أهل البيت (عليهم السلام) سفينة النجاة

السيد عادل العلوي

رسالة مفتوحة إلى جميع المسلمين

طبعت هذه  الرسالة على  نفـقـة  أحـد المحسنين من الإخوة الكويتيين هدية على روح السيدة اُمّ البنين زوجة مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام)

نسأل  الله  أن  يوفّقه

واُسرته  ويعافيهم بحقّ  محمّد  وآله  الطاهرين

سفن  النجاة  في العالمين

الناشر 

بسم  اللّه  الرحمن  الرحيم

الحمد للّه الذي جعل أوليائه في عالم الإمكان مظهراً لصفاته العليا وأسمائه الحُسنى ، ومفتاحاً لكلماته التي لا تنفد وآلائه التي لا تعدّ ، والصلاة على أشرف خلقه ومكنون سرّه محمد المصطفى المختار وآله الأئمة الأطهار ، واللعن الدائم على أعدائهم ومنكري فضائلهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.

أمّا بعد :

فاعلم ـ أيّدك الله في الدارين ـ أنّ أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) الأئمة الهداة (عليهم السلام) هم الصفوة الإلهية ، والتحفة المحمدية ، وسفراء الله في الأرض وحجج الله على الخلق ، والثقل الثاني الذي تركه رسول الرحمة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)بين الناس إلى يوم القيامة ، ما إن تمسّكت البشرية بهم وبالقرآن الكريم حبل الله الممدود من السماء إلى الأرض لن تضلّ أبداً ، كما جاء في حديث الثقلين المتواتر عند الفريقين ـ السنّة والشيعة ـ كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول :

« إنّي قد تركت فيكم الثقلين ، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدي ، وأحدهما أكبر من الآخر : كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، ألا إنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض »[1].

فما من رطب ولا يابس إلاّ في كتاب مبين ، وكلّ ما في القرآن المجيد من العلوم والمعارف والحقائق والأسرار إنّما هو عند أهل البيت الأئمة الأبرار (عليهم السلام) ، وكلّ ما عندهم إنّما هو في كتاب الله الكريم ، فإنّهما لن يفترقا في كلّ شيء حتّى يردا الحوض الكوثر على رسول الإنسانية ومنقذها من الضلال إلى الهدى ومن الباطل إلى الحقّ ومن الشقاء إلى السعادة الأبدية.

فالقرآن وعترة الرسول المختار حقيقة واحدة ، ونور واحد ، من الواحد الأحد الفرد الصمد ، واجب الوجود لذاته ونور الأنوار سبحانه وتعالى.

ولا يخفى على ذوي النهى أنّ الإمامة والولاية من تمام النعمة وكمال الدين واُصوله ، قال الله تعالى : ( اليَوْمَ أكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِيناً )[2] . قال الإمام الباقر (عليه السلام) : كانت الفريضة تنزل بعد الفريضة الاُخرى وكانت الولاية آخر الفرائض فأنزل الله عزّ وجلّ : ( اليَوْمَ أكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) ، وقال الإمام الرضا (عليه السلام) : اُنزلت في حجّة الوداع وهي آخر عمره (عليه السلام) ... وأمر الإمامة من تمام الدين[3].

فآية إكمال الدين إنّما نزلت في أمر ولاية أمير المؤمنين علي (عليه السلام) يوم الثامن عشر من ذي الحجّة في العام العاشر من الهجرة الشريفة في غدير خم[4] ، وقال النبي الأكرم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) : « مَن كنت مولاه فعليّ مولاه ، اللّهم والِ مَن والاه
وعادِ مَن عاداه ، واخذل من خذله وانصر من نصره ».

فالإمامة رئاسة في الدين والدنيا بعد النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) ، وهي اُسّ الإسلام النامي وفرعه السامي وركنه الرصين ، قال الإمام الباقر (عليه السلام) : بني الإسلام على خمس : على الصلاة والزكاة والصوم والحجّ والولاية ، ولم ينادَ بشيء كما نودي بالولاية[5].

وفي خبر زرارة عن الإمام الصادق (عليه السلام) ، فقلت : وأيّ شيء من ذلك أفضل ؟ فقال : الولاية أفضل ; لأ نّها مفتاحهنّ ، والوالي هو الدليل عليهنّ[6].

فالإمامة أصل كلّ خير وزمام الدين ونظام المسلمين وصلاح الدنيا وعزّ المؤمنين ، وسبيل ربّ العالمين ( قُلْ لا أسْألُكُمْ عَلَيْهِ أجْراً إلاّ المَوَدَّةَ في القُرْبى )[7] ، ( ما أسْألُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أجْر إلاّ مَنْ شاءَ أنْ يَتَّخِذَ إلى رَبِّهِ سَبِيلا )[8] ، فكانوا هم السبيل إلى الله والمسلك إلى رضوانه.

وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : والذي بعثني بالحقّ نبيّاً ، لو أنّ رجلا لقي الله بعمل سبعين نبيّاً ، ثمّ لم يأتِ بولاية وليّ الأمر من أهل البيت ، ما قبل الله منه صرفاً ولا عدلا[9].

وقال : إلزموا مودّتنا أهل البيت ... فوالذي نفس محمد بيده لا ينفع عبداً عمله إلاّ بمعرفتنا[10] . وقال : « كلّ مَن دان الله عزّ وجلّ بعبادة يجهد فيها نفسه ولا إمام له من الله ، فسعيه غير مقبول وهو ضالّ متحيّر ، والله شانئ لأعماله ، ومثله كمثل شاة ضلّت عن راعيها وقطيعها »[11] . فنصب الإمام من الله لا ممّن يقول منّا أمير ومنكم أمير ، وقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : « أما والله لو أنّ رجلا صفّ قدميه بين الركن والمقام مصلّياً ولقى الله وهو يبغضكم أهل البيت لدخل النار »[12].

وقال الإمام الصادق (عليه السلام) : لا يقبل الله من العباد الأعمال الصالحة التي يعملونها إذا تولّوا الإمام الجائر الذي ليس من الله تعالى[13].

وعن أحدهما (عليه السلام) : « نحن أهل البيت لا يقبل الله عمل عبد وهو يشكّ فينا »[14].

وقال الإمام الباقر (عليه السلام) : « قال الله تعالى : لاُعذّبنّ كلّ رعيّة في الإسلام دانت بولاية كلّ إمام جائر ليس من الله »[15].

وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : « قال الله عزّ وجلّ : لاُعذّبنّ كلّ رعية في الإسلام أطاعت إماماً جائراً ليس من الله عزّ وجلّ ، وإن كانت الرعية في أعمالها برّة تقيّة »[16].

وقال : « إنّ أئمتكم وفدكم إلى الله ، فانظروا مَن توفدون في دينكم وصلاتكم » ، « إنّ أئمتكم قادتكم إلى الله ، فانظروا بمن تقتدون في دينكم وصلاتكم »[17].

قال الله تعالى : ( يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ اُناس بِإمامِهِمْ )[18].

قال الإمام الصادق (عليه السلام) : إذا كان يوم القيامة يأتي النداء من عند الله جلّ جلاله : ألا مَن ائتمّ بإمام في دار الدنيا فليتبعه إلى حيث شاء ويذهب به ، فحينئذ يتبرّأ الذين اتُّبعوا من الذين اتَّبعوا[19].

وقال الإمام الحسين (عليه السلام) : « في قوله تعالى : ( يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ اُناس بِإمامِهِمْ ) ، إمام دعى إلى هدى فأجابوه إليه ، وإمامٌ دعى إلى ضلالة فأجابوه إليها هؤلاء في الجنّة وهؤلاء في النار ، وهو قوله عزّ وجلّ ( فَرِيقٌ فِي الجَنَّةِ وَفَريقٌ في السَّعيرِ ) »[20].

وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : « مَن مات وهو لا يعرف إمامه ، مات ميتة جاهلية »[21] ، « مَن مات بغير إمام مات ميتةً جاهلية »[22].

فعلى كلّ مسلم إلى يوم القيامة أن يعرف إمام زمانه حقّ المعرفة ، ولا طاعة
لمن لم يطع الله سبحانه ، فقد قال عزّ وجلّ : ( وَقالوا رِبَّنا إنَّا أطَعْنا سادَتَنا وَكُبَرائَنا فَأضَلُّونا السَّبيلا )[23].

وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : احذروا على دينكم ثلاثة : رجلٌ آتاه الله القرآن ، ورجلٌ آتاه الله سلطاناً فقال : مَن أطاعني فقد أطاع الله ومَن عصاني فقد عصا الله وقد كذب ، لا يكون لمخلوق خشية دون الخالق[24].

وقال أمير المؤمنين علي (عليه السلام) : « احذروا على دينكم ثلاثة ... ورجلا آتاه الله سلطاناً فزعم أنّ طاعته طاعة الله ومعصيته معصية الله وكذب ، لأ نّه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، إنّما الطاعة لله ولرسوله ولولاة الأمر ، وإنّما أمَرَ الله عزّ وجلّ بطاعة الرسول لأ نّه معصوم »[25].

بل يجب الخروج على أئمة الجور وجهادهم ، فقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : « إنّ رحى الإسلام دائرة ، وإنّ الكتاب والسلطان سيفترقان فدوروا مع الكتاب حيث دار ، وستكون عليكم أئمة إن أطعتموهم أضلّوكم وإن عصيتموهم قتلوكم . قال : كيف نصنع يا رسول الله ؟ قال : كونوا كأصحاب عيسى نصبوا على الخشب ونشروا بالمناشير ، موت في طاعة خير من حياة في معصية »[26].

ثمّ الإمامة الحقّة والوصاية الصائبة والولاية الصحيحة والحاكمية الثابتة ، إنّما هي بنصّ من الله ورسوله ، ولا مجال للناس فيها أبداً ، فعن سعد بن عبد الله القمي عن الحجّة المنتظر صاحب العصر القائم المهدي (عليه السلام) في حديث : قلت : فأخبرني يا مولاي عن العلّة التي تمنع القوم من اختيار الإمام لأنفسهم ؟ قال : مصلح أو مفسد ؟ قلت : مصلح ، قال : فهل يجوز أن تقع خيرتهم على المفسد بعد أن لا يعلم أحد ما يخطر ببال غيره من صلاح أو فساد ؟ قلت : بلى ، قال : فهي العلّة وأوردها لك ببرهان ينقاد لك عقلك ، ثمّ قال : أخبرني عن الرسل الذين اصطفاهم الله عزّ وجلّ وأنزل عليهم الكتب ، وأيّدهم بالوحي والعصمة ، وهم أعلام الاُمم أهدى إلى الاختيار منهم ، مثل موسى وعيسى (عليهما السلام) ، هل يجوز مع وفور عقلهما وكمال علمهما إذ هما بالاختيار أن تقع خيرتهما على المنافق وهما يظنّان أ نّه مؤمن ؟ قلت : لا.

قال : هذا موسى كليم الله مع وفور عقله وكمال علمه ونزول الوحي عليه ، اختار من أعيان قومه ووجوه عسكره لميقات ربّه عزّ وجلّ سبعين رجلا ، ممّن لا يشكّ في إيمانهم وإخلاصهم فوقع خيرته على المنافقين ، قال الله عزّ وجلّ : ( وَاخْتارَ موسى قَوْمَهُ سَبْعينَ رَجُلا لِميقاتِنا ) ; فلمّا وجدنا اختيار مَن قد اصطفاه الله عزّ وجلّ للنبوّة واقعاً على الأفسد دون الأصلح وهو يظنّ أ نّه الأصلح دون الأفسد ، علمنا أنّ الاختيار لا يجوز إلاّ لمن يعلم ما تخفي الصدور »[27].

وهو اختيار الله جلّ جلاله ، ولمثل هذا وقاعدة اللطف ـ كما في علم الكلام والأدلّة العقلية والسمعية الاُخرى ـ بأمر من الله سبحانه نصّ النبي المختار على أئمة الهدى من بعده في مواطن عديدة ليتمّ الحجّة ( وَللهِ الحُجَّةُ البالِغَةُ ) على الخلائق.

فأين الناس من حديث السفينة حيث قال الرسول الأعظم ـ كما عند
الفريقين متواتراً ـ : «  مثل أهل بيتي كسفينة نوح ، مَن ركبها نجا ومَن تخلّف عنها غرق وهوى »[28] ، ففي خضمّ الحوادث والانقلاب وأمواج البحر المتلاطم بعد رحلة الرسول الأكرم ، إنّما سفينة النجاة في الدنيا والآخرة أهل بيت رسول الله وعترته الطاهرة ، وكلّ مَن يركب هذه السفينة فإنّه ينجو ، ومَن يتخلّف عنها فاُمّه هاوية نار الله الموصدة التي تطّلع على الأفئدة.

قال الله تعالى : ( أفَمَنْ يَهْدي إلى الحَقِّ أحَقُّ أنْ يُتَّبَعَ أمَّنْ لا يَهْدي إلاّ أنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمونَ )[29].

راجع التأريخ وانظره بدقّة حتّى تعرف مَن هم أئمة الهدى ؟ ومَن هم المعصومون الذين تجب طاعتهم وموالاتهم ؟ ويقول أمير المؤمنين علي (عليه السلام) : « عليكم بطاعة مَن لا تُعذرون في جهالته »[30] . قال الله تعالى : ( يَوْمَ نَدْعو كُلَّ اُناس بِإمامِهِمْ )[31].

وقال الإمام الباقر (عليه السلام) في قوله تعالى : ( آمِنوا بِاللهِ وَرَسولِهِ وَالنُّورِ الذي أنْزَلْنا ) ، النور والله الأئمة من آل محمد (صلى الله عليه وآله) إلى يوم القيامة ، وهم والله نور الله الذي أنزل ، وهم والله نور الله في السماوات وفي الأرض ، والله لنور الإمام في قلوب المؤمنين أنور من الشمس المضيئة بالنهار[32].

فالنجاة والسعادة في الدنيا والآخرة في اتّباع مذهب أهل بيت النبي
محمد (صلى الله عليه وآله) . قال أمير المؤمنين علي (عليه السلام) : « انظروا أهل بيت نبيّكم فالزموا سمتهم واتّبعوا أثرهم ، فلن يخرجوكم من هدىً ، ولن يعيدوكم في ردىً ، فإن لبدوا فالبدوا وإن نهضوا فانهضوا ».

« ألا إنّ مثل آل محمد (صلى الله عليه وآله) كمثل نجوم السماء إذا خوى نجم طلع نجمه ، فكأ نّكم قد تكاملت من الله فيكم الصنائع وأراكم ما كنتم تأملون ».

« نحن شجرة النبوّة ومحطّ الرسالة ومختلف الملائكة ومعادن العلم وينابيع الحكم ».

« تالله لقد علّمت تبليغ الرسالات وإتمام العدات ، وتمام الكلمات ، وعندنا ـ أهل البيت ـ أبواب الحكم وضياء الأمر ».

« أين الذين زعموا أ نّهم الراسخون في العلم دوننا كذباً وبغياً علينا ؟ بنا يستعطى الهدى ويستجلى العمى ».

« نحن الشعار والأصحاب والخزنة والأبواب ولا يؤتى البيوت إلاّ من أبوابها فمن أتاها من غير أبوابها سمّي سارقاً ».

« نحن النمرقة الوسطى التي يلحق بنا التالي وإليها يرجع الغالي ».

« معنا راية الحقّ من تبعها لحق ، ومن تأخّر عنها غرق ، ألا وبنا يدرك ترة كلّ مؤمن ، وبنا تخلع ربقة الذلّ عن أعناقكم ، وبنا يفتح الله لا بكم ، وبنا يختم لا بكم ».

« هم موضع سرّه وملجأ أمره وعيبة علمه وموئل حكمه وكهوف كتبه وحبال دينه ، بهم أقام انحناء ظهره وأذهب ارتعاد فرائصه ».

« جعلهم الله حياة للأنام ومصابيح للظلام ومفاتيح للكلام ودعائم للإسلام ».

« فإنّهم عيش العلم وموت الجهل ، هم الذين يخبركم حكمهم عن علمهم ، وصمتهم عن منطقهم ، وظاهرهم عن باطنهم ، لا يخالفون الدين ولا يختلفون فيه ، فهو بينهم شاهد صادق ، وصامت ناطق ».

« إنّما الأئمة قوّام الله على خلقه وعرفاؤه على عباده ، ولا يدخل الجنّة إلاّ من عرفهم ، ولا يدخل النار إلاّ من أنكرهم وأنكروه ».

وقال (عليه السلام) فيمن تركوا أهل البيت : « آثروا عاجلا وأخّروا آجلا ، وتركوا صافياً وشربوا أجناً ، وكأ نّي أنظر إلى فاسقهم وقد صحب المنكر فألفه ».

« أمّا الاستبداد علينا بهذا المقام ونحن الأعلمون نسباً ، والأشدّون بالرسول (صلى الله عليه وآله) نوطاً ، فإنّها كانت أثرة شحّت عليها نفوس قوم وسخت عنها نفوس آخرين ، والحكم لله ».

« اللّهم إنّك تعلم أ نّه لم يكن الذي كان منّا منافسة في سلطان والتماس شيء من فضول الحطام ، ولكن لنردّ المعالم من دينك ونظهر الإصلاح في بلادك ، فيأمن المظلومون من عبادك ، وتقام المعطّلة من حدودك ».

وقال سيّد المظلومين علي (عليه السلام) روحي فداه : « فنظرت فإذا ليس لي رافد ولا ذابّ ولا مساعد ، إلاّ أهل بيتي فضننت بهم عن المنيّة ، فأغضيت على القذى ، وجرعت ريقي على الشجا ».

« فوالله ما كان يلقى في روحي ولا يخطر ببالي أنّ العرب تزعج هذا الأمر من بعده (صلى الله عليه وآله) عن أهل بيته ، ولا أ نّهم مُنحّوه عنّي من بعده ... حتّى رأيت راجعة من الناس قد رجعت عن الإسلام يدعون إلى محق دين محمد (صلى الله عليه وآله) ، فخشيت إن لم أنصر الإسلام وأهله ، أن أرى فيه ثلماً أو هدماً تكون المصيبة به عليّ أعظم ».

« وأيم الله لولا مخافة الفرقة من المسلمين أن يعودوا إلى الكفر ، ويعود الدين ، لكنّا قد غيّرنا ذلك ما استطعنا »[33].

فالملاك والميزان العلوي هو بقاء الدين ونصرة الإسلام ، حتّى لو آل الأمر إلى أن يغصب حقّه ويكون جليس الدار سنين وسنين.

عن سليمان بن خالد ، قال : قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) : قول الناس لعلي : إن كان له حقّ فما منعه أن يقوم به ؟ فقال : إنّ الله لم يكلّف هذا إلاّ إنساناً واحداً رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال : ( فَقاتِلْ في سَبيلِ اللهِ لا تُكَلَّفُ إلاّ نَفْسَكَ ).

سيّدي ومولاي أبا الحسن ، لقد ظلموك وغصبوا حقّك ، وصبرت محتسباً ، وقلت عليك سلام الله أبداً : « ما زلت منذ قُبض رسول الله مظلوماً »[34].

« كنت أرى أنّ الوالي يظلم الرعيّة ، فإذا الرعيّة تظلم الوالي »[35].

ومن كتاب له (عليه السلام) إلى معاوية : « ... وقلت إنّي اُقاد كما يقاد الجمل المخشوش حتّى اُبايع ، ولعمر الله لقد أردت أن تذمّ فمدحت ، وأن تفضح فافتضحت ! وما على المسلم من غضاضة في أن يكون مظلوماً ما لم يكن شاكّاً في دينه ولا مرتاباً بيقينه »[36].

اللّهم العن أوّل ظالم ظلم حقّ محمد وآل محمد وآخر تابع له على ذلك.

والعجب أنّ المظلومية سرت على كلّ الأئمة الأطهار من آل محمد (عليهم السلام) ، وعلى شيعتهم من الصدر الأوّل وإلى يومنا هذا ، فما من الأئمة إلاّ مسموم أو مقتول ، وشيعتهم مضطهدون مظلومون.

ويقول رسول الله (صلى الله عليه وآله) : عليّ مع الحقّ ، والحقّ مع عليّ ، يدور حيثما دار[37].

وقال : عليّ مع القرآن والقرآن مع عليّ ، لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض[38].

وقال : أنا مدينة العلم وعليّ بابها ، عليّ باب علمي ومبيّن لاُمّتي ما اُرسلت به من بعدي[39].

« عليّ منّي وأنا منه ».

عن أنس ، قال : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول : أنت أخي في الدنيا والآخرة.

ولمّا أخى النبيّ أصحابه غير عليّ (عليه السلام) ، فقال عليّ : لقد ذهب روحي وانقطع ظهري حين رأيتك فعلت بأصحابك ما فعلت غيري ، فإن كان هذا من سخط عليّ فلك العتبى والكرامة ؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : والذي بعثني بالحقّ ما أخّرتك إلاّ لنفسي ، وأنت منّي بمنزلة هارون من موسى ، غير أ نّه لا نبيّ بعدي ! وأنت أخي ووارثي[40].

وقال (صلى الله عليه وآله) : من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه ، وإلى نوح في فهمه ، وإلى إبراهيم في حلمه ، وإلى يحيى بن زكريا في زهده ، وإلى موسى بن عمران في بطشه ، فلينظر إلى عليّ بن أبي طالب[41].

وقال : حقّ عليّ بن أبي طالب على هذه الاُمّة كحقّ الوالد على ولده.

وقال : إنّ عليّاً وشيعته هم الفائزون يوم القيامة[42].

وقال : عليّ سيّد المؤمنين ، عمود الدين[43].

وقال عليه الصلاة والسلام : إن تولّوا عليّاً تجدوه هادياً مهديّاً يسلك بكم الطريق المستقيم.

وقال : إن تستخلفوا عليّاً ـ وما أراكم فاعلين ـ تجدوه هادياً مهديّاً[44].

ومن طرق العامّة :

روى الحاكم النيشابوري[45] بإسناده عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله : النجوم أمانٌ لأهل الأرض من الغرق ، وأهل بيتي أمانٌ لاُمّتي من الاختلاف ، فإذا خالفتها قبيلة من العرب اختلفوا فصاروا حزب إبليس . ثمّ قال : هذا حديث صحيح الإسناد ، كما رواه جماعة من أعلامهم.

وروى الحمويني في « فرائد السمطين » بإسناده عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعليّ بن أبي طالب (رضي الله عنه) : يا علي ، أنا مدينة الحكمة وأنت بابها ، ولن تؤتى المدينة إلاّ من قبل الباب ، وكذب من زعم أ نّه يحبّني ويبغضك ; لأ نّك منّي وأنا منك ، لحمك من لحمي ودمك من دمي وروحك من روحي وسريرتك من سريرتي وعلانيتك من علانيتي ، وأنت إمام اُمّتي وخليفتي عليها بعدي . سعد من أطاعك وشقي من عصاك وربح من تولاّك وخسر من عاداك وفاز من لزمك وهلك من فارقك ، مثلك ومثل الأئمة من ولدك بعدي مثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ، ومن تخلّف عنها غرق ، ومثلكم مثل النجوم ، كلّما غاب نجم
طلع نجم إلى يوم القيامة.

وروى أبو بكر بن مؤمن في « رسالة الاعتقاد » بإسناده عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، قال : من أراد منكم النجاة بعدي والسلامة من الفتن فليستمسك بولاية عليّ ابن أبي طالب فإنّه الصدّيق الأكبر والفاروق الأعظم ، وهو إمام كلّ مسلم بعدي ، من اقتدى به في الدنيا والآخرة ورد على حوضي ، ومن خالفه لم يره ولم يرني فاختلج دوني وأخذ ذات الشمال إلى النار.

وروى المير محمد صالح الكشفي الحنفي في (مناقبه) في قوله تعالى : ( إنَّ الَّذينَ لا يُؤْمِنونَ بِالآخِرَةِ عَنِ الصِّراطِ لَناكِبونَ ) ; إنّ الصراط هو محمّد وآل محمّد.

وأخرج الحمويني بسنده عن الأصبغ بن نباتة ، عن علي كرّم الله وجهه في هذه الآية ، قال : الصراط ولايتنا أهل البيت[46].

ونقل ابن مردويه عن علي كرّم الله وجهه قال : إنّ الصراط المستقيم محبّتنا أهل البيت.

وهناك روايات كثيرة من طرق أبناء العامّة تدلّ على أنّ الأصل هو محبّة أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وإنّ الصلاة لا تقبل من دون مودّتهم ومن لم يصلِّ عليهم لا صلاة له.

هذا وإبراهيم الخليل (عليه السلام) لمّـا أراه الله ملكوت السماوات والأرض ، وأسكن ذرّيته اسماعيل وهاجر في واد غير ذي زرع في مكّة المكرّمة ودعا الله سبحانه وقال : ( وَاجْعَلْ أفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوي إلَيْهِمْ ) ربما هذا الجعل من الجعل التكويني كما في قوله تعالى : ( وَجَعَلْنا مِنَ الماءِ كُلَّ شَيْء حَيٍّ ) ; لأ نّه لو كان من الجعل
التشريعي لكان المفروض أن يقال : واجعل أفئدة كلّ الناس تهوي إليهم ; لأنّ حبّهم التشريعي فرض ، والحال (من) للتبعيض أي ليس كلّ الناس تهواهم إنّما بعض الناس ، هكذا أراد الله وجعل ذلك وقرّره في عالم التكوين ، وإنّما قال إبراهيم (عليه السلام)ذلك فإنّه رأى في صلب إسماعيل أ نّه يكون فيه النبيّ الأكرم محمد وأوصيائه من بعده الأئمة الأبرار ، فقال : اجعل أفئدة أي قلوب وخالص القلوب تهوي إليهم وتودّهم ، فبعض الناس تهواهم وتتولاّهم وتطيعهم وتؤمن بهم أئمة وقادة واُسوة ، يؤخذ منهم معالم الدين ، ومن السنن الإلهية الثابتة التي لن تجد لسنّة الله تحويلا ولا تبديلا ، أنّ الطيّبون للطيّبات والخبيثون للخبيثات ، فالمال الطيّب إنّما يصرف في مكان طيّب كبناء المسجد ، وأمّا المال الحرام فإنّه يصرف في مثل شرب الخمر ، فالطيّب يهوى الطيّب والبلد الطيّب يخرج نباته طيّباً ، وأمّا من خبث فلا يخرج إلاّ نكداً ، وإنّما يهوى أهل البيت (عليهم السلام) من كان طيّباً ومن خبث فمن المستحيل أن يهواهم ، فاجعل أفئدة من الناس ، وليس كلّ الناس . ثمّ يقول الإمام الصادق (عليه السلام) : « من أحسّ ببرد محبّتنا في قلبه فليشكر اُولى النعم ، قيل يا ابن رسول الله ، وما اُولى النعم ؟ قال (عليه السلام) : طيب الولادة » . كما ثبت عن الفريقين بالتواتر أنّ الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) كان يقول لعلي (عليه السلام) : « لا يحبّك إلاّ مؤمن ، ولا يبغضك إلاّ منافق (أو ابن حيض ، أو ابن زنا) » ، كما كانوا في صدر الإسلام يعرفون أولاد الحلال بحبّهم لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) . فمن طاب مولده وانعقدت نطفته من حلال فإنّه يحبّ أهل البيت ويهواهم ويهتدي إليهم ويستبصر في حياته ويحسّ ببرد محبّتهم في قلبه ، وأمّا من خبث مولده وكان من لقمة حرام ، فإنّه لا يحبّ أهل البيت (عليهم السلام) . وكأ نّما هذا من الجعل التكويني ، فإنّ الطيّبين للطيّبين والخبيثين للخبيثين ، فتدبّر !

روى الحسكاني الحنفي[47] بإسناده ، عن ابن عباس في قول الله تعالى : ( اهْدِنا
الصِّراطَ المُسْتَقيم ) قال : يقولوا معاشر العباد اهدنا إلى حبّ النبيّ وأهل بيته.

وبإسناده عن جابر بن عبد الله الأنصاري ، قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : إنّ الله جعل عليّاً وزوجته وابناه حجج الله على خلقه ، وهم أبواب العلم في اُمّتي من اهتدى بهم هُدي إلى صراط مستقيم.

وبإسناده عن رسول الله أ نّه قال : مَن سرّه أن يجوز على الصراط كالريح العاصف ، ويلج الجنّة بغير حساب ، فليتولّ وليّي ووصيّي وصاحبي وخليفتي على أهلي علي بن أبي طالب ، ومن سرّه أن يلج النار فليترك ولايته ، فوعزّة ربّي وجلاله ، إنّه لباب الله الذي لا يؤتى إلاّ منه ، وإنّه الصراط المستقيم ، وإنّه الذي يسأل الله عن ولايته يوم القيامة.

ويقول أمير المؤمنين علي (عليه السلام) في نهج البلاغة : أ يّها الناس من سلك الطريق الواضح ورد الماء ، ومن خالف وقع في التيه.

وهذا ما يحكم به العقل والوجدان ، وهو من السنن الإلهية أيضاً ، وهل بعد الحقّ إلاّ الضلال.

وقال (عليه السلام) : « فإنّه لا سواء إمام الهدى وإمام الردى ووليّ النبيّ وعدوّ النبي ، ولقد قال لي رسول الله : إنّي لا أخاف على اُمّتي مؤمناً ولا مشركاً ، أمّا المؤمن فيمنعه الله بإيمانه ، وأمّا المشرك فيقمعه الله بشركه ، ولكنّي أخاف عليكم كلّ منافق الجنان عالم اللسان ، يقول ما تعرفون ويفعل ما تنكرون » ، قال ابن أبي الحديد في شرحه لنهج البلاغة : الإشارة بإمام الهدى إليه نفسه ، وبإمام الردى إلى معاوية ، وسمّـاه إماماً كما سمّى الله تعالى أهل الضلال أئمة فقال : ( وَجَعَلْناهُمْ أئِمَّةً يَدْعونَ إلى النَّارِ ) ، ثمّ وصفه بصفة اُخرى وهو أ نّه عدوّ النبيّ ليس يعني بذلك إنّه كان عدوّاً
أيام حرب النبيّ لقريش بل يريد إنّه الآن عدوّ النبيّ لقوله (صلى الله عليه وآله) : « وعدوّك عدوّي ، وعدوّي عدوّ الله » وأوّل الخبر : « ووليّك وليّي ، ووليّي وليّ الله » . وتمامه مشهور.

وروى شيخنا الصدوق عليه الرحمة في أماليه بإسناده ، عن الحكم ابن الصلت ، عن أبي جعفر الإمام محمد بن علي ، عن آبائه (عليهم السلام) ، قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : خذو بحجزة هذا الأنزع ـ يعني علياً ـ فإنّه الصدّيق الأكبر ، وهو الفاروق يفرق بين الحقّ والباطل ، من أحبّه هداه الله ، ومن أبغضه أبغضه الله ، ومن تخلّف عنه محقه الله ، ومنه سبطا اُمّتي الحسن والحسين وهما ابناي ، ومن الحسين أئمة الهدى ، أعطاهم الله علمي وفهمي ، فتولّوهم ولا تتّخذوا وليجة من دونهم فيحلّ عليكم غضب من ربّكم ، ومن يحلل عليه غضب من ربّه فقد هوى ، وما الحياة الدنيا إلاّ متاع الغرور.

أجل سيّدي ، لقد غرّت القوم الدنيا الدنيّة وزبرجها وزخرفها ، فاشتروا رضى أسيادهم بغضب ربّهم ، وباعوا آخرتهم بدنياهم ، فخسرت صفقتهم في الدنيا والآخرة ، وحلّ عليهم غضب الله ، ولهم الخزي في الدارين.

وهكذا اقتضت حكمة الباري عزّ وجلّ من الأزل أن يكون الصراع بين الحقّ والباطل ، والجهل والعقل وجنودهما ، ولكلّ معسكره وأصحابه ، فالله أتمّ الحجّة على خلقه وهداهم النجدين : طريق الخير وطريق الشرّ ، والإنسان باختياره إمّا أن يكون شاكراً لأنعم الله وإمّا كفوراً . فلكلّ هدف وجهة ووجهة هو مولّيها ومسؤول عنها ، بلا جبر ولا تفويض بل أمر بين الأمرين ، والدنيا دار امتحان ، وإنّما خلق الله الموت والحياة ليبلوكم أيّكم أحسن عملا ، وحتّى يتميّز الخبيث من الطيّب والصحيح من الردي والحقّ من الباطل والخير من الشرّ والصالح من الطالح والصواب من الخطأ والنور من الظلمة ـ وتعرف الأشياء بأضدادها ، ومن عرف الحقّ عرف أهله ـ .

وكما قال الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) : ستفترق اُمّتي ثلاث وسبعين فرقة ، فرقة واحدة ناجية ـ لأنّ الحقّ واحد لأنّ الله هو الحقّ سبحانه وتعالى ـ والباقي من الهالكين.

ولكن من المستحيل أن يترك النبيّ اُمّته سدىً ومن دون الهداية ، وهو الرحمة الإلهية ، والهادي المبشّر المنذر السراج المنير ، فأخبرهم وعلّمهم وهداهم في مواطن كثيرة ، أنّ سفينة النجاة من بعده أهل بيته الأئمة الأطهار آل محمد (عليهم السلام) ، وهذا ما اتّفق عليه الفريقان السنّة والشيعة ، وقفوهم إنّهم مسؤولون ...

يا ترى عمّن يسأل الله عباده يوم القيامة ؟

أما قال الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) : « وإنّه الذي يسأل الله عنه ولايته يوم القيامة ».

وأقول تكراراً : وهل بعد الحقّ إلاّ الضلال ؟

أجل :

يا حبيب قلوبنا وطبيب نفوسنا ، يا رسول الرحمة وإمام الهدى ، ما أن غمضت عيناك الشريفة ، وارتحلت إلى جوار ربّك الكريم ، في مقعد صدق عند مليك مقتدر ، لتكون شاهداً على اُمّتك ، إلاّ وانقلبوا على أعقابهم ، وما رعوا حقّ الرسالة في ودّ أهل بيتك ( قُلْ لا أسْألُكُمْ عَلَيْهِ أجْراً إلاّ المَوَدَّةَ في القُرْبى ) ، وكما أخبرت وأنت الصادق المصدّق الذي لا تنطق عن الهوى إن هو إلاّ وحيٌ يوحى ( وَما أراكُمْ فاعِلين ) ، ففعلوا ما فعلوا ، والتأريخ يشهد.

ولا عجب ولا غرو ...

قال أمير المؤمنين علي (عليه السلام) : قد خاضوا بحار الفتن وأخذوا بالبدع دون السنن ، وأرز المؤمنون ونطق الضالّون المكذّبون[48].

وقد أخبر النبيّ الأعظم أ نّه ستفترق اُمّته ، كما أ نّها سيجري عليها ما جرى على الاُمم السالفة ، وهذه من حكمة الله سبحانه حتّى يتبيّن الخبيث من الطيّب ويمتاز الحقّ من الباطل ( فَريقاً هَدى وَفَريقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَة )[49].

« ولمّـا كان الناس على دين ملوكهم ، رأوا الإسلام متمثّلا بحكّامهم وما تبنّوه من حكم وعقيدة وسنّة منسوبة إلى النبيّ ، وسمّوا من تابع الحكّام بأهل السنّة والجماعة ، وسمّوا من خالف الحكّام وتابع أئمة أهل البيت بالرفضة ، وطاردت الحكومات المتعاقبة أئمة أهل البيت أوّلا ، ثمّ طاردت شيعتهم من بعدهم ورمتهم بأنواع التهم ، وقابلهم علماء الشيعة جيلا بعد جيل بتعريف التشيّع ومذهب أهل البيت وتعريف شيعتهم ، وبيان وجوه الخلاف بينهم وبين إخوانهم من طوائف المسلمين ، وكان ممّن أ لّف في ذلك من جهابذة علمائنا المعاصرين :

1 ـ السيّد محسن الأمين ، المتوفّى (1371 هـ) في كتابه أعيان الشيعة.

2 ـ الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء ، المتوفّى (1372 هـ) في كتابه أصل الشيعة واُصولها.

3 ـ الشيخ آغا بزرك ، المتوفّى (1389 هـ) في كتابه الذريعة إلى تصانيف الشيعة ، وكتابه طبقات الشيعة.

4 ـ الشيخ محمد المظفّر ، في كتابه عقائد الإمامية.

5 ـ السيّد محمد حسين الطباطبائي ، في كتابه الشيعة في الإسلام »[50].

6 ـ السيّد علي نقي الحيدري ، في كتابه مذهب أهل البيت.

7 ـ السيّد شهاب الدين المرعشي النجفي ، في كتابه تعليقات على إحقاق الحقّ ـ في 24 مجلداً ـ .

وغيرهم من الأعلام ، ولا زالوا يدافعون بالمنطق السليم والبراهين القاطعة عن حقّانية هذا المذهب ـ وهل بعد الحقّ إلاّ الضلال ـ وقد كتبها العلماء من كلّ الطوائف الإسلامية من الصدر الأوّل وإلى يومنا هذا في فضائل الرسول والعترة بلغات مختلفة ممّـا لا يعدّ ولا يحصى[51].


[1]ميزان الحكمة 1 : 191 ، كما جاء ذلك في كتاب الدرّ المنثور من كتب العامّة 2 : 259 ، وكذلك الصحاح الستّة ، فراجع.

[2]المائدة : 3.

[3]ميزان الحكمة 1 : 159.

[4]راجع كتاب الغدير للعلاّمة الأميني (قدس سره) في إثبات واقعة الغدير عند الفريقين.

[5]الكافي 2 : 18.

[6]الكافي 2 : 18.

[7]الشورى : 23.

[8]الفرقان : 57.

[9]أمالي المفيد : 2.

[10]المصدر : 82.

[11]الكافي 1 : 183.

[12]أمالي المفيد : 148.

[13]تفسير نور الثقلين 4 : 104.

[14]أمالي المفيد : 2.

[15]الكافي 1 : 376.

[16]البحار 25 : 110.

[17]البحار 22 : 20.

[18]الإسراء : 71.

[19]البحار 8 : 867 .

[20]نور الثقلين 3 : 192.

[21]البحار 23 : 77.

[22]كنز العمّـال 1 : 103.

[23]الأحزاب : 67.

[24]كنز العمّـال 5 : 791.

[25]البحار 75 : 338.

[26]كنز العمّـال ، الخبر 1081.

[27]البحار 52 : 78.

[28]البحار 23 : 104.

[29]يونس : 35.

[30]شرح نهج البلاغة 18 : 372 . وبحار الأنوار 22 : 76.

[31]الإسراء : 71.

[32]تفسير نور الثقلين 5 : 341.

[33]ميزان الحكمة 1 : 196.

[34]ميزان الحكمة 1 : 222.

[35]كنز العمال ، الخبر 181.

[36]شرح نهج البلاغة 15 : 183.

[37]ميزان الحكمة 1 : 208.

[38]تأريخ دمشق 2 : 124.

[39]كنز العمّـال.

[40]تأريخ ابن عساكر 1 : 108 . وكنز العمّـال ، الخبر 32931.

[41]تأريخ ابن عساكر 2 : 280.

[42]المصدر : 348.

[43]نور الثقلين 5 : 605.

[44]كنز العمّـال 11 : 630.

[45]المستدرك 2 : 149.

[46]ينابيع المودّة : 124 ، طبعة اسلامبول.

[47]شواهد التنزيل 1 : 57 ، طبعة بيروت.

[48]نهج البلاغة ، الخطبة 106.

[49]الأعراف : 30.

[50]من كتاب أصل الشيعة واُصولها : 10 ، الطبعة الرابعة ـ سنة 1402 ـ بيروت.

[51]لقد جمع الفاضل المعاصر الاُستاذ عبد الجبار الرفاعي في 13 مجلّد بعض المؤلفات في فضائل العترة الطاهرة وسمّـاه (معجم ما كتب عن الرسول وأهل بيته) ، وكذلك فعل العلاّمة المعاصر السيّد عبد العزيز الطباطبائي في أعداد من مجلّة تراثنا.

وكثير من علماء السنّة هداهم الله إلى الحقّ فاستبصروا وكتبوا في أهل البيت (عليهم السلام) . ومن المعاصرين الاُستاذ الدكتور التونسي محمد التيجاني ، وكتبه : « ثمّ اهتديت » ، « لأكون مع الصادقين » ، « الشيعة هم أهل السنّة » ، وكالاُستاذ المعاصر صائب عبد الحميد العراقي وكتابه « منهج في الانتماء المذهبي » ، والصحافي المغربي إدريس الحسيني وكتابه « الانتقال الصعب » ، والمحامي الأردني أحمد حسين يعقوب وكتابه « نظرية عدالة الصحابة » و « المرجعية السياسية في الإسلام » ، والشيخ السوري محمد مرعي الأمين الأنطاكي وكتابه « لماذا اخترت مذهب الشيعة مذهب أهل البيت ؟ » ، ويقول في مطلعه :

لماذا اخترت مذهب أهل طه *** وحاربت الأقارب في ولاها

وعفت ديار آبائي وأهلي *** وعيشاً كان ممتلئاً رفاها ؟

لأ نّي قد رأيت الحقّ نصّاً *** وربّ البيت لم يألف سواها

فمذهبي التشيّع وهو فخر *** لمن رام الحقيقة وامتطاها

وهل ينجو بيوم الحشر فرد *** مشى في غير مذهب آل طه ؟