فلسطين  قضية  الإسلام

فلا بدّ أن نرجع إلى أصالتنا الإسلامية ، ونخرج فلسطين عن إطارها القومي ، فإنّ قضيّتها ليست قضيّة عربية وحسب ، بل هي قضية الإسلام كلّه.

لا بدّ من الحسّ الإسلامي والمحمّدي الأصيل المتمركز في أعماق التأريخ والوجدان وروح المسلم الرسالي.

فإنّه لا يمكن لقوّة مهما اوُوتيت أن تقتلعه أو تدفنه وتفنيه ، أو تتغافل عنه ، وإنّه ضرورة استراتيجيّة في كلّ عصر ومصر ، وفي كلّ زمان ومكان ، ومن حرّفه أو غيّره وصادره على حساب نفسه فإنّه حينئذ نفقد أحد المعطيات الأساسيّة للنصر في أيّة معركة وقتال وحماس.

ومن التزوير على التأريخ أن يتّخذ هذا الحسّ الإسلامي مطيّة ...

إنّ فلسطين أو سيناء المصرية أو غيرها إن هي إلاّ جزء من معركتنا الكبرى مع الاستعمار الصليبي والحقد اليهودي والإلحاد الشيوعي.

ولا يكون ذلك إلاّ بصفاء الإيمان القلبي ونقاء الصفّ الإسلامي الموحّد والمتواجد في ساحات العمل والجهاد.

فلا بدّ من هيمنة العقيدة الصحيحة على الذات عقلا وحسّاً بحيث تحكم كلّ تصرّف من خلال التصوّر الإسلامي الذي ينبثق عن العقيدة إزاء كلّ شيء وتجاه كلّ حدث ، فإنّ الحياة عقيدة وجهاد.

فبنظري :

أثبتت الحوادث أنّ قضيّة فلسطين لا بدّ أن تخرج من نطاقها الضيّق البشري وإطارها القومي باسم العرب والاُمّة العربيّة ، وتدخل في رحاب الدين الإسلامي الحنيف وقداسة المذهب المحمّدي الأصيل ، حتّى تتحرّر من اليهود العتاة وإسرائيل الكافرة.

إنّ تسارع الأحداث وتصاعد المواجهة واشتداد الملحمة على أرض القدس المباركة وإن بدا في أوّلها وظاهرها العذاب إلاّ أنّ في باطنها ونهايتها الرحمة والتمكين :

(وَنُريدُ أنْ نَمُنَّ عَلى الَّذينَ اسْتُضْعِفوا في الأرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الوارِثينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ في الأرْضِ)[1].

ولقد كثر الحديث عن الحلول لتلك القضية ، وأدلى كلٌّ بدلوه ...

فمنهم من يرى الحلّ بالتطبيع مع اليهود.

ومنهم من لا يزال يأمل بالمباحثات والمفاوضات وبيانات الاُمم المتّحدة.

ومنهم من يدعو إلى المؤتمرات والخطابات ...

إلاّ أ نّه يقال لمن يركض وراء سراب التطبيع :

(وَلَنْ تَرْضى عَنْكَ اليَهودُ وَلا النَّصارى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ)[2].

(لَتَجِدَنَّ أشَدَّ النَّاسِ عَداوَةً لُلَّذينَ آمَنوا اليَهودَ وَالَّذينَ أشْرَكوا)[3].

فهذه هي طبيعة العلاقة بيننا وبين يهود ، فمن أراد أن يغيّرها فهو متوهّم وفاشل.

ويقال لمن ينادي بالمفاوضات والمباحثات مع يهود :

لقد جلستم مرّات ومرّات فماذا حقّقتم لفلسطين ؟ ليس إلاّ الضياع والحرمان والقتل والنهب والتشريد.

وما جنيتموه حبرٌ على ورق ، فما زال الكيان الصهيوني يمحو آثاره ويدعو إلى مفاوضات جديدة.

وهكذا يدورون حول أنفسهم كحمار الطاحونة ، وما زالت المهزلة مستمرّة ويضيع الوقت ...

ولعلّ إسرائيل تملك قوّة عسكرية وراءها دول تساندها في طغيانها ، أمّا الفريق الآخر قد نصب نفسه شرطيّاً على إخوانه الفلسطينيين وزجّ بهم في السجون وسامهم سوء العذاب ، ويتشبّث بدولة ولا دولة ولا سلطة بدون سلطة.

فلا سبيل لنا إلاّ الرجوع إلى أصالتنا الإسلامية وديننا الحنيف ، فبقوّة الإسلام تتحرّر فلسطين من براثن اليهود الصهاينة.

نعتقد جزماً بأنّ اُمّتنا الإسلامية ذات الرسالة الخالدة بكلّ جالياتها ولغاتها وقوميّاتها ، ستختار الإسلام منقذاً أساسياً وحافزاً أصيلا لتوحيد كلمتها ورصّ صفوفها الجهادية ، وتوجيهها للتصدّي بكلّ إمكاناتها وقدراتها لمواجهة الصهيونية وحلفائها.

ولذلك فإنّ المعركة الآن معركة الحضارات.

(معركة شرسة في أكثر من مكان في محاولة لقطع الطريق على الإسلام سواء بواسطة قوى العلمانية أو سطوة الأنظمة والجيوش أو تفتيت الإرادة بالتغريب والتطبيع ، ولكن العاقبة للمتّقين :

(وَيَقولونَ مَتى هُوَ قُلْ عَسى أنْ يَكونَ قَريباً)[4])[5].


[1]القصص : 5.

[2]البقرة : 120.

[3]المائدة : 82.

[4]الإسراء : 51.

[5]مجلّة المجتمع ، العدد 1266.

حقيقة الحركة اليهودية