وإنّما
يتبعه في العمل في كلّ مجالاته وأبعاده وحقوله ، فكان موحّداً :
( وَمَا كَانَ مِنْ المُشْرِكِينَ )([197]) .
فكلّ ما
عنده فهو من الله وإلى الله عزّ وجلّ ، فلا يرى لنفسه شيئاً ، لا يملك
نفعاً ولا ضرّاً ، ولا يتأثّر بالمدح والإطراء ، وكذلك الذمّ
والتنقيص ، ولا يستعمل كلمة ( أنا ) ، ليشير إلى حبّ الذات
والأنانية ، بل اتّصف بنكران الذات ، فلا ( أنا ) إلاّ أمام
العدوّ :
( وَلِيَكُونَ مِنَ المُوقِنِينَ )([198]) .
واليقين
فوق العلم ، وكان لا يحبّ الآفلين ، فإنّ الآفل لم يتّصف بصبغة الله
الباقي ، وكان قاطعاً في تصميمه ، فإذا عرف عدوّ الله تبرّأ منه بكلّ
يقين وقطع ، حتّى ولو كان من ذي رحمه ، وإنّا على هداه لسائرون .
فائدة 128
الدنيا الدنيّة
ظلام الليل
وسواده الدامس ، ودقّات الساعة وحرية الفكر وخلاّقية الخيال ، وإطلاق
عنان القلم ، وسعة ميادين القراطيس ، كلّ هذه بواعث تسوق المرء إلى أن
يحمل القلم بين الأنامل ليعبّر عمّـا في المشاعر ، وما يدور في الأذهان من
الأفكار الوالهة ، والهمسات الحيرانة ، تهيم من واد إلى واد ،
فيتألّم الواعي حينما يرى مسرحيات الزمن ، والأفلام المزخرفة ، فيجرع
كأس الهموم ليطرب على ألحان البؤساء ورنّات موسيقى الفقراء ، فيتأفّف لمآسي
الحياة ، لما فيها من الأفراح التي تحفّها الأتراح ، وأنّ سرورها مشرّب
بالأحزان .
آه !
ما هذه الدنيا الدنيّة وزخرفها وزبرجها ، وإنّها يوم بعد يوم تحترق بنيران
الحروب ، وتُبذل الأموال الطائلة ، وتنهك القوى في سبيل دفن من لم ينعّم
من الحياة ، إلاّ بداية ربيع العمر ، وعاش بقرصين من الخبز اليابس والعفن ،
وبلباس مزّقته الحوادث المؤلمة ، ويشاهد من خلاله ثغرات العظام النخرة ،
وخمص البطون الجائعة ، ولا زالت الطائرات الساخطة والصواريخ الناقمة تصبّ
حقدها بقنابل حارقة ، وما زالت الدبّابات تدكّ بيوت الأبرياء متهلّلة بسحقها
الضعفاء ، وتجرّ ذيولها ملطّخة بدماء المساكين .
والدنيا
كما كانت أغنياؤها متنعّمون بأطايب الأكلات والمشروبات ، ينامون على وسائد من
ريش ، فرحين بما عندهم من حطام الدنيا ، لا يغمّهم سوى بطونهم
وفروجهم ، وإذا طرق سمعهم صراخ الأيتام وعويل الثاكلات والأرامل ، وأنين
الفقراء والمساكين ، تراهم في سكرتهم مغمورين ، سلب منهم الروح والوجدان
والإنسانية ، فتعيش حقيقتهم البهيمية ، وكانوا كالأنعام بل أضلّ
سبيلا ...
فما لي
وهذه الدنيا الحقيرة وملوكها وسلاطينها الحقراء ، ملأوا بطونهم من حقوق
الشعوب المضطهدة ، وروّوا ظمأهم من دماء الاُمم المحرومة ، خدعوهم بالألفاظ
الخلاّبة والوعود الجذّابة فخانوهم بحسن الظواهر ، باسم الحرية سلبوا
حرّيتهم ، وباسم ترفيه الشعب حرموهم من الرفاه ، وتلاعبوا بمقدّرات
الشعوب كالكرة يأخذونها من واحد إلى آخر ، ويضحكون على الناس ...
فما لي
وهذه الدنيا الرذيلة وعلماؤها ضلّوا وأضلّوا إلاّ النادر ، فكلّ واحد نصب
لنفسه شبكات الاصطياد ليصطاد عوام الناس ، فيدعو الناس إلى نفسه بدلا من أن
يدعوهم إلى ربّهم ، فتربّع على كرسي حبّ الرئاسة والمقام ، وباع دينه
بدنياه ، فيتحيّل بطرق شتّى لصيد فريسته وخداع مَرَدته ، فيظهرون الصلاح
ويتكلّمون به في جلواتهم ومحافلهم ، وإذا خلو إلى شياطينهم فعلوا ما يوجب غضب
ربّهم ، فجلوته عالم ربّاني ، وخلوته إبليس شيطاني ، فتظاهر
بالتقدّس ولا نصيب له إلاّ الرياء والعجب وحبّ الإطراء والمدح ، متاعهم بين
الكلام ولباقة اللسان ...
فما لي
ولهذه الدنيا كلّها فسقٌ وفجور ، وطلاّبها كلاب ، ولا أدري لعلّ منهم
كاتب هذه الكتاب ... ! !
اللهمّ
اصلح سرائرنا في الدنيا والآخرة بحقّ محمّد وآله الأطهار .
فائدة 129
أقسام القوّة
قال الله
تعالى في كتابه الكريم :
( وَأعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ
قُوَّة )([199]) .
من قوّة
جسمية غير جسمية
رياضية صحّة المزاج سلامة الجوارح عِدّة عُدّة
اجتماعية فكرية عقائدية أسلحة أموال رجال
فائدة 130
طرق الفهم
أهمّ طرق
الفهم الذي هو لازم العلم أو أخصّ منه والتفاهم والمفاهمة إنّما هي
ثلاث : الحكمة والموعظة والمجادلة بالتي هي أحسن ، كما قال سبحانه
وتعالى معلّماً نبيّه يؤدّبه بآدابه : ( ادْعُ
إلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ
بِالَّتِي هِيَ أحْسَنُ )([200]) .
والحكمة
معرفة الأشياء بحقائقها وملكوتها ، ويسمّى بحقّ اليقين ، ولا يحصل
بالتعليم ومن أفواه الرجال ، بل موهبة من الله سبحانه ، وأ نّه من
أخلص لله جرت ينابيع الحكمة من قلبه ، والموعظة الحسنة معرفة الأشياء
بآثارها ، ويسمّى بعين اليقين ، ومن مصاديقه الهداية الربانية ،
وآلة تحصيلها القلب السليم ، والجدال الحسن معرفة الأشياء بطريق الأخبار لا
الحقائق والآثار ، ويسمّى بعلم اليقين ، وتارةً يكون بطريق أحسن واُخرى
غيره ، والأوّل جامع الطرفين ، وهما إحقاق الحقّ وإبطال الباطل ،
والثاني ما فيه أحد الطرفين ويسمّى بالمماراة ، وكذلك المباهلة ،
والقلوب أوعية خيرها أوعاها .
فائدة 131
كتب في الطبّ
من الكتب
الطبّية ( تحفه حكيم مؤمن ) ، لمحمّد مؤمن ، يضمّ بين دفّتيه
فصول خمسة : اختلاف الأقوال في ماهية الأدوية ، وذكر صفات أفعال
الأدوية ، وبيان ماهية الخواص في الأدوية منفردة ومركّبة ، ومداواة
السموم ، وبيان الأوزان والمقادير في الأدوية ما يتعلّق بها .
ومن
الكتب : ما لا يسع الطبيب جهله ، وتذكرة اُولو الألباب ،
ومعالجات بقراط ، واختيارات ابن هبل ، والحاوي الكبير والصغير ،
وكامل الأدوية وجامع الأدوية ، وكناش فاخر و ساهر ، ومنقذ السموم
لجالينوس ، وكامل الصناعة .
فائدة 132
معكم معكم
حدّثني
الحاجّ السيّد حسن سركشي زادة أميري ـ كان رئيس خدمة حرم السيّدة
المعصومة كريمة أهل البيت (عليهم السلام) بقم
المقدسة ـ إنّ والده الشريف السيّد خليل كان يقرأ زيارة الجامعة وزيارة
عاشوراء دائماً ، وعند الاحتضار كان يقرأ الجامعة ، فما أن وصل إلى قوله
( معكم معكم ) ، إلاّ وخرجت روحه الطاهرة ، وبعد موته رأيته
في عالم الرؤيا ، فسألته عن كيفية خروج روحه ، فأجاب : إنّه
كان بسهولة وارتياح تامّ ، فطلبت منه الدعاء ، فدعا لي ، وإنّه
مدفون في رواق سيّد الشهداء (عليه السلام) بكربلاء .
12 / جمادى
الاُولى / 1400
فائدة 133
مميّزات إيران
الإسلامية
تمتاز
إيران بما يلي :
1 ـ وفاق الاُمّة ، والشعب الموحّد ، والمذهب الواحد
نسبيّاً .
2 ـ الحضارة القديمية والتأريخية ( شعبية وثقافية
ودينية ) .
3 ـ السعة الجغرافية والإقليمية .
4 ـ الاستراتيجية العسكرية والجغرافية والجويّة .
5 ـ الاقتصاد المتعالي ، والأرضية الزراعية ، وكثرة
المعادن والبترول .
ويمتاز
الإسلام بما يلي :
1 ـ الحرية والمساواة والنماذج المثالية .
2 ـ عدم تحريف كتابه الكريم القرآن الحكيم .
3 ـ صنع الإنسان إلهياً .
4 ـ سهولة الاستقلال .
5 ـ بروز وإنضاج الاستعدادات الكامنة في الإنسان .
6 ـ الجامعية والاتحاد والوحدة .
7 ـ حسن القيادة والتدبير .
8 ـ الجهاد والشهادة .
9 ـ الشورى والتعاون .
10 ـ الإنفاق والإيثار .
فمثل إيران
الإسلامية جديرة أن تكون اُمّ القرى للإسلام ، ومنطلقاً للثورة الإسلامية
والنهضة العالمية ، وتطبّق الإسلام المحمّدي الأصيل .
فائدة 134
رجال الدين
الإسلام
دين ودولة ، ورجال الدين وعلماء الإسلام هم الذين يديرون دفّة الحياة في أيّ
حقل من حقولها العامة والخاصّة ، وهم الذين يريدون إقرار الحقّ وإحقاقه
وإبطال الباطل وزواله ، ونشر الخير والإحسان والعلم النافع والعمل
الصالح ، ورفع الإنسان من حضيض الجهل والشقاء والفقر إلى أوج إنسانيته ،
وقمّة السعادة والعيش الرغيد ، فهم دعاة الإصلاح وروّاد السلام ومحقّقوا
العدالة الاجتماعية ، ومن أهمّ أهدافهم المقدّسة رفع مستوى المسلمين وتوحيد
كلمتهم بكلمة التوحيد ، ومقارعة الطغاة والاستعمار وعملائهم وأذنابهم في بلاد
المسلمين ومقاومة الدول الأجنبية الطامعة في سيطرتها على الأقطار الإسلامية ،
وتحرير العقول من الأوهام والسخائف ، والنفوس من عبودية غير الله ،
وتحطيم الجمود الفكري ، فيتحمّلون المشانق والزنزانات والتشريد والقتل من أجل
إعلاء كلمة الحقّ كلمة الله ، والتأريخ على مرّ أحقابه يشهد ببسالة وبطولة
رجال الدين الأفذاذ الذين عانقوا البلايا ، وعشقوا المنايا ، وتلقّوا المصائب
برحابة الصدر في سبيل سعادة الشعوب وعزّتهم وشرفهم .
فائدة 135
لست شاعراً
لست
شاعراً ، وإن كان أبي من الشعراء ، وطبع ديوانه ، وكان يجيد الشعر
باللغة الدارجة العراقية والقريض ، إلاّ أ نّي نظمت أبياتاً بلغتين
ـ الفارسية والعربية ـ في العقد الثاني من عمري ، فمن
العربي الذي هو للنثر أقرب من الشعر ، ما نظمته عندما كان سيّدنا الاُستاذ
آية الله العظمى السيّد محمّد رضا الگلپايگاني في المستشفى لمعالجة عينه ،
وقرأه عليه أخي السيّد عماد الدين في جمع من العائدين لسماحته ، وأوصله بهدية
وصلة . فقلت :
كوكبٌ
درّي ونجمٌ يلمعُ *** قمرٌ بدري وشمسٌ يسطعُ
كلّ
محتاج لِبابه يقرع *** وهو في الحشر زعيمٌ يشفعُ
قلتَ
يا هذا عجيباً نسمعُ *** ذاك مَن ؟ حتّى لديه نخضعُ
قلت
لا تعجب وهيّا نرفعُ *** حجباً ثمّ بذكره نلوعُ
عَلَمٌ
عِلمٌ إمامٌ ورعٌ *** جاد والجود لجوده يطمعُ
ذاك
ابن المصطفى والأنزعُ *** حاتم الطائي لجوده يركعُ
أ يّها
الاُستاذ يا بدر الدجى *** أنتم للعلم نورٌ يُقتدى
فزتمُ بالمجد والعزّ
والهدى
فائدة 136
حصول السعادة
قال مصطفى
محمود في كتابه ( الروح والجسد )([201]) :
ويخطئ من
يظنّ أ نّه يمكن أن يحقّق السعادة بقراءة كتاب أو تطبيق منهج ، فالسعادة
لا توجد في كتاب ، وإنّما هي منحة الطبائع النقيّة ، والفطر
السليمة ، والبصائر النيّرة ، وهي ثمرة أخلاق وليست ثمرة علم .
أقول :
ما قاله لا
يتمّ على إطلاقه ، فإنّا لو طبّقنا منهاج الإسلام الحنيف ، وقرأنا كتابه
الكريم القرآن المجيد ، لسعدنا في الدارين ، فإنّ الله سبحانه
يقول :
( وَأمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي
الجَنَّةِ )([202]) .
وهذا يعني
أنّ كلّ عمل يوجب دخول الجنّة ، فإنّه من لبنات صرح السعادة الإنسانية
الخالدة .
وأحاديث
رسول الله (صلى
الله عليه وآله) والأنبياء العظام (عليهم السلام) والأئمة
الأطهار (عليهم
السلام)والعلماء
الصالحين الأخيار كلّها تسوق الإنسان إلى درك سعادته الحقيقية .
وهذه
الأحاديث الشريفة والآيات الكريمة إنّما هي في الكتب ، وإنّما يحصل الإنسان
على سعادته بالتطبيق ، ومقدّمة التطبيق القراءة ، فكيف يخطئ من هو
متيقّن أ نّه يحقّق السعادة بقراءة كتاب وتطبيق منهاج ، وهو منهاج
الإسلام وشريعته السمحاء .
كما أنّ
السعادة ثمرة الأخلاق والعلم سويّةً ، فمن علم وعمل بما علم أورثه الله علم
ما لم يعلم ، وكلّما ازداد علماً نافعاً وعملا صالحاً ازداد سعادةً
وكمالا ، والعلم من الأخلاق الحميدة ، كما أنّ الأخلاق الحسنة من
العلم ، فهناك وحدة مفهوم ومصداق من جهات عديدة بين الأخلاق والعلم ،
كما هناك بينهما اختلاف من جهات اُخرى ، فكيف لا تكون السعادة من ثمرة العلم
ومن ثمرة الأخلاق ؟ !
فائدة 137
العمل الحسن والأحسن
هناك ما هو
حسن ، وهناك ما هو قبيح ، وهذا ما يقرّه العقل والعقلاء والدين .
فالعمل منه
الحسن ومنه القبيح ، إلاّ أنّ الحسن كلّي ذو تشكيك ، له مراتب طولية
وعرضية ، ففيه التفضيل ، وكذلك القبيح ، فمن العمل ما هو
أحسن ، وزيادة الحسن تارةً باعتبار الفعل نفسه ، واُخرى باعتبار
الفاعل ، وثالثة باعتبار المكان والزمان ، وهكذا ، فإنّ العدل حسن
من كلّ واحد ، ولكن من الملك أحسن ، وكما يقول الإمام (عليه
السلام)
لأحد أصحابه : العدل من كلّ واحد حسن ، ومنك أحسن لقربك منّا .
وأمّا حسن
العمل وأحسنه في المجتمع وباعتبار العقل وبناء العقلاء ، إنّما هو بالنسبة
إلى درجاته ، فما زاد على الخمسين بالمائة فهو حسن ، وما زاد على الحسن
فهو الأحسن ، فإذا كان 60 % حسن ، فالسبعين بالمئة بالنسبة إلى الستّين
بالمئة يكون أحسن ، وهكذا فـ 100 % بالنسبة إلى 99 % أحسن .
وأمّا
الأحسن بنظر الدين والمذهب الإسلامي الإمامي بالخصوص ، فهو ما كان
ثوابه أكثر ، وتقرّبه إلى الله أبلغ ، ويتمّ ذلك بأربعة
شروط :
1 ـ الولاء لأهل البيت (عليهم السلام) ، فإنّ ولايتهم
شرط قبول العمل عند الله سبحانه ، ولنا أحاديث كثيرة تدلّ على ذلك ،
وأ نّه لا قيمة لعمل لم يقترن بولاية أهل البيت (عليهم
السلام) ،
ولازمه التبرّي من أعدائهم .
2 ـ التقوى ، فإنّ الله عزّ وجلّ إنّما يقبل عمل من كان
متيقّناً متورّعاً ، بإتيان الواجبات وترك المحرّمات ، كما في قوله
تعالى :
( إنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ
المُتَّقِينَ )([203]) .
وكما ورد
في الروايات : « لا عمل إلاّ بالتقوى » .
3 ـ سلامة العمل من الخلل والبطلان ، فلو كان العمل في أجزائه
أو شرائطه مختلا أو باطلا ، فإنّه لا ينفع ولا يدخل تحت عنوان العمل الحسن
والأحسن ، فلا بدّ من صحّة العمل وكماله كما ورد في الشريعة .
4 ـ الإخلاص في العمل ، فإنّ الرياء في الأعمال العبادية يوجب
بطلانها ، كما هو ثابت في محلّه .
5 ـ دوام العمل ، فإنّه خير وأحسن من عمر كثير غير
دائم ، كما نطقت بذلك الأحاديث الشريفة .
فائدة 138
الإنسان والإسلام
يمتاز
الإنسان عن العجماوات : بالنفس الناطقة ، والقوّة الدرّاكة
للكليات المسمّـاة بالعقل ، وبالكلام الدالّ على ذلك ، والتكامل ،
والاعتقاد بالغيب والمجرّدات .
والإسلام
يدعو الإنسان بفطرته السليمة إلى اُصول ثلاثة :
الإقرار بالمبدأ
السرمدي ، والتوجّه إلى مكارم الأخلاق ، والاعتقاد بالمعاد .
وتتجلّى
هذه الاُصول في المعتقدات والسلوك على الصعيدين الفردي والاجتماعي ، في كلّ
جوانب الحياة من الثقافة والاقتصاد والسياسة والاجتماع وغير ذلك ، فالإسلام
دين ودولة ، جاء ليسعد الإنسان ويصيّره إلهيّاً وربّانياً ، يخرجه من
عبودية غير الله ، ليدخله في عبودية الله سبحانه والتي في صميمها وواقعها عين
الحرية وحقيقتها ، فلا منجى للإنسانية المعاصرة ولا مخلص إلاّ بالإسلام دين
الله القويم عقيدة وتطبيق .
فائدة 139
فوائد السفر
في الديوان
المنسوب لأمير المؤمنين علي (عليه السلام) :
تغرّب
عن الأوطان في طلب العلا *** وسافر ففي الأسفار خمس فوائدِ
تفرّجُ
همٍّ واكتسابُ معيشة *** وعلمٌ وآدابٌ وصحبةُ ماجدِ
وإن
قيل في الأسفار غمٌّ وكربةٌ *** وتشتيت شمل وارتكابُ شدائدِ
فموت
الفتى خيرٌ له من حياته *** بدارِ هوان بين واش وحاسدِ
يمكن أن
نلخّص فوائد السفر من خلال البيت الثاني في خمسة نقاط ، تعدّ من أهمّ دواعي
السفر للإنسان :
1 ـ السفرة السياحية ( تفرّج همّ ) .
2 ـ السفرة التجارية ( واكتساب معيشة ) .
3 ـ السفرة العلمية ( وعلم ) .
4 ـ السفرة الاجتماعية ( وآداب ) .
5 ـ السفرة الأخلاقية ( وصحبة ماجد ) .
فائدة 140
ما يجب على الداعية
كلّ من له
أهلية الدعوة إلى الإسلام ، ويفوّض إليه مسؤوليات وقضايا إسلامية بصفته داعية
إلى الله ، عليه أن يحمل قلباً واسعاً ، وعقلا كاملا ، ولبّاً
راجحاً ، مكتسباً ذلك بالعلم والتجارب ، ثمّ عليه أن يدرس ميدانية ما
يفوّض إليه من المسؤولية من كلّ جوانبها وزواياها ، وأن لا تأخذه في الله
لومة لائم ، ولا يتحكّم فيه العواطف والأحاسيس ، بل يعطي زمام أمره بيد
عقله السليم ، ولا يخشى أحداً من الناس ، ولا يراعي الصداقة على حساب
مسؤوليته الملقاة على عاتقه ، ولا يتأثّر بالحياء في أدائها ، ولا
تستولي عليه ميوله الشخصية ، بل بكلّ حنكة ودقّة ورعاية الجوانب والاحتياط
التامّ ، يؤدّي ما وجب عليه . فإنّ الحياة عقيدة وجهاد ، شعور
وشعار .
فائدة 141
برنامج
غذائي
عشت أيام دراستي في المدارس الدينية ،
وبطبيعة الحال كنت اُنظّم وقتي للدرس والمطالعة والكتابة والقضايا
الاجتماعية ، وكذلك الجانب الاقتصادي من مصروفاتي اليومية ، وكان راتبي
الشهري الذي أقبضه من مدرسة آية الله العظمى السيّد الگلپايگاني ـ وكنت
في المرحلة الثالثة أقرأ ( المغني والحاشية ) ـ هو خمسون
تومان ، أعيش به الشهر كلّه ، ثمّ زاد معاشي إلى مائتي تومان ،
فحينما كنت اُقلّب أوراقي القديمة وجدت هذا البرناج الغذائي الذي كنت أعيش على
غراره ، وددت أن اُثبته للتأريخ ، وليعلم طلاب الحوزات العلمية كيف كنّا
نعيش من أجل طلب العلم والعمل به ، ومن الله سبحانه التوفيق والسداد ،
وهذا البرنامج كان حدود سنة 1395 هـ ق ، وكان عمري آنذاك
عشرين عاماً .
بسمه تعالى : هذه برامج غذائية
لمدّة اُسبوع ...
الوارد في كلّ شهر 2000 ريال ( أي مائتي
تومان ) ، 500 ريال للمتفرّقات واللوازم كشراء النفط والاستحمام خارج
المدرسة والشاي وما شابه من لوازم الحجرة التي كنت أعيش فيها في مدرسة ملاّ صادق
بقم المقدّسة مع زميلي الشيخ حسين الكنجي دام مجده ، فيبقى 1500 ريال يقسّم
على الأيام من الشهر فيكون كلّ يوم 50 ريال . فنشرع من يوم السبت حتّى يوم
الجمعة :
السبت :
فطور
الصباح : 4 ريال خبز ، 6 ريال جبن .
غذاء
الظهر : 4 ريال خبز ، 16 ريال آبگوشت سبزي ( مرقة
الخضرة ) .
غذاء
العشاء : 4 ريال خبز ، 8 ريال لبن ، 8 ريال فاكهة = 50
ريال .
الأحد :
فطور
الصباح : 4 ريال خبز ، 6 ريال حلوى .
غذاء
الظهر : 4 ريال خبز ، 16 ريال عدس مع الدهن .
غذاء
العشاء : 4 ريال خبز ، 10 ريال حليب ، 6 ريال فاكهة = 50
ريال .
الاثنين :
فطور
الصباح : 4 ريال خبز ، 6 ريال الزبد .
غذاء
الظهر : 4 ريال خبز ، 16 ريال البطاطة مع الدهن .
غذاء
العشاء : 4 ريال خبز ، 14 ريال التمر مع الدهن ، 4 فاكهة =
50 ريال .
الثلاثاء :
فطور
الصباح : 4 ريال خبز ، 5 ريال بيض .
غذاء
الظهر : 4 ريال خبز ، 16 ريال مرقة اللحم .
غذاء
العشاء : 4 ريال خبز .
ولم أجد
برامج باقي الاُسبوع ، والحمد لله على كلّ حال وفي جميع الأحوال ،
واليوم أتحسّر على تلك الأيّام الحلوة التي كنّا نعيش فيها على السذاجة والبساطة
من دون تكلّف لاُمور المعيشة ، بل كلّنا شوق وعشق للدراسة والمطالعة
والتدريس ، فما أحلى تلك الأيام التي كانت كأوراق الشجرة قد تساقطت في الخريف
ولن تعود إليها الحياة ثانية ...
فائدة 142
مهمان
أوّل من
سنّ للضيف صدر المجلس وسمّـاه ( مهمان ) بهرام جور
( گور ) ، وتفسيره : سيّد المنزل ، وفي ذلك يقول
الشاعر :
ما
سمّت العجم المهمان مهماناً *** إلاّ لإجلال ضيف كان من كانا
فالمه
أكبرهم والمان منزلهم *** والضيف سيّدهم مذ لازم المانا
وقد حثّ
الإسلام على سنّة الضيافة ، واستحبابها ورجحانها ، وأنّ الضيف حبيب الله
ويأتي بالبركة لصاحب المنزل ، كما يخرج ذنوبهم بخروجه ، وأ نّه
أكرم الضيف ولو كان كافراً ، ثمّ للضيافة آداب قد ذكرها علماؤنا الأعلام كما
جاء في الروايات الشريفة ، فراجع في ذلك مكارم الأخلاق وكتب الأحاديث كالكافي
وبحار الأنوار وكتب الأخلاق كجامع السعادات والمحجّة البيضاء .
فائدة 143
دهاة العرب
قيل :
دهاة العرب أربعة ، وقيل : ستّة .
1 ـ معاوية بن أبي سفيان .
2 ـ زياد بن أبيه .
3 ـ عمرو بن العاص .
4 ـ مغيرة بن شعبة .
5 ـ قيس بن سعد بن عبادة .
6 ـ عبد الله بن بُدَيل بن ورقاء الخزاعي .
سئل الإمام
الحسن (عليه
السلام) :
هل ما عند معاوية من العقل ؟ فقال : تلك نكرة شيطنة .
فمثل هذا
الدهاء والذي يعدّ من مظاهر السياسة إنّما هو من الشيطان ، لا من العقل الذي
يعبد به الرحمن ، ويكتسب به الجنان ، فتدبّر ، ولا تغرّك بالله
الغرور .
فائدة 144
في ذمّ الفلسفة
جاء في زهر
الربيع للمحدّث الجزائري([204]) :
حدّثني
شيخنا الأجلّ الشيخ عبد علي الحويزي مصنّف تفسير نور الثقلين ، أ نّه
ذكر بعض المحقّقين من أهل التفسير عند تفسير قوله تعالى : ( وَمَا
عَلَّمْتُمْ مِنَ الجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ
اللهُ )([205]) ،
أنّ المراد من قوله ( مكلّبين ) ، معلّم الكلاب ، يعني
تعلّمون الكلاب في الصيد حتّى يحلّ الصيد من غير تذكية العلم الذي علّمكم الله
تعالى على لسان أنبيائه ، ثمّ ذكر أنّ أخسّ المخلوقات الكلب ولم يرضَ الله
سبحانه للناس أن يعلّموه من آرائهم وعلومهم التي استنبطها عقولهم ، فكيف يرضى
من الفلاسفة والحكماء أن يعلّموا أشرف مخلوقاته ، وهو الإنسان ، العلم
الذي عرفوه بعقولهم وآرائهم من غير توسّط الأنبياء ولا أوصيائهم ، فإنّ أكثر
علم الفلسفة ، بل كلّها ، لم ينجرّ إلاّ إلى الاجتهاد والقول بالرأي
والقياس ، فإنّه لم ينقل في الكتاب والسنّة .
فائدة 145
دار التكاليف
المستفاد
من الروايات أنّ دار التكاليف خمسة :
1 ـ كان في عالم الأرواح الصرفة .
2 ـ كان وقت تخمير الطينة التي خلق آدم منها .
3 ـ كان بعد خلق آدم منها ، حتّى أخرجهم من صلبه ، وهم
كالذرّ يدبّون يميناً وشمالا . ويسمّى ذلك العالم بعالم الذرّ وبعالم
( ألست ) إشارة إلى قوله تعالى : ( أ لَسْتُ
بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى )([206]) .
4 ـ تكليف دار الدنيا ، واعلم أنّ كلّ من كان مطيعاً في
التكاليف الثلاثة الاُولى ، كان مطيعاً في الدنيا أيضاً ، ومن كان
عاصياً فيها كان عاصياً في الدنيا ، بلا جبر ولا تفويض ، بل أمرٌ بين
الأمرين .
5 ـ تكليف يقع في القيامة ، وهو مختصّ بالأطفال والمجانين
والشيوخ الذين أدركوا النبيّ ، وهم لا يعقلون([207]) .
فائدة 146
خطاب مع نفسي
ذات يوم من
الأيام كنت أحوم في عالم الخيال وخُزانته ، كنت أسير في الطريق من دون صديق
ورفيق ، لفت نظري وأدهش فكري أمرٌ عجيب وشيء غريب ، حيث رأيت النفس
الأمّارة بالسوء والفحشاء ، تلك الشيطنة النكراء ، اتّكأت على شجرة
الشهوة ، وجلست على ساحل بحر اللذة ، فرحة مرحة لا تبالي بما فات ،
ولا تكترث بما هو آت ، تضحك بملء فيها ، وتركض وراء ما تشتهيها ،
تلعب في الملاعب ، وتخوض في المتاعب ، تظنّ أ نّها محسنة وتخال
أ نّها مؤمنة ، فلمّـا رأيت أمرها ، وغرورها وحالها ، أخذتني
الرأفة والرحمة ، فخاطبتها بشفقة وعطوفة ، قائلا : يا نفس يا
نفس ، حذارِ حذارِ ، فإنّ الموت آت ، والعمر قد فات ، والدنيا
غرّتكِ والشيطان أغواكِ ، فارتكبتِ ما خطر على بالكِ ، وبادرت إلى ما أردتِ ،
فجنيت على نفسك بارتكاب الأهواء الشيطانية ، واللذات الشهوانية من الذنوب
العظام والمعاصي الجسام ، فاسخطي الخالق الجبّار بطاعة المخلوق
الغدّار ، فكان الجهل حليفكِ والفشل نصيبكِ ، فضيّعتي الوقت
الثمين ، وخالفتِ الروح الأمين ، فكيف مرّت سويعات عمرك الغالي ،
فقد أفنيتيها باللذات والشهوات والآفات والزلاّت ، وقضيتيها بالقيل والقال
وجمع الأموال ، فإلى متى هذا الحال ، ومضى العمر بالتسويف والآمال ؟ !
فما كان نصيبك إلاّ الندم والخسران .
يا
نفس ، إلى متى هذا الرقود ونسيان العهود ؟ فماذا أعددتي
لعقباكِ ؟ ! وماذا ادّخرتِ
لآخرتكِ ؟ ! فوا أسفاً على ما فرّطتِ في جنب الله ،
ويا حسرة على ما خالفت أمر الله ، فتبّاً لك ولما
سوّلت ، وقبحاً لك ولما قدّمتِ ، فكيف تجيبين ربّ العالمين الذي خلقكِ
وأنعم عليكِ ، فلا حيلة لكِ إلاّ أن تطأطئي رأسكِ خجلا على ما أسلفتِ
وحياءً لما عملتِ ، واستعدّي وتزوّدي فإنّ السفر طويل ، والزاد
قليل ، وقد ذهب عمركِ في الدنيا بجمع المال وحبّ النسوان ، فوا حسرتاه
ثمّ وا أسفاه انقضى العمر النفيس ، وزاد فرح إبليس ، فأين المفرّ وأين
المستقرّ ؟ حتّى مَ هذا الرقود ؟ وإلى متى هذا
الجمود ؟ آه آه ممّـا عملتِ وأفرطتي ، فقد اشتغلتي بالتجارة فكان
الربح الخسران ، وقد عملتي فكانت العاقبة الخذلان ، وقد زرعتي ولم تحصدي
إلاّ الخيبة والندم ، فإنّكِ لم تعملي لله سبحانه ولم تخلصي في السرّ
والعلن ، فماذا تنتظرين وإلى أين تفرّين ؟ آه فإنّ صفحات حياتك
مسودّة ، وأعمالكِ منحطّة ، فإنّك أشركتي بالله الشكور ، الواحد
الأحد الغفور ، ولم تطيعي الرسول وأولاد البتول (عليهم السلام) ،
فكفى بكِ موعظة الموت الذي يأتي بغتةً ، والقبر الذي هو صندوق العمل ،
فأين الآباء والأجداد ، ثمّ أين الأولاد والأحفاد ، كلّهم ذاهبون وإلى
ربّهم راجعون ، فلا يبقى منهم باقية إلاّ الأعمال الصالحة والأقوال
النافعة .
فيا
نفس ، لا زلتِ تبنين الدور والقصور ، ومنزلكِ الأخير هو القبور ،
فتجمعين الأموال ، وأنت عن قريب منها في ارتحال ، وأذهبت العمر الثمين
في الشهوات ، وقد أتاكِ هادم اللذات .
فأدارت
نفسي عنّي وجهاً وقالت : يا صاح ، أ يّها العزيز ، هلاّ
اتّعظت بحالي وسمعت مقالتي ، فإنّ السعيد من اتّعظ بغيره ، والشقيّ من
استبدّ برأيه ، وعمل من دون تفكّر وتعقّل وتدبّر وتمهّل ، فلا تعمل عملا
إلاّ فيه رضا الله ، ولا تشغل قلبك إلاّ بذكر الله ، ألا فإنّ بذكر الله
تطمئنّ القلوب ، وبه يحصل المطلوب ، وينال المحبوب ، واعمل لآخرتك
كأ نّك تموت غداً ، واجعل شعارك التقوى ، ودثارك ترك الهوى ،
فإنّ الجنّة هي المأوى ، وعليك بطاعة الله ورسوله واُولي الأمر منكم ،
حتّى تكون من الفائزين بجنّات ورضوان ربّ العالمين .
وآخر
دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين .
فائدة 147
سألوا مليراك
مرّة سألوا
الكاتب الفرنسي المشهور ( مليراك ) : كيف أصبحت كاتباً
مشهوراً ؟
أجابهم :
بعد أن سوّدت الآلاف من الأوراق ، ورميت بها في سلّة المهملات .
وهذا يعني
أنّ حسن العمل وجودته ربما يكون من كثرة التمرين والممارسة ، فلا يخيب ولا
يتضجّر ، بل بالصبر والتأ نّي ، والعمل الدؤوب والمستمرّ ،
ولو أدّى ذلك إلى تكراره بالمئات ، أو تسويد الأوراق بالآلاف .
وقد ذكرت
تفصيل ذلك في رسالتين : ( كيف أكون موفّقاً في
الحياة ؟ ) ، و ( النبوغ وسرّ النجاح في
الحياة ) ، وهما مطبوعان في الموسوعة الكبرى ( رسالات
إسلامية ) ، في المجلّد الحادي عشر ، فراجع .
فائدة 148
معنى قريش
بنو قريش قبيلة من العدنانية ، دعوا بذلك
نسبة إلى جدّهم ( فهر ) ، الذي كما قيل غلب عليه اسم قريش الأب
الحادي عشر في عمود نسب الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) .
اختلف في سبب تسمية قريش ،
فقيل : إنّ التقريش بمعنى التفتيش ، فكان فهر يقرش عن خلّة كلّ ذي
خِلّة ، فيسدّها بفضله ، فمن كان محتاجاً أغناه ، ومن كان عارياً
كساه ، ومن كان طريداً آواه ، ومن كان خائفاً حماه ، ومن كان ضالا
هداه .
وقيل : التقريش التجمّع ،
وسمّيت قريش لتجمّعها ، لأ نّها تجمّعت بمكّة ، وجمعت خصائل الخير
سمّيت قريشاً . وقيل : التقريش هو التجارة .
وقيل : اسم لدابة من دواب البحر ، وهو الحوت الكبير .
ومن فهر : غالب والحارث ، ومن
غالب : لؤي ، ومنه : كعب وعامر ، ومن
كعب : عدي ومرّة ، ومن مرّة : بنو مخزوم وتيم
وكلاب ، ومن كلاب : قصي ، ومنه : بنو شيبة وعبد
مناف ، ومنه : عبد شمس وهاشم ، ومنه : عبد
المطّلب وأبو لهب وحمزة والعباس وأبو طالب ، ومن عبد
المطّلب : عبد الله ، ومنه : الرسول الأعظم محمّد(صلى الله
عليه وآله) ،
ومنه : فاطمة الزهراء (عليها السلام) ، ومن أبي
طالب : أمير المؤمنين علي (عليه السلام) ، ومنه ومن
فاطمة (عليهما
السلام) :
الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة عليهما وآلهما السلام أبد الآبدين .
فائدة 149
أنساب العرب
يرجع
النسّابون العرب كما هو معروف إلى ثلاثة أقسام :
1 ـ العرب البائدة :
وهم الذين
بادوا ، ومن أكثر قبائلهم : الكنعانيون وطسم وجديس وعاد وثمود
وعمليق وعبد ضخم واُميم وعبيل وجرهم وغيرهم ، ولسانهم الذي جبلوا عليه لسان
عربي .
2 ـ العرب العاربة :
وهم
اليمانيّون من نسل قحطان بن عامر ، المنتهي نسبه إلى سام الملقّب بأبي العرب .
ويرى البعض أنّ قحطان عاش في نحو القرن العشرين قبل الميلاد .
ومن
اُمّهات قبائل قحطان : حِميَر وكهلان ، وهما شقيقان ، ومن
حمير قضاعة ومنه السكاسك والقين وجهينة وبلي وكلب وسيبان وجرم وقدامة وبهراء وغدرة
ومسكة ، ومن جرم عوف ، ومن كهلان كندة ، ومنه مذحج وأنمار والأزد
والأشعريون ولخم وجذام وعاملة والأنصار ( الأوس والخزرج ) والصدف والحوت ،
ومن أنمار خثعم ، والأنصار يشتملون على أربعة عشر قبيلة .
3 ـ العرب المستعربة :
أو
العدنانيوّن ، وهم أهل نجد والحجاز ، دعوا أيضاً بالعدنانية نسبة إلى
جدّهم الأعلى عدنان ، وهم يرجعون إلى إسماعيل بن إبراهيم الخليل (عليهما
السلام) .
ومن عدنان
معد ، ومنه نزار وربيعة وإياد ، ومن نزار مضر ، ومنه إلياس ،
ومنه مدركة ، ومنه خزيمة ، ومنه كنانة ، ومنه النضر ، ومنه
مالك ، ومنه فهر ( قريش ) .
وقيل :
بين عدنان وإسماعيل نحو أربعين أباً ، وقيل غير ذلك . ومن ربيعة
أسد ، ومنه عنزة وجديلة ، ومنه بنو بكر وبنو وائل وبنو النمر([208]) .
فائدة 150
معنى إسماعيل
إسماعيل
النبيّ (عليه
السلام)
جدّ العرب ، يتكوّن اسمه من كلمتين : ( اسمع )
و ( ايل ) .
وكلمة
( ايل ) في اللغات السامية تعني ( الله ) .
و ( ايل )
في اللغة الأكادية العراقية تدلّ على وجه العموم .
و ( ايل )
في نقوش رأس شمرا الكنعانيّة الفينيقيّة اسم ( الإله الأكبر )
و ( ابن الآلهة ) .
و ( ايل )
في العبرية من أسماء الله .
فمعنى
إسماعيل ( ليسمع الله ) ، أو ( طائع الله ) .
قال
المسعودي : وقيل : إنّما سمّي إسماعيل لأنّ الله سمع دعاء
هاجر ورحمها ، وقيل : إنّ الله سمع دعاء إبراهيم (عليه
السلام) ،
وإسرائيل بمعنى عبد الله .
فائدة 151
معاني بعض الكلمات
اليونانية
قيل :
إنّ لفظ أفلاطون معناه الصادق الفصيح ، وجالينوس فاعل العجائب ، وأرسطو
الكامل الفضيلة ، وبطليموس من أسماء السلاطين وهو في اليونانية ككسرى في
الفرس وقيصر في الروم ، وخاقان في الترك ، والنجاشي في الحبشة ،
وهرقل في الشام .
وقيل :
إقليدس بمعنى المفتاح ، وفي اليونانية إقليد وفي العربية مقلاد ، كما
قال سبحانه : ( لَهُ مَقَالِيدُ
السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ )([209]) أي
مفاتيحها .
وفي شرح
المواقف : إنّ السوفطا ، لفظ من لغة اليونان ، فإنّ
( سوف ) اسم للعلم والحكمة ، و ( اسطا ) اسم
للغلط ، فسوفسطا اسم معناه علم الغلط ، كما قيل في فيلسوف فمعناه محبّ
الحكمة ، فإنّ ( فيلا ) بمعنى المحبّ ، و ( سوف )
بمعنى الحكمة ، ثمّ عرّب هذان اللفظان فاشتقّ منهما السفسطة والفلسفة .
فائدة 152
مسائل في الأنساب
1 ـ إذا تزوّج كلّ واحد من رجلين بنت الآخر ، فرزق كلّ ولداً
ذكراً ، فالابنان كلّ واحد منهما خال الآخر ، لأنّ كلا منهما أخو اُمّ
الآخر .
2 ـ وإذا تزوّج كلّ واحد من رجلين اُخت الآخر ، فولدت كلّ
واحدة ابناً ، فالابنان كلّ واحد منهما ابن خال الآخر .
3 ـ وإذا تزوّج كلّ منهما باُمّ الآخر ، فرزق كلّ
ابناً ، فكلّ من الابنين ابن عمّ الآخر .
4 ـ وإذا تزوّج كلّ منهما بنت ابن الآخر ، فولدت كلّ
ابناً ، فكلّ من الابنين عمّ اُمّ الآخر .
5 ـ وإذا تزوّج كلّ من الرجلين بنت بنت الآخر ، ورزق كلّ
ابناً ، فكلّ من الابنين خال اُمّ الآخر .
6 ـ وإذا تزوّج كلّ منهما باُمّ اُمّ الآخر ، فولد كلّ واحدة
ابناً ، فالابنان كلّ خال أب الآخر .
فائدة 153
الولاية والبراءة
شرط قبول العمل
كما جاء في
النصوص الدينية الثابتة عند الفريقين ـ السنّة والشيعة ـ
إنّ محبّة أهل البيت آل محمّد (عليهم السلام) شرط صحّة الصلاة
ـ من لم يصلِّ عليكم لا صلاة له ـ فمودّتهم أصل
العمل ، وبه يتقبّل الطاعات .
كذلك
البراءة من أعدائهم شرط صحّة الأعمال ، فمن كان في قلبه خردل من حبّ الغاصبين
لحقّ آل محمّد فلا ينظر إلى عمله ، وإن أتى بأعمال الصدّيقين .
إنّما
يتقبّل الله من المتّقين ، ومن التقوى التولّي والتبرّي ، فهما من فروع
الدين .
وللتولّي
والتبرّي مظاهر عديدة ، فإنّهما شعور باطني للمؤمن ، ولكلّ شعور
شعار ، فمن مظاهر التبرّي وشعاره هو اللعن على أعداء الله وأعداء رسوله
وأعداء عترته الطاهرين ، ومن مظاهر التولّي وشعاره هو الصلوات على محمّد
وآله ، فهما ككفّتي الميزان بل يرجّح اللعن ، لأ نّه رفض ونفي ،
وهو مقدّم على الإيجاب والإثبات كما في كلمة التوحيد ( لا إله إلاّ
الله ) ، فتدبّر ، فربما لهذا قدّم اللعن على السلام في زيارة
عاشوراء الخالدة .
فائدة 154
صلاة العشّاق
صلاة الخلق
تسبيح وسجود .
وصلاة
العاشقين ترك الوجود .
فإنّ
العاشق لا يرى لنفسه وجوداً ، وإنّه يفنى في معشوقه ، ولا يرى إلاّ
هو .
وحقيقة
التوحيد في العشق الإلهي ، وحقيقة العشق في كلمة التوحيد ، فلا بدّ من
نفي الآلهة جميعاً ثمّ عبادة الله وحده لا شريك له ، فكلمة التوحيد بين الرفض
والإيجاب ، وكلّ مسلم ومؤمن لا بدّ أن يكون رافضاً للطواغيت والجبابرة وخلفاء
الجور ومعتقداً بعبادة الله وإطاعته وإطاعة الرسول (صلى الله عليه وآله) واُولي
الأمر أئمة الهدى الأطهار (عليهم السلام) . وبهذا يتمّ
التوحيد والدين :
( اليَوْمَ أكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ
وَأتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِيناً )([210]) .
( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسْلامِ دِيناً
فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ )([211]) .
فائدة 155
من التواضع خدمة
العيال
ورد في
الحديث : إنّ الله لمّـا خلق النفس قال لها : من
أنا ؟ فقالت : ومن أنا ؟ فعذّبها بأنواع
العذاب ، فكلّما قال لها : من أنا ، فتقول : وأنا
من . حتّى عذّبها بالجوع والتواضع ، فقالت : أنت الله الذي
لا إله إلاّ أنت .
وورد في
الحديث أيضاً : صاحب المتاع أحقّ بحمله إلى عياله ، وكان علي(عليه
السلام)يحمل
التمر والملح في ثوبه ويقول : لا ينقص الكامل من كماله ما جرّ من نفع
إلى عياله .
وروي عنه (عليه
السلام)
أ نّه قال : دخل علينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وفاطمة
الزهراء (عليها
السلام)جالسة
عند القدر ، وأنا اُنقّي العدس ، فقال : يا أبا
الحسن ، فقلت : لبّيك يا رسول الله، قال :