الفصل  التاسع - في  حكم  المرتدّ  الفطري  والملّي

ذهب السيّد اليزدي في العروة الوثقى في بحث الأعيان النجسة إلى نجاسة الكافر ، وقال : حتّى المرتدّ ، فكأ نّه فرد مخفي من الكفّار فأراد إثباته وإظهاره .

والكلام في المرتدّ ، وهو على قسمين :

1 ـ المرتدّ الفطري : أي أحد أبويه مسلماً ، فتبع الولد أحد الأبوين المسلم لشرافته ، فكان بعد بلوغه مسلماً ثمّ ارتدّ ، فمثل هذا المسلم يسمّى بالمرتدّ الفطري ، فإنّه يقتل ويبان بينه وبين زوجته بمجرد الارتداد ، كما يقسّم ماله بين ورثته .

2 ـ المرتدّ الملّي : وهو من كان يهودياً أو نصرانياً ثمّ أسلم ، ثم ارتدّ عن الإسلام ، وقد ناقش الفقهاء في الأحكام المترتّبة على ارتداده ، فربّما يدعّى أ نّه لا فرق ما بين كفره الأصلي وارتداده ، وهذا غير صحيح ، فإنّه يقتل الكافر ولكن يستتاب المرتدّ الملّي ، ولو تاب فإنّ زوجته تبقى على النكاح الأوّل ، ولا يقضي ما فات أيّام الكفر ، بخلاف المرتدّ لو تاب ، فإنّه يقضي ما فاته أيّام ارتداده .

وحينئذ لو ثبت أنّ اليهودي نجس ، تمسّكاً بإطلاق الآية والروايات ، فقيل كذلك المرتدّ اليهودي فعلا ، ولكنّ الروايات في هذا الباب كما مرّ ، كان من السؤال والجواب ، والسائل إنّما يسأل عن خصوص اليهودي أو النصراني لا المرتدّ ، فيحتمل أن يكون له حكم خاصّ في الطهارة والنجاسة ، لا سيّما والمسألة تعبّدية متوقّفة على حكم الشارع المقدّس ، ولا مجال للقياس فإنّه باطل في مذهبنا . كما إنّ الغالب من اليهودي هو الذمّي الذي يتعاشر معه ، أمّا المرتدّ فلم يكن حرّ التصرّف والمعاشرة ، حتّى يسأل عن معاشرته ومصافحته وما شابه ذلك .

نعم لو قال المعصوم (عليه السلام) ابتداءً : اليهودي نجس ، أو في جواب السؤال يعطينا كبرى كليّة ، لأمكن التمسّك بالإطلاق في المرتدّ ، والحال لم يكن ذلك ، فالحكم بنجاسة المرتدّ لا يخلو من إشكال ، وإن كان الأحوط ذلك .

قال السيّد الخوئي (قدس سره)[1] : وأمّا المرتدّ فإن صدق عليه أحد عناوين أهل الكتاب كما إذا ارتدّ بتنصّره أو بتهوّده أو بتمجّسه فحكمه حكمهم ، فإذا قلنا بنجاستهم فلا مناص من الحكم بنجاسته ، لأ نّه يهودي أو نصراني أو مجوسي بلا فرق في ذلك بين كونه مسلماً من الابتداء وبين كونه كافراً ثمّ أسلم . وأمّا إذا لم يصدق عليه شيء من عناوين أهل الكتاب ، فهو وإن كان محكوماً بالكفر لا محالة ، إلاّ أنّ الحكم بنجاسته ما لم يكن مشركاً أو منكراً للصانع يحتاج إلى دليل وهو مفقود ، فإنّ الأدلّة المتقدّمة ـ على تقدير تماميّتها ـ مختصّة بأهل الكتاب ، والمفروض عدم كونه منهم ، ومع ذلك فلا بدّ من الاحتياط ، لذهاب المشهور إلى نجاسة الكافر على الإطلاق . انتهى كلامه .


[1]التنقيح 2 : 57 .

الفصل العاشر