فكلّ شيء في عالم التكوين لا يخلو من زوج ، فيكون قانون الزواج أو الزوجيّة حاكم على الطبيعة والعالم التكويني .


الزواج التشريعي

             للإنسان غرائز شتّى ، ومن أبرزها الغريزة الجنسية ، فإنّه يحمل القوّة الشهويّة ، ومن أهمّ مصاديقها شهوة المقاربة واللقاح الجنسي ، فإنّ الإنسان ـ  الذكر والاُنثى  ـ بطبيعته وغريزته التي أودعها الله فيه يميل إلى الجنس المخالف ، ويحاول أن يقترب منه ، إلاّ أنّ المقاربة تارة تكون شرعيّة ، أي أجازها الله وشرّعها وتسمّى بالنكاح الشرعي ، وقد أحلّه الله سبحانه ، واُخرى تكون غير  شرعيّة ، وتسمّى بالسفاح ، وقد حرّمه الله سبحانه كالزنا .

             والنكاح بالمعنى الأعمّ بمعنى مطلق المقاربة والجماع الزوجي وأ نّه يتّصف بحسب الأحكام التكليفيّة الشرعية الخمسة ـ  الواجب والحرام والمستحبّ والمكروه والمباح  ـ بالأحكام الخمسة ، فإمّا أن يكون واجباً ، كما لو خيف الوقوع في الحرام ، أو محرّماً كالنكاح بذات المحارم والأجنبية وهو السفاح والزنا المحرّم ، أو مستحبّاً بحسب الأماكن والأزمنة والحالات الخاصّة ممّـا يوجب رجحان الفعل كما أ نّه في ذاته يستحبّ ذلك ، وربما يكون مرجوحاً ومكروهاً ، وإذا لم تكن العناوين الراجحة أو المرجوحة ، فهو المباح بالمعنى الأخصّ .

             والنكاح الواجب والمستحبّ والمكروه والمباح يسمّى بالنكاح الحلال ، وهو إمّا أن يكون دائماً أو منقطعاً أو بملك يمين ، والنكاح المحرّم يسمّى بالحرام ، وقد حرّمه الله سبحانه وأوعد عليه بالنار والخزي في الآخرة ، كما أوجب عليه الحدّ في الدنيا من الرجم لو كان محصناً ، ومئة جلدة لو كان غير محصن ، كما هو مذكور تفصيلهما في الفقه الإسلامي .

             وأوّل زواج تشريعي قد تحقّق بين آدم أبي البشر وحوّاء اُمّهم ، كما ورد في الخبر الشريف ، وفيه إشارة إلى فلسفة الزواج في الجملة وإلى الخطبة والمهر .

             عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث قال  : إنّ الله عزّ وجلّ خلق آدم من طين ثمّ ابتدع له حوّاء فجعلها في موضع النقرة التي بين وركيه ، وذلك لكي تكون المرأة تبعاً للرجل ، فقال آدم  : يا ربّ ما هذا الخلق الحسن الذي قد آنسني قربه والنظر إليه  ؟ فقال الله  : يا آدم هذه أمتي حوّاء ، أفتحبّ أن تكون معك تؤنسك وتحدّثك ، وتكون تبعاً لأمرك  ؟ فقال  : نعم يا ربّ ، ولك بذلك عليّ الحمد والشكر ما بقيت ، فقال الله عزّ وجلّ  : فاخطبها إليّ ، فإنّها أمتي ، وقد تصلح لك أيضاً زوجة للشهوة ، وألقى الله عليه الشهوة وقد علّمه قبل ذلك المعرفة بكلّ شيء ، فقال  : يا ربّ ، فإنّي أخطبها إليك ، فما رضاك لذلك  ؟ فقال الله عزّ وجلّ  : رضاي أن تعلّمها معالم ديني ، فقال  : ذلك لك عليَّ يا ربّ إن شئت ذلك لي ، فقال الله عزّ وجلّ  : وقد شئت ذلك ، وقد زوّجتكها فضمّها إليك([64]) .

             ثمّ الزواج الثاني كان لولد آدم (عليه السلام) ، لا كما تقول المجوس ـ  لعنهم الله  ـ من نكاح الإخوة والأخوات ، بل كما ورد في الأخبار .

             ففي من لا يحضره الفقيه([65]) بسنده عن زرارة ، عن أبي عبد الله (عليه السلام)  : إنّ آدم ولد له شيث وأنّ اسمه هبة الله ، وهو أوّل وصيّ اُوصي إليه من الآدميين في الأرض ، ثمّ ولد له بعد شيث يافث ، فلمّـا أدرك أراد أن يبلغ بالنسل ما ترون ، وأن يكون ما جرى به القلم من تحريم ما حرّم الله من الأخوات على الإخوة .

             أنزل الله بعد العصر في يوم الخميس حوراء من الجنّة اسمها نُزلة ، فأمر الله عزّ وجلّ آدم أن يزوّجها من شيث فزوّجها منه ، ثمّ أنزل بعد العصر من الغد حوراء من الجنّة اسمها منزلة فأمر الله عزّ وجلّ آدم أن يزوّجها من يافث فزوّجها منه ، فولد لشيث غلام وولد ليافث جارية ، فأمر الله سبحانه آدم حين أدركا أن يزوّج ابنة يافث من ابن شيث ففعل ، وولد الصفوة من النبيين والمرسلين من نسلهما ، ومعاذ الله أن يكون ذلك على ما قالوا من أمر الإخوة والأخوات ) .

             وعن الفقيه أيضاً([66]) بسنده عن أبي جعفر (عليه السلام) قال  : « إنّ الله تعالى أنزل على آدم حوراء من الجنّة فزوّجها أحد ابنيه وتزوّج الآخر ابنة الجان فما كان في الناس من جمال كثير أو حسن خلق فهو من الحوراء ، وما كان منهم من سوء خُلق فهو من ابنة الجان » .

             ويمكن الجمع بين الروايتين ـ  والجمع مهما أمكن أولى من الطرح  ـ أنّ الله سبحانه زوّج أولاد آدم مرّتين تارةً بحوريّتين واُخرى بحوريّة وجنّية ، أو أنّ الزواج الأوّل كان لولدين من آدم والثاني لولدين آخرين .

            وفي الكافي([67]) بسنده عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال  : « ذكرت له المجوس وأ نّهم يقولون  : نكاح كنكاح ولد آدم وأ نّهم يحاجّونا بذلك . فقال  : أمّا أنتم فلا يحاجّونكم به ، لمّـا أدرك هبة الله قال آدم  : يا ربّ ، زوّج هبة الله ، فأهبط الله عزّ وجلّ له حوراء فولدت له أربعة غلمة ، ثمّ رفعها الله فلمّـا أدرك ولد هبة الله قال  : يا ربّ ، زوّج ولد هبة الله ، فأوحى الله عزّ وجلّ إليه أن يخطب إلى رجل من الجنّ وكان مسلماً أربع بنات له على ولد هبة الله فزوّجهن فما كان من جمال وحلم فمن قبل الحوراء والنبوّة ، وما كان من سفه أو حدّة فمن الجنّ » .

             فإنّ الجنّ خلقوا من نار ، ففيهم الحدّة والغضب .

             وأمّا ما ورد في القرآن الكريم في الزواج التشريعي وبعض أحكامه ، فهذه جملة من الآيات الكريمة  :

             قال الله سبحانه وتعالى  :

             1 ـ (  وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إلاَّ عَلَى أزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أيْمَانُهُمْ فَإنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ا بْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَاُوْلَئِكَ هُمُ العَادُونَ  )([68]) .

             والعادون المتجاوزون حدود الله سبحانه ، وبه يستدلّ على تحريم الاستمناء ، فإنّه طلب المنيّ من غير وجهه الشرعي .

             وقال عزّ وجلّ  :

             2 ـ (  وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إلَيْهَا  )([69]) .

             وقال سبحانه وتعالى  :

             3 ـ (  وَأنكِحُوا الأيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإمَائِكُمْ إنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ  )([70]) .

             (  الأيَامَى  ) جمع أيمّ ، وأصلها أيائم قلبت كاليتامى ، والأيم التي لا زوج لها بكراً كانت أو ثيّباً ، وكذلك الرجل ، والخطاب للأولياء والسادات  : (  إنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ  ) أي لا تجعلوا الفقر مانعاً من النكاح سابقاً كان أو لاحقاً (  وَلْيَسْتَعْفِفِ  ) المشهور في تفسيرها ليجتهدوا في قمع الشهوة وطلب العفّة بالرياضة لتسكين شهوتهم ، كما قال النبيّ (صلى الله عليه وآله)  : « يا معشر الشبّان ، من استطاع منكم الباءة فليتزوّج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم ، فإنّه له وجاء » ، والباءة الجماع ، والوجاء أن يرضّ اُنثيا الفحل رضّاً شديداً يذهب بشهوة الجماع ، أراد أنّ الصوم يقطع النكاح كما يقطعه الوجاء ، قالوا  : الآية الاُولى وردت للنهي عن ردّ النكاح حذراً من تبعة حالة الزواج ، فلا تناقض([71]) .

             وقال جلّ جلاله  :

             4 ـ (  وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلا أنْ يَنكِحَ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا  مَلَكَتْ أيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ المُؤْمِنَاتِ وَاللهُ أعْلَمُ بِإيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْض فَانكِحُوهُنَّ بِإذْنِ أهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ اُجُورَهُنَّ بِالمَعْرُوفِ مُحْصَنَات غَيْرَ مُسَافِحَات وَلا مُتَّخِذَاتِ أخْدَان فَإذا اُحْصِنَّ فَإنْ أتَيْنَ بِفَاحِشَة فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى المُحْصَنَاتِ مِنَ العَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ العَنَتَ مِنْكُمْ وَأنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ  )([72]) .

             (  طَوْلا  ) قدرة وغنىً ، (  أنْ يَنكِحَ المُحْصَنَاتِ  ) أي الحرائر العفيفات ، والإحصان الإعفاف ، وصفت به الحرائر لإحصانهنّ عن أحوال الإماء من الابتذال والامتهان ، (  وَاللهُ أعْلَمُ بِإيمَانِكُمْ  ) يعني ما أنتم مكلّفون إلاّ بظاهر الحال ، فكلّ من يظهر الإيمان فهو مؤمن ومؤمنة عندكم فاحكموا به ، فنكاحهما جائز ولستم مؤاخذين إن كانا منافقين ، (  بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْض  ) كلّ من ولد آدم فلا تأبوا نكاح الإماء فإنّ المدار على الجنسية ( الرجل والمرأة ) والإيمان ، (  مُحْصَنَات  ) تزوّجوهن عفائف ، (  غَيْرَ مُسَافِحَات  ) غير زانيات من السفح وهو صبّ المني ، فإنّ الزاني لا يحصل منه بفعله إلاّ ذلك ، (  أخْدَان  ) أخلاّء في السرّ يزنون بهنّ ، (  فَإذا اُحْصِنَّ  ) تزوّجن من أحصن الرجل تزوّج ، وأحصنه التزوّج فهو محصَن ـ  بالفتح  ـ أي أمن من الزنا ، وقيل  : أسلمن فأحصنهن الإسلام كما تحصنهن الأزواج ، وقرئ بفتح الهمزة والصاد ، (  مِنَ العَذَابِ  ) من الحدّ المقرّر في الزنا ، (  العَنَتَ  ) الإثم الذي يحصل بسبب الزنا لغلبة الشهوة أو الحدّ المترتّب عليه ، وأصله انكسار العظم بعد الجبر ، فاستعير لكلّ مشقّة وضرر ، (  وَأنْ تَصْبِرُوا  ) عن نكاح الإماء باحتمال شدّة العزوبة ، (  خَيْرٌ لَكُمْ  ) من تزويجكم بها واحتمال سوء معاشرتهن والعار اللاحق بكم وبأولادكم بسببه ، وقد ورد في الخبر  : الحرائر صلاح البيت ، والإماء خراب البيت .

             قال سبحانه  :

             5 ـ (  وَلا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَاءَ سَبِيلا * حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ اُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأخِ وَبَنَاتُ الاُخْتِ وَاُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أرْضَعْنَكُمْ وَأخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَاُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أبْنَائِكُمْ وَحَلائِلُ أبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أصْلابِكُمْ وَأنْ تَجْمَعُوا بَـيْنَ الاُخْتَيْنِ إلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إنَّ اللهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً * وَالمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إلاَّ مَا مَلَكَتْ أيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَاُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أنْ تَبْتَغُوا بِأمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ  )([73]) .

             (  إلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ  ) يعني في الجاهلية فإنّكم معذورون فيه ، (  وَالمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ  ) أي الزوجات ما دمن في نكاح أزواجهن والمعتدّات ، (  إلاَّ مَا مَلَكَتْ أيْمَانُكُمْ  ) حدث لهن استرقاق إمّا باشتراء أو اتهاب أو ميراث أو سبي ، ويدخل فيه إذا فسخ العقد بينهما وبين مملوكه ولا بدّ في الكلّ من العدّة ، (  كِتَابَ اللهِ عَلَيْكُمْ  ) كتب الله كتاباً عليكم وفرض فريضة ، (  أنْ تَبْتَغُوا  ) إرادة أن تبتغوا أو بدل اشتمال محصنين متعفّفين أو متزوّجين تزوّجاً شرعياً .

             وقال عزّ من قائل  :

             6 ـ (  وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الكَوَافِرِ  )([74]) .

             (  لا تُمْسِكُوا  ) أي لا تعتدوا ، والعصمة ما يتمسّك به من عقد أو سبب ، وفسّر ها هنا بالنكاح .

             وقال جلّ اسمه  :

             7 ـ (  وَإنْ خِفْتُمْ أ لاَّ تُقْسِطُوا فِي اليَتَامَى فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإنْ خِفْتُمْ أ لاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أوْ مَا مَلَكَتْ أيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أدْنَى أ لاَّ تَعُولُوا  )([75]) .

             (  أ لاَّ تُقْسِطُوا فِي اليَتَامَى  ) لا تعدلوا إذا تزوّجتم بهنّ فتزوّجوا غيرهن ممّن طاب لكم من اللاتي لا تقدرون على عدم العدل لعشرتهن ، كذا قيل ، وقيل  :
كانوا إذا وجدوا يتيمة ذات مال وجمال تزوّجوها فربما تجتمع عند أحد منهم عدّة منهن فيقصّرون فيما وجب عليهم لهنّ ، وقيل غير ذلك ، (  أدْنَى  ) أقرب ، (  أ لاَّ  تَعُولُوا  ) أن لا تميلوا من عال الميزان إذا مال ، أو أن لا تجوروا من عال الحاكم في حكمه إذا جار .

             8 ـ الكافي بسنده عن محمّد بن الحسن قال  : سأل ابن أبي العوجاء هشام ابن الحكم فقال له  : أليس الله حكيماً  ؟ قال  : بلى هو أحكم الحاكمين ، قال  : فأخبرني عن قوله عزّ وجلّ  : (  فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإنْ خِفْتُمْ أ لاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً  )([76]) أليس هذا فرض  ؟ قال  : بلى ، قال  : فأخبرني عن قوله عزّ وجلّ  : (  وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أنْ تَعْدِلُوا بَـيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ المَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالمُعَلَّقَةِ  )([77]) أيّ حكيم يتكلّم بهذا . فلم يكن عنده  جواب فرحل إلى المدينة إلى أبي عبد الله (عليه السلام) فقال  : يا هشام في غير وقت حجّ ولا عمرة  ؟ قال  : نعم جعلت فداك لأمر أهمّني ، إنّ ابن أبي العوجاء سألني عن  مسألة لم يكن عندي فيها شيء ، قال  : وما هي  ؟ فأخبره بالقصّة فقال له أبو  عبد الله (عليه السلام)  : « أمّا قوله فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم أن لا تعدلوا فواحدة يعني في النفقة ، وأمّا قوله  : ( ولن تستطيعوا أن  تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كلّ الميل ) يعني في المودّة ، قال  : فلمّا قدم عليه هشام بهذا الجواب وأخبره قال  : والله ما هذا من عندك »([78]) .

             ثمّ بناء الاُسرة إنّما يتمّ على أساس من زواج أصيل  :

             9 ـ (  وَمِنْ آيَاتِهِ أنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أنفُسِكُمْ أزْوَاجاً لِتَسْكُـنُوا إلَيْهَا  )([79]) .

             فالهدف الأساسي والأوّل من الزواج هو السكن والطمأنينة الذي سوف يترك أثره الطيّب على الأولاد وعلى الزوجين ، حيث إنّ أهمّ عنصر لنموّ الطاقات والاستفادة الصحيحة منها هو هدوء البيت الناتج عن أسباب المودّة والرحمة التي جعلها الله بجعل تكويني  :

             (  وَجَعَلَ بَـيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً  )([80]) .

             إلاّ أ نّه أمر الإنسان بالحركة أيضاً ، حتّى لا يكون الجبر ، فدعى إلى المعاشرة الحسنة والطيّبة بقوله تعالى  :

             10 ـ (  وَعَاشِرُوهُنَّ بِالمَعْرُوفِ  )([81]) .

             ثمّ يؤدّب كلّ ناشز من الرجال والنساء ، كما لا يرضى للمرأة أن تهان على حساب اُنوثتها ، بل المرأة تساوي الرجل في التربية والتعليم وفي مجال الأدب والشرف والكرامة  :

             11 ـ (  وَالمُؤْمِنُونَ وَالمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أوْلِيَاءُ بَعْض يَأمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ  )([82]) .

             فللمرأة رسالة في الإسلام من خلال حجابها وتمسّكها بالإسلام .

             ثمّ لا يجوز ولا يباح في المجتمعات الإنسانية منذ اليوم الأوّل من البشريّة ارتباط الرجل بالمرأة برابطة الزوجية إلاّ في صورة خاصة وحدود معيّنة ترسمها الشرائع السماوية أو النظم الاجتماعية ، فهذه الرابطة ليست مطلقاً في النوع الإنساني ، بل هي مقيّدة بعدّة قيود يفرضها الشرع المقدّس أو العقل الجمعي ، وتختلف في إجمالها وتفصيلها باختلاف العصور والمجتمعات .

             الطَبقيّة  في  الزواج  :

             ومن أهمّ هذه القيود عبارة عن الطبقات التي يباح بينها الزواج ، والتي لا يحلّ بينها الزواج ، وعدد الأزواج والزوجات ، وما يتمّ به الزواج والحقوق والواجبات الملقاة على عاتق الزوجين من خلال هذا الارتباط الزوجي الشرعي أو العرفي .

             ونطاق الطبقات يختلف باختلاف المجتمعات ، فمن القيود ما ترجع إلى  الاختلاف في الدين ، ففي الاُمم الإسلامية مثلا لا يجوز زواج المسلمة بغير  المسلم ولو كان كتابياً ، كما لا يجوز زواج المسلم بغير المسلمة والكتابية ، فلا يصحّ زواجه من مشركة وثنية كما في قوله تعالى  :

             12 ـ (  وَلا تَنكِحُوا المُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَة وَلَوْ أعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنكِحُوا المُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَ لَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِك وَلَوْ  أعْجَبَكُمْ  )([83]) .

             وكذلك الأديان الاُخرى .

             ومن القيود ما ترجع إلى اختلاف الأجناس البشرية ، فعند قدماء العبريين كانوا يحرّمون الزواج بينهم وبين الكنعانيين ومن إليهم ، لأ نّهم كانوا يعتقدون أ نّهم شعب الله المختار ، وأنّ الكنعانيين شعب وضيع خلقه الله ليكون رقيقاً للعبريين ، وشعب هذا شأنه لا يصحّ أن يدنّس بني إسرائيل بمصاهرته ، وكانوا يعتقدون أنّ هذا الوضع قد نشأ من الدعوة التي دعاها نوح على ابنه حام ونسله ، فقد ورد في سفر التكوين أنّ نوحاً قد شرب مرّة نبيذ العنب الذي غرس كرمه بيده بعد الطوفان بدون أن يعلم خاصّته المسكرة ففقد وعيه وانكشفت سوأته ، فرآه ابنه حام على هذه الصورة ، فسخر منه وحمل الخبر إلى أخويه سام ويافث ، ولكنّ هذين كانا أكثر أدباً منه ، فحملا رداء وسارا به القهقرى نحو أبيهما حتّى لا يقع نظرهما على عورته ، وسترا به ما انكشف من جسمه ، فلمّـا أفاق نوح وبلغه ما كان من موقف أولاده حياله ، لعن كنعان بن حام ودعا عليه وعلى نسله أن يكونوا عبيداً لعبيد أبناء سام ويافث([84]) ... كما كان عند قدماء اليونان يوم الزواج بينهم وبين الشعوب الاُخرى التي كانوا يطلقون عليها اسم ( البربر ) ، وكذلك الشأن كان عند قدماء الرومان حتّى صدر من أحد ملوكهم ( قالنتينيان ) قانوناً يقضي بعقوبة الإعدام على كلّ رومانية أو روماني يرتكب هذا الجرم ، كما كانت الشعوب العربية على هذا المنهج في عصرها الجاهلي ، فلا يزوّجون العربية بالأعجمي وهو غير العربي مطلقاً ، حتّى أنّ بعض القبائل العربية تمنع الزواج من القبائل الاُخرى لما ترى أ نّها أفضل من غيرها . وفي بعض المذاهب الإسلامية كمذهب أبي حنيفة نرى هذا المعنى أيضاً بأنّ غير العربي ليس كفواً للعربية ، وأنّ غير القرشي من العرب ليس كفواً للقرشية .

             كما في أمريكا وأوربا كانوا يحرّمون زواج الأمريكي من غير الأمريكية ،
وكذلك الأبيض من الأسود ، كما في ألمانيا .

             ومن القيود ما ترجع إلى اختلاف الطبقات ، ففي الهند مثلا لا يصحّ التزويج بين طبقة البرهميين والطبقات الاُخرى وخاصّة طبقة المنبوذين ، وهذا يرجع إلى اختلاف الجنس ، كما في روما القديمة كان يحرم الزواج بين طبقات الأشراف وطبقات الدهماء ، وفى مذهب أبي حنيفة ذو النسب الوضيع ليس كفواً لذات النسب الرفيع ، وذو الحرفة الدنيئة كالحجّام والكنّاس ليس كفواً لبنت يمتهن أهلها حرفاً راقية كالتجارة ـ  ولا يزال معظم العائلات العريقة في مصر ترى من العار أن تزوّج بناتها من رجال ينتمون إلى اُسر وضيعة مهما كانت ثروتهم وكان مركزهم الاجتماعي .

             ومن القيود ما ترجع إلى القرابة ، ولا يخلو أيّ مجتمع إنساني منها ، سواء كان بدائياً أم راقياً ، فهناك طبقات من المحارم كما في الإسلام ، كالبنت والاُمّ والاُخت والعمّة والخالة . أي يحرم على الرجل أن يتزوّج اُصوله وإن علوا ، كالاُمّ والجدّات ، وفروعه وإن نزلوا ، كالبنت والحفيدة ، وفروع أبويه وإن نزلوا كالاُخت وبنات إخوته وأخواته وبنات أولاد إخوته وأخواته ، والفروع المباشرة لأجداده كالعمّة والخالة وعمّة أبيه وعمّة جدّه لأبيه أو اُمّه مهما علا ، وخالتهما وعمّة اُمّه وعمّة جدّته لأبيه أو اُمّه مهما علت وخالتهما ، وإلى هذه الطبقات يشير القرآن الكريم في سورة النساء في قوله تعالى  :

             13 ـ (  حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ اُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأخِ وَبَنَاتُ الاُخْتِ  )([85]) .

             ومن القيود ما ترجع إلى المصاهرة ، فمن يتزوّج من اُسرة يصبح من أفرادها فتحرم في الشريعة الإسلامية الجمع بين الاُختين في زمان واحد ، كما يحرم الزواج باُمّ الزوجة . كما يحرم على أب الزوج أن يتزوّج بزوجة ولده ، فتحرم اُصول الزوجة مهما علوا ، وفروع الزوجة مهما نزلوا ، وزوجات الأب والأجداد من الجهتين مهما علوا فتحرم مثلا على الرجل الزواج بزوجة أبيه ، وزوجات الأبناء أو أبناء الأولاد مهما نزلوا ، وإلى هذه الطبقات أشار سبحانه في قوله تعالى  :

             14 ـ (  وَلا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَاءَ سَبِيلا * حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ اُمَّهَاتُكُمْ  )([86]) .

             ومن القيود ما ترجع إلى الرضاع ، كالاُمّ من الرضاع واُصولها مهما علون ، والبنت من الرضاع وبناتها مهما نزلن ، والاُخت من الرضاع وبناتها مهما نزلن ، والعمّة والخالة من الرضاع واُمّ الزوجة من الرضاع ، ويسري هذا التحريم بمجرّد العقد على المرأة ، وبنت الزوجة من الرضاع ، وغير ذلك كما في الكتب الفقهيّة .

             تعدّد  الأزواج  :

             وأمّا تعدّد الأزواج والزوجات فالنظم حسب التقسيم العقلي خمسة أقسام  :

             1 ـ الشيوعية الجنسية ، أن تكون جميع النساء في المجتمع الشيوعي حقّاً مشاعاً لجميع رجاله .

             2 ـ تعدّد الأزواج والزوجات معاً ، ومنه الزواج الجمعي .

             3 ـ وحدانيّة الزوجة مع تعدّد الأزواج ، كما في العشائر التبتية القديمة ، كما  كان في بعض القبائل العربية قبل الإسلام ، وتشير عائشة إلى ذلك بقولها  : « كان يجتمع الرهط دون العشرة فيدخلون على امرأة فيصيبونها ، فإذا حملت ووضعت ترسل إليهم ، فلا يستطيع أحد منهم أن يمتنع ، فإذا اجتمعوا عندها تقول لهم  : قد عرفتم الذي كان من أمركم ، وقد ولدت فهو ابنك يا فلان ، تسمّى من أحبّت باسمه ، فيلحق به ولدها لا يستطيع أن يمتنع عنه الرجل »([87]) ، ومن هذا الباب قصّة هند وأبي سفيان ومعاوية .

             4 ـ وحدانية الزوج مع تعدّد الزوجات الدائم إلى أربعة ، كما في الإسلام ، وفي كثير من المجتمعات الإنسانية الحاضرة ، كالهند والصين واليابان ، ويختلف هذا النظام في قيوده ووجوه تطبيقه باختلاف المجتمعات ، ففي بعضها يباح على الإطلاق ، وفي بعضها لا يباح إلاّ في حالات الضرورة كأن تكون الزوجة عقيماً أو  مريضة ، وقد أباح الدين الإسلامي تعدّد الزوجات في حدود خاصّة وبعدّة قيود ، فأباح للرجل أن يتزوّج دائماً باثنتين وثلاث وأربع ، وعليه أن يسوّي بينهن في الحقوق والواجبات ، ويعدل بينهن في المأكل والمشرب والملبس والمسكن والمبيت ، وغير ذلك ، فإن خاف أن لا يعدل فواحدة كما في قوله تعالى  :

             15 ـ (  فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإنْ خِفْتُمْ أ لاَّ  تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أوْ مَا مَلَكَتْ أيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أدْنَى أ لاَّ تَعُولُوا  )([88]) .

             وفيما ملكت يمينه من الرقيقات فإنّها يباح له ذلك بلغ ما بلغ عددهن ، فإنّ مثل هذه المعاشرة لا تسمّى زواجاً ، وإنّما يسمّيها تسرّياً ، ولملك اليمين أحكام خاصّة كما في الفقه الإسلامي .

             5 ـ وحدانية الزوج والزوجة ، كما في المجتمعات الأوربية والأمريكية ، وقد جعلته المسيحية المثل الأعلى للزواج ، وإن لم يرد في الإنجيل نصّ صريح يدلّ على تحريم تعدّد الزوجات .

             وسائل  تحقّق  الزواج  :

             وأمّا الوسائل التي يتمّ بها الزواج فهي تختلف أيضاً باختلاف المجتمعات والمذاهب ، وأهمّها ترجع إلى ثلاث وسائل أو ثلاث طرق ، وهي طريقة التعاقد ، وطريقة ملك اليمين بشرائط خاصّة ، وطريقة الاستيلاء على الزوجة بالقوّة كالسّبي ، ومن الأوّل ما جاء في الإسلام من العقد الشرعي بالإيجاب والقبول ، كما سنذكر ذلك ، ولكلّ قوم وملّة نكاحها الخاصّ وعقدها الخاصّ بشروط خاصّة .

             فالزواج ميثاق مقدّس يسوده المحبّة والتعاون والإيثار والتضحية والسكن والمودّة والعلاقة الروحية ، والارتباط الجسدي المشروع ، فهو الطريق البشري الذي سارت عليه الإنسانية منذ مولدها إلى اليوم . وستمضي فيه مواكب البشرية إلى نهايته .

             فمن ذكر واُنثى بدأت حياة البشر ، ومن بيت واحد نبعت الإنسانية ، فمن آدم وحوّاء بدأت البيوت الإنسانية وقامت المجتمعات البشرية وتبارك الله  :

             16 ـ (  الَّذِي خَلَقَ مِنَ المَاءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً  )([89]) .

             والإسلام العظيم قد وضع في تشريعاته المقدّسة في نظام الاُسرة معالم تضيء الطريق للزوجين ، وقد سنّ قوانين رصينة للزواج الناجح ، ذلك لمن تمسّك بها ومشى على هداها ، ومن الله التوفيق .


الفصل الثالث

بواعث الزواج وأهدافه في الإسلام

             لكلّ عمل ـ  بل لكلّ ممكن  ـ بداية ونهاية ، كما أنّ لعمل الإنسان المختار بواعثاً وأهدافاً ، فمن يريد الزواج حينئذ ، فإنّه لا بدّ أن يكون له دواعي نفسية وفكرية وروحية تبعثه نحو الزواج ، كما هناك أهداف مقدّسة يأخذها بنظر الاعتبار ، حتّى لا يكون عمله عبثاً لا طائل تحته ، ولا سيّما مثل أمر الزواج ، خصوصاً للشباب ولمن أراد أن يتزوّج من أجل تشكيل اُسرة ، قضاءً لسُنّة
الحياة .

             وإذا أردنا أن نعرف ما هي الدوافع والنتائج أو البواعث والأهداف في مسألة الزواج من منظار ديني إسلامي ، فإنّما يتمّ ذلك لو لاحظنا هذا الموضوع من خلال مصدر التشريع الإسلامي ومصدر معارفه ومفاهيمه ، أي القرآن الكريم والسنّة الشريفة يعني قول المعصوم (عليه السلام) وفعله وتقريره .

             وقبل بيان ذلك لا بأس أن نشير إلى أصل خلقة الإنسان وأنّ الهدف منه هو أن يحمل الأمانة الإلهية ، بأن يكون مظهراً لأسمائه الحسنى وصفاته العليا ، أن يتجلّى فيه العلم الإلهي فيكون خليفة الله في الأرض ، كما أخبرنا بذلك في كتابه الكريم ومبرم خطابه العظيم .

             (  وَإذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إنِّي جَاعِلٌ فِي الأرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ  يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إنِّي أعْلَمُ مَا  لا تَعْلَمُونَ  )([90]) .

             (  إنَّا عَرَضْنَا الأمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ وَالجِبَالِ فَأ بَـيْنَ أنْ يَحْمِلْنَهَا وَأشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإنْسَانُ إنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولا  )([91]) .

             (  أ لَمْ تَرَوْا أنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَأسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً  )([92]) .

             (  وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي البَرِّ وَالبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّـبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِير مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلا  )([93]) .

             (  وَعَلَّمَ آدَمَ الأسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى المَلائِكَةِ فَقَالَ أنْبِئُونِي بِأسْمِاءِ هَؤُلاءِ إنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَـنَا إلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إنَّكَ أنْتَ العَلِيمُ الحَكِيمُ * قَالَ يَا آدَمُ أنْبِئْهُمْ بِأسْمِائِهِمْ فَلَمَّا أنْبَأهُمْ بِأسْمِائِهِمْ قَالَ أ لَمْ أقُلْ لَكُمْ إنِّي أعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَأعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ  )([94]) .

             (  الَّذِي أحْسَنَ كُلَّ شَيْء خَلَـقَهُ وَبَدَأ خَلْقَ الإنسَانِ مِنْ طِين * ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَة مِنْ مَاء مَهِين * ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأ بْصَارَ وَالأفْئِدَةَ قَلِيلا مَا تَشْكُرُونَ  )([95]) .

             (  لَـقَدْ خَلَـقْنَا الإنسَانَ فِي أحْسَنِ تَـقْوِيم  )([96]) .

             (  وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسَانَ مِنْ سُلالَة مِنْ طِين * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَار مَكِين * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَـقَةً فَخَلَقْنَا العَلَـقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا المُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا العِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أنشَأ نَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَـتَبَارَكَ اللهُ أحْسَنُ الخَالِقِينَ  )([97]) .

             لقد خلق الله سبحانه الخلق حسناً  :

             (  الَّذِي أحْسَنَ كُلَّ شَيْء خَلَـقَهُ  )([98]) .

             ولم يتمدّح بما خلق ، إلاّ في خلق الإنسان ، فقال  :

             (  فَـتَبَارَكَ اللهُ أحْسَنُ الخَالِقِينَ  )([99]) .

             وهذا إن دلّ على شيء فإنّه يدلّ على عظمة الإنسان وتكريمه ، وأ نّه سخّر له كلّ شيء ليحمل الأمانة الإلهية والعلم الربّاني  :

             (  وَصَوَّرَكُمْ فَأحْسَنَ صُوَرَكُمْ  )([100]) .

             ففلسفة الحياة وسرّ الخليقة هو العلم ، وثمرة العلم الخشية ، وثمرة الخشية العبادة ، والله سبحانه يقول  :

             (  وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإنسَ إلاَّ لِـيَعْبُدُونِ  )([101]) .

             وكلّ شيء في الحياة ومنه ( نظام الاُسرة ) إنّما يرجع إلى هذين الأصلين الأساسيين ( العلم والعبادة )([102]) .

             وزبدة الكلام في سرّ الخليقة وفلسفة الحياة الإنسانيّة هو  : إنّ المقصود الكمال والتكامل ، بأن يصل كلّ شيء إلى كماله المنشود ، وكمال الإنسان  : أن يصل إلى الكمال المطلق ومطلق الكمال ، أي يصل إلى مقام الفناء في الله سبحانه وتعالى ، بأن يكون مرآةً لأسمائه الحسنى وصفاته العليا ، ولكمال الإنسان عوامل تكوينيّة وتشريعيّة ، كما هي مذكورة في النصوص الدينيّة والبراهين العقليّة ، ومن أهمّ العوامل الزواج .

             وقد عرّف الزواج بتعاريف عديدة ، منها  :

             « الزواج هو ارتباط يتمّ بعقد يبرم بين الزوجين أو من يمثّلهما ، يباح بمقتضاه لكلّ من الرجل والمرأة الاستمتاع بالآخر على الوجه المشروع ، وهو ما  تقضي به الفطرة السليمة ، وتترتّب عليه حقوق وواجبات لكلّ من طرفيه . وتنشأ عنه تبعات لما يكون بين الزوجين من نسل وما يتّصل بهما بقرابة أو  مصاهرة » .

             وقيل  : هو صلة شرعيّة بين الرجل والمرأة تسنّ لحفظ النوع البشري وما  يتبعه من النظم الاجتماعيّة .

             وقيل  : بأ نّه فيه راحة للقلب وتقوية له على العبادة ، وفي الاستئناس بالنساء من الراحة ما يزيل الكرب ويروّح القلب .

             وقيل  : هو الحصن الذي يردّ عن المرء جموح الغريزة ويدفع غائلة الاشتهاء ويحفظ الفرج ويصون العرض ، ويحول دون التردّي في مزالق الفجور ومهاوي الفاحشة .

             والنكاح لغة  : هو الوطي ويقال على العقد وقيل مشترك بينهما .

             وشرعاً  : هو عقد لفظي يملك للوطي ابتداءً وهو من المجاز تسمية للسبب باسم المسبّب وفيه فضل كثير .

             فالزواج إذاً رابطة شرعيّة تربط بين الرجل والمرأة ، يحفظ بها النوع البشري ، ولقد أجازتها الشرائع السماوية المتقدّمة بأجمعها ، وأكّد الإسلام عليها وندب إليها الشارع هكذا في كلّ تشريعاته المقدّسة . وبناءً على ما للزواج من خطورة ومكانة مهمّة في النظام الاجتماعي ، تولّى الشارع المقدّس رعايته بدقّة وتفصيل ، حيث فصّل قواعده ، وحدّد أحكامه منذ اللحظات الاُولى للتفكير فيه حتّى إتمامه ، حيث يتمّ الاستمتاع لكلّ من الزوجين بشريك حياته .

             ثمّ أولاه عناية فائقة ، وأحاطه بالاهتمام البالغ من بدايته حتّى ينتهي بالموت أو بغيره . ولم يفسح الشارع المقدّس المجال للناس ليضعوا له ما شاءوا من أنظمة وأحكام ويقيموا له ما يرتضون من قواعد واُصول . بل تولاّه الشارع تفضّلا منه ، وتحنّناً بالعباد ، فوضع له اُصوله ونظم أحكامه ، علماً منه بأنّ العباد عاجزين عن أن يضعوا له التصميم الصالح ، الذي يبتني عليه الكيان الاجتماعي الرصين ، الذي لا يداخله ضعف ، ولا يعتريه وهن ، ليكتسب الزواج بهذه الرعاية المقدّسة والحماية ما يشعر الزوجين بأ نّهما يرتبطان برباط مقدّس يشمله الدين بقدسيّته في كلّ لحظة من مراحله ، فيسكن كلّ منهما إلى صاحبه عن رضىً واختيار ، ويطبّقان عليهما أحكامه بطيب نفس وارتياح بال  :

             (  وَمِنْ آيَاتِهِ أنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أنفُسِكُمْ أزْوَاجاً لِتَسْكُـنُوا إلَيْهَا وَجَعَلَ بَـيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إنَّ فِي ذلِكَ لآيَات لِقَوْم يَتَفَكَّرُونَ  )([103]) كما ورد في المأثور عن النبيّ الأعظم محمّد (صلى الله عليه وآله)  : ما استفاد امرؤٌ فائدة بعد الإسلام أفضل من زوجة مسلمة ، تسرّه إذا نظر إليها ، وتطيعه إذا أمرها ، وتحفظه إذا غاب عنها في نفسها ومالها([104]) ... ومن تزوّج فقد أحرز نصف دينه فليتّق الله في النصف الآخر .


التكامل في الزواج

             قال الله تعالى  :

             (  يُرِيدُ اللهُ أنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإنسَانُ ضَعِيفاً  )([105]) .

             (  خُلِقَ الإنسَانُ مِنْ عَجَل  )([106]) .

             (  إنَّ الإنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً * إذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً * وَإذَا مَسَّهُ الخَيْرُ مَـنُوعاً  )([107]) .

             (  وَإذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي البَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إلاَّ إيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إلَى البَرِّ أعْرَضْتُمْ وَكَانَ الإنْسَانُ كَفُوراً  )([108]) .

             (  فَإذَا رَكِبُوا فِي الفُلْكِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إلَى البَرِّ إذَا هُمْ يُشْرِكُونَ  )([109]) .

             (  وَإنَّا إذَا أذَ قْنَا الإنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإنْ تُصِبْهُمْ سَيِّـئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أيْدِيهِمْ فَإنَّ الإنسَانَ كَفُورٌ  )([110]) .

             (  قُتِلَ الإنْسَانُ مَا أكْفَرَهُ  )([111]) .

             (  إنَّ الإنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَـنُودٌ * وَإنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ  )([112]) .

             (  إنَّا عَرَضْنَا الأمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ وَالجِبَالِ فَأ بَـيْنَ أنْ يَحْمِلْنَهَا وَأشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإنْسَانُ إنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولا  )([113]) .

             (  وَكَانَ الإنسَانُ أكْثَرَ شَيْء جَدَلا  )([114]) .

             فمثل هذه الآيات الكريمة تدلّ على حقيقة الإنسان باعتبار نفسه الأمّارة بالسوء ، فإنّه كما يحمل العقل الذي به يصل إلى ربّه ، وإنّه كادح إليه فملاقيه ، إلى قاب قوسين أو أدنى ، وإليه  ترجع الاُمور ، وإليه المصير ، وإنّا إليه راجعون ، فالإنسان بعقله النيّر يسير في نهج الله وصراطه ، إلاّ أ نّه خلق فيه النفس الأمّارة كذلك ، ليكون جامعاً بين الأضداد ، فإمّا أن يهوي ويكون قلبه كالحجارة أو أشدّ قسوة ، ويكون كالأنعام بل أضلّ سبيلا ، وإمّا أن يحلّق في سماء الفضائل في مقعد صدق عند مليك مقتدر ، تخدمه الملائكة والحور العين .

             ويتمّ ذلك بالرحمة الإلهيّة ، والمقصود هو التقوى ، وما أدراك ما التقوى .

             (  يَا أ يُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْس وَاحِدَة وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيراً وَنِسَاءً  )([115]) .

             (  يَا أ يُّهَا النَّاسُ إنَّا خَلَـقْنَاكُمْ مِنْ ذَ  كَر وَاُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَـبَائِلَ لِتَـعَارَفُوا إنَّ أكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أتْقَاكُمْ إنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ  )([116]) .

             وأكثر الذنوب إنّما هي من العزوبة وغلبة الشهوة الجنسية ، ولهذا نجد النصوص الدينية تحثّ الشباب على الزواج ، وأ نّه من تزوّج فقد أحرز نصف دينه ، فليتّق الله في النصف الآخر .

             1 ـ عن الإمام الصادق (عليه السلام) ، قال  : جاء رجل إلى أبي فقال له  : هل لك زوجة  ؟ قال  : لا ، قال لا اُحبّ أنّ لي الدنيا وما فيها وأ نّي أبيت ليلة ليس لي زوجة ، قال  : ثمّ قال  : إنّ ركعتين يصلّيهما رجل متزوّج أفضل من رجل يقوم ليله ويصوم نهاره أعزباً ، ثمّ أعطاه أبي سبعة دنانير ، قال  : تزوّج بهذه ، وحدّثني بذلك سنة ثمان وتسعين ومائة ، ثمّ قال أبي  : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله)  : اتّخذوا الأهل فإنّه أرزق لكم([117]) .

             فمن لم يتمكّن من الزواج على الفقهاء أن يهيّئوا له ذلك من بيت المال ، كما  أنّ الزواج يزيد في الرزق .

             2 ـ قال أمير المؤمنين (عليه السلام)  : تزوّجوا فإنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) كثيراً ما كان يقول  : من كان يحبّ أن يتّبع سنّتي فليتزوّج ، فإنّ من سنّتي التزويج ، واطلبوا الولد فإنّي اُكاثر بكم الاُمم غداً .

             3 ـ عن الرضا (عليه السلام) ، قال  : إنّ امرأة سألت أبا جعفر (عليه السلام) فقالت  : أصلحك الله ، إنّي متبتّلة ، فقال لها  : وما التبتّل عندك  ؟ قالت  : لا اُريد التزويج أبداً ، قال  : ولِمَ  ؟ قالت  : ألتمس في ذلك الفضل ، فقال  : انصرفي فلو كان في ذلك فضل لكانت فاطمة (عليها السلام) أحقّ به منكِ ، إنّه ليس أحد يسبقها إلى الفضل »([118]) .

             فكما أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) ميزان الأعمال وبه تقاس أعمالنا ، كذلك فاطمة  الزهراء سيّدة النساء (عليها السلام) فهي ميزان الأعمال والأفعال ، فإنّها كفو أمير  المؤمنين (عليه السلام) ، فالعزوبة والتبتّل لا يوجبا الفضل والكمال .

             4 ـ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله)  : من تزوّج فقد أحرز نصف دينه ، فليتّقِ الله في النصف الباقي([119]) .

             5 ـ وقال (صلى الله عليه وآله)  : من أحبّ أن يلقى الله طاهراً مطهّراً فليلقه بزوجة .

             6 ـ وقال  : شرار موتاكم العزّاب .

             7 ـ وفي حديث آخر  : رذّال موتاكم العزّاب .

             وبالأولوية يكون شرار الأحياء كذلك العزّاب .

             8 ـ وقال (صلى الله عليه وآله)  : النكاح سنّتي فمن رغب عن سنّتي فليس منّي .

             9 ـ وقال (صلى الله عليه وآله)  : تناكحوا تكثروا فإنّي اُباهي بكم الاُمم يوم القيامة ولو  بالسقط .

             وهذا حكم عام إلى يوم القيامة وهو يتعارض مع من يقول بقلّة الأولاد كما  في عصرنا هذا ، إلاّ أ نّه ورد أيضاً  : ( قلّة العيال أحد اليسارين ) ، فمن أراد أن يعيش في يسر غير عسر من الناحية الاقتصاديه والمادّية ، فيسره تارةً يكون بالثروة والمال ، واُخرى بقلّة العيال والأولاد كما هو واضح ، ومباهاة النبيّ كما هو الظاهر بالكم ، فيتبادر إلى ذهني أ نّه المباهاة تارةً تكون بالكمّ والكثرة العددية واُخرى بالكيف ، فربما من كان قليل العيال يتمكّن من التربية أكثر من غيره ويزيد في كيف الاُسرة من الناحية التثقيفية والعلمية ممّـا يوجب المباهاة بالنسبة إلى الاُمم الاُخرى في الدنيا والآخرة ، فيدور الأمر بين المباهاة الكمّي والكيفي فيقدّم الأرجح منهما .

             كما أ نّه لا تعارض بين الخبرين ، فإنّ قلّة العيال أحد اليسارين ، ومن كان متمكّناً وثريّاً فليكثر من عياله ، فإنّ النبىّ يباهي بأولاده ولو بالسقط ، فتأمّل وتدبّر .

             وممّـا يدلّ على أنّ الزواج يوجب الكمال  :

             10 ـ ما ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، قال  : من تزوّج فقد اُعطي نصف العبادة([120]) .

             11 ـ وقال (صلى الله عليه وآله)  : المتزوّج النائم أفضل عند الله من الصائم القائم العزب .

             12 ـ وقال (صلى الله عليه وآله)  : يفتح أبواب السماء بالرحمة في أربع مواضع  : عند نزول المطر ، وعند نظر الولد في وجه الوالدين ، وعند فتح باب الكعبة ، وعند النكاح .

             13 ـ وقال (صلى الله عليه وآله) لرجل اسمه عكّاف  : ألك زوجة  ؟ قال  : لا يا رسول الله ، قال  : ألكَ جارية ، قال  : لا يا رسول الله ، قال  : أفأنت موسر  ؟ قال  : نعم . قال  : تزوّج وإلاّ فأنت من المذنبين .

             14 ـ وفي رواية  : تزوّج وإلاّ فأنت من رهبان النصارى .

             15 ـ وفي رواية  : تزوّج وإلاّ فأنت من إخوان الشياطين .

             16 ـ قال (عليه السلام)  : شراركم عزّابكم ، والعزّاب إخوان الشياطين .

             17 ـ وقال (عليه السلام)  : خيار اُمّتي المتأهّلون ، وشرار اُمّتي العزّاب .

             18 ـ وقال (صلى الله عليه وآله)  : من أحبّ أن يكون على فطرتي فليستن بسنّتي ، وإنّ من سنّتي النكاح .

             19 ـ وقال (صلى الله عليه وآله)  : زوّجوا أياماكم ، فإنّ الله يحسن لهم في أخلاقهم ، ويوسّع لهم في أرزاقهم ، ويزيدهم في مروّاتهم .

             20 ـ وقال  : ما بني في الإسلام بناء أحبّ إلى الله عزّ وجلّ وأعزّ من التزويج .


بواعث الزواج في السنّة الشريفة

             إنّ الإنسان لمختار في أفعاله وأعماله ، والعمل الاختياري لا بدّ فيه من مقدّمات  : منها  : الإرادة ، ومنها  : البواعث والأهداف ، ومثل الزواج وخطورته في المجتمع ، ومقامه العظيم في حياة الإنسان لا بدّ فيه من بواعث وأهداف مقدّسة إلاّ أنّ البشر الخطّاء والجهول ربما يخطئ في الأهداف والبواعث ، فيندفع نحو العمل ببواعث تافهة لا قيمة لها أو أهداف خيالية لا واقعية لها ، فيختار الطريق المنحرف والمعوجّ ، ويبني أساسه على جرف هار ، فيحصد الويلات والشقاء ، وتعرف أواخر الأشياء بأوائلها ، ومن هذا المنطلق نجد الإسلام العظيم يهدي الإنسان في مسيرة حياته بكلّ أبعادها إلى ما فيه الصواب والحقّ ، ويشير إلى معالم الطريق حتّى لا يسقط في الهاوية ، بل يفوز بسعادة الدارين ، وفي أمر الزواج يبيّن الاُسس والبواعث الصادقة التي تجعل الإنسان يعيش الحياة الطيّبة والعيش الرغيد ، والتي تمثّل المبادئ والقيم والمثل العليا ، وإليك جملة من البواعث والأهداف التي وردت في الروايات الشريفة وإنّها تحكي قداسة الزواج ومقامه الشامخ  :

             1 ـ التوحيد  :

             1 ـ عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال  : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله)  : ما يمنع المؤمن أن يتّخذ أهلا ، لعلّ الله أن يرزقه نسمة تثقل الأرض بلا إله إلاّ الله .

             فمن أهداف الزواج تثقيل الأرض بالتوحيد ، وهذا يعدّ هو الباعث الأوّل لمن كان موحّداً ومؤمناً بالله سبحانه . فإنّ كلمة التوحيد أثقل من كل ثقيل  :

             (  سَنُـلْقِي عَلَيْكَ قَوْلا ثَقِيلا  )([121]) .

             والكلمات لها ثقل ، وربّ شخص يحمل الوزن الثقيل ، ولكن لا يطيق تحمّل كلمة ثقيلة .

             2 ـ عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال  : لمّـا لقي يوسف (عليه السلام) أخاه قال  : يا أخي ، كيف استطعت أن تزوّج النساء بعدي  ؟ فقال  : إنّ أبي أمرني . فقال  : إن استطعت أن تكون لك ذرّية تثقل الأرض بالتسبيح فافعل .

             فما أروع الزواج الذي يكون أساسه التوحيد والتسبيح .

             2 ـ التقوى  :

             3 ـ قال (صلى الله عليه وآله)  : من تزوّج فقد أحرز نصف دينه ، فليتّق الله في النصف الباقي .

             فمن أهداف الزواج صيانة النفس والتديّن والتقوى ، فإنّ أكثر الذنوب تنشأ من الشهوة الفرجيّة ، كما يذكر ذلك علماء الأخلاق والنفس والاجتماع ، فمن يتزوّج يحرز نصف دينه ، فإنّ الزواج صمّـام أمان لأكثر الذنوب .

             3 ـ البناء المحبوب لله  :

             4 ـ وقال (صلى الله عليه وآله)  : ما بُني بناءٌ في الإسلام أحبّ إلى الله من التزويج .

             5 ـ عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال  : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله)  : تزوّجوا وزوّجوا ، ألا  فمن حظّ امرئ مسلم إنفاق قيمة أيمة ـ  التي لا زوج لها بكراً كانت أو ثيّباً  ـ وما من شيء أحبّ إلى الله عزّ وجلّ من بيت يعمر في الإسلام بالنكاح ، وما من شيء أبغض إلى الله عزّ وجلّ من بيت يخرب في الإسلام بالفرقة ، يعني الطلاق([122]) .

             ثمّ قال أبو عبد الله (عليه السلام)  : إنّ الله عزّ وجلّ إنّما وكّد في الطلاق وكرّر فيه القول من بغضه الفرقة .

             فمن الأهداف المقدّسة  : تأسيس بناء وتكوين اُسرة صالحة ، التي هي النواة الاُولى لتشكيل المجتمع السالم .

             4 ـ سُنّة النبيّ  :

             6 ـ إنّ امرأة عثمان بن مظعون ـ  الصحابي الجليل  ـ جاءت إلى رسول  الله  (صلى الله عليه وآله) فقالت  : يا رسول الله ، إنّ عثمان يصوم النهار ويقوم الليل ، فخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) مغضباً يحمل نعليه حتّى جاء إلى عثمان فوجده يصلّي ، فانصرف عثمان حين رأى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال له  : يا عثمان ، لم يرسلني الله بالرهبانية ، ولكن بعثني بالحنيفية السمحة ، أصوم واُصلّي وألمس أهلي ـ  كناية عن النكاح  ـ فمن أحبّ فطرتي فليستنّ بسنّتي ومن سنّتي النكاح([123]) .

             فلا بدّ من الموازنة بين البعد الروحي والبعد الجسدي في الإنسان . فلا أصالة النفس وحسب ولا أصالة اللذّة وحسب بل هما معاً حسب الشرائط العامّة والخاصّة  :

             (  وَابْتَغِ فِيمَا آ تَاكَ اللهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنْ الدُّ نْيَا  )([124]) .

             « كن لدنياك كأ نّك تعيش أبداً ، وكن لآخرتك كأ نّك تموت غداً » .

             « نِعْم العون على الآخرة الدنيا » .

             فالإسلام هو دين الفطرة وهي تدعونا لملاحظة البعدين الروحي والجسمي من دون إفراط وتفريط بين الدنيا والآخرة .

             وقال (صلى الله عليه وآله)  : من أحبّ فطرتي فليستنّ بسنّتي ومن سنّتي النكاح .

             فالفطرة النبوية التي هي فطرة التوحيد وفطرة الإسلام وفطرة الله التي فطر الناس عليها ، وكلّ مولود يولد عليها ، أن يسنّن ويتأدّب الإنسان بسنن النبيّ وآدابه ، ومن أبرز تلك السنن النكاح .

             7 ـ وقال (صلى الله عليه وآله)  : « من كان له ما يتزوّج به ، فلم يتزوّج فليس منّا » .

             فلا يحسب على المسلمين ، لأ نّه بعدم زواجه ربما يوجب نشر الفساد في المجتمع ، وهذا يتنافى مع الروح الإسلامية التي تحبّ الخير والإصلاح والصالح لكلّ المسلمين .

             8 ـ الكافي([125]) ، بسنده عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال  : قال أمير المؤمنين (عليه السلام)  : تزوّجوا فإنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال  : من أحبّ أن يتبع سنّتي فإنّ من سنّتي التزويج .

             5 ـ زيادة الرزق  :

             9 ـ وقال (صلى الله عليه وآله)  : « التمسوا الرزق بالنكاح » .

             10 ـ الكافي([126]) ، بسنده عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال  : جاء رجل إلى أبي  عبد  الله (عليه السلام) فقال له  : هل لك من زوجة  ؟ فقال  : لا . فقال أبي (عليه السلام)  : ما اُحبّ أنّ الدنيا وما فيها لي وأنّي بتّ ليلة وليست لي زوجة . ثمّ قال  : لركعتان يصلّيهما رجل متزوّج أفضل من رجل أعزب يقوم ليله ويصوم نهاره ، ثمّ أعطاه أبي سبعة دنانير وقال  : تزوّج بهذه ، ثمّ قال أبي  : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله)  : اتّخذوا الأهل فإنّه أرزق لكم .

             11 ـ المصدر بسنده عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه (عليه السلام) قال  : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله)  : من ترك التزويج مخافة العيلة فقد أساء ظنّه بالله . إنّ الله عزّ وجلّ يقول  : (  إنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ  )([127]) .

             12 ـ الفقيه([128]) ، بسنده ، قال النبيّ (صلى الله عليه وآله)  : من سرّه أن يلقى الله طاهراً مطهّراً فليلقه بزوجة ، ومن ترك التزويج مخافة العيلة فقد أساء الظنّ بربّه عزّ وجلّ .

             13 ـ الكافي([129]) ، بسنده عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال  : جاء رجل إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله)فشكى إليه الحاجة ، فقال  : تزوّج ، فتزوّج فوسّع الله عليه . وقال  : اتّخذوا الأهل فإنّه أرزق لكم ، وقال  : تزوّجوا للرزق فإنّ لهن البركة .

             فمن كان فقيراً ، فإنّ من الآثار الوضعية في النكاح هو زيادة الرزق ، كما قال سبحانه  : (  إنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ  ) ، فعندما يتزوّج الشاب ويرى أ نّه قد اُلقي في عنقه مسؤولية جديدة فإنّه ينشط للعمل ، فيزداد الرزق ، وإنّ  الله يرزق من يشاء بغير حساب ، ويبارك لمن يعمل بإخلاص ، ويتوكّل عليه ، ولا يخاف العيلة وكثرة العيال ، فإنّ رزقهم على الله سبحانه ، وكما في الأمثال الشعبيّة  : من أعطى السنّ يُعطي الخبز .

             14 ـ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله)  : « من ترك التزويج مخافة العيلة فقد أساء الظنّ بربّه ، لقوله سبحانه وتعالى  : (  إنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ  ) .

             فلا بدّ للمؤمن أن يحسن الظنّ بالله ، وأ نّه سبحانه يقول  : أنا عند حسن ظنّ عبدي المؤمن ، وإنّه يحبّ المتوكّلين عليه ، فالحركة من الإنسان والبركة من الله ، كما ورد في الأمثال الشعبية .

             15 ـ قال (صلى الله عليه وآله)  : تزوّجوا النساء ، فإنّهنّ يأتين بالمال .

             فالله المبارك يبارك للزوجين المتوكّلين عليه ، وتكون المرأة عاملا لحصول الثروة والمال الحلال ، والرزق الطيّب النافع .

             16 ـ الكافي([130]) ، بسنده عن إسحاق بن عمّـار ، قال  : قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): الحديث الذي يرويه الناس حقّ أنّ رجلا أتى النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) فشكى إليه الحاجة فأمره بالتزويج ففعل ثمّ أتاه فشكى إليه الحاجة فأمره بالتزويج حتّى أمره ثلاث مرّات  ؟ فقال أبو عبد الله (عليه السلام)  : « نعم و حقّ » ، ثمّ قال (عليه السلام)  : « الرزق مع النساء والعيال » .

             فالغالب في أمر الزواج هو سعة الرزق ، إلاّ أ نّه من النادر الشاذّ ، والنادر كالمعدوم ، أن يكون زيادة الرزق بالفرقة ، ففي مثل هذا المورد يرجع الأمر إلى المعصوم (عليه السلام) النبيّ أو الإمام العالم بحقائق الاُمور ، ولا يحقّ لواحد إذا رأى في بداية حياته الزوجية ضيق المعيشة أن يفكّر بالفرقة لما ورد في حديث واحد ، فهي لا تقاوم تلك الأحاديث الكثيرة الدالّة على أنّ الزواج يزيد في الرزق ، فتدبّر .

             17 ـ الكافي([131]) ، بسنده عن ابن أبي ليلى ، قال  : حدّثني عاصم بن حميد ، قال  : كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فأتاه رجل فشكى إليه الحاجة فأمره بالتزويج ، قال  : فاشتدّت به الحاجة فأتى أبا عبد الله (عليه السلام) فسأله عن حاله فقال له  : اشتدّت بي الحاجة ، قال  : ففارق .

             ثمّ أتاه فسأله عن حاله ، فقال  : أثريت ـ  أي كثر مالي  ـ وحسنت حالي ، فقال أبو عبد الله (عليه السلام)  : إنّي أمرتك بأمرين أمر الله بهما فقال الله عزّ وجلّ  : (  وَأنكِحُوا الأيَامَى مِنْكُمْ  ) إلى قوله  : (  وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ  )([132]) ، وقال  : (  وَإنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللهُ كُلاّ مِنْ سَعَتِهِ  )([133]) .

             6 ـ زيادة الإيمان  :

             18 ـ قال النبيّ (صلى الله عليه وآله)  : يا شابّ تزوّج ، وإيّاك والزنا ، فإنّه ينزع الإيمان من قلبك .

             وهذه نصيحة نبويّة يموج منها العطف والحنان ، والخوف على المجتمع وعلى الفرد أن لا يصاب بالانحطاط ويسقط في الهاوية ، بخروج الإيمان من قلبه ، فإنّ القلب إذا كان مؤمناً صالحاً صلحت الجوارح ، ومن ثمّ صلح المجتمع ، أمّا إذا كان القلب كافراً ، كفرت الجوارح وكفر المجتمع ، فيدعو النبيّ الشباب للزواج ويحذّرهم من الزنا ، لأنّ المؤمن لا يزني وهو مؤمن ، فإنّه ينزع منه روح  الإيمان عند المعصية ، ومن لا إيمان له فهو في ظلمات بعضها فوق بعض ، إذ  لا نور له ، فإنّه حينئذ يتخبّط في الظلام ويسقط في الهاويات والزلاّت .

             وعلى كلّ مسلم ومسلمة السعي لإزالة العوائق في طريق الشباب ، فيحاول الكلّ الجمع والتوفيق بين زوجين شابين بكلّ ما عنده من حكمة وقوّة .

             19 ـ قال أمير المؤمنين علي (عليه السلام)  : أفضل الشفاعات أن تشفع بين اثنين في نكاح حتّى يجمع الله بينهما .

             فإنّ هذا العمل الطيّب ممّـا يوجب رضا الله ، وفرحة النبيّ ومباهاته باُمّته يوم القيامة .

             7 ـ التكاثر  :

             20 ـ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله)  : تزوّجوا فإنّي مكاثر بكم الاُمم يوم القيامة ، حتّى  أنّ السقط ليجيء محبنطئاً على باب الجنّة ، فيقال له  : اُدخل الجنّة ، فيقول  : لا ، حتّى يدخل أبواي الجنّة قبلي .

             ( المحبنطئ ) هو المتغضّب الممتلئ غيظاً المستبطئ للشيء ، وقيل  : هو الممتنع امتناع طلبة لا امتناع إباء .

             هذا الحثّ والاهتمام الشديد بمسألة الزواج وتكوين الاُسرة وتكثير النسل
ولو بالسقط إنّما ينبئ عن أمر عظيم في المجتمع الإسلامي ، وعن أهداف مقدّسة ونتائج حميدة ، تدعو المسلم إلى أن يهتمّ بالزواج ويبني لبناته الاُولى على أساس صحيح ونوايا صادقة ، فإنّه تعرف أواخر الأشياء بأوائلها ، فلو كانت النيّة حسنة من بداية الأمر ، فإنّ الله سبحانه يبارك فيها ، ويمشي الموكب العائلي في طريق ذهبي نحو السعادة ، وفي بحار المشاكل ترسو سفينة الاُسرة على سواحل الاطمئنان وشواطئ العيش الرغيد ، فإنّه لم يتزوّج عبطاً وركضاً وراء النزعة الحيوانية ، ومجرّد إشباع رغباته الشهوانية ، بل يريد أن يثقل الأرض بكلمة التوحيد ، ويحرز نصف دينه ، ويصون نفسه من مخاطر الذنوب ، ويحفظ قلبه من  خبائث الآثام ، ويكون صاحب بناء يحبّه الله عزّ وجلّ ، ويستنّ بسنّة رسول  الله (صلى الله عليه وآله) ، ويلتمس الرزق الإلهي ، ويحفظ نفسه من الزنا ومزالق الشيطان ووساوسه ، فإنّ من لم يتزوّج سرعان ما يقع في أحضان الشياطين وتسويلاتهم ووساوسهم ، فمن تزوّج توجّه إلى الله في عباداته .

             8 ـ زيادة العبادة  :

             21 ـ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله)  : لركعتان يصلّيهما متزوّج أفضل من صلاة رجل عزب يقوم ليله ويصوم نهاره .

             22 ـ وقال (صلى الله عليه وآله)  : أراذل موتاكم العزّاب .

             23 ـ عن الإمام الصادق (عليه السلام) ، قال  : ركعتان يصلّيهما المتزوّج أفضل من سبعين ركعة يصلّيها أعزب([134]) .

             وهذا يعني أنّ عدم الزواج يؤثّر حتّى بعد الموت ، ممّـا يجعل الميّت المسلم
رذيلا بالنسبة إلى المتزوّجين ، وربما الرذالة هنا بمعنى قلّة الدرجة في الجنّة ، فهي بالمعنى الإضافي لا بالمعنى الحقيقي .

             9 ـ الصيانة  :

             24 ـ قال (صلى الله عليه وآله)  : يا معشر الشباب من استطاع منكم الباه فليتزوّج ، فإنّه أغضّ للبصر وأحصن للفرج ، ومن لم يستطع فليدمن من الصوم ، فإنّ له وجاء .