الأوّل[1] : عند شدّ الجاني وضبطه أو ضبط الطرف ومحلّ القصاص حتّى لا يتحرّك فيزيد في القصاص ، فلو لم يفعل المجني عليه ذلك ، وزاد في القصاص باضطراب الجاني ، فقيل لا شيء على مجري الحدّ ـ المجني عليه أو غيره بإذنه ـ لأنّ الاضطراب من قبل الجاني ، ولكن الإنصاف خلافه ، فإنّ الاضطراب من الاُمور القهريّة بل مستند إلى المستوفي ، وربما يقال لا شيء عليه لو لم يكن عن عمد ولا تقصير ، وفي النقيصة يستوفي الباقي.
الثاني[2] : لو تنازع الجاني والمستوفي في العمد وغيره في الزيادة ، فعلى المدّعي البيّنة واليمين على من أنكر ، إلاّ الدعوى القلبيّة والتي لا يعلم إلاّ من قبل صاحبها فإنّها تسمع بلا بيّنة ، إنّما يكون ذلك بيمينه ، إلاّ أن تكون مقترنة بالآثار الدالّة على العمد ، أو أقرّ بذلك المستوفي ، فالجاني قوله مقدّم بناءً على الفروق التي تذكر بين المدّعي والمنكر في مقام معرفتهما وامتيازهما ، بأنّ المدّعي هو الذي إذا ترك الدعوى تُرك ، أو خالف قوله الأصل أو الظاهر ، فيكون الجاني منكراً يقدّم قوله عند عدم بيّنة المدّعي مع يمينه ، وليس ما نحن فيه من باب التداعي فإنّ الأمر يدور بين الوجود والعدم.
الثالث : هل يؤخّر القصاص في الأطراف من شدّة الحرّ أو البرد إلى اعتدال النهار[3] ؟
قيل : على الحاكم أو المستوفي مراعاة ذلك بالنسبة إلى حال الجاني حذراً من السراية ، ولا بأس بذلك.
الرابع : لو تعدّد الجاني وأورد الجراحة والجناية بالاشتراك وأحدهما رضي بالقصاص تدريجيّاً ، والآخر دفعة فما هو الحكم ؟
الظاهر أ نّه لا ضير في قبول قولهما بناءً على جواز إجابة الجاني.
الخامس : لو طلب الجاني تخدير موضع الجناية فهل يصحّ إجابته ؟
لقد مرّ هذا المعنى في قصاص النفس وأ نّه لا إشكال فيه ، فإنّ الغرض فيه إزهاق الروح ، إلاّ أنّ هنا في المسألة وجهان بل قولان :
الأوّل : يلزم الإجابة ، فإنّ التعذيب ليس واجباً ، لأدلّة حرمة التمثيل والتعذيب ، وأنّ الواجب مجرّد القصاص.
الثاني : عدم لزوم ذلك لآيتي المماثلة ( فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدوا ) إلاّ أ نّه يجاب بأ نّهما في أصل بيان المماثلة والتشريع ، لا بيان الخصوصيات فلا يتمسّك فيها بمثل هذه العمومات والإطلاقات ، وهذا هو المختار ، وإن كان مخالفاً للمشهور.
وفي وجه القول الأوّل قيل إنّ الغرض من تشريع القصاص هو سدّ باب الفساد في المجتمع ، ولا يحصل ذلك إلاّ لو كان القصاص مصحوباً بالألم ليكون عبرةً له وللناظرين ، ولكن بنظري إنّه سيكون عبرةً على كلّ حال سواءً أكان يحسّ بالألم أو لم يحسّ ، فلا إشكال في قبول قوله من تخدير العضو أو محلّ الجراح[4].
السادس : هل يجوز الاقتصاص بغير حديدة[5] ؟
قال المحقّق الحلّي (قدس سره) (ولا يقتصّ إلاّ بحديدة) توضيح ذلك : أنّ هذه المسألة معنونة من صدر الإسلام تقريباً في كتبنا الفقهيّة والروائية عند العامّة والخاصّة.
فأبناء العامّة على أقوال : فقيل الحديد فقط ، وقيل بالسيف ، وقيل مطلقاً بأيّ شيء كان وكذلك عند أصحابنا الإمامية ، فمذهب المشهور ومنهم المحقّق وصاحب الجواهر لا قصاص إلاّ بالحديدة ، وقيل بالسيف أو بأيّ شيء كان.
وأمّا
مستند الأقوال : فالأوّل رواية نبويّة مستندة عند العامّة ،
ومرسلة عند الخاصّة ، وقد وقع اختلاف واضطراب في متنها ،
فمنها : (لا قود إلاّ بالحديد) و
(لا
قصاص
إلاّ بالسيف) و
(لا قصاص لغير حديد)
و
(ولا قصاص إلاّ بالحديد) هذا والقود إنّما يكون في قصاص
النفس ، وكلامنا في الجراحات.
وأمّا السيف فربما يكون قيداً لمطلق الحديد الوارد ، فينحصر الاستيفاء بالسيف ، إلاّ أ نّه كيف يكون ذلك في عصرنا هذا ، فإنّ القصاص يكون رمياً بالرصاص وما شابه ذلك ، فلا يبعد أن يستفاد الملاك ، وهو إزهاق الروح في قصاص النفس ، والقطع أو الجرح في قصاص الطرف والجراح ، والسيف إنّما هو منزل على ما هو المتعارف آنذاك.
والملاك ـ كما مرّ ـ على ثلاثة أقسام : منصوص وهو حجّة عند الجميع إلاّ ما شذّ ، ومنقّح وهو حجّة عند المشهور ، وهو القياس الاطميناني ، ومخرّج وهو القياس الباطل في مذهبنا ، وما نحن فيه من القسم الثاني ، فلا يشترط السيف خاصّة ، بل بأيّ شيء يوجب القطع أو الجرح.
السابع : لو قلع عين إنسان فهل له قلع عين الجاني بيده[6] ؟
أدلّة القصاص تدلّ على أصل القصاص دون بيان كيفيّته ، فقيل تقلع كما قلعت المماثلة ، وهذا غير تامّ كما مرّ ، وقيل بالحديدة للسهولة ، وقيل بأيّ طريق كان أسهل ، والمختار بالحديدة لمنع الأذى ، وأنّ المقصود قلعها ، وهذا ما يوافق الاحتياط.
الثامن : لو كانت الجراحة تستوعب عضو الجاني وتزيد عليه فهل يخرج القصاص إلى العضو الآخر[7] ؟
توضيح ذلك : لو كان عضو وطرف المجني عليه أكبر حجماً من الجاني ، فجراحته في المساحة تستوعب عضو الجاني وتزيد عليه ، لصغر عضو الجاني وكبر عضو المجني عليه ، مثلا كان جبين المجني عليه أطول وأعرض من جبين الجاني ، فكيف يقتصّ منه ؟ هل يكون بمقدار العضو ويأخذ دية الزائد ، أو بمقدار الجرح وإن جاز حدّ الجبين إلى الرأس مثلا ، ذهب المشهور إلى الأوّل ، وقيل بالثاني ، وعند بعض العامّة القول بالتكرير ، وقيل بالسقوط ويأخذ دية الجرح.
فمستند الأوّل : قاعدة الميسور ، وما لا يدرك كلّه لا يترك جلّه ، والزائد خارج عن محلّ الجناية في العضو الآخر ، فمقتضى الجمع بين الحقّين أخذ الدية بالمقدار الباقي بما يقوله أهل الخبرة في المقام ، وهو المختار.
ومستند الثاني : نظراً إلى المقياس والمماثلة وإن تعدّى إلى عضو آخر ، وفيه أ نّه يعتبر من الجناية من دون اعتبار السعة والضيق والطول والعرض.
ومستند الثالث : كلاهما بمنزلة واحدة ، وفيه ما في الثاني ، وكذلك القول الرابع.
التاسع : لو كان عضو الجاني أكبر من المجني عليه فكيف يكون القصاص[8] ؟
ذهب المشهور أ نّه يقتصّ منه طبقاً على المقياس من دون الاستيعاب ، وقيل : بالاستيعاب.
ومستند الأوّل واضح للمماثلة طولا وعرضاً ومساواتهما ، وذلك يتمّ بالمقياس كما مرّ ، والزيادة بنحو العمد يستلزم القصاص ، وفي الخطأ يلزم الدية ، وهو المختار.
العاشر : هل يكون القصاص في الجراح من الأعلى إلى الأسفل[9] ؟
في المسألة ـ حسب التتبّع ـ خمسة أقوال :
فقيل : من الأعلى كما هو المتعارف.
وقيل : بأيّ نحو كان فإنّ المقصود القصاص بالمقدار بأيّ نحو اتّفق ، كما عليه إطلاق الأدلّة ، إلاّ أ نّه يشكل ذلك ، فإنّه خلاف ما هو المتعارف ، والإطلاق ـ كما مرّ ـ إنّما هو في مقام أصل التشريع لا بيان خصوصيّاته.
وقيل : من الأسفل ، كما ذهب إليه بعض العامّة.
وقيل : بالمماثلة بين الجناية والقصاص ، تمسّكاً بآيتي المماثلة ، وقد مرّ جوابه.
وقيل : بتفويض الأمر إلى الحاكم الشرعي بحسب ما يراه ، لعموم أدلّة الولاية ، ولا يخلو من الخدشة في مقام التمسّك بهذه العمومات والإطلاقات ، فتأمّل.
والمختار هو الأوّل ، فإنّه المتعارف عليه.
الحادي عشر : لو قطعت اُذن إنسان فاقتصّ ثمّ ألصقها المجني عليه فهل للجاني إزالتها[10] ؟
توضيح ذلك : لو قطع الجاني اُذن المجني عليه أو شيئاً من اُذنه ، فاقتصّ منه ، إلاّ أنّ الجاني ألصقها بالدم الحارّ ، فهل للمجني عليه مطالبة إزالة الاُذن مرّة اُخرى لتتحقّق المماثلة ، وكذلك العكس بأ نّه قطعت اُذن المجني عليه فألصقها ما دامت حارّة فهل يسقط القصاص عن الجاني ؟
وبعبارة اُخرى : لو قطع الجاني اُذن المجني عليه ظلماً وعدواناً ، وبعد القصاص لو ألصقها المجني عليه والتحمت ، فهل للجاني أن يطالب بقطع الاُذن مرّةً اُخرى بناءً على أنّ اُذنه أصبحت شيناً ؟
في المسألة أقوال : فقيل للجاني حقّ في ادّعائه ، وقيل ليس له ذلك بسقوط حقّه.
ومستند القول الأوّل أنّ علّة القصاص هو الشين وقد ارتفع عن المجني عليه بعد الالتحام ، ولكن يشكل ذلك فإنّ الحكم يتنجّز وعلى قولهم يلزم التعليق ، ثمّ من يقول إنّ العلّة في القصاص هو الشين ، (فربما يكون ذلك من الحكمة كما هو الظاهر فلا يدور الحكم مدارها)[11].
وربما العلّة هو القطع في بادئ الأمر ليكون له وللآخرين عبرة.
ويستدلّ على القول الأوّل برواية إسحاق بن عمّـار الساباطي[12] ، عن التهذيب عن الصفّار والمشهور قد عمل بهذه الرواية ، إلاّ أ نّها ضعيفة السند بمجهولين منهما بن كلوب ، ولا يكفي عمل الشيخ عليه الرحمة باعتبار أ نّه يحتمل وجود قرائن خفيت علينا . فالمختار ليس للجاني حقّ في ذلك ، فإنّ الله سبحانه وهب المجني عليه بهبة الالتحام ، فكيف للجاني إزالتها ؟
ولو التحم الاُذن بمصاريف فقيل على المجني عليه ، وقيل على الجاني فإنّه يستند إلى فعله ، ولكن كيف يكون ذلك ، وقد اقتصّ منه فسقط حقّ المجني عليه فتكون المصاريف عليه.
ولو انعكس الأمر والتحم اُذن الجاني فهل يحقّ للمجني عليه مطالبة القطع مرّة اُخرى.
قيل له ذلك للشين ، وقيل ليس له ذلك لقاعدة عدم التعدّد في القصاص في عضو واحد إلاّ أ نّه لا يكون القطع في المرّة الثانية قصاصاً حتّى يقال بالقاعدة ، فلو قطع الجاني اُذن المجني عليه فعليه القصاص بمقتضى الإطلاقات ، والشكّ في عدم المانع لو قلنا بجريانه فيأخذ أمام الإطلاق ، وإلاّ فلا . والنزاع بين العلمين الشيخ الأعظم الشيخ الأنصاري والمحقّق الآخوند الشيخ الخراساني في الشكّ في عدم المانع.
وبعبارة اُخرى : هنا أربعة أقوال :
أمّا القول الأوّل : فإنّه يجوز للمجني عليه إعادة قطع اُذن الجاني بعد الالتحام ، لعموم أدلّة القصاص وهو المختار.
وقيل : عليه الدية ، وقيل بعدم القصاص مرّة اُخرى ولا الدية ، بل يؤخذ من مال الجاني شيئاً ، وقيل : لا شيء عليه سوى التعزير لسدّ باب الفساد.
ولا يقال بوجود المقتضي للقصاص والقطع مرّة اُخرى وهو الجناية ، فإنّه يوجد أصل وجود المانع وهو الالتحام ، فيلزم سقوط حقّه ، إلاّ أ نّه يقال إنّ الأصل عدم السقوط أي يكون من الاستصحاب العدمي ، وكذلك الاستصحاب الوجودي ، فكان حقّه ويشكّ في سقوطه والأصل عدم السقوط ، والنتيجة واحدة ، ولكن يشكل مثل هذا الاستصحاب ، فإنّه يحتمل أن يكون من الأصل المثبت فإنّ الواسطة لم تكن من الحكم الشرعي ، بل أثر عقلي ، اللهمّ إلاّ أن يقال أنّ الواسطة خفيّة بين مجرى الأصل والأثر الشرعي ، أو جليّة بحيث عند العرف يكون تلازماً جليّاً بين الأثر الشرعي والأصل.
وهنا تقرير آخر : وهو أنّ الالتحام في اُذن المجني عليه يشكّ في مانعيّة الموجود فيمنع من قصاص الجاني ، فيشكّ أ نّه يصدق عليه عنوان المانع أو ليس بمانع.
وهنا نزاع بين الاُصوليّين في الشكّ في وجود المانع ، وإنّه على قسمين : فتارةً في أصل وجود المانع ، واُخرى في مانعيّة الموجود ، فمن المتأخّرين كشريف العلماء والشيخ الأنصاري تلميذه ذهب إلى الأوّل ، فأجرى أصالة عدم المانع ، ومثل المحقّق الآخوند الخراساني ذهب إلى الثاني ، وهو المختار.
وما نحن فيه فمن قال بمبنى الشيخ الأعظم ، فإنّه لا يتمسّك بإطلاقات القصاص ، ومن قال بمبنى الآخوند فإنّه لا يجوز له ذلك أيضاً ، فيكون النزاع مبنويّ فتأمّل . فإنّ النتيجة عندهما عدم الجواز إلاّ أنّ الشيخ من طريق واحد والآخوند من طريقين ، وهو المختار.
وأمّا القول الثاني فإنّ القصاص للشين تمسّكاً برواية إسحاق بن عمّـار ، وإنّه يتدارك بالدية ، فلا قصاص وإنّما يتدارك بالدية فإنّه لا يجوز له إراقة دم المسلم ، ولكن ناقشنا الرواية ، وثبت القصاص بالوجه الأوّل فكيف يتدارك بالدية.
وأمّا القول الثالث : بإنّه يؤخذ منه مالا ، لا بعنوان الدية ، فإنّها عقوبة ماليّة بدلا عن القصاص ولمّـا لم يكن القصاص فلم يكن بدله ، بل يعاقب بشيء من المال فهو كما ترى.
وأمّا القول الرابع : وهو القول بالتعزير حكومةً ليكون عبرة للآخرين ، فإنّه لا قصاص عليه ولا دية ولا يؤخذ من ماله شيئاً لعدم الدليل عليه ، فعليه حينئذ عقوبة بدنية لارتكابه الجناية وظلم حقّ الآخرين ، والظلم قبيح عقلا وشرعاً . فجوابه يعلم من الوجه الأوّل.
ولو انعكس الأمر والتحم اُذن الجاني ، فقيل للمجني عليه حقّ مطالبة القطع مرّة اُخرى ، للشين وأ نّه لا يتدارك إلاّ بقطع اُذن الجاني مرّة اُخرى ، وقيل بعدم الجواز لتحقّق القصاص وسقوط الحقّ وللقاعدة عدم ورود قصاصين على عضو واحد ، وهو المختار إلاّ أنّ القاعدة غير تامّة ، بل من أجل صدق عنوان الظلم ، وهو قبيح ومحرّم.
ثمّ مصاريف الالتحام على نفسه لا على حاكم الشرع.
الثاني عشر : لو قطعت اُذن فتعلّقت بجلدة فألصقها المجني عليه ، فهل يثبت القصاص[13] ؟
المختار ثبوت القصاص لإطلاق الأدلّة ، ولا مجال للدية.
الثالث عشر : هل يثبت القصاص في العين لو كان الجاني أعور خلقةً[14] ؟
توضيح
ذلك : إنّ للعين حالات ، منها الأحوليّة والغشاويّة
والأعوريّة ،
وغيرها ،
فلو كان الجاني أعوراً ذو عين واحدة ، فجنى على عين ، وحين القصاص منه
يوجب ذلك عماه ، فهل على المجني عليه شيئاً ؟
المحقّق الحلّي في شرائعه قال : (لا شيء عليه لأنّ الحقّ أعماه) وهنا صور :
الاُولى : سلامة عين المجني عليه وأعوريّة الجاني.
الثانية : عكس الاُولى.
الثالثة : كلاهما أعوران.
الرابعة : كلاهما سالم العينين.
فالأوّل : فيه أقوال : فقيل : لا شيء عليه ، وقيل : عليه الدية ، وقيل بالتفصيل بين العمى فعليه الدية ، وإلاّ فلا شيء عليه ، والأوّل هو المشهور بين الأصحاب لوجوه خمسة :
الأوّل
والثاني دعوة الإجماعات والشهرة الفتوائيّة ، وهما كما ترى ، فإنّ
المنقول من الإجماع من الظنّ المطلق الذي لا يغني من الحقّ شيئاً ، والمحصّل
نادر ، والفرد النادر كالمعدوم ، وكذلك الشهرة الفتوائيّة من الظنّ
المطلق ، كما هو ثابت في
محلّه
في علم اُصول الفقه.
الثالث : روايات منها : للشيخ الطوسي في التهذيب ، وكذلك عند الشيخ الصدوق والشيخ الكليني أي عند المحامد الثلاثة الاُول عليهم الرحمة ، وكذلك عند متأخّري المحدّثين وهي رواية محمّد بن قيس ، في أعور فقأ عين سالم فقال (عليه السلام) : تفقأ عينه ، قال : قلت : يبقى أعمى ، قال : الحقّ أعماه[15].
وأوّل شيء يلاحظ في حجّية الرواية سندها وصحّة صدورها ، وكافة الأصحاب لم يناقشوا الرواية سنداً إلاّ الشهيد الثاني فقال : غير نقيّ السند ، ولم يبيّن وجه ذلك ، ثمّ قال : إلاّ أ نّه عمل بها الأصحاب فيجبر ضعفها ، وربما عدم نقاوة السند من جهة الاشتراك في محمّد بين قيس فإنّه مشترك بين عشرة أنفار ، منهم الكوفي وهو من الثقات جليل القدر ، منهم من أبناء العامّة ، وآخر مجهول ، فلمثل هذا الاشتراك ربما يقال بعدم نقاوة السند ، إلاّ أ نّه هناك قرائن يعلم بها من هو المنقول عنه ، ويميّزه عن غيره ، فما نحن فيه إنّ عاصم بن حميد ينقل عن محمّد بن قيس الكوفي ، وهذا يعني صحّة السند ونقاوته.
ثمّ الأخباريون يعملون بمثلها بمجرّد نقلها في الكتب الأربعة (الكافي ومن لا يحضره الفقيه والتهذيب والاستبصار) إلاّ أ نّه عندنا لا يكفي في صحّة الرواية ذلك ، بل لا بدّ من التحقيق في السند ، وعمل أصحاب الكتب الأربعة ربما لقرائن خفيت علينا ، وربما تكون قابلة للنقاش.
ثمّ الكشّي (قدس سره) يذكر إجماعاً على ثمانية عشر نفراً من الرواة ، ويعبّر عنهم بأصحاب الإجماع ، وتكون رواياتهم مسندة من بعدهم ، والمحقّق الأردبيلي عليه الرحمة مع أ نّه لا يقول بالإجماع ، إلاّ أ نّه رضى بهذا الإجماع ، وهذا شيء عجاب . وفي هذا الإجماع نظر ، فإنّه من المنقول فيدخل تحت الظنّ المطلق ، ولا حجّية فيه ، كما إنّ خبر الواحد لا يكفي في الموضوعات ، وقبول قول الكشّي إمّا باعتبار عدالته أو أ نّه من أهل الخبرة في هذا الفنّ ، فتأمّل.
الرابع عشر : لو أورد سالم العينين جناية على سالم العين الواحدة فكيف يكون الحكم[16] ؟
في المسألة للعامّة والخاصّة أقوال خمسة :
فعند بعض العامّة عليه قصاص العينين ، وقيل : له حقّ القصاص في عين واحدة ، وقيل : الدية الكاملة على الجاني إن كان عمداً أو شبهه ، وهذه الأقوال واهية ، فإنّها تبتني على الاستحسانات الظنّية التي لا تغني عن الحقّ شيئاً ، فهي مردودة.
وقيل بالتخيير بين القصاص والدية الكاملة.
وقيل ـ وهو المختار عند كثير من أصحابنا الإماميّة ، وادّعى الشيخ عليه الإجماع ـ : أ نّه يخيّر بين أخذ نصف الدية مع القصاص في عين واحدة ، أو الدية الكاملة.
ومستندهم الإجماع والشهرة الفتوائيّة وهما كما ترى ، وروايات منها : رواية محمّد بن قيس في قضاء أمير المؤمنين (عليه السلام)[17] . وهذه الرواية في الكتب الأربعة كما في المقنعة والدعائم ورواية سهل بن زياد[18] وحديثه يعرف وينكر ، وكان يروي عن الضعفاء ، فلا يؤخذ بها.
والفقهاء المجتهدون الذين يستنبطون الأحكام الشرعيّة الفرعيّة عن أدلّتها التفصيليّة على ثلاث طوائف . فمنهم من يقول (حسبنا كتاب الله) ويكتفي بظواهره فقط وهم الظاهريّة ، كصاحب المحلّى من أبناء العامّة ، ومنهم من يقابل هذا القول ، فلا يتمسّك حتّى بالممكنات كالحنابلة ومنهم الوهابيّة ، والطائفة الثالثة هم أصحابنا الإماميّة ، فإنّهم يستنبطون الأحكام الشرعيّة من الكتاب الكريم والسنّة الشريفة التي تعني عندهم قول المعصوم ـ النبيّ والإمام (عليهما السلام) ـ وفعله وتقريره.
فرواية محمّد بن قيس بيان تقييدي لإطلاق آية (العين بالعين) جمعاً بين الآية والرواية ، فيكون من حمل المطلق على المقيّد.
الخامس عشر : لو أورد سالم العين جناية على العين المعيوبة فما حكمه ؟
قيل : كما عند بعض العامّة عليه القصاص تمسّكاً بقوله تعالى (العين بالعين) ولكن هذا لا يتمّ ، فإنّ عين الجاني سالمة فكيف يقتصّ منها ؟ وقيل بالدية الكاملة تمسّكاً بروايتين[19] ، أحدهما من الكليني في الكافي بسند صحيح (في عين الأعور الدية الكاملة) ولكن كيف تؤخذ الكاملة وفي السالمة الواحدة نصف الدية ؟ فقيل بحملها على التراضي ، أي أراد القصاص فتراضيا بالدية الكاملة ، إلاّ أ نّه لا شاهد على هذا الحمل ، فكيف يقال به ، إلاّ أن نقول : الجمع مهما أمكن أولى من الطرح ، ومن الجمع الجمع التبرّعي الذي يتبرّع المجتهد من عند نفسه على ذلك ، وإن لم يكن عليه شاهداً.
والرواية
الاُخرى عن عليّ بن أبي حمزة ، وهو من الواقفيّة ، وإنّه عند علماء
الدراية ضعيف كذّاب[20] ،
وفي الرواية أبو بصير وهو مشترك بين أنفار ، إلاّ أ نّه يمكن معرفته من
خلال المميّزات المذكورة في كتب علم الدراية كمشتركات الكاظمي
(قدس سره) . فيبقى الإشكال الأوّل ، فلا يتمّ
الاستدلال بالروايتين.
وقيل :
نصف الدية ، تمسّكاً برواية[21]
في العين العوراء تكون قاتمة فتخسف فقال : (قضى فيها علي (عليه
السلام)
نصف الدية في العين الصحيحة) وفي السند محمّد بن عبد الحميد وهو
مجهول ، وكذلك عبد الله بن سليمان وعبد بن جعفر ، فهما من
المجاهيل ،
فكيف
يتمسّك بمثل هذه الرواية الضعيفة بالمجاهيل ؟
وقيل : عليه ربع الدية الكاملة ، تمسّكاً برواية في رجل فقأ عين رجل عليه الربع ، وفي سندها الضعفاء ، إلاّ إذا قلنا بإجماع الكشّي ، فإنّ البزنطي من أصحاب الإجماع ، وهو كما ترى . ثمّ الرواية معارضة برواية الثلث ، والمرجّحات الداخلية والخارجيّة معها.
وقيل بالدية ثلثاً ، لرواية معتبرة في لسان الأخرس وفي العينين والجوارح الثلث.
وقيل بالتخيير بين القصاص ونصف الدية أو الدية كاملة ، إلاّ أ نّه لا مستند له يعتمد عليه.
وقيل : ثلث دية العين الواحدة السالمة أي ثلث خمسمائة درهم ، ذهب إليه جماعة منهم الشهيدان وشرّاح القواعد وصاحب الشرائع ، ومستندهم : أ نّه لا مجال للقصاص إذ العين السالمة بالسالمة لا بالمعيوبة ، ولا يؤخذ الدية الكاملة للعين الواحدة ، بل الثلث تمسّكاً برواية بريد بن معاوية[22] ، وهي باعتبار شرائط العمل بالخبر الواحد من حيث صحّة الصدور وجهته وعمل الأصحاب ومخالفتها للعامّة لا بأس بها ، إلاّ أ نّها معارضة بروايات ثلاثة[23] ، وفي الاُولى عبد الله بن سليمان وهو مجهول الحال ، وهي تقول بربع الدية ، إلاّ أ نّها تقارع سند رواية برير بن معاوية لمكانته وجلالته.
وفي الثانية رواية أبي بصير ، فإنّ السند معتبر إلاّ أ نّه لا تعارض بينهما فهما من المطلق والمقيّد ، فإنّ رواية برير مطلقة ورواية أبي بصير تشرح الإطلاق وتبيّنه ، فتقيّده.
والإنصاف عدم تماميّة القول بالثلث مطلقاً ، بل نقول فيه بالتفصيل وهو المختار ، ثمّ لا فرق بين تمام العيوب ، فإنّ المعيار هو عيب العين ، فتدبّر.
السادس عشر : لو أورد جناية على عين بذهاب ضوءها فما هو حكمه[24] ؟
ذهب أكثر
الفقهاء إلى القصاص عند التمكّن منه ، تمسّكاً بالإجماع والشهرة
وهما
كما ترى ، وبإطلاق أدلّة القصاص كآيتي الاعتداء والمعاقبة ، ولرواية
رفاعة النخّاس ، وفي السند سليمان الدهّان وهو مجهول الحال ، فتركت
الرواية عند أكثر الفقهاء ، وإذا قالوا بالقصاص فللإطلاقات ، نعم في سند
الرواية ابن الفضّال وهو فطحي المذهب ، وعن الإمام العسكري (عليه
السلام)
قال : خذوا ما رووا وذروا ما رأوا ، والخطب غير سهل ،
وتكفينا الأدلّة المطلقة والعامّة في المقام ، وهو المختار.
ثمّ قيّد العلماء والفقهاء القصاص بالتمكّن منه ، وإلاّ فتؤخذ الدية ، وصورة الإمكان قد ورد في الرواية بالمرآة المحماة ، إلاّ أ نّه لا يجمد عليها ، بل بأيّ نحو كان فإنّه يصحّ ذلك لو كان سبباً في زوال ضوء البصر مع حفظ الحدقة ، وهو المختار.
ثمّ لو أذهب ضوء البصر ثمّ قلعها ، فإنّه يقتصّ منه بذهاب الضوء أوّلا ، ثمّ يقتصّ منه بالإقلاع (لعدم تداخل الأسباب في المسبّبات كما مرّ)[25].
ولو رجع نور البصر قبل إجراء القصاص ، فقيل : لا يقتصّ منه بل تؤخذ الدية وهو المختار كما مرّ سابقاً.
السابع عشر : هل يثبت القصاص في الحاجبين وشعر الرأس واللحية[26] ؟
توضيح ذلك : لو جنى الجاني بإزالة الشعر المحترم من رأس المجني عليه أو وجهه كالحاجب والشارب والأهداب واللحية وشعر الرأس ، فهل عليه القصاص أو يقال بالدية ؟ ! اختلفت العامّة في ذلك ، فذهب الشافعي إلاّ أ نّه بما يراه الحاكم من العقوبة الماليّة لا خصوص الدية التي هي عقوبة ماليّة مقدّرة شرعاً ، ولا القصاص ، فإنّه يلزم تضعيف روايات الحكومة أو الدية ، وقيل لو كان حاجباً واحداً فنصف الدية وكلاهما الدية الكاملة ، وقيل : الثلث ، وقيل ما ورد فيه النصّ المقبول فيعمل بما فيه النصّ ، وإلاّ فبما يراه الحاكم من الحكومة ، وقيل بالمصالحة والتراضي بين الجاني والمجني عليه.
ولا يخفى أ نّه لا فرق في ورود الجناية على الذكور أو الإناث ، وكذلك على الحرّ أو العبد ، إلاّ أنّ الحرّ يعبّر عنه بالدية ، والعبد بالقيمة ، هذا ما عند العامّة من الأقوال.
وأمّا أصحابنا الإماميّة عليهم الرحمة فهم على أقوال أيضاً ، فقيل والقائل الفاضل الهندي بالقصاص لآيتي الاعتداء والمعاقبة ـ أي للمماثلة مع التمكّن ـ إلاّ أن يخاف عليه فساد المنبت أو عدم نبات الشعر ، وقيل : في الحرّ يؤخذ الأرش ـ ما به التفاوت بين المعيب والصحيح ـ وفي العبد القيمة ، وقيل : أخذ ثلث الدية الكاملة لروايتي الصدوق والكليني[27] ، وفي سندهما تأمّل لوجود أحد الغلاة في السند.
وقيل : يؤخذ عشرون ديناراً في إزالة اللحية إن لم ينبت لروايتين في الدعائم[28] (دعائم الإسلام) وكاتبه إسماعيليّ المذهب ، وليس كما يعتقده صاحب المستدرك أ نّه من الإماميّة الاثني عشريّة ، فروايات الدعائم عندنا من المرسلات وإن كان صاحب الدعائم من الثقاة ، والحقّ عدم حجّيتها إلاّ ما ثبت.
فالروايتان مخدوشتان سنداً ، كما إنّهما معارضتان مع روايتي الثلث ، وهما أقوى سنداً وأوضح دلالةً.
وأمّا ما هو المختار فإنّه نقول بعدم القصاص مع الإنبات ، فعليه البدل ، وهو الدية ، ويأخذ منه الثلث للروايتين.
ورواية البزنطي لو قلنا بإجماع الكشّي لكان السند معتبراً ، وإلاّ ففي السند مجهول الحال وآخر معروف بالكذب ، فالمسألة تكون مبنويّة حينئذ.
ثمّ لو جعل مصاريف على نبت اللحية مثلا ، فهي على الجاني على ظاهر القاعدة.
ولو نبت شعر الرأس ولكن كان مجعداً ، فهل نجري عليه أحكام عدم النبت أو يحكم عليه بالنبت ؟
عند الشافعي قاعدة تقول : الزائل العائد كالذي لم يزل فيحكم عليه بالحكم الأوّل ، وإذا كان كالذي لم يعد فله حكم آخر ، وعندنا هذه القاعدة من الاستحسانات الظنّية ، فلا حجّية فيها ، وعند التتبّع لم نجد رواية خاصّة في المقام تبيّن حكم الشعر النابت المجعّد ، فنرجع إلى القواعد الكلّية من إطلاقات الأدلّة ، والروايات الدالّة على الدية بعد الإنبات مطلقة ، والعرف هنا يقضي بالإنبات حتّى لو كان مجعّداً ، فيشمله إطلاق الروايات ، ولكن لا يبعد أن يؤخذ الأرش والتفاوت ما بين الشعر المجعّد والشعر السهل.
وكذلك الكلام في الشعر النابت الأسود والأبيض ، فإنّه يؤخذ الأرش بينهما لو كان العرف يقول بالتفاوت بينهما ، والعرف ببابك ، فإنّه تارةً يرى التفاوت في ذلك فعند الشيخ الكبير ربما تكون اللحية البيضاء هي المطلوبة للوقار ، وأمّا عند الشابّ فالمطلوب السواد ، فكونه عيباً يدور مدار الصدق العرفي ، فتأمّل.
ولو كان الجاني كوسجاً ، فإنّه يؤخذ منه البدل من دون الاقتصاص ، بناءً على من يذهب إلى القصاص.
الثامن عشر : لو جنى على امرأة في قصّ شعرها أو حلقه فما هو حكمه ؟
قال المشهور : يحبس الجاني إلى أن ينبت الشعر ، ويؤخذ منه مهر المثل ، تمسّكاً بالإجماع والشهرة ، ورواية محمّد بن سليمان المنقري[29] الجامعة لشرائط العمل بخبر الواحد.
وقيل : لا يتجاوز مهر السنّة ، واستدلّ عليه برواية الدعائم[30] وهي عندنا من المرسلات ، فلا يقاوم القول الأوّل.
ثمّ لا يخفى أ نّا لا نطعن بمؤلف الدعائم فإنّه من الثقات ، إلاّ أنّ روايته مرسلة ، فمن قال بحجّية الدعائم يقول بها وإلاّ فلا ، فالمسألة تكون مبنويّة أوّلا ، كما أنّ هذه الرواية تكون شارحة ومبيّنة لرواية سليمان من باب المطلق والمقيّد ، فلا تعارض بينهما ، ويحمل المطلق على المقيّد.
ونسب إلى ابن الجنيد ا نّه يؤخذ لها ثلث ديتها ، ولم نجد له مستنداً.
نعم عند بعض الأعلام أنّ قوله هذا من باب وحدة الملاك مع اللحية ، وتنقيحاً للمناط قال قال بالثلث ، ولكن هذا من الظنون القياسيّة ومن تنقيح المناط المخرج ، وليس في مذهبنا بحجّة.
وقيل : بالأرش ، وهذا يدور حول صدق العيب عرفاً ، والإنصاف أنّ القصّ والحلق يصدق عرفاً عليهما العيب ، فإنّ من جمال المرأة شعرها ، ولا مجال للقصاص ، للفرق بين شعر الرجل وشعر المرأة ، فينتقل إلى بدله ، وهو مهر نسائها ، هذا فيما لو نبت شعرها ، ولو لم ينبت فعلى القاعدة تؤخذ الدية من الجاني ، وإن احتمل القصاص مع ردّ فاضل الدية.
ولنا في المقام رواية محمّد بن سليمان المنقري كما مرّ[31].
وإن لم ينبت الشعر أخذ منه الدية كاملة ، أي نصف دية الرجل ، ولم أجد مخالفاً في هذه المسألة.
كما يعلم حكم قصّ أو حلق بعض الشعر من البيان المزبور ، فتدبّر فهذا تمام الكلام في المسائل الشعرية.
التاسع عشر : هل يثبت القصاص في قطع الذكر[32] ؟
ذهب المحقّق كما عند المشهور إلى القصاص مطلقاً ، ولتوضيح الكلام نذكر مقدّمة لتشخيص الموضوع في معرفة الإنسان باعتبار آلته ، ثمّ نذكر أقوال العامّة والخاصّة ومستنداتهم في ما نحن فيه ، ثمّ ما هو المختار ، ثمّ بعض التنبيهات.
فنقول : التقسيم الأوّلي للبشر باعتبار الذكوريّة أنّ الإنسان على ثلاثة عشر قسماً :
وهم الفحل المذكّر المختون ، والفحل الأغلف ، والعنين المختون ، والعنين الأغلف ، والخصي المختون ، والخصي الأغلف ، والخنثى المشكل المختون ، والخنثى المشكل الأغلف ، والخنثى السهل الواضح المختون ، والخنثى الواضح الأغلف ، والممسوح وهو من لا قبل له الذكوري والإناثي ، والممسوح من الدبر ، ومن الطرفين.
فلو جنى على الإنسان في قطع ذكره ، فذهب الشافعي إلى الحكومة بما يراه الحاكم في تمام الأقسام ، وقال أبو حنيفة : بالدية الكاملة ، وعند ابن حنبل : التفصيل بين الفحل فالقصاص والعنين فنصف الدية ، وراح مالك بن أنس إلى التفصيل بين الفحل والخصي ، فالقصاص في الأوّل والديّة الكاملة في الثاني.
ومستند أحمد بن حنبل تمسّكاً بروايات نبويّة ، وعند الشافعي أنّ العقوبات الماليّة كالتغرير تمسّكاً بعمومات حكم الحاكم ، وأمّا مالك فيقول بالاجتهاد ، وأبو حنيفة بالقياس.
وأمّا أصحابنا الإماميّة أتباع مذهب أهل البيت (عليهم السلام) عترة الرسول الأعظم المصطفى الأمين (صلى الله عليه وآله) فالمشهور منهم ذهب إلى القصاص مع اجتماع الشرائط ، وقيل نادراً بالدية الكاملة.
ومستند الأوّل : الإجماع والشهرة وهما كما ترى ، وآيتي الاعتداء والمعاقبة الدالّتان على المماثلة في العقوبة . وعموم قوله تعالى : ( والجروح قصاص )والروايات الواردة في المقام[33] ، كرواية التهذيب عن عمّـار الجامعة لشرائط العمل ، إلاّ أ نّه ربما يتخيّل معارضتها لرواية سماعة[34] الدالّة على الدية ، إلاّ أنّ رواية عمّـار أرجح سنداً كما تؤيّده الآيات الثلاثة : آيتا المماثلة وآية الجرح.
هذا فيما لم نتمكّن من الجمع العرفي (بحمل العامّ على الخاصّ والمطلق على المقيّد) والجمع التبرّعي (باعتبار الجمع مهما أمكن أولى من الطرح) بينهما ، إلاّ أ نّه قد ذكروا محامل للجمع التبرّعي ، كأن تحمل رواية الدية على من يخاف من التلف في القصاص ، أو تحمل على ما لو كان المجني عليه عنّيناً ، أو تحمل على رضا المجني عليه بالدية.
هذا فيما لو صحّحنا الجمع التبرّعي ، وإلاّ فيرجع علمها إلى الإمام (عليه السلام) فهو أعرف بما قال ، عند معارضته بالاُصول والقواعد الأوّلية والأدلّة القطعيّة.
فنختار رواية عمّـار وعموم الآيات ونقول بالقصاص.
وهنا تنبيهات :
1 ـ لو جنى على مجنون أو صبي أو سفيه بقطع آلته ، ففي المسألة أقوال : فقيل بالقصاص وقيل بالدية ، وقيل بالتفصيل.
ففي الرواية[35] (لا قود لمن لا يقاد) وفيها سهل بن زياد ، والأمر فيه سهل ، وإنّها في قتل المجنون لا في قطع آلته ، وفي مقنع الصدوق[36] (في ذكر الغلام الدية كاملة) إلاّ أ نّها لا تقاوم عموم آيات الاعتداء والجرح ، فيشكل العمل بها ، فنقول بالقصاص للإطلاقات ، إلاّ أن يخاف عليه ، فتؤخذ الدية الكاملة ، كما هو الظاهر من الظواهر.
2 ـ ولو انعكس الأمر فأورد المجنون على فائق بقطع ذكره ، فعمده خطأ فلا يقتصّ منه ، بل يؤخذ الدية الكاملة ، وقيل من ماله إن كان له ، وقيل من بيت المال ، وقيل من وليّ أمره ، أو يدفع هو بعد إفاقته ، وفي الصبي بعد بلوغه ، والقول من العاقلة خلاف الأصل ، والظاهر أ نّه في الصبي يؤخذ من ماله إن كان له ، وإلاّ فعليه ذلك بعد بلوغه ، وإلاّ فمن بيت المال الذي اُعدّ لمصالح المسلمين.
3 ـ ما لو جنى السالم على العنّين بقطع ذكره[37] ، فقيل بالقصاص ، وقيل بالدية ، وقيل بالتفصيل بين العنين الذي له كالجلدة المعلّقة ، وبين ما فيه القوّة الحاسّة كأن ينقبض في الماء البارد وينبسط في الماء الحارّ ، فإنّه يقتصّ في الثاني دون الأوّل.
وقيل : بثلث الدية ، ومستند القصاص إطلاق الأدلّة من عمومات الآيات والروايات ، إلاّ أ نّه يشكل ذلك لعدم صدق المماثليّة ، وعند الشكّ لا يتمسّك بالعموم في الشبهات المصداقيّة ، إلاّ أن يقال في تشخيص ذلك ومعرفته إنّما يرجع فيه إلى العرف الساذج ، وإنّه يقول بالقطع ، فيقتصّ للعمومات.
ومستند الدية الكاملة رواية[38] بريد العجلي إلاّ أ نّها لا تقاوم الآيات الشريفة ، وإن كان السند معتبراً والدلالة واضحة.
ومستند القول الثالث لرواية حمّـاد بن زياد[39] في اليد الشلاّء من باب تنقيح المناط ووحدة الملاك ، إلاّ أنّ الرواية ضعيفة السند لجهالة حمّـاد ، كما إنّ المناط فيها من المخرّج . وعندنا من القياس الباطل.
4 ـ لو جنى بقطع الحشفة فهل يقتصّ منه مطلقاً[40] ؟ قيل بذلك ، وقيل بالدية ، وقيل بالتفصيل بين الشابّ والكهل عند اختلافهما ، والصبي والبالغ.
ومستند الأوّل : صدق المماثلة ، إلاّ أ نّه في الخنثى يشكل ذلك لعدم الصدق وإنّه من الشبهة المصداقيّة التي لا يتمسّك بالعموم فيها ، فيرجع إلى بدل القصاص أي الدية ، ولمّـا لم يعلم مقدارها فيما نحن فيه ، فالأحوط الرجوع إلى المصالحة ، فإنّ الصلح خير.
5 ـ لو قطع الخصيتين[41] أو أحدهما ، اليسرى أو اليمنى ، فقيل بالقصاص لعموم الأدلّة كما هو المشهور والمجمع عليه ، إلاّ فيما يخاف من الموت ، وقيل بالدية الكاملة عند قطعهما ، وضعفها في أحدهما ، وقيل بثلثي الدية في اليسرى ، وفي اليمنى ثلث الدية لأنّ الولد منها ، تمسّكاً برواية ضعيفة السند[42] ، وهناك رواية اُخرى تمسّكاً بمفهوم العدد فيها ، وهو غير ثابت فلا تقاوم إطلاق الأدلّة من الآيات الثلاثة.
وقال القطب الراوندي بالتفصيل بين الشابّ لو قطعت يُسراه فالثلثان ، وبين الكهل فالثلث.
وذهب أبو علي بن الشيخ الطوسي عليهما الرحمة إلى التفصيل بين اليسرى فكلّ الدية ، واليمنى فنصف الدية.
والمختار القصاص ما لم ينجرّ إلى الخطر وخوف الموت ، وإلاّ فالدية كاملة أو نصفها.
6 ـ وهنا تنبيه لم يذكره سيّدنا الاُستاذ جاء في الجواهر[43] وهو : لو قطع الذكر والخصيتين اقتصّ له سواء قطعهما دفعة أو على التعاقب ، بدأ بالذكر أو الخصيتين ، أدّى قطع الخصيتين إلى تعنّن أو شلل في الذكر أو لا ، فلا يتوهّم أ نّه إن قطع الاُنثيين فشلّ الذكر ثمّ قطع الذكر لم يقتصّ له من ذكره الصحيح ، لأنّ الشلل إنّما جاء من جنايته ، وفي كشف اللثام (نعم إن كان أدّى دية شلله استردّها ، وعن بعض العامّة أ نّه إذا قطع الخصيتان أوّلا لم يكن في الذكر إلاّ الحكومة ، لأ نّهما إذا قطعتا ذهبت منفعته ، إذ لا يخلق الولد من مائه ، وهو كما ترى ، والله العالم ـ انتهى كلامه رفع الله مقامه ـ .
العشرون : هل يثبت القصاص في الشفرين[44] ؟
يثبت القصاص في الشفرين كما يثبت في الشفتين ، هذا ما ذهب إليه المشهور.
والشفرة اسم لعضوين : أحدهما مطبق العينين الذي عليه الأهداب والآخر عبارة عن لحمة يضمّ الفرج عند المرأة ، فإنّ مهبل المرأة تحيطهما شفرتان من اليمين والشمال إحاطة الشفتين بالفم ، وهناك لحمة اُخرى كعرف الديك على رأس المهبل يسمّى بالبظر ، وإنّه من السنّة ختانه.
فلو جنت المرأة على اُخرى في شفرتيها أو إحداهما ، فعليها القصاص ما لم يتخوّف عليها.
ولو جنى
الرجل على امرأة في شفريها[45] ،
فعند بعض العامّة عليه القصاص في خصيتيه ، تمسّكاً بآية المماثلة ، وأنت
خبير بعدم صدقها فيما نحن فيه ، فالصحيح كما عند المشهور الدية ، وادّعي
عليه الإجماع والشهرة ، ولرواية عبد الرحمن بن سيّابة[46] عن أبي عبد
الله (عليه
السلام)
أنّ في كتاب عليّ (عليه السلام) ـ وهذا دليل على أنّ أوّل
من
كتب
في الإسلام هو أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام) ، كما أنّ
لسيّدتنا فاطمة الزهراء (عليها السلام)مصحف ، أي
كتاب ، لا بمعنى أنّ لها قرآن غير هذا القرآن الكريم بأيدينا كما يتّهمنا
الأعداء المغرضون ، بأنّ الشيعة لهم قرآن غير القرآن الذي بأيدي
المسلمين ، وهذا من الافتراء المحض والكذب الباطل ، وسيجزي الله
الكاذبين المفترين أشدّ العذاب ، خزي فى الدنيا وفي الآخرة عذاب مهين.
والسند جيّد لو قلنا بإجماع الكشّي ، وإلاّ فعبد الرحمن بن سيّابة فيه قولان : فبعض قال بالتأمّل فيه كالفاضل الهندي كما يوهم ذلك رجال الكشّي ، وعند الأكثر قالوا بصحّة رواياته كالعلاّمة البحريني في بلغة الرجال وهو شرح كتاب رجال الشيخ الطوسي ، وكالمحقّق الاسترآبادي المدفون بالبقيع في منهج المقال ، وكالمحقّق البهبهاني ، فقيل في حقّه : (اُسند عنه) وهذه العبارة تحتمل وجوه ، فبعضها تدلّ على القدح ، وبعضها على المدح ، فتارةً تأتي بمعنى : أنّ الأكابر كانوا يسندون رواياتهم عنه لجلالته ووثاقته ، واُخرى بمعنى أنّ الرواية المنقولة عنه على عهدته ، فيدلّ على القدح حينئذ ، والأولى عندي المعنى الأوّل.
فالرواية تكون معتبرة ويجوز العمل بها لاجتماع الشرائط فيها ، إلاّ ما يحتمل معارضتها برواية أبي بصير ، كما سنذكر ذلك.
ولنا رواية اُخرى كرواية عبد الرحمن وهي روايات الجعفريات ، وفي الجعفريات ما يقارب ألف رواية بسند واحد عن محمّد بن الأشعث عن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر عن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) ، ويسمّى بالموسويات أيضاً والأشعثيّات ، والمناسبة واضحة.
ففي رواية الجعفريات[47] : أنّ عليّاً (عليه السلام) رفع إليه رجل قطع فرج امرأته فأغرمه الدية.
والمراد من الدية دية المرأة الكاملة ، وهي نصف دية الرجل.
وكذلك لنا رواية الدعائم[48] بهذا المضمون ، في رجل قطع فرج امرأة متعمّداً وامرأة قطعت ذكر الرجل فقال (عليه السلام) : لا قصاص بينهما ، فيضمن كلّ واحد منهما الدية ويعاقب عقوبة موجبة ـ أي التعزير الموجع ـ ويجبر على إمساكها إن كانت امرأته.
ورواية المقنع للشيخ الصدوق عليه الرحمة ، وعندي مرسلة كرواية الدعائم ، فيبقى رواية عبد الرحمن والجعفريات ، فقيل بمعارضتهما لرواية أبي بصير[49] ، حيث تقول بنصف الدية ، فقيل بالمراجعة إلى الأخبار العلاجيّة ، ليؤخذ بالمرجّحات الداخليّة والخارجيّة بينهما ، إلاّ أ نّه يمكن الجمع بينهما ـ والجمع مهما أمكن أولى من الطرح ـ بأنّ المراد من الدية بنحو مطلق هو الدية الكاملة للنساء أي نصف دية الرجل ، فرواية أبي بصير إشارة إلى نصف دية الرجل أو يحمل نصف الدية إلى قطع طرف واحد.
وهنا تنبيهات :
1 ـ علم من مجموع الروايات أربعة اُمور : أنّ الباب باب الدية وليس القصاص ، وأ نّه إذا لم تكن الدية فالقصاص ، وأ نّه لا بدّ من التعزير والضرب الموجع ، ولا بدّ من إمساك المرأة لو كانت زوجة الجاني . ولكن في الضرب الموجع لا يتلائم مع ما ورد عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) : أ نّه يضرب ضرباً بين الضربتين.
ثمّ في بعض الروايات امرأته وهي زوجته ، أعمّ من الدائم أو المنقطع ، وفي المقنع امرأة ، وهي أعمّ من الزوجة وذات اليمين والمحارم والأجنبيّة ، فالمرأة اسم جنس وضع للماهيّة المعرّاة والمجرّدة من كلّ شيء ، وبالملاك المنقّح يستفاد ذلك في قطع فرج المرأة مطلقاً.
2 ـ ادّعاء المرأة يثبت بشهادة أربعة من النساء ، أو إقرار القوابل ، فإن ثبت فالدية ، وإلاّ فتعزّر.
3 ـ أنّ الدية بدل القصاص في العمدي دون الخطأ وشبه العمد ، وما نحن فيه يلزم القصاص بدلا عن الدية.
4 ـ إذا امتنع الجاني من إعطاء الدية فإنّه يجبره الحاكم على ذلك تعبّداً ، أو أنّ الحاكم وليّ الممتنع.
5 ـ لا فرق في المرأة بين العاقلة والمجنونة ، ولا بين الصحيحة والسقيمة ولا الشابّة والعجوزة ، ولا بين المختونة أو الغلفاء ، ولا بين المملوكة والحرّة ، ولا بين المسلمة أو الكافرة ، الذمّية أو غيرها ، كلّ ذلك لإطلاق الأدلّة.
6 ـ فوق الشفرتين البظر كعرف الديك ، ويستحبّ ختانه فإنّه من المكرمة ، فلو قطعها الجاني أو الجانية من دون رضاها ، فهل يقتصّ من الجانية للمماثلة والدية من الرجل ، أو الدية الكاملة مطلقاً ، أو بالنسبة إلى كلّ القبل ، أو يقال بالمصالحة ، فإنّ الصلح سيّد الأحكام ، ومستند الدية على القاعدة ، إلاّ أ نّه يشكل ذلك لاستحباب الختان ، وكذا الإشكال في القول بالنسبة ، فإنّ لكلّ شفرة نصف الدية فكيف يعطى من الدية بالنسبة ، وقيل على الجاني الحكومة بما يراه الحاكم من المصلحة ، والمختار هو المصالحة.
7 ـ لو كانت الشفرتان شللا ، فقيل بالدية أو ثلثها لتنقيح المناط في أحكام اليد المشلولة ، ولا بأس به إن تمّ هذا التنقيح وكان من الاطميناني ، فتأمّل.
8 ـ إمساك الزوجة بعد ورود الجناية من زوجها بقطع شفرتيها ، ظاهر أمره أ نّه مولويّ لا من الإرشادي.
9 ـ ولو أزالت جارية باكر بكارة جارية اُخرى بأيّ شيء كان ، فهل يقتصّ منها[50] ؟ قيل بذلك للمماثلة والمساواة ، ولكن عند بعض العامّة والخاصّة كفخر الدين الرازي والشهيد قالا بالدية ، فإنّ ذلك من البواطن فلا يعلم بالبصر ظاهراً ، وربما حين القصاص يزيد أو ينقص ، فيضرّ بالمهبل ويلزمه الخطر ، فيرجع حينئذ إلى الدية ، والمشهور ذهب إلى القصاص كما هو المختار لو لم يلزم الخطر.
10 ـ لو جنت المرأة بقطع شفرتي امرأة ، فالقصاص للتماثل ، إلاّ عند بعض الحنفيّة فإنّه قال بالدية ، لعدم إمكان تعيّن المقدار ، وربما يوجب الإجحاف بالزيادة أو النقيصة ، ويردّه الصدق العرفي وكفايته في المقام.
الحادي والعشرون : لو أورد على الخنثى جنايةً في قطع الذكر أو الخصيتين أو الشفرتين فما حكمه[51] ؟
لقد ذكرنا بعض المسائل الخنثويّة فيما مرّ ، وتبعاً للمحقّق نذكر جملة منها إتماماً للفائدة.
فالخنثى أوّلا ليس قسماً ثالثاً للبشر كما قيل ، بل إمّا هو من الرجال أو النساء ، فلو كان قسماً ثالثاً ، فإنّه يقتصّ منه عند المماثلة وإلاّ فالدية ، وكذلك لو انعكس الأمر ووردت الجناية على الخنثى . وبناءً على ما هو المعروف والمشهور أ نّه من الرجال أو النساء ، فإن كان سهلا ، أي يعرف حاله من خلال العلائم الشرعيّة والعرفيّة ، فيحكم عليه بما علم ، فيقتصّ عند المماثلة وإلاّ فالدية.
إنّما الإشكال في الخنثى المشكل فيما لم نقل بالمميّزات الواردة ، أو لم يعلم حاله حتّى بها ، فلو كان الجاني والمجني عليه من الخناثي المشكل ، فلا يقتصّ ، لعدم العلم بمورد الجناية أ نّه من الأصلي أو الزائد ، فإنّ القصاص فيما لو علم الأصالة في العضو الذكوري أو الاُنوثي ، فما دام لم تحرز الأصالة فالدية . وكذا باقي الصور فيما يكون الاشتباه في الاُنوثيّة والذكوريّة ، إلاّ أنّ المفيد الثاني الشيخ حسن (أبو علي) بن الشيخ الطوسي عليهما الرحمة كما نسب إليه ذهب إلى ثلث الدية : وقيل : بما يراه الحاكم من الحكومة . والمختار أن يقال بالصلح.
ولو أصرّ الخنثى المشكل على الانتقام فيؤخذ بالقدر المتيقّن ، أي دية الشفرتين فإنّه أقلّ الديات . ثمّ ينتظر حتّى يعلم حاله ، فإن كان أكثر من الشفرتين فيؤخذ بالنسبة ، وقيل : بنصف الدية ، وقيل : بالأرش ، ولكن ذلك من القياس بباب الميراث ، فإنّ الخنثى تأخذ نصف الذكور والإناث ، والقياس باطل في مذهبنا فأوّل من قاس إبليس عليه اللعنة.
وقيل بالأرش مطلقاً أي ما به التفاوت بين السالم والمعيب ، بناءً على أنّ الحرّ يفرض مملوكاً ، ولم يكن لهذا القول مستنداً يعتمد عليه . والمختار إجمالا أ نّه أينما كان التماثل فالقصاص وإلاّ فالدية.
وهنا تنبيهات :
1 ـ لا يخفى أ نّه ذكر في الفقه الإسلامي كواشف للخنثى المشكل[52] ، فلو لم تصبر عليها وطالبت بالانتقام قصاصاً أو دية لتشفي القلب ، فأخذ الحاكم من الجاني أقلّ الدية ـ كما ذكرنا ـ فلو انكشف بعدئذ أنّ الخنثى كان رجلا فيحقّ له القصاص ودفع ما أخذ ، أو أخذ ما نقص ليكمل الدية . وإن تبيّن أ نّه امرأة فإنّه يؤخذ منها الزائد لو كان وإلاّ فلا.
2 ـ ولو قطع الجاني العضوين الذكوري والاُنوثي من الخنثى ، فأراد المجني عليه التفصيل بين الآلة الذكوريّة وآلاته الاُنوثيّة بالقصاص والدية ، فإن تبيّن أ نّه رجل فيقتصّ منه لو كان الجاني رجلا ، وكذلك في الاُنوثة ، وإن لم يتعيّن أحدهما فلا قصاص بل الدية.
3 ـ لو طالب الخنثى بالدية لآلة ولاُخرى بما يراه الحاكم من الحكومة ، فلا يقبل قولها ما دام لم يعلم حالها ، وللحنفيّة قولان : يرجع إلى الحاكم في كلتا الجناية ، وقيل : بالتفصيل بين التدريج والدفعة الواحدة ، فلو كان الثاني فبما يراه الحاكم ، فإنّه لا يعلم فيه الأصالة والتبعيّة والزائد ، ولو كان الأوّل فالدية.
4 ـ لو كان للخنثى آلتان ذكوريّة ، أحدهما بالأصالة والآخر عضواً زائداً ولا يعلم أ يّهما الأصلي ، فإنّه يشكل القصاص حينئذ ، لعدم إحراز المماثلة ، وكذلك يشكل الدية لعدم العلم بالأصلي حتّى تجب الدية الكاملة ، أو الزائد حتّى يجب بما يراه الحاكم ، والمختار هو الصلح فإنّه سيّد الأحكام.
5 ـ لو كان له آلة مستورة تحت الجلد واُخرى ظاهرة ، فأورد عليهما الجناية ، فقيل بعدم القصاص ، والأولى التفصيل بين القطع دفعة بالجلد وآلة وبين التدريج ، فلو ارتكب جنايتين ففي الجلد القصاص أو الدية أو بما يراه الحاكم ، وفي الآلة لو كانت أصليّة بالكواشف فالدية كاملة أو القصاص.
6 ـ لو قطع إحدى الإليتين أو كلاهما[53] ، فقيل بنصف الدية الكاملة في الواحدة وفي كلاهما الدية كاملة ، وقيل بالحكومة بما يراه الحاكم لعدم العلم بمساحتهما وحجمهما من حيث الامتداد الثلاثة ـ الطول والعرض والعمق ـ وقيل بالقصاص للصدق العرفي في الحدود وللمماثلة من دون ملاحظة العمق ، والظاهر عدم الإشكال فيه لو لم يكن خوف الخطر ، أو كان ملتصقاً بالعظم فلا تصدق المماثلة عرفاً ، فيرجع إلى الدية أو بما يراه الحاكم أو المصالحة.
الثاني والعشرون : هل يقطع العضو الصحيح بالمجذوم[54] ؟
قبل بيان الحكم لا بأس بذكر مقدّمة وهي : قد يصاب الإنسان بأمراض جلدية منها : الجذام والبرص والبهق ، والأوّل ـ والعياذ بالله ـ مرض يظهر أوّلا على الجلد فييبس ، ثمّ يصاب الإنسان بدوران العين ، ثمّ يبحّ الصوت وينتن اللحم وتسقط الحواجب ، ومن ثمّ يسقط اللحم حتّى يبقى المريض جلد وعظم . وأمّا البرص والبهق فعبارة عن قطع سوداء على الجلد ، فإن خرج بالإبرة الدم فالبرص ، وإن خرج مايع خاصّ فهو البهق ، والجذام قابل العدوى والانتقال ، واُمرنا أن نفرّ منه كما نفرّ من الأسد ، كما يوجب فسخ عقد النكاح عند المذاهب السبعة الموجودة في عصرنا ، والسفلس من الجذام ، أمّا البرص فغير مسر ولا يعدي ، فلا يوجب الفسخ عند أكثر الفقهاء.
وأمّا الذي
نحن فيه ففي المسألة ثلاث صور : فأمّا الجاني والمجني عليه من
المجذومين ، أو يكون الجاني صحيحاً والمجني عليه مجذوماً ، أو
بالعكس . فالأوّل على الجاني القصاص بشرط المماثلة لعموم الأدلّة ،
وشرذمة قليلة قالوا بالدية ، أو بما يراه الحاكم من الحكومة ، وذهب إليه
العلاّمة في القواعد والفاضل الهندي في كشف اللثام ، وذلك من باب الملاك في
اليد الشلاّء . والعجب من بعض الأعلام قالوا بالقصاص تمسّكاً برواية ضعيفة[55]
بسهل بن زياد وحريش ـ بالحاء المهملة وهو
الأصحّ ـ
يقول النجاشي عنه : إنّه ضعيف جدّاً ، وكذا العلاّمة في
الخلاصة . والاستدلال بها من باب تنقيح المناط فيما نحن فيه ، فهو من
المخرج الباطل ، لا سيّما وفي الرواية إشارة إلى جانيين وكلامنا في الجاني
الواحد.
وإذا كان الجاني جذاميّاً والمجني عليه سالماً ، فإنّه يقتصّ من الجذامي ، إلاّ أ نّه وقع اختلاف بالنسبة إلى الأرش على فرض الحرّ مملوكاً ، والمشهور عدم ذلك لإطلاق الأدلّة ، وقيل به للتفاوت.
الثالث والعشرون : هل يقطع الأنف الشامّ بالعادم له[56] ؟
توضيح
ذلك : لو جنى من كان سالم الأنف في قوّته الشامّة التي في الحلمتين من
الأنف على من كان معدوماً في حسّ الشمّ ، فالظاهر بعد التتبّع عليه القصاص
لعموم
الأدلّة من آيات القصاص وأخباره ، وعند الحنفيّة عدم القصاص ، فإنّ
الناقص لا يقتصّ بالكامل قياساً بما جاء في أخبار اليد الشلاّء ، وهذا من
المناط الظنّي المخرج الذي لا يغني ولا يسمن من جوع ، وعند القصاص تحفظ
الحلمتين لتبقى القوّة الشامّة ، وكلامنا في ظاهر الأنف فليس من الكامل
والناقص.
وها هنا تنبيهات :
1 ـ لا فرق بين أقسام الأنف بين الكبير والصغير والأقنى والأفطس والبالغ وغيره ، والمجنون والعاقل والسفيه ، وغير ذلك لعموم الأدلّة ، إلاّ ما خرج بالدليل.
2 ـ لو كان أنف الجاني مجذوماً وأنف المجني عليه سالماً ، فإن يقتصّ منه إذا لم يلزم الخطر ولا يتناثر اللحم مع أخذ التفاوت.
3 ـ لو كان خيشوم أو مارني المجني عليه شللا ، فإنّه يقتصّ من الجاني الصحيح ، ولا يقاس باليد الشلاّء للعموم ، وقيل بأخذ الثلث إلحاقاً بيد الشلاّء.
4 ـ لو قطع المارنين[57]
دون القصبة ، فذهب المشهور إلى القصاص للمماثلة والعموم وقيل :
بالدية الكاملة ، وقيل يرجع إلى الحاكم الشرعي بما يراه من
الحكومة ،
والمختار الأوّل لقوّة أدلّته.
5 ـ لو قطع من الخيشوم المارنين والقصبة ، فالمشهور القصاص كما هو المختار ، وقيل : بالدية على أنّ القصبة كالعظم لعدم الاتّصال فيه ، وفي الديات في كسر العظم ديات وهذا عليل كما هو واضح ، وقيل : بالحكومة بما يراه الحاكم ، وقيل : بالتفصيل ففي المارنين القصاص وفي القصبة الدية بناءً على أ نّه من العظام أو بحكمها.
6 ـ لو قطع بعض المارنين[58] وبعض القصبة ، فالمشهور القصاص ، لعموم الأدلّة وكذلك في قطع القصبة وحدها.
7 ـ لو اشترك شخصان في جناية فقطع أحدهما مارني المجني عليه والآخر القصبة[59] ، فالمشهور ذهب إلى القصاص من الأوّل والدية من الثاني إن كان لها مقدّر وإلاّ فالرجوع إلى حكومة الحاكم بما يراه من المصلحة ، وهذا هو المختار ، إلاّ أنّ مستند القصاص عند بعض رواية مولانا أبي جعفر الثاني (عليه السلام) وفي السند سهل بن زياد وحريش وهما كما ترى ، ثمّ من حيث الدلالة بناءً على تنقيح المناط وهو من المخرج ، فالدليل عندنا عموم أدلّة القصاص كآيات المماثلة.
8 ـ وكذلك الحكم في
المنخرين[60] ،
فإنّه نقول بالقصاص فيهما ، وكذلك الحاجز
بينهما ،
إلاّ أ نّه لو كان القصاص يوجب خطراً كما هو الظاهر فإنّه يقال بالدية ،
لأنّ الحاجز من البواطن ، ويحتمل الخطر فيه عقلائيّاً ، فيكفي ذلك في
الحكم بالدية.
الرابع والعشرون : لو قطع الاُذن في جناية فما هو الحكم[61] ؟
توضيح ذلك : نقول مقدّمةً : إنّ الاُذن تركب من الغطاريف الظاهرية ثمّ الدهليز في نهايته عظماً رقيقاً غطّي بجلد رقيق تنتقل إليه الأصوات بأمواج وهواء مضغوط بين القارع والمقروع ، ثمّ ينتقل الهواء إلى الاُذن حتّى العظم الذي يسمّى بالصماخ وفيه القوّة المنفعلة الجاذبة ، وفي حديث أمير المؤمنين (عليه السلام) في وصف الإنسان أ نّه يسمع بعظم ويبصر بشحم وينطق بلحم ، وقيل إنّ السمع إنّما يكون بواسطة الغطاء الذي على العظم وحينئذ لو وردت الجناية على الاُذن الظاهريّة ، فالقصاص للمماثلة ، ولا يصغى إلى بعض الحنفيّة بأ نّه معرّض للخطر فيقال بالدية . وكذلك لو اختلفا بالصمّ وعدمه ، فإنّه من البواطن وما قيل في الاُذن جار هنا كذلك ، والمختار القصاص لعموم قوله تعالى ( الاُذن بالاُذن )[62].
وهنا تنبيهان :
1 ـ لو وردت الجناية من صاحب اُذن صحيحة على اُذن مثقوبة فما هو حكمه[63] ؟
قبل بيان الحكم نقول مقدّمة : إنّ ثقب الاُذن على أقسام ثلاثة : فتارةً من يفعلن النساء ذلك للقرط وفي بعض البلاد للرجال أيضاً ، فلا تأثير لمثل هذا الثقب ، فالجناية فيه يلزمه القصاص ، فإنّه من الصحيح بالصحيح لا بالمعيوب . واُخرى الثقب للمعالجة فإنّه يصدق عليه عرفاً عنوان العيب.
والثالث : لو ولدته اُمّه مثقوب الاُذن ، فالمرتكز العرفي في جنايته صدق (الاُذن بالاُذن) فيكون القصاص ، وإن شكّ في عيبه فيلزم تخصيص العمومات بالثقب ، والأصل عدم التخصيص ، فيبقى العموم على عمومه ، فيقتصّ منه عند اجتماع شرائطه ، وقيل بالدية فإنّه لا يصحّ قصاص التامّ بالناقص ، وقيل بنسبة السالم يقتصّ منه والباقي المعيوب يرجع فيه إلى الدية بالنسبة ، أو يقال بحكومة الحاكم ، وفسادهما واضح ، فإنّ الأصل المثليّة وتعيّنها بيد العرف ، وإنّه يحكم بذلك فيما نحن فيه ، نعم لا يتمسّك برواية ابن حريش لضعف السند ، ولأ نّه من المناط المخرج ، فتبقى عموم وإطلاقات الأدلّة على حالها ، لعدم تخصيصها.
2 ـ إذا التحم الثقب أو النقب فيا ترى هل يقتصّ منه ؟
وقع اختلاف بين الأصحاب ، فقيل : بعدم القصاص ، إلاّ أنّ المقتضي للقصاص هنا متحقّق وهو الجناية ويشكّ في أصل المانع وهو الالتحام ، والنزاع مبنويّ ، فمن قال بجريان أصالة المانع فيقدم الدية ، ومن قال بأصالة عدم جريان أصالة المانع فيقول بالقصاص ، كما هو المختار.
الخامس والعشرون : لو أورد الجناية على الأسنان فما هو حكمه[64] ؟
توضيح ذلك : أنّ الأسنان المشتركة عند الناس 28 سنّاً وإن زاد عند البعض ، وللأسنان فوائد خاصّة واُخرى مشتركة ، فمنها للحروف ومخارجها ، واُخرى لتقطيع الأكل ومضغه وطحنه ، فلو أورد الجاني على سنّ المجني عليه جنايةً فهنا صور : فتارةً كلاهما سالمان في أسنانهما ، واُخرى أحدهما سالم والآخر معيب ، وثالثة كلاهما معيبان ، فعند المماثلة قيل بالقصاص وقيل بالدية ، والأولى التفصيل بين ما يخرج وينبت بعد الجناية من القلع وغيره فعليه الدية ، وإلاّ فالقصاص لعموم الأدلّة ، ولا فرق في ذلك بين الناقص والكامل ، فإنّ ذلك في مورد خاصّ ولا نقول بعمومه ، وقيل بالدية كما عند المحقّق الأدربيلي ، إلاّ أ نّه لا مستند قوي له ، فالمختار كما عند المشهور القصاص . هذا فيما لو كان كلاهما سالمان ، أمّا مع كون أحدهما مثغراً[65] ، فلو قلع الجاني السالم سنّ المثغر فهل يقتصّ منه ؟ في المسألة وجهان : فتارةً يخرج السنّ ويعود فهنا يأتي النزاع في جريان أصالة المانع وعدمه ، فمن قال بالعدم عند الشكّ في المانع بعد وجود المقتضي وهو الجناية ، فيقول بالقصاص ، وإلاّ فالدية ، ويحتمل جمعاً بين الحقّين أن يقتصّ منه مع ردّ التفاوت والمختار القصاص ، والأحوط الصلح ، فإنّه سيّد الأحكام.
وهنا تنبيهات :
1 ـ لو جنى على سنّ صبيّ فما حكمه[66] ؟
المسألة ذات أقوال : فقيل بالقصاص ، وقيل : الدية ، وقيل الأرش فيما لم ينبت مرّةً اُخرى . وقيل : بالحكومة بما يراه الحاكم ، وقيل بحكم البالغ ، وقيل : على الجاني بعيراً ، هذا فيما إذا كان المجني عليه سالماً.
ومستند القصاص كما عند المشهور عموم الأدلّة من إطلاقات الآيات والروايات ومنها لأبي بصير الممدوح بقرينة المميّزات الرجاليّة وهو ليث بن محمّد المرادي أو عبد الله البختري وهو موثّق فلا إشكال في السند ، ولنا طريقان إلى روايته هذه فى الكافي وفيه سهل بن زياد والأمر فيه سهل ، وبسند الصدوق وهو معتبر[67] ، والمعيار رفع القلم عن المجنون ، فلا قود لمن لا يقاد منه ، وكذلك الصبي حتّى يبلغ فيتدارك بالدية ، إلاّ أنّ أكثر الأصحاب أعرضوا عن هذه الرواية ، وقالوا بالقصاص.
ومستند الدية رواية الكليني[68] ، الأسنان كلّها سواء كلّ سنّ خمسمائة درهم ، والرواية مطلقة تحمل على الخطأ ، كما أ نّها معارضة باُخرى ، والترجيح في ضدّها ، والدية بذمّته لا على عاقلته.
ومستند الأرش لعدم ثبوت القصاص ولا بدّ له ، فيؤخذ بالأرش وما به التفاوت بين السالم والمعيب والكبير والصغير ، بعد فرض الحرّ مملوكاً . ولا دليل يعتمد عليه في ذلك.
وأمّا الرجوع إلى الحاكم وحكومته ، لما يتولّد من أقوال الآخرين الشكّ فيرجع إلى الحاكم في ذلك ، ولكن من يقول بالقصاص للعمومات لا شكّ له.
وأمّا القول بالبعير ـ وهو مشترك بين الذكر والاُنثى ويسمّى الأوّل جمل والثاني ناقة ، كما يشمل الصغير والكبير ـ فمستنده روايات ثلاثة : إحداها في الجعفريات والاُخريان في الوسائل[69] . وفي السند من الضعفاء كابن شمون وأبي الفضل الشيباني وابن بطة . كما أعرض عنها الأصحاب ، وإنّها أخصّ من المدّعى ـ ولا بدّ من المطابقة بين الدليل والمدّعى كما في آداب المناظرة ـ ورواية الجعفريات من الدعائم وعندنا من المرسلات.
والمختار القصاص لعموم الأدلّة.
2 ـ لو مات صاحب الحقّ قبل استيفاء حقّه فما تركه من ملك أو مال أو حقّ فلوارثه[70] . ومن القواعد المستطادة قاعدة (ما تركه الميت فلوارثه) فلو مات الجاني فتأخذ الدية من ورثته ، خلافاً للحنفيّة وبعض الشافعيّة بأ نّه يقتصّ من ورثته ، وهذا شيء عجاب ، فإنّه لا تزروا وازرة وزر اُخرى ، ولو مات الصبي المجني عليه قبل اليأس من عود السنّ قضي لوارثه بالأرش كما عند المشهور . وقيل : عليه الدية.
3 ـ في إنبات السنّ قيل ينتظر بنحو مطلق[71] ، وقيل إلى سنة كما عند المحقّق في الشرائع والشهيدين في بعض كتبهما ، وقيل ينتظر بما هو المعتاد ، وكلّ شيء بنسبته ، وكذلك اختلاف الأقوال فيما يجب عليه كما مرّ.
وأمّا مستند القول المطلق ، فللإطلاق ، وأمّا مستند القول الثاني فتمسّكاً بالمناط برواية عبد الله بن سنان[72].
وقيل بالأرش بناءً على رواية جميل بن درّاج وهي ضعيفة السند ، ومستند الحكومة إنّما هو من جهة الحيرة في الأقوال المتقدّمة ، وهذا إنّما يتمّ لو لم يكن دليل معتدّ به على القصاص أو الدية ، ومستند القول بالبعير فلروايات ثلاثة ، ثنتان منهما ضعيفتان ، والثالثة رواية فقه الرضا قد أعرض عنها الأصحاب ، كما أنّ الدليل أخصّ من المدّعى ، فقد قالوا بالبعير مطلقاً ، والروايات إنّما تدلّ على ذلك في بعض الموارد.
وقيل بستّة دنانير لرواية فقه الرضا[73] ، وهي عندنا من المرسلات ، كما أعرض عنها الأصحاب ، وقيل برواية نبويّة عامّية لا اعتبار لها عندنا.
4 ـ لو نبت السنّ بعد القصاص[74] ، فقيل بقلعه مطلقاً ، وقيل بعدمه مطلقاً ، وقيل بالتفصيل بين القول بأ نّه هبة من الله تعالى فلا قصاص ، وإلاّ فعليه ذلك ، وقيل إن أخذ بدل القصاص في المرّة الاُولى من الدية فإنّه يقلع ثانياً ، وإلاّ فلا ، وقيل : إن كان عند العرف ممّـا لا ينبت فنبت فهو هبة من الله فلا قصاص ، وإلاّ فعليه ذلك ، وتوقّف الفاضل المقداد في ذلك ، والتوقّف تحيّر في ترجيح الأقوال وليس قولا.
ومستند عدم القصاص باعتبار أ نّه اقتصّ منه أوّلا فسقط الحقّ ، ولا دليل على القلع ثانياً فلا قصاص بعد القصاص ، فالسنّ بالسنّ إلاّ في هذا المورد ، فلا مماثلة في البين ، ولا يبعد هذا القول ، وهو المختار.
ومن قال بالقصاص تمسّكاً بعموم الأدلّة وإطلاقاتها ، وعند الشكّ في التخصيص أو التقيّد فأصالة العدم فيقتصّ منه ، إلاّ أ نّه أنت خبير كيف يكون القصاص مرّة اُخرى بعد القصاص ، وهذا ما يستفاد من أخبار أهل البيت (عليهم السلام) ، وربما يصدق عليه عنوان الظلم وأ نّه قبيح عقلا ونقلا . وكذا لا يصحّ مستند القول الثالث بأنّ البدل الدية بحكم المبدل منه ، ولكن هذا إذا لم يكن المبدل منه وهو القصاص من قبل ، وقد تحقّق وسقط ، وكذلك الكلام في القول الرابع ، فتأمّل.
5 ـ يشترط في القصاص ـ كما مرّ ـ وحدة المحلّ[75] ، فلا يجوز قلع ثنايا السفلى مثلا بالعليا ، ذهب إلى ذلك جمع كثير من الفقهاء الأعلام كالشيخ الطوسي وتلامذته والعلاّمة الفاضل والمحقّق في الشرائع والشهيدين عليهم الرحمة . وقيل : بصدق الإسم فلو جنى على الثنايا فيقتصّ بها مطلقاً سواء العليا أو السفلى تمسّكاً بالإطلاقات ، ولكن مقتضى المماثلة أن يراعي صدق الإسم والمحلّ ، كما هو القدر المتيقّن . وقيل : يرجع إلى العرف فإن قال بالمماثلة وصدقها فإنّه يكفي ذلك في القصاص وإلاّ فلا ، والظاهر أنّ العرف لا يقول بالمماثلة في اختلاف المحلّ ، فالمختار القول الأوّل لتحقّق المماثلة في صدق الاسم والمحل.
6 ـ بالحصر العقلي بين الجاني والمجني عليه في السنّ الأصلي والزائد أربعة صور[76] : فكلاهما أصليّان أو زائدان أو الجاني زائد والآخر أصلي أو بالعكس ، فالأصليّان يوجبان القصاص لوحدة المكان وصدق المماثلة . وكذلك في الزائدين مع وحدة المكان ، والدية عند تغايرهما لعدم المماثلة ، وقيل بالقصاص لإطلاق (السنّ بالسنّ) ، والأقوى الرجوع إلى الدية.
7 ـ لقد اختلف الأعلام في مقدار دية السنّ كما يأتي في كتاب الديات.
8 ـ ما ذكر عند إحراز السنّ الأصلي أو الزائد ، وأمّا عند الشكّ في أصالته أو زيادته ، فإنّ الحدود تُدرأ بالشبهات ، فيرجع إلى الدية ، إلاّ أ نّها تدور بين الأقلّ والأكثر الاستقلالي ، فإنّ دية الأصلي أكثر من الزائد ، ولنا علم إجمالي بالأقلّ والأكثر ، والمختار انحلاله حكماً ، فيؤخذ الأقلّ لأ نّه القدر المتيقّن ، ونجري أصالة البراءة في الأكثر ، فيحكم على السنّ حينئذ بزيادته.
9 ـ لو قطع السالم في جناية إصبعين من المجني عليه أحدهما أصليّة والآخر زائدة ، من الجاني أو المجني عليه ، أو كلاهما أصليّة أو زائدة ، فهذه صور أربع كما في السنّ[77] . ففي الأصليّين أو الزائدين يقتصّ من الجاني للمماثلة وتساوي المحلّ ، وفي الزائد عند المجني عليه تؤخذ الدية من الجاني ، وكذلك العكس عند المشهور لقاعدة مصطادة بأ نّه (كلّ عضو كان من البدن فإنّه يقتصّ له ، وإذا لم يكن فالدية) ففي السالم صدق المماثلة وتساوي المحلّ فيقتصّ منه ، وفي الزائدة تؤخذ الدية ، وقيل بعدمها ، فإنّها إنّما تكون لو أمكن القصاص ، ولمّـا لم يكن المبدل منه فكيف يكون البدل وهو كما ترى . والله العالم بحقائق الاُمور.
[1]الجواهر (42 : 360) : فإن زاد المقتصّ في جرحه لاضطراب الجاني فلا شيء عليه ، لاستناد التفريط إليه باضطرابه ، وإن لم يكن يضطرب اقتصّ من المستوفي إن تعمّد ، وطولب بالدية مع الخطأ.
وفي تحرير الوسيلة 2 : 542 ، مسألة 12 ـ لو اضطرب الجاني فزاد المقتصّ في جرحه لذلك فلا شيء عليه ، ولو زاد بلا اضطراب أو بلا استناد إلى ذلك فإن كان عن عمد يقتصّ منه ، وإلاّ فعليه الدية او الأرش ، ولو ادّعى الجاني العمد وأنكره المباشر فالقول قوله ، ولو ادّعى المباشر الخطأ وأنكر الجاني قالوا : القول قول المباشر ، وفيه تأمّل.
[2]الجواهر (42 : 360) : ويقبل قوله ـ قول المقتصّ ـ في دعوى الخطأ مع اليمين ، وإن ادّعى الاضطراب قدّم قول الجاني للأصل ـ أصل عدم الاضطراب ـ وإن كان الأصل البراءة ـ براءة المقتصّ المستوفي ـ ترجيحاً للمباشرة ، فإنّ المباشر يقدّم على غيره ـ ثمّ يذكر صاحب الجواهر في القدر المأخوذ من المقتصّ مع الخطأ إشكالا ، فراجع.
[3]الجواهر (42 : 360) : (ويؤخّر) استيفاء (القصاص في الأطراف من شدّة الحرّ والبرد إلى اعتدال النهار) حذراً من السراية ولما سمعته في الحدود ، بل الظاهر وجوب ذلك كما هو المستفاد من عبارة المصنّف وغيرها ، نعم الظاهر اختصاص ذلك في قصاص الطرف دون النفس المراد إزهاقها على كلّ حال ، فما عن بعض من كون ذلك على الاستحباب كما عن آخر من عدم الفرق بين الطرف والنفس في ذلك كما ترى.
وفي تكملة المنهاج 2 : 160 ، مسألة 171 : يجب تأخير القصاص في الأطراف عن شدّة البرد أو الحرّ إذا كان في معرض السراية ، وإلاّ جاز ـ وذلك لوجوب حفظ النفس المحترمة ، وعدم جواز ارتكاب ما يوجب تعريضها للهلاك ـ .
وفي تحرير الوسيلة : 543 ، مسألة 13 ـ يؤخّر القصاص في الطرف عن شدّة الحرّ والبرد وجوباً إذا خيف من السراية ، وإرفاقاً بالجاني في غير ذلك ، ولو لم يرضَ في هذا الغرض المجني عليه ففي جواز التأخير نظر.
وفي جامع المدارك (7 : 273) : (ويجتنب القصاص في الحرّ الشديد والبرد الشديد ويتوخّى اعتدال النهار) وأمّا اجتناب القصاص في الحرّ الشديد والبرد الشديد فالظاهر عدم الخلاف فيه ، وقيل : إنّه من جهة الحذر عن السراية واُيّد بما مرّ في الحدود ، وظاهر الكلمات اللزوم وإثبات اللزوم لا يخلو عن الإشكال.
وفي رياض المسائل (2 : 528) : (ويجتنب القصاص في الحرّ الشديد والبرد الشديد ويتوخّى فيه اعتدال النهار) بلا خلاف أجده قالوا حذراً من السراية ، وربما يؤيّده ما مرّ في الحدود من تأخيرها إلى ذلك الوقت ، وظاهر التعليل كالعبارة وغيرها من عبائر الجماعة وجوب التأخير واختصاصه بقصاص الطرف دون النفس ، واستظهر بعض الأصحاب الاستحباب وهو بعيد كاحتمال آخر العموم لقصاص النفس أيضاً.
وفي اللمعة (10 : 81) : (ويؤخّر قصاص الطرف) من الحرّ والبرد (إلى اعتدال النهار) حذراً من السراية.
[4]اُحاول تأدّباً أن لا اُبدي نظراً عند بيان ما يذهب إليه سيّدنا الاُستاذ خلال التقريرات ، وقد راعيت ذلك ، فإنّي أعتقد أنّ بركة العلم في تعظيم الاُستاذ كما جرّبت ذلك تكراراً ومراراً ، إلاّ أ نّه هنا ربما يقال بأنّ المقصود من القصاص ، أو يعدّ من الأركان الأساسيّة أو الحكمة الأوّلية في القصاص هو التشفّي ، وهذا إنّما يتمّ مع إحساس الألم في الجاني كما أحسّه المجني عليه ، فكيف يخدّر حتّى لا يحسّ بالآلام ؟ وأخيراً يلزم أنّ الجاني يضحك على ذقن المجني عليه لو قلنا بإجابة الجاني.
[5]الجواهر (42 : 361) : (ولا يقتصّ إلاّ بحديدة) حادّة غير مسمومة ولا كالّة مناسبة لاقتصاص مثله كالسكين ونحوها لا بالسيف والكال ونحوهما.
وفي تكملة المنهاج 2 : 160 ، المسألة 172 : المشهور اعتبار كون آلة القصاص من الحديد ودليله غير ظاهر فالظاهر عدم الاعتبار ـ قال المحقّق الأردبيلي (قدس سره) عند شرحه عبارة العلاّمة (ولا قصاص بغير الحديد) لعلّ وجهه الإجماع والخبر (انتهى).
أقول : الظاهر عدم الاعتبار ، وذلك لأ نّه لا دليل على تقييد إطلاقات أدلّة القصاص بأن يكون بآلة من حديد ، بعد شمولها للاقتصاص بغيرها أيضاً فإنّ الإجماع لم يثبت ، وأمّا الخبر فهو النبويّ الذي ذكره الشهيد الثاني في الروضة من قوله (صلى الله عليه وآله) : (لا قصاص بغير حديد) وهو أيضاً لم يثبت ولم أرَ التعرّض له في كلام غيره.
وفي تحرير الوسيلة 2 : 543 ، مسألة 14 ـ لا يقتصّ إلاّ بحديدة حادّة غير مسمومة ولا كالة مناسبة لاقتصاص مثله ، ولا يجوز تعذيبه أكثر ما عذّبه ، فلو قلع عينه بآلة كانت سهلة في القلع لا يجوز قلعها بآلة كانت أكثر تعذيباً ، وجاز القلع باليد إذا قلع الجاني بيده أو كان القلع بها أسهل ، والأولى للمجني عليه مراعاة السهولة ، وجاز له المماثلة ، ولو تجاوز واقتصّ بما هو موجب للتعذيب وكان أصعب ممّـا فعل به فللوالي تعزيره ، ولا شيء عليه . ولو جاوز بما يوجب القصاص اقتصّ منه ، أو بما يوجب الأرش أو الدية أخذ منه.
وفي اللمعة (10 : 81) : (ولا قصاص إلاّ بالحديد) لقوله (صلى الله عليه وآله) : لا قود إلاّ بحديد (فيقاس الجرح) طولا وعرضاً بخيط وشبهه (ويعلَم طرفاه) من موضع الاقتصاص (ثمّ يشقّ من إحدى العلامتين إلى الاُخرى) ولا تجوز الزيادة فإن اتّفقت عمداً اقتصّ من المستوفي أو خطأ فالدية ويرجع إلى قوله فيهما بيمينه أو لاضطراب المستوفي منه ، فلا شيء لاستنادها إلى تفريطه ، وينبغي ربطه على خشبة ونحوها لئلاّ يضطرب حالة الاستيفاء.
[6]الجواهر (42 : 361) : (ولو قلع عين إنسان فهل له قلع عين الجاني بيده) الظاهر ذلك لإطلاق الأدلّة ، بل لا أجد خلافاً بيننا في أصل الجواز وإن قال المصنّف : (الأولى انتزاعها بحديدة معوجّة فإنّه أسهل) بل في القواعد الأقرب ذلك ، لكنّه ليس إشارة إلى خلاف كما اعترف به في كشف اللثام ، بل قد يكون القلع باليد أسهل من الحديدة ، فيصير حينئذ أولى من الحديدة ، وخوصاً مع فرض كون الجاني قلعها بيده ، فإنّ المماثلة فيه حينئذ أتمّ . نعم لو فرض أنّ الجاني قلعها بحديدة وفرض كونه أسهل كان الأولى مراعاة المماثلة وإن كان لو لم يراعها لم يستحقّ عليه تعزيراً وتأديباً ، كما وقد اُطلق (العين بالعين) من دون اعتبار كيفيّة خاصّة ، ولكن لا يخلو من نظر مع فرض زيادة العقاب ، فإنّه إيلام غير مستحقّ يندرج في الظلم ، بل الأولى للمجني عليه مراعاة الأسهل وإن جنى عليه بالأصعب ، ولكن لو استوفاه بالأصعب المماثل لم يكن عليه شيء أمّا لو جنى عليه بالأسهل فاستوفاه بالأصعب كان عليه التعزير ، والله العالم . انتهى كلامه.
وفي كشف اللثام (2 : 476) : وقيل له أي للمجني عليه قلع عين الجاني بيده ، الأقرب أخذها بحديدة معوجّة كما في المبسوط فإنّه أسهل غالباً ، وربما دلّ عليه فحوى القتل بالسيف ، ولو قلعها باليد لم يكن عليه شيء ، نعم إن كان الجاني قلع عينه بحديدة ونحوها انتفى المماثلة بين العقابين ، وأمّا استحقاقه بذلك تأديباً أو تعزيراً فلا ، ولا شبهة في أ نّه إن كان قلعها باليد أسهل عليه منه بغيرها ، كان هو الأولى ، وإن تساويا تخيّر ، وبالجملة فليس للقطع طريق معروف شرعاً ولا في كلام المصنّف إشارة إلى خلاف أو تردّد وإنّما المرجع إلى السهولة والصعوبة ، فالأولى بالمجني عليه أن يتخيّر الأسهل ، وإن جنى عليه بالأصعب ، ولو انعكس الأمر أساء واستحقّ ملامة إن اعتدى بمثل ما اعتدي عليه فلا إساءة ، ولعلّ الأولى مكان الأقرب كما في الشرايع أولى لأنّ الأقرب أقرب إلى الإشارة إلى الخلاف أو التردّد نعم للشافعي قولان أحدهما ليس القصاص إلاّ بحديدة والاُخرى يجوز بالإصبع.
وفي المسالك (2 : 382) : (ولو قلع عين إنسان) هذا ليس على وجه الخلاف بل المرجع فيه إلى نظر الحاكم ولو بادر المجني عليه فاستوفى وقع موقعه وإن أساء سواء كان بحديدة أو غيرها.
[7]الجواهر (42 : 362) : (ولو كانت) مساحة (الجراحة) في المجني عليه (تستوعب عضو الجاني وتزيد عليه) لصغره (لم يخرج في القصاص إلى العضو الآخر) ولا يجرح ذلك العضو جرحاً آخر كي يساوي الجناية بلا خلاف أجده فيه ، للأصل بعد عدم صدق اسم القصاص عليه (و) حينئذ فمتى كان كذلك (اقتصر) في القصاص (على ما يحتمله العضو ، وفي الزائد بنسبة المتخلّف إلى أصل الجرح) الدية ...
وفي تكملة المنهاج 2 : 160 ، مسألة 173 ـ إذا كانت مساحة الجراحة في عضو المجني عليه تستوعب عضو الجاني وتزيد عليه لصغره ، لم يجز له أن يقتصّ من عضوه الآخر عوضاً عن الزائد ، بل يجب عليه الاقتصاص على ما يتحمّل ذلك العضو ، ويرجع في الزائد إلى الدية بالنسبة ـ تقدّم اعتبار التساوي في المساحة في قصاص الجروح وأ نّه لا يقاس ذلك بقصاص الأطراف ، فإنّ المقابلة في تلك الموارد دائماً هي بين طبيعي العين والعين والأنف والأنف وغيرهما ، ولا نظر فيها للصغر والكبر أصلا . وهذا بخلاف الجروح ، فإنّ المقابلة فيها بين الجرح ومماثله ، فلا محالة تعتبر فيه المساحة ، ولكن ذلك لا يقتضي التعدّي من عضو إلى آخر ، ففي مفروض المسألة تتعيّن الدية بالإضافة إلى الزائد ـ وكذا الحال إذا كان عضو المجني عليه صغيراً واستوعبته الجناية ، ولم تستوعب عضو الجاني ، فيقتصر في الاقتصاص على مقدار مساحة الجناية.
وفي تحرير الوسيلة 2 : 543 ، مسألة 15 ـ لو كان الجرح يستوعب عضو الجاني مع كونه أقلّ في المجني عليه لكبر رأسه مثلا ، كأن يكون رأس الجاني شبراً ورأس المجني عليه شبرين وجنى عليه بشبر وإن استوعبه ، وإن زاد على العضو كأن جنى عليه في الفرض بشبرين لا يتجاوز عن عضو بعضو آخر ، فلا يقتصّ من الرقبة أو الوجه ، بل يقتصّ بقدر شبر في الفرض ، ويؤخّر للباقي بنسبة المساحة إن كان العضو مقدّر وإلاّ فالحكومة ، وكذا لا يجوز تتميم الناقص بموضع آخر من العضو ، ولو انعكس وكان عضو المجني عليه صغيراً فجنى عليه بمقدار شبر وهو مستوعب لرأسه مثلا لا يستوعب في القصاص رأس الجاني ، بل يقتصّ بمقدار شبر وإن كان الشبر نصف مساحة رأسه.
مسألة 16 ـ لو أوضح جميع رأسه بأن سلخ الجلد واللحم من جملة الرأس فللمجني عليه ذلك مع مساواة رأسهما في المساحة ، وله الخيار في الابتداء بأيّ جهة ، وكذا لو كان رأس المجني عليه أصغر ، لكن له الغرامة في المقدار الزائد بالتقسيط على مساحة الموضحة ، ولو كان أكبر يقتصّ من الجاني بمقدار مساحة جنايته ، ولا يسلخ جميع رأسه ، ولو شجّه فأوضح في بعضها فله دية موضحة ، ولو أراد القصاص استوفى في الموضحة والباقي.
المسالك (2 : 382) :(ولو كانت الجراحة تستوعب عضو الجاني) هذا كلّه كالتتمّة لقصاص الشجاج من حيث المحلّ وقد تقدّم أنّ المعتبر منها مقدارها طولا وعرضاً ، وإنّما يتمّ ذلك مع مساواة عضو الجاني للمستوفي مساحة فلو كان رأس الشاجّ أصغر استوعبنا رأسه مساحة ولا تنزل لإتمام المساحة إلى الوجه ولا إلى القفا فإنّهما عضوان وراء الرأس ، ولا يكتفى به بل يأخذ المتخلّف بنسبته إلى مجموع الجرح من الدية ، فلو كان المستوفي منه جميع رأسه بقدر الثلثين أخذ ثلث دية ذلك الجرح ، كما لو قطع ناقص الأصابع يد الكاملة الأصابع فإنّه يقطع يده الناقصة ويؤخذ أرش الأصابع الناقصة ، وعند بعض العامّة لا يأخذ شيئاً من الأرش مع النقصان (القصاص) بل يتخيّر في الابتداء بين أن يقنع برأسه كما يكتفي باليد الصغيرة في مقابلة الكبيرة وبين أن يدع القصاص ويأخذ الدية ومذهبنا وأكثر من خالفنا على الأوّل ، وفرّقوا بين الشجّة المذكورة واليد الصغيرة حيث يكتفى بها في مقابلة الكبيرة ، وللبحث صلة ، فراجع.
وفي المهذّب (2 : 372) : ثمّ إنّ رأس المجني عليه إمّا أن يتّفقا في القدر والمساحة أو يختلفا ويكون رأس المجني عليه أصغر أو أكبر ، فإن كانا متساويين ، وكانت الشجّة في بعض الرأس أو في كلّه ، استوفى حسب ما قدّمناه ، وإن كان رأس المجني عليه أكبر مثل أن يكون من جبهته إلى قفاه نصف شبر وشبر ، والجاني شبر فقط ، وكانت الموضحة في بعض رأس المجني عليه وذلك القدر جميع رأس الجاني ، فإنّه يستوفى جميع رأس لا مثله في المساحة ، وإن كانت في جميع رأس المجني عليه ، فإنّه يستوفي جميع رأسه من أوّله إلى آخره ، ولا يترك من الرأس إلاّ الجبهة ، لأنّ الجبهة عضو آخر ، ولا عن رأسه أيضاً إلى قفاه ، لأنّ القفا عضو آخر ولا يوضح مكاناً آخر ، لئلاّ يصير موضحتين بموضحة واحدة . فإن كان رأس المجني عليه أصغر من رأس الجاني أخذ قدر مساحتها من رأس الجاني ، إن أراد بدأ من الجبهة لأ نّه منتهى المساحة ، وإن أراد بدأ من القفا إلى منتهاها أيضاً ، لأنّ السمت محلّ القصاص ، إلاّ أ نّه بقدر الجناية من غير زيادة عليها ، ولو أراد أن يأخذ من وسط الرأس بقدر المساحة جاز ، لأنّ هذا السمت محلّ الاقتصاص ، فإذا أخذ قدر المساحة بغير زيادة عليها ، فقد استوفى الحقّ ، وإن زاد على ذلك وكان متعمّداً فالزيادة موضحة يجب القود فيها ، لأ نّه ابتدأ إيضاح على وجه العمد ، فإذا ثبت أ نّها موضحة منفردة لم يكن أخذ القصاص فيها من رأسه لأ نّه محلّها ما اندمل ، لكنّه يصبر إلى أن يندمل ، فإذا كان ذلك أخذ القصاص فيها في محلّ الاندمال ، هذا إذا قال : عمدت فإن قال : أخطأت كان القول قوله لأ نّه الجاني فهو أعلم بحال الجناية ، فإذا حلف لزمه أرش الموضحة كاملة . وإذا شجّه دون الموضحة مثل أن شجّه متلاحمة ، كان فيها القود.
وفي المبسوط (7 : 76) : ولا يخلو رأس الجاني والمجني عليه من ثلاثة أحوال : إمّا أن يتّفقا في القدر والمساحة ، أو يكون رأس المجني عليه أكبر أو أصغر ، فإن كان سواء نظرت ، فإن كانت الشجّة في بعض الرأس أو في كلّه استوفى الكلّ على ما فصّلناه . وإن كان رأس المجني عليه أكبر مثل أن يكون من جبهته إلى قفاه شبراً ونصف شبر ، والجاني شبر فقط نظرت فإن كانت الموضحة في بعض رأس المجني عليه وذلك القدر جميع رأس الجاني فإنّه يستوفى جميع رأسه لأ نّه مثله في المساحة وإن كانت الشجّة في جميع رأس المجني عليه كأن ثلثيها كلّ رأس الجاني ، فإنّه يستوفى جميع رأسه من أوّله إلى آخره ، ولا ينزل عن الرأس إلى جبهته ، لأنّ الجبهة عضو آخر ولا عن رأسه إلى قفاه لأنّ القفا عضو آخر ، ولا يوضح موضع آخر لئلاّ يصير موضحتين بموضحة واحدة . فإذا لم يأخذ إلاّ ذلك القدر نظرنا تامّاً قدر ما بقي ، فأخذنا منه مالا بقدر ما بقي ، فإن كان الباقي هو الثلث أخذ منه أرش ثلث موضحة كما قلنا ، إذا قطع يداً كاملة ويده ناقصة إصبع فالمجني عليه يقطع اليد ويأخذ دية إصبع كذلك ها هنا . فأمّا إن كان رأس المجني عليه أصغر من رأس الجاني أخذنا قدر مساحتها من رأس الجاني إن شاء بدأ من الجبهة إلى حيث ينتهي المساحة ، وإن شاء بدأ من القفا إلى حيث ينتهي المسافة ، فإنّ هذا السمت محلّ للاقتصاص ، لكنّه بقدر طول الجناية لا يزداد عليها ، وكذلك لو اختار أن ياخذ من وسط الرأس بقدر المساحة لأنّ هذا السمت محلّ للقصاص . فإذا ثبت أ نّه يستوفي قدر المساحة نظرت فإن لم يزد عليها فلا كلام وإن زاد عليها فإن كان عامداً فالزيادة موضحة يجب فيها القود ، لأ نّه ابتداء إيضاح على وجه العمد ، فإذا ثبت أ نّها موضحة منفردة لم يمكن أخذ القصاص فيها من رأسه لأنّ محلّها ما اندمل ولكنّه يصبر حتّى إذا اندمل أخذ القصاص في محلّ الاندمال ـ هذا إذا قال عمدت ، فإن قال : أخطأت ، فالقول قوله لأنّه الجاني ، فكان أعرف بصفة الجناية ، فإذا حلف كان عليه أرش موضحة كاملة لما مضى.
[8]الجواهر (42 : 363) : (و) من هنا (لو كان المجني عليه صغير العضو) بأن كان مساحة رأسه على النصف من رأس الجاني (فاستوعبته الجناية لم يستوعب في المقتصّ منه واقتصر على مقدار مساحة الجناية) وإن كانت في المجني عليه فى تمام الرأس وفي الجاني في النصف ، والتخيير في ذلك من الرأس إلى المقتصّ أو الحاكم أو من حيث ابتدأ الجاني وجوه . وكذا العكس بأن كان نصف رأس المجني عليه مثلا يستوعب رأس الجاني وقد استوعبت الجراحة النصف فاُريد القصاص استعوب رأس الجاني ، لأ نّه مثله في المساحة وإن كانت في إحداهما في تمام الرأس والاُخرى في نصفه ـ وهنا تفصيل وتوضيح للكلام فراجع ـ .
[9]في تحرير الوسيلة 2 : 544 ، مسألة 17 ـ في الاقتصاص في الأعضاء غير ما مرّ ، كلّ عضو ينقسم إلى يمين وشمال كالعينين والاُذنين والاُنثيين والمنخرين ونحوها لا يقتصّ إحداهما بالاُخرى ، فلو فقئ عينه اليمنى لا يقتصّ عينه اليسرى ، وكذا في غيرهما ، وكلّ ما يكون فيه الأعلى والأسفل يراعى في القصاص المحلّ ، فلا يقتصّ الأسفل بالأعلى كالجفنين والشفتين.
[10]الجواهر (42 : 364) : (ولو قطعت اُذن إنسان فـ) ـألصقها المجني عليه بالدم الحارّ لم يسقط بذلك القصاص بلا خلاف أجده فيه إلاّ من الإسكافي ، لوجود المقتضي الذي لا دليل على عدم اقتضائه بالإلصاق الطارئ ، خصوصاً مع عدم الإقرار عليه ، فليس له حينئذ الامتناع حتّى تزال كما عن المبسوط والمهذّب لأنّ الأمر في إزالتها مع إمكانها إلى الحاكم أو من يتمكّن من ذلك من باب النهي عن المنكر باعتبار كونها ميتة لا يجوز معها الصلاة ، بل لو قلنا للجاني حقّ الإزالة باعتبار المساواة في الشيء لم يكن له الامتناع من القصاص الذي تحقّق مقتضيه بذلك فما يظهر من بعض الناس من تفريع ذلك على القولين في غير محلّه.
ولو (اقتصّ) منه (ثمّ ألصقها المجني عليه) ففي المتن والنافع ومحكيّ المقنعة (كان للجاني إزالتها لتحقّق المماثلة) في الشين المستفادة من حسن إسحاق بن عمّـار أو موثّقته عن أبي جعفر عن أبيه (عليهما السلام) الذي هو الأصل في المسألة (الحديث كما سيأتي) وفي محكي الخلاف (إذا قطع اُذنه قطعت اُذنه ، فإن أخذ الجاني اُذنه فألصقها فالتصقت كان للمجني عليه أن يطالب بقطعها وإبانتها) وقال الشافعي : ليس له ذلك ، لكن وجب على الحاكم أن يجبره على قطعها ، لأ نّه حامل نجاسته ، دليلنا إجماع الفرقة وأخبارهم) وفي محكيّ المبسوط (لو قال المجني عليه قد ألصق اُذنه بعد أن أبنتها أزيلوها روى أصحابنا أ نّها تزال ولم يعلّلوا) وفي التنقيح (لا خلاف في جواز إزالتها ، لكن اختلف في العلّة ، فقيل : ليتساويا في الشين ، وقيل : لكونه ميتة ، ويتفرّع على الخلاف أ نّه لو لم يزلها الجاني ورضي بذلك كان للإمام إزالتها على القول الثاني لكونه حامل نجاسة ، فلا تصحّ الصلاة مع ذلك).
ولا يخفى عليك عدم المنافاة بين التعليلين بعد قضاء الأدلّة بهما ، وهي الخبر المزبور المعتضد بما عرفت المنجبر بالعمل كما في الرياض ، وما دلّ على نجاسة القطعة المبانة من حيّ ، وعدم جواز الصلاة بمثلها ، وإن كان وليّ المطالبة على الأوّل المجني عليه ، وعلى الثاني غيره ـ أي الحاكم ـ كباقي أفراد النهي عن المنكر ، نعم قد يظهر من اقتصار بعض على إحداهما عدم النظر إلى الآخر ، ولعلّه لذا قال المصنّف : (وقيل) والقائل الحلّي والفاضل في التحرير على ما حكي عنهما : (لا) يثبت له طلب الإزالة ، بل إن كانت فهي للحاكم أو لمن يتمكّن (لأ نّها ميتة) تمنع من صحّة الصلاة . والتحقيق الالتفات إليهما ، فمع العضو يبقى حقّ النجاسة ، ومع سقوط النجاسة إمّا لعدم انفصالها تماماً فلا تكون مبانة من حيّ ، أو لحصول ضرر يسقط وجوب الإزالة بالنسبة إلى الصلاة دون غيرها.
يبقى حقّ المساواة في الشين ، بل لا يكون حقّ غيره بناءً على عدم جريان حكم الميتة عليها بعد التحامها ونفوذ الروح فيها ، بل قد يمنع بطلان الصلاة بها لكونها كالمحمول.
وعلى كلّ حال فذلك أمر خارج عمّـا نحن فيه ـ انتهى كلامه رفع الله مقامه وإنّما نقلته بتمامه لما فيه من التعرّض إلى العلّة الثانية من كون الاُذن الملصقة من الميتة التي لم يتعرّض لها سيّدنا الاُستاذ ويبدو لي أ نّها من الحكمة فلا يدور الحكم مدارها فتأمّل ـ .
وفي تكملة المنهاج 2 : 161 ، مسألة 171 : لو قطع عضواً من شخص كالاُذن فاقتصّ المجني عليه من الجاني ، ثمّ ألصق المجني عليه عضوه المقطوع بمحلّه ، فالتحم وبرئ جاز للجاني إزالته ـ تدلّ على ذلك معتبرة إسحاق بن عمّـار عن جعفر عن أبيه (عليهما السلام) ... فهذه المعتبرة واضحة الدلالة على أنّ للجاني حقّ إزالة اُذن المجني عليه بعد إلصاقها ، معلّلا بأنّ القصاص لأجل الشين ، فإذا زال الشين بإلصاقها كان للجاني إعادته (بقي هنا شيء) وهو أ نّه قيل : إنّ الإزالة إنّما هي من ناحية كونها ميتة من باب النهي عن المنكر وهو واضح الفساد ، إذ هو مضافاً إلى أ نّها بعد الالتحام ليست بميتة ـ خلاف صريح المعتبرة وتعليلها ، فلا يمكن الالتزام به أصلا ـ وكذلك الحال في العكس.
يدلّ على ذلك التعليل في ذيل المعتبرة المتقدّمة ، حيث إنّ القصاص لأجل الشين ، فإذا زال عن الجاني بإلصاقه والتحامه كان للمجني عليه إعادته.
وفي تحرير الوسيلة 2 : 544 ، مسألة 19 ـ لو قطع اُذنه فألصقها المجني عليه والتصقت فالظاهر عدم سقوط القصاص ، ولو اقتصّ من الجاني فألصق الجاني اُذنه والتصقت ففي رواية قطعت ثانية لبقاء الشين ، وقيل يأمر الحاكم بالإبانة لحمله الميتة والنجس ، وفي الرواية ضعف ، ولو صارت بالإلصاق حية كسائر الأعضاء لم تكن ميتة ، ويصحّ الصلاة معها ، وليس للحاكم ولا لغيره إبانته . بل لو أبانه شخص فعليه القصاص لو كان عن عمد وعلم ، وإلاّ فالدية ، ولو قطع بعض الاُذن ولم يبنها فإن أمكنت المماثلة في القصاص ثبت ، وإلاّ فلا ، وله القصاص ولو مع إلصاقها.
ولا بأس بذكر هاتين المسألتين في الاُذن أيضاً لما فيهما من الفائدة :
مسألة 18 ـ في الاُذن قصاص يقتصّ اليمنى باليمنى واليسرى باليسرى ، وتستوى اُذن الصغير والكبير ، والمثقوبة والصحيحة إذا كان الثقب على المتعارف ، والصغيرة والكبيرة ، والصمّـاء والسامعة ، والسمينة والهزيلة ، وهل تؤخذ الصحيحة بالمخرومة وكذا الصحيحة بالمثقوبة على غير المتعارف بحيث تعدّ عيناً أو يقتصّ إلى حدّ الخرم والثقب والحكومة فيما بقي أو يقتصّ مع ردّ دية الخرم ؟ وجوه لا يبعد الأخير ، ولو قطع بعضها جاز القصاص.
مسألة 20 ـ لو قطع اُذنه فأزال سمعه فهما جنايتان ، ولو قطع اُذناً مستحشفة شلاّء ففي القصاص إشكال ، بل لا يبعد ثبوت ثلث الدية.
وفي جامع المدارك (7 : 275) : : (ولو قطع شحمة اُذن فاقتصّ منه فألصقها المجني عليه كان للجاني إزالتها ليتساويا في الشين) لو قطع شحمة اُذن فاقتصّ منه كان للجاني الإزالة ، استدلّ عليه بمعتبرة إسحاق بن عمّـار عن جعفر عن أبيه (عليهما السلام) ... وقد يقال إنّ هذه المعتبرة واضحة الدلالة على أنّ للجاني حقّ إزالة اُذن المجني عليه بعد إلصاقها معلّلا بأنّ القصاص لأجل الشين فإذا زال الشين بإلصاقها كان للجاني إعادته وقيل في وجه الإزالة : إنّ القطعة المبانة تجب إزالتها من جهة أ نّها ميتة لا تصحّ معها الصلاة . ويمكن أن يقال : صدق الميتة مع الحياة كسائر الأعضاء لم يظهر وجهه ، وأمّا التعليل المستفاد من الخبر المذكور فلازمه جواز جرح الجاني ثانياً بل ثالثاً مع الاندمال في بدن المجني عليه وعدم الاندمال في بدن الجاني لبقاء الشين ، وبعبارة اُخرى المراد من الشين إن كان المراد منه نقصان العضو الموجب لكراهة المنظر فهو غير غالب في الجروح ، وإن كان المراد منه مطلق الجرح فلازمه ما ذكر من أ نّه كثيراً يندمل الجرح الوارد على المجني عليه ، ولا يلتزم بإحداث الجرح ثانياً أو ثالثاً على المجني عليه ، والالتزام به مشكل فإنّ المستفاد من الآيات والأخبار تساوي الجناية والقصاص ، بل ما دلّ على التساوي لعلّه آب عن التخصيص ، ولعلّه من هذه الجهة قيل بلزوم الإزالة من جهة أنّ العضو الموصول ميتة لا تصحّ معه الصلاة ، نعم المعروف لزوم القصاص في النفس بالسيف أو ما يقوم مقامه ولو كان الجناية الموجبة لقتل المجني عليه بنحو أشدّ.
وفي رياض المسائل (2 : 526) : (ولو قطع) شخص (شحمة اُذن) آخر (فاقتصّ منه فألصق المجني عليه) الشحمة بمحلّها (كان للجاني إزالتها) بلا خلاف على الظاهر المصرّح به في التنقيح قال وإنّما الخلاف في العلّة فقيل (ليتساوى في الشين) كما ذكره المصنّف وقيل لأ نّها ميتة لا يصحّ الصلاة معها ويتفرّع على الخلاف أ نّه لو لم يزلها الجاني ورضي بذلك كان للإمام إزالتها على القول الثاني لكونه حامل نجاسة لا تصحّ الصلاة معها.
أقول : والأوّل خيرة الشيخ في الخلاف والمبسوط مدّعياً في صريح الأوّل وظاهر الثاني الإجماع وهو الحجّة المعتضدة بالنصّ الذي هو الأصل في هذه المسألة : أنّ رجلا قطع من اُذن الرجل شيئاً فرفع ذلك إلى عليّ (عليه السلام) فأقاده ، فأخذ الآخر ما قطع من اُذنه فردّه على اُذنه ، فالتحمت وبرئت فعاد الآخر إلى عليّ (عليه السلام) فاستقاده فأمر بها فقطعت ثانية ، فأمر بها فدفنت ، وقال (عليه السلام) : إنّما يكون القصاص من أجل الشين ، وقصور سنده أو ضعفه منجبر بالعمل ، والثاني خيرة الحلّي في السرائر والفاضل في الشرائع والقواعد وشيخنا في المسالك وهو غير بعيد ، والذى يختلج بالبال إمكان القول بالتعليلين لعدم المنافاة بينهما مع وجود الدليل عليهما فيكون للإزالة بعد الوصل سببان القصاص وعدم صحّة الصلاة ، فإذا انتفى الأوّل بالعفو مثلا بقي الثاني كما في مثال العبارة ، ولو انتفى الثاني بقي الأوّل كما في المثال المزبور لو أوجب الإزالة ضرراً لا يجب معه إزالة النجاسة للصلاة في الشريعة ، وكما لو قطع الشحمة فتعلّقت بجلدة فاقتصّ منها أو ألصقها الجاني كان للمجني عليه إزالتها ، ليتساويا في الشين ، وليس للإمام ذلك إن عفى عنه المجني عليه للضرر أو لأ نّها لم تبن من الحيّ لتكون ميتة ولو اقتصرنا على التعليل الثاني لم يكن ذلك للمجني عليه أيضاً في المثال الثاني لحصول الاقتصاص بالإنابة المخصوصة المماثلة لجناية الجاني.
وفي المسالك (2 : 382) : (ولو قطعت اُذن إنسان) هنا مسائل الاُولى إذا قطع اُذن إنسان فألصقها المجني عليه في حرارة الدم فالتصقت لم يسقط القصاص ولا الدية على الجاني لأنّ الحكم يتعلّق بالإبانة وقد وجدت لكن لا يصحّ صلاة الملصق حتّى يبين ما ألصقه لأنّ الاُذن المبانة صارت نجسة ، حيث إنّها قطعة تحلّها الحياة اُبينت من حيّ ، وهل للجاني طلب إزالتها لا لأجل ذلك بل لتحقّق المماثلة قال المصنّف وجماعة نعم ، والتعليل الأوّل أجود ، وتظهر الفائدة فيما لو كان الإلصاق قبل الاستيفاء فللجاني الامتناع من القصاص إلى أن يبين المجني عليه اُذنه على الثاني ولو كان إلصاق بعده فله المطالبة بإزالتها ليصير مثله هو على التعليل الأوّل ، فالإزالة من قبل الأمر بالمعروف ولا اختصاص له به بل النظر في مثله إلى الحاكم ، وإنّما تجب إبانتها على هذا إذا لم يخف التلف ، وإلاّ سقط ، ولو انعكس فاقتصّ المجني عليه فألصق الجاني اُذنه فالقصاص حاصل بالإبانة ، وقطع ما ألصق بعد الإبانة لا يختصّ بالمجني عليه على الثاني وله المطالبة بإزالتها على الأوّل بطريق أولى . الثانية : لو قطع بعض اُذنه فحكمه حكم ما لو قطع الجميع هذا إذا أبانها ولو لم يبن فكذلك بالنسبة إلى القصاص ، وإن ألصقها المجني عليه وأقرّ عليها كما لا يسقط قصاص الموضحة بالاندمال هذا إن علّلنا بالنجاسة ، ولو علّلنا بالمماثلة فللمجني عليه طلب الإزالة ، وذهب بعض العامّة إلى عدم جواز القصاص هنا لتعذّر المماثلة ، وإنّه لو ألصقها سقط القصاص والدية عن الجاني ويرجع الأمر إلى الحكومة حتّى الوجاء الآخر وقطع الاُذن بعد الإلصاق لزمه القصاص أو الدية الكاملة . الثالث : لو استأصل اُذنه وبقيت معلّقة بجلده فلا خلاف في وجوب القصاص لإمكان رعاية المماثلة لكن هنا لو ألصقها المجني عليه لم تجب قطعها إن علّلنا بالنجاسة وإن اعتبرنا المماثلة اعتبر في استحقاق القصاص إزالتها إن طلبها الجاني كما مرّ.
وفي المهذّب (2 : 380) : وإذا قطع اُذن رجل فأبانها ثمّ ألصقها المجني عليه في الحال فالتصقت كان على الجاني القصاص لأنّ القصاص يجب بالإبانة ، فإن قال الجاني : أزيلوا اُذنه واقتصّوا منّي ، كان له ذلك ، لأ نّه ألصق بها ميّتة ، فإن كان ذلك ثمّ ألصقها الجاني فالتصقت وقع القصاص موقعه ، فإن قال المجني عليه : قد التصقت اُذنه بعد إبانتها أزيلوها عنه وجب إزالتها . وإذا صلّى الذي ألصق المقطوع بإذنه فالتصق لم تصحّ صلاته لأ نّه حامل النجاسة في غير موضعها لغير ضرورة ، فأمّا إذا أجبر عظمه بعظم ميتة ، فلا تمنع صحّة الصلاة عندنا معه ، لأنّ العظم ليس بنجس لأ نّه لا تحلّه الحياة ، والميتة إنّما تكون ميتة بأن يفنى عنها الحياة التي تكون حياته فيها ، والعظم لا تحلّه الحياة كما قدّمناه ـ وقد ذكر : أنّ العظم إذا كان عظم ما هو نجس العين مثل الكلب والخنزير لم تجز الصلاة فيه والاحتياط يقتضي ذلك ـ وإذا قطع اُذن رجل وبقيت معللاقة لم تبن من باقيها كان في ذلك القصاص لأ نّها قد انتهت إلى حدّ يمكن فيها المماثلة ، وكذلك القول في قطع اليد ، فإذا كان كذلك وأراد القصاص اقتصّ منه إلى الجلدة التي هي متعلّقة بها.
وفي المقنعة (الصفحة 761) : ولو أنّ رجلا قطع شحمة اُذن رجل ، ثمّ طلب القصاص فاقتصّ له منه فعالج اُذنه حتّى التصق المقطوع بما انفصل منه ، كان للمقتصّ منه أن يقطع ما اتّصل به من شحمة اُذنه ، حتّى يعود إلى الحال التي استحقّ بها القصاص وكذلك القول فيما سوى شحمة الاُذن من العظام والجوراح كلّها إذا وقع فيها القصاص ويعالج صاحبها حتّى عادت إلى الصلاح . وينبغي أن ينتظر الحاكم بالمجروح والمكسور حتّى يعالج ويستبرئ حاله بأهل الصناعة ، فإن صلح بالعلاج لم يقتصّ له لكنّه يحكم على الجاني بالأرش فيما جناه فإن لم يصلح بعلاج حكم له بالقصاص.
[11]هذا المعنى لم يذكره سيّدنا الاُستاذ (قدس سره).
[12]الوسائل 19 : 134 ، باب 23 ، الحديث 1 ـ محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن الحسن الصفّار عن الحسن بن موسى الخشّاب عن غياث بن كلوب عن إسحاق بن عمّـار عن جعفر عن أبيه (عليهما السلام) أنّ رجلا قطع من بعض اُذن رجل شيئاً فرفع ذلك إلى عليّ (عليه السلام) فأقاده ، فأخذ الآخر ما قطع من اُذنه فردّه على اُذنه بدمه فالتحمت وبرئت ، فعاد الآخر إلى عليّ (عليه السلام)فاستقاده فأمر بها فقطعت ثانية وأمر بها فدفنت ، وقال (عليه السلام) : إنّما يكون القصاص من أجل الشين.
أمّا غياث بن كلوب فراجع ترجمته إلى معجم رجال الحديث 13 : 235 ـ كما مرّ ـ .
[13]الجواهر (42 : 367) : (و) كذا (لو قطعها) أو بعضها (فتعلّقت بجلدة) ثمّ ألصقها المجني عليه (ثبت القصاص) أيضاً (لأنّ المماثلة ممكنة) فيندرج في جميع ما دلّ عليه ، خلافاً لما عن بعض العامّة من عدم جواز المقاصّة هنا لتعذّر المماثلة وأ نّه لو ألصقها سقط القصاص والدية عن الجاني ، ويرجع الأمر إلى الحكومة ، حتّى لو قطع آخر الاُذن بعد الالتصاق لزمه القصاص أو الدية الكاملة ، وهو واضح الضعف.
نعم لا نجاسة هنا ، لعدم الإبانة ، وفي طلب الإزالة مع فرض عدم الالتصاق في الجاني البحث السابق فتأمّل جيّداً . ولو جاء آخر فقطعها من ذلك الموضع بعد الالتحام ثبت القصاص كما لو شجّه آخر أو جرحه في موضع الشجّة والجرح بعد الاندمال ، لعموم الأدلّة وربما احتمل العدم، إذ ليس في عضو قصاصان وهو واضح المنع ـ انتهى كلامه ـ .
وفي تكملة المنهاج 2 : 162 ، مسألة 172 : لو قطعت اُذن شخص مثلا ، ثمّ ألصقها المجني عليه قبل الاقتصاص من الجاني والتحمت ، فهل يسقط به حقّ الاقتصاص ؟ المشهور عدم السقوط ولكن الأظهر هو السقوط وانتقال الأمر إلى الدية ـ استدلّ المشهور بوجود المقتضي للقصاص وهو إطلاقات أدلّته ، وعدم ما يدلّ على منع الإلصاق عنه ، وفيه أنّ الإطلاق وإن كان موجوداً ، إلاّ أنّ التعليل في ذيل المعتبرة المتقدّمة يقيّده في مفروض المسألة بموارد تحقّق الشين ، فإذا ارتفع الشين فلا مقتضي له . فالنتيجة هي أنّ الأظهر سقوط القصاص في المقام (وإنّما ينتقل الأمر إلى الدية) وذلك لإطلاقات أدلّة الدية ، مضافاً إلى أنّ حقّ المسلم لا يذهب هدراً.
[14]الجواهر (42 : 367) : (ويثبت القصاص في العين) بلا خلاف ولا إشكال (ولو كان الجاني أعور خلقةً) أو بآفة سماوية أو بجناية ; لعموم الأدلّة (وإن) كان لو اقتصّ منه (عمى ، فإنّ الحقّ أعماه) يذكر المصنّف خبرين ثمّ يقول : والسند منجبر بالاتّفاق ظاهراً عليه ، بل عن الخلاف إجماع الفرقة وأخبارها عليه ، (ولا ردّ) للأصل وظاهر قوله تعالى (العين بالعين) بل وللخبرين ، وإن كان لو جنى عليه ابتداءً كان له تمام الدية نصّاً وفتوى.
وفي تكملة المنهاج 2 : 163 ، مسألة 173 : لو قلع رجل أعور عين رجل صحيح قلعت عينه ، بلا خلاف ولا إشكال بين الأصحاب ، ويدلّ على ذلك ـ مضافاً إلى إطلاقات الكتاب والسنّة ـ خصوص صحيحة محمّد بن قيس قال : قلت لأبي جعفر (عليه السلام) : أعور فقأ عين صحيح ؟ فقال : تفقأ عينه ، قال : قلت : يبقى أعمى ؟ قال : الحقّ أعماه) وأمّا ما عن الشهيد الثاني في المسالك من أنّ سند الرواية غير نقي ، وتبعه على ذلك صاحب الجواهر (قدس سره) ولكنّه قال : إنّ ضعفها منجبر بعمل المشهور ، فهو غريب ، حيث إنّه ليس في سندها ما يوجب التوقّف فيها إلاّ تخيّل : إنّ محمّد بن قيس مشترك بين الثقة وغير الثقة ، ولكن من الواضح أنّ المراد منه في سند هذه الرواية هو الثقة وذك ـ مضافاً إلى أ نّه المعروف والمشهور ـ لأجل أنّ رواية عاصم بن حميد عنه قرينة على أنّ المراد هو الثقة المعروف الذي روى قضايا أمير المؤمنين (عليه السلام) ـ .
وفي تحرير الوسيلة 2 : 545 ، مسألة 22 ـ لو قلع ذو عينين عين أعور اقتصّ له بعين واحدة ، فهل له مع ذلك الردّ بنصف الدية ، قيل : لا ، والأقوى ثبوته . والظاهر تخيير المجني عليه بين أخذ الدية كاملة وبين الاقتصاص وأخذ نصفها ، كما إنّ الظاهر أنّ الحكم ثابت فيما تكون لعين الأعور دية كاملة ، كما كان خلقة أو بآفة من الله ، لا في غيره مثل ما إذا قلع عينه قصاصاً.
وفي جامع المدارك (7 : 275) : (ويقطع عين الأعور الصحيحة بعين ذي العينين وإن عمي ، وكذا يقتصّ له منه بعين واحدة ، وفي ردّ نصف الدية قولان أشبههما الردّ).
وأمّا قلع عين الأعور بعين ذي الأعور وإن عمي فيدلّ عليه حسنة محمّد بن قيس (الكافي 7 : 319) هذا مضافاً إلى إطلاقات وعدم ما يوجب التقييد ، والإشكال في سند الخبر من جهة اشتراك محمّد بن قيس بين الثقة وغير الثقة مدفوع بأنّ المراد من الحسنة الثقة على ما تعرّض صاحب جامع الرواة (قدس سره) وأمّا الاقتصاص له منه بعين واحدة فمقتضى صحيحة محمّد بن قيس قال ... (التهذيب باب دية عين الأعور 2) التغيير المذكور في الخبر ، وتؤيّد ذلك رواية عبد الله بن الحكم عن أبي عبد الله (عليه السلام)(التهذيب باب دية عين الاعور 3).
وفي رياض المسائل (2 : 526) : (ويقلع عين الأعور) أي ذي العين الواحدة خلقة أو بآفة أو قصاص أو جناية (بعين ذي العينين) المماثلة لها محلا (وإن عمى) بذلك الأعور وبقي بلا بصر ، بلا خلاف يظهر ، وبه صرّح جمع ممّن تأخّر ، بل عليه الإجماع عن الخلاف وهو الحجّة مضافاً إلى عموم الأدلّة (العين بالعين) وخصوص المعتبرة ففي الصحيح والقريب منه بفضالة عن أبان اللذين قد أجمعت على تصحيح ما يصحّ عنهما العصابة (أعور فقأ عين صحيح فقال تفقأ عينه ، قال : قلت يبقى أعمى ، فقال : الحقّ أعماه) ومقتضى الأصل وإطلاقها كالفتاوى وصريح جماعة من أصحابنا عدم ردّ شيء على الجاني مع أنّ دية عينيه نصف دية عين المجني عليه في ظاهر الأصحاب كما يأتي و (كذا يقتصّ له) أي للأعور (منه) أي من ذي العينين (بعين واحدة) بلا خلاف أجده إلاّ من الإسكافي وهو مع شذوذه وعدم وضوح مستنده ومخالفته لظاهر النصّ الآتي مضعف بأنّ العينين إن تساويا عينيه فلا ردّ ، وإلاّ فلا قلع ، وما يقال من أنّ عدم المساواة لا يمنع الاقتصاص فإنّ الاُنثى يقتصّ لها من الذكر ، مع الردّ في موضعه مع أ نّها غير مساوية له مضعف ، بأنّ الاقتصاص بين الذكر والاُنثى إنّما هو في شيء واحد بواحد مثل النفس بالنفس ، لا اثنين بواحد كما هنا ، وإنّ نفس الاُنثى نصف الذكر فهو ضعفها بخلاف عين الأعور ، فإنّها إمّا واحدة مثل اُخرى أو مثلهما وهو ظاهر ، ولذا لا يقتصّ بعين الرجل الواحدة عيني المرأة مع التساوي ، ويقتصّ بعيني المرأة عيني الرجل مع الردّ ، وبالجملة لا ريب في ضعف هذا القول كالمحكي من كثير من الأصحاب من إطلاقهم تخيّر الأعور بين الاقتصاص بالعين الواحدة وأخذ الدية كاملة ، مع أنّ موجب العمد ليس إلاّ الأوّل ، وإنّما يثبت الثاني صفحاً ، كما مرّت إليه الإشارة ، وبهذا هنا صرّح جماعة وحيث اقتصّ له بالعين الواحدة ، ففي ردّ الجاني عليه نصف الدية دية النفس قولان والمروي في الصحيح وغيره الردّ . وللحديث صلة فراجع.
وفي كشف اللثام (2 : 456) : الفصل الثاني : في الأعضاء الخالية من العظام من نوع انفصال وانفراد لها غير العورة والشرائط ما تقدّم ، ولذا لا يقتصّ في العين إلاّ مع مساواة المحل فلا يقتصّ يمنى بيسرى ولا بالعكس وإن فقدت المماثلة لاختصاص النصّ باليدين ، ولو كان الجاني أعور خلقة أو بآفة وجناية أو قصاص اقتصّ منه مع التساوي في المحلّ ، وإن عمى فالحقّ أعماه للإجماع كما في الخلاف ولعموم النصوص حسن محمّد بن قيس قال لأبي جعفر (عليه السلام) أعور فقأ عين صحيح قال يفقأ عينه ، قال يبقى أعمى ، قال الحقّ أعماه ، وكذا مرسل أبان عن الصادق (عليه السلام) ولا ردّ بشيء على الجاني وإن كانت دية عينه ضعف دية عين الجاني المجني عليه كما هو ظاهر الأصحاب وصريح بعض للأصل وفيه نظر.
وفي المسالك (2 : 382) : في قوله (ويثبت القصاص في العين) هنا مسألتان الاُولى لو جنى الأعور على عين واحدة لذي العينين بأن فقأها مثلا جاز الاقتصاص منه إجماعاً لعموم قوله تعالى : ( والعين بالعين ) لكن هنا يمكن المماثلة من حيث الجارحة ، أمّا من حيث المنفعة فيختلف لا في الذاهب على المجني عليه نصف البصر وعلى الجاني مجموعه إلاّ أ نّه لا نظر إليه هنا وإن كان لو جنى عليه ابتداءً بذهاب عينه ثبت له دية كاملة عوض النظر هذا هو المشهور بين الأصحاب لا يظهر فيه مخالف والمستند النصوص الواردة بذلك كرواية محمّد بن قيس ... ومرسلة أبان ... ولا يخفى أنّ السند ليس ينقى إلاّ أنّ الحكم لا رادّ له ، وفي معنى الأعور خلقة من ذهب إحدى عينيه بآفة من الله تعالى وإن كان ذهابها بجناية أوجبت قوداً أو دية فلا إشكال في الحكم كما لو كان ذلك في المجني عليه . الثانية : لو انعكس ففقأ الصحيح عين الأعور خلقة أو بآفة من الله تعالى فلا خلاف بين أصحابنا في ثبوت الدية عليه كاملة أعني دية النفس لأ نّها جميع البصر ... وللبحث صلة فراجع.
وفي اللمعة (10 : 81) : (ويثبت القصاص في العين) للآية (ولو كان الجاني بعين واحدة والمجني عليه باثنتين خلعت عين الجاني وإن استلزم عماه) فإنّ الحقّ أعماه ـ وسيأتي بيان ذلك بالتفصيل ـ ولإطلاق قوله تعالى : ( والعين بالعين ) ولا ردّ (ولو انعكس بأن قلع عينه) أي عين ذي العين الواحدة (صحيح العينين) فأذهب بصره (اقتصّ له بعين واحدة) لأنّ ذلك هو المماثل للجناية (قيل) والقائل ابن الجنيد والشيخ في أحد قوليه وجماعة (وله مع القصاص) على ذي العينين (نصف الدية) لأ نّه أذهب بصره أجمع وفيه الدية ، وقد استوفى منه ما فيه نصف الدية وهو العين الواحدة فيبقى له النصف ، ولرواية محمّد بن قيس عن الباقر (عليه السلام) قال (قضى أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام في رجل أعور ... ومثلها رواية عبد الله بن الحكم عن الصادق (عليه السلام) ، ونسبة المصنّف الحكم إلى القيل مشعرة بردّه أو توقّفه ، ومنشؤه قوله تعالى : ( والعين بالعين )فلو وجب معها شيء آخر لم يتحقّق ذلك خصوصاً على القول بأنّ الزيادة على النصّ نسخ وأصالة البراءة من الزائد ، وإليه ذهب جماعة من الأصحاب منهم المحقّق في الشرائع والعلاّمة في التحرير من موافقته في المختلف للأوّل وتردّده في باقي كتبه . وللتوقّف وجه وإن كان الأوّل لا يخلو من قوّة وهو اختيار المصنّف في شرح الإرشاد ، واُجيب عن الآية بأنّ العين مفر ومحلّى فلا يعمّ ، والأصل يعدل عنه للديل . وما قيل من أنّ الآية حكاية عن التوراة فلا يلزمنا مندفع بإقرارها في شرعنا لرواية زرارة عن أحدهما (عليهما السلام) وأ نّها محكمة ولقوله تعالى بعدها ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فاُولئك هم الظالمون ) ومن للعموم والظلم حرام فتركه واجب وهو لا يتمّ إلاّ بالحكم بها . وقد ينقدح الشكّ في الثاني باحتمال كونه معطوفاً على اسم إن فلا يدلّ على بقائه عندنا لولا النصّ على كونها محكمة.
وفي إيضاح الفوائد (4 : 643) : الفصل الثاني في الأعضاء الخالية من العظام : والشرائط ما تقدّم ويقتصّ في العين مع مساواة المحلّ ، فلا يقلع اليمنى بيسرى ولا بالعكس وهل له قلع عين الجاني بيده الأقرب أخذها بحديدة معوجّة ، فإنّه أسهل ، ولو كان الجاني أعور خلقة اقتصّ منه وإن عمى فإنّ الحقّ أعماه ، ولا ردّ ، ولو قلع عينه الصحيحة مثله فكذلك ولو قلعها ذو عينين اقتصّ له بعين واحد وفي الردّ قولان ـ قال فخر المحقّقين : إذا قطع ذو عينين ناظرين العين الصحيحة من الأعور خلقة أو ذهبت عينه بمرض من الله تعالى فله أن يقلع عيناً واحدة منه وهل له مع ذلك أن يستردّ نصف الدية قال الشيخ المفيد لا ، وهو اختبار ابن إدريس وهو الظاهر من كلام الشيخ في الخلاف ، وقال في النهاية والمبسوط نعم وهو اختيار ابن الجنيد ، احتجّ الشيخ على قوله في النهاية بأنّ فيها الدية كاملة فإذا اقتصّ بما فيه نصف الدية كان له التفاوت وإلاّ لزم الظلم على المجني عليه ، وبما رواه محمّد بن قيس عن الباقر (عليه السلام) قال قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في رجل أعور ... وعن عبد الله بن الحكم عن الصادق (عليه السلام) قال سألته عن رجل صحيح فقأ عين أعور قال (عليه السلام) الدية كاملة فإن شاء الذي فقئت عينه أن يقتصّ من صاحبه ويأخذ خمسة آلاف درهم فعل لأنّ له الدية كاملة وقد أخذ نصفها بالقصاص ـ احتجّ الأوّلون بقوله تعالى ( العين بالعين ) فلو وجبت معها شيء آخر لم يتحقّق ذلك خصوصاً على القول بأنّ الزيادة على النصّ نسخ والجواب : اللام في قوله ( العين بالعين ) للجنس والأصحّ عندي قول الشيخ في المبسوط والنهاية ـ قال العلاّمة : ولو قلع عيناً قاتمة فلا قصاص لنقصها وعليه ثلث ديتها . ولو أذهب الضوء دون الحدقة اقتصّ منه بأن يطرح على أجفانه قطن مبلول ، ثمّ يحمى المرآة ويقابل بالشمس ثمّ يفتح عيناه ويكلّف النظر إليها حتّى يذهب النظر وتبقى الحدقة . وتؤخذ الصحيحة بالعوراء والعمشاء لأنّ العمش خلل في الأجفان وعين الأخفش وهو الذي ليس بحادّ البصر ولا يرى من بُعد لأ نّه تفاوت في قدر المنفعة ، والأعمش هو الذي لا يبصر ليلا ، والأجهر وهو الذي لا يبصر نهاراً لسلامة العين ، والتفاوت في النفع ، وتثبت في الأجفان ولو خلت أجفان المجني عليه عن الأهداب ففي القصاص إشكال فإن أوجبناه رجع الجاني بالتفاوت ـ قال فخر المحقّقين في وجه الإشكال : ينشأ من تبعيّتها للأجفان ، ومن أنّ لها قدراً من الدية فجرى مجرى الأعضاء ـ .
وفي السرائر (3 : 381) : والأعور إذا فقأ عين صحيح قلعت عينه ، وإن عمى فإنّ الحقّ أعماه ، فإن قلعت عينه كان بالخيار بين أن يقتصّ من أحد عينيه أو يأخذ تمام دية كاملة ألف دينار هذا إذا كانت قد ذهبت بآفة من الله تعالى ، فإن كانت قد قلعت عينه ، فأخذ ديتها أو استحقّها ولم يأخذها ففي العين الاُخرى نصف الدية فحسب . وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته : والأعور إذا فقأ عين صحيح قلعت عينه وإن عمى فإنّ الحقّ أعماه فإن قلعت عيناه كان مخيّراً بين أن يأخذ الدية كاملة أو يقلع إحدى عيني صاحبه ويأخذ نصف الدية . وما اخترناه نحن أوّلا هو اختياره في مسائل خلافه ، فإنّه رجع عمّـا ذكره في نهايته ، وهو الذي يقتضيه الأدلّة ، ويحكم بصحّته ظاهر التنزيل ، لأنّ الله تعالى قال ( العين بالعين ) ولم يقل العين بالعين ونصف الدية ولأنّ الأصل براءة الذمّة فمن شغلها بنصف الدية يحتاج إلى دليل.
وفي الوسيلة (الصفحة 446) : البصر : وفي ذهابه من العينين كمال الدية ومن إحداهما نصفها أو القصاص مع التساوي أو نقصان ضوء المجني عليه خلقة وفي نقصان الضوء بالحساب وفي قلع الحدقة بعد ذهاب البصر ثلث دية العين . عين الإنسان لم تخل من ستّة أوجه : إمّا كانت له عينان صحيحتان أو عمشاوان أو كان أعور خلقة أو غير خلقة أو أعمى قاتم العين أو غير قاتم العين ... وللبحث صلة فراجع.
وفي المقنعة لشيخنا المفيد (قدس سره) المتوفّى 413 هـ ق (الصفحة 761) : وإذا فقأ أعور عين صحيح على التعمّد لذلك كان له أن يقلع عينه وإن عمى ، فإنّ الحقّ أعماه وإذا قلع صحيح عينه الباقية كان مخيّراً بين ديتها ـ على ما قدّمناه ـ أو يقلع إحدى عيني صاحبه ، وليس له مع قلعها شيء سواه.
وفي كتب العامّة : جاء في (الفقه على المذاهب الأربعة 5 : 229) : وفي ذهاب بصر كلّ عين صغيرة أو كبيرة ، حادّة أو كالّة ، صحيحة أو عليلة ، عمشاء أو حولاء ، من شابّ أو شيخ أو طفل ، حيث البصر سليم يجب نصف الدية وفي العينين الدية كاملة لأنّ البصر من المنافع المقصودة في الحياة ... وإن نقص ضوء المجني عليه فحكمه كنقص السمع ...
وفي الصفحة 342 ، قال : المالكية والحنابلة قالوا : إنّ عين الأعور السليمة إذا قامت أو ذهب بصرها يجب فيها دية كاملة لأنّ بصر الذاهبة انتقل إليها . والفرق بين عين الأعور والعضو الواحد من كلّ زوج أنّ العين تقوم مقام العينين في معظم الغرض وهي من أعظم الجواهر مكانه . الحنفية والشافعية قالوا : إذا قلع عين الأعور تجب نصف الدية مثل إحدى اليدين والرجلين وباقي الأعضاء المزدوجة.
وفي المغني (9 : 427) : (مسئلة) قال (وتقلع العين بالعين) أجمع أهل العلم على القصاص في العين وممّن بلغنا قوله في ذلك مسروق والحسن وابن سيرين والشعبي والنخعي والزهري والثوري ومالك والشافعي وإسحاق وأبو ثور وأصحاب الرأي وروى عن عليّ (عليه السلام) رضي الله عنه والأصل فيه قول الله تعالى ( والعين بالعين ) ولأ نّها تنتهي إلى مفصل فجرى القصاص فيها كاليد وتؤخذ عين الشابّ بعين الكبير المريضة وعين الصغير بعين الكبير والأعمش ولا تؤخذ صحيحة بقاتمة لأ نّه يأخذ أكثر من حقّه.
[15]الوسائل 19 : 134 ، باب 15 ، كما سنذكرها.
[16]وفي تكملة المنهاج 2 : 163 ، مسألة 174 : لو قلع صحيح العينين العين الصحيحة من رجل أعور خلقة أو بآفة ، كان المجني عليه بالخيار بين قلع إحدى عيني الصحيح وأخذ نصف الدية منه ، وبين العفو وأخذ تمام الدية ـ وفاقاً للأكثر وخلافاً لجماعة : منهم المفيد والحلّي ، واستندوا في ذلك إلى الأصل ، وإلى إطلاق قوله تعالى (العين بالعين) وكلاهما مدفوع بصحيحة محمّد بن قيس قال : (قال أبو جعفر (عليه السلام) : قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) ... وتؤيّد ذلك رواية عبد الله بن الحكم عن أبي عبد الله (عليه السلام) ـ وأمّا لو كان أعور بجناية جان لم يكن للمجني عليه إلاّ قلع إحدى عيني الصحيح ـ بلا خلاف ولا إشكال بين الأصحاب ، بل ادّعي عليه الإجماع في كلمات بعض ، وذلك لأنّ صحيحة محمّد بن قيس المتقدّمة لا إطلاق فيها وإنّما المحكيّ فيها قضاء عليّ (عليه السلام) في قضيّة شخصيّة ، ونتيجة ذلك الاقتصار على القدر المتيقّن ، والرجوع في غيره إلى إطلاق الآية المباركة : (العين بالعين) وأمّا رواية عبد الله بن الحكم فهي ضعيفة لا يمكن الاعتماد عليها ـ .
وفي كشف اللثام 2 : 476) : ولو قلع من الأعور عينه الصحيحة مثله في العور فكذلك ، ولو قلعها ذو عينين اقتصّ منه بعين واحدة لا بكلتيها ، وإن كانت واحدة أي الأعور بمنزلة الثنتين ، وفي الردّ النصف دية النفس على المجني عليه إن كان العور خلقة أو بآفة قولان فالردّ خيرة النهاية والمبسوط والجامع والوسيلة ، ونفى عنه البأس في المختلف لخبر محمّد بن قيس عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في رجل أعور اُصيبت عينه الصحيحة ففقئت إحدى عيني صاحبه ويعقل له نصف الدية ، وإن شاء أخذ دية كاملة ويعفو عن عين صاحبه ، وخبر عبد الله بن الحكم عن الصادق (عليه السلام) نحواً من ذلك ، وفي آخره لأنّ له الدية كاملة ، وقد أخذ نصفها بالقصاص ، ولأنّ دية عين الأعور خلقة دية النفس فلا يؤخذ عوضاً عمّـا قيمته النصف إلاّ بعد ردّ التفاوت ، والعدم خيرة المقنعة والسرائر والشرائع والتحرير للأصل وعموم العين بالعين ، وقال أبو علي بثالث : وهو التخيير بين قلع عين الجاني وخمسمئة دينار عليه ، وقلع إحداهما وأخذ خمسمئة وهو غريب ، فإنّ العينين إمّا أن تساويا عينه فلا ردّ أو لا فلا تقلع.
وفي كتب العامّة : جاء في (الفقه على المذاهب الأربعة 5 : 356) : وفي القصاص يجوز أن يؤخذ من الجاني عضو قوي بعضو ضعيف جنى عليه ، فإذا جنى صاحب عين ضعيفة الأبصار خلقة أو من كبر صاحبها ، فإنّ السليمة تقلع بالضعيفة ، ما لم يكن الضعف جدّاً ، وإلاّ فإن كان العضو شديد الضعف فإنّه تجب الدية ، وإن فقأ سالم العينين عين أعور ، فإنّه يخيّر المجني عليه بين فقء العين المماثلة من الجاني وبين أخذ دية كاملة من مال الجاني أي دية عين نفسه ، وإذا كان المشهور في المذهب تحتّم القصاص في العمد ، وإنّما وجب التخيير لعدم مساواة عين الجاني ، والمجني عليه في الدية ، لأنّ دية عين المجني عليه ألف دينار بخلاف عين الجاني فديتها خمسمئة دينار ، فلو ألزمناه بالقصاص لكان أخذ الأدنى في الأعلى وهو ظلم له فيجب التخيير ، وإن فقأ أعور من سالم عيناً مماثلة عين الجاني السالمة فيجوز للمجني عليه سالم العينين القصاص من الأعور الجاني بفقء عينه السالمة فيصير أعمى ، أو ترك القصاص ، ويأخذ من الجاني دية عينه وهي ألف دينار على أهل الذهب ، لتعيّن القصاص بالمماثلة ، وصارت الثانية عين أعور فيها دية كاملة ، لأ نّه ينتفع بالواحدة انتفاع صاحب العينين . وإن فقأ الأعور من السالم غير المماثلة لعينه بأن فقأ من السالم المماثلة للعوراء فإنّه يجب نصف دية فقط في مال الجاني ولا يجوز للمجني عليه أن يقتصّ منه لعدم المحلّ المماثل ، وإن فقأ الأعور عيني السالم عمداً في مرّة أو في مرّتين وسواء فقأ التي ليس له مثلها أو لا أو ثانياً على الراجح فيجب القود للمجني عليه بأن يفقأ من الجاني العين المماثلة فيصير أعمى مثله ، ويأخذ من الجاني نصف الدية بدل العين التي ليس لها مماثلة ، ولم يخيّر سالم العينين في المماثلة ، بحيث يكون له القصاص ، أو أخذ الدية ، لئلاّ يلزم عليه أخذ دية ونصف ، حيث اختار الدية في العينين وهو خلاف ما ورد عن الشارع صلوات الله وسلامه عليه.
وفي المغني (9 : 430) : (فصل) إذا قلع الأعور عين صحيح فلا قود وعليه دية كاملة روى ذلك عن عمر وعثمان (رض) وبه قال سعيد بن المسيّب وعطاء ، وقال الحسن والنخعي إن شاء اقتصّ وأعطاه نصف دية . وقال مالك : إن شاء اقتصّ وإن شاء أخذ دية كاملة . وقال مسروق والشعبي وابن سيرين وابن مغفل والثوري والشافعي وأصحاب الرأي وابن المنذر له القصاص ولا شيء عليه ، وإن عفا فله نصف الدية لقول الله تعالى ( والعين بالعين ) وجعل النبي (صلى الله عليه وآله) في العينين الدية ، ولأ نّها إحدى شيئين فيهما الدية فوجب القصاص ممّن له واحدة أو نصف الدية كما لو قطع الأقطع يده من له يدان . ولنا قول عمر وعثمان (رض) ولم نعرف لهما مخالفاً في عصرهما ولأ نّه لم يذهب بجميع بصره فلم يجز له الاقتصاص منه بجميع بصره كما لو كان ذا عينين . وأمّا إذا قطع يد الأقطع فلنا فيه منع ، ومع التسليم فالفرق بينهما أنّ يد الأقطع لا تقوم مقام اليدين في النفع الحاصل بهما بخلاف عين الأعور فإنّ النفع الحاصل بالعينين حاصل بها ، وكلّ حكم يتعلّق بصحيح العينين يثبت في الأعور مثله ، ولهذا صحّ عتقه في الكفّارة دون الأقطع . فأمّا وجوب الدية كاملة عليه وهو قول مالك فلأ نّه لمّـا دفع عنه القصاص مع إمكانه لفضيلته ضوعفت الدية عليه كالمسلم إذا قتل ذمّاً عمداً ، ولو قلع الأعور إحدى عيني الصحيح خطأ ، لم يلزمه إلاّ نصف الدية بغير اختلاف لعدم المعنى المقتضي لتضعيف الدية (فصل) ولو قلع الأعور عين مثله ففيه القصاص بغير خلاف لتساويهما من كلّ وجه إذا كانت العين مثل العين في كونها يميناً أو يساراً ... (فصل) وإن قلع الأعور عيني صحيح فقال القاضي : هو مخيّر إن شاء اقتصّ ولا شيء له سوى ذلك لأ نّه قد أخذ جميع بصره، فإن اختار الدية فله دية واحدة لقول النبيّ (صلى الله عليه وآله) (وفي العينين الدية) لأ نّه لم يتعذّر القصاص فلم تتضاعف الدية كما لو قطع الأشلّ يد صحيح أو كان رأس الشاجّ أصغر أو يد القاطع أنقص . وقال القاضي يقتضي الفقه أن يلزمه ديتان إحداهما للعين التي تقابل عينه والدية الثانية لأجل العين الناتئة ، لأ نّها عين أعور والصحيح ما قلنا وهو قول أكثر أهل العلم وأشدّ موافقة للنصوص وأصحّ في المعنى (فصل) وإن قلع صحيح العينين عين أعور فله القصاص من مثلها ويأخذ نصف الدية . نصّ عليه أحمد لأ نّه ذهب بجميع بصره وأذهب الضوء الذي بدله دية كاملة وقد تعذّر استيفاء جميع الضوء ... ويحتمل أ نّه ليس له إلاّ القصاص من غير زيادة أو العفو على الدية ...
[17]الوسائل 19 : 134 ، باب 15 ، الحديث 1 ـ محمّد بن يعقوب عن عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي نجران عن عاصم بن حميد عن محمّد بن قيس ، قال : قلت لأبي جعفر (عليه السلام) : أعور فقأ عين صحيح ؟ فقال : تفقأ عينه ، قال : قلت : يبقى أعمى ؟ قال : الحقّ أعماه . وعن محمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد عن الحسين بن سعيد مثله ، وبإسناده عن عليّ بن إبراهيم وذكر الذي مثله.
2 ـ وبإسناده عن محمّد بن عليّ بن محبوب عن محمّد بن حسان ، عن أبي عمران الأرمني عن عبد الله بن الحكم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : سألته عن رجل صحيح فقأ عين رجل أعور فقال : عليه الدية كاملة ، فإن شاء الذي فقأت عينه أن يقتصّ من صاحبه ويأخذ منه خمسة آلاف درهم فعل . لأنّ له الدية كاملة وقد أخذ نصفها بالقصاص . أقول : وتقدّم ما يدلّ على ذلك ويأتي ما يدلّ عليه عموماً . وراجع باب 27 من أبواب ديات الأعضاء ، صفحة 252 ومستدرك الوسائل 18 : 370 ، باب 25 من أبواب ديات الأعضاء ، وصفحة 287 باب 12 من أبواب قصاص الطرف.
[18]راجعت الوسائل والمستدرك فلم أجد رواية عن سهل بن زياد في هذا الباب.
[19]راجع الوسائل 19 : 134 ، باب 15 ، الحديث 1 ـ 2 ، والصفحة 252 ، باب 27 ، الحديث 1 ـ 2.
[20]الوسائل 15 : 252 ، باب 27 من أبواب ديات الأعضاء ، الحديث 3 ـ وعن محمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد عن عليّ بن الحكم عن عليّ بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) في عين الأعور الدية . ورواه الشيخ بإسناده عن الحسين بن سعيد عن القاسم بن محمّد عن عليّ عن أبي بصير.
وجاء في ترجمة علي بن أبي حمزة البطائني في تنقيح المقال 2 : 260 فقال : عدّه الشيخ الرجل في رجاله تارة من أصحاب الصادق مولى الأنصار كوفي واُخرى من أصحاب الكاظم (عليه السلام) قائلا علي بن أبي حمزة البطائني واقفي المذهب له أصل وقال النجاشي كان قائد أبي بصير يحيى بن القاسم وله أخ يسمّى جعفر بن أبي حمزة روى عن أبي الحسن موسى وروى عن أبي عبد الله (عليهما السلام) ثمّ وقف وهو أحد عمد الواقفة وصنّف كتباً عدّة وأكثره عن أبي بصير ... قال أبو الحسن عليّ بن الحسن بن فضّال علي بن أبي حمزة كذّاب متّهم ملعون قد رويت عنه أحاديث كثيرة وكتبت عنه تفسير القرآن من أوّله إلى آخره إلاّ أ نّي لا أستحلّ أن أروي عنه حديثاً واحداً ، وقال ابن الغضائري : علي بن أبي حمزة لعنه الله أصل الوقف وأشدّ الخلق عداوة للمولى يعني الرضا (عليه السلام) بعد أبي إبراهيم (عليه السلام) ... قال له أبو الحسن (عليه السلام) أنت وأصحابك أشباه الحمير ، وروى الكشّي فيه روايات فراجع ... اعلم أ نّه لا خلاف بينهم في كون الرجل واقفيّاً وقد تظافرت بذلك الأخبار وكلمات العلماء الأخيار ، وإنّما وقع الخلاف في وثاقته وعدمها على قولين ، أحدهما : أ نّه ضعيف لا يعمل بخبره وهو المشهور بين علماء الرجال والفقهاء ، وقد سمعت التصريح به من جمع ، ولعنه من عدّة أقوى شاهد على نهاية ضعفه ، وقد صرّح بوقفه وضعفه وعدم العمل بروايته جمع ، منهم المحقّق في المعتبر وسيّد المدارك ومستنده ظاهر وهو الأخبار المزبورة الناطقة بلعنه وذمّه وتوهينه . ثانيهما : إنّه موثّق وهو الذي مال إليه أو قال به عدّة من الأواخر قال الشيخ الحرّ بعد نقل رواية هو في طريقها ما لفظه : وأكثر رواته ثقات وإن كان منهم علي بن أبي حمزة وهو واقفي لكن وثّقه بعضهم ، انتهى . وحجّة ذلك اُمور أشار إليها الفاضل المجلسي في الوجيزة بقوله علي بن أبي حمزة البطائني ضعيف وقيل موثّق لأنّ الشيخ قال في العدّة عملت الطائفة بأخباره ولقوله في الرجال له أصل ولقول ابن الغضائري في ابنه الحسن أبوه أوثق منه انتهى . وأيّده المولى الوحيد في التعليقة برواية صفوان ـ فيذكر المصنّف ذلك ويذكر بعض المناقشات فراجع . وفي المجلّد الأوّل في نتائج التنقيح يقول : قويّ يؤخذ بخبره ما لم يعارض الخبر الصحيح.
وفي المجلّد الثالث باب الهمزة من فصل الكنى الصفحة 5 قال أبو بصير المشهور على ألسنة أصحاب الفنّ أ نّه يطلق على رجال أربعة عبد الله بن محمّد الأسدي وليث بن البختري ويحيى بن القاسم ويوسف بن الحارث وعدّهم بعضهم خمسة وحيث إنّ بعضهم ثقة دون بعض والاشتباه يسقط الكلّ عن الاعتبار في الأسانيد التجأوا إلى الكلام فى تميّز بعضهم من بعض وأكثروا من الكلام في ذلك حتّى إنّهم صنّفوا في ذلك رسائل مفردة وحيث إنّ البحث في ذلك هنا يوجب بتر النظم نتعرّض لذلك في فوائد الخاتمة إن ساعدنا التوفيق إن شاء الله تعالى ، مع أنّ التحقيق يقضي بعدم الحاجة إلى التميّز لأ نّا قد حقّقنا في يوسف بن الحارث أنّ كنيته أبو نصر بالنون والصاد والراء بغير ياء دون أبي بصير بالباء والصاد والياء والراء وأثبتنا وثاقة الأوّلين وحقّقنا في ترجمة يحيى بن أبي القاسم الثقة أ نّه المكنّى بأبي بصير دون يحيى بن القاسم الحذّاء الضعيف ، فينحصر أبو بصير في ثقتين فلا حاجة إلى التمييز فراجع ما حرّرناه في يحيى بن أبي القاسم ويوسف بن الحارث يتّضح لك ما ذكرناه ـ انتهى كلامه رفع الله مقامه ـ .
[21]الوسائل 19: 254، باب 29 من أبواب ديات الأعضاء، الحديث 1 ـ محمّد بن يعقوب عن محمّد بن يحيى عن موسى بن الحسن عن محمّد بن عبد الحميد عن أبي جميلة عن عبد الله بن سليمان عن عبد الله بن أبي جعفر عن أبي عبد الله (عليه السلام) في العين العوراء تكون قاتمة فتخسف ، فقال : قضى فيها عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) نصف الدية في العين الصحيحة.
أقول : في نتائج التنقيح : محمّد بن يحيى أبو جعفر العطّار الأشعري القمّي ثقة جاءت ترجمته في التنقيح 3 : 199 برقم 1150 يروي عنه الكليني كثيراً . وموسى بن الحسن ابن عامر بن عبد الله القمّي الأشعري ثقة جاءت ترجمته 2 : 225 برقم 12235 ومحمّد ابن عبد الحميد النخعي إمامي مجهول 2 : 136 برقم 10913 وأبي جميلة هو الفضل بن صالح الأسدي النخّاس الضعيف 3 : 9 من فصل الكنى وعبد الله بن سليمان الليثي صحابي مجهول 2 : 225 برقم 7259 وعبد الله بن أبي جعفر مهمل 2 : 162 برقم 6708 ولم يوقف له إلاّ على هذه الرواية.
[22]الوسائل 19 : 256 ، باب 21 من أبواب ديات الأعضاء ، الحديث الأوّل : محمّد بن يعقوب عن عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب عن أبي أيّوب الخزّاز عن بريد بن معاوية عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : في لسان الأخرس وعين الأعمى وذكر الخصي واُنثييه الدية.
2 ـ وعنه عن أبيه وعن محمّد بن عيسى عن أحمد بن محمّد جميعاً ، عن ابن محبوب عن هشام بن سالم ، عن أبي بصير عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : سأله بعض آل زرارة عن رجل قطع لسان رجل أخرس فقال : إن كان ولدته اُمّه وهو أخرس فعليه ثلث الدية ، وإن كان لسانه ذهب به وجع أو آفة بعد ما كان يتكلّم فإنّ على الذي قطع لسانه ثلث دية لسانه قال : وكذلك القضاء في العينين والجوارح قال : وهكذا وجدناه في كتاب علي (عليه السلام) . ورواه الشيخ بإسناده عن الحسن بن محبوب وكذا الذي قبله وكذا الصدوق.
[23]الوسائل 19 : 255 ، باب 29 ، الحديث 2 : وعن عليّ عن أبيه عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر عن أبي جميلة مفضّل بن صالح بن عبد الله بن سليمان عن أبي عبد الله (عليه السلام) في رجل فقأ عين رجل ذاهبة وهي قاتمة قال : عليه ربع دية العين . ورواه الشيخ بإسناده عن عليّ بن إبراهيم.
أقول : ويأتي ما يدلّ على أنّ في عين الأعمى ثلث الدية.
[24]الجواهر (42 : 371) : (ولو) جنى عليه فـ (ـأذهب ضوء العين دون الحلقة توصّل في المماثلة) بالطرف التي لا تقتضي تغريراً بعضو آخر أو بنفس أو بزيادة كالذرّ فيها بالكافور ونحوه (و) لعلّ منه ما (قيل) من أ نّه (يطرح على الأجفان قطن مبلول) لئلاّ تحترق الأجفان (ويقابل مرآة محمّـاة مواجهة للشمس حتّى تذوب الناظرة وتبقى الحدقة) وهي رواية رفاعة عن أبي عبد الله (عليه السلام) ـ الخبر ـ بل ربما استظهر من الشيخ وغيره تعيين الاستيفاء بذلك ، بل لعلّ نسبة المصنّف والشهيد له إلى القيل مشعر بذلك ، بل قيل : وفي الخلاف (عليه إجماع الفرقة وأخبارهم) وفي الروضة (القول باستيفائه على هذا الوجه هو المشهور) وإن كان هو واضح الضعف ، ضرورة عدم دلالة في الخبر على التعيين على وجه يصلح مقيّداً لإطلاق الأدلّة بعد أن كان قضيّة في واقعة ، والمحكي عن الشيخ في المبسوط أ نّه قال : (يستوفى بما يمكن من حديدة حارّة أو دواء يذرّ من كافور وغيره).
وعلى كلّ حال فالظاهر عدم المنافاة بين ما في العبارة ونحوها وبين ما في الخبر المزبور من مواجهة الجاني للمرآة المواجهة للشمس أو مواجهته أوّلا للشمس ثمّ يؤتى بالمرآة المحماة كما في الخبر ، إذ من المعلوم كون المراد ما يستعمل الآن في الإحراق بالمنظرة المقابلة لقرص الشمس ، ولكن إذا اُريد السرعة في ذلك حمئت المنظرة في النار ، ثمّ فتحت عين الجاني في مقابل عين الشمس ثمّ يجاء بالمنظرة الحارّة ويقابل بها قرص الشمس لتستفيد حرارتها فتذيب شحمة العين وتبقى الحدقة ، ولو فرض عدم التمكّن إلاّ بإحراق الحدقة أو الأجفان سقط القصاص وانتقل إلى الدية ، كما في نظائره ، ولو كانت عين المجني عليه شاخصة بيضاء وأمكن الاقتصاص منه بحيث يساويه في ذلك فعل ولو بعلاج بعد القصاص بما يورث العين بياضاً وشخوصاً ، ولو لم يمكن العلاج فلا شيء ، ضرورة كونه حينئذ كاختلاف صورة شجة المقتصّ منه والمقتصّ بعد الاندمال في الحسن والقبح ، والله العالم ـ انتهى كلامه ـ .
وفي تكملة المنهاج 2 : 164 ، مسألة 175 : لو أذهب ضوء عين آخر دون الحدقة كان للمجني عليه الاقتصاص بمثل ذلك ، من دون خلاف بين الفقهاء ، وتدلّ عليه الآية الكريمة ( فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ) ولكن لا بدّ من كون القصاص بالمثل ، فلو استلزم القصاص هنا تغريراً في عضو آخر أو في النفس أو بزيادة لم يجز ، وتؤيّد ذلك رواية رفاعة عن أبي عبد الله (عليه السلام) ... نعم ما تضمّنته الرواية من بيان الطريق للقصاص غير ثابت بضعف الرواية سنداً أو لا ، فإنّ فيه سليمان الدهّان وهو لم يثبت توثيقه ولا مدحه ، ولأ نّها لا تدلّ على تعيّن هذا الطريق ثانياً نظراً إلى أ نّها قضيّة في واقعة ـ .
وفي تحرير الوسيلة 2 : 545 ، مسألة 24 ـ لو أذهب الضوء دون الحدقة اقتصّ منه بالمماثل بما أمكن إذهاب الضوء مع بقاء الحدقة ، فيرجع إلى حذّاق الأطبّاء يفعلوا به ما ذكر ، وقيل في طريقه يطرح على أجفانه قطن مبلول ثمّ تحمى المرآة وتقابل بالشمس ثمّ يفتح عيناه ويكلّف بالنظر إليها حتّى يذهب النظر وتبقى الحدقة ولو لم يكن إذهاب الضوء إلاّ بإيقاع جناية اُخرى كالتسميل ونحوه سقط القصاص وعليه الدية.
وفي المقام مسألتان لا بأس بذكرهما : مسألة 23 ـ لو قلع عيناً عمياء قائمة فلا يقتصّ منه ، وعليه ثلث الدية.
مسألة 25 ـ يقتصّ العين الصحيحة بالعمشاء والحولاء والخفشاء والجهراء والعشياء.
وفي جامع المدارك (7 : 277) : (ولو جنى بما أذهب النظر مع سلامة الحدقة اقتصّ منه بأن يوضع على أجفانها القطن المبلول ، ويفتح العين ويقابل بمرآة محماة مقابلة للشمس حتّى يذهب النظر) ويدلّ عليه رواية رفاعة عن أبي عبد الله (عليه السلام) (الكافي 7 : 319 ، رقم 8) وهذه الرواية وإن كانت ضعيفة من جهة السند لكنّها لا مانع من الأخذ بها حيث إنّ القصاص بهذا النحو ليس فيه تغرير ولا تجد نحواً آخر يقوم مقامه في مقام القصاص.
وفي رياض المسائل (2 : 527) : (ولو جنى) على العين (بما أذهب النظر) والبصر منها خاصّة (مع سلامة الحدقة اقتصّ منه) أي من الجاني بما يمكن معه المماثلة بإذهاب البصر وإبقاء الحدقة قيل : بذرّ كافور ونحوه (وبأن يوضع على أجفانه القطن المبلول) حذراً من الجناية عليها (ويفتح العين ويقابل بمرآة ومحماة) بالنار (مقابلة الشمس حتّى يذهب النظر) كما فعل مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) على ما دلّ عليه بعض النصوص وهو مع ضعف سنده ليس فيه ما يؤمي إلى تعيّنه بعد احتمال كونه أحد أفراد الواجب التخييري ، فما يظهر من العبارة هنا وفي التحرير والقواعد من تعيينه لا وجه له ، ولذا نسبه الماتن في الشرائع والشهيد في اللمعة إلى القيل المشعر بالتمريض وهو حسن ، لكن في الروضة إنّ القول باستيفائه على هذا الوجه هو المشهور بين الأصحاب ووجهه غير واضح ولا ريب أنّ الاستيفاء على هذا الوجه أحوط وإن كان تعيّنه محلّ بحث . ثمّ إنّ ظاهر العبارة وغيرها مواجهة الجاني للمرآة المواجهة للشمس لا لها نفسها ، والظاهر من الرواية غيره وإنّ النظر في المرآة بعد استقبال العين بالشمس فإنّ متنها هكذا : دُعي بمرآة محماة ثمّ دعي بكرسف قبله ، ثمّ جعله على أشفار عينيه على حواليها ، ثمّ استقبل بعينه عين الشمس قال : وجاء بالمرآة فقال انظر فنظر فذاب الشحم وبقيت عينه قائمة ، وذهب البصر.
وفي كشف اللثام (2 : 476) : ولو أذهب الضوء دون الحدقة اقتصّ منه متى أمكن لعموم الأدلّة بذرّ كافور ونحوه ، أو بأن يطرح على أجفانه قطن مبلول لئلاّ يحترق الأجفان ثمّ يحمي المرآة ويقابل بالشمس ثمّ يفتح عيناه أو أحدهما ويكلّف النظر إليها حتّى يذهب النظر كما في خبر رفاعة عن الصادق (عليه السلام) في فعل أمير المؤمنين (عليه السلام) قال في المبسوط فإن لم يكن إذهاب الضوء إلاّ بذهاب الحدقة لم يكن له القصاص فيه لأ نّه استحقّ الضوء فلا يجوز أن يأخذ معه عضو آخر وكذا في الخلاف . ويؤخذ العين الصحيحة قصاصاً بالحولاء والعمشاء لأنّ الحول اعوجاج والعشى خلل في الأجفان فإنّه سيلان الدفع غالباً وعين الأخفش هو الذي لا يبصر ليلا والأجهر هو الذي لا يبصر نهاراً لسلامة البصر فيهما وإنّما التفاوت في البقع كالأخفش ويثبت القصاص في الأجفان لعموم قصاص ولكن لو خلت أجفان المجني عليه عن الأهداب ففي القصاص إشكال من تبعيّتها للأجفان كالنابت على الأيدي من الشعور فيقتصّ من اليد الشعر لغيرها وكما يقتصّ للمرأة من الرجل نفساً وطرفاً ومن أنّ لها وحدها دية فهي كعضو برأسه وسيأتي الكلام في أنّ فيها الدية أو الأرش وفي أنّ فيها شيئاً إن كانت مع الأجفان أو لا ، فإن أوجبناه أي القصاص رجع الجاني بالتفاوت إن قلنا به من دية أو أرش تحرّزاً عن الظلم ، ويثبت القصاص في الأهداب وحدها وفيهما معاً إذا اجتمعا.
وفي المسالك (2 : 383) : في قوله (ولو أذهب ضوء العين دون الحدقة) : إذا ذهب الضوء بالجناية وبقيت العين فالواجب في القصاص المماثلة كغيره بأن يذهب من عين الجاني الضوء مع بقاء الحدقة وكيف اتّفق هذا هو الذي يوافق الأصل ويقتضيه عموم الأدلّة ، والقول بتخصيص إذهابه بالكيفيّة المذكورة مستنداً إلى رواية رفاعة ... وفي طريق الرواية ضعف يمنع من تعيّن الاستيفاء بمضمونها وإن كان وجهاً من وجوه الحيلة في استيفاء الحقّ المذكور.
وفي اللمعة (10 : 83) : (ولو ذهب ضوء العين مع سلامة الحدقة قيل) في طريق الاقتصاص منه بإذهاب بصره مع بقاء حدقتها : (طرح على الأجفان) أجفان الجاني (قطن مبلول وتقابل بمرآة محماة مواجهة للشمس) بأن يفتح عينيه ويكلّف النظر إليها (حتّى يذهب الضوء) من عينه (وتبقى الحدقة) والقول باستيفائه على هذا الوجه هو المشهور بين الأصحاب ، ومستنده رواية رفاعة عن أبي عبد الله (عليه السلام) (إنّ عليّاً (عليه السلام) فعل ذلك في من لطم عين غيره فأنزل فيها الماء وأذهب بصرها) وإنّما حكاه قولا للتنبيه على عدم دليل يفيد انحصار الاستيفاء فيه ، بل يجوز بما يحصل به الغرض من إذهاب البصر وإبقاء الحدقة بأيّ وجه اتّفق ، مع أنّ في طريق الرواية ضعفاً وجهالة يمنع من تعيين ما دلّت عليه وإن كان جائزاً.
وفي السرائر (3 : 404) : ومن لطم إنساناً على وجهه ونزل الماء في عينيه وعيناه صحيحتان وأراد القصاص ، فإنّه تؤخذ مرآة ـ بكسر الميم وسكون الراء ومدّ الألف ـ محماة بالنار ، ولا يجوز أن يقال محميّة على ما وصفه شيخنا أبو جعفر في نهايته ، لأن يقال أحميت الحديدة في النار فهي محماة ، فلا يقال حميتها فهي محميّة ، ويؤخذ كرسف مبلول ، وهو القطن ، فيجعل على أشفار عينيه على جوانبها لئلاّ تحترق أشفاره ، ثمّ يستقبل عين الشمس بعينيه ، وتقرب منها المرآة ، فإنّه يذوب الناظر ويصير أعمى وتبقى العين ، ويقال الناظرة على ما وضعه شيخنا في نهايته فإنّه قال وتذوب الناظرة وذلك صحيح ليس بخطأ.
وفي المهذّب (2 : 375) : وإذا ذهب ضوء العين عن الموضحة بالسراية كان في ذلك القصاص وإذا كان فيه القصاص ، فالمجني عليه مخيّر بين العفو وبين استيفاء القود فإن عفى وجبت له الدية موضحة في الضوء الدية ، فإن أراد القصاص اقتصّ في الموضحة ثمّ يصبر ، فإن سرى القصاص إلى ضوء العين كان القصاص واضع موقعه ، وإن لم يسر إلى ضوء العين ، كان فيه القصاص فإن أمكنه أن يقتصّ الضوء كان ذلك له ، وإن لم يمكنه ذلك إلاّ بذهاب الحدقة لم يكن له القصاص فيه ، لأنّ الذي يستحقّه هو الضوء فلا يجوز أن يأخذ معه عضواً آخر . وإذا لطم غيره فذهب ضوء عينه لطم مثله فإن ذهب بذلك ضوء عينه فقد استوفى القصاص ، وإن لم يذهب الضوء استوفى بما يمكن استيفاء ذلك بمثله من حديدة قد أحمى في النار أو كافور أو دواء يذرّ فيها ، فإن لطم غيره وذهب ضوء عينه وابيضّت وشخصت لطم مثلها ، فإن ذهب الضوء وحصل البياض والشخوص فيها فقد استوفى الحقّ ، وإن ذهب الضوء ولم يحصل البياض والشخوص وأمكن أن يعالج بما حصل به ذلك كان له فعله ، فإن لم يتمكّن ذلك لم يكن فيه شيء.
وفي المبسوط (7 : 82) : وأمّا ضوء العينين ، فإن كان ذهب بالسراية قال قوم : فيه القصاص وهو مذهبنا وقال قوم لا قصاص فيه ، فإذا ثبت أنّ فيهما القصاص فالمجني عليه بالخيار بين العفو وبين استيفاء القود فإن عفا وجبت له دية موضحة ، وحكومة في الشعر الذي لم يثبت حولها ، وفي الضوء الدية ، وإن اختار القصاص اقتصّ في الموضحة ثمّ يصبر ، فإن سرى القصاص إلى ضوء العين وقع القصاص موقعه ، وإن لم يسر إلى ضوء العين ففيه القصاص . فإن أمكن الاستيفاء بأن يقرّب إليها حديدة محماة يؤمن معها على الحدقة فعل حتّى يذهب الضوء ، وإن لم يمكن داواها بدواء يذهب بالضوء من غير خوف على الحدقة من كافور أو غيره ، وإن لم يمكن إذهاب الضوء إلاّ بذهاب الحدقة لم يكن القصاص فيه ، لأ نّه استحقّ الضوء فلا يجوز أن يأخذ معه عضواً آخر ، وأمّا الشعر الذي على نفس الموضحة فلا شيء فيه وإن لم ينبت فلا قصاص فيه ، وفيه حكومة لأ نّه يمكن أخذه بنفسه ، سواء نبت مثله في رأس الجاني أو لم ينبت ، لأ نّه وإن ذهب ذلك من رأس الجاني فلا ضمان فيه ، لأ نّها سراية عن قصاص إلى ما لا يجب فيه القصاص . إذا لطمه فذهب ضوء عينيه لطم مثلها فإن ذهب ضوء عينيه استوفى القصاص وإن لم يذهب الضوء يستوفى بما يمكن من حديدة حارّة أو دواء يذرّ فيها من كافور وغيره على ما بيّناه . فإن كانت بحالها فذهب ضوء عينيه وابيضّت وشخّصت لطم مثلها ، فإن ذهب الضوء وحصل فيها البياض وشخصت فقد استوفى حقّه وإن ذهب الضوء لكنّها لم تبيضّ ولم يشخص فإن أمكن أن يعالج بما تبيض وتشخص فعل ذلك لهما ، وإن لم يمكن فلا شيء فيه ، لأ نّه إنّما اندمل قبيحاً بشين ، كما لو شجّه موضحة فاقتصّ منه واندملت موضحة الجاني حسنة جميلة واندملت موضحة المجني عليه وحشة قبيحة لم يجب لأجل الشين شيء . فإن كانت اللطمة ضعيفة لا يذهب بها ضوء العين فذهب به ، فلا قصاص ها هنا في العين لأ نّا إنّما نوجب القود في النفس والجرح معاً إذا كان ذلك بآلة تقتل غالباً ، وإن لم تقتل غالباً فلا قود فيها.
وفي كتب العامّة : جاء في (الفقه على المذاهب الأربعة 5 : 349) : ومن ضرب عين رجل بحديدة عمداً فقلعها لا قصاص عليه لامتناع المماثلة في القلع ، أمّا إن كانت العين قائمة فذهب ضوءها فعليه القصاص ، لإمكان المماثلة بأن تحمى له المرآة ويجعل على وجهه قطن رطب وتقابل عينه بالمرآة فيذهب ضوءها وهو مأثور عن جماعة من الصحابة (رض) ولو كانت عين أحول أو أعمش أو أعور أو عين أخفش أو عين أعشى ، لأنّ المنفعة باقية بأعين من ذكر.
وفي المغني (9 : 428) : (فصل) فلو قلع عينه بإصبعه لم يجز أن يقتصّ بإصبعه لأ نّه لا يمكن المماثلة فيه ، وإن لطمه فذهب ضوء عينه لم يجز أن يقتصّ منه باللطمة لأنّ المماثلة فيها غير ممكنة ولهذا لو انفردت من إذهاب الضوء لم يجب فيها قصاص ، ويجب القصاص في البصر فيعالج بما يذهب ببصره من غير أن يقلع عينه كما روى يحيى بن جعدة أنّ أعرابياً قدم بحلوبة له إلى المدينة فساومه فيها مولى لعثمان بن عفّان (رض) فنازعه فلطمه ففقأ عينه فقال له عثمان هل لك أن أضعف لك الدية وتعفو عنه ؟ فأبى فرفعهما إلى عليّ (عليه السلام) رضي الله عنه فدعا علي بمرآة فأحماها ثمّ وضع القطن على عينه الاُخرى ثمّ أخذ المرآة بكلبتين فأدناها من عينه حتّى سال إنسان عينه ، وإن وضع فيها كافوراً يذهب بضوئها من غير أن يجني على الحدقة جاز ، وإن لم يمكن إلاّ بالجناية على العضو سقط القصاص لتعذّر المماثلة . وذكر القاضي أ نّه يقتصّ منه باللطمة فيلطمه المجني عليه مثل لطمته ، فإن ذهب ضوء عينه ، وإلاّ كان له أن يذهبه بما ذكرنا وهذا مذهب الشافعي ، وهذا لا يصحّ فإنّ اللطمة لا يقتصّ منها منفردة ، فلا يقتصّ منها إذا سرت إلى العين كالشجّة إن كانت دون الموضحة ولأنّ اللطمة إذا لم تكن في العين لا يقتصّ منها بمثلها مع الأمن من إفساد العضو في العين فمع خوف ذلك أولى ولأ نّه قصاص فيما دون النفس فلم يجر بغير الآلة المعدّة كالموضحة . وقال القاضي لا يجب القصاص إلاّ أن تكون اللطمة تذهب بذلك غالباً فإن كانت لا تذهب به غالباً فذهب فهو شبه عمد لا قصاص فيه وهو قول الشافعي لأ نّه فعل لا يفضي إلى الفوات غالباً فلم يجب به القصاص كشبه العمد في النفس . وقال أبو بكر : يجب القصاص بكلّ حال لعموم قوله ( والعين بالعين ) ولأنّ اللطمة إذا أسالت إنسان العين كانت بمنزلة الجرح ، ولا يعتبر في الجرح الإفضاء إلى التلف غالباً . وللبحث فصول وصلة فراجع.
وفي المهذّب في الفقه الشافعي (2 : 186) : (فصل) وإن جنى عليه جناية ذهب منها ضوء عينيه نظرت فإن كانت جناية لا يجب فيها القصاص كالهاشمة عولج بما يزيل ضوء العين من كافور يطرح في العين أو حديدة حامية تقرب منها لأ نّه تعذّر استيفاء القصاص فيه بالهاشمة ولا يقلع الحدقة لأ نّه قصاص في غير محلّ الجناية فعدل إلى أسهل ما يمكن كما قلنا في القتل باللواط ، وإن كانت جناية يمكن فيها القصاص كالموضحة اقتصّ منه فإن ذهب الضوء فقد استوفى حقّه ، وإن لم يذهب عولج بما يزيل الضوء على ما ذكرناه في الهاشمة ، وإن لطمه فذهب الضوء فقد قال بعض أصحابنا إنّه يلطم كما لطم ، فإن ذهب الضوء فقد استوفى حقّه ، وإن لم يذهب عولج على ما ذكرناه ، وقال الشيخ الإمام ويحتمل عندي أ نّه لا يقتصّ منه باللطمة ، بل يعالج بما يذهب الضوء على ما ذكرناه في الهاشمة ، والدليل عليه ما روى يحيى بن جعدة أنّ أعرابياً قدم بجلوبة له إلى المدينة فساومه فيها مولى لعثمان بن عفّان (رض) فنازعه فلطمه ففقأ عينه فقال له عثمان هل لك أن أضعف لك الدية وتعفو عنه ؟ فأبى فرفعهما إلى علي (عليه السلام) فدعا علي (عليه السلام) رضي الله عنه بمرآة فأحماها ثمّ وضع القطن على عينه الاُخرى ثمّ أخذ المرآة بكلبتين فأدناها من عينه حتّى سال إنسان عينه . ولأنّ اللطم لا يمكن اعتبار المماثلة فيه ولهذا لو انفرد من إذهاب الضوء لم يجب فيه القصاص فلا يستوفى به القصاص في الضوء كالهاشمة . وإن قلع عين رجل بالإصبع فأراد المجني عليه أن يقتصّ بالإصبع ففيه وجهان : أحدهما أ نّه يجوز لأ نّه يأتي على ما تأتي عليه الحديدة مع المماثلة . والثاني : لا يجوز لأنّ الحديد أرجى فلا يجوز بغيره.
[25]هذا المعنى لم يذكره سيّدنا الاُستاذ.
[26]الجواهر (2 : 373) : (ويثبت) القصاص (في الحاجبين وشعر الرأس واللحية) والأهداب ونحوها ، لعموم الأدلّة ، وعن التحرير القطع بذلك ، إلاّ الأهداب لم يتعرّض لها ، وعن حواشي الشهيد على القواعد المنقول أ نّه (لو جنى على اللحية والرأس حتّى أزال الشعر والجلد فإنّه يقتصّ فيهما ، وإن لم يكن للجاني شعر اقتصّ منه في الجرح واُخذ منه الدية في الشعر ، وإن جنى على الشعر خاصّة كان في شعر الرأس الدية وكذا اللحية ، وإن نبتت ثانياً فلا قصاص وفيه الأرش ، ويثبت في بقية الشعر الأرش دون القصاص) إلى آخره ...
وفي تكملة المنهاج 2 : 165 ، مسألة 176 : يثبت القصاص في الحاجبين واللحية وشعر الرأس وما شاكل ذلك ـ بيان ذلك : أنّ إزالة الشعر تارة تكون بزواله مجرّداً بلا إفساد للمحلّ ، واُخرى تكون مع إفساد المنبت ، فعلى الأوّل يثبت القصاص بمقتضى إطلاق قوله تعالى : ( فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ) وأمّا رواية سلمة بن تمام قال : (أهرق رجل قدراً فيها مرق على رأس رجل فذهب شعره ، فاختصموا في ذلك إلى عليّ (عليه السلام) فأجّله سنة ، فجاء فلم ينبت شعره ، فقضى عليه بالدية) فهي وإن دلّت على أنّ ذهاب الشعر بمجرّده لا يترتّب عليه أثر ، ولذلك أجّل الإمام (عليه السلام) القضاء إلى سنة ، إلاّ أ نّها نقلت بطريقين : أحدهما : بطريق الشيخ وفيه عدّة مجاهيل ، والآخر بطريق الصدوق وهي مرسلة ، فإنّه رواها عن محمّد بن الحين بن أبي الخطّاب عن سلمة بن تمام ، ولا يمكن رواية محمّد بن الحسين عن سلمة بلا واسطة فإنّ محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب من أصحاب الجواد (عليه السلام) وسلمة بن تمام من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) على أ نّه لا توثيق لسلمة بن تمام فالنتيجة أنّ الرواية ضعيفة جدّاً ، فلا يمكن الاعتماد عليها ، وعلى الثاني وهو ما إذا كانت الإزالة بإفساد المنبت ، فإن أمكن فيه الاقتصاص بالمثل ، فللمجني عليه ذلك بمقتضى إطلاق الآية الكريمة المتقدّمة ، وأمّا إذا لم يمكن فيه القصاص ينتقل الأمر فيه إلى الدية لما تقدّم من أنّ في كلّ مورد لا يمكن فيه القصاص ينتقل الأمر فيه إلى الدية بمقتضى أنّ حقّ المسلم لا يذهب هدراً ، وعلى ذلك تحمل صحيحة سليمان ابن خالد عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : قلت : الرجل يدخل الحمّـام فيصبّ عليه صاحب الحمّـام ماءً حارّاً ، فيمتعط شعر رأسه فلا ينبت ، فقال : عليه الدية كاملة) حيث إنّه لا يمكن القصاص بالمثل عادة في موردها ، ويمكن حملها بمناسبة المورد على صورة الشبيه بالعمد التي فيها الدية ابتداءً.
وفي تحرير الوسيلة 2 : 546 ، مسألة 26 ـ في ثبوت القصاص لشعر الحاجب والرأس واللحية والأهداب ونحوها تأمّل ، وإن لا يخلو من وجه ، نعم لو جنى على المحلّ بجرح ونحوه يقتصّ منه مع الإمكان.
مسألة 27 ـ يثبت القصاص في الأجفان مع التساوي في المحلّ ، ولو خلت أجفان المجني عليه عن الأهداب ففي القصاص وجهان ، لا يبعد عدم ثبوته ، فعليه الدية.
وفي كشف اللثام (2 : 477) : وفي شعر الرأس واللحية والحاجبين لعموم قوله تعالى : ( فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ) وقوله : ( فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به )على إشكال ينشأ من أ نّه إن لم يفسد المنبت فالشعر يعود فلا قصاص وإن أفسده فالجناية على البشرة والشعر تابع فإن كان إفساده بما يمكن الاقتصاص له اقتصّ وهو قصاص للبشرة لا للشعر وإلاّ تعيّنت دية الشعر على التفصيل الآتي وأرش البشرة وإن جرحت والإشكال جار في الأهداب وإن لم يشملها ظاهر العبارة وقطع في التحرير بالقصاص في الجميع إلاّ الأهداب فلم يتعرّض لها ، وقطع ابن حمزة بأن لا قصاص في شعر الرأس فإن نبت الشعر فلا قصاص وثبت الأرش وهو واضح إن خيف مع القصاص أن لا يثبت وأمّا بدونه فلا بعد فيه.
وفي اللمعة (10 : 84) : (ويثبت) القصاص (في الشعر إن أمكن) الاستيفاء المماثل للجناية بأن يستوفي ما ينبت على وجه ينبت ، وما لا ينبت كذلك على وجه لا يتعدّى إلى فساد البشرة ، ولا الشعر زيادة على الجناية ، وهذا أمر بعيد ومن ثمّ منعه جماعة ، وتوقّف آخرون منهم العلاّمة في القواعد.
وفي إيضاح الفوائد (4 : 644) : ويثبت القصاص في الأهداب والأجفان وشعر الرأس واللحية على إشكال ، ينشأ من أ نّه لم يفسد المنبت فالشعر يعود ، وإن فسد فالجناية على البشرة والشعر تابع ، فإن نبت فلا قصاص ـ قال فخر المحقّقين : ذكر المصنّف (قدس سره) : وجه عدم القصاص وتقريره : أ نّه إمّا أن يفسد المنبت بالجناية أو لا ، فإن كان الأوّل فالجناية على المنبت فلا قصاص لعدم انضباطه واستلزامه الغرر والشعر تابع ، وإن كان الثاني فالشعر يعود فلا قصاص وعلى التقديرين يثبت الأرش ، ووجه القصاص عموم قوله تعالى ( فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم )والجواب : أ نّه مشروط بالمثلية وهي غير معلومة ها هنا فلا قصاص وهو الأصحّ عندي ـ .
وفي الوسيلة (الصفحة 444) : فأمّا شعر الرأس فلا قصاص فيه ، فإن كان رجلا ولم ينبت ففيه الدية وإن نبت بعضه أو كلّه ففيه الأرش على ما يراه الإمام ، وإن كانت امرأة ولم يعد ففيه ديتها فإن عاد ففيه مهر نسائها.
وفي المهذّب (2 : 376) : وإذا ذهب شعر الرأس فلم يعد كان فيه الدية كاملة ، وكذلك شعر اللحية ، فأمّا شعر الحاجبين فمضمون بنصف الدية ، وكذلك شعر أشفار العينين وما عدا ذلك من الشعر ففيه حكومة.
وفي المبسوط (7 : 83) : الشعر لا يضمن بالدية عند قوم وإن أزال شعر جميع بدنه وإنّما يجب فيه الحكومة إذا أعدم الإنبات وفيه خلاف ، وعندنا فيه ما يضمن فمن قال لا يضمن قال فيها الحكومة فمتى أزال فإن لم يعد فالحكم على ما مضى ، وإن عاد ونبت كالذي كان فلا شيء فيه وإن كانت اللحية كثيفة فعادت خفيفة ففيها حكومة ، سواء عادت قبيحة أو أحسن منها وإن كانت خفيفة فعادت كثيفة ، فإن عادت قبيحة ففيها حكومة الشين والقباحة ، وإن عادت أحسن فلا شيء عليه . وعندنا يضمن شعر الرأس إذا لم يعد بكمال الدية ، وكذلك شعر اللحية وشعر الحاجبين بنصف الدية وشعر الأشعار مثله ، وإن عاد ففي شعر اللحية ثلث الدية ، وفي الباقي حكومة ، وكذلك ما عدا هذا الشعر فيه الحكومة.
وفي كتب العامّة : جاء في (الفقه على المذاهب الأربعة 5 : 342) : الحنفية قالوا : إنّ الجناية على اللحية وشعر الرأس إذا حلقت ولم تنبت تجب في كلّ منهما الدية لأ نّه يفوت به منفعة الجمال غير أ نّه لو حلق رأس إنسان بطريقة لا تجعلها تنبت ، أو شعر لحيته لا يطالب بدفع الدية حالا ، بل يؤجّل سنة لتصوّر الإنبات فإن مات المجني عليه قيل مضى سنة ، ولم ينبت الشعر فلا دية عليه لاحتمال ظهورها لو عاش حيّاً ، بل تجب حكومة ، وشعر الرجل والمرأة والصغير والكبير في ذلك سواء ، وذلك لأنّ شعر اللحية جمال بالنسبة للرجال في وقتها ، وفي حلقها تفويت لمنفعة الجمال والكمال ، فقد ورد أنّ الملائكة تقول (سبحان من زيّن الرجال باللحى والنساء بالذوائب) فتجب الدية وكذلك شعر الرأس بالنسبة للمرأة من أعظم زينتها وتمام جمالها ، وبالنسبة للرجال زينة وجمال أيضاً ... قالوا : ولحية الكوسج على ذقنه شعرات معدودة فلا شيء في حلقه لأنّ وجودها يشينه ولا يزينه وإن كان أكثر من ذلك وكان على الخدّ والذقن جميعاً لكنّه غير متّصل ففيه حكومة عدل لأنّ فيه بعض الجمال ... قالوا : وفي الحاجبين الدية وفي أحدها نصف الدية لأنّ بهما يحصل الجمال للإنسان . الشافعية والمالكية والحنابلة قالوا : في حلق شعر اللحية وشعر الرأس تجب فيهما حكومة عدل لأنّ ذلك زيادة في الآدمي ولهذا يحلق شعر الرأس كلّه ويحلق شعر اللحية بعضهم في بعض البلاد ، وصار كشعر الصدر والساق ، ولهذا يجب في شعر العبد نقصان القيمة بالإجماع . قالوا : وفي إزالة شعر الحاجب تجب حكومة واحداً أو متعدّداً لأنّ في الشعر جمالا ، وسواء كان إزالة الشعر عمداً أو خطأً وكذلك الهدب .
[27]الوسائل 19 : 260 ، باب 37 من أبواب ديات الأعضاء وفي الباب ثلاث روايات ، الحديث 1 ـ محمّد بن يعقوب عن عدّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمّد بن الحسن بن شمون ـ عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصمّ عن مسمع عن أبي عبد الله (عليه السلام)قال : قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في اللحية إذا حلقت فلم تنبت الدية كاملة ، فإذا نبتت فثلث الدية ، ورواه الصدوق بإسناده عن السكوني مثله.
أقول : سهل بن زياد عند سيّدنا الاُستاذ الأمر فيه سهل ، إلاّ أ نّه في نتائج التنقيح سهل بن زياد الأدمي الرازي أبو سعيد (حسن) برقم (5396) ومحمّد بن الحسن بن شمون برقم (10548) ضعّفه النجاشي (320 : 102 عدّه الشيخ تارة من أصحاب الجواد (عليه السلام) واُخرى بزيادة قال من أصحاب الهادي (عليه السلام) قال النجاشي واقف ثمّ غلا وكان ضعيفاً جدّاً فاسد المذهب عاش مئة وأربعة عشر سنة مات سنة ثمان وخمسين ومائتين وعبد الله بن عبد الرحمن الأصمّ ضعيف أو مجهول برقم (6927) ومسمع عند المامقاني : ثقة على التحقيق برقم (11810).
[28]مستدرك الوسائل 18 : 376 ، باب 34 من أبواب ديات الأعضاء ، الحديث 1 ـ دعائم الإسلام : عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أ نّه قال : (في اللحية تنتف أو تحلق أو تسمط فلا تنبت ففيها الدية كاملة وما نقص منها فبحساب ذلك ودية الشارب إذا لم ينبت ثلث دية الشفة العليا وما نقص منه فبحساب ذلك ، فإن نبت فعشرون ديناراً.
2 ـ وعن أبي عبد الله عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين (عليهم السلام) : إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله)قضى في شعر الرأس ينتف كلّه فلا ينبت ففيه الدية كاملة ، وإن نبت بعضه دون بعض فبحساب ذلك . قال أبو عبد الله (عليه السلام) : فإن نبت فعشرون ديناراً.
[29]الوسائل 19 : 55 ، باب 30 من أبواب ديات الأعضاء ، الحديث 1 : محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن الحسن الصفّار عن إبراهيم بن هاشم عن محمّد بن سليمان المنقري عن عبد الله بن سنان قال : قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) : جعلت فداك ما على رجل وثب على امرأة فحلق رأسها ؟ قال : يضرب ضرباً وجيعاً ويحبس في سجن المسلمين حتّى يستبرأ شعرها ، فإن نبت اُخذ منه مهر نسائها ، وإن لم ينبت اُخذ منه الدية كاملة ، قلت : فكيف صار مهر نسائها إن نبت شعرها ؟ فقال : يا ابن سنان إنّ شعر المرأة وعذرتها شريكان في الجمال ، فإذا ذهب بأحدهما وجب لها المهر كلّه . وبإسناده عن عليّ بن إبراهيم عن أبيه مثله . ورواه الصدوق بإسناده عن إبراهيم عن هاشم ، ورواه الكليني عن عليّ بن إبراهيم مثله.
[30]مستدرك الوسائل 18 : 372 ، باب 28 من أبواب ديات الأعضاء ، الحديث 3 ـ دعائم الإسلام : عن أبي عبد الله (عليه السلام) أ نّه قال : وإن كانت امرأة فحلق رجل رأسها ، حبس في السجن حتّى ينبت ، ويخرج بين ذلك فيضرب ثمّ يردّ إلى السجن ، فإذا نبت اُخذ منه مثل مهر نسائها ، إلاّ أن يكون أكثر من مهر السنّة ، فإن كان أكثر من مهر السنّة ردّ إلى السنّة.
[31]الوسائل 19 : 55 ، باب 30 من أبواب ديات الأعضاء ، الحديث 1 . وفي الباب أربع روايات فراجع.
[32]الجواهر (42 : 375) : (و) يثبت القصاص أيضاً (في قطع الذكر) بلا خلاف بل في كشف اللثام ومحكيّ التحرير الإجماع عليه ، لعموم الأدلّة (ويتساوى في ذلك) له أيضاً (ذكر الشابّ) ولو رضيعاً (والشيخ والصبي والبالغ والفحل والذي سلّت خصيتاه) إذا لم يؤدّ إلى شلل فيه ، كما عن الخلاف والسرائر (والأغلف والمختون) بلا خلاف أجده في شيء من ذلك بيننا ، بل ولا من غيرنا إلاّ من مالك فلم يثبت القود بين الفحل ومسلول الخصيتين ، لأ نّه لا منفعة فيه ، وفيه أنّ ذلك نقص في الماء لا فيه ، فيندرج في العموم بعد الاشتراك في الاسم والخلقة والسلامة.
وفي تكملة المنهاج 2 : 166 ، مسألة 177 : يثبت القصاص في قطع الذكر ، ولا فرق بين ذكر الشابّ والشيخ والأغلف والمختون وغير ذلك ـ بلا خلاف ولا إشكال بين الأصحاب بل في الجواهر نسب عدم الخلاف إلى غيرنا أيضاً إلاّ من مالك ويدلّ عليه إطلاق قوله تعالى : ( فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ) وقوله تعالى : ( والجروح قصاص ) وإطلاق معتبرة إسحاق بن عمّـار عن أبي عبد الله (عليه السلام) ... ـ والمشهور أ نّه لا فرق بين الصغير والكبير ولكنّه لا يخلو عن إشكال بل منع ـ وجه الإشكال ما تقدّم في قصاص النفس فيما إذا قتل الكبير صغيراً من أنّ المشهور ثبوت القصاص ولكن قوله (عليه السلام) في صحيحة أبي بصير (لا قود لمن لا يقاد منه) يدلّ على عدم ثبوت القصاص فيما إذا كان المجني عليه صغيراً من دون فرق بين القتل وغيره من الجنايات فإن تمّ إجماع ، وإلاّ فالظاهر عدم ثبوت القصاص وبذلك يظهر الحال في قطع غير الذكر من الجنايات على الصغير ـ .
وفي تحرير الوسيلة 2 : 548 ، مسألة 38 ـ يثبت القصاص في قطع الذكر ، ويتساوى في ذلك الصغير ولو رضيعاً والكبير بلغ كبره ما بلغ ، والفحل والذي سلت خصيتاه إذا لم يؤدّ إلى شلل فيه ، والأغلف والمختون ، ولا يقطع الصحيح بذكر العنين ومن في ذكره شلل ، ويقطع ذكر العنين بالصحيح والمشلول به ، وكذا يثبت في قطع الحشفة ، فتقطع الحشفة بالحشفة ، وفي بعضها أو الزائد عليها استوفي بالقياس إلى الأصل ، إن نصفاً فنصفاً ، وإن ثلثاً فثلثاً ، وهكذا.
وفي كشف اللثام (2 : 479) : الفصل الخامس : في الجناية على العورة أي قبل الرجل والمرأة ، يثبت القصاص في الذكر بالنصّ والإجماع ويتساوى ذكر الشابّ والشيخ والصغير والبالغ والفحل ومسلول الخصيتين إن لم يزد سلّهما إلى شلله خلافاً لمالك لانتفاء منفعة الإيلاد ، وفيه أنّ ذلك الما والمختون والأغلف لعموم النصوص والاشتراك في الاسم والصحّة.
وفي اللمعة (10 : 84) : (ويقطع ذكر الشابّ بذكر الشيخ وذكر المختون بالأغلف والفحل بمسلول الخصيتين) لثبوت أصل المماثلة ، وعدم اعتبار زيادة المنفعة ونقصانها ، كما تقطع يد القوي بيد الضعيف ، وعين الصحيح بالأعشى ، ولسان الفصيح بغيره ، نعم لا يقطع الصحيح بالعنين ويثبت بالعكس.
إيضاح الفوائد (4 : 650) : الفصل الخامس في الجناية على العورة : يثبت القصاص في الذكر ويتساوى ذكر الشابّ والشيخ والصغير والبالغ والفحل ومسلول الخصيتين والمختون والأغلف ، ولا يقطع الصحيح بذكر العنّين ويقطع العنّين بالصحيح ، وكذا لا يقطع الصحيح بمن في ذكره شلل ، ويعرف بأن يكون الذكر منقبضاً فلا ينبسط ، أو منبسطاً فلا ينقبض . ويقتصّ في البعض فإن كان الحشفة فظاهر ، وإن زاد استوفى بالنسبة من الأصل إن نصفاً فنصفاً ، وإن ثلثاً فثلثاً وهكذا.
وفي الوسيلة (الصفحة 451) : الذكر : فيه القصاص أو الدية ولا يقطع الصحيح بما به شلل أو عنّة ، والباقي يقطع هذا بذاك مع اختلاف الأحوال ، ويقطع ذكر الفحل بذكر المسلول ... وللبحث صلة.
وفي المهذّب (2 : 380) : وإذا قطع ذكر رجل قطع ذكره ، ويقطع ذكر الشابّ بذكر الشابّ وذكر الشابّ بذكر الشيخ وذكر الشيخ بذكر الشابّ ، وكذلك ذكر الصبي بغيره ممّـا ذكرناه ، ويقطع ذكر الفحل بذكر الخصي ، فإن قطع ذكر أشلّ أو به شلل ـ وهو الذي قد استرسل ولا ينتشر ولا يقوم ولا يبسط ولا ينقبض صار مثل الحرمة ـ لم يكن في قطع قود ومثل اليد السليمة بالشلاّء . لا يقطع بها ، فإن قطع أغلف ذكر مختون قطع ذكر الأغلف بالمختون.
وفي المبسوط (7 : 50) : إذا قطع ذكر رجل واُنثييه فعليه القود فيهما ، لأنّ كلّ واحد منهما عضو له حدّ ينتهي إليه يقتصّ عليهما ويقطعهما مع تلك الجلدة.
وفي الصفحة 93 : القصاص واجب في الذكر لقوله تعالى ( والجروح قصاص ) ولأنّ له حدّاً ينتهي إليه مثل اليد ، فإذا ثبت ذلك فإنّا نقطع ذكر الشابّ القوي بذكر الشابّ وذكر الشيخ ، سواء كان ممّن ينتشر عليه أو لا ينتشر وبذكر الصبي الذي يقوم عليه أو لاى قوم لصغره للظاهر ، والمراعي الاشتراك في الاسم الخاصّ مع تمام الخلقة والسلامة من الشلل ويقطع ذكر الفحل القوي بذكر الخصي الذي سلّت بيضتاه وبقي ذكره ، وقال بعضهم لا قود عليه لأ نّه لا منفعة فيه والأوّل أقوى للظاهر . وأمّا إن قطع ذكر أشلّ وبه شلل وهو الذي قد استرسل فلا ينتشر ولا يقوم ولا ينقبض ولا ينبسط كالخرقة فلا قود بقطعه كاليد السليمة بالشلاّء لا يقطع بها . والأغلف يقطع بالمختون للآية.
وفي كتب العامّة : جاء في (الفقه على المذاهب الأربعة 5 : 336) : وفي قطع الذكر تجب الدية كاملة وكذلك الحشفة وهي رأس الذكر إذا قطعها عليه دية كاملة ولو كان الذكر لصغير وشيخ كبير وخصي وعنّين لإطلاق الحديث الوارد في ذلك . وعند أكثر الفقهاء : إنّ في ذكر الخصي والعنّين حكومة والأصل فيه ما روي عن سعيد بن المسيّب (رض) أنّ النبيّ صلوات الله وسلامه عليه قال : (في النفس الدية وفي اللسان الدية وفي المارن الدية) وهكذا في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلّى الله عليه (وآله) وسلّم لعمرو بن حزم (رض) ولأنّ ذكر الخصي سليم وهو قادر على الإيلاج وإنّما الفائت الإيلاد والعنّة عيب في غير الذكر لأنّ الشهوة في القلب والمني في الصلب وليس الذكر بمحلّ لواحد منهما ، فكان سليماً من العيب والحشفة كالذكر لأنّ ما عداها من الذكر كالتابع لها كالكفّ مع الأصابع لأنّ معظم منافع الذكر وهو لذّة المباشرة تتعلّق بها ، وأحكام الوطء تدور عليها ، ومع قطع بعضها يجب بقسطه منها ، لأنّ الدية تكمل بقطعها على أبعاضها . وقيل : يجب بقسطه مع كلّ الذكر لأنّ المقصود بكمال الدية أمّا الذكر الأشلّ ففيه حكومة عدل وذكر الخنثى ففيه نصف دية ونصف حكومة . والأصل في الأطراف أ نّه إذا فوّت جنس منفعة على الكمال أو أزال جمالا مقصوداً في الآدمي على الكمال يجب كلّ الدية لإتلافه كلّ النفس من وجه وهو ملحق بالإتلاف من كلّ وجه تعظيماً للآدمي فإن كان جنس المنفعة أو الكمال قائماً بعضو واحد فعند إتلافه يجب كمال الدية ، وإن كان قائماً بعضوين ففي كلّ واحد منهما نصف الدية وإن كان قائماً بأربعة أعضاء ففي كلّ واحد منها ربع الدية وإن كان قائماً بعشرة أعضاء ففي كلّ واحد منها عشر الدية ، وإن كان قائماً بأكثر ففي كلّ واحد منها نصف عشر الدية كقطع أنملة إبهام الإصبع مثلا . وفي قطع الذكر فاتت على الشخص منفعة الوطء والإيلاد واستمساك البول والرمي به عن جسده ودفق الماء والإيلاج الذي هو طريق الإعلاق عادة ، وغير ذلك ، وإن شقّ الذكر طولا فأبطل منفعته وجبت فيه دية كاملة كما لو ضربه على ذكره فأشلّه وإن تعذّر بضربه الجماع به لا الانقباض والانبساط فتجب حكومة عدل ، لأ نّه ومنفعته باقيان والخلل في غيرهما ، فلو قطعه قاطع بعد ذلك فعليه القصاص أو كمال الدية.
وفي المغني (9 : 425) : (مسألة) قال (والذكر بالذكر) لا نعلم بين أهل العلم خلافاً في أنّ القصاص يجري في الذكر لقوله تعالى ( والجروح قصاص ) ولأنّ له حدّاً ينتهي إليه ، ويمكن القصاص فيه من غير حيف فوجب فيه القصاص كالأنف ويستوي في ذلك ذكر الصغير والكبير والشيخ والشابّ والذكر الكبير والصغير والصحيح والمريض ، لأنّ ما وجب فيه القصاص من الأطراف لم يختلف بهذه المعاني كذلك الذكر ويؤخذ كلّ واحد من المختون والأغلف بصاحبه لأنّ الغلفة زيادة تستحقّ إزالتها فهي كالمعدومة . وأمّا ذكر الخصي والعنّين فذكر الشريف أنّ غيرهما لا يؤخذ بهما وهو قول مالك لأ نّه لا منفعة فيهما لأنّ العنّين لا يطأ ولا ينزل والخصي لا يولد له ولا ينزل ، ولا يكاد يقدر على الوطء فهما كالأشلّ ، ولأنّ كلّ واحد منهما ناقص فلا يؤخذ به الكامل كاليد الناقصة بالكاملة ، وقال أبو الخطاب يؤخذ غيرهما بهما في أحد الوجهين وهو مذهب الشافعي ، لأ نّهما عضوان صحيحان ينقبضان وينبسطان فيؤخذ بهما غيرهما كذكر الفحل غير العنين ، وإنّما عدم الإنزال لذهاب الخصية والعنّة لعلّة في الظهر فلم يمنع ذلك من القصاص بهما كإذن الأصمّ وأنف الأخشم ، وقال القاضي لا يؤخذ ذكر الفحل بالخصي لتحقّق نقصه والإياس من برئه ، وفي أخذه بذكر العنين وجهان . وللبحث صلة فراجع.
وفي المهذّب في فقه الشافعي (2 : 182) : (فصل) ويقطع الذكر بالذكر لقوله تعالى ( والجروح قصاص ) ولأ نّه ينتهي إلى حدّ فاصل يمكن القصاص فيه من غير حيف فوجب فيه القصاص ، ويؤخذ بعضه ببعضه ، وقال أبو إسحاق لا يؤخذ بعضه ببعض كما قال في اللسان ، والمذهب الأوّل لأ نّه إذا أمكن القصاص في جميعه أمكن في بعضه ويؤخذ ذكر الفحل بذكر الخصي لأ نّه كذكر الفحل في الجماع ، وعدم الإنزال لمعنى في غيره ، ويقطع الأغلف بالمختون لأ نّه يزيد على المختون بجلدة يستحقّ إزالتها بالختان ، ولا يؤخذ صحيح بأشلّ لأنّ الأشلّ ناقص بالشلل فلا يؤخذ به كامل.
[33]الوسائل 19 : 132 ، باب 13 من أبواب قصاص الطرف ، الحديث 2 وبإسناده عن ابن محبوب عن إسحاق بن عمّـار عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في الجرح في الأصابع إذا أوضح لعظم عشر دية الإصبع إذا لم يرد المجروح أن يقتصّ . وفي الباب خمس روايات.
[34]الوسائل 19 : 216 ، باب 1 من أبواب ديات الأعضاء ، الحديث 10 وبإسناده عن الحسين بن سعيد عن الحسن عن زرعة عن سماعة مثله وزاد ، وفي الذكر إذا قطع الدية كاملة . وبإسناده عن محمّد بن الحسن الصفّار عن أحمد بن محمّد عن محمّد بن سنان عن العلا بن فضيل عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : ... وذكر الرجل الدية تامّة ... والحديث 7 يدلّ على ذلك أيضاً ... وفي الذكر إذا قطع الدية كاملة . وفي رواية زرارة : وفي الذكر إذا قطعت الحشفة فما فوق ذلك الدية ... وفي رواية ابن محبوب : وفي الذكر إذا قطع من موضع الحشفة الدية . وكذلك روايات اُخرى في الباب فراجع.
[35]الوسائل 19 : 52 ، باب 28 من أبواب القصاص في النفس ، الحديث 1 ـ محمّد بن يعقوب عن عليّ بن إبراهيم عن أبيه وعن عدّة من أصحابنا عن سهل بن زياد جميعاً عن ابن محبوب عن عليّ بن رئاب ، عن أبي بصير يعني المرادي قال : سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن رجل قتل رجلا مجنوناً فقال : إن كان المجنون أراده فدفعه عن نفسه (فقتله) فلا شيء عليه من قود ولا دية ، ويعطى ورثته من بيت مال المسلمين ، قال : وإن كان قتله من غير أن يكون المجنون أراده فلا قود لمن لا يقاد منه ، وأرى أنّ على قاتله الدية في ماله يدفعها إلى ورثة المجنون ويستغفر الله ويتوب إليه . ورواه الصدوق بإسناده عن الحسن ابن محبوب ورواه في (العلل) عن أبيه عن سعد عن أحمد بن محمّد ، عن الحسن بن محبوب مثله.
[36]مستدرك الوسائل 18 : 375 ، باب 32 ، الحديث 1 الصدوق في المقنع : وفي ذكر الصبي الدية وفي ذكر العنين الدية.
أقول : وفي الوسائل 19 : 259 ، الباب 35 من أبواب ديات الأعضاء ، الحديث 1 ـ محمّد بن يعقوب عن عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب عن أبي أيوب عن بريد العجلي عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : في ذكر الغلام الدية كاملة.
2 ـ وعنه عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في ذكر الصبي الدية ، وفي ذكر العنين الدية . ورواه الشيخ بإسناده عن عليّ ابن إبراهيم والذي قبله بإسناده عن الحسن بن محبوب . ورواه الصدوق بإسناده عن السكوني والذي قبله بإسناده عن الحسن بن محبوب . فمع هذه الروايات وهذا الإسناد كيف يقال بعدم المقاومة وبعدم التخصيص ؟ فتأمّل.
[37]الجواهر (42 : 376) : (نعم لا يقاد الصحيح بذكر العنين) كما صرّح به الفاصل وثاني الشهيدين وغيرهما ، ولعلّه لكون العنن من الشلل أو بحكمه المانع من القصاص ، كما سمعته في اليد المحمولة على المثال . لكن في خبر السكوني (الوسائل باب 35 من أبواب ديات الأعضاء ، الحديث 2 من كتاب الديات) (في ذكر العنين الدية) ، وهو مشعر بالمساواة (و) فيه أ نّه أعمّ ، فإنّ المجنون لا يقتل بالعاقل ، مع أنّ في قتله الدية ، مع أنّ المشهور كما قيل على أ نّه (يثبت بقطعه ثلث الدية) بل عن الخلاف إجماع الفرقة وأخبارها عليه ، ويأتي إن شاء الله تمام الكلام فيه ، فالخبر حينئذ غير معمول به.
ولكن يقطع بالصحيح كما سمعته في اليد ، وفي التفاوت ما عرفت ، ولا يقطع الصحيح بالمشلول بلا خلاف . والمراد به أن يكون منقبضاً لا ينبسط ولو في الماء الحارّ ، أو منبسطاً لا ينقبض ولو في الماء البارد ، وإن التذّ صاحبه وأمنى بالمساحقة وأولد ، وهو معنى ما في محكيّ المبسوط من أ نّه قد استرسل فلا ينتشر ولا يقوم ولا ينقبض ولا ينبسط كالخرقة . ويقطع الأشلّ بالأشلّ وبالصحيح إلاّ إذا خيف منه عدم الانحسام على حسب ما سمعته في اليد.
وفي تكملة المنهاج 2 : 167 ، مسألة 178 : ذهب جماعة إلى أ نّه لا يقاد الصحيح بذكر العنين ، وهو لا يخلو من إشكال بل الظاهر ثبوت القصاص وعدم الفرق بين الصحيح والمعيب ـ وذلك لإطلاق الأدلّة المتقدّمة ، ولا موجب لتقييدها إلاّ قياس المقام باليد الشلاّء ، وفيه مضافاً إلى أ نّه قياس لا نقول به ، أ نّك قد عرفت ثبوت القصاص في اليد الشلاّء أيضاً ـ .
وفي جامع المدارك (7 : 275) : (ولا يقطع ذكر الصحيح بالعنّين) وأمّا عدم قطع ذكر الصحيح بالعنين فهو المنسوب إلى جماعة ، وفيه إشكال لعدم ما يدلّ عليه ، لا مجال للقياس باليد الشلاّء إن قيل بعدم قطع اليد الصحيحة بالشلاّء.
وفي رياض المسائل (2 : 526) : (ولا يقطع الذكر الصحيح بالعنين) ويقطع بذكر الصغير والمجنون والأغلف ومسلوب الخصيتين بلا خلاف للعموم في المثبت والإلحاق بأشلّ اليد والإصبع المساعد بالاعتبار في المنفي ، ولذا قالوا في قطع ذكر العنين بثلث الدية ، وادّعى عليه الشيخ في الخلاف إجماع الطائفة ، ولكن في القوي أنّ فيه الدية ، وحكي القول بمضمونه عن الصدوق والإسكافي وهو ضعيف عن الماقومة لما مرّ ، فليطرح أو يحمل على بيان إرادة نفي القصاص وثبوت أصل الدية في الجملة لا بيان كمال الدية أو على التقيّة ، فقد حكي عن الشافعيّة قطع الصحيح بالعنين بناءً على أنّ العنن نقص في الدماغ والقلب لا شلل في الذكر.
وفي كشف اللثام (2 : 480) : ولا يقطع الصحيح بذكر العنّين ويقطع ذكر العنّين بالصحيح لأنّ العنّين كالشلل خلافاً للشافعية بناءً على أنّ العنين نقص في القلب والدماغ ، وكذا لا يقطع الصحيح بمن في ذكره شلل ، وإن لم يكن عنيناً فإنّه يتلذّذ مع ذلك بالجماع . ويعرف شلله بأن يكون الذكر منقبضاً فلا ينبسط أبداً أو منبسطاً من غير قيام أو قائماً فلا ينقبض أبداً وإن اختلف عليه الحال من حرّ أو برد ، ويقطع الأشلّ منه بالصحيح وفي التفاوت ما عرفت ، وكذا بالأشلّ ولا يقطع إن خيف عدم الانحسام كما مرّ في اليد الشلاّء.
[38]الوسائل 19 : 259 ، باب 35 من أبواب ديات الأعضاء ، الحديث 1 ، كما مرّ بيانه.
[39]الوسائل 19 : 253 ، باب 28 من أبواب ديات الأعضاء ، الحديث 1 ـ عن أبي عبد الله (عليه السلام)في رجل قطع يد رجل شلاّء قال : عليه ثلث الدية.
وأمّا حمّـاد بن زياد (في نتائج التنقيح حمّـاد بن زياد مهمل (برقم 3289) ولكن للحديث سنداً آخر فراجع.
[40]الجواهر (42 : 376) : ويثبت القصاص أيضاً ببعضه بالذكر كالكلّ ، لعموم الأدلّة . والظاهر أنّ الحشفة عضو برأسها ، فتقطع بمثلها ، صغرت أو كبرت ، وفي بعضها على النسبة ، إن نصفاً فنصف وهكذا كغيرها من أصل الذكر ، إذ لا عبرة بالمساحة هنا ، وإلاّ لأفضت إلى قطع جميع القصير ببعض الطويل.
وفي كشف اللثام (2 : 480) : ويقتصّ في البعض أيضاً وإن عدم فإن كان البعض الحشفة فظاهر أ نّه يقطع بها الحشفة تماثلا في النسبة أو اختلفا ، فإنّها كعضو برأسه ولذا كانت فيها تمام الدية ، ويحتمل اعتبار النسبة وإن زاد استوفى بالنسبة للمقطوع من الأصل إن نصفاً فنصفاً وإن ثلثاً فثلثاً وهكذا إلاّ بالمساحة وإلاّ أدّى إلى قطع جميع القصير ببعض الطويل.
[41]الجواهر (42 : 377) : (و) كذا يثبت (في الخصيتين القصاص) بلا خلاف بل ولا إشكال للعموم ، بل (وكذا في إحداهما) مع التساوى في المحلّ (إلاّ أن يخشى ذهاب منفعته الاُخرى) فلا يجوز بلا خلاف أجده فيه أيضاً بل ولا إشكال للتغرير الذي سمعته سابقاً (فتؤخذ ديتها) حينئذ أمّا مع عدم الخشية فلا بأس بالقصاص لما عرفت ، سواء كان المجني عليه صحيح الذكر أو عنيناً ، لثبوت أصل المماثلة ، وإن كان النقص في عضو آخر ، ودعوى أنّ منشأ العنانة في الاُنثيين لم نتحقّقها ، على أنّ قطعهما لا يبطل من الذكر سوى الإيلاد ، وقد أبطله الجاني من المجني عليه أيضاً ، نعم لو خيف منه على الذكر الشلل أو التعنّن ولم يحصل ذلك في المجني عليه ، بل كان كذلك أو بقي على الصحّة فالدية.
وفي تكملة المنهاج 2 : 167 ، مسألة 179 : يثبت القصاص في الخصيتين ـ من دون خلاف بين الأصحاب ، وذلك للإطلاق وعدم وجود مقيّد في البين ـ وكذا في إحداهما ، فإن قطعت اليمنى اقتصّ من اليمنى ، وإن قطعت اليسرى فمن اليسرى ـ وذلك لأجل تحقّق المماثلة التي تقدّم اعتبارها.
وفي تحرير الوسيلة 2 : 548 ، مسألة 39 ـ في الخصيتين قصاص ، وكذا في إحداهما مع التساوي في المحلّ ، فتقتصّ اليمنى باليمنى واليسرى باليسرى ، ولو خشي ذهاب منفعة الاُخرى تؤخذ الدية ، ولا يجوز القصاص إلاّ أن يكون في عمل الجاني ذهاب المنفعة فيقتصّ ، فلو لم تذهب بالقصاص منفعة الاُخرى مع ذهابها بفعل الجاني فإن أمكن إذهابها مع قيام العين بجوز القصاص ، وإلاّ فعليه الدية ، ولو قطع الذكر والخصيتين اقتصّ منه ، سواء قطعهما على التعاقب أو لا.
وفي كشف اللثام (2 : 480) : ويثبت القصاص في الخصيتين وفي إحداهما إلاّ أن يخشى بقطعها ذهاب منفعة الاُخرى فالدية حذراً من الزيادة ، والقصاص فيهما أو في إحداهما ثابت سواء كان المجني عليه صحيح الذكر أو عنّيناً ، فإن قطعهما لا يبطل من الذكر سوى الإيلاد ، وقد أبطله الجاني من المجني عليه أيضاً ، نعم لو خيف منه على الذكر الشلل أو التعنين ولم يحصل ذلك في المجني عليه ، بل كان كذلك أو بقي على الصحّة فالدية ، ولو قطع الذكر والخصيتين اقتصّ له سواء قطعهما دفعة أو على التعاقب ، وللبحث صلة فراجع.
وفي اللمعة (10 : 85) : (وفي الخصيتين وفي إحداهما القصاص إن لم يخف) بقطع الواحدة (ذهاب منفعة الاُخرى) فإن خيف فالدية ، ولا فرق في جواز الاقتصاص فيهما بين كون الذكر صحيحاً وعدمه ، لثبوت أصل المماثلة.
وفي إيضاح الفوائد (4 : 650) : ويثبت القصاص في الخصيتين وفي أحدهما إلاّ أن يخشى ذهاب منفعة الاُخرى فالدية ، سواء كان المجني عليه صحيح الذكر أو عنّيناً ، ولو قطع الذكر والخصيتين اقتصّ له ، سواء قطعهما دفعة أو على التعاقب.
وفي المهذّب (2 : 381) : وإذا قطع خصيتي رجل كان على القاطع القود ، فإن قطع واحدة منهما سئل أهل الخبرة عن الباقية ، فإن قالوا : لا يخاف عليها في هذا الموضع قطعنا بها ، وإن قالوا : إنّها لا يؤمن عليها من ذهاب منافعها لم يكن من ذلك قود ها هنا ، لأنّ ذلك يؤدّي إلى أخذ عضوين بعضو واحد ، فإن عفي على مال كان له نصف الدية إذا كانت المقطوعة هي اليمنى ، وإن كانت هي اليسرى كان فيها ثلثا الدية لأنّ منها يكون الولد.
وفي المبسوط (7 : 93) : إذا كان له خصيتان فقطعهما قاطع وللقاطع ذكر وهو فحل فعلى القاطع القود للآية ، وإن قطع أحدهما قال قوم يسئل أهل الخبرة ، فإن زعموا أنّ الباقية لا يخاف عليها في هذا الموضع قطعنا بها كما قلنا بالأصابع سواء ، وإن زعموا أنّ الباقية لا يؤمن عليها ذهاب منافعها فلا قود ها هنا لأ نّه يفضي إلى أخذ عضوين بعضو واحد . فإذا قيل يستفاد أخذ ولا كلام ، وإذا قيل لا قود أو قيل له القود فعفا على مال فله نصف الدية لأنّ كلّ عضوين فيهما الدية ففي كلّ واحد منهما نصف الدية كاليدين والرجلين . وروى أصحابنا أنّ في اليسرى ثلثي دية لأنّ منها يكون الولد.
وفي كتب العامّة : جاء في المغني (9 : 426) : (مسألة) قال (والاُنثيان بالاُنثيين) ويجري القصاص في الاُنثيين لما ذكرنا من النصّ والمعنى ، لا نعلم فيه خلافاً فإن قطع أحدهما وقال أهل الخبرة أ نّه ممكن أخذها مع سلامة الاُخرى جاز ، فإن قالوا لا يؤمن تلف الاُخرى لم تؤخذ خشية الحيف ويكون فيها نصف الدية ، وإن أمن تلف الاُخرى اُخذت اليمنى باليمنى واليسرى باليسرى لما ذكرناه في غيرهما.
وفي المهذّب في الفقه الشافعي (2 : 182) : (فصل) ويقطع الاُنثيان بالاُنثيين لقوله تعالى ( والجروح قصاص ) ولأ نّه ينتهى إلى حدّ فاصل يمكن القصاص فيه فوجب فيه القصاص فإن قطع إحدى الاُنثيين وقال أهل الخبرة أ نّه يمكن أخذها من غير إتلاف الاُخرى اقتصّ منه ، وإن قالوا إنّه يؤدّي قطعها إلى إتلاف الاُخرى لم يقتصّ منه لأ نّه يقتصّ من اُنثيين بواحدة.
[42]الوسائل 19 : 237 ، باب 18 من أبواب ديات الأعضاء ، الحديث 2 ـ محمّد بن عليّ ابن الحسين بإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى عن محمّد بن هارون عن أبي يحيى الواسطي رفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام) قال : الولد يكون من البيضة اليسرى فإذا قطعت ففيها ثلثا الدية وفي اليمنى ثلث الدية.
[43]الجواهر 42 : 377 ، كما جاء في كشف اللثام 2 : 480 ، فراجع.
[44]الجواهر (42 : 377) : (ويثبت) القصاص أيضاً (في الشفرين كما يثبت في الشفتين) بلا خلاف أجده فيه بيننا ، للعموم نعم عن بعض العامّة عدمه بناءً على أ نّهما لحم ليس له حدّ ينتهي إليه كالإليتين ولحم العضد والفخذ ، وهو واضح الفساد ، لظهور حدّهما عرفاً ، فإنّ المراد بهما اللحم المحيط بالفرج إحاطة الشفتين بالفم . ولا فرق في ثبوت القصاص بين البكر والثيّب والصغيرة والكبيرة والصحيحة والرتقاء والقرناء والعفلاء والمختونة وغيرها ، والمفضاة والسليمة ، لعدم التفاوت فيهما ، فإنّ البكارة والرتق والإفضاء وأضدادها إنّما تتعلّق بالباطن ، والختن إنّما يكون فوق الفرج في الهيئة الشبيهة بعرف الديك . ولو أزالت بكر بكارة اُخرى بإصبعها اقتصّ منها مع إمكان المساواة وإلاّ فالدية ، وعن الفخر والشهيد إطلاق تعيّنها ، ولعلّه للتغرير باعتبار عدم إدراكها بالبصر لأ نّها من البواطن.
وفي تكملة المنهاج 2 : 168 ، مسألة 180 : يثبت القصاص في قطع الشفرين ـ بلا خلاف بيننا لإطلاق الأدلّة ـ فإن قطعت امرأة الشفرين من امرأة اُخرى فلها الاقتصاص منها بالمثل ـ لما عرفت من اعتبار المماثلة في الاقتصاص ـ وكذلك الحال إذا قطعت أحدهما ، وأمّا إذا قطعهما الرجل ، فلا قصاص وعليها الدية ـ يظهر وجهه ممّـا ذكرناه ـ نعم لو قطع الرجل فرج امرأته وامتنع عن الدية وطالبت المرأة قطع فرجه قطع ـ تدلّ على ذلك معتبرة عبد الرحمان بن سيابة عن أبي عبد الله (عليه السلام) ... ولكن لا بدّ من الاقتصار على موردها الخاصّ ، ولا يمكن التعدّي عنه إلى غيره ، ولا تعارضها صحيحة أبي بصير عن أبي جعفر (عليه السلام) ... فإنّ المراد بالدية في هذه الرواية دية الرجل ، فإذن يكون نصفها تمام دية المرأة . هذا مضافاً إلى أنّ الرواية لم تثبت على النحو المذكور وهي أجنبيّة عن محلّ الكلام بالكلّية ، فإنّ الموجود فيها ـ على ما في الكافي والتهذيب والوافي ـ قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في رجل قطع ثدي امرأته ، فما في الوسائل إمّا من غلط النسخة أو من سهو القلم ، والله العالم . وقال في الجواهر في بحث دية الشفرين : (قال الصادق في خبر عبد الرحمن بن سيّابة وفي آخر رجل قطع فرج امرأته ، قال : أغرمه نصف ديتها ، وهو محمول على قطع أحدهما كما أنّ الأوّل محمول على قطعهما معاً) انتهى ، أقول : ما ذكره من الرواية لا وجود له ، وإنّما الموجود ما ذكرناه وفيه نصف الدية لا نصف ديّتها ـ انتهى كلامه رفع الله مقامه ـ .
وفي تحرير الوسيلة 2 : 548 ، مسألة 40 ـ في الشفرين القصاص ، والمراد بهما اللحم المحيط بالفرج إحاطة الشفتين بالفم ، وكذا في إحداهما ، وتتساوى فيه البكر والثيّب ، والصغيرة والكبيرة ، والصحيحة والرتقاء والقرناء والعفلاء والمختونة وغيرها ، والمفضاة والسليمة ، نعم لا يقتصّ الصحيحة بالشلاّء ، والقصاص في الشفرين إنّما هو فيما جنت عليها المرأة ، ولو كان الجاني عليها رجلا فلا قصاص عليه ، وعليه الدية ، وفي رواية غير معتمد عليها إن لم يؤدّ إليها الدية قطع لها فرجه ، وكذا لو قطعت المرأة ذكر الرجل أو خصيته لا قصاص عليها ، وعليها الدية.
وفي كشف اللثام (2 : 480) : وفي الشفرين وهما اللحم المحيط بالرحم أي الفرج إحاطة الشفتين بالفم القصاص كما في المبسوط خلافاً لبعض العامّة بناءً على أ نّهما لحم ليس له حدّ ينتهى إليه كالإليتين ولحم العضد والفخذ ، سواء البكر والثيّب والصغيرة والكبيرة والصحيحة الفرج والرتقاء والقرناء والعفلاء والمختونة وغيرها والمفضاة والسليمة إذ لا يحصل بالتفاوت في شيء منها التفاوت في الشفرين ، فإنّ البكارة والرتق والإفضاء وأضدادها إنّما يتعلّق بالباطن والخفض إنّما يكون فوق الفرج في الهنة الشبيهة بعرف الديك ، ولو أزالت بكر بكارة اُخرى بإصبعها احتمل القصاص مع إمكان المساواة لعموم والجروح قصاص واحتمل الدية لمنع المساواة لكونهما من البواطن.
وفي المسالك (2 : 383) : في قوله (ويثبت في الشفرين) الشفران ممّـا في الإنسان منه اثنان كالشفتين ، فإن وجد للجاني اقتصّ منه تحقيقاً للمماثلة وإن فقدا بأن كان رجلا فعليه ديتهما كما لو قطع فاقد العضو عضواً غيرهما ...
وفي إيضاح الفوائد (4 : 650) : وفي الشفرين وهما اللحم المحيط بالرحم إحاطة الشفتين بالفم القصاص سواء البكر والثيّب والصغيرة والكبيرة والصحيحة والرتقاء والمختونة وغيرها والمفضاة والسليمة.
وفي الوسيلة (الصفحة 451) : فرج النساء : تكون الجناية عليه بأحد ستّة أشياء ، بالقطع والإفضاء والشلل وارتفاع الحيض وإذهاب العذرة وخرق المثانة . فإذا قطعت امرأة من اُخرى اسكيتها ، أو شفريها ففيهما القصاص أو الدية وهي دية نفسها وفي واحد نصف الدية وفي قطع الركب حكومة ... وللبحث صلة فراجع.
وفي المبسوط (7 : 50) : وأمّا الشفران فهما الاسكتان المحيطان بالفرج بمنزلة الشفتين من الفم وهو للنساء خاصّة ، فظاهر مذهبنا يقتضي أنّ فيهما القصاص ولا قود فيهما بحال عند قوم ، لأ نّه لحم ليس له حدّ ينتهى إليه فهو كالأليتين ولحم العضد والفخذ ، وعضلة الساق ، فكلّ هذا لا قصاص فيه ، ففي الشفرين الدية وفي الذكر والاُنثيين القصاص.
وفي كتب العامّة : جاء في المغني (9 : 427) : (فصل) وفي القصاص في شفري المرأة وجهان : أحدهما : لا قصاص فيهما لأ نّه لحم لا مفصل له ينتهي إليه فلم يجب فيه قصاص كلحم الفخذين هذا قول القاضي . والثاني : فيهما القصاص لأنّ انتهاءهما معروف فأشبها الشفتين وجفني العين ، وهذا قول أبي الخطاب ولأصحاب الشافعي وجهان كهذين.
وفي المهذّب في الفقه الشافعي (2 : 182) : (فصل) واختلف أصحابنا في الشفرين فمنهم من قال لا قصاص فيهما ، وهو قول الشيخ أبي حامد الاسفرايني (رحمه الله) لأ نّه لحم وليس له مفصل ينتهي إليه فلم يجب فيه القصاص كلحم الفخذين ، ومنهم من قال يجب فيه القصاص وهو المنصوص في الاُمّ لأ نّهما لحمان محيطان بالفرج من الجانبين يعرف انتهاؤهما فوجب فيهما القصاص.
[45]الجواهر (42 : 377) : نعم (ولو كان الجاني) على المرأة (رجلا فلا قصاص) عليه كالعكس لو قطعت الذكر أو الخصيين بلا خلاف أجده فيه ، لعدم المحلّ (و) لكن (عليه ديتها و) عليها ديته . نعم (في رواية عبد الرحمان بن سيّابة عن أبي عبد الله (عليه السلام) إن لم يؤدّ ديتها قطعت لها فرجه ، وهي متروكة) هنا كما في كشف اللثام وإن لم يكن في سندها من يتوقّف فيه إلاّ عبد الرحمان ، وعن البلغة أ نّه ممدوح ، بل في تعليق الإغارة أ نّه يروي عنه الأجلاّء ، وأ نّه مقبول الرواية ، وأ نّه هو الذي أمره الصادق (عليه السلام) بتفريق المال في عيال من اُصيب مع زيد ، وما رواه الكشّي عنه فلعلّه كان في أوّل حاله ، على أ نّه قابل للتوجيه ، وطريقه غير صحيح.
[46]الوسائل 19 : 128 ، باب 9 من أبواب قصاص الطرف ، الحديث 1 ـ محمّد بن يعقوب عن عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب عن هشام بن سالم عن أبي بصير عن أبي جعفر (عليه السلام)قال : قضى أمير المؤمنين في رجل قطع فرج (امرأة) امرأته قال : أغرمه لها نصف الدية.
2 ـ وعنه عن أبيه عن ابن محبوب عن عبد الرحمن بن سيابة عن أبي عبد الله (عليه السلام)قال : إنّ في كتاب عليّ (عليه السلام) لو أنّ رجلا قطع فرج امرأته لأغرمنه لها ديتها ، وإن لم يؤدّ إليها الدية قطعت لها فرجه إن طلبت ذلك . ورواه الشيخ بإسناده عن الحسن بن محبوب وكذا الصدوق قال صاحب الوسائل : ويدلّ على ذلك جملة من أحاديث القصاص عموماً.
أقول : وأمّا عبد الرحمن بن سيابة ففي نتائج التنقيح : ثقة على الأقوى (برقم 6378) وفي 2 : 144 عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق (عليه السلام) مضيفاً إلى ما في العنوان قوله : مولى اُسند عنه . وفي خلاصة العلاّمة : لا يحضرني الآن حاله وسيّد المدارك رمى الرجل بالجهالة وفي رواية سلّمه الإمام ألف دينار لتفريقها في عيالات من اُصيب مع زيد فقيل تدلّ على وثاقته وعدالته ، عند المجلسيّ الأوّل ، وعند البهبهاني رواية الأجلّة عنه ، كونه مقبول الرواية . ثمّ قال المصنّف : والحقّ أنّ الرجل من الثقات.
[47]مستدرك الوسائل 18 : 375 ، باب 33 من أبواب ديات الأعضاء ، الحديث 1 : الجعفريات : أخبرنا عبد الله أخبرنا محمّد حدّثني موسى قال : حدّثنا أبي عن أبيه عن جدّه جعفر بن محمّد عن أبيه عن جدّه : إنّ علياً (عليه السلام) رفع إليه رجل فرج امرأته ، فغرمه الدية ، وأجبره على إمساكها.
[48]مستدرك الوسائل 18 : 278 ، باب 7 من أبواب قصاص الطرف ، الحديث 2 ـ دعائم الإسلام عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال : إنّه قال في امرأة قطعت ذكر رجل ، ورجل قطع فرج امرأة متعمّدين قال : (لا قصاص بينهما ، ويضمن كلّ واحد منهما الدية ويعاقب عقوبة موجعة ويجبر الرجل إذا كان زوج المرأة على إمساكها).
وفي الجعفريات : أخبرنا عبد الله أخبرنا محمّد حدّثني موسى قال : حدّثنا أبي عن أبيه عن جدّه جعفر بن محمّد عن أبيه عن جدّه أنّ عليّاً (عليه السلام) رفع إليه رجل قطع فرج امرأته فغرمه الدية ، وأجبره على إمساكها.
الصدوق في المقنع : قال أبو عبد الله (عليه السلام) : قرأت في كتاب عليّ (عليه السلام) : لو أنّ رجلا قطع فرج امرأته ، لأغرمنه ديتها ، فإن لم يؤدّ إليها ، قطعت لها فرجه إن طلبت ذلك.
[49]الوسائل 19 : 128 ، باب 9 ، الحديث 1 : قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في رجل قطع فرج امرأته قال : أغرمه لها نصف الدية.
[50]تحرير الوسيلة 2 : 549 ، مسألة 41 ـ لو أزالت بكر بكارة اُخرى فالظاهر القصاص وقيل بالدية ، وهو وجيه مع عدم إمكان المساواة ، وكذا تثبت الدية في كلّ مورد تعذّر المماثلة والمساواة.
وفي إيضاح الفوائد (4 : 650) : ولو أزالت بكر بكارة اُخرى بإصبعها احتمل القصاص مع إمكان المساواة والدية ـ قال فخر المحقّقين : ويحتمل القصاص لقوله تعالى ( والجروح قصاص ) ولا مانع لأنّ التقدير أ نّه يمكن المساواة ، ويحتمل الدية وهو الأرش لأ نّها من البواطن وضبط المساواة فيه عسر لعدم إدراكها بالبصر غالباً ففي القصاص فيها تعذّر ، والشارع إنّما بنى على الأغلب فيثبت أرش الجناية وهو الأصحّ عندي ـ .
[51]الجواهر (42 : 378 ) : (ولو كان المجني عليه خنثى فإن تبيّن أ نّه ذكر فجنى عليه رجل كان في ذكره واُنثييه القصاص وفي الشفرين الحكومة) بلا خلاف ولا إشكال للعمومات في الأوّل ، ولكون الشفرين حينئذ لحماً زائداً (ولو كان الجاني) على المزبور (امرأةً كان في المذاكير الدية) لعدم المحلّ (وفي الشفرين الحكومة) أيضاً (لأ نّهما) كما عرفت (ليسا أصلا) فيه بل هو لحم زائد ، إذ الفرض تبيّن كونه ذكراً (ولو تبيّن أ نّه امرأة فلا قصاص على الرجل فيهما) معاً ، لعدم المحلّ (و) لكن (عليه في الشفرين ديتهما) كغيرها من النساء (وفي المذاكير الحكومة) بلا خلاف (و) لا إشكال لأ نّها حينئذ فيها لحم زائد ، نعم (لو جنت عليه امرأة كان في الشفرين القصاص) لعموم الأدلّة (وفي المذاكير الحكومة) بلا خلاف ولا إشكال.
وفي كشف اللثام (2 : 480) : ولو قطع ذكر خنثى مشكل واُنثييه وشفريه ، فإن كان الجاني ذكراً فإن ظهرت الذكورة في المجني عليه ، كان في ذكره واُنثييه القصاص وفي شفريه الحكومة ، فإنّهما ليسا بشفري فرج امرأة ، وإن ظهرت فيه الاُنوثة فعليه دية الشفرين ، وإن ظهرت الاُنوثة اقتصّ لها في الشفرين وطولبت بحكومة في المذاكر وإن كان الجاني خنثى مشكلا لم يكن قصاص إلاّ مع العلم بحالهما لاحتمال المخالفة وأصل البراءة والشبهة ، وهنا مسائل وفروع فمن أراد التفصيل فليراجع.
وفي إيضاح الفوائد (4 : 650) : ولو قطع ذكر خنثى مشكل واُنثييه وشفريه فإن كان الجاني ذكراً فإن ظهرت الذكورة كان في ذكره واُنثييه القصاص وفي شفريه الحكومة وإن ظهرت الاُنوثة فعليه دية الشفرين وحكومة في الذكر والاُنثيين ، وإن كان الجاني امرأة وظهرت الذكورة فعليها دية المذاكير وحكومة الشفرين ، وإن ظهرت الاُنوثة اقتصّ لها في الشفرين وطولبت بحكومة الخنثى القصاص قبل ظهور حاله لم يكن له ذلك ، فإن طلب الدية اُعطي اليقين وهو دية الشفرين والحكومة في المذاكير ، فإن ظهرت الذكورة أكمل له ولو قال أطلب دية عضو مع بقاء القصاص في الباقي لم يكن له ذلك ، ولو قال أطلب حكومة مع بقاء القصاص في الباقي اُجيب إليه واُعطي أقلّ الحكومتين ، ولا قصاص في الأليين لتعذّر المماثلة.
وفي الوسيلة (الصفحة 452) : والخنثى : لم تخل من أربعة أوجه ، إمّا بان كونه ذكراً أو اُنثى أو مشكلا أمره أو لم يبن . فإن بان ذكراً وقطع ذكره أو اُنثييه كان فيه القصاص ، وإن جنى على فرجه ففيه حكومة . وإن بان اُنثى وقطع اسكيتها أو شفريها أو ركبها لزم فيه الدية على ما ذكرنا قبل ، وإن قطع ذكرها أو خصييها ففيه الحكومة وإن جنت عليها امرأة على آلة النساء كان فيها القصاص أو الدية ، وإن أشكل أمره كان في الجناية عليه الدية دون القصاص . وإن لم يبن أمره صبر حتّى بان ليحكم عليه فيه على ما ذكرنا ، فإن لم يصبر اُعطي الدية على اليقين ، فإن بان على ما صالح عليه فذاك وإن بان بخلافه استوفى الباقي ـ انتهى كلامه رفع الله مقامه ـ .
وفي المبسوط (7 : 51) : فإن كان المجني عليه خنثى مشكل له ذكر الرجال وفرج النساء فقطع قاطع ذكره واُنثييه وشفريه ، لم يخل حاله من أحد أمرين إمّا أن يصبر حتّى يتبيّن أمره أو لا يصبر ، فإن صبر حتّى بان أمره لم يخلُ من أحد أمرين إمّا أن يتبيّن ذكراً أو اُنثى فإن بان ذكراً نظرت في الجاني فإن كان رجلا فعليه القود في الذكر والاُنثيين وحكومة في الشفرين ، لأ نّهما من الرجل خلقة زائدة ، وإن كان الجاني امرأة فلا قود عليها في شيء ولكن عليها في الذكر والاُنثيين ديتان ، لأنّ هذا خلقة أصليّة وعليها حكومة في الشفرين لأ نّهما من الرجل خلقة زائدة . هذا إذا بان رجلا فأمّا إن بان امرأة نظرت في الجاني ، فإن كان رجلا فلا قود لأنّ الذكر والاُنثيين منها خلقة زائدة ، وهي من الرجل خلقة أصليّة ، وعليه فيهما حكومة وعليه في الشفرين الدية . وإن كان الجاني امرأة فلا قصاص ها هنا ، لأ نّه لا قصاص في الشفرين ، لكن عليها في الشفرين الدية ، وفي الذكر والاُنثيين حكومة . هذا إذا صبر حتّى بان أمره ، فإن لم يصبر لم يخل من أحد أمرين إمّا أن يطالب بالقصاص أو بالدية ، فإن طالب بالقصاص فلا قصاص له ، لأ نّا لا نعلم فيما وجب له القصاص ، فإنّه يحتمل أن يكون له القصاص في الذكر والاُنثيين ، ويحتمل أن يكون اُنثى فلا قصاص له بحال . وإن قال : اُطالب بالدية لم يخل من أحد أمرين إمّا أن يطالب بالدية ويعفو عن القصاص أو لا يعفو فإن طالب بها وعفا عن القصاص صحّ عفوه عن القصاص واعطي من الدية اليقين وهو دية الشفرين لأ نّا نقطع أنّ حقّه لا يقصر عنهما ويعطيه حكومة في الذكر والاُنثيين لأ نّه اليقين ، فإن بان امرأة فقد استوفى حقّه وإن بان رجلا بان أ نّه يستحقّ دية في الذكر ودية في الاُنثيين وحكومة في الشفرين فيكمل ذلك له مع الذي استوفاه . وأمّا إن قال اُطالب بالدية ولا أعفو عن القصاص حتّى يتبيّن الأمر ، قلنا له لا دية لك مع بقاء القصاص ، لأ نّه إن كان كلّ القصاص في الذكر والاُنثيين فلا دية لك في الشفرين فمن المحال أن يكون لك الدية مع بقاء القصاص . فإن قال إا لم يكن لي دية فهل أستحقّ أن آخذ حكومة مّا أم لا ؟ قال بعضهم لا يعطى شيئاً بحال لأ نّا نجهل حكومة ماذا تستحقّ لأ نّه إن كان ذكراً فله حكومة الشفرين ، وإن كان اُنثى فله حكومة الذكر والاُنثيين ، فإذا جهلنا الحكومة في ذلك فلا حكومة لك . وقال آخرون وهو الأصحّ : إنّ له حكومة لأنّ الجهل بعين الحكومة ليس جهلا بأنّ له حكومة ، وأنّ حقّه لا ينفكّ عن حكومة ، سواء بان امرأة أو رجلا فعلى هذا يجب أن يدفع إليه حكومة . فمن قال لا يدفع إليه فلا كلام . ومن قال له حكومة فما هي ؟ قال بعضهم : له حكومة ما قطع منه آخراً لأ نّه يكون تقويماً بعد الجناية ، والتقويم بعد الجناية دون التقويم قبلها ، وليس بشيء والصحيح أن يعطى حكومة الشفرين لأ نّه أقلّ ما يأخذ حكومته فإنّها دون ذكر الرجل واُنثييه.
وفي كتب العامّة : جاء في المغني (9 : 427) : (فصل) وإن قطع ذكر خنثى مشكل أو اُنثييه أو شفريه فاختار القصاص لم يكن له قصاص في الحال ، ويقف الأمر حتّى يتبيّن حاله لأ نّنا لا نعلم أنّ المقطوع عضو أصلي وإن اختار الدية وكان يرجى انكشاف حاله أعطيناه اليقين ، فيكون له حكومة في المقطوع وإن كان قد قطع جميعها فله دية امرأة في الشفرين وحكومة في الذكر والاُنثيين وإن يئس من انكشاف حاله اُعطي نصف دية الذكر والاُنثيين ونصف دية الشفرين وحكومة في نصف ذلك كلّه.
وفي المهذّب في الفقه الشافعي (2 : 182) : (فصل) وإن قطع رجل ذكر خنثى مشكل واُنثييه وشفريه وطلب حقّه قبل أن يتبيّن حاله أ نّه ذكر أو اُنثى نظرت ، فإن طلب القصاص لم يكن له لجواز أن يكون امرأة فلا يجب لها عليه في شيء من ذلك قصاص وإن طلب المال نظرت فإن عفا عن القصاص اُعطي أقلّ حقّيه ، وهو حقّ امرأة فيعطى دية عن الشفرين وحكومة في الذكر والاُنثيين ، فإن بان أ نّه امرأة فقد استوفت حقّها ، وإن بان أ نّه رجل تمّم له الباقي من دية الذكر والاُنثيين وحكومة عن الشفرين ، فإن لم يعف عن القصاص وقف القصاص إلى أن يتبيّن لأ نّه يجوز أن يكون امرأة فلا يجب عليه القصاص ، وأمّا المال ففيه وجهان : أحدهما : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة أ نّه لا يعطى لأنّ دفع المال لا يجب مع القود وهو مطالب بالقود فسقطت المطالبة بالمال ، والوجه الثاني : وهو قول أكثر أصحابنا أ نّه يعطى أقلّ ما يستحقّ مع القود لأ نّه يستحقّ القود في عضو والمال في غيره فلم يكن دفع المال عفواً عن القود فيعطى حكومة في الشفرين ويوقف القود في الذكر والاُنثيين وقال القاضي أبو حامد المروروذي في جامعه : يعطى دية الشفرين ، وهذا خطأ لأ نّه ربما بان أ نّه رجل فيجب القود في الذكر والاُنثيين والحكومة في الشفرين.
وفي المحلّى لابن حزم الأندلسي (11 : 42) : مسألة : من قطع ذكر خنثى مشكل واُنثييه فسواء قال : أنا امرأة أو قال : أنا ذكر القود واجب لأ نّه عضو يسمّى ذكراً واُنثيين ، وكذلك لو قطعت امرأة شفريه ولا فرق.
[52]الجواهر (42 : 379) : ولو كان الجاني خنثى مشكلا أيضاً لم يكن له قصاص إلاّ مع العلم بحالهما ، لاحتمال المخالفة ، وأصل البراءة ، والشبهة ، وعدم صدق الذكر بالذكر مثلا بعد اشتباه الحال (و) عموم (الجروح قصاص) بعد العلم بإرادة قصاصها على الوجه المزبور غير مجد ، كما هو واضح . نعم (لو لم يصبر حتّى يستبان حاله فإن طالب بالقصاص لم يكن له) سواء كان من مثله أو من معلوم الذكورة أو الاُنوثة ، وكذا لو طلب الذكر أو الاُنثى القصاص منه قبل ظهور حاله (لـ) اشتراط المماثلة ولم نعلم مع (تحقّق الاحتمال و) قبل ظهور الحال . نعم (لو طالب بالدية اُعطي اليقين ، وهو) مقدار (دية الشفرين) أو الذكر (أو الخصيتين ، لأنّ له دية نفس على كلّ حال (و) حينئذ فـ (ـلو تبيّن بعد ذلك أ نّه رجل أكمل له دية الذكر والاُنثين والحكومة في الشفرين) فإنّ ذلك هو المستحقّ له ، وقد وصل إليه من ديته ، فيبقى له دية اُخرى وحكومة في الشفرين (أو تبيّن أ نّه اُنثى) كان له ما أخذه من الدية و (اُعطي الحكومة في الباقي) الذي هو الذكر والخصيتان كما هو واضح.
(ولو قال : اُطالب بدية عضو) من الثلاثة (مع بقاء القصاص في الباقي لم يكن له) لأنّ أحد الثلاثة زائد قطعاً لا قصاص فيه ولا دية ، فلا يتمّ له الجمع بين الدية (و) القصاص في الثلاثة . نعم (لو طالب بالحكومة) لعضو (مع بقاء القصاص) في غيره (صحّ) لأنّ ذلك له في الواقع فطالب ما هو حقّ له (و) لكن يعطى أقلّ الحكومتين) على تقدير كون المذاكير زائدة أو كون الشفرين زائدين ، فأقلّ الأمرين ثابت على كلّ تقدير ـ ثمّ يذكر المصنّف وجه ذلك مع ذكر احتمال آخر في كلمة العضو الوارد في عبارة المحقّق فراجع ـ .
[53]الجواهر (42 : 381) : هذا وفي القواعد ومحكي المبسوط أ نّه لا قصاص في الإليتين ، لتعذّر المماثلة إذ لا ينفردان عن سائر الأعضاء بمفصل ونحوه ، ولذلك لا يجري في أبعضاهما أيضاً ، ولكن في التحرير الثبوت فيهما ، وبناسبه ثبوت الدية فيهما ونصفها في إحداهما كما سيأتي ، وعدم الانفصال ممنوع ، فإنّهما ناتيان عن استواء الفخذ والظهر ، ولعلّه الأقوى ، والله العالم.
وفي كتب العامّة : جاء في المغني (9 : 427) : (فصل) يجب القصاص في الأليتين الناتئتين بين الفخذين والظهر بجانبي الدبر ، هذا ظاهر مذهب الشافعي ، وقال المزني لا قصاص فيهما لأ نّهما لحم متّصل بلحم فأشبه لحم الفخذ ، ولنا قوله تعالى ( والجروح قصاص ) ولأنّ لهما حدّاً ينتهيان إليه فجرى القصاص فيهما كالذكر والاُنثيين.
[54]الجواهر (42 : 381) : (ويقطع العضو الصحيح بالمجذوم إذا لم يسقط منه شيء) لعموم الأدلّة المقتصر في تخصيصها على خصوص الشلل ، وفي محكيّ الوسيلة والتحرير أنّ ذكر المجذوم إذا لم يسقط منه شيء يساوي المقابلة ، ونحوه في الإرشاد ومجمع البرهان . لكن في القواعد وشرحها للإصفهاني ولا يقطع العضو الصحيح بالمجذوم وإن لم يسقط منه شيء ، فإنّه معرّض له ، ويقطع المجذوم بالصحيح ولا يضمّ إليه أرش ، ولا يستره تساوي حلقة اليد ومنافعها وفي سائر العلل من البرص ونحوه والصحّة فيها ، لعموم الأدلّة والفتاوى ، وفيه أنّ ذلك يقتضي قطع الصحيح بالمجذوم ، ضرورة عدم دليل يخصّه بعد أن لم يكن داخلا في الشلل ، بل لعلّه كذلك وإن سقط منه شيء لا يخرجه عن اسم اليد الكاملة.
وفي تكملة المنهاج 2 : 169 ، مسألة 181 : لا يعتبر التساوي بين المقطوع وعضو الجاني فيقطع العضو الصحيح بالمجذوم ، وإن سقط منه شيء وتناثر لحمه ، والأنف الشامّ بالعادم والاُذن الصحيحة بالصمّـاء ، والكبيرة بالصغيرة ، والصحيحة بالمثقوبة أو المخرومة وما شاكل ذلك ـ كلّ ذلك لإطلاق الدليل وعدم وجود مقيّد في البين ، بل قلنا بذلك في اليد الشلاّء فضلا عن المقام ، مع أ نّه لو لم نقل فيها لم نتعدّ منها إلى غيرها ، وبذلك يظهر أ نّه لا وجه لما عن القواعد وشرحها للإصبهاني من أ نّه لا يقطع العضو الصحيح بالمجذوم وإن لم يسقط منه شيء ، وجه الظهور هو أ نّه لا دليل على ما ذكره بعد شمول الإطلاق للمقام ـ .
مسألة 182 : لو قطع بعض الأنف نسب المقطوع إلى أصله ، ويؤخذ من الجاني بحسابه ، فإن كان المقطوع نصف الأنف ، قطع من الجاني نصف أنفه ، وإن كان أقلّ أو أكثر فكذلك بالنسبة ـ من النصف أو الثلث أو الربع أو أكثر أو أقلّ ، وذلك لأنّ العبرة في أمثال الموارد إنّما هي بالمماثلة بين العضوين أي : عضوي الجاني والمجني عليه ، فإن قطع الجاني نصف عضو المجني عليه لنصف أنفه ، فله قطع نصف أنفه بالنسبة ، ولا أثر للصغر والكبر في ذلك أصلا ، ونظير ذلك ما إذا قطع شخص إصبع آخر ، قطعت إصبعه بلا نظر إلى الصغر والكبر ، ولا وجه لما في الجواهر من التأمّل في ذلك والمناقشة في صدق الاسم ـ .
وفي كشف اللثام (2 : 471) : ولا يقطع العضو الصحيح بالمجذوم وإن لم يسقط منه شيء فإنّه معرّض له ، ويقطع المجذوم بالصحيح ولا يضمّ إليه أرش.
[55]الوسائل 19 : 129 ، باب 10 من أبواب قصاص الطرف ، الحديث 1 ـ محمّد بن يعقوب عن عدّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن الحسين بن العباس بن الحريش عن أبي جعفر الثاني (عليه السلام) قال : قال أبو جعفر الأوّل (عليه السلام) لعبد الله بن عباس : يا ابن عباس انشدك الله هل في حكم الله اختلاف ؟ قال : فقال : لا ، قال : فما تقول في رجل قطع رجل أصابعه بالسيف حتّى سقطت فذهب ، وأتى رجل آخر فأطار كفّ يده فأتى به إليك وأنت قاض كيف أنت صانع ؟ قال : أقول لهذا القاطع : أعطه دية كفّه ، وأقول لهذا المقطوع : صالحه على ما شئت وابعث إليهما ذوي عدل ، فقال له : قد جاء الاختلاف في حكم الله ونقضت القول الأوّل . أبى الله أن يحدث في خلقه شيئاً من الحدود وليس تفسيره في الأرض ، اقطع يد قاطع الكفّ أصلا ثمّ اعطه دية الأصابع ، هذا حكم الله.
وعن محمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد وعن محمّد بن أبي عبد الله ومحمّد بن الحسن عن سهل بن زياد عن الحسن بن العباس مثله . ورواه الشيخ بإسناده عن سهل بن زياد.
أقول : في الوسائل عن الحسين بن العباس وفي كتب الرجال الحسن بن العباس بن حريش الرازي يقول صاحب التنقيح في نتائجه : إمامي لم أتحقّق حاله (برقم 2590) وفي جامع الرواة 1 : 205 روى عن أبي جعفر الثاني (عليه السلام) ضعيف جدّاً (الفهرست ـ الخلاصة ـ النجاشي) وقال ابن الغضائري هو أبو محمّد ضعيف ... وهذا الرجل لا يلتفت إليه ولا يكتب حديثه ...
[56]الجواهر (42 : 382) : (وكذا يقطع الأنف الشامّ بالعادم له كما يقطع الاُذن الصحيحة بالصمّـاء) بلا خلاف ولا إشكال ضرورة كون الخلل في الشمّ والسمع إنّما هو في الدماغ والصماخ ونحوهما لا في نفس العضو ، ويستوي في ذلك الأقنى والأفطس والكبير والصغير للتساوي ، بل في كشف اللثام (ويستوي الصحيح والعليل ، فيقتصّ من الصحيح للمجذوم ما لم يتناثر منه شيء ، فإن تناثر بعضه ثبت القصاص بالنسبة إلى الباقي) وهو مناف لما سمعته منه سابقاً ، مع أنّ في إطلاقه القصاص في الباقي الشامل لما إذا ذهب طرفه بحثاً.
وفي تحرير الوسيلة 2 : 546 ، مسألة 28 ـ في الأنف القصاص ، ويقتصّ الأنف الشامّ بعادمه ، والصحيح بالمجذوم ما لم يتناثر منه شيء ، وإلاّ فيقتصّ بمقدار غير المتناثر والصغير والكبير والأفطس والأشمّ والأقنى سواء ، والظاهر عدم اقتصاص الصحيح بالمستحشف الذي هو كالشلل ويقتصّ بقطع المارن وبقطع بعضه ، والمارن هو ما لان من الأنف ، ولو قطع المارن مع بعض القصبة فهل يقتصّ المجموع أو يقتصّ المارن وفي القصبة حكومة ؟ وجهان ، وهنا وجه آخر ، وهو القصاص ما لم يصل القصبة إلى العظم ، فيقتصّ الغضروف مع المارن ، ولا يقتصّ العظم.
وفي جامع المدارك (7 : 277) : (ويقطع الأنف الشامّ بعادم الشمم) وأمّا قطع الأنف الشامّ بعادم الشمم والاُذن الصحيحة بالصمّـاء فمن جهة الإطلاق ولا يقاس بما دلّ على التفرقة.
وفي رياض المسائل (2 : 526) : (ويقتصّ الأنف الشامّ بعادم الشمم) وكذا الاُذن الصحيحة بالصمّـاء ( بلا خلاف ظاهر مصرّح به في بعض العبائر لعموم (الاُذن بالاُذن والأنف بالأنف) مع حصول الاعتداء قبل ما اعتدى بناءً على خروج المرضين عن العضوين وثبوت أحدهما في الدماغ والآخر في الصماخ أو ما وراءه فلا تعلّق للمرض بالمحلّ حتّى لو قطع أنفه أو اُذنه فأزال شمّه أو سمعه فهما جنايتان ولا يرتبط أحدهما بالآخر.
وفي كشف اللثام (2 : 477) : ويثبت في الأنف القصاص بالنصّ والإجماع ويستوي الصحيح والأقنى والأفطس والكبير والصغير المتساوي في الأشمّ ، وهل يستوي الصحيح والمستحشف ؟ إشكال كالاذن ، والقصاص يجري في المارن وهو ما لان منه لانفصاله من القصبة انفصال الكفّ من الساعد والقدم من الساق ، فيقتصّ منه كلاّ أو بعضاً بالنسبة ، ولو قطع معه القصبة ثبت القصاص فيه ، وأمّا في القصاص في القصبة فإشكال من حيث انفراده عن غيره ، فأمكن استيفاؤه قصاصاً ، ومن أ نّه ليس له مفصل معلوم فهو كما لو قطع اليد من نصف الساعد فله القصاص أو كمال الدية في المارن والحكومة في القصبة وهو خيرة المبسوط ، ولو قطع بعض القصبة فلا قصاص لعدم المفصل بل الحكومة ، ولو قطع المارن فقطع القصبة آخر لأنفه مارن لم يقتصّ منه كما لا يقتصّ من ذي أصابع قطع كفّاً بلا أصابع ، ولو قطعها فاقد المارن احتمل القصاص للانفراد عن الغير وعدمه لعدم المفصل كما عرفت ويجري القصاص في أحد المنخرين مع تساوي المحل يميناً وشمالا لأنّ له حدّاً ينتهي إليه فهو كإحدى الأصابع وكذا في الحاجز بينهما ، ولو قطع بعض الأنف ، في المبسوط بعض المارن ، نسبنا الموضوع إلى أصله وأخذنا من الجاني بحسابه أي ما نسبته إلى تمام أنفه أو مارنه نسبة المقطوع من أنف المجني عليه إلى أنفه أو مارنه ولم نأخذ من الجاني ما يساوي في المساحة المقطوع من المجني عليه لئلاّ يستوعب أنف الجاني لو كان صغيراً وأنف المجني عليه كبيراً فالنصف من أنف الجاني أو مارنه بالنصف من ذلك من المجني عليه ساواه في المساحة أو زاد أن نقص والثلث بالثلث كذلك ، وبالجملة لا يراعي المساحة بين الأنفين حين يقتصّ بقدر ما قطع وإن كان تمام الآخر بل إنّما يراعى النسبة.
وفي اللمعة (10 : 85) : (والأنف الشامّ بالأخشم) بالمعجمتين وهو الذي لا يشمّ ، لأنّ منفعة الشمّ خارجة عن الأنف ، والخلل في الدماغ لا فيه ، وكذا يستوي الأقنى بالأفطس والكبير بالصغير.
وفي إيضاح الفوائد (4 : 645) : ويثبت في الأنف القصاص ، ويستوي الشام وفاقده ، لأنّ الخلل في الدماغ ، والأفنى ـ أي رقيق الأنف ـ والأفطس ـ ضدّه ـ والكبير والصغير ، وهل يستوي الصحيح والمستحشف إشكال ، كالاذن والقصاص يجري في المارن وهو ما لان منه ، ولو قطع معه القصبة فإشكال من حيث انفراده عن غيره فأمكن استيفاؤه قصاصاً ومن أ نّه ليس له مفصل معلوم ، ولو قطع بعض القصبة فلا قصاص ، ولو قطع المارن فقطع القصبة فاقد المارن احتمل القصاص وعدمه ـ قال فخر المحقّقين : وجه الأوّل إمكان القصاص من غير تعدّ لوجود المماثلة بينهما فإنّ كلّ واحد منهما فاقد المارن وعموم قوله تعالى ( فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ) وقوله تعالى : ( الأنف بالأنف ) إلى قوله ( والجروح قصاص ) ووجه الثاني أ نّه لا مفصل للقصبة ، ولا يفصل العظام بكسر ولا قطع ، بل بمفصل فإذا لم يوجد المفصل لم يفصل وهو الأقوى عندي ـ قال العلاّمة : ويجري القصاص في أحد المنخرين مع تساوي المحل ، ولو قطع بعض الأنف نسبنا المقطوع إلى أصله وأخذنا من الجاني بحسابه لئلاّ يستوعب أنف الجاني لو كان صغيراً ، فالنصف بالنصف والثلث بالثلث ولا يراعى المساحة بين الأنفين.
وفي الوسيلة (الصفحة 447) : الأنف : وهو ما لان من المنخرين والحاجز إلى القصبة وفيه الدية كاملة أو القصاص ، فإن جدع مع المارن شيئاً من القصبة أو من اللحم الذي تحته إلى الشفة كان في المارن الدية وفي القصبة أو اللحم حكومة وفي روثة الأنف القصاص أو نصف الدية ، وفي بعضها بالحساب وفي الشمّ دية كاملة ، وفي قطع أحد المنخرين القصاص أو نصف الدية ... وللبحث صلة فراجع.
وفي المهذّب (2 : 381) : ويقتصّ من الأنف بالأنف والاعتبار في ذلك لا بصغر ولا كبر ولا بغلظ ولا دقّة ولا بأ نّه أفطس أو أقنى ، لتساويهما في الاسم وهو المراعى في هذا الموضع وما أشبهه ، فإن قطع رجل أنف مجذوم ولم يكن سقط منه شيء بالجذام ، قطع الأنف الصحيح به ، لأ نّه يجوز عندنا أخذ الصحيح بالعليل ، وإن كان قد ذهب بعضه وتناثر بالجذام ، كان المجني عليه مخيّراً بين أن ياخذ بقدره من الدية فيما بقي ، وبين أن يقتصّ فيما بقي ، إن كان الذي ذهب ممّـا يمكن القصاص فيه ، وهو أن يكون ذهب جانبه بالجذام ، فإن كان الذاهب منه طرفه ، لم يكن فيه إلاّ الدية فيما بقي . ويؤخذ الأنف الشام السالم بالأنف الأخشم ، والذي يؤخذ قوداً ، وتجب فيه دية كاملة من الأنف ، هو المارن والمارن هو ما لان منه ، وهو ما نزل من قصبة الخياشم ـ التي هي العظم ـ لأنّ له حدّاً ينتهي إليه فهو من قصبة الأنف وهو مثل اليد من الساعد والرجل من الساق ، فإن قطع جميعه كان المجني عليه مخيّراً بين القود والدية بكاملها ، لأنّ في الأنف الدية ، فإن قطعه مع قصبة الأنف كان كقطع اليد من الساعد ـ المجني عليه مخيّر بين العفو وتكون له دية كاملة في المارن وحكومة في القصبة ـ كما لو قطع يده من نصف الساعد ، فإنّ له العفو ويأخذ دية كاملة ـ ويكون كحكومة في الساعد ـ وإن أراد أخذ القصاص في المارن وحكومة في القصب مثل الساعد سواء.
وفي المبسوط (7 : 95) : القصاص يجري في الأنف لقوله تعالى ( والأنف بالأنف )وقوله : ( والجروح قصاص ) ويؤخذ الأنف الكبير بالصغير والدقيق بالغليظ والأقنى بالأفطس لتساويهما في الاسم . فإن كان المقطوع مجذوماً نظرت فإن لم يكن سقط منه شيء قطع به الأنف الصحيح لأنّ الجذام علّة ، ونحن نأخذ الصحيح بالعليل وإن كان قد تناثر بعضه بالجذام فالمجني عليه بالخيار بين أن يأخذ بقدره من الدية فيما بقي وبين أن يقتصّ فيما بقي . وإن كان الذاهب ممّـا يمكن القصاص فيه وهو إن ذهب بالجذام جانبه فأمّا إن ذهب طرفه فلا ، وليس له إلاّ الدية فيما بقي وكيف تؤخذ الدية والقصاص في بعضه ؟ على ما يأتي فيما بعد . ويؤخذ أنف الشام بالأخشم وهو الذي لا يشمّ به لأنّ عدم الشمّ علّة وذلك غير مانع من القصاص كما نأخذ الاُذن الصحيحة بالصمّـاء ، فالذي يريد أن يؤخذ قوداً ويجب فيه كمال الدية هو المارن من الأنف ، والمارن ما لان منه ، وهو ما نزل عن قصبة الخياشيم التي هي العظم لأنّ له حدّاً ينتهي إليه . فهو من قصبة الأنف كاليد من الساعد والرجل من الساق . ثمّ ينظر فإن قطعت كلّه فالمجني عليه بالخيار بين القود أو كمال الدية لأنّ في الأنف الدية ، وإن قطعه مع قصبة الأنف فهو كما لو قطع اليد من بعض الساعد ، المجني عليه بالخيار بين أن يعفو وله كمال الدية في المارن وحكومة في القصبة كما لو قطع يده من نصف الساعد ، فإنّ له أن يعفو أو يأخذ كمال الدية وحكومة في الساعد وإن اختار أخذ القصاص في المارن وحكومة في القصبة كالساعد سواء . وأمّا إن قطع بعض المارن نظرنا إلى قدره بالأجزاء ، فإن كان ثلثاً أو عشراً عرفنا ثمّ نأخذ بحسابه من أنف القاطع ولا يأخذ بالمساحة لأ نّه قد يكون نصف المقطوع ككلّ أنف القاطع فيفضي إلى أن يأخذ أنفاً بنصف أنف ، وهذا لا سبيل إليه ، فإن قطع أحد المنخرين كان له القصاص فيه لأنّ له حدّاً ينتهي إليه فهو كإحدى الإصبعين لأنّ بينهما حاجزاً.
وفي كتب العامّة : جاء في (الفقه على المذاهب الأربعة 5 : 340) : ومن أزال الشمّ من المنخرين بجناية على رأسه تجب عليه دية كاملة كما جاء في خبر عمرو بن حزم ، لأ نّه من الحواسّ النافعة ، فتكمل فيه الدية كالسمع ، وفي إزالة شمّ منخر واحد نصف الدية ، ولو نقص الشمّ وجب بقسطه من الدية ، إذا أمكن معرفته وإن لم يمكن فالحكومة . ولو أنكر الجاني زوال الشمّ من المجني عليه امتحن في غفلاته بالروائح الحادّة فإن هشّ للطيب وعبس لغيره حلف الجاني لظهور كذب المجني عليه ولا يستحقّ ضماناً وإن لم يهشّ للطيب ولم يتأذّ من الكريه ، حلف المجني عليه لظهور صدقه مع أ نّه لا يعرف إلاّ منه وفي إبطال حاسّة الذوق الذي هو قوّة في اللسان يدرك بها الطعم تجب دية كاملة لأ نّه أحد الحواسّ الخمس فأشبه الشمّ ... وللبحث صلة فراجع.
وفي المغني (9 : 423) : (مسألة) قال (والأنف بالأنف) وأجمعوا على جريان القصاص في الأنف أيضاً للآية والمعنى ، ويؤخذ الكبير بالصغير والأقنى بالأفطس وأنف الأشمّ بأنف الأخشم الذي لا يشمّ لأنّ ذلك لعلّة في الدماغ والأنف صحيح ، كما تؤخذ اذن السميع باذن الأصمّ ، وإن كان بأنفه جذام أخذ به الأنف الصحيح ما لم يسقط منه شيء لأنّ ذلك مرض فإن سقط منه شيء لم يقطع به الصحيح إلاّ أن يكون من أحد جانبيه فيأخذ من الصحيح مثل ما بقي منه أو يأخذ أرش ذلك ، والذي يجب فيه القصاص أو الدية هو المارن ، وهو ما لان منه دون قصبة الأنف لأنّ ذلك حدّ ينتهي إليه فهو كاليد يجب القصاص فيما انتهى إلى الكوع ، وإن قطع الأنف كلّه مع القصبة فعليه القصاص في المارن وحكومة للقصبة ، هذا قول ابن حامد ومذهب الشافعي وفيه وجه آخر ، إنّه لا يجب مع القصاص حكومة كيلا يجتمع في عضو واحد قصاص ودية ، وقياس قول أبي بكر أ نّه لا يجب القصاص ها هنا لأ نّه يضع الحديدة في غير الموضع الذي وضعها الجاني فيه فلم يملك ذلك كقوله فيمن قطع اليد من نصف الذراع أو الكف . وذكر القاضي ها هنا كقول أبي بكر ونظائره مثل قول ابن حامد ولا يصحّ التفريق مع التساوي وإن قطع بعض الأنف قدر بالأجزاء وأخذ منه بقدر ذلك كقولنا في الاذن ولا يؤخذ بالمساحة لئلاّ يفضي إلى قطع جميع أنف الجاني لصغره ببعض أنف المجني عليه لكبره ، ويؤخذ المنخر الأيمن بالأيمن والأيسر بالأيسر ، ولا يؤخذ أيمن بأيسر ولا أيسر بأيمن ، ويؤخذ الحاجز بالحاجز لأ نّه يمكن القصاص فيه لانتهائه إلى حدّ.
وفي المهذّب في الفقه الشافعي (2 : 179) : (فصل) ويؤخذ الأنف بالأنف لقوله تعالى ( والأنف بالأنف ) ولا يجب القصاص فيه إلاّ في المارن لأ نّه ينتهي إلى مفصل ويؤخذ الشام بالأخشم والأخشم بالشام لأ نّهما متساويان في السلامة من النقص وعدم الشمّ نقص في غيره ، ويؤخذ البعض بالبعض وهو أن يقدر ما قطعه بالجزء كالنصف والثلث ثمّ يقتصّ بالنصف والثلث من مارن الجاني ولا يؤخذ قدره بالمساحة لأ نّه قد يكون أنف الجاني صغيراً وأنف المجني عليه كبيراً فإذا اعتبرت المماثلة بالمساحة قطعنا جميع المارن بالبعض وهذا لا يجوز ... ولا يؤخذ مارن صحيح بمارن سقط بعضه بجذام أو انخرام ، لأ نّه يأخذ أكثر من حقّه ... وللبحث صلة فراجع.
[57]الجواهر (42 : 383) : ويجري القصاص في المارن كلّه أو بعضه ، كما صرّح به في القواعد وغيرها ، لانفصاله عن القصبة انفصال الكفّ عن الساعد ، إذ المراد به ما لان من الأنف ثمّ قال في القواعد : (ولو قطع معه القصبة إشكال) من حيث انفراده عن غيره ، فأمكن استيفاؤه قصاصاً ، ومن أ نّه ليس له فصل معلوم ، وعن المبسوط أنّ القصاص في المارن أو كمال الدية ، والحكومة في القصبة ، ومال إليه أو قال به في كشف اللثام ، بل عن الكركي اختياره ، وعن حواشي الشهيد أ نّه المنقول.
ولعلّ الأقوى القصاص في الجميع فضلا عن المارن خاصّة ، لإمكان المماثلة عرفاً ، ولعلّه لذا جزم به في محكيّ التحرير ، بل لعلّ الإشكال فيه في القواعد مناف لما جزم به من ثبوت القصاص في المارن ، نعم لو قطع بعض القصبة لم يكن له القصاص إلاّ في المارن لعدم المفصل فيها ، وكونها من العظام التي لا قصاص في كسرها ، فتتعيّن الحكومة فيها حينئذ.
[58]في المهذّب (2 : 382) : فإن قطع بعض المارن رجع إلى قدر ذلك بالأجزاء ، فإن كان ثلثاً أو عشراً عرف ذلك وأخذ بحسابه من أنف القاطع ، ولا يؤخذ بالمساحة ، لأ نّه قد يكون نصف المقطوع مثل جميع أنف القاطع ، فيفضي ذلك إلى أن يأخذ أنفاً بنصف وذلك لا يجوز.
وفي كتب العامّة : (الفقه على المذاهب الأربعة 5 : 335) : اتّفق الأئمة الأربعة : على أنّ من أتلف نفساً فعليه دية كاملة ، وفي مارن الأنف وهو ما لان دون العظم ويسمّى أرنبة الأنف تجب دية كاملة ، لأنّ فيه جمالا ومنفعة ، وهو مشتمل على الطرفين المسمّين بالمنخرين وعلى الحاجز بينهما ، وتندرج حكومة قصبته في ديته فلا يزاد على دية واحدة ، لأ نّه عضو واحد.
[59]الجواهر (43 : 383) : ولو قطع المارن شخص فقطع القصبة آخر لأنفه مارن ففي كشف اللثام لم يقتصّ منه ، كما لا يقتصّ من ذي أصابع قطع كفّاً بلا أصابع ، وفيه البحث السابق الذي سمعته في خبر الحسن بن الحريش المشتمل على قضيّة ابن عباس . ولو قطعها فاقد المارن ففي القواعد وكشف اللثام احتمل القصاص للانفراد عن الغير وعدمه ، لعدم المفصل ، وقد عرفت أنّ الأقوى القصاص.
[60]الجواهر (42 : 384) : (وكذا يثبت القصاص في أحد المنخرين) بلا خلاف أجده بين من تعرّض له مع تساوي المحلّ يميناً وشمالا ، لعموم الأدلّة الشامل لذلك ، لأنّ له حدّاً بنتهي إليه ، فهو كأحد الأصابع . وكذا يثبت في الحاجز بينهما كما صرّح به بعضهم ، وهو المسمّى بالروثة ، أو بالوترة ، وإنّ الروثة هي الأريبة ، أي طرف الأنف.
وفي تحرير الوسيلة 2 : 546 ، مسألة 29 ـ يقتصّ المنخر بالمنخر مع تساوي المحلّ ، فتقتصّ اليمنى واليسرى باليسرى ، وكذا يقتصّ الحاجز بالحاجز ، ولو قطع بعض الأنف قيس المقطوع إلى أصله واقتصّ من الجاني بحسابه ، فلو قطع بعض المارن قيس إلى تمامه ، فإن كان نصفاً يقطع من الجاني النصف أو ثلثاً فالثلث ، ولا ينظر إلى عظم المارن وصغره، أو قيس إلى تمام الأنف فيقطع بحسابه لئلاّ يستوعب أنف الجاني إن كان صغيراً.
وهنا مسائل لا بأس بذكرها :
مسألة 30 ـ يقتصّ الشفة بالشفة مع تساوي المحلّ ، فالشفة العليا بالعليا والسفلى بالسفلى وتستوي الطويلة والقصيرة ، والكبيرة والصغيرة والصحيحة والمريضة ما لم يصل إلى الشلل والغليظة والرقيقة ، ولو قطع بعضها فبحساب المساحة كما مرّ ، وقد ذكرنا حدّ الشفة في كتاب الديات.
مسألة 31 ـ يثبت القصاص في اللسان وبعضه ببعضه بشرط التساوي في النطق ، فلا يقطع الناطق بالأخرس ، ويقطع الأخرس بالناطق وبالأخرس ، والفصيح بغيره ، والخفيف بالثقيل ، ولو قطع لسان طفل يقتصّ به ، إلاّ مع إثبات خرسه ، ولو ظهر فيه علامات الخرس ففيه الدية.
مسألة 32 ـ في ثدي المرأة وحلمته قصاص ، فلو قطعت امرأة ثدي اُخرى أو حلمة ثديها يقتصّ منها ، وكذا في حلمة الرجل القصاص ، فلو قطع حلمته يقتصّ منه مع تساوي المحل ، فاليمنى باليمنى واليسرى باليسرى ، ولو قطع الرجل حلمة ثدي المرأة فلها القصاص من غير ردّ.
وفي اللمعة (10 : 85) : (واحد المنخرين بصاحبه) المماثل له في اليمين واليسار كما يعتبر في ذلك في نحوهما من الاذنين واليدين ، وكما يثبت في جميعه فكذا في بعضه لكن ينسب المقطوع إلى أصله ويؤخذ من الجاني بحسابه ، لئلاّ يستوعب بالبعض أنف الصغير فالنصف بالنصف والثلث بالثلث ، وهكذا.
وفي إيضاح الفوائد (4 : 646) : ويثبت القصاص في الشفتين وبعضهما مع تساوي المحلّ فلا تؤخذ العليا بالسفلى ولا بالعكس ، وكذا يثبت في اللسان وبعضه مع التساوي في النطق فلا يقطع الناطق بالأخرس ، فلو قطع لسان صغير فإن كان تحرّك لسانه عند البكاء وجب القصاص ، لأ نّه دليل الصحّة ، ويثبت القصاص في ثدي المرأة وحلمته وحلمة الرجل ، ولو قطع الرجل حلمة ثدي المرأة فلها القصاص إذا لم يوجب فيها (فيهما) كمال الدية ، وهل ترجع المرأة بالتفاوت إن أوجبنا لها الكمال وله الثمن نظر أقربه العدم ـ قال فخر المحقّقين : إذا لم توجب للرجل كمال الدية كان لها القصاص كما تقدّم ، فحن قلنا مع ذلك أنّ في حلمة ثدي المرأة الدية كاملة وفي حلمتي الرجل ثمن الدية هل تستردّ المرأة من الرجل التفاوت فيه نظر ، ينشأ من أنّ الرجل أكمل واشرف من المرأة فلا أقلّ من المساواة ، وإنّما قطعت عضواً مماثلا لما قطعه منها فلا يستحقّ زيادة لقوله تعالى ( الأنف بالأنف ) قوله تعالى ( فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ) ومن أنّ العضو من المرأة أكمل منه من الرجل والأقرب العدم لأنّ الناقص يقطع بالكامل من غير ردّ كالشلاّء يقطع بالصحيحة ولا ردّ ـ قال العلاّمة : ولو انعكس الفرض فلا قصاص على تقدير قصور دية حلمة الرجل.
وفي المهذّب (2 : 382) : فإن قطع واحداً من المنخرين كان له القصاص في ذلك ، لأنّ له حدّاً ينتهي إليه هو مثل إحدى الإصبعين لأنّ بينهما حاجزاً.
وفي كتب العامّة : (الفقه على المذاهب الأربعة 5 : 335) : وفي قطع اللسان الدية لفوات منفعة مقصودة وهو النطق ، ولو كان اللسان لأكن وهو من في لسانة لُكنة أو أعجم ولو لسان أرت ولو لسان ألثغ ـ بمثلّثة ـ ولو لسان طفل لم ينطق ولأنّ فيه جمالا ومنفعة يتميّز بها الإنسان عن البهائم في البيان والعبارة عمّـا في الضمير ، وفيه ثلاث منافع : الكلام والذوق والاعتماد في أكل الطعام وإدارته في اللهوات حتّى يستكمل طحنه بالأضراس فتجب فيه دية كاملة ، وفي إبطال الصوت مع إبقاء اللسان دية كاملة . وقيل : شرط الدية في قطع لسان الطفل الصغير ظهور أثر نطق بتحريكه لبكاء أو مصّ للثدي لأ نّها أمارات ظاهرة على سلامة اللسان ، فإن لم يظهر فحكومة لأنّ سلامته غير متيقّنة والأصل براءة الذمّة ، ولو قطع نصف لسانه فذهب ربع كلامه أو عكس فنصف الدية وإن شلّ اللسان فديتان وقيل : دية . وإذا كان اللسان المقطوع عديم الذوق أو كان أخرساً تجب فيه حكومة عدل ، وتجب الدية كاملة إذا قطع بعض اللسان ومنع الكلام ، لتفويت منفعة مقصودة وإن كانت الآلة قائمة ولو قدر على التكلّم ببعض الحروف قيل : تقسم على عدد حروف الهجاء وقيل على عدد حروف تتعلّق باللسان فبقدر ما لا يقدر عليه تجب ديته . وقيل : إن قدر على أداء أكثرها تجب حكومة عدل لحصول الإفهام مع الاختلال وإن عجز عن أداء الأكثر يجب كلّ الدية ، لأنّ الظاهر أ نّه لا تحصل منفعة الكلام ، وقد روي أنّ رجلا قطع طرف لسان رجل في زمان الإمام علي (عليه السلام) كرّم الله وجهه ، فأمره أن يقرأ ـ أ ب ت ث ـ فكلّما قرأ حرفاً أسقط من الدية بقدر ذلك وما لم يقرأ أوجب من الدية بحسبانه ، وحروف اللسان ثمانية عشر حرفاً ـ في لغة العرب لا حروف الحلق وهي ستّة ولا حروف الشفة وهي أربعة ـ .
[61]الجواهر (42 : 385) : (وكذا البحث في الاُذن) التي لا خلاف في القصاص فيها مضافاً إلى الكتاب والسنّة والإجماع بقسميه (و) يستوي في ذلك الصغير والكبير كسائر الأعضاء ، بل (تؤخذ الصحيحة بالمثقوبة ثقباً يعدّ كمالا لا نقصاً . نعم لو كان بحيث صار نقصاً فكالخرم الذي أشار إليه المصنّف بقوله : (وهل تؤخذ) الصحيحة (بالمخرومة ؟ قيل) كما عن الشيخ وابن حمزة (لا) تؤخذ بها لأ نّه ظلم (و) لكن (يقتصّ إلى حدّ الخرم والحكومة في ما بقي) وتبعهما الفاضل وتالي الشهيدين وربما احتمل بعض الناس الانتقال إلى الدية.
وفي كشف اللثام (2 : 477) : ويثبت في الاذن القصاص بالنصّ والإجماع ويستوي اُذن الصغير والكبير والصغيرة والكبيرة كساير الأعضاء والصحيحة والمثقوبة فإنّ الثقب فيها يعدّ جمالا لا نقصاً ، نعم لو كان بحيث صار نقصاً فكالخرم والصمّـاء والسامعة فإنّ ذلك تفاوت في الصماخ ... ولا يؤخذ كلّ الصحيحة بالمخرومة أي المشقوقة وفاقاً للوسيلة لأ نّه ظلم ، بل يقتصّ منها إلى حدّ الخرم من الاُخرى ويؤخذ حكومة في الباقي وكذا المثقوبة في غير محلّه ، قال المحقّق ولو قيل يقتصّ إذا ردّ دية الخرم كان حسناً وهو أشبه لعموم الاذن بالاذن ولو قطع بعضها فأبانه جاز القصاص فيه بنسبة المساحة ، فيؤخذ نصف الكبيرة بنصف الصغيرة وبالعكس ، وكذا لو قطع اُذناً قد انقطع منها شيء اقتصّ من اُذنه ما يساوي ذلك بالنسبة ، ولو أبان الاذن فألصقها المجني عليه فالتصقت بالدم الحارّ وجب القصاص لوجود المقتضي وهو القطع ، ولا دليل على السقوط بالالتصاق وليس له الامتناع حتّى يزال كما في المهذّب فإنّ الأمر في إزالتها إلى الحاكم أو من يأتي ذلك منه من باب النهي عن المنكر لأ نّها ميتة لا يجوز معها الصلاة فإن أمن هلاكه بالإزالة وجب إزالتها وإلاّ فلا ، وفي الشرائع أنّ للجاني إزالتها لتحقّق المماثلة ، وكذا لو ألصق الجاني اُذنه بعد القصاص لم يكن للمجني عليه الاعتراض إلاّ من باب النهي عن المنكر لحمله النجاسة ، وفي النهاية والخلاف أنّ له المطالبة بالإزالة يغني لتحقّق المماثلة لا لحمله النجاسة ، واستدلّ عليه بالإجماع والأخبار ، وفي خبر إسحاق بن عمّـار عن جعفر عن أبيه (عليهما السلام) أنّ رجلا قطع من بعض اُذن الرجل شيئاً فدفع ذلك إلى عليّ (عليه السلام) فأقاده فأخذ الآخر ما قطع من اُذنه فردّه على اذنه بدمه فالتحمت وبرئت فعاد الآخر إلى عليّ (عليه السلام) فاستقاده فأمر بها فقطعت ثانية وأمر بها فدفنت وقال (عليه السلام) : إنّما يكون القصاص من أجل الشين . وفي المبسوط فإن قال المجني عليه قد التصق اُذنه بعد أن أبنتها إذ باسها عنه روى أصحابنا أ نّها يزال ولم يعلّلوا وقال من تقّم يعني من قال من العامّة بإجابة الجاني إلى الإزالة متى طلبها أ نّها يزال لما تقدّم أ نّه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهذا يستقيم أيضاً على مذهبنا ، قال : فإن قطع النصف من اُذن الجاني قصاصاً فألصقها فالتصقت كان للمجني عليه إبانتها بعد الاندمال فيقطع الأصل والذي اندمل منها لأنّ القصاص لا يحصل له إلاّ بالإبانة ، ولو قطع بعض الاذن ولم يبنه فإن أمكنت المماثلة في القصاص وجب لوجود المقتضي وعموم النصوص وإلاّ فلا ومن العامّة من أطلق العدم وعلّل بانتفاء المماثلة ، وللبحث صلة وفروعات فراجع.
وفي المسالك (2 : 383) : قوله : (ويؤخذ الصحيحة بالمثقوبة) ثقب الاذن خصوصاً للنساء يعدّ جمالا ولا يفوت معه شيء من العضو فلا يغيّر حكم الاذن في القصاص لها من الاذن التامّة وأخذ دية التامة هذا إذا لم يكن الثقب موجباً شيناً ولا نقصاناً وإلاّ كان كالخرم وأمّا المخرومة فهي ناقصة بالنسبة إلى غيرها ... وللبحث صلة.
وفي إيضاح الفوائد (4 : 645) : ويثبت في الاذن القصاص وتستوي اذن الصغير والكبير والصحيحة والمثقوبة والصمّـاء والسامعة ، ولا تؤخذ الصحيحة بالمخرومة ، بل يقتصّ إلى حدّ الخرم ، وتؤخذ حكومة في الباقي ، ولو قطع بعضها جاز القصاص فيه ، ولو أبان الاذن فألصقها المجني عليه فالتصقت بالدم الحار وجب القصاص والأمر في إزالتها إلى الحاكم ، فإن أمن من هلاكه وجب إزالتها وإلاّ فلا ، وكذا لو ألصق الجاني اذنه بعد القصاص لم يكن للمجني عليه الاعتراض ، ولو قطع بعض الاذن ولم يبنه ، فإن أمكنت المماثلة في القصاص وجب وإلاّ فلا ، ولو ألصقها المجني عليه لم يؤمر بالإزالة وله القصاص ولو جاء آخر فقطعها بعد الالتحام فالأقرب القصاص كما لو شجّ آخر موضع الشجّة بعد الاندمال ـ قال فخر المحقّقين : ويحتمل عدمه لأ نّها ناقصة فلا تؤخذ الكاملة بها ، ولأ نّها لا يثبت قصاصان في عضو واحد ، والأصحّ القصاص لحصول شرائطه وهو كونها حيّة ، لأنّ التقدير عود الحسن وعدم الشلل ـ قال العلاّمة : ولو قطع اُذنه فأزال سمعه فهما جنايتان لأنّ منفعة السمع في الدماغ لا في الاذن ، ولو قطع اذناً مستحشفة وهي التي لم يبق فيها حسّ وصارت شلاّء ففي القصاص إشكال ، من أنّ اليد الصحيحة لا تؤخذ بالشلاّء ، ومن بقاء الجمال والمنفعة ، لأ نّها تجمع الصوت وتوصله إلى الدماغ وتردّ الهوام عن الدخول في ثقب الاذن بخلاف اليد الشلاّء.
وفي السرائر (3 : 405) : ومن قطع شحمة اذن إنسان فطلب منه القصاص فاقتصّ له منه ، فعالج الجاني اذنه حتّى التصق المقطوع بما انفصل عنه ، كان للمقتصّ منه أن يقطع ما اتّصل من شحمة اذنه ، حتّى تعود إلى الحال التي استحقّ بها القصاص وهكذا حكم المجني عليه ، سواء كان ظالماً أو مظلوماً ، جانياً أو مجنيّاً عليه ، لأ نّه حامل نجاسة . وليس إنكاره ومطالبته بالقطع مخصوصاً بأحدهما ، بل جميع الناس. وكذلك القول فيما سوى ذلك من الجوارح والأعضاء إذا لم يخف على الإنسان منها تلف النفس أو المشقّة العظيمة ووجب على السلطان ذلك ، لكونه حاملا للنجاسة فلا تصحّ منه الصلاة حينئذ ، وكذلك إذا جبّر عظمه بعظم نجس العين ولم يكن في قلعه خوف على النفس ولا مشقّة عظيمة يجب إجباره على قطعه ولا تصحّ معه صلاته ، فأمّا إن خاف من قلعه على نفسه ، فلا يجب قلعه ، ولا يجوز إجباره على ذلك وتكون صلاته صحيحة لموضع الضرورة لقوله (عليه السلام) (لا ضرر ولا ضرار).
وفي الوسيلة (الصفحة 445) : الاذن : والجناية عليها بأحد ثلاثة أشياء : بالقطع والخرم وغير ذلك ، والقطع فيه القصاص مع التساوي في الصحّة أو الدية فإن استأصلهما كان فيهما الدية كاملة وفي الواحدة نصف الدية وتقطع الكبيرة والثخينة والسمينة والسميعة وغير المثقوبة بأضدادها ولا يقطع الصحيحة بالمقطوع بعضها ولا بالمنخرمة ولا بالشلاّء وفي الشلاّء ثلث ديتها صحيحة وفي المقطوع بعضها كان فيها الأرش بالحساب وفي شحمة الاذن القصاص أو ثلث الدية وفي قطع بعضها كذلك . والخرم ديتها ثلث دية الاذن إذا لم تبين ، ولم يلزم فيه القصاص إلاّ بعد أن يندمل ولم يتّصل فإن اتّصل سقط القصاص وفيه حكومة ، وإن سرى إلى السمع لم يدخل أرش الجناية في أرشه . وغير القطع والخرم وهو الثقب فيه حكومة.
وفي المهذّب (2 : 382) : وإذا قطع الرجل اُذن رجل كان في ذلك القصاص ولا اعتبار في ذلك بصغر ولا كبر ولا بسمن ولا دقّة ولا بسميعة ولا صمّـاء ولا بما جرى مجرى ذلك ، لأنّ الاسم يتناول ذلك ، ولا اعتبار ها هنا به فإن قطع الاُذن كلّها كان مخيّراً بين قطع اذن الجاني وبين أخذ كمال دية اذن . وإن قطع بعض الاذن علم هل ذلك ربع أو ثلث أو عشر ؟ فيؤخذ هذا الطرف من اذن الجاني ، ويقطع الاذن التي لا ثقب فيها بالمثقوبة.
وفي المبسوط (7 : 92) : إذا قطع اذن رجل فأبانها ثمّ ألصقها المجني عليه في الحال فالتصقت ، كان على الجاني القصاص لأنّ القصاص عليه بالإبانة وقد أبانها ، فإن قال الجاني أزيلوا اذنه ثمّ اقتصّوا منّي ، قال قوم يزال لأ نّه ألصق بنفسه ميتة فإزالتها إلى الحاكم والإمام ، فإذا ثبت هذا وقطع بها اذن الجاني ثمّ ألصقها الجاني فالتصقت فقد وقع القصاص موقعه لأنّ القصاص بالإبانة وقد اُبينت . فإن قال المجني عليه قد التصق اذنه بعد أن أبنتها أزيلوها عنه روى أصحابنا أ نّها تزال ولم يعلّلوا وقال من تقدّم أ نّها تزال لما تقدّم لأ نّه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهذا يستقيم أيضاً على مذهبنا . فأمّا الصلاة في هذه الاذن الملتصقة فلا يصحّ عندهم ، لأ نّه حامل نجاسة في غير موضعها لغير ضرورة ، فلم يصحّ بها الصلاة ، وهكذا يقتضيه مذهبنا ، وهكذا قالوا إذا جبر عظمه بعظم ميتة ، فإن لم يخف عليه التلف اُزيل عنه ، فإن لم يفعل لم يصحّ صلاته وإن خاف التلف أقرّ عليه لأنّ النجاسة يزول حكمها ، وعندنا الصلاة تصحّ في هذه لأنّ العظم لا ينجس عندنا بالموت إلاّ إذا كان عظم ما هو نجس العين كالكلب والخنزير . فإن قطع النصف من اذن الجاني قصاصاً فألصقها فالتصقت كان للمجني عليه إبانتها بعد الاندمال فيقطع الأصل والذي اندمل منها لأنّ القصاص لا يحصل له إلاّ بالإبانة ، فأمّا إن قطع اُذن رجل فلم يبنها بل تعلّقت بجلدة كان عليه القصاص لأ نّها قد انتهت إلى حدّ يمكن فيه المماثلة ، وكذلك لو قطع يمين رجل فتعلّقت بالجلدة كان له القصاص لأ نّها قد انتهت إلى حدّ يمكن فيه المماثلة . فإذا ثبت هذا اقتصّ منه إلى الجلدة ثمّ يسئل أهل الطبّ فإن قالوا المصلحة في تركها تركت وإن قالوا : المصلحة في قطعها قطعت.
وفي الصفحة 96 قال : في الاذن القصاص لقوله ( والاذن بالاذن ) ولقوله تعالى ( والجروح قصاص ) وتقطع الكبيرة بالصغيرة والثخينة بالرقيقة والسمينة بالهزيلة للاتفاق في الاسم الخاصّ والتمام في الخلقة ، ويأخذ السميعة بالصمّـاء لما مضى ، لأنّ الصمّ آفة في غير إشراف الاذن ، والاذن سليمة كذكر الخصي الذي لا ينزل . فإن قطع الاذن كلّها كان بالخيار بين القطع وبين كمال ديه الاذن فإن قطع البعض منها مسحناه ليعلم قدره بالأجزاء ثلثاً أو ربعاً أو عشراً ثمّ يأخذ ذلك الجزء من اذن القاطع فلا يعتبر المساحة لأ نّا لو اعتبرناها ربما كان نصف المقطوعة ككلّ اذن القاطع فيأخذ اذناً كاملة بنصف اذن وهذا لا سبيل إليه . وتقطع الاذن التي لا ثقبة فيه بالمثقوبة لأنّ الثقب ليس بنقص ، وإنّما يراد للزينة والجمال ، فإن انخرم الثقب فلا قصاص لأ نّا لا نأخذ الكامل بالناقص، ويقال للمجني عليه أنت بالخيار بين أن تأخذ الدية فيها وتترك بقدر النقصان فيها من الدية أو تأخذ القصاص إلى حدّ الخرم وحكومة فيما بقى . فإن قطع يداً أظافيرها خضر أو مستخبثة أو محنية قطعنا يده ، وإن كان له علّة بأظافيره ، فإن لم يكن له أظافير أصلا فلا قود على القاطع لأ نّها نقصان خلقة، ولا نأخذ الكامل بالناقص، وله دية كاملة.
وفي كتب العامّة : جاء في (الفقه على المذاهب الأربعة 5 : 338) : وفي إزالة السمع تجب دية كاملة لخبر البيهقي (في السمع الدية) ونقل ابن المنذر فيه الإجماع ولأ نّه من أشرف الحواسّ فكان كالبصر بل هو أشرف منه عند أكثر الفقهاء ، لأ نّه به يدرك الفهم ويدرك من الجهات الستّ وفي النور والظلمة ، ولا يدرك بالبصر إلاّ من جهة المقابلة وبواسطة من ضياء أو شعاع ، وقال أكثر المتكلّمين بتفضيل البصر عليه ، لأنّ السمع لا يدرك به إلاّ الأصوات والبصر يدرك الأجسام والألوان والهيئات فكان أشرف منه ، ولا بدّ في وجوب الدية من تحقّق زوال السمع فلو قال أهل الخبرة : يعود وقدّروا له مدّة لا يستبعد أن يعيش إليها انتظرت فإن استبعد ذلك أو لم يقدّروا مدّة اُخذت الدية في الحال ، وإن قالوا : لطيفة السمع باقية في مقرّها ولكن انسدّ منفذ السمع والسمع باق وجبت فيه حكومة . وقيل : يعتبر في طريق معرفة السمع الدلائل الموصلة إلى ذلك فإن لم يحصل العلم بذلك يعتبر فيه الدعوى والإنكار ، فطريق معرفة السمع أن يتغافل وينادى عليه فإن أجاب علم أ نّه يسمع ولا دية له .. وفي إزالة السمع من اذن واحدة يجب نصف الدية وفي قطع الاذنين الشاخصتين الدية لأنّ فيهما تمام الجمال ، ولو أزال اُذنيه وسمعه فتجب ديتان لأنّ محلّ السمع غير محلّ القطع فلم يتداخلا ... وإن نقص سمع المجني عليه فقسط النقص من الدية إن عرف قدر ما ذهب ، بأن كان يسمع من مكان كذا فصار يسمع من قدر نصف مثلا وطريق معرفة ذلك أن يحدّثه شخص ويتباعد إلى أن يقول : لا أسمع فيعلي الصوت قليلا فإن قال : أسمع عرف صدقه ، ثمّ يعمل كذلك من جهة اُخرى ، فإن اتّفقت المسافتان ظهر صدقه ، ثمّ ينسب ذلك من مسافة سماعه قبل الجناية إن عرف ، ويجب بقدره من الدية ، فإن كان التفاوت نصفاً وجبت الدية وإن لم يعرف قدره بالنسبة فتجب فيه حكومة عدل باجتهاد قاض . ولو قال المجني عليه : أنا أعرف قدر ما ذهب من سمعي صدق بيمينه ، لأ نّه لا يعرف إلاّ من جهته وإن نقص سمع المجني عليه من اذن واحدة سدّت هذه الناقصة ، وضبط منتهى سماع الآخرين ثمّ عكس ، ويؤخذ قسط التفاوت من الدية ، فإن كان بين مسافة السمعيّة والاُخرى النصف فله ربع الدية لأ نّه أذهب ربع سمعه وإن كان الثلث فيجب عليه سدس الدية وهكذا . فإن لم ينضبط فالواجب حكومة عدل.
وفي الصفحة 342 قال : المالكية قالوا : لا تجب الدية في قطع الاذنين الشاخصتين إذا بقي السمع سليماً بل تجب حكومة عدل . الأئمة الثلاثة قالوا : تجب في الاذنين دية كاملة وفي قطع إحداهما نصف الدية لفوات منفعة الجمال وجمع الهواء للسمع.
وفي المغني (9 : 421) : مسألة : قال (وتقطع الاذن بالاذن) أجمع أهل العلم على أنّ الاذن تؤخذ بالاذن وذلك لقول الله تعالى ( والاذن بالاذن ) ولأ نّها تنتهي إلى حدّ فاصل ، فأشبهت اليد ، وتؤخذ الكبيرة بالصغيرة وتؤخذ اُذن السميع باُذن السميع ، وتؤخذ اُذن الأصمّ بكلّ واحدة منهما لتساويهما ، فإنّ ذهاب السمع نقص في الرأس لأ نّه محد ، وليس بنقص فيهما ، وتؤخذ الصحيحة بالمثقوبة لأنّ الثقب ليس بعيب ، وإنّما يفعل في العادة للقرط والتزيّن به ، فإن كان الثقب في غير محلّه ، أو كانت مخرومة اُخذت بالصحيحة ، ولم تؤخذ الصحيحة بها لأنّ الثقب إذا انخرم صار نقصاً فيها والثقب في غير محلّه عيب ، ويخيّر المجني عليه بين أخذ الدية إلاّ قدر النقص وبين أن يقتصّ فيما سوى العيب ويتركه من اُذن الجاني ، وفي وجوب الحكومة له في قدر الثقب وجهان . وإن قطعت بعض اُذنه فله أن يقتصّ من اُذن الجاني وتقدير ذلك بالأجزاء فيؤخذ النصف بالنصف والثلث بالثلث وعلى حساب ذلك ، وقال بعض أصحاب الشافعي لا يجري القصاص في البعض لأ نّه لا ينتهي إلى حدّ ، ولنا أ نّه يمكن تقدير المقطوع وليس فيه كسر عظم فجرى القصاص في بعضها كالذكر وبهذا ينتقض ما ذكره . (فصل) وتؤخذ الاُذن المستحشفة بالصحيحة وهل تؤخذ الصحيحة بها ؟ فيه وجهان : أحدهما : لا تؤخذ بها لأ نّها ناقصة معيبة فلم تؤخذ بها الصحيحة كاليد الشلاّء وسائر الأعضاء والثاني تؤخذ بها لأنّ المقصود منها جمع الصوت وحفظ محلّ السمع والجمال وهذا يحصل بها كحصوله بالصحيحة بخلاف سائر الأعضاء.
وفي الصفحة (422) قال : فصل : وإن قطع اذنه فأبانها فألصقها صاحبها فالتصقت وثبتت فقال القاضي يجب القصاص وهو قول الثوري والشافعي وإسحاق لأ نّه وجب بالإبانة وقد وجدت الإبانة ، وقال أبو بكر لا قصاص فيها وهو قول مالك لأ نّها لم تبن على الدوام فلم يستحقّ إبانة إذن الجاني دواماً ، وإن سقطت بعد ذلك قريباً وبعيداً فله القصاص ويرد ما أخذ وعلى قول أبي بكر إذا لم تسقط له دية الاذن وهو قول أصحاب الرأي ، وكذلك قول الأوّلين إذا اختار الدية ، وقال مالك لا عقل لها إذا عادت مكانها ، فأمّا إن قطع بعض اذنه فالتصق فله أرش الجرح ولا قصاص فيه ، وإن قطع اذن إنسان فاستوفى منه فألصق الجاني اُنه فالتصقت وطلب المجني عليه إبانتها لم يكن له ذلك لأنّ الإبانة قد حصلت والقصاص قد استوفي فلم يبق له قبله حقّ ، فأمّا إن كان المجني عليه لم يقطع جميع الاذن إنّما قطع بعضها فالتصق كان للمجني عليه قطع جميعها ، لأ نّه استحقّ إبانة جميعها ولم يكن أبانه ، والحكم في السنّ كالحكم في الاذن . (فصل) ومن ألصق اذنه بعد إبانتها أو سنه فهل تلزمه إبانتها ، فيه وجهان مبنيان على الروايتين فميا بان الآدمي هل هو نجس أو طاهر ؟ إن قلنا هو نجس لزمته إزالتها ما لم يخف الضرر بإزالتها كما لو جبر عظمه بعظم نجس ، وإن قلنا بطهارتها لم تلزمه إزالتها وهذا اختيار أبي بكر وقول عطاء بن أبي رباح وعطاء الخراساني وهو الصحيح لأ نّه جزء آدمي طاهر في حياته وموته فكان طاهراً كحالة اتصاله ، فأمّا إن قطع بعض اذنه فالتصق لم تلزمه إبانتها لأ نّها طاهرة على الروايتين جميعاً لأ نّها لم تصر ميتة لعدم إبانتها ولا قصاص فيها ، قاله القاضي وهو مذهب الشافعي لأ نّه لا يمكن المماثلة في المقطوع منها.
وفي المهذّب في فقه الشافعي (2 : 179) : (فصل) وتؤخذ الاذن بالاذن لقوله عزّ وجلّ ( والاذن بالاذن ) ولأ نّه يمكن استيفاء القصاص فيه لانتهائه إلى حدّ فاصل ، وتؤخذ اذن السميع باذن الأصمّ واُذن الأصمّ باذن السميع لأ نّهما متساويان في السلامة من النقص وعدم السمع نقص في غيره ، ويؤخذ الصحيح بالمثقوب والمثقوب بالصحيح لأنّ الثقب ليس بنقص وإنّما تثقب للزينة ويؤخذ البعض بالبعض على ما ذكرناه في الأنف . ولا يؤخذ صحيح بمخزوم لأ نّه يأخذ أكثر من حقّه ، ويؤخذ المخزوم بالصحيح ويؤخذ معه من الدية بقدر ما سقط منه وهل يؤخذ غير المستشحف بالمستشحف فيه قولان : أحدهما أ نّه لا يؤخذ كما لا تؤخذ اليد الصحيحة بالشلاّء . والثاني : يؤخذ لأ نّهما متساويان في المنفعة بخلاف اليد الشلاّء فإنّها لا تساوي الصحيحة في المنفعة.
وقال : فإن قطع بعض اذنه وألصقه المقطوع فالتصق لم يجب القصاص لأ نّه لا يمكن المماثلة فيما قطع منه ، وإن قطع اُذنه حتّى جعلها معلّقة على خدّه وجب القصاص لأنّ المماثلة فيه ممكنة بأن يقطع اذنه حتّى تصير معلّقة على خدّه ، وإن أبان اذنه فأخذه المقطوع وألصقه فالتصق لم يسقط القصاص لأنّ القصاص يجب بالإبانة وما حصل من الإلصاق ولا حكم له ، لأ نّه يجب إزالته ولا تجوز الصلاة معه ، وإن قطع اُذنه فاقتصّ منه ، وأخذ الجاني اُذنه فألصقه فالتصق لم يكن للمجني عليه أن يطالبه بقطعه لأ نّه اقتصّ منه بالإبانة ، وما فعله من الإلصاق لا حكم له لأ نّه يستحقّ إزالته للصلاة ، وذلك إلى السلطان وإن قطع اذنه فقطع المجني عليه بعض اذن الجاني فألصقه الجاني فالتصق ، فللمجني عليه أن يعود فيقطعه لأ نّه يستحقّ الإبانة ، ولم يوجد ذلك.
[62]المائدة : 45.
[63]الجواهر (42 : 385) : (و) كذا الكلام في المنقوبة نقباً يلحق بالخرم والمقطوع بعضها إلاّ أ نّه (لو قيل : يقتصّ إذا ردّ دية الخرم كان حسناً) وفي كشف اللثام هو أشبه ، لعموم (الاُذن بالاُذن) قلت : مضافاً إلى ما سمعته سابقاً في خبر الحسن بن الحريش المشتمل على قضية ابن عباس ، وحينئذ فالمتّجه جريانه في جميع أمثال ذلك كما أشرنا إليه سابقاً ، إلاّ أنّ جملة من كلام الأصحاب ينافي ذلك في كثير من الأفراد ، بل يمكن دعوى الإجماع منهم على خلافه ، ومن ذلك يعلم عدم خلوّ كلامهم عن الاضطراب ، فلاحظ وتأمّل ـ انتهى كلامه رفع الله مقامه ـ .
وفي اللمعة (10 : 85) : (وتقطع الاذن الصحيحة الصمّـاء) لأنّ السمع منفعة اُخرى خارجة عن نفس الاذن ، فليس الأمر كالذكر الصحيح والعنين ، حتّى لو قطع اذنه فإن زال سمعه فهما جنايتان ، نعم لا تؤخذ الصحيحة بالمخرومة ـ أي الذي قطع من اذنه شيء ـ بل يقتصّ إلى حدّ الخرم ، ويؤخذ حكومة الباقي ، أمّا الثقب فليس بمانع.
[64]الجواهر (42 : 385) : (و) كذا يثبت (في السنّ القصاص) في الجملة كتاباً وسنّةً وإجماعاً بقسميه ، والمراد به العظم المعروف ، ثمان وعشرون واحداً : اثنا عشر في مقاديم الفم وثنيتان من فوق وهما وسطها ، رباعيّتان خلفهما ، ونابان خلفهما ، ومثلها في أسفل ، والمآخير ستة عشر . وهي في كلّ جانب ضاحك وثلاثة أضراس ومثلها في أسفل ، فتكون المآخير اثنتا عشر ، هي وأربع ضواحك ، وزاد الشافعي أضراس العقل وهي النواجذ الأربعة ، فتكون اثنتي وثلاثين لكنّه ليست غالبة في العادة.
وفي تكملة المنهاج 2 : 170 ، مسألة 183 : يثبت القصاص في السنّ ، فلو قلع سنّ شخص فله قلع سنّه ـ لإطلاق الآية الكريمة ( السنّ بالسنّ ) ـ ولو عادت اتّفاقاً كما كانت ، فهل يكون له القصاص أو الدية ؟ فيه وجهان ، الأقرب فيه القصاص ـ خلافاً للمشهور ، بل في الجواهر بلا خلاف محقّق أجده فيه ، وعلى ذلك فإن تمّ إجماع في المسألة فهو ، ولكنّه غير تامّ ، فإذن : المرجع هو إطلاق الآية الكريمة ( السنّ بالسنّ ) وأمّا العود فلا يوجب سقوط القصاص ، لأ نّه هبة جديدة من الله تعالى ـ .
وفي تحرير الوسيلة 2 : 547 ، مسألة 33 ـ في السنّ قصاص بشرط تساوي المحلّ ، فلا يقلع ما في الفكّ الأعلى بما في الأسفل ولا العكس ، ولا ما في اليمين باليسار وبالعكس ، ولا يقلع الثنية بالرباعيّة أو الطاحن أو الناب أو الضاحك وبالعكس ، ولا تقلع الأصليّة بالزائدة ولا الزائدة بالأصليّة ، ولا الزائدة بالزائدة مع اختلاف المحلّ.
وفي كشف اللثام (2 : 478) : الفصل الثالث : في الأسنان ويثبت في السنّ وهو العضو المعروف المنقسم في العادة إلى ثمان وعشرون القصاص بالنصّ والإجماع بشرط التساوي في المحلّ وهو يستلزم التساوي اصالة وزيادة ، فلا يقلع ضرس أي طاحنة بسنّ غيرها وهذا معنى أخصّ قد يطلق عليه ، ولا بالعكس ولا ثنية برباعية أو ناب ... ولا رباعية مثلا من أعلى أو من الجانب الأيمن بمثلها من أسفل أو من الأيسر وإن فقد المماثل في الجاني ، ولا أصليّة بزائدة ولا بالعكس مع تغاير المحلّ.
وفي المسالك (2 : 383) : في قوله (وفي السنّ القصاص) السنّ ممّـا يثبت فيه القصاص عملا بالآية ، وإنّما يجب مع القلع أمّا مع الكسر فلا ، لما تقدّم من أ نّه لا قصاص في كسر العظام لأ نّه لا يمكن فيها المماثلة وربما احتمل ثبوته هنا إذا أمكن استيفاء المثل بلا زيادة ولا صدع في الباقي ، والفرق بينها وبين غيرها من العظام أ نّها عظم مشاهد من أكثر الجوانب ، ولأهل الصنعة آلات قطاعة يعتمد عليها في الضبط فلم يكن كسائر العظام ، ولمّـا كانت المماثلة معتبرة في القصاص لم تؤخذ الصحيحة بالمكسورة ويؤخذ المكسّر بالصحيحة مع قسط الذاهب من الأرش وتؤخذ الزيادة بالزائدة ولو لم يكن للجاني مثل تلك السنّ فلا قصاص واُخذت الدية ، فإن نبت بعد ذلك فلا قصاص أيضاً ، لأ نّها لم تكن موجودة يوم الجناية ولا نجسة كالاذن ، ثمّ إذا قلع سنّ غيره فذلك يفرض على وجوه ... والبحث مفصّل فراجع.
وفي اللمعة (10 : 86) : (وتقلع السنّ بالسنّ المماثلة) كالثنية بالثنية والرباعية بالرباعية والضرس به . وإنّما يقتصّ إذا لم تعد المجني عليها ، ويقضي أهل الخبرة بعودها (ولو عادت السنّ فلا قصاص) كما أ نّه لو قضى بعودها اُخّر إلى أن يمضي مدّة القضاء ، فإن لم تعد اقتصّ ، وإن عادت بعده ، لأ نّها حينئذ هبة جديدة ، وعلى هذا فيقتصّ وإن عادت على هذا الوجه لأ نّها ليست بدلا عادة ، بخلاف ما تقضي العادة بعودها ، ولو انعكس الفرض بأن عادت سنّ الجاني بخلاف العادة لم يكن للمجني عليه إزالتها ، لما ذكر (فإن عادت) السنّ المقضي بعودها عادة (متغيّرة فالحكومة) وهو الأرش لتفاوت ما بينهما صحيحة ومتغيّرة كما هي.
وفي إيضاح الفوائد (4 : 647) : الفصل الثالث في الأسنان : ويثبت في السنّ القصاص بشرط التساوي في المحلّ فلا يقلع ضرس بسنّ ولا بالعكس ولا ثنية برباعية أو ناب أو ضاحكة ولا بالعكس ولا رباعية من أعلى أو من الجانب الأيمن بمثلها من أسفلها ومن الجانب الأيسر ولا أصلية بزائدة ولا بالعكس مع تغاير المحلّ ولا زائدة بزائدة مع تغاير المحلّ ، ولو قلع سنّ مثغر وهو من سقطعت سنه ونبت بدله مع سنخه وهو أصله الذي يكون بين اللحم وجب القصاص وكذا لو كسر الطاهر لكن لا يضرب بما يكسره ، لإمكان التفاوت بل يقلع بحديدة وكذا لو كسر البعض ولو حكم أهل الخبرة بعوده لم يقتصّ إلى أن تمضي مدّة اليأس ولو عادت قبل القصاص ناقصة أو متغيّرة ففيها الحكومة ، وإن عادت كاملة قيل لا قصاص ولا دية والأقرب الأرش ـ قال فخر المحقّقين : (قيل) إشارة إلى قول ابن البرّاج ووجه القرب أنّ الجناية اقتضت نقصاً في المجني عليه فلا تهدر جنايته ـ قال العلاّمة (قدس سره) : ولو اقتصّ فعاد سنّ المجني عليه لم يغر سنّ الجاني ، لأ نّها نعمة متجدّدة من الله تعالى ، ويلزم منه وجوب القصاص ، وإن عادت ، ولو عادت سنّ الجاني لم يكن للمجني عليه إزالتها إن قلنا أ نّها هبة ، وإن قلنا أ نّها بدل الفائت فكذلك لزيادة الألم ، إلاّ أ نّه لا يكون المجني عليه مستوفياً لحقّه لأنّ سنّه مضمونة بالدية ، وسنّ الجاني غير مضمونة بالدية لأ نّها في الحكم كسنّ الطفل فينقص الحكومة عن دية سن ويغرم الباقي ، ولو عاد سنّ المجني عليه بعد القصاص فقلعه ثانياً ، فإن قلنا أ نّها هبة فعليه ديتها إذ مثل لها فيه وإن قلنا أ نّها بدل فالمقلوعة أوّلا كسنّ الطفل ، فيثبت لكلّ منهما دية على صاحبه ، ويتقاصّان ، وعلى الجاني حكومة ، ولو كان غير مثغر انتظر سنة ، فإن عادت ففيها الحكومة وإلاّ فالقصاص . وقيل في سنّ الصبيّ بعير مطلقاً ، فإن مات قبل اليأس من عودها فالأرش ، ولو عاد مايلا عن محلّه أو متغيّر اللون ، فعليه حكومة عن الاُولى وعن نقص الثانية ، ولو قلع زائدة وله مثلها في محلّها اقتصّ منه وإلاّ فالحكومة.
وفي الوسيلة (الصفحة 448) : كسرة الأسنان لم تخل : إمّا كانت زائدة أو أصلية ، فإن كانت زائدة وللجاني مثلها ففيها القصاص أو الدية وديتها ثلث دية الأصلية ، وإن لم يكن له مثلها ففيه الأرش ، وإن كانت أصلية وكانت سنّ صغير وجب لكلّ سنّ بعير ، وإن قطع سنّ كبير كان فيها القصاص أو الأرش ، فإن اقتصّ ورجع كلاهما أو لم يرجعا لم يكن لأحدهما على الآخر سبيل ، وإن رجع سنّ الجاني كان للمجني عليه قلعه ، وإن رجع سنّ المجني عليه لم يكن للجاني عليه سبيل . ولا تقلع الكاملة بالناقصة ... وإذا قلع جميع الأسنان ففيها القصاص أو دية النفس ... وللبحث صلة فراجع.
وفي المهذّب (2 : 483) : وفي الأسنان القصاص ، فإن قلع سنّاً وكان سنّ متغيّر لم يكن فيها قصاص في الحال ولا دية لأ نّها ممّـا يرجى رجوعه ، وينبغي للمجني عليه أن يصبر حتّى يسقط أسنانه التي هي أسنان اللبن ويعود ، فإذا سقطت وعادت ولم تعد المقلوعة سئل أهل الخبرة فإن ذكروا أ نّها لا يُؤيس من رجوعها إلى وقت كذا وكذا فينبغي أن يصبر إلى ذلك الوقت ، فإن لم تعد ، علم أ نّه قد اُعدم إنباتها ، وآيس من عودها وكان المجني عليه حينئذ مخيّراً بين القصاص وبين العفو على مال ، ويأخذ دية سنّ كما لو قلع سنّ مثغر والمثغر هو الذي قد سقطت أسنان اللبن من ثغره ونبت موضعها غيرها . فإن عادت السنّ في الوقت الذي ذكره أهل الخبرة أو مع عودة الأسنان وكانت متغيّرة سوداء أو خضراء أو صفراء فالظاهر أ نّه من فعله فيكون عليه حكومة ، وإن رجعت كما كانت سالمة من التغيّر والنقصان لم يكن فيها قصاص ولا دية ـ فإن مات قبل الاياس من رجوعها لم يكن فيها قصاص ، لأنّ الحدود تدرأ بالشبهات ، والشبهة ها هنا أنّا لا نعلم رجوعها ، فأمّا الدية فلازمة ، لأنّ القلع قد علم والقود متوهّم ، ولا يسقط حقّه بأمر متوهّم.
وفي المبسوط (7 : 97) : ويجري القصاص في الأسنان لقوله تعالى ( والسنّ بالسنّ ) ومتى قلع سنّاً لم يخل من أحد أمرين إمّا أن يكون سنّ مثغر أو غير مثغر ، فإن كان سنّ غير مثغر فلا قصاص في الحال ولا دية لأ نّه يرجى عودها ، فهو كما لو نتف شعره ، فإنّه لا شيء عليه في الحال لأ نّه يرجى عوده ويصبر المجني عليه حتّى يساقط أسنانه التي هي أسنان اللبن وتعود . فإذا سقطت وعادت لم يخل المقلوعة من أحد أمرين إمّا أن تعود أو لا تعود فإن لم تعد سئل أهل الخبرة فإن قالوا لا يؤيس من عودها إلى كذا وكذا من الزمان صبر ذلك القدر ، فإن لم تعد علم أ نّه قد اُعدم إنباتها وأيس من عودها فالمجني عليه بالخيار بين القصاص وبين العفو على مال وأخذ دية سنّ ، كما لو قلع سنّ من قد أثغر والمثغر هو الغلام الذي قد اُسقطت سنّ اللبن ونبتت مكانها يقال أثغر الغلام واثغر يثغر لغتان . وأمّا إن عادت السنّ في هذا الوقت أو مع عود الأسنان نظرت فإن عادت أقصر من غيرها ، كان الظاهر أنّ القصر لأجل القلع فعليه من الدية بقدر ما نقصت بحساب ذلك ، فإن عادت تامّة غير قصيرة نظرت فإن عادت متغيّرة صفراء أو خضراء أو سوداء فالظاهر أ نّه من فعله فعليه حكومة ، وإن عادت كالتي كانت من غير تغيّر ولا نقصان فلا دية فيها ولا قصاص ... وللبحث صلة.
ثمّ يتعرّض لسنّ المثغر قائلا : وأمّا إن قلع سن مثغر نظرت ، فإن قال أهل الخبرة هذه لا تعود أبداً فالمجني عليه بالخيار بين القصاص والعفو وإن قالوا لا يرجى عودها إلى كذا وكذا ، فإن عادت وإلاّ فلا تعود لم يكن للمجني عليه قصاص ولا دية كما قلنا في سن غير المثغر ثمّ ينظر فيه فإن لم تعد إلى ذلك الوقت كان المجني عليه بالخيار بين القصاص أو الدية وأمّا إن عادت هذه السنّ نظرت فإن عادت قبل الإياس من عودها فهي كسن غير المثغر وقد مضى ، وإن عادت بعد الإياس من عودها إمّا بعد المدّة المحدودة أو قبل المدّة وقد قالوا أ نّها لا تعود أبداً ، فهل هذه العايدة هي الاُولى أو هبة مجدّدة من عند الله ؟ قال قوم هي تلك المقلوعة كما قلنا في سن غير المثغر أو إذا لطمه أو جنا على رأسه فذهب ضوء عينيه ثمّ عاد : إنّ هذا هو الأوّل وقال آخرون : هذه هبة مجدّدة من عند الله تعالى لأنّ العادة ما جرت بعود سن المثغر بعد قلعها والإياس من عودها ، فإذا عادت علمنا أ نّه هبة مجدّدة من عند الله ...
ثمّ للمصنّف (قدس سره) بحث مفصّل في هذا المقام ، فإذا أردت التفصيل فراجع.
وفي كتب العامّة : جاء في (الفقه على المذاهب الأربعة 5 : 345) : فإذا ضرب رجل رجلا حتّى سقطت أسنانه كلّها وكان الضرب خطأ فإنّه يجب عليه دية وثلاثة أخماس الدية وهي من الدراهم ستّة عشر ألف درهم ، وليس في البدن جنس عضو يجب بتفويته أكثر من مقدار الدية سوى الأسنان ، فإن كان الضرب عمداً وجب القصاص على الجاني حيث يمكن المماثلة وسواء قلعت السنّ من أصلها أو لم يبقَ إلاّ المغيب في اللحم وسواء بعد أان كانت السنّ بيضاء فصارت بالجناية عليها سوداء لأ نّه أذهب جمالها ، ولها إذا اسودّت ثمّ انقلعت أو تغيّرت بحمرة أو صفرة بعد بياضها أن كانت الحمرة والصفرة في العرف كالسوداء في ذهاب جمالها وفي قلع سنّ المرأة الحرّة المسلمة بعيران ونصف ولذمّي بعير وثلثان ولمجوسي ثلث بعير ولرقيق نصف عشر قيمته وهكذا ، ومن ضرب عضواً فأذهب منفعته ففيه دية كاملة ، كاليد إذا شلّت ، والعين إذا ذهب ضوؤها لأنّ المتعلّق تفويت جنس المنفعة ، لا فوات الصورة ...
وفي الصفحة 349 قال : قالوا : وفي السنّ يجب القصاص لقوله تعالى ( والسنّ بالسنّ ) وإن كان سنّ من يقتصّ منه أكبر من سنّ الآخر ، لأنّ منفعة السنّ لا تتفاوت بالصغر والكبر ولا قصاص في عظم إلاّ في السنّ ...
وفي المغني (9 : 433) : (مسئلة) قال ( والسنّ بالسنّ ) أجمع أهل العلم على القصاص في السنّ للآية وحديث الربيع ، ولأنّ القصاص فيها ممكن لأ نّها محدودة في نفسها فوجب فيها القصاص كالعين ، وتؤخذ الصحيحة بالصحيحة ، وتؤخذ المكسورة بالصحيحة لأ نّه يأخذ بعض حقّه وهل يأخذ مع القصاص أرش الباقي ؟ فيه وجهان ذكرناهما فيما مضى (فصل) ولا يقتصّ إلاّ من سنّ من أثغر أي سقطت رواضعه ثمّ نبتت ، يقال لمن سقطت رواضعه ثغر فهو مثغور ، فإذا نبتت قيل أثغر وأتغر نعتان ، وإن قلع سنّ من لم يثغر لم يقتصّ من الجاني في الحال وهذا قول مالك والشافعي وأصحاب الرأي لأ نّها تعود بحكم العادة فلا يقتصّ منها كالشعر ، ثمّ إن عاد بدل السنّ في محلّها مثلها على صفتها فلا شيء على الجاني كما لو قلع شعرة ثمّ نبتت ، وإن عادت مائلة عن محلّها أو متغيّرة عن صفتها كان عليه حكومة لأ نّها لو لم تعد ضمن السنّ فإذا عادت ناقصة ضمن ما نقص منها بالحساب ففي ثلثها ثلث ديتها وفي ربعها ربعها وعلى هذا وإن عادت والدم يسيل ففيها حكومة لأ نّه نقص حصل بفعله ، وإن مضى زمن عودها ولم تعد سئل أهل العلم بالطبّ فإن قالوا قد يئس من عودها فالمجني عليها بالخيار بين القصاص أو دية السنّ فإن مات المجني عليه قبل الإياس من عودها فلا قصاص لأنّ الاستحقاق له غير متحقّق فيكون ذلك شبهة في درئه ، وتجب الدية لأنّ القلع موجود والعود مشكوك فيه . وللبحث صلة فراجع.
وفي البخاري (6 : 2526) : باب السنّ بالسنّ ... عن أنس أنّ ابنة النضر لطمت جارية فكسرت ثنيتها فأتوا النبيّ (صلى الله عليه وآله) فأمر بالقصاص.
وفي المهذّب في فقه الشافعي (2 : 180) : (فصل) ويؤخذ السنّ بالسنّ لقوله تعالى : ( والسنّ بالسنّ ) ولما رويناه في أوّل الباب في حديث الربيع بنت النضر بن أنس ولأ نّه محدود في نفسه يمكن القصاص فيه ، فوجب فيه القصاص ولا يؤخذ سنّ صحيح بسنّ مكسور ، لأ نّه يأخذ أكثر من حقّه ، ويؤخذ المسكور بالصحيح ويؤخذ معه من الدية بقدر ما انكسر منه لما ذكرناه في الأنف والاذن ، ويؤخذ الزائد إذا اتّفق محلّهما لأ نّهما متساويان ، وإن قلع سنّاً زائدة وليس للجاني مثلها وجبت عليه الحكومة لأ نّه تعذّر المثل فوجب البدل ... ويذكر المصنّف فروع ، فراجع.
[65]الجواهر (42 : 386) : وعلى كلّ حال (وإن كانت) المقلوعة (سنّ مثغر) ـ وهو من سقط سنّه من أصله الذي يكون مدفوناً في اللحم ـ وجب القصاص بلا خلاف ولا إشكال ضرورة اندراجه بعدم اعتياد عوده في ما دلّ على ذلك كتاباً وسنّةً وإجماعاً بقسميه ، بل الظاهر ثبوته في كسر الظاهر منه وإن كان لا قصاص في كسر غيره من العظام ، لعدم إمكان المماثلة ، إلاّ أ نّه لمّـا كان مشاهداً من أكثر جوانبه أمكن حصول المماثلة فيه ، نعم لا يضرب بما يكسره ، لإمكان التفاوت بين الضربين وأداء هذا الضرب إلى انقلاع الأصل أو ضعفه ، ولكن يقطع بآلة حادّة على وجه لا يحصل ذلك ، فإنّ لأهل الصنعة آلات صالحة لذلك ، بل وكذا لو كسر البعض.
ولو حكم أهل الخبرة بعوده لم يقتصّ إلى أن تمضي مدّة يحصل معها اليأس كما صرّح به جماعة ، بل عن ظاهر المبسوط وغاية المراد عدم الخلاف فيه ، فإن لم تعد ثبت القصاص حينئذ ـ وللحديث صلة فراجع ـ .
[66]الجواهر 42 : (أمّا سنّ الصبيّ) الذي لم يثغر (فـ) ـلا خلاف في أ نّه (ينتظر بها) فإن عادت ففيها الحكومة (بلا خلاف أجده فيه أيضاً) بل عن الخلاف والسرائر الإجماع عليه ، وقال أحدهما (عليهما السلام) في مرسل جميل (في سنّ الصبيّ يضربها الرجل فتسقط ثمّ تنبت قال : ليس عليه القصاص ، وعليه الأرش) . والمراد بها كما عن جماعة تفاوت ما بين كونه فاقد السنّ زمن ذهابها وواجدها لو كان عبداً . لكن عن المبسوط أنّ المراد بها حكومة الجرح وإسالة الدم ... قلت : هو قريب ممّـا ذكرناه سابقاً إلاّ أنّ المتّجه هنا ـ لإطلاق النصّ والفتوى ـ ثبوته مع فرض تحقّقه لو كان المجني عليه عبداً ، أمّا مع فرض عدمه فيتّجه عدم ثبوت غير التغرير عليه والله العالم . (وإن لا) تعدّ أصلا (كان فيها القصاص) عند المشهور بين الأصحاب كما اعترف به غير واحد ، بل لا أجد فيه خلافاً محقّقاً وإن حكى في المسالك قوله بالعدم ، لأنّ سنّ الصبيّ فضلة في الأصل نازلة منزلة الشعر الذي ينبت مرّة بعد اُخرى . (و) سنّ البالغ أصليّة فلا تكون مماثلة لها ، إلاّ أ نّه لم يعرف القائل به ، نعم (قيل) عن المهذّب والغنية والكافي والوسيلة والإصباح وديات المبسوط (في سنّ الصبي بعيد مطلقاً) بل عن الأخير هذا الذي رواه أصحابنا ولم يفصّلوا ، بل عن ظاهر الغنية الإجماع عليه ، وفي محكيّ المختلف عليه عمل الأكثر مفسّراً عدم التفصيل في المبسوط بالقود وعدمه ، واختاره لخبري مسمع والسكوني ... إلاّ أ نّهما ضعيفان ولا جابر لهما محقّق ، بل لعلّ الموهن متحقّق في صورة اليأس من العود ، لما عرفت من الشهرة على ثبوت القصاص ، بل وفي صورة العود التي قد عرفت حكاية الإجماع عليها على الحكومة . ـ والمصنّف هنا يذكر النزاع بين صاحب السرائر والعلاّمة في المختلف فراجع ـ .
وفي تكملة المنهاج 2 : 170 ، مسألة 184 : لا قصاص في سنّ الصبيّ الذي لم يثغر إذا عادت وفيها الدية ـ إمّا عدم القصاص فهو المعروف المشهور بين الأصحاب . وفي الجواهر بلا خلاف أجده فيه ، بل في كلمات بعضهم دعوى الإجماع عليه ، وذلك لانصراف إطلاق الآية الكريمة عن مثل ذلك نظراً إلى أنّ عودها يكشف عن أ نّها ليست سنّاً أصليّة ، بل هي فضلة ، فلا تكون مشمولة له ، ويؤيّد ذلك ما ورد من أنّ القصاص لأجل الشين ، ولا شين في المقام . ومرسلة جميل عن بعض أصحابه عن أحدهما (عليه السلام) أ نّه قال : في سنّ الصبيّ يضربها الرجل فتسقط ثمّ تنبت قال : ليس عليه قصاص وعليه الأرش) وأمّا ثبوت الدية فلإطلاق الأدلّة ، وأمّا ما هو المشهور بين الأصحاب بل ادّعي عليه الإجماع من أنّ الأمر في هذه الصورة الحكومة دون الدية ، أي كما أ نّه لا قصاص هنا لا دية أيضاً ، مستدلا على ذلك بمرسلة جميل ، ففيه أ نّه إن تمّ الإجماع على ذلك فهو ، ولكنّه غير تامّ ، فإذن لا يمكن رفع اليد عن إطلاقات الأدلّة ، وأمّا مرسلة جميل فهي ـ مضافاً إلى ضعفها سنداً ـ لا تدلّ على الحكومة ، وإنّما تدلّ على ثبوت الأرش الصادق على الدية أيضاً ـ وإن لم تعد أصلا ففيها القصاص على المشهور وفيه إشكال بل منع ـ قال في الجواهر : لا أجد فيه خلافاً محقّقاً . واستدلّ على ذلك بإطلاق الآية الكريمة ( السنّ بالسنّ ) نظراً إلى أنّ عدم عودها يكشف عن أ نّها كانت سنّاً أصليّة ، فتكون مشمولة له . وأمّا ما ذهب إليه جماعة من أنّ في قلع سنّ الصبيّ الذي لم يثغر بعير مطلقاً مستدلّين على ذلك بما رواه الشيخ بإسناده عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله (عليه السلام) (إنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) قضى في سنّ الصبيّ إذا لم يثغر ببعير) ومنها رواية مسمع فلا يمكن المساعدة عليه أوّلا : لضعفهما سنداً ، فإنّ طريق الشيخ إلى النوفلي ضعيف بأبي المفضل وابن بطة ورواية مسمع بسهل بن زياد وابن شمون والأصمّ . وثانياً : إنّهما لا تدلاّن على نفي القصاص في صورة عدم العود أصلا لأ نّهما ناظرتان إلى بيان الدية ، ولا نظر لهما إلى القصاص لا نفياً ولا إثباتاً ، فإذن لا مناص من الالتزام بالتفصيل المذكور من ناحية ، والتزام كون الدية في صورة العود أيضاً دية السنّ من ناحية اُخرى ، هذا ولكن قد تقدّم قوله (عليه السلام) في صحيحة أبي بصير (لا قود لمن لا يقاد منه) ومقتضاه عدم القصاص في الجناية على الصغير ثبوت الدية مطلقاً ـ .
وفي تحرير الوسيلة 2 : 547 ، مسألة 34 ـ لو كانت المقلوعة سنّ مثغر أي أصلي نبت بعد سقوط أسنان الرضاع ففيها القصاص ، وهل في كسرها القصاص أو الدية والأرش ؟ وجهان الأقرب الأوّل ، لكن لا بدّ في الاقتصاص كسرها بما يحصل به المماثلة كالآلات الحديثة ، ولا يضرب بما يكسرها لعدم حصولها نوعاً.
مسألة 37 ـ لو قلع سن الصبي ينتظر به مدّة جرت العادة بالإنبات فيها ، فإن عادت ففيها الأرش على قول معروف ، ولا يبعد أن يكون في كلّ سنّ منه بعير ، وإن لم تعد ففيها القصاص.
وهنا مسألتان لا بأس بذكرهما :
مسألة 35 ـ لو عادت المقلوعة قبل القصاص فهل يسقط القصاص أم لا ؟ الأشبه الثاني ، والمشهور الأوّل ، ولا محيص عن الاحتياط بعدم القصاص ، فحينئذ لو كان العائدة ناقصة متغيّرة ففيها الحكومة ، وإن عادت كما كانت ، فلا شيء غير التعزير مع حصول نقص ، ففيه الأرش.
مسألة 36 ـ لو عادت بعد القصاص فعليه غرامتها للجاني بناءً على سقوط القصاص إلاّ مع عود سنّ الجاني أياً ، وتستعاد الدية لو أخذها صلحاً ، ولو اقتصّ وعادت سنّ الجاني ليس للمجني عليه إزالتها ، ولو عادت سنّ المجني عليه ليس للجاني إزالتها.
وفي جامع المدارك (7 : 277) : (وسنّ الصبي ينتظر به ، فإن عادت ففيها الأرش وإلاّ كان فيها القصاص) المعروف عدم القصاص في سنّ الصبي الذي لم يثغر وقد يوجّه بانصراف إطلاق الآية الكريمة عن مثل ذلك نظراً إلى أنّ عودها يكشف عن أ نّها ليست سنّاً أصليّاً ، بل هي فضلة فلا تكون مشمولا له ، ويؤيّد ذلك ما ورد من أنّ القصاص لأجل الشين ولا شين في المقام ، ومرسلة جميل عن بعض أصحابه عن أحدهما (عليهما السلام)(الكافي 7 : 320 برقم 8) ويمكن أن يقال : ما ذكر من التوجيه يشكل فإنّ العود لا يكشف عمّـا ذكر فلعلّ وجه الثبوت والسقوط والعود من جهة المناسبة مع حال الصبي واحتياج الصبي في الحالة الاُولى إلى سنّ ويكون السنّ أصليّة ، وفي الحالة الاُخرى إلى سنّ اُخرى ، ومجرّد العود بعد السقوط لا تدلّ على عدم كونها أصليّة فإنّ شعر الرأس واللحية يعود . وما ذكر من أنّ القصاص لأجل الشين قد سبق الكلام فيه ، هذا كلّه مع العود . وأمّا مع عدم العود فالمشهور أنّ فيها القصاص لاستكشاف كونها أصليّة ، واستدلّ عليه بإطلاق الآية الكريمة ففيها ( السنّ بالسنّ )ونوقش بما سبق من صحيحة أبي بصير (لا قود لمن لا يقاد منه) وقد استدلّ بهذه الصحيحة على عدم القصاص لو قتل الرجل صبيّاً مع التساوي في الإسلام والحرية ، لأ نّه لو باشر القتل الصبي بالنسبة إلى الرجل لا قود عليه ، لأنّ عمد الصبيّ خطأ ، واستشكل هناك بالنقض بما لو قتل الرجل متعمّداً الرجل النائم مع التساوي في الإسلام والحرّية ولا أظنّ أن يلتزم به فلا بدّ من حمل الكلام على المورد الخاصّ المذكور في الصحيحة ، وقد ذكر بعض الأعلام أ نّه مع وجود القدر المتيقّن في مقام التخاطب لا يؤخذ بإطلاقه.
وفي رياض المسائل (2 : 527) : (وسنّ الصبيّ) إذا جنى عليها عمداً (ينتظر به) مدّة جرت العادة بالإنبات فيها ، وفي كتب ضلّ سنة ، واستغربه جماعة منهم الشهيد فقال : فإنّي لم أقف عليه في كتب أحد من الأصحاب مع كثرة تصفّحي لها ككتب الشيخين وابن البرّاج وابن حمزة وابن إدريس وابني سعيد وغيرهم من القائلين بالأرش مع العود وابن الجنيد ومن تبعه من القائلين بالبعير مطلقاً ، ولا في رواياتهم ولا سمعته من الفضلاء الذين لقيتهم ، بل الجميع أطلقوا الانتظار بها أو قيد بنبات بقيّة أسنانه بعد سقوطها ، وهو الوجه لأ نّه ربما قلع سنّ ابن أربع سنين والعادة قاضية بأ نّها لا تنبت إلاّ بعد مدّة تزيد على السنة قطعاً وإنّما هذا شيء اختصّ به المصنّف قدّس روحه فيما علمته في جميع كتبه التي وقفت عليها ، حتّى أ نّه في الشرائع علّله بأ نّه الغالب ولا أعلم وجه ما قاله ، وهو أعلم بما قال ، نعم في رواية أحمد بن محمّد عن ابن محبوب عن عبد الله ابن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : السنّ إذا ضربت انتظر بها سنة فإن وقعت اُغرم العارم خمسمائة درهم ، وإن لم يقع واسودّت اُغرم ثلثي الدية وهذه وإن كانت صحيحة إلاّ أ نّها لا تدلّ على المطلوب إذ موضوعها سنّ ضربت ولم تسقط ، قال ويمكن أن يعتذر له بأنّ المراد به إذا قلعها في وقت تسقط أسنانه فيه ، فإنّه ينتظر سنة ولا ريب أنّ هذا إذ ذاك غالب ، انتهى ما ذكره ولنعم ما أفاده إلاّ أنّ ما ذكره كباقي الجماعة من أ نّهم لم يجدوا ذلك في كتب أحد من الأصحاب غريب فقد ذكره الماتن في الشرائع أيضاً اللهمّ إلاّ أن يكون قراؤه سنّة بتشديد النون وإضافة الظاهر ـ أي لفظ السنّ ـ إلى المضمر كما احتمل في عبارة (ضل) أيضاً لكنّه بالنسبة إلى عبارته في القواعد في غاية البعد ، بل لا تقبله كما لا يخفى على من راجعه ، وكذا التعليل السابق المحكي عن التحرير وكيف ما كان (فإن عادت ففيها الأرش) والحكومة وهي التفاوت لو كان عبداً بين قيمته لو لم تسقط سنّه تلك المدّة وقيمته ، وقد سقطت فيها وفاقاً للمشهور على الظاهر المصرّح به في المسالك بل عليه الإجماع عن المختلف وفي السرائر وهو الحجّة مضافاً إلى المرسلة كالصحيحة في سنّ الصبي يضربها الرجل فتسقط ثمّ تنبت قال ليس عليه قصاص وعليه الأرش (وإلاّ) تعد وحصل اليأس من عودها ولو بإخبار أهل الخبرة (لكان فيها القصاص) نصّ جماعة بعموم الأدلّة ـ وللحديث صلة فراجع ـ .
وفي كشف اللثام (2 : 478) : ولو كان المجني عليه غير مثغر انتظر سنة قال الشهيد التقيّد بالسنة غريب جدّاً فإنّي لم أقف عليه في كتب أحد من الأصحاب مع كثرة تصفّحي لها ككتب الشيخين وابن البرّاج وابن حمزة وابن إدريس وابن سعيد وغيرهم ، من القائلين بالأرش مع العود وابن الجنيد ومن تبعه ولا في رواياتهم ولا سمعته من أحد من الفضلاء الذين لقيتهم بل الجميع أطلق الانتظار بها أو قيّد بنبات بقيّة أسنانه بعد سقوطها وهو الوجه لأ نّه ربما قلع سنّ ابن اربع سنين والعادة قاضية بأ نّها لا تنبت إلاّ بعد مدّة تزيد على السنة قطعاً وإنّما هذا شيء اختصّ به هذا المصنّف قدّس الله روحه فيما علمته في جميع كتبه التي وقفت عليها ، على أ نّه في التحرير علّله بأ نّه الغالب ولا أعلم وجه ما قاله وهو أعلم بما قال ، نعم في رواية أحمد بن محمّد عن ابن محبوب عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : السنّ إذا ضربت انتظر بها سنة فإن وقعت غرم الضارب خمس مائة درهم وإن لم يقع واسودّت اغرم ثلثي الدية وهذه وإن كانت صحيحة إلاّ أ نّها لا تدلّ على المطلوب إذ موضوعها سنّ ضُربت ولم يسقط ، قال : ويمكن أن يعتذر له بأنّ المراد به إذا قلعها في وقت يسقط أسنانه فيه كأ نّه ينتظر سنة ولا ريب أنّ هذا إدراك غالب انتهى . واحتمل في حاشية الكتاب أن يقرأ سنّه بتشديد النون وإضافة السنّ إلى الضمير ، وعلى الجملة ينتظر مدّة جرت العادة بالنبات فيها ، فإن عادت ففيها الحكومة ، كما في المقنعة والنهاية والخلاف والكامل والجامع والنافع والشرائع والسرائر وجراح المبسوط للاحتياط والإجماع كما في الخلاف والسرائر وللتحرّز عن إهدار الجناية ولقول أحدهما (عليهما السلام) في مرسل جميل في سنّ الصبي يضربها الرجل فيسقط ثمّ ينبت قال ليس عليه قصاص وعليه الأرش والحكومة وهي التفاوت ، وللبحث صلة وفروع ، فراجع.
وفي اللمعة (10 : 88) : (وينتظر بسنّ الصبي) الذي لم تسقط سنّه ونبت بدلها ، لقضاء العادة بعودها (فإن لم تعد) على خلاف العادة (ففيها القصاص وإلاّ فالحكومة) وهو أرش ما بين كونه فاقد السنّ زمن ذهابها وواحدها ولو عادت متغيّرة أو مائلة فعليه الحكومة الاُولى ونقص الثانية (ولو مات الصبيّ قبل اليأس من عودها فالأرش).
وفي السرائر (3 : 386) : ومن ضرب سنّ صبيّ فسقط انتظر به ، فإن نبتت لم يكن فيها قصاص وكان فيها الأرش ، ينظر فيما ينقص من قيمته بذلك وقت سقوطها أن لو كان مملوكاً ويعطى بحساب ذلك على الاعتبار الذي قدّمناه.
وفي المهذّب (2 : 484) : وإذا قلع سنّ مثغر سئل أهل الخبرة فإن ذكروا : أ نّها لا تعود أبداً كان المجني عليه مخيّراً بين القصاص والعفو ، فإن قالوا : لا يرجى رجوعها إلى كذا وكذا فإن عادت وإلاّ فلا يعود ، لم يكن فيها قصاص ولا دية إلى الحدّ الذي ذكره أهل الخبرة ، فإذا كان ذلك ولم يعد كان المجني عليه مخيّراً بين القصاص أو الدية ، وإن عادت وكان عودها قبل الإياس من عودها ، فهي مثل سنّ المثغر وقد تقدّم ذكر ذلك وإن كان عودها بعد الإياس من ذلك ـ إمّا بعد المدّة المحدودة أو قبلها وقد ذكروا أ نّها لا تعود أبداً ـ فإن كان المجني عليه قد أخذ الدية كان عليه ردّها ، لأنّ السنّ التي أخذ الدية عنها قد عادت وإن كان قد اقتصّ ، كان عليه دية سنّ الجاني التي أخذها قصاصاً وليس عليه قصاص في ذلك ، وقد ذكر خلاف قولنا هذا والاحتياط يتناول ما ذكرناه.
وفي الصفحة 186 قال : (فصل) وإن قلع سنّ صغير لم يثغر أو سنّ كبير قد أثغر وقال أهل الخبرة أ نّه يرجى أن ينبت إلى مدّة لم يقتصّ منه قبل الإياس من نباته ، لأ نّه لا يتحقّق الإتلاف فيه قبل الإياس كما لا يتحقّق إتلاف الشعر قبل الإياس من نباته ، فإن مات قبل الإياس لم يجب القصاص لأ نّه لم يتحقّق الإتلاف فلم يقتصّ مع الشكّ.
[67]الوسائل 19 : 132 ، باب 13 من أبواب قصاص الطرف ، الحديث 4 ـ وعن محمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن عاصم بن حميد عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : سألته عن السنّ والذراع يكسران عمداً لهما أرش ؟ أو قود ؟ فقال : قود . قال : قلت : فإن أضعفوا الدية ؟ قال : إن أرضوه بما شاء فهو له ، ورواه الصدوق بإسناده عن عاصم بن حميد . ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمّد والذي قبله بإسناده عن علي بن إبراهيم مثله.
أقول : وجدت من بين الروايات هذه الرواية تدلّ على المطلوب إجمالا ونقلها الكليني عن عاصم لا سهل بن زياد ، وعاصم هذا كما في نتائج التنقيح (برقم 6006) ثقة ، ولا بأس أن أذكر الروايات الاُخرى الواردة في سنّ الصبي بالخصوص ففي الوسائل 19 : 133 باب 14 من أبواب قصاص الطرف ، الحديث 2 ـ محمّد بن يعقوب عن محمّد ابن يحيى عن أحمد بن محمّد عن علي بن حديد وابن أبي عمير عن جميل بن درّاج عن بعض أصحابنا عن أحدهما (عليهما السلام) أ نّه قال في سنّ الصبي يضربها الرجل فتسقط ثمّ تنبت قال : ليس عليه قصاص وعليه الأرش قال علي : وسئل جميل كم الأرش في سنّ الصبي وكسر اليد ؟ قال : شيء يسير ولم يرون فيه شيئاً معلوماً . ورواه الشيخ بإسناده عن الحسين بن سعيد عن ابن أبي عمير وعلي بن حديد جميعاً عن جميل . ورواه الصدوق بإسناده عن جميل.
وفي الصفحة 258 ، باب 33 من أبواب ديات الأعضاء ، الحديث 1 ـ محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد عن ابن أبي عمير كما مرّ الخبر.
والحديث 2 ـ وبإسناده عن سهل بن زياد عن ابن شمون عن الأصمّ عن مسمع عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : إنّ عليّاً (عليه السلام) قضى في سنّ الصبي قبل أن يثغر بعيراً في كلّ سنّ.
3 ـ وبإسناده عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله (عليه السلام) : إنّ أمير المؤمنين (عليه السلام)قضى في سنّ الصبيّ إذا لم يثغر ببعير.
[68]الوسائل 19 : 224 ، باب 8 من أبواب ديات الأعضاء ، وفي الباب ستّ روايات ، 1 ـ محمّد بن يعقوب بأسانيده إلى كتاب ظريف عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال : وفي الأسنان في كلّ سنّ خمسون ديناراً ، والأسنان كلّها سواء ، وكان قبل ذلك يقضى في الثنية خمسون ديناراً ، وفي الرباعية أربعون ديناراً ، وفي الناب ثلاثون ديناراً ، وفي الضرس خمسة وعشرون ديناراً ، فإذا اسودّت السنّ إلى الحول ولم تسقط فديتها دية الساقطة خمسون ديناراً ، فإن انصدعت ولم تسقط فديتها خمسة وعشرون ديناراً وما انكسر منها من شيء فبحسابه من الخمسين ديناراً ، فإن سقطت بعد وهي سوداء فديتها ] خمسة وعشرون ديناراً ، فإن انصدعت وهي سوداء فديتها [ اثنا عشر ديناراً ونصف دينار ، فما انكسر منها من شيء فبحسابه من الخمسة والعشرين ديناراً ورواه الصدوق والشيخ كما مرّ.
2 ـ وعن محمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد عن ابن محبوب عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : الأسنان كلّها سوداء في كلّ سنّ خمسمائة درهم.
أقول : يأتي الوجه فيه ، ويحتمل التقيّة.
3 ـ وعنه عن أحمد عن علي بن الحكم أو غيره عن أبان عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : كان أمير المؤمنين يقول : إذا اسودّت الثنية حمل فيها ] ثلث [ الدية.
4 ـ وعنه عن أحمد عن ابن محوب عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : السنّ إذا ضربت انتظر بها سنة ، فإن وقعت اُغرم الضارب خمسمائة درهم ، وإن لم تقع واسودّت اُغرم ثلثي الدية.
5 ـ وعن عدّة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد الله عن عثمان بن عيسى عن سماعة قال : سألته عن الأسنان فقال : هي سواء في الدية.
6 ـ وعنهم عن سهل بن زياد عن محمد بن الحسن بن شمون عن عبد الله بن عبد الرحمن عن مسمع عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : إنّ عليّاً (عليه السلام) قضى في سنّ الصبي قبل أن يثغر بعيراً بعيراً في كلّ سنّ.
أقول : ويأتي ما يدلّ على ذلك وعلى الوجه في المساواة.
[69]الوسائل 19 : 224 ، باب 8 من أبواب ديات الأعضاء ، وقد ذكرنا الروايات ، وابن شمون هو محمّد بن الحسن بن شمون جاء في نتائج التنقيح (برقم 10548) ضعّفه النجاشي.
[70]الجواهر (42 : 393) : (و) على كلّ حال فـ (ـلو مات) الصبيّ المجني عليه (قبل اليأس من عودها قضى لوارثه بالأرش) كما في القواعد ومحكي التحرير والإرشاد ، وفي محكيّ المبسوط والمهذّب عليه الدية ، لأنّ القلع محقّق والعود متوهّم ، فلا يسقط حقّه بأمر متوهّم ، وظاهره إرادة الدية وفي كشف اللثام تفسير الأرش بها لا الحكومة ، كما في التنقيح الجزم به ، وكيف كان فقد أشكله في غاية المراد بتقابل أصل البراءة من جانب وأصل عدم العود من آخر.
قلت : لعلّ المتّجه ملاحظة الأرش بمعنى التفارق الملاحظ فيه غلبة العود ، وبذلك يتّجه إرادة الأرش من الدية لا العكس.
[71]الجواهر (42 : 394) : (ولو اقتصّ البالغ بالسنّ) من مثله (فعادت سنّ الجاني) دون المجني عليه (لم يكن للمجني عليه إزالتها) وفاقاً لابن إدريس والفاضل والشهيدين والأردبيلي على ما حكى عن بعضهم لا حسبة كما سمعته في الإذن (لأ نّها ليست بجنسه) ولا حقّاً بناء على أ نّها هبة من الله تعالى ، ضرورة كونه قد استوفى حقّه بالقصاص ، بل في القواعد وكشف اللثام (وبناءً على أ نّها بدل الفائت) لزيادة الألم وللشبهة لاحتمال أن تكون هبة مجدّدة ، إلاّ أ نّه لا يكون المجني مستوفياً لحقّه ، لأنّ سنّه مضمون بالدية ، لأ نّها لم تعد ، وسنّ الجاني غير مضمون بالدية ، لأ نّها في الحكم كسنّ طفل غير مثغر ففيها الحكومة ، فتنقص أي الحكومة عن دية سنّ ويغرم الباقي ، وزاد في الأخير (وإن أزالها المجني عليه الفائدة أيضاً كانت عليه ديتها) وله دية سنّه ، فيتقاصّان ، وعليه الحكومة لقلعه الأوّل الذي فعله بزعم القصاص) قلت : لعلّ المتّجه بناءً على أ نّها بدل الفائت القصاص فيها ، ضرورة تبيّن بطلان الاستيفاء الأوّل بظهور كونها سنّ غير مثغر ، فيقلعها حينئذ ، ويضمن الحكومة ولعلّه لذا قال في محكيّ الخلاف والمبسوط والوسيلة بأنّ له إزالتها أبداً ، بل في المبسوط أ نّه الذي يقتضيه مذهبنا ، بل في الأوّل أنّ عليه إجماع الفرقة وأخبارهم ، وإن قال في السرائر : (إنّه يضحك الثكلى يا سبحان الله من أجمع معه على ذلك ؟ ! وأيّ أخبار لهم فيه ؟ ! وإنّما أجمعنا في الاُذن لأ نّها ميتة لا تجوز الصلاة معها ، لأ نّه حامل نجاسة ولإجماعنا وتواتر أخبارنا ، فالتعدية إلى السنّ قياس ، وهو باطل عندنا ، ولأ نّه هبة مجدّدة من الله خلقة ليست تلك المقلوعة ، فكيف تُقلع أبداً ؟ ! وهذا منه إغفال في التصنيف ، فإنّه قد رجع عنه في المبسوط) ـ السرائر 3 : 387 ، طبع مؤسسة النشر الإسلامي ـ لكن في المختلف (هذا جهل منه وقلّة تأمّل وعدم تحصيل ، وذلك لقصور فهمه وشدّة جرأته على شيخنا وكثرة سوء أدبه مع قصوره أن يكون أقلّ تلاميذ شيخنا ، وقوله : قد رجع عن ذلك في مبسوطه افتراء عليه فإنّه قد نقل فيه ثلاثة أقوال وقال : إنّ هذا هو الذي يقتضيه مذهبنا) قلت : ويمكن أن يكون الشيخ قد أشار بالأخبار إلى ما سمعته في الاُذن من قول أمير المؤمنين (عليه السلام) : (إنّما يكون القصاص من أجل الشين) المصرّح في أنّ إزالتها لذلك لا لنجاستها ، بل وإلى ما ورد في سنّ غير المثغر التي أنبتت من عدم القصاص بها ، إذ ليس هو إلاّ لإنباتها ، فلا يقلع بها سنّ المثغر التي لم تعد في العادة إن قلعت وبنبات السنّ من المثغر في الفرض يظهر أ نّها بحكم غير المثغر وإن كان على خلاف العادة ، فلا تصلح أن يكون قصاصاً من سنّ المثغر ، وإلاّ لشرع القصاص لها بسنّ المثغر ، فالمتّجه حينئذ ما ذكره الشيخ ، وهو الموافق لما ذكرناه من مطاوي البحث ، والله العالم.
[72]الوسائل 19 : 225 ، باب 8 من أبواب ديات الأعضاء ، الحديث 4 ، وعنه عن أحمد عن ابن محبوب عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : السنّ إذا ضربت انتظر بها سنة ، فإن وقعت اُغرم الضارب خمسمائة درهم ، وإن لم تقع واسودّت اُغرم ثلثي الدية.
[73]مستدرك الوسائل 18 : 346 ، باب 8 من أبواب ديات الأعضاء ، الحديث 2 ـ فقه الرضا (عليه السلام) : (وروى إذا تغيّرت السنّ إلى السواد ديته ستّة دنانير ، وإذا تغيّرت إلى الحمرة فثلاثة دنانير ، وإذا تغيّرت إلى الخضرة فدينار ونصف.
[74]في تكملة المنهاج 2 : 172 ، مسألة 185 : لو اقتصّ المجني عليه من الجاني وقلع سنّه ، ثمّ عادت فليس له قلعها ـ وفاقاً لجماعة من الأعلام : منهم المحقّق الخراساني (قدس سره) ، وذلك لأ نّه هبة جديدة من الله تعالى ، فلا صلة لها بالسنّ المقلوعة . وما ورد من التعليل بأنّ القصاص لأجل الشين لا يشمل المقام ، لأ نّه يختصّ بما إذا اُرجع العضو المقطوع إلى أصله والتحم ، لا مثل المقام ، لأ نّها مخلوق آخر قد وهبها الله تعالى له.
وفي كشف اللثام (2 : 478) : ولو حكم أهل الخبرة بعوده إلى أمد لم يقتصّ إلى أن يمضي مدّة يحصل معها اليأس فلو عاد بعدها أو عاد مع حكم أهل الخبرة بعدم العود مطلقاً فهل هو عود للمقلوع أو هبة مجدّدة وجهان : من أ نّه كسنّ غير المثغر وكضوء العين إذا ذهب بجناية ثمّ عاد ، ومن الفرق بجريان العادة بعودها لغير المثغر وضوء العين لا يزول بل يحول دونه حائل وهو خيرة المبسوط والمختلف ولو عادت قبل القصاص قبل اليأس أو بعده وقلنا هي مقلوعة ناقصة أو متغيّرة ففيها الحكومة وإن عادت كاملة قيل في المهذّب لا قصاص ولا دية والأقرب أنّ له الأرش أي التفاوت بين حالتي سقوط سنّه في المدّة وبقائها لئلاّ يذهب الجناية هدراً ، ولو اقتصّ بعد اليأس فعاد سنّ المجني عليه قال الشيخ في الخلاف وديات المبسوط لم يغرم سن الجاني لأ نّها نعمة مجدّدة من الله تعالى وهو خيرة المختلف ويلزم منه وجوب القصاص له من الجاني وإن عادت قبله بعد الإياس وهو ظاهر وفي المهذّب إنّ عليه ردّ الدية ، ولو عادت سنّ الجاني دون المجني عليه بعد القصاص واليأس لم يكن للمجني عليه إزالتها إن قلنا إنّها هبة وهو خيرة السرائر ، فإن أزالها كان عليه ديتها ، وإن قلنا إنّه بدل الفائت فكذلك لزيادة الألم وللشبهة لاحتمال أن يكون هبة مجدّدة إلاّ أ نّه لا يكون المجني عليه مستوفياً لحقّه لأ نّه سنّة مضمونة بالدية لأ نّها لم تعُد ، وسن الجاني غير مضمونة بالدية لأ نّها في الحكم كسن طفل غير مثغر ففيها الحكومة ، فينقص الحكومة عن دية سن ويغرم الباقي ... وللبحث صلة وفروع فراجع.
[75]الجواهر (42 : 395) : (ويشترط في) قصاص (الأسنان) كغيره من الأعضاء (التساوي في المحلّ) حتّى بالنسبة إلى الأصالة والزيادة بلا خلاف أجده فيه ، بل ولا إشكال ، ضرورة توقّف صدق القصاص عليه فضلا عن الاعتداء والعقاب بالمثل (فلا يقلع سنّ بضرس) طاحنة (ولا بالعكس) ولا ثنية برباعيّة أو ناب أو ضاحك ولا بالعكس ، ولا رباعيّة مثلا من أعلى أو من الجانب الأيمن بمثلها من أسفل أو من الأيسر وإن فقد المماثل من الجاني كما عرفت ذلك في اليد.
وفي تكملة المنهاج 2 : 172 ، مسألة 186 : المشهور اشتراط التساوي في المحلّ والموضع في قصاص الأسنان ، ولكنّه لا يخلو من إشكال ، بل لا يبعد عدمه ـ وذلك لأ نّه إن تمّ إجماع على اعتبار التساوي في المحلّ والموضع فهو ، ولكنّه غير تامّ ، فإذن لا مانع من الرجوع إلى إطلاق قوله تعالى : ( السنّ بالسنّ ) غاية الأمر أ نّه نرفع اليد عن إطلاقه بالمقدار الذي يقتضيه مفهوم القصاص والاعتداء بالمثل . ومن المعلوم أ نّه لا يقتضي أزيد من التماثل بين السنين ، وإن تغاير موضعهما ومحلّهما ، كما إذا كان التغاير بالعليا والسفلى ، واليمنى واليسرى ، فيجوز قلع الضرس بالضرس ، والناب بالناب ، وإن كان موضع إحداهما غير موضع الاُخرى ، ثمّ لا يجوز قلع الناب بالضرس وبالعكس ، ولا قلع الناب بالثنية ونحو ذلك ، لفقد المماثلة التي يقتضيها مفهوم القصاص ، فالنتيجة أ نّه لا دليل على اعتبار التساوي في المحلّ والموضع ، وإنّما العبرة بما ذكرناه ، ومن هنا يظهر أنّ ما ذكره المحقّق الأردبيلي من تقييد جواز القصاص بالسنّ مطلقاً بعدم المثل لا وجه له . وذلك لأ نّا إن أخذنا بإطلاق الآية الكريمة ، فلا موجب للتقييد ، وإن لم نأخذ به ـ كما هو الصحيح ـ لم يجز القصاص مع عدم المثل أيضاً ـ .
وفي اللمعة (10 : 88) : (ولا تقلع سنّ بضرس) ولا ثنية برباعية ، ولا بناب (ولا بالعكس) وكذا يعتبر العلوّ والسفل واليمين واليسار وغيرها من الاعتبارات المماثلة (ولا أصلية بزائدة ولا زائدة بزائدة مع تغاير المحلّ) بل الحكومة فيهما ، ولو اتّحد المحلّ قلعت (وكلّ عضو وجب القصاص فيه لو فقد انتقل إلى الدية) لأ نّها قيمة العضو حيث لا يمكن استيفاؤه.
[76]الجواهر (42 : 396) : (ولا أصلية بزائدة) قطعاً بل في القواعد ، ولا بالعكس مع تغاير المحلّ ، ومقتضاه جواز قلع الزائدة بالأصليّة مع اتّحاد المحلّ بأن تنبت مع الأصليّة من منبت واحد ، لأ نّه حينئذ أخذ الناقص بدل الكامل ، ولعلّه لذا ترك ذكر العكس في المتن بل وغيره ، وفي التفاوت ما عرفت سابقاً . ولكن في محكيّ التحرير (ولا بالعكس وإن اتّحد المحلّ) ولعلّه لعدم كفاية النبات من منبت واحد في اتّحاد المحلّ إلاّ أ نّه لا يخلو من منع) ضرورة شهادة العرف بتحقّق زائدة متّحدة المنبت مع الأصليّة على وجه تعدّ مساوية لها في المحلّ عرفاً ، فلا حاجة إلى ما قيل من تصويرها بأن تقلع الأصليّة ثمّ تنبت سنّ مكانها مع حكم أهل الخبرة بعدم العود وقلنا أ نّه هبة ، وفيه مع وضوح فساده أنّ مقتضى ذلك كون دية هذا السنّ ثلث دية الأصلية ، لأنّ الفرض كونها زائدة ، وذلك ديتها ، وهو مناف لما يظهر منهم أنّ دية النابتة دية الأصليّة ، فليس حينئذ إلاّ ما ذكرناه ، ومع فرض عدم تحقّق ذلك فالمتّجه ما سمعته من التحرير ، والله العالم (وكذا لا تقلع زائدة بزائدة مع تغاير المحلّين) بلا خلاف ولا إشكال فيه كالقصاص فيها مع الاتّحاد للعموم.
وفي تكملة المنهاج 2 : 173 ، مسألة 187 : لا تقلع السنّ الأصليّة بالزائدة ـ وذلك لاعتبار المماثلة في القصاص كما عرفت ، والمفروض عدم المماثلة بين السنّ الأصليّة والزائدة ، فلا يجوز قلعها بها ، بل فيها الدية أو الأرش على ما سيأتي في محلّه ـ نعم لا يبعد جواز قلع الزائدة بالزائدة حتّى مع تغاير المحلّين ـ وذلك لصدق المماثلة بينهما ، ومن الواضح أنّ مفهوم القصاص لا يقتضي الاتّحاد بينهما في المحلّ ، وإنّما يقتضي كونهما متماثلتين ، وهو موجود . وعليه فإن تمّ إجماع على اعتبار الاتّحاد في المحلّ والموضع فهو ، ولكنّه غير تامّ ، فالأظهر ما ذكرناه ـ وكذلك الحال في الأصابع الأصليّة والزائدة ـ وقد ظهر وجه ذلك ممّـا تقدّم ـ .
وفي المهذّب (2 : 484) : والسنّ الزائدة ـ هي التي تكون خارجة من صفّ الأسنان وعن سمتها ، إمّا من خارج أو داخل الفم ـ فإذا جنى إنسان على ما هذه صفته ولم يكن له سن زائدة فليس في ذلك قصاص ، وعليه ثلث الدية للسن الأعلى فإن كان له سن زائدة في غير محلّ المقلوعة ، فليس في ذلك أيضاً قصاص ، لأ نّا لا نأخذ عضواً في محلّ بعوض في محلّ آخر ، ولا نأخذ الإصبع السبّابة بالإصبع الوسطى ـ وعليه ثلث دية السنّ الأصلي كما قدّمناه فإن كان للجاني سن زائدة في محلّها ، كان المجني عليه مخيّراً بين القصاص وبين العفو على مال ، فإن أراد القصاص فلا فرق بين أن يكونا سواء وبين أن يكون الواحد منهما أكثر من الاُخرى.
وفي المبسوط (7 : 100) : السن الزائدة ما خرجت عن سمت الأسنان وصفّ الأسنان إمّا خارجة عن الصفّ أو داخلة في جوف الفم ، فإذا قلعها قالع لم يخل من أحد أمرين إمّا أن يكون للجاني سن زائدة أو لا يكون فإن لم يكن له سن زائدة فلا قصاص ، وعليه حكومة لا يبلغ بها دية سن وعندنا يجب فيها ثلث دية السن الأصلي وإن كان للجاني سن زائدة فإن كانت في غير محلّ المقلوعة فلا قصاص أيضاً لأنّا لا نأخذ عضواً في محلّ بعضو في محلّ آخر كما لا نأخذ السبّابة بالوسطى ويكون عليه ثلث دية السن الأصلي عندنا وعندهم الحكومة . وإن كان للجاني سن زائدة في محلّها كان المجني عليه بالخيار بين أن يقتصّ منه وبين أن يعفو على مال وله ما ذكرناه ، فإن اختار القصاص فلا فصل بين أن يكونا سواء أو أحدهما أكبر من الآخر لاشتراكهما في الاسم.
[77]الجواهر (42 : 396) : (وكذا حكم الأصابع الأصليّة والزائدة ضرورة اتّحاد المدرك في الجميع (و) حينئذ فـ (ـستقطع الإصبع بالأصبع مع تساويهما) في المحلّ وفي الأصالة والزيادة على حسب ما عرفته في الأسنان ، هذا وقد ظهر ممّـا تقدّم أ نّه لا خلاف نصّاً وفتوى كما اعترف به في كشف اللثام ، بل (و) لا إشكال في أنّ (كلّ عضو يؤخذ قوداً مع وجوده تؤخذ الدية مع فقده ، مثل أن يقطع اصبعين وله واحدة) فيقطع واحدة وتؤخذ منه دية الاُخرى (أو يقطع كفّاً تامّاً وليس للقاطع أصابع) وهكذا والله العالم.