الفصل  الثالث - وجوه الاستدلال على نجاسة الكفّار

الأوّل : الإجماع

ذهب المشهور من أصحابنا الأخيار إلى نجاسة المشركين والكفّار ، واستدلّوا على ذلك بوجوه من الإجماع بقسميه ـ المحصّل والمنقول ـ والآيات الكريمة والروايات الشريفة :

فالأوّل : الإجماع والشهرة الفتوائيّة ، وهما كما ترى . فإنّ الإجماع الذي يعدّ دليلا فيما لو كان تعبّدياً كاشفاً عن قول المعصوم (عليه السلام) ، باللطف أو الحدس أو غيرهما على اختلاف المباني ، كما هو ثابت ومذكور في محلّه من علم اُصول الفقه ، ثمّ إمّا أن يكون محصّلا ، وهو نادر ، والنادر كالمعدوم ، وإمّا أن يكون منقولا ، ويدخل تحت عنوان الظنّ المطلق ، الذي ثبت عدم حجيّته بالأدلّة الأربعة كما عند شيخنا الأعظم الشيخ الأنصاري (قدس سره) في فرائده ، ومن تبعه إلى يومنا هذا من الفقهاء المعاصرين ، وهناك إجماعاً مدركيّاً بمعنى اتّفاق الفقهاء في عصر ومصر على مسألة لما عندهم من المدارك والمسانيد الشرعية ، من الآيات الكريمة والروايات الشريفة ، وهذا لا يكون عندنا حجّة أيضاً ، لأ نّه نرجع إلى المدارك لنستنبط منها حسب الإجتهاد واستفراغ الوسع ، فربما نتّفق معهم وربما نخالفهم ، وفهمهم من المدارك إنّما هو حجّة لهم ولمن قلّدهم ، وكثير من الإجماعات المنقولة إنّما هي من الإجماع المدركي ، فلا يعدّ دليلا مستقلاّ ، نعم إنّما يكون من المؤيّدات للأدلّة الاُخرى .

وأ مّا الشهرة الفتوائية فهي أيضاً من الظنّ المطلق الذي ليس بحجّة إلاّ ما خرج بالدليل ، كخبر الثقة وظواهر الكتاب . وأ مّا ما ورد في الأخبار العلاجية من قوله (عليه السلام) : « خذ ما اشتهر بين أصحابك » فإنّ المراد : الشهرة الروائية ودع الشاذّ من الأخبار .

فما قيل من الإجماع والشهرة الفتوائية فيما نحن فيه ، فإنّهما لو ثبتت الأدلّة الاُخرى من الآيات والروايات إنّما تكونا من المؤيّدات ، فتدبّر .

وقد ذكرنا بعض من يدّعي الإجماع في نجاسة الكفّار من كتاب مفتاح الكرامة[1] ، وكذلك جاء في منتهى المطلب[2] ، قال العلاّمة الحلّي : الكفار أنجاس ، وهو مذهب علمائنا أجمع سواء كانوا أهل كتاب أو حربيّين أو مرتدّين ، وعلى أيّ صنف كانوا ، خلافاً للجمهور .

وقال العلاّمة الجواد الكاظمي في مسالكه[3] : وقد أطبق علماؤنا على نجاسة من عدا اليهود والنصارى من أصناف الكفّار . وقال أكثرهم بنجاسة هذين الصنفين أيضاً ، والمخالف في ذلك ابن الجنيد وابن أبي عقيل والمفيد في المسائل العزيّة ، لما في بعض الروايات المعتبرة من الإشعار بطهارتهم ، وهي محمولة على ضرب من التأويل ، كما يعلم من محلّه .

ولكن ذكرنا في الفصل الثاني ما جاء في مفتاح الكرامة[4] من : أنّ المخالف ابن الجنيد فقط ، وذلك بقوله : طهارة المشرك مطلقاً ـ كما عند أبناء العامّة ; ولعلّ قوله هذا باعتبار أ نّه كان منهم ثمّ هداه الله واستبصر فلا يؤخذ بقوله ـ وأ مّا المفيد فمراده من الكراهة المعنى اللغوي ، وأ مّا ابن أبي عقيل فباعتبار ما عنده من الفتوى في الأسآر بأ نّها من الماء القليل ، وعنده عدم انفعاله بالنجاسة .

وقال صاحب جواهر الكلام في شرح شرايع الإسلام[5] ، في بيان الأعيان النجسة : العاشر : الكافر : إجماعاً في التهذيب والانتصار والغنية والسرائر والمنتهى وغيرها ، وظاهر التذكرة بل في الأوّل من المسلمين ، لكن لعلّه يريد النجاسة في الجملة ، لنصّ الآية الشريفة[6] ، وإن كانت العامّة يؤوّلونها بالحكميّة لا العينيّة ، نعم هي كذلك عندنا من غير فرق بين اليهود والنصارى وغيرهم ، كما هو صريح معقد إجماع المرتضى وظاهر غيره ، بل صريحه ، ولا بين المشرك وغيره ، ولا بين الأصلي والمرتدّ . ولعلّ ما عن عزيّة المفيد من الكراهة في خصوص اليهود والنصارى يريد بها الحرمة ، كما يؤيّده اختياره لها في أكثر كتبه على ما قيل ، وعدم معروفية حكاية خلافه كنقل الإجماع من تلامذته ، مع أ نّه المؤسّس للمذهب .

وما عن موضع من نهاية الشيخ : « ويكره أن يدعو الإنسان أحداً من الكفّار إلى طعامه فيأكل معه ، فإن دعاه فليأمر بغسل يديه ثمّ يأكل معه إن شاء » ، محمول ـ كما عن نكت المصنّف ـ على المؤاكلة باليابس أو الضرورة ، وغسل اليد لزوال الاستقذار النفساني الذي يعرض من ملاقاة النجاسة ، أو على ما ذكره ابن إدريس في السرائر : من أ نّه أورد الرواية الشاذّة إيراداً لا اعتقاداً ، ويؤيّدهما ـ مضافاً إلى نفي الخلاف فيها ، بل قيل في غير موضع منها بنجاسة الكفّار على اختلاف مللهم .

وأ مّا ما عن مختصر ابن الجنيد ـ من أ نّه لو تجنّب من أكل ما صنعه أهل الكتاب من ذبائحهم وفي آنيتهم ، وكذلك ما وضع في أواني مستحلّ الميتة ومؤاكلتهم ما لم يتيقّن طهارة أوانيهم وأيديهم كان أحوط ـ فهو مع عدم صراحته أيضاً ، بل ولا ظهوره عند التأمّل ، غير قادح فيما ذكرنا بعد مرفوضية أقواله عندنا ، لما قيل من عمله بالقياس ، كالمحكي عن ابن أبي عقيل من عدم نجاسة سؤر اليهود والنصارى ، مع أ نّه لعلّه لعدم نجاسة القليل عنده بالملاقاة ، إذ السؤر عند الفقهاء على ما قيل : الماء القليل الذي لاقاه فم حيوان أو جسمه ، بل قد يشعر تخصيصه عدم النجاسة بالسؤر بموافقته فيها في غيره ، فلا خلاف حينئذ يعتدّ به بيننا في الحكم المزبور ، بل لعلّه من ضروريات مذهبنا ، ولقد أجاد الاُستاذ الأكبر ـ كاشف الغطاء (قدس سره) ـ بقوله : إنّ ذلك شعار الشيعة ، يعرفه منهم علماء العامّة وعوامّهم ونساؤهم وصبيانهم ، بل وأهل الكتاب فضلا عن الخاصّة . انتهى كلامه رفع الله مقامه .

وقال السيّد الحكيم في مستمسك العروة الوثقى[7] ، في قوله : (الثامن : الكافر بأقسامه) : إجماعاً محكيّاً في جملة من كتب الأعيان ، كالناصريات والانتصار والغنية والسرائر والمعتبر والمنتهى والبحار والدلائل وكشف اللثام وظاهر التذكرة ونهاية الإحكام ـ على ما حكي عنها ـ بل عن التهذيب : إجماع المسلمين . لكنّ القول بالطهارة هو المعروف عند المخالفين . انتهى كلامه .

ثمّ قال[8] ، بعد بيان الأخبار المتعارضة في نجاسة الكتابيين وطهارتهم : وكيف كان نقول : إن أمكن البناء على المناقشات المذكورة في هذه النصوص ـ ولو للجمع بينها وبين ما دلّ على النجاسة ـ فهو المتعيّن ، وإن لم يمكن ذلك ـ لبعد المحامل المذكورة ، وإباء أكثر النصوص عنها ـ فالعمل بنصوص الطهارة غير ممكن ، لمخالفتها للإجماعات المستفيضة النقل ـ كما عرفت ـ بل للإجماع المحقّق ـ كما قيل ـ فإنّ مخالفة ابن الجنيد ـ لو تمّت ـ لا تقدح في الإجماع ، فكم لها منه (رحمه الله)من نظير محكيّ عنه ؟ ! وما عن ابن أبي عقيل من طهارة سؤر الذمي ، لعلّه مبنيّ على مذهبه من عدم انفعال الماء القليل ، وما عن المفيد (رحمه الله) من التعبير بكراهة سؤري اليهودي والنصراني لعلّ مراده منه : الحرمة ، كما يشهد به ـ كما قيل ـ عدم نسبة الخلاف إليه من أحد أتباعه الذين هم أعرف بمذهبه من غيرهم . وما عن الشيخ (رحمه الله) في النهاية من أ نّه يكره للإنسان أن يدعو أحداً من الكفّار إلى طعامه فيأكل معه ، فإن دعاه فليأمره بغسل يده ، لعلّ المراد منه مجرّد المؤاكلة ، لا مع المساورة ، كما تقدّم احتماله في النصوص . ويشهد لذلك ـ مضافاً إلى ما هو المعروف من أنّ النهاية مؤلّفة من متون الأخبار لا كتاب فتوى ـ أ نّه حكي عنه ذكر قبل ذلك بقليل : أ نّه لا تجوز مؤاكلة الكفّار ... إلى أن قال : « لأ نّهم أنجاس ينجّسون الطعام بمباشرتهم إيّاه . انتهى موضع الحاجة من كلامه .

وممّن نقل الإجماع السيّد الطباطبائي في رياض المسائل[9] ، فقال ـ بعد بيان الضابط في معنى الكافر ـ : والحجّة في الحكم ـ أي نجاسته ـ بعد الإجماعات المستفيضة المحكيّة عن الناصريات والانتصار والسرائر والغنية والمنتهى وظاهر نهاية الإحكام والتذكرة الآية الكريمة ( إنَّما المُشْرِكونَ نَجَسٌ ) ، إلى آخره .

وقال المحقّق الفيض الكاشاني في مفاتيح الشرائع[10] ، في بيان نجاسة الكلب والخنزير والكافر : الكلب والخنزير ـ غير المائيّين ـ والكافر ـ غير اليهودي والنصراني والمجوسي ـ نجسة عيناً ولعاباً بالإجماع ، والصحاح في الأوّل مستفيضة وبالثاني واردة ، وفي القرآن : ( فَإنَّهُ رِجْسٌ )[11] ، وللثالث : ( إنَّما المُشْرِكونَ نَجَسٌ )[12] ، و ( كَذلِكَ يَجْعَلِ اللهُ الرِّجْسَ عَلى الَّذينَ لا يُؤْمِنونَ )[13] .

وقال المحقّق البحراني في حدائقه الناضرة[14] : وقد حكي عن جماعة دعوى الإجماع على نجاسة الكافر بجميع أنواعه المذكورة كالمرتضى والشيخ وابن زهرة والعلاّمة في جملة من كتبه ، إلاّ أنّ المفهوم من كلام المحقّق في المعتبر الإشارة إلى الخلاف في بعض هذه المواضع ، حيث قال : الكفّار قسمان : يهود ونصارى ومن عداهما ، أمّا القسم الثاني فالأصحاب متّفقون على نجاستهم ، وأ مّا الأوّل فالشيخ في كتبه قطع بنجاستهم وكذا علم الهدى والأتباع وابن بابويه وللمفيد قولان : أحدهما النجاسة ذكره في أكثر كتبه ، والآخر الكراهة ذكره في الرسالة العزيّة .

ثمّ يذكر المصنّف ما جاء في المعالم في مخالفة الشيخ في النهاية وابن الجنيد وتوجيه كلامهما كما مرّ ذلك ، ثمّ قال : الظاهر أنّ من ادّعى الإجماع من أصحابنا في هذه المسألة على النجاسة ، بنى على رجوع المفيد باعتبار تصريحه فيما عدا الرسالة المذكورة من كتبه بالنجاسة وعدم الاعتداد بخلاف ابن الجنيد لما شنّعوا عليه به من عمله بالقياس ، إلاّ أ نّه نقل القول بذلك في باب الأسآر عن ابن أبي عقيل (قدس سره) ، ثمّ العجب أنّ الشيخ (قدس سره) في التهذيب نقل إجماع المسلمين على نجاسة الكفّار مطلقاً مع مخالفة الجهور في ذلك ، حتّى أنّ المرتضى (قدس سره) جعل القول بالنجاسة من متفرّدات الإمامية . انتهى موضع الحاجة من كلامه .

ثمّ قال بعد بيان الاستدلال بالآية الشريفة وأجوبة المناقشات والاشكالات : وبالجملة فإنّ دلالة الآية على النجاسة كنجاسة الكلاب ونحوها ممّا لا إشكال فيه ، كما عليه كافّة الأصحاب إلاّ الشاذّ النادر في الباب ، ومناقشة جملة من أفاضل متأخّري المتأخّرين كما نقلنا عنهم مردودة بما عرفت[15] .

وقال الشيخ البهائي (قدس سره) في كتابه حبل المتين[16] : وقد اتّفق أصحابنا رضوان الله عليهم على نجاسة من عدا اليهود والنصارى ، والأكثر على أ نّه لا فرق بينهم وبين غيرهم ، بل ادّعى عليه الشيخ في التهذيب والمرتضى وابن إدريس الإجماع ، والمنقول عن ابن أبي عقيل وابن الجنيد والمفيد في المسائل العزّية عدم نجاسة سؤرهم .

وقال سيّدنا الخوئي (قدس سره) في التنقيح[17] : المعروف بين أصحابنا من المتقدّمين والمتأخّرين نجاسة الكافر بجميع أصنافه بل ادّعي عليها الإجماع ، وثبوتها في الجملة
ممّا لا ينبغي الإشكال فيه ، وذهب بعض المتقدّمين إلى طهارة بعض أصنافه وتبعه على ذلك جماعة من متأخّري المتأخّرين .

وتوضيح الكلام في هذا المقام : أ نّه لا إشكال ولا شكّ في نجاسة المشركين ، بل نجاستهم من الضروريات عند الشيعة ، ولا نعهد فيها مخالفاً من الأصحاب ، نعم ذهب العامّة إلى طهارتهم ولم يلتزم منهم بنجاسة المشرك إلاّ القليل ، وكذا لا خلاف في نجاسة الناصب ، بل هو أنجس من المشرك على بعض الوجوه ، ففي موثّقة ابن أبي يعفور : « فإنّ الله تبارك وتعالى لم يخلق خلقاً أنجس من الكلب ، والناصب لنا أهل البيت لأنجس منه » ، كما أ نّه ينبغي الجزم بنجاسة غير المشرك من الكفّار فيما إذا التزم بما هو أسوأ وأشدّ من الشرك في العبادة كإنكار وجود الصانع رأساً ، لأنّ المشركين غير منكرين لوجوده سبحانه ، وإنّما يعبدون الأصنام والآلهة يتقرّبوهم إلى الله زلفى ... ومن البديهي أنّ إنكار وجوده تعالى أسوأ من ذلك وأشدّ ، فهو أولى بالحكم بالنجاسة من المشرك بالضرورة .

أقول : إنّما تتمّ هذه الأولويّة لو كانت النجاسة منصوصة العلّة ، كما هو الظاهر فيما نحن فيه ، فإنّها من أجل شركهم وعبادتهم الأصنام ، فكيف من ينكر الله سبحانه ، فهو أولى بالنجاسة كما أنّ الكلب نجس العين ، فلمّا كان الناصب أشرّ منه للزم أن يكون أنجس منه وأولى بالنجاسة ، كما في موثّقة أبي يعفور .

وقال الشيخ آقا ضياء الدين العراقي في شرح تبصرة المتعلّمين[18] : من النجاسات : الكافر : بلا إشكال في الأصلي منه فتوى ونصاً ـ الوسائل ، باب 14 من أبواب النجاسات ، كتاب الطهارة ـ خصوصاً الآية الشريفة ـ سورة التوبة ، الآية 28 ـ الملحق فيها غير المشرك من فرق الكفّار بالمشركين ، وعلى المشهور فالذمي ملحق بهم ، خصوصاً مع كونهم مشركين بسبب اعتقادهم في عزير أو المسيح أ نّه ابن الله . وعليه أيضاً نصوص ـ الباب 14 من أبواب النجاسات ـ آمرة بالاجتناب عنهم ، وفي قبالها نصوص صريحة في عدم نجاستهم الذاتية ، وأنّ حكمة التحرّز عنهم عدم توقّيهم عن النجاسات العرضية ، ومقتضى الجمع بينها في غاية الوضوح ، بحمل الآمرة بالاجتناب على مجرّد الرجحان ، أو يجعل وجه الاجتناب نجاستهم العرضية ، أو التفصيل بين الاختيار والاضطرار ، بشهادة رواية علي بن جعفر من قوله : « إلاّ أن يضطرّ إليه » .

ولكن مع ذلك كلّه ، فإنّ بناء المشهور على حمل أخبار الطهارة على التقيّة ، مع ما فيه من الإشكال ، لأنّ مثل هذا الحمل خلاف ديدنهم من تقديم الجمع الدلالي على التصرّف في الجهة ، ونظير هذا البناء والإشكال جار في أخبار الماء القليل وأخبار حِلّ ذبيحتهم .

وحلّ الإشكال ـ عن الأصحاب في جميع هذه المقامات ـ هو أن يقال : بأنّ بنائهم على طرح هذه الروايات في أمثال هذه الأبواب . وذلك يكشف عن أ نّهم وجدوا منذ الصدر الأوّل خللا في جهتها ، بنحو صار أصل الجهة مع قطع النظر عن شيء آخر موهوناً جداً . ومثل هذه الجهة غير مرتبطة بمقام تقديم التصرّف الجهتي على الدلالي كما لا يخفى .

وقال الشهيد الأوّل في الدروس[19] ، في الأعيان النجسة : والكافر أصلياً أو مرتدّاً أو منتحلا للإسلام جاحداً بعض ضرورياته كالخارجي والناصبي والغالي والمجسّمي .

وقال ابن حمزة الطوسي[20] : ... والكافر والناصب فإنّه يجب غسل الموضع الذي مسّه رطباً بالماء ، ثوباً كان أو بدناً ، ورشّه بالماء إن مسّ الثوب يابسين ، ومسحه بالتراب إن مسّ البدن يابسين .

وقال الشيخ عبد النبي العراقي[21] ، في قول المصنّف : (والكافر بأقسامه نجس ، حتّى المرتدّ بقسميه ، وحتّى اليهود والنصارى والمجوس) : كافر ونجس يجب الاجتناب عنه كسائر النجاسات ، ويترتّب على غيرها ويدلّ على ما ذكر الإجماع بقسميه ، بل إنّ الهمداني في المصباح قد ادّعى تواتره ، وهو كذلك ، فإنّ المنقول منه متواتر جداً ، كما عن السيّد علم الهدى (قدس سره) وابن زهرة وابن إدريس والعلاّمة والمعتبر والبحار والدلائل وشرح الفاضل ونهاية الإحكام ، بل الشيخ في التهذيب ادّعى إجماع المسلمين عليه ، ووجّهه فاضل الهندي بأ نّه أراد من العامّة النجاسة الحكميّة وإلاّ أ نّهم لا يقولون بنجاسة العينية بعموم فرقهم ، وهو كذلك كما هو المنصوص في الفقه على المذاهب الأربعة ، بل في المدارك أنّ الحكم بالنجاسة شعار الشيعة يعرفه علماء العامّة ، بل وعوامّهم بل ونسائهم وصبيانهم يعرفون ذلك ـ ثمّ يذكر ما قاله ابن أبي عقيل وابن جنيد مع توجيه كلامهما ، ثمّ يقول : ـ لا خير في خلافهم بعد تواتر الإجماعات مطلقاً كما عن الروض والروضة والميسية ومجمع البرهان والذخيرة والصدوق والكليني إلى غير ذلك من أعلام الورى برّد الله مضاجعهم .

هذه نماذج من عبائر علمائنا العظام الدالّة على الإجماع في نجاسة الكفّار ، فتدبّر .


[1]مفتاح الكرامة 1 : 142 .

[2]منتهى المطلب 1 : 168 ، الطبعة الحجرية .

[3]المسالك (للعلاّمة الجواد الكاظمي) 1 : 102 .

[4]مفتاح الكرامة 1 : 142 .

[5]جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام 6 : 41 ، طبع دار إحياء التراث العربي ـ بيروت .

[6]التوبة : 28 .

[7]مستمسك العروة الوثقى 1 : 367 ، طبع مكتبة آية الله النجفي المرعشي .

[8]مستمسك العروة الوثقى 1 : 374 .

[9]رياض المسائل 1 : 85 ، طبع مؤسسة آل البيت ـ قم .

[10]مفاتيح الشرائع 1 : 70 ، نشر مجمع الذخائر ـ قم .

[11]الأنعام : 145 .

[12]التوبة : 28 .

[13]الأنعام : 125 .

[14]الحدائق الناضرة 5 : 162 ، نشر جامعة المدرّسين بقم .

[15]الحدائق الناضرة 5 : 166 .

[16]حبل المتين : 99 ، طبع مكتبة بصيرتي ـ قم .

[17]التنقيح 2 : 41 ، طبع إيران .

[18]شرح تبصرة المتعلّمين 1 : 237 .

[19]الدروس : 17 .

[20]الوسيلة إلى نيل الفضيلة : 77 .

[21]المعالم الزلفى في شرح العروة الوثقى 1 : 335 ، طبع علمية ـ قم .

الفصل الرابع