الأمر  الثالث - قطع  العلائق  المانعة  من  تحصيل  العلم

أن يقطع ما يقدر عليه من العوائق الشاغلة ، والعلائق المانعة عن تمام الطلب وكمال الاجتهاد ، وقوّة الجدّ في التحصيل ، ويرضى ما تيسّر من القوت وإن كان يسيراً وبما يستر مثله من اللباس وإن كان خلقاً ، فبالصبر على ضيق العيش تنال سعة العلم ، والعلم لا يعطيك بعضه حتّى تعطيه كلّك .

أكتفي بقصّة واحدة من حياة المحقّق العالم الربّاني الملاّ محمّد مهدي النراقي صاحب ( جامع السعادات ) من خيرة المصنّفات في علم الأخلاق .

« كان في بداية تحصيله في غاية الفقر والفاقة بحيث لم يكن قادراً على إشعال قنديل للمطالعة ، فكان يستفيد من قنديل بيت الخلاء للمطالعة ، وإذا جاء أحد إلى بيت الخلاء ، كان يتنحنح إشارة منه إلى أ نّه مشتغل بقضاء الحاجة ، فلا يعرف أحد بالأمر ويخجل .

هذا الرجل العظيم ـ وهكذا كلّ العظماء ـ قطع كلّ ما يشغله عن دراسته ، حتّى الرسائل التي كانت ترسل إليه من أهله ووالده ، كان يبقيها مقفلة لا ينظر إليها حتّى لا يوجب ذلك شرود ذهنه ، ويضع الرسائل تحت الفراش ، وعندما قُتل والده فبأمر من اُستاذه وبمعيّته ذهب إلى نراق ، وبعد ثلاثة أيّام رجع إلى مدرسته وهو شديد الشوق لتحصيل العلوم العقليّة والنقليّة ، ولمّـا أكمل دراسته وسكن في كاشان وكانت خالية من العلماء ، وببركته مُلئت من العلماء والفضلاء ، وصار مرجع ومحطّ رحال الرجال الكُمّل الأفاضل ، وظهر الكثير من العلماء من تلامذته »[1].


[1]قصص العلماء للتنكابني : 146 .

الأمر الرابع