحمة زوجة الشيخ حسين محفوظ قد سقطت من السطح وتكسّرت فأقام عندها يمرّضها فبينما هو كذلك إذ جاءه موت زوجته في إصفهان ووفاة عمّه في النجف ، فأراد الرجوع إلى النجف فطلب إليه جماعة منهم الشيخ الفقيه الشيخ محمّد حسن ياسين الإقامة عندهم فأقام واشتغل بالتدريس وحضور درس الشيخ وتزوّج ابنة بعض التجّار واستدام على تدريس العلوم الدينية ، فكان يجلس من أوّل الصبح إلى الظهر يدرّس في الفقه والاُصول والعربية والمنطق والكلام لا مدرّس في ذلك غيره ، ويحضر درس الشيخ محمّد حسن آل ياسين ويقوم مع ذلك بحوائج المحتاجين ، وكان خبيراً بعلم الطبّ نظم فيه اُرجوزة ضمّنها نفائس مطالب الطبّ والأخلاق أوّلها :

علم طبّ ميزان احوال بدن *** نيست مشكل طب را عالم شدن

إنّما الإشكال في ردّ الطبيب *** صحّةً زالت بترحال الحبيب

أقول : معنى البيت الأوّل أنّ الطبّ علم وميزان يعرف به أحوال الجسد من حيث الصحّة والمرض ، فالعلم به ليس مشكلا وصعباً ، إنّما الإشكال على الطبيب والصعب له أن يردّ صحّة قد زالت وذهبت عندما ارتحل الحبيب وابتلينا بنيران الفراق والهجرة.

وكان المترجم حسن التقرير جيّد التحرير لكنّه كان لا يرضى بتحريراته ، وكلّما كتب كتابة عاد إليها وغيّرها وكلّما يكتبه يرمي به في دجلة ، واتّفق أ نّه بقي أكثر من سنتين تاركاً للتدريس وصلاة الجماعة لا يخرج من داره إلاّ أواخر الليل لزيارة مشهد الإمامين (عليهما السلام) لا يدخل على أحد ولا يراود أحداً ثمّ عاد إلى حاله الأوّل وكان قليل النوم وإذا نام لا يمدّ رجليه بل يجمعهما ويتّكئ في زاوية من البيت ولا يأكل في الليل والنهار إلاّ مرّة واحدة.

توفّي في الثاني والعشرين من جمادى الاُولى سنة 1316 هـ ، ودفن في الحجرة الثانية من حجر الصحن الشريف على يمين الداخل من الباب الشرقي المعروف بباب المراد[1].


[1]أعيان الشيعة 10 : 234 ، ومعارف الرجال 3 : 224.

230

«230»