تتقرّب المرأة بخدمة زوجها إلى الله سبحانه ، فالحياة الزوجية ليس مجرّد حقوق وأداء وظائف من قبل الزوج والزوجة ، بل الحياة الزوجية تعني الحبّ المتبادل والاحترام المتبادل والخدمة المتبادلة .

             51 ـ عن الصادق (عليه السلام) ، قال  : سألت اُمّ سلمة رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن فضل النساء في خدمة أزواجهن ، فقال  : أيّما امرأة رفعت من بيت زوجها شيئاً من موضع إلى موضع تريد به صلاحاً إلاّ نظر الله إليها ، ومن نظر الله إليه لم يعذّبه .

             فقالت اُمّ سلمة رضي الله عنها  : زدني في النساء المساكين من الثواب بأبي أنت واُمّي  ؟ فقال (صلى الله عليه وآله)  : يا اُمّ سلمة ، إنّ المرأة إذا حملت كان لها من الأجر كمن جاهد بنفسه وماله في سبيل الله عزّ وجلّ ، فإذا وضعت قيل لها  : قد غفر لك ذنبكِ فاستأنفي العمل ، فإذا أرضعت فلها بكلّ رضعة تحرير رقبة من ولد إسماعيل([303]) .

             فأيّ ظلم يلحق المرأة من هذا  ؟ وأيّ انتقاص عندما تعمل في بيتها بنيّة خدمة أولادها وزوجها الذي يعتبر شخصاً مهمّاً في حياتها ، فهل إذا أعطت المرأة شيئاً من عواطفها تجاه زوجها وأبنائها تكون حرّية المرأة في خطر داهم كما  يزعم دعاة تحرّر المرأة ورفع الظلم عنها .

             30 ـ الشكر  :

             من غرائز الإنسان الشكر ، فإنّه بطبيعته وغريزته يشكر من يحسن إليه ، والمحسن الأوّل والمنعم الأوّل هو الله سبحانه ، فيجب شكر المنعم ، وكلّ النعم تنتهي إليه سبحانه فهو أولى بالشكر والحمد ، إلاّ أ نّه من شكره شكر المخلوق إذا أحسن إليك أيضاً ، فإنّه من لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق ، ولا بدّ من تحقّق الشكر بين الزوجين وفي حياة الاُسرة ، فالرجل يشكر زوجته على ما تبذل من الجهد في طهي الطعام وتنظيف الملابس والدار وتربية الأولاد وغير ذلك من المسؤوليات والوظائف التي في عهدتها في عالم الزوجيّة والاُمومة .

             ويجب على الرجل أن يشعر في قرارة نفسه أنّ هذا تفضّل من زوجته وحسن أخلاق منها لا أ نّه يقول هذا واجبها فلا بدّ أن تقوم به راغمة .

             وكذلك المرأة عليها أن تشكر الزوج لما يبذل من جهد في العمل من أجل راحتها وراحة أولادها ورفاهيتهم وسعادتهم . إلاّ أنّ بعض النساء وربما الأعمّ الأغلب يفقدن الشكر ، بل ينكرن المعروف .

             52 ـ أتت امرأة إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، فقالت  : ما بال المرأتين برجل في الشهادة والميراث  ؟ فقال  : لأنّكنّ ناقصات الدين والعقل ، قالت  : يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وما  نقصان ديننا  ؟ قال  : إنّ إحداكنّ تقعد نصف دهرها لا تصلّي ، وإنّكن تكثرن اللعن وتكفرن العشرة تمكث إحداكن عند الرجل عشر سنين فصاعداً يحسن إليها وينعم عليها ، إذا ضاقت يده يوماً أو خاصمها قالت له  : ما رأيت منك خيراً قطّ ، ومن لم تكن من النساء هذا خلقها فالذي يصيبها من هذا النقصان محنة عليها لتصبر فيعظم الله ثوابها ، فأبشري([304]) .

             31 ـ العشق المتبادل  :

             ممّـا يديم العلائق الزوجية ويعدّ من أهمّ العرى هو الحبّ ، وهو عبارة عن الميل القلبي نحو المحبوب ، وهذا العامل لا بدّ أن يكون على نحو التبادل والمفاعلة بينهما ، وإلاّ فالحبّ من طرف واحد ممّـا يوجب الصداع في الحياة ،
ويخلق المشاكل ، فلا ترغب في من زهد فيك ، ولا تزهد في من رغب فيك ، فلا بدّ من التفاعل العاطفي بين الزوجين ، وإذا ازداد الحبّ فإنّه يصل إلى مرحلة العشق ، فإنّه زيادة في الحبّ ، وهذا التعبير الجميل قد ورد في لسان الروايات الشريفة .

             فقد قال (صلى الله عليه وآله)  : إنّ الجنّة لأعشق لسلمان من سلمان للجنّة . وإن ورد في ذمّ العشق أيضاً إلاّ أ نّه من العشق المحرّم والباطل فعندما سئل الإمام الصادق (عليه السلام)عن العشق قال  : قلوب خلت عن ذكر الله فأذاقها محبّة غيره ، فالاختلاف في المحتوى والمفاهيم ومتعلّقات العشق ، فمن العشق الممدوح ما كان بين الزوجين .

             53 ـ في فقه الرضا (عليه السلام)  : واعلم أنّ النساء شتّى ، فمنهن الغنيمة والغرامة وهي المتحبّبة لزوجها والعاشقة له([305]) .

             والحبّ ينشأ بين الزوجين عندما يكون الاختيار مناسباً أوّلا فهو اللبنة الاُولى في صرح الحبّ المشيّد ، ثمّ التفاهم الذي لا بدّ منه ثانياً ، والأوّل هو الباب الواسع للدخول إلى الثاني ، فإنّ من يحبّ شخصاً ينفتح عليه ويصغي إليه بسمعه وقلبه من دون ملل أو تعب ، فإذا ما وجد الخاطب الصفات العامة التي يطلبها في الزوجة متوفّرة في إنسانة معيّنة وهي كذلك ، وتمّ الأمر بينهما فيكونان قد بذرا بذرة الحبّ التي تحتاج إلى عناية ورعاية واهتمام ، وإنّما يكون ذلك بالتفاهم المتبادل ، فالحبّ يكون بالزواج المؤسّس على اساس علميّ متين ، ولا يحتاج الزوجان إلى حبّ عاصف قبل الزواج يدوم سنة أو سنوات ، ولهذا حديث ذو  شجون .


لقطتان من البيت العلوي الفاطمي

             أفضل سيرة تربوية للاُسرة هي سيرة أمير المؤمنين مع فاطمة الزهراء(عليهما السلام)، فإنّها سيرة زوجين معصومين ، فأقوالهما وأفعالهما وتقريرهما كلّها من السنّة الشريفة ، ولا توجد اُسرة تحمل العصمة الذاتية الكلّية الواجبة بكلّ أبعادها وجوانبها إلاّ الاُسرة العلوية الفاطمية ، أي الاُسرة المتكوّنة من زوجين معصومين ( عليّ وفاطمة (عليهما السلام) ) ، فحياتهما الزوجية والاُسروية خير مثال وخير قدوة واُسوة يهتدى به ، وفي حياتهما لقطات تشعّ نوراً وجمالا وبهاءً وحيويةً ونشاطاً ، تعلّمنا كيف نعيش وكيف نفكّر كزوجين ناجحين في الحياة الزوجيّة وفي عالم الاُسرة والتربية والتعليم .

             ومن تلك اللقطات  :

             لمّـا أراد الأوّل والثاني أن يعودا فاطمة الزهراء (عليها السلام) في مرضها ، فاستأذنّا علياً (عليها السلام) ، فدخل عليها وقال لها  : أ يّتها الحرّة فلان وفلان بالباب يريدان أن يسلّما عليك فما تريدين  ؟ قالت  : البيت بيتك والحرّة زوجتك ، افعل ما تشاء .

             هذه لقطة رائعة في الحياة الزوجية ، فإنّها توحي للزوجين كيف يكون التفاهم بينهما وكيف يتعاملان ، في من يريد أن يدخل البيت معتذراً أو ضيفاً أو لقضايا سياسية أو غير ذلك ، على الزوج أن يخبر زوجته ويعرف رأيها في الموضوع ، فإنّ لها حقّ في البيت وما يجري فيه .

             والزوجة بالمقابل تدرك الموقف ، ولا ترى لنفسها وجوداً في رحاب زوجها ، بل البيت بيتك ،  والحرّة وإن كانت حرّة ، إلاّ أ نّها زوجتك فهي في قيد الزوجيّة والإطاعة للزوج ، فافعل ما تشاء([306]) .

             ومن اللقطات البديعة ما جاء في وصيّة الزهراء (عليها السلام) ، فإنّها بيّنت الأركان الأساسية في الحياة الزوجية ، وعلّمت البشرية ونساء العالم كيف تكون الزوجة في بيت زوجها ، وما هي وظائفها الدينية والإنسانية ، وإنّها لو تحلّت بهذه الصفات لعاشت سعيدة وماتت سعيدة وساد الحبّ والحنان حياتها ، فيعزّ فراقها على زوجها .

             لمّـا مرضت فاطمة مرضاً شديداً ومكثت أربعين ليلة في مرضها ، فلمّـا نعيت إليها نفسها قالت لعليّ (عليه السلام)  : يا بن عمّ ، إنّه قد نعيت إليّ نفسي وإنّني لا أرى ما بي إلاّ أ نّني لاحقة بأبي ساعة بعد ساعة ، وأنا اُوصيك بأشياء في قلبي .

             قال لها عليّ (عليه السلام)  : أوصي بما أحببتِ يا بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فجلس عند رأسها وأخرج من كان في البيت ، ثمّ قالت  : يا بن عمّ ، ما عهدتني كاذبة ولا خائنة ولا خالفتك منذ عاشرتني .

             فقال (عليه السلام)  : معاذ الله ، أنت أعلم بالله وأبرّ وأكرم وأشدّ خوفاً من الله من أن اُوبّخك بمخالفة ، وقد عزّ عليّ مفارقتكِ وفقدكِ إلاّ أ نّه أمرٌ لا بدّ منه ، والله جدّدتِ عليّ مصيبة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد عظمت وفاتك وفقدك ، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون من مصيبة ما أعظمها وآلمها وأمضاها وأحزنها ، هذه والله مصيبة لا عزاء لها ، ورزيّة لا خلقت لها ، ثمّ بكيا جميعاً ساعة([307]) .

             لقد لخّصت فاطمة الزهراء في هذا الحوار الملكوتي حياتها الزوجية في هذه الأركان الثلاثة  :

             1 ـ عدم الكذب .

             2 ـ عدم الخيانة .

             3 ـ عدم المخالفة .

             فذكرت الأمير (عليه السلام) بإخلاصها وطهارتها وإطاعتها لزوجها ، وشكر الإمام  (عليه السلام) وفاءها وأثنى على طهارتها وقدسيّتها ومعاناتها وتقواها وأبدى لها حبّه وودّه وتعلّقه بها .

             لقد كانت كلماته (عليه السلام) تفيض بالحبّ وتجيش بالاحترام والتقدير لزوجته التي لا تماثلها زوجة بل امرأة في العالمين ، كلماتُ محبٍّ متعلّق يعرف تماماً قدرَ محبوبه .

             وهاجت بهما الذكريات وجاشت الخواطر وتذكّرا حياتهما السعيدة التي غمرتها الغبطة والدفء والحنان والوقوف جنباً إلى جنب في مواجهة الأحداث والمشاكل وتذليل الصعاب ، فانهمرت لذلك عيناهما بالدموع لعلّها تطفئ نار القلب التي تقضي على الجسد .

             وبعد أن بكيا ساعة أخذ عليّ (عليه السلام) رأسها وضمّها إلى صدره ، ثمّ قال  : أوصيني بما شئتِ ، فإنّكِ تجديني فيها أمضي كما أمرتيني به ، وأختار أمرك على أمري .

             أجل هكذا الحياة الزوجية السعيدة أن يختار الزوج تقديم هوى زوجته على هواه ما دامت الزوجة متّقية خائفة من الله وتعلم بالله ومن أهل البرّ والكرامة ، كما أنّ الزوجة تقدّم هوى زوجها على هواها ، ما دام مطيعاً لله كريماً مخلصاً برّاً وفيّاً متّقياً ، وإلى مثل هذه الحياة الزوجية ندعو الناس قاطبة ، فإنّهم ينالون سعادة الدارين ، خير الدنيا والآخرة .


الفصل الثامن

تربية الأولاد

             وفيه مقامات  :

المقام الأوّل

حبّ الأطفال والأولاد

             الحبّ هو الميل القلبي والرغبة الباطنية نحو المحبوب ، فالحبّ رابط بين المحبّ والمحبوب ، ويختلف باختلاف الدواعي ومتعلّقاته ، فتارةً يكون ممدوحاً واُخرى مذموماً ، فحبّ الخير ممدوح ، وحبّ الشرّ مذموم كمذموميّة الشرّ نفسه .

             ومن الحبّ الممدوح والذي يقرّ العقل السليم والفطرة السليمة عليه ، ويعدّ من الأحاسيس والعواطف الإنسانية ، بل حتّى يجري في الحيوانات ، وقد أقرّه الشرع المقدّس ، ورتّب عليه الأجر والثواب ، هو حبّ الأطفال بصورة عامة ، وحبّ الإنسان أولاده بالخصوص بصورة خاصّة .

             ففي الشرائع السماوية يعدّ حبّ الأطفال من أفضل الأعمال .

             1 ـ من كتاب المحاسن ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال  : قال موسى (عليه السلام)  : يا  ربّ ، أيّ الأعمال أفضل عندك  ؟ قال  : حبّ الأطفال ، فإنّي فطرتهم على توحيدي ، فإن أمتّهم أدخلتهم جنّتي برحمتي .

             وكلّ مولود يولد على الفطرة ، فإنّما المحيط والبيئة كالأبوين يهوّدانه أو يمجّسانه أو ينصّرانه ، وهذا يعني أنّ كلّ طفل حتّى أطفال الكفّار باعتبار فطرتهم التوحيدية يكون محبوباً ، وأنّ المؤمن الموحّد الذي يرى الله في كلّ شيء ، ولا يرى شيئاً إلاّ ورأى الله قبله ومعه وبعده ، بلا شكّ يحبّ الأطفال ويودّهم ، بل يدعو لهم بالهداية والتوفيق في الحياة .


المقام الثاني

الولد([308]) أو البنت

             كان المجتمع الجاهلي قبل الإسلام يميل إلى الذكور ليكونوا المستقبل في حروبهم وغاراتهم ، ويئدون البنات فيدفنونهُنَّ أحياء اعتقاداً منهم أ نّهم عار عليهم ، وفي الحروب غنائم للأعداء والخصوم ، أو لأسباب اقتصادية .

             جاء الإسلام ليرفع من مستوى المرأة ، ويذمّ فعل الجاهليين ، ويحرّك ضميرهم بهتاف قرآني في قوله تعالى  :

             (  وَإذَا المَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ * بِأيِّ ذَ نْب قُتِلَتْ  )([309]) .

             ويذمّ اُولئك الذين إذا بشّروا بالاُنثى اسودّ وجهه وهو كظيم كما أخبرنا الله تعالى في قوله  :

             (  وَإذَا بُشِّرَ أحَدُهُمْ بِالاُ نثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ  )([310]) .

             جاء نبيّ الرحمة ليعلن ثورته الإصلاحية ضدّ الأعراف والتقاليد الجاهلية ، ويحارب العادات السيّئة ، ويكسر الأصنام ويحطّم القيود والأغلال ليتحرّر الإنسان من عبودية نفسه أو عبودية غير الله ، ويهديه الصراط المستقيم ، وإلى عبادة الله الواحد الأحد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤاً أحد .

             جاءت التعاليم الإسلامية لتعطي حقّ المرأة ، وتبيّن مكانتها السامية في المجتمع الإسلامي والاُسرة المتديّنة .

             جاء ليبيّن للناس أنّ المقصود من الحمل والولادة والمولود أن يكون سالماً هو واُمّه ، ولا فرق بين الذكر والاُنثى ، فإنّ المقصود تثقيل الأرض بكلمة لا إله إلاّ الله سواء قال ذلك الوالد الصالح أو البنت الصالحة ، فالعمدة التربية الصحيحة وحكومة الدين والتقوى والعمل الصالح والعلم النافع في الاُسرة والمجتمع .

             وفي هذا المعنى نصوص كثيرة نذكر جملة منها طلباً للاختصار .

             1 ـ عن الصادق (عليه السلام) ، قال  : البنات حسنات والبنون نعمة ، والحسنات يثاب عليها ، والنعمة يُسأل عنها .

             2 ـ بُشّر النبيّ (صلى الله عليه وآله) بابنة ، فنظر في وجوه أصحابه فرأى الكراهية فيهم ، فقال  : ما لكم  ؟ ريحانة أشمّها ورزقها على الله .

             3 ـ وقال (صلى الله عليه وآله)  : نعم الولد البنات المخدّرات ، من كانت عنده واحدة جعلها ستراً له من النار ، ومن كانت عنده اثنتان أدخله الله بهما الجنّة ، وإن كنّ ثلاثاً أو مثلهن من الأخوات وضع عنه الجهاد والصدقة .

             4 ـ وقال (صلى الله عليه وآله)  : خير أولادكم البنات .

             5 ـ قال عمر بن يزيد للإمام الصادق (عليه السلام)  : إنّ لي بنات ، فقال له  : لعلّك تتمنّى موتهن ، أما إنّك لو تمنّيت موتهن ، ومتن لم تؤجر يوم القيامة ، ولقيت ربّك حين تلقاه وأنت عاص .

             6 ـ وروي عن حمزة بن حمران ، بإسناده ، أ نّه أتى رجل النبيّ (صلى الله عليه وآله) وعنده رجل فأخبره بمولود له فتغيّر لون الرجل ، فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله)  : ما لك  ؟ فقال  : خير . قال  : قل . قال  : خرجت والمرأة تمخض ـ  أي تريد وضع حملها  ـ فاُخبرت أ نّها
ولدت جارية ـ  أي بنتاً  ـ فقال له النبيّ (صلى الله عليه وآله)  : الأرض تقلّها والسماء تظلّها والله يرزقها ، وهي ريحانة تشمّها ، ثمّ أقبل على أصحابه فقال  : من كانت له ابنة واحدة فهو مقروح ، ومن كان له ابنتان فيا غوثاه ، ومن كان له ثلاث بنات وضعه عنه الجهاد وكلّ مكروه ، ومن كان له أربع بنات فيا عباد الله أعينوه ، يا عباد الله أقرضوه ، يا عباد الله ارحموه .

             7 ـ وقال (صلى الله عليه وآله)  : من عال ثلاث بنات أو ثلاث أخوات وجبت له الجنّة ، قيل  : يا رسول الله واثنين  ؟ قال  : واثنين ، قيل  : يا رسول الله وواحدة  ؟ قال  : وواحدة .

             هذا في فضل البنات ، حتّى يعلم أنّ المقصود ليس الذكور وحسب بل العمدة سلامة المولود كما ورد من كتاب المحاسن  :

             8 ـ كان عليّ بن الحسين زين العابدين (عليه السلام) إذا بُشّر بولد لم يسأل أذكر هو أم اُنثى ، بل يقول  : أسويّ  ؟ فإذا كان سويّاً ـ  أي لا عيب فيه ويخرج بسلامة  ـ قال  : « الحمد لله الذي لم يخلقه مشوّهاً » .

             9 ـ الكافي  : عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال  : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله)  : نِعمَ الولد البنات ملطفات مجهّزات ـ  أي مهيّات الاُمور  ـ مؤنسات مباركات مفليّات .

             10 ـ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله)  : إنّ الله تعالى على الإناث أرأف منه على الذكور وما من رجل يدخل فرحة على امرأة بينه وبينها حرمة إلاّ فرّحه الله يوم القيامة .

             11 ـ عن الجارود بن المنذر قال  : قال لي أبو عبد الله (عليه السلام)  : بلغني أ نّه ولد لك ابنة فتسخطها ، وعليك منها ريحانة تشمّها وقد كفيت رزقها وقد كان رسول الله أبا بنات([311]) .

             12 ـ عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال  : إنّ إبراهيم (عليه السلام) سأل ربّه أن يرزقه ابنة
تبكيه وتندبه بعد موته .

             بيان  : ( تندبه ) أي تبكيه وتعدّد محاسنه بالبكاء ولعلّ الفائدة في البكاء وتعداد المحاسن تذكّر الناس به وبمحاسنه ، فلعلّهم يرقّون له ويدعون فيصل إليه بركة دعائهم ومن هذا القبيل ما سأله (عليه السلام) في دعائه بقوله  : (  وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْق فِي الآخَرينَ  ) .

             13 ـ الكافي بنسده عن الكرخي عن ثقة من أصحابنا قال  : تزوّجت بالمدينة فقال لي أبو عبد الله (عليه السلام)  : كيف رأيت  ؟ قلت  : ما رأى رجل من خير في امرأة إلاّ وقد رأيته فيها ولكن خانتني ، فقال  : وما هو  ؟ قلت  : ولدت جارية ، قال  : لعلّك كرهتها إنّ الله تعالى يقول  : (  آباؤُكُمْ وَأبْناؤُكُمْ لا تَدْرونَ أ يّهُمْ أقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً  ) .

             بيان  : يعني كما أنّ الآباء والأبناء لا يدري مقدار نفعهم وإنّ أ يّهم أنفع ، كذلك الابن والبنت ، ولعلّ بنتاً تكون أنفع لوالديها من الإبن ، ولعلّ ابناً يكون أضرّ لهما من البنت ، فينبغي أن يرضيا بما يختار الله لهما .

             14 ـ الكافي بسنده عن الحسن بن سعيد اللحمي قال  : ولد لرجل من  أصحابنا جارية فدخل علي أبي عبد الله (عليه السلام) فرآه متسخّطاً فقال له أبو  عبد  الله (عليه السلام)  : أرأيت لو أنّ الله أوحى إليك أن أختار لك أو تختار لنفسك ما  كنت تقول  ؟ قال  : كنت أقول يا ربّ تختار لي ، قال  : فإنّ الله قد اختار لك ثمّ قال  : إنّ الغلام الذي قتله العالم الذي كان مع موسى (عليه السلام) وهو قول الله عزّ وجلّ  : (  فَأرَدْنَا أنْ يبدلهما ربّهما خيراً منهُ زكاةً وأقرب رُحماً  ) أبدلهما الله به جارية ولدت سبعين نبيّاً .

             15 ـ الفقيه عن الصادق (عليه السلام) قال  م من عال ابنتين أو اُختين أو عمّتين أو خالتين حجبتاه من النار ـ  من أعال أي أنفق وتكفّل بحياتهما المعيشيّة  ـ  .

             16 ـ الفقيه  : قال (عليه السلام)  : إذا أصاب الرجل ابنة بعث الله عزّ وجلّ إليها ملكاً فأمرّ جناحه على رأسها وصدرها وقال  : ضعيفة خلقت من ضعف ، المنفق عليها مُعان([312]) .


المقام الثالث

طلب الولد

             بعد تشكيل الاُسرة والزواج المبارك والميمون يأتي حكم العضو الثالث في الاُسرة وهو الطفل ـ  الذكر والاُنثى  ـ فإنّ من أهمّ عوامل الزواج كما مرّ هو الولد الصالح ، وتقع أحكام الطفل ضمن أدوار عديدة من قبل تكوين النطفة بما أعطاه من تعاليم وإرشادات في مسألة اختيار الزوجة والزوج فإنّ لهذا الاختيار دوراً كبيراً وأثراً مهمّاً في الولد ، فقد حدّد صفات المرأة التي تصلح اُمّاً لولد صالح سليم وكذلك صفات الرجل الذي يصلح لأن يكون أباً لذلك الولد . ثمّ له تعاليم بعد الزواج قبل الحمل ثمّ أثناء الحمل ثمّ أثناء الولادة وما بعدها إلى أن يصبح الولد مؤهّلا لإدارة شؤونه بمفرده .

             ويمكن أن يقال إنّ أوّل دور للأبوين في عالم الأولاد هو طلب الولد ، وقد وردت نصوص كثيرة في ذلك ، وفلسفة الطلب وأهدافه .

             1 ـ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله)  : الولد الصالح ريحانة من رياحين الجنّة .

             2 ـ عن الصادق (عليه السلام) ، قال  : ميراث الله من عبده المؤمن ، ولد صالح يستغفر  له .

             3 ـ عن الرضا (عليه السلام) ، قال  : إنّ الله تبارك وتعالى إذا أراد بعبد خيراً لم يمته حتّى يُريه الخَلَف ـ  أعمّ من الذكر أو الاُنثى  ـ  ، والخَلَف بالفتح أي الولد الصالح .

             4 ـ وروي  : أنّ مَن مات بلا خلف فكأن لم يكن في الناس ، ومن مات وله خلف فكأن لم يمت .

             ولهذا يقال  : من عنده الولد ـ  البنت أو الذكر  ـ فإنّه حيّ بين الناس وإن مات .

             5 ـ وعن الصادق (عليه السلام) ، قال  : إنّ الله عزّ وجلّ ليرحم الرجل لشدّة حبّه لولده .

             6 ـ من كتاب المحاسن ، عن بكر بن صالح ، قال  : كتبت إلى أبي الحسن الثاني (عليه السلام)  : إنّي اجتنبت طلب الولد من خمس سنين ، وذلك أنّ أهلي كرهت ذلك وقالت  : إنّه يشتدّ عليّ تربيتهم لقلّة الشيء فما ترى  ؟ فكتب (عليه السلام)  : اطلب الولد فإنّ الله يرزقهم .

             وهذا جواب لمن يقول في عصرنا  : من السعادة قلّة الأولاد ، وأنّ من الحياة الأفضل قلّة الأولاد ، لصعوبة التربية والمشاكل الاقتصادية ، فجوابهم  : إنّ الله يرزقهم ، وورد عن الإمام السجّاد  : « وأعنّي على تربيتهم » ...

             7 ـ عن الفردوس ، عن ابن عمر ، قال  : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله)  : اطلبوا الولد والتمسوه ، فإنّه قرّة العين وريحانة القلب ، وإيّاكم والعجز والعقر .

             العُجُز  : بضمّتين جمع عجوز أي المرأة المسنّة ، والعقر  : كركع ، جمع عاقر كراكع المرأة التي لا تلد والتي انقطع حملها .

             ولمّـا كان طلب الولد يتحقّق بالدعاء والطلب من الله سبحانه ، فهناك روايات كثيرة تشير إلى بعض الأدعية الواردة في هذا الباب .

             8 ـ عن عليّ بن الحسين (عليه السلام) ، أ نّه قال لبعض أصحابه  : قل في طلب الولد  : « ربّ لا تذرني فرداً وأنت خير الوارثين » واجعل لي من لدنك وليّاً يبرّ بي في حياتي ويستغفر لي بعد وفاتي ، واجعله خلقاً سويّاً ولا تجعل للشيطان فيه شركاً ولا نصيباً ، اللهمّ إنّي أستغفرك وأتوب إليك إنّك أنت الغفور الرحيم ) سبعين مرّة ، فإنّ من أكثر هذا الدعاء رزقه الله ما يتمنّى من مال وولد ، ومن خير الدنيا والآخرة ، فإنّه تعالى يقول  : (  فَـقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلُ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأمْوَال وَبَـنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَـنَّات وَيَجْعَلْ لَكُمْ أ نْهَاراً  )([313]) .

             9 ـ من كتاب طبّ الأئمة ، عن سليمان الجوزي ، عن شيخ مدائني ، عن زرارة ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال  : وفدت إلى هشام بن عبد الملك ، فأبطأ عليّ الإذن حتّى اغتمّ ، وكان له حاجب كثير الدنيا لا ولد له . فدنا أبو جعفر (عليه السلام) فقال له  : هل لك أن توصلني إلى هشام فاُعلّمك دعاء يولد لك ولد  ؟ فقال  : نعم . وأوصله إلى هشام فقضى حوائجه ، فلمّـا فرغ قال له الحاجب  : جعلت فداك ، الدعاء الذي قلت لي علّمني  ؟ فقال  : نعم ، تقول في كلّ يوم إذا أصبحت وإذا أمسيت  : « سبحان الله » سبعين مرّة ، وتستغفر الله عزّ وجلّ عشر مرّات ، وتسبّحه تسع مرّات وتختم العاشرة بالاستغفار لقوله تعالى  : (  اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلُ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأمْوَال وَبَـنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَـنَّات وَيَجْعَلْ لَكُمْ أ نْهَاراً  ) ، فقالها الحاجب فرزق ذرية كثيرة ، وكان بعد ذلك يصل أبا جعفر وأبا عبد الله (عليهما السلام) ، قال سليمان  : فقلتها وقد تزوّجت ابنة عمّي وقد أبطأ عليّ الولد منها وعلّمتها أهلي فرزقت ولداً ، وزعمت المرأة أ نّها حين تشاء أن تحمل حملت إذا قالتها ، وعلّمتها غيرها ممّن لم يكن يولد له فولد لهم ولد كثير .

             10 ـ عن أبي بكر بن الحرث البصري ، قال  : قلت لأبي عبد الله (عليه السلام)  : إنّي أهل بيت قد انقرضوا وليس لي ولد ، قال  : فادعُ الله عزّ وجلّ وأنت ساجد وقل  : « ربّ هب لي من لدنك ذريةً طيّبةً إنّك سميع الدعاء » ، « ربّ لا تذرني فرداً وأنت خير الوارثين » ، قال  : فقلتها فولد لي عليّ والحسين .

             11 ـ وبرواية عنه (عليه السلام) لطلب الولد قال  : إذا أردت المباشرة فلتقرأ ثلاث مرّات  : (  وَذَا النُّونِ إذْ ذَهَبَ مُغَاضِباً  )([314]) إلى ثلاث آيات فإنّك سترزق ولداً إن شاء الله .

             12 ـ من كتاب نوادر الحكمة ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال  : دخل رجل عليه فقال  : يا بن رسول الله ولد لي ثمان بنات رأس على رأس ولم أرَ قط ذكراً ، فادع الله عزّ وجلّ أن يرزقني ذكراً  ؟ فقال الصادق (عليه السلام)  : إذا أردت المواقعة وقعدت مقعد الرجل من المرأة ، فضع يدك اليمنى على يمين سُرّة المرأة واقرأ (  إنَّا أنزَلْـنَاهُ فِي لَـيْلَةِ القَدْرِ  )([315]) سبع مرّات ، ثمّ واقع أهلك ، فإنّك ترى ما تحبّ ، وإذا تبيّنت الحمل فمتى ما انقلبت من الليل فضع يدك اليمنى على يمين سرّتها واقرأ (  إنَّا أنزَلْـنَاهُ  ) سبع مرّات . قال الرجل  : ففعلت ذلك فولد لي سبع ذكور رأس على رأس . وقد فعل ذلك غير واحد ـ  أي كثير  ـ فرزقوا ذكوراً .

             13 ـ عن الحسن بن علىّ (عليه السلام) ، أ نّه وفد على معاوية ، فلمّـأ خرج تبعه بعض حجّابه وقال  : إنّي رجل ذو مال ولا يولد لي فعلّمني شيئاً لعلّ الله يرزقني ولداً  ؟ فقال  : عليك بالاستغفار ، فكان يكثر الاستغفار حتّى ربما استغفر في اليوم سبعمائة مرّة ، فولد له عشرة بنين ، فبلغ ذلك معاوية فقال  : هلا سألته ممّ قال ذلك  ؟ فوفده وفدة اُخرى ( على معاوية ) فسأله الرجل فقال  : ألم تسمع قول الله عزّ اسمه في قصّة هود (عليه السلام)  : (  وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إلَى قُوَّتِكُمْ  )([316]) ، وفي قصّة نوح (عليه السلام)  : (  وَيُمْدِدْكُمْ بِأمْوَال وَبَـنِينَ  )([317]) .

             14 ـ عن أبي بصير قال  : قال أبو عبد الله (عليه السلام)  : إذا أبطأ على أحدكم الولد فليقل  : (  اللهمّ لا تذرني فرداً وأنت خير الوارثين  ) وحيداً وحشاً فيقصر شكري عن تفكّري بل هب لي عاقبة صدق ذكوراً واُناثاً آنس بهم من الوحشة وأسكن إليهم من الوحدة وأشكرك عند تمام النعمة ، يا وهّاب يا عظيم يا معظّم ، ثمّ اعطني في كلّ عاقبة شكراً حتّى تبلغني منها رضوانك في صدق الحديث وأداء الأمنة ووفاء العهد .

             15 ـ عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال  : من أراد أن يحبل له فليصلّ ركعتين بعد الجمعة يطيل فيهما الركوع والسجود ثمّ يقول  : ( اللهمّ إنّي أسألك بما سألك به زكريا إذ قال  : ربّ لا تذرني فرداً وأنت خير الوارثين اللهمّ هب لي من لدنك ذرّية طيّبة إنّك سميع الدعاء ، اللهمّ باسمك استحللتها ، وفي أمانتك اخذتها فإن قضيت في رحمها ولداً فاجعله غلاماً مباركاً زكيّاً ولا تجعل للشيطان فيه شركاً ولا نصيباً ) .

             16 ـ عن أبي عبد الله (عليه السلام) أ نّه شكى إليه رجل أ نّه لا يولد له فقال له أبو  عبد  الله (عليه السلام)  : استغفر ربّك في السحر مئة مرّة فإن نسيته فاقضه .

             17 ـ وروي في كتاب الصلاة  : ممّا يكثر الولد رفع الصوت بالأذان([318]) .

             18 ـ عن الصادق (عليه السلام) ، قال  : إذا كان بامرأة أحدكم حمل وأتى عليها أربعة أشهر فليستقبل بها القبلة وليقرأ آية الكرسي وليضرب على جنبها وليقل  : ( اللهمّ إنّي قد سمّيته محمّداً ) ، فإنّ الله عزّ وجلّ يجعله غلاماً ـ  أي ولداً مذكّراً  ـ فإن وفى بالإسم ـ  أي بقي على الاسم ولم يغيّره  ـ بارك الله له فيه ، وإن رجع عن الاسم كان لله فيه الخيار إن شاء أخذه ، وإن شاء تركه .

             إشارة ودعوة  :

             لعلّ بعض المختصّين في العلوم المادّية ـ  كالطبّ مثلا  ـ يستغرب مثل هذا العلاج لحالة تستعصي حتّى على الطبّ الذي بلغ شأواً رفيعاً في التقدّم والتطوّر ولعلّ البعض والعياذ بالله يستهزئ ويعتبر هذه الوصفة دروشة وبساطة دينية واضحة ، ولكنّ الإنسان الذي يعتبر نفسه واعياً مثقّفاً لا بدّ أن يكون موضوعياً منصفاً فيتحقّق ولا تأخذه العزّة بالتطوّر « التكنولوجي » بعيداً عن جادّة الإنصاف فهؤلاء لماذا لا يتناولون مثل هذه الأخبار بالدراسة والتجربة فإنّهم سوف يكتشفون ولا شكّ اكتشافات باهرة مدهشة وقف أمامها العلم الحديث لا يدري ما يفعل ، فلو عدنا إلى خبر أبي جعفر (عليه السلام) مع حاجب هشام بن عبد الملك ودرسنا هذه الوصفة بشكل علمي من الناحية النفسية ومن الناحية البدنية ولا أحد ينكر ما  للحالة النفسية من أثر كبير على البدن ، وقد كتب الكثيرون في ذلك وهي حقيقة مذكورة بشكل واضح ومكرّر في روايات الأئمة (عليهم السلام) حيث أنّ الحالة النفسية لها أثر على البدن ، والحالة البدنية لها أثر على النفس ، والإسلام جاء بما يصلح النفس والبدن لينتج مزيجاً إنسانياً سليماً ومعافىً ، فلماذا تؤثّر على البدن فتحدث فيه تغييرات معيّنة تساعد على عملية الإنجاب .

             فما على أصحاب الاختصاصات إلاّ أن يشمّروا عن سواعد الجدّ والعمل ، وأن يتناولوا مثل هذه الروايات التي تحوي على أسرار مدهشة ومعجزة ، وأمّا دور رجال الدين في هذا هو أن يثبت أنّ صاحب هذا القول معصوم ، وأنّ المعصوم يصيب الواقع فلا يخطأ أبداً ، وكذلك لرجل الدين دور آخر وهو إثبات صدور هذه الرواية عن المعصوم ، وله مساهمة في دراسة بعض ما يشكل من مفردات في متن الرواية ، وأمّا التجربة والاختبار فهذا ليس من صميم عمله ، فكلٌّ يقوم بدوره بحسب اختصاصه العلمي والعملي .


المقام الرابع

الحمل وآدابه

             الدور الثاني في تربية الأولاد الذي يختصّ بالنساء هو دور الحمل ، وله معالم عديدة من تكوين النطفة ، وخلق الجنين ، والولادة ، وفي المهد طفلا ، والرضاعة ، والفطام ، ثمّ يأتي دور الأب المباشر ليدخل مع الاُمّ في تربية المولود سواء كان ولداً أو بنتاً كما ذكرنا .

             والمرأة بودّها أن تعرف ما لها من الأجر والثواب في تحمّل صعاب هذه الأدوار والمعالم ، ولنا طوائف من الروايات الشريفة تذكر لنا بوضوح عن الأجر والثواب لتحمل عبء هذه المسؤولية الخطيرة المزدحمة بالآلام والأوجاع والمتاعب .

             1 ـ عن زيد بن عليّ ، عن آبائه (عليهم السلام) ، قال  : ذكر رسول الله (صلى الله عليه وآله) الجهاد ، فقالت امرأة  : يا رسول الله ، ما للنساء من هذا شيء  ؟ ـ  يعني ليس لهم من فضائل الجهاد وثوابه  ـ فقال  : بلى ، للمرأة ما بين حملها إلى وضعها ، ثمّ إلى فطامها من الأجر كالمرابط في سبيل الله ، فإن هلكت فيما بين ذلك ـ  أي ماتت  ـ كان لها مثل منزلة الشهيد .

             2 ـ قال (عليه السلام)  : إنّ للمرأة في حملها إلى وضعها إلى فصالها من الأجر كالمرابط في سبيل الله ، فإن هلكت فيما بين ذلك فلها أجر شهيد .

             ولا بدّ لمن يحوم حول الحامل أن يراعي شعورها وعواطفها وأحاسيسها ، لا سيّما الزوج ، فإنّ له الدور الفعّال في عواطف الحامل ، فما يفعله من الخير أو الشرّ من اللطف والمحبّة أو الأذى والإيلام يؤثّر في تكوّن الجنين وفي خَلقه وخُلقه ، وهذا يعني أنّ الجنين يتغذّى بالغذاء المادّي والمعنوي من اُمّه ، فلا بدّ أن يقدّم للطفل الغذاء الجيّد للطفل .

             3 ـ قال الإمام الباقر (عليه السلام)  : لا تخيفوا المرأة الحامل ، فإنّ ذلك يؤثّر على الجنين .

             ثمّ سبحانه يزيدها قوّة عند الحمل .

             4 ـ عن الصادق (عليه السلام) ، عن أبيه (عليه السلام) ، قال  : إنّ الله تبارك وتعالى جعل للمرأة صبر عشر رجال ، فإذا حملت زادها قوّة عشرة رجال اُخرى .


المقام الخامس

أثر الطعام على الحوامل والأولاد والجماع

             إنّ للطعام التأثير البالغ في جسم الإنسان وروحه كما يشهد بذلك الوجدان وعلم الطبّ وما جاء في الأخبار الشريفة . وإليكم جملة من الأطعمة ذات التأثير الخاصّ على الحوامل والأولاد ، كما ورد في الروايات  :

             1 ـ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله)  : كلوا السفرجل وتهادوه بينكم ، فإنّه يجلو البصر وينبت المودّة في القلب ، وأطعموه حبالاكم ، فإنّه يحسّن أولادكم ، وفي رواية  : يحسّن أخلاق أولادكم .

             2 ـ عن الصادق (عليه السلام) ، أ نّه نظر إلى غلام جميل ، فقال  : ينبغي أن يكون أبو  هذا أكل سفرجلا ليلة الجماع .

             3 ـ الكافي عبد أبي عبد الله (عليه السلام) قال  : قال أمير المؤمنين (عليه السلام)  : خير تموركم البرني فأطعموه نساءكم في نفاسهن يخرج الولد ذكيّاً حليماً ، وفي خبر آخر  : حكيماً .

             4 ـ عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال  : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله)  : ليكن أوّل ما تأكل النفساء الرطب فإنّ الله تعالى قال لمريم  : (  وَهُزِّي إلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تسَاقط عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيَّاً  ) قيل  : يا رسول الله فإن لم يكن أوان الرطب  ؟ قال  : تسع تمرات من تمرات المدينة ، فإن لم تكن فتسع تمرات من تمر أمصاركم فإنّ الله تعالى يقول  : وعزّتي وجلالي وعظمتي وارتفاع مكاني لا تأكل نفساء يوم تلد الرطب فيكون غلاماً إلاّ كان حليماً وإن كانت جارية كانت حليمة .

             5 ـ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله)  : كلوا التين الرطب واليابس ، فإنّه يزيد في الجماع ...

             6 ـ عن الصادق (عليه السلام)  : في البصل ثلاث خصال  : يطيّب النكهة ، ويشدّ اللثّة ، ويزيد في الجماع .

             7 ـ عن داود بن فرقد ، قال  : دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) وبين يديه جزر ، قال  : فناولني جزرة وقال  : كل . فقلت  : إنّه ليس لي طواحن ، فقال  : أما لك جارية . قلت  : بلى . قال  : مرها أن تسلقه وكله ، فإنّه يسخن الكليتين ويقيم الذكر .

             8 ـ وقال (عليه السلام)  : الجزر أمان من القولنج والبواسير ويعين على الجماع .

             9 ـ عن الصادق (عليه السلام) ، قال  : كلوا البطّيخ فإنّ فيه عشر خصال مجتمعة  : ... ويزيد في الباه ...

             10 ـ قال النبيّ (صلى الله عليه وآله)  : أطعموا نساءكم الحوامل اللبان ، فإنّه يزيد في عقل الصبي .

             11 ـ عن الرضا (عليه السلام) ، قال  : أطعموا حبالاكم اللبان ، فإن يكن في بطنهن غلام خرج ذكيّ القلب عالماً شجاعاً ، وإن يكن جارية حسن خَلقها وخُلقها وعظمت عجيزتها وحظيت عند زوجها ـ  أي سعدت به ودنت من قلبه وأحبّها ، واللبان  : الكندر  ـ  .

             12 ـ قال أبو الحسن (عليه السلام)  : لا تدع العشاء ولو بكعكة ، فإنّ فيه قوّة الجسد ولا أعلمه إلاّ قال  : وصلاح للزواج بل للجماع .

             13 ـ قال أبو الحسن (عليه السلام)  : من أكل البيض والبصل والزيت زاد في جماعه ، ومن أكل اللحم بالبيض كبر عظم ولده .

             14 ـ عن بعض أصحاب أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال له  : جعلت فداك ، إنّي أشتري الجواري فاُحبّ أن تعلّمني شيئاً أتقوّى به عليهن  ؟ قال  : خذ بصلا وقطّعه صغاراً صغاراً وأقله بالزيت ، وخذ بيضاً فافقصه في صفحة وذر عليه شيئاً من الملح فاذرره على البصل والزيت وأقله شيئاً ثمّ كل منه ، قال  : ففعلت فكنت لا اُريد منهن شيئاً إلاّ وقدرت عليه .

             15 ـ نهى النبيّ (صلى الله عليه وآله) عن الأكل على الجنابة ، وقال  : إنّه يورث الفقر .

             فلو أنّ طبيباً تناول هذه الروايات بالدراسة والتجربة فإنّه سيحظى باكتشافات لم يسبقه إليها أحد ، ولو سبقه فإنّه سيعلم أنّ ما اكتشفه غيره موجود مذخور في روايات المعصومين (عليهم السلام) من مئات السنين وهذا اكتشاف رائع يعزّز موقعيّة الإسلام في النفوس ، لا سيّما في زماننا هذا ، حيث راحت تقاس فيه الاُمور بقياسات مادية بحتة .


المقام السادس

وضع الحمل

             هناك آداب في وضع الحمل ولها آثار وضعيّة ، فمن طبيعة الوضع أنّ النساء الأقارب يجتمعن مع القابلة حول المرأة التي تريد الولادة وأخذها المخاض ، بقصد المساعدة والمعونة وتقوية القلب وما شابه ذلك ممّـا هو عند النساء من الأغراض النسوية .

             1 ـ إلاّ أنّ الإمام الباقر (عليه السلام) قال  : كان عليّ بن الحسين (عليه السلام) إذا حضرت ولادة المرأة قال  : أخرجوا من في البيت من النساء لا تكون المرأة أوّل ناظر إلى عورته .

             2 ـ وقال (عليه السلام)  : إذا ولدت المرأة فليكن أوّل ما تأكل الرطب ، فإن لم يكن رطب فتمر ، فإنّه لو كان شيء أفضل منه أطعمه الله مريم (عليها السلام) حين ولدت عيسى  (عليه السلام) .

             في قوله تعالى  : (  وَهُزِّي إلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً * فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً  )([319]) .

             3 ـ الكافي بسنده عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال  : إذا ولد لكم المولود أيّ شيء تصنعون به  ؟ قلت  : لا أدري ما يصنع به قال  : فخذ عدسة جاوشير فديّفه بماء ، ثمّ قطّر في أنفه في المنخر الأيمن قطرتين وفي الأيسر قطرة واحدة ، وأذّن في اُذنه اليمنى وأقم في اليسرى تفعل به ذلك قبل قطع سرّته فإنّه لا يفزع أبداً ولا تصيبه اُمّ  الصبيان .

             بيان  : ( عدسة ) أي مقدار عدسة ، والديف والدوف الخلط والبلّ بماء ونحوه ، و  ( اُمّ الصبيان ) علّة تعتريهم .


المقام السابع

الرضاعة

             من الاُمور التي اهتمّ بها الإسلام غاية الاهتمام في الحياة الزوجية وفي مسألة التربية ، قضيّة الرضاعة ، فجعل لها حدوداً وآداباً ومقدّمات ونتائج ، ممّا  يدعو المطالع والسامع أن يتعمّق فيها ، ويعطي لها قسطاً كبيراً من الاهتمام في حياته ، ويراعي مسألة الرضاعة قبل زواجه لما يترتّب عليها من آثار وضعيّة حميدة أو سيّئة .

             وما أكثر الأخبار الشريفة والقصص التأريخية في هذا الباب .

             1 ـ عن الإمام الصادق (عليه السلام) ، عن أبيه (عليه السلام) ، قال  : إنّ علياً (عليه السلام) كان يقول ـ  وهذا يدلّ على الاستمرار ، أي كان دائماً يقول  ـ  : لا تسترضعوا الحمقاء ، فإنّ اللبن يغلب الطباع .

             2 ـ وقال النبيّ (صلى الله عليه وآله)  : لا تسترضعوا الحمقاء ، فإنّ الولد يشبّ عليه .

             3 ـ وفي خبر آخر  : ولا القماء ، فإنّ اللبن يعدي .

             4 ـ وقال (صلى الله عليه وآله)  : توقّوا على أولادكم من لبن البغية والمجنونة ، فإنّ اللبن يعدي .

             قال الله تعالى  :

             (  وَالوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أرَادَ أنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى المَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إلاَّ وُسْعَهَا لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإنْ أرَادَا فِصَالا عَنْ تَرَاض مِنْهُمَا وَتَشَاوُر فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإنْ أرَدْتُمْ أنْ تَسْتَرْضِعُوا أوْلادَكُمْ فَلا جُنَاحَ
عَلَيْكُمْ إذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أنَّ اللهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ  )([320]) .

             (  وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ  )([321]) .

             (  وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً  )([322]) .

             (  فَإنْ أرْضَعْنَ لَكُمْ فَآ تُوهُنَّ اُجُورَهُنَّ وَأتَمِرُوا بَـيْنَكُمْ بِمَعْرُوف وَإنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ اُخْرَى * لِـيُـنفِقْ ذُو سَعَة مِنْ سَعَتِهِ  )([323]) .

             وحديثنا عن الرضاعة لا باعتبار أحكامها الفقهية والشرعية كتحريم اُخت الرضاعة والاُمّ وغير ذلك ، بل باعتبار الجانب الأخلاقي والمعنوي ، كأن لا تسترضع الحمقاء فإنّ اللبن يؤثّر ويعدي فينقل الحماقة إلى الولد .

             5 ـ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله)  : ليس للصبيّ لبن خير من لبن اُمّه .

             وقد ثبت هذا المعنى أيضاً في الطبّ الحديث .

             6 ـ قال أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام)  : ما من لبن يرضع به الصبيّ أعظم بركةً عليه من لبن اُمّه([324]) .

             7 ـ الكافي بسنده عن محمّد بن العباس بن الوليد عن أبيه عن اُمّه اُمّ إسحاق بنت سليمان قالت  : نظر إليّ أبو عبد الله (عليه السلام) وأنا أرضع أحد ابني محمّداً أو إسحاق فقال  : يا اُمّ إسحاق ، لا ترضعيه من ثدي واحد وارضعيه من كليهما يكون
أحدهما طعاماً والآخر شراباً .

             بيان  : لمّا كان في الجديد لذّة كان اللبن الجديد ممّا يسيغ القديم كما أنّ الشراب يسيغ الطعام فصحّ بهذا الاعتبار أن يكون أحدهما بمنزلة الطعام والآخر بمنزلة الشراب .

             8 ـ عن أبي عبد الله (عليه السلام)  : الرضاع واحد وعشرون شهراً ، فما نقص فهو جور على الصبي .

             9 ـ الفقيه عن سعد بن سعد عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال  : سألته عن الصبي هل يرضع أكثر من سنتين  ؟ فقال  : عامين . قلت  : فإن زاد على السنتين هل على أبويه من ذلك شيء  ؟ قال  : لا .

             10 ـ عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال  : سألته عن مظائرة المجوسي  ؟ قال  : لا ولكن أهل الكتاب .

             11 ـ عن الحلبي قال  : قلت لأبي عبد الله (عليه السلام)  : امرأة ولدت من الزنا اتّخذها ظئراً 2؟ قال  : لا تسترضعها ولا ابنتها .

             12 ـ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله)  : لا تسترضعوا الحمقاء والعمشاء فإنّ اللبن يعدي وإنّ الغلام ينزع إلى اللبن يعني إلى الظئر في الرعونة والحمق .

             13 ـ عن أبي جعفر (عليه السلام)  : استرضع لولدك بلبن الحسان وإيّاك والقباح فإنّ اللبن قد يعدي .

             14 ـ وقال (عليه السلام)  : عليكم بالوضاء من الظؤورة فإنّ اللبن يعدي .

             15 ـ قال الصادق (عليه السلام)  : يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ، ولا يحرم من الرضاع إلاّ رضاع خمسة عشر يوماً ولياليهن ليس بينهن رضاع .


المقام الثامن

تسمية المولود

             من الاُمور التي أشار إليها الإسلام بل وركّز عليها هي قضيّة الاسم وما له من أثر كبير على نفسيّة وشخصيّة الولد .

             وفي بعض المجتمعات الغربية والشرقية آداب خاصة لوضع الاسم على المولود ، ففي حفلة يجتمع فيها أقرباء الرجل والمرأة كالآباء والاُمّهات والأعمام والأخوال ليختاروا اسماً على مولود الاُسرة لا سيّما المولد الأوّل .

             والإسلام قد اهتمّ بمسألة الاسم أيضاً ، فإنّ الأسماء تنزل من السماء ، وتخبر عن البواطن ، ولها علاقة بالمسمّيات ، كما أنّ صاحب الاسم الرديء ربما  يخجل من اسمه عندما ينادى به ، وكذلك الكلام في اللقب والكنية .

             ومن هذا المنطلق للولد حقّ على الوالد في تحسين اسمه ، فإنّه إذا لم يختار له الاسم الحسن والجميل ، فقد قصّر بحقّ ولده وعقّه ، كما أنّ الولد يعقّ الوالد ، والعاقّ مطلقاً بعيد عن رحمة الله سبحانه .

             وهذه نبذة من الروايات في هذا الباب  :

             1 ـ عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، قال  : من حقّ الولد على والده ثلاثة  : يحسن اسمه ، ويعلّمه الكتابة ، ويزوّجه إذا بلغ .

             2 ـ وقال (صلى الله عليه وآله)  : سمّوا أولادكم أسماء الأنبياء ، وأحسن الأسماء عبد الله وعبد الرحمن .

             3 ـ الكافي بسنده ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال  : حدّثني أبي عن جدّي ، قال  : قال أمير المؤمنين (عليه السلام)  : سمّوا أولادكم قبل أن يولدوا فإن لم  تدروا أذكر أم اُنثى فسمّوهم بالأسماء التي تكون للذكر والاُنثى ، فإنّ أسقاطكم إذا لقوكم يوم القيامة ولم تسمّوهم يقول السقط لأبيه  : ألا سمّيتني وقد سمّى رسول  الله (صلى الله عليه وآله) محسناً قبل أن يولد .

             بيان  : المسمّى بمحسن هو ولد فاطمة الزهراء سيّدة النساء (عليها السلام) الذي ألقته بعد وفاة النبيّ (صلى الله عليه وآله) حين ضرب عليها الباب من حقّ عليه كلمة العذاب([325]) .

             4 ـ عن أبي الحسن الأوّل (عليه السلام) قال  : أوّل ما يبرز الرجل ولده أن يسمّيه باسم حسن فليحسن أحدكم اسم ولده.

             5 ـ عن أبي عبد الله (عليه السلام)  : لا يولد لنا ولد إلاّ سمّيناه محمّداً ، فإذا مضى سبعة أيام فإن شئنا غيّرنا وإن شئنا تركنا .

             6 ـ عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال  : إنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) قال  : من ولد له أربعة أولاد لم  يسمّ أحدهم باسمي فقد جفاني([326]) .

             7 ـ الكافي عن العرزمي قال  : استعمل معاوية مروان بن الحكم على المدينة وأمره أن يفرض لشباب قريش ففرض لهم فقال عليّ بن الحسين (عليهما السلام)فأتيته فقال  : ما اسمك  ؟ فقلت  : عليّ بن الحسين . فقال  : وما اسم أخيك  ؟ فقلت  : عليّ . فقال  : ثمّ فرض لي فرجعت إلى أبي فأخبرته فقال  : ويل على ابن الزرقاء دبّاغة الأدم ، لو ولد لي مئة لأحببت أن لا اُسمّي أحداً منهم إلاّ عليّاً .

             8 ـ عن الجعفري قال  : سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول  : لا يدخل الفقر بيتاً فيه اسم محمّد أو أحمد أو علي أو الحسن أو الحسين أو جعفر أو طالب أو عبد الله أو فاطمة من النساء صلّى الله عليهم .

             وربما بهذه الأسماء المباركة أراد الأئمة (عليهم السلام) إحياء أمر هؤلاء العظماء ، وإحياء مذهبهم الحقّ الذين هؤلاء الأعاظم رموزه ، وعلى كلّ شيعيّ أن يختار هذه الأسماء فإنّ فيها البركة والغنى كما فيها إحياء المذهب وتثبيت كيانه ورموزه الخالدة .

             9 ـ عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال  : جاء رجل إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال  : يا  رسول الله ، ولد لي غلام فماذا اُسمّيه  ؟ قال  : سمّه بأحبّ الأسماء إليّ حمزة .

             10 ـ عن أبي عبد الله  (عليه السلام) قال  : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله)  : استحسنوا أسماءكم فإنّكم تدعون بها يوم القيامة ، قمّ يا فلان بن فلان إلى نورك ، وقم يا فلان بن فلان لا نور لك .

             11 ـ عن جابر قال  : أراد أبو جعفر (عليه السلام) الركوب إلى بعض شيعته ليعوده فقال  : يا جابر ألحقني ، فتبعته فلمّا انتهى إلى باب الدار خرج علينا ابن له صغير ، فقال  : ما اسمك  ؟ فقال  : محمّد ، قال  : فبما تكنّى  ؟ قال : بعليّ ، فقال أبو جعفر (عليه السلام): لقد احتظرت من الشيطان احتظاراً شديداً إنّ الشيطان إذا سمع منادياً ينادي باسم عدوّ من أصحابنا اهتزّ واختال .

             12 ـ عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال  : إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) دعا بصحيفة حين حضره الموت يريد أن ينهى عن أسماء يتسمّى بها فقُبض ولم يسمّها ، ومنها  : الحكم والحكيم وخالد ومالك وذكر أ نّها ستّة أو سبعة ممّا لا يجوز أن يتسمّى بها .

             13 ـ عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) نهى عن أربع كُنى عن أبي عيسى وعن أبي الحكم وعن أبي مالك وعن أبي القاسم إذا كان الاسم محمّداً .

             14 ـ عن أبي جعفر (عليه السلام)  : إنّ أبغض الأسماء إلى الله عزّ وجلّ حارث ومالك وخالد .

             15 ـ عن زرارة قال  : سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول  : إنّ رجلا كان يغشى عليّ ابن الحسين (عليهما السلام) وكان يكنّى أبا مرّة وكان إذا استأذن عليه يقول  : أبو مرّة بالباب فقال له عليّ بن الحسين (عليهما السلام)  : بالله إذا جئت بابنا فلا تقولنّ  : أبو مرّة . ( يغشى بمعنى يأتي وأبو مرّة كنية إبليس اللعين ) .

             16 ـ عن أبي هارون مولى آل جعدة قال  : كنت جليساً لأبي عبد الله (عليه السلام)في المدينة ففقدني أيّاماً ثمّ إنّي جئت إليه فقال لي  : لم أرك منذ أيّام يا أبا هارون  ؟ فقلت  : ولد لي غلام ، فقال  : بارك الله لك فيه فما سمّيته  ؟ قلت  : محمّداً ، قال  : فأقبل بخدّه نحو الأرض وهو يقول  : محمّد محمّد محمّد ، حتّى كان يلصق خدّه بالأرض ـ  وهذا معنى أنّ الأسماء تذكّرنا بالمسمّيات الرمزيّة في حياتنا  ـ ثمّ قال  : بنفسي وبولدي وبأهلي وبأبوي وبأهل الأرض كلّهم جميعاً الفداء لرسول الله (صلى الله عليه وآله) ، لا تسبّه ولا تضربه ولا تسيء إليه واعلم أ نّه ليس في الأرض دار فيها اسم محمّد إلاّ وهي تقدّس كلّ يوم ...([327]) .

             17 ـ عن الرضا ، عن أبيه ، عن آبائه (عليهم السلام) ، قال  : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله)  : ما من قوم كانت لهم مشورة فحضر معهم مَن اسمه محمّد أو أحمد فأدخلوه في مشورتهم ، إلاّ كان خيراً لهم .

             18 ـ قالوا لأبي طالب  : لأيّ شيء سمّيته أحمد ـ  في تسمية النبيّ (صلى الله عليه وآله)  ـ  ؟ قال  : ليحمده أهل السماء والأرض .

             19 ـ الكافي بسنده عن عليّ بن الحكم عن الحسين بن سعيد قال  : كنت أنا وابن غيلان المدائني دخلنا على أبي الحسن الرضا (عليه السلام) فقال له ابن غيلان  : أصلحك الله ، بلغني أ نّه من كان له حمل فنوى أن يسمّيه محمّداً ولد له غلام فقال  : من كان له حمل فنوى أن يسمّيه علياً ولد له غلام . ثمّ قال  : عليّ محمّد ومحمّد  عليّ شيئاً واحداً ، قال  : أصلحك الله إنّي خلّفت امرأتي وبها حمل فادع الله أن يجعله غلاماً ، فأطرق إلى الأرض طويلا ثمّ رفع رأسه فقال له  : سمّه علياً فإنّه أطول لعمره ، وخلنا مكّة فوافانا كتاب من المدائن أ نّه قد ولد له غلام .

             بيان  : ( شيئاً واحداً ) أي كانا (عليهما السلام) شيئاً واحداً ، وورد عن النبيّ (صلى الله عليه وآله)  : عليّ منّي وأنا من عليّ ، كما ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام)  : أنا من محمّد ومحمّد من أنا . فهما مظهران للحقيقة المحمّدية التي هي الولاية الإلهية العظمى .

             ملاحظة  :

             لقد ظهر من خلال الروايات السابقة اهتمام الإسلام بمسألة الاسم لما له من أثر على نفسية الطفل ، فالاسم الحسن يشدّ المسمّى إلى أجواء تتناسب مع حُسن هذا الاسم ، فالتي تسمّى بفاطمة مثلا فإنّ هذا الاسم يشدّها إلى عالم فاطمة (عليها السلام) ، وكذلك من تسمّى بمريم أو زينب أو من يُسمّى بمحمّد أو حسين أو أحمد ، وأمّا التي تسمّى ( كاترين ) أو ( نيرمين ) أو ( ميرفت ) أو ( هيام ) أو غيرها من أسماء الاناث التي تأخذ السامع فضلا عن المسمّى إلى أجواء مشابهة لمعاني تلك الأسماء وكذلك بالنسبة للذكور مثل سمير أو عذاب .

             ونجد أنّ الإسلام وقف موقفاً حازماً من التنابز بالألقاب التي تشعر بالإهانة ، وواقعنا مليء بهذه العادة السيّئة لا سيّما في القرى حيث سرعان ما  يلصق بالولد لقب سيّئ ينسحب عليه وعلى ذرّيته إلى يوم القيامة .

             وللطرفة فقد ذكر لي من أعرفه قصّة في هذا المجال حيث نزل ضيفاً على جماعة لهم طفل صغير اسمه إبراهيم وقد كان كثير الحركة مشاكساً على ضآلة جسمه ، فقد كان والده يلقّبه بـ  ( الدبّور ) أي الزنبور فاعترض عليه صاحبنا وبيّن له الآثار السلبيّة لهذا التصرّف مع هذا الطفل ، فإنّه سيكون علماً يعرف به هو وذرّيته ومن يتعلّق به ، فيقال ابن وابنة وزوجة وحفيد ... الدبّور ، وهذا يسبّب أذيّةً للكلّ ، ثمّ نصح صاحبنا مضيفه بأن يكنّيه كنيةً تزيل ذلك اللقب البغيض فأوكل الأب هذا لصاحبنا ، فكنّاه بأبي خليل ، ثمّ عاد صاحبنا بعد سنة ونزل ضيفاً عند هؤلاء ، فسأل الأب عن الاتفاق فأجابه الأب  : إنّنا نعمل بالاتفاق عندما نكون راضين عليه ـ  أي على الطفل  ـ فنناديه بأبي خليل ، وعندما يشاغب ويشاكس فإنّنا نناديه بـ  ( الدبّور ) .

             20 ـ الكافي بسنده عن معمر بن خيثم قال  : قال لي أبو جعفر (عليه السلام)  : « ما  تُكنّى  ؟ » قال  : قلت  : ما اكتنيت بعد وما لي ولد ولا امرأة ولا جارية ، قال  : فما يمنعك من ذلك  ؟ قال  : قلت  : حديث بلغنا عن عليّ (عليه السلام) . قال  : وما هو  ؟ قلت  : بلغنا عن عليّ (عليه السلام) أ نّه قال  : من اكتنى وليس له أهل فهو أبو جعر ـ  ما ييبس من الثقل في الدبر أو خرج يابساً  ـ فقال أبو جعفر (عليه السلام)  : شوّه ـ  كلمة نفرة  ـ ليس  هذا من حديث عليّ (عليه السلام) ، إنّا لنكنّي أولادنا في صغرهم مخافة النبز أن يلحق بهم ـ  النبز أي اللقب السوء  ـ  .


المقام التاسع

التهنئة بالمولود

             من الآداب الاجتماعية التي أقرّها الإسلام ، أ نّه بعد الولادة ينبغي على الأقرباء والأصدقاء والجيران أن يهنّئوا الاُسرة بالمولود الجديد ، وهذه السيرة الحسنة جارية في البلاد بصورة عامّة ، إنّما الاختلاف في الكيفية والأشكال ومحتوى التهاني والتبريكات والألفاظ التي يستعملونها في ذلك .

             جاء الإسلام العظيم ليؤدّب معتنقيه بالآداب الاجتماعية ، ومنها كيفية تقديم التهاني والكلمات التي ورائها المعاني التي تخبر عن المعتقدات والمبادئ . فلا بدّ من ألفاظ إسلامية خاصّة تنبئ عن معتقدات المتكلّم وإيمانه .

             1 ـ عن الإمام الصادق (عليه السلام) ، قال  : هنّأ رجل رجلا أصاب ابناً ، فقال  : أهنئك الفارس . فقال له الحسن بن عليّ (عليهما السلام)  : ما أعلمك أن يكون فارساً أو راجلا  ؟ ـ  أي هذا من المستقبل المجهول لعامة الناس  ـ فقال له  : جعلت فداك فماذا نقول  ؟ قال  : تقول  : شكرت الواهب وبورك لك في الموهوب وبلغ أشدّه ورزقت برّه .

             وبهذا علّمنا الإمام روحي فداه أن نشكر الله أوّلا على آلائه ونعمه ، ومنها المولود الجديد ، وثانياً ندعو له من اليوم الأوّل من حياته بأ نّه يبارك له الله سبحانه في حياته العلمية والعملية ويكون المولود الذي وهبه الله إليه لقوله  : (  يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ  )([328]) ، مباركاً ، كما يطيل الله في عمره حتّى يبلغ أشدّه ، كما يرزق برّه أي يكون بارّاً بوالديه ولم يكن جبّاراً شقيّاً بعقوق
الوالدين .

             فما أروع الإسلام العظيم ، وحقّاً كلام الإمام إمام الكلام ، وإنّ كلام الأئمّة الأطهار (عليهم السلام) نور يستضاء به في كلّ مجالات الحياة في الدنيا والآخرة .


المقام العاشر

العقيقة وما يتعلّق بها

             من الآداب الإسلامية ( العقيقة ) ، بأن يعقّ عن المولود بذبيحة ، وفي هذا المضمار روايات كثيرة تدلّ على أنّ للعقيقة آثاراً وضعيّة في الدنيا والآخرة .

             وقد اختلف الأعلام في حكمها فمنهم من أوجبها ومنهم من قال بالاستحباب المؤكّد كما هو المختار ، فإنّه ورد في الأحاديث كما في الفقيه ( 3  : 484 ) بسنده قال (عليه السلام)  : « العقيقة واجبة إذا ولد له ولد » ، إلاّ أنّ المراد من الوجوب هو تأكّد الاستحباب .

             قال في الكفاية  : اختلف الأصحاب في وجوبها واستحبابها ، فذهب السيّد المرتضى وابن الجنيد القديم إلى وجوبها ، وادّعى السيّد إجماع الإمامية واستدلّ بظواهر الأوامر الواردة بذلك في غير واحد من الأخبار أ نّها واجبة ، إلاّ أ نّها قابلة للتأمّل سنداً ودلالة .

             وذهب الشيخ ومن تأخّر عنه إلى استحبابها استضعافاً لأدلّة الوجوب ، وفي بعض الأخبار الصحيحة أ نّها أوجب من الأضحيّة ، والأضحية مستحبّة عند أكثر أصحابنا .

             وفي موثّقة عمّار الساباطي عن الفقيه أ نّه إن لم يعقّ عنه حتّى ضحّى فقد أجزأته الأضحية ، ويستفاد منها الاستحباب إذ لو كانت العقيقة واجبة لم يكن يجزي عنها الأضحية .

             وإليك جملة من الروايات الشريفة  :

             1 ـ عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال  : كلّ امرئ يوم القيامة مرتهن بعقيقته ، والعقيقة أوجب من الأضحية . أي أهمّ منها .

             2 ـ وعنه (عليه السلام) ، قال  : كلّ إنسان مرتهن بالفطرة ـ  فإنّ كلّ مولود يولد على فطرة التوحيد والإيمان الكامل  ـ وكلّ مولود مرتهن بالعقيقة .

             3 ـ عن عمر بن يزيد ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال  : قلت له  : إنّي والله ما  أدري أكان أبي عقّ عنّي أم لا  ؟ فأمرني فعققت عن نفسي وأنا شيخ .

             4 ـ عن عليّ بن أبي حمزة ، عن العبد الصالح (عليه السلام) ، قال  : العقيقة واجبة إذا ولد للرجل ولد ، فإن أحبّ أن يسمّيه في يومه فليفعل .

             5 ـ عن الصادق (عليه السلام) ، قال  : العقيقة لازمة لمن كان غنياً ، ومن كان فقيراً إذا أيسر فعل ، فإن لم يقدر على ذلك فليس عليه ، وإن لم يعقّ عنه حتّى ضحّى عنه فقد أجزأته الاُضحية ، وكلّ مولود مرتهن بعقيقته .

             6 ـ وقال (عليه السلام) في العقيقة  : يذبح عنه كبش ، فإن لم يوجد كبش أجزأ ما  يجزئ في الأضحية وإلاّ فحَمَل ، أعظم ما يكون من حملان السنّة .

             7 ـ وعنه (عليه السلام) ، سئل عن العقيقة  ؟ قال  : شاة أو بقرة أو بدنة ـ  الجمل أو  الناقة  ـ ثمّ يسمي ويحلق رأس المولود يوم السابع ، ويتصدّق بوزن شعره ذهباً أو فضّة ، فإن كان ذكراً عقّ عنه ذكراً وإن كانت اُنثى عقّ عنه اُنثى .

             8 ـ وعقّ أبو طالب عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم السابع فدعا آل أبي طالب ، فقالوا  : ما هذه  ؟ فقال  : عقيقة أحمد ، قالوا  : لأي شيء سمّيته أحمد  ؟ فقال  : ليحمده أهل السماء والأرض .

             ومن مستحبّات العقيقة أن يعطى منها للقابلة ، والباقي يطعم بها المسلمون الموالون لأهل البيت (عليهم السلام) .

             9 ـ عن الصادق (عليه السلام) ، قال  : يعطى للقابلة ربعها ، فإن لم تكن قابلة فلاُمّه تعطيها من شاءت وتطعم منها عشرة من المسلمين ، فإن زاد فهو أفضل .

             10 ـ وعنه (عليه السلام) ، قال  : يسمّى الصبيّ يوم السابع ويحلق رأسه ويتصدّق بزنة الشعر فضّة ويعقّ عنه بكبش فحل ، ويقطع أعضاءه ويطبخ ويدعى عليه رهط من المسلمين ، فإن لم يطبخه فلا بأس أن يتصدّق به أعضاء ، والغلام والجارية في ذلك سواء ، ولا يأكل من العقيقة الرجل ولا عياله ، وللقابلة رجل العقيقة ، وإن كانت القابلة اُمّ الرجل أو في عياله فليس لها منها شيء ، فإن شاء قسّمها أعضاء ، وإن شاء طبخها وقسّم معها خبزاً ومرقاً ولا يطعمها إلاّ لأهل الولاية ...

             ومن المستحبّات دعاء العقيقة .

             11 ـ عن الباقر (عليه السلام) ، قال  : إذا ولد لأحدكم ولد فكان يوم السابع فليعقّ عنه كبشاً وليطعم القابلة من العقيقة الرجل بالورك ، وليحنّكه بماء الفرات ، وليؤذّن في اُذنه اليمنى وليقم في اليسرى ويسمّيه يوم السابع ، ويحلق رأسه ويوزن شعره فيتصدّق بوزنه فضّة أو ذهباً ، فإنّ الله ينزل اسمه من السماء ، فإذا ذبحت فقل  : ( بسم الله وبالله والحمد لله والله أكبر إيماناً بالله وثناءً على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وشكراً لرزق الله ، وعصمةً بأمر الله ، ومعرفةً بفضله علينا أهل البيت ) ، فإن كان ذكراً فقل  : ( اللهمّ أنت وهبت لنا ذكراً وأنت أعلم بما وهبت ، ومنك ما أعطيت ولك ما صنعنا ، فتقبّله منّا على سنّتك وسنّة رسولك (صلى الله عليه وآله) وأخسئ عنّا الشيطان الرجيم ، لك سفكت الدماء لا شريك لك ، الحمد لله ربّ العالمين ) .