الإشكال  الرابع

الرابع : من آداب المناضرة تساوي الدليل مع المدّعى ، فلا يصحّ أن يكون الدليل أخصّ أو أعمّ من المدّعى ، فقيل فيما نحن فيه : أنّ مفاد الآية أخصّ من المدّعى ، فإنّ المدّعي ، مطلق الكفّار ومفاد الآية خصوص المشرك .

واُجيب عنه :

أوّلا : بأنّ الدليل إنّما يتمّ مع عدم القول بالفصل ـ كما في الإجماع المركّب ، وأشار إلى هذا المعنى صاحب الجواهر كما مرّ ، إلاّ أنّ صاحب المستمسك قال بأ نّه خروج عن التمسّك بالآية ـ  .

وثانياً : بضميمة ما دلّ على كون اليهود والنصارى من المشركين أيضاً ، كقوله تعالى : ( وَقالَتِ اليَهودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ ) إلى قوله تعالى : ( سُبْحانهُ عَمَّا يُشْرِكونَ )[1] ، وكذلك الآيات الاُخرى في المسيح عيسى بن مريم الدالّة على شرك النصارى .

لكنّ صاحب المستمسك أشكل على ذلك : بأنّ نسبة الإشراك إليهم ليست على الحقيقة ، فإنّ ذلك خلاف الآيات والروايات ، وخلاف المفهوم منها عند المتشرّعة والعرف ، فيتعيّن حمله على التجوّز في الأسناد ، وليس الكلام وارداً في مقام جعل الحكم ، ليؤخذ بإطلاق التنزيل كي يثبت حكم المشركين لهم . مع أ نّه لا يطّرد في من لا يقول منهم بذلك ، ولا في المجوس ، ولا في غيرهم من الكفّار غير المشركين[2] . انتهى .

وأجاب صاحب الحدائق عن هذا الإشكال بعد تقريره بقوله : إنّه على تقدير التسليم ، فالآية مختصّة بمن صدق عليه عنوان الشرك ، والمدّعى أعمّ منه ، فأجاب : يصدق عنوان الشرك على أهل الكتاب بقوله سبحانه : ( وَقالَتِ اليَهودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ وَقالَتِ النَّصارى المَسيحُ ابْنُ اللهِ ) إلى قوله سبحانه : ( عَمَّا يُشْرِكونَ )[3] ، ثمّ قال : وبالجملة فإنّ دلالة الآية على النجاسة كنجاسة الكلاب ونحوهما ممّا لا إشكال فيه[4] .


[1]التوبة : 30 ـ 31 .

[2]مستمسك العروة الوثقى 1 : 369 .

[3]التوبة : 30 .

[4]الحدائق الناضرة 5 : 166 .

الإشكال الخامس