![]() |
![]() |
![]() |
لقد ثبت بالتواتر اللفظي والمعنوي والإجمالي ـ والتواتر حجّة عقلا ونقلا ـ بأنّ سفن النجاة هم أهل بيت رسول الله الأئمة الأطهار (عليهم السلام) ، كما ورد ذلك بالخصوص في الروايات الصحيحة والمستفيضة عند الفريقين ـ السنّة والشيعة ـ إلاّ أ نّي أكتفي بذكر الروايات الواردة في خصوص هذا المعنى من كتاب « بحار الأنوار » للعلاّمة المجلسي (قدس سره) ، وما أورده تارة في خصوص أحد الأئمة (عليهم السلام) ، واُخرى بنحو عام.
وإليك النماذج التالية من القسمين ، وفيها فصل الخطاب وحقيقة الصواب لمن أراد الهداية والنجاة في الحياة وبعد الممات :
1 ـ عن « كمال الدين » للشيخ الصدوق ، و « إعلام الورى » للشيخ الطبرسي ، بسندهما ، عن الحسين بن علي (عليه السلام) ، قال : دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)وعنده اُبيّ بن كعب ، فقال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : مرحباً بك يا أبا عبد الله ، يا زين السماوات والأرضين . فقال له اُبيّ : وكيف يكون يا رسول الله زين السماوات والأرض أحد غيرك ؟ فقال : يا اُبيّ ، والذي بعثني بالحقّ نبياً ، إنّ الحسين بن علي في السماء أكبر منه في الأرض ، فإنّه لمكتوب عن يمين عرش الله : مصباح الهدى وسفينة النجاة وإمام خير ويُمن وعزّ وفخر وبحر علم وذخر ، وإنّ الله عزّ وجلّ ركّب في صلبه نطفة طيّبة مباركة زكيّة ، ولقد لقّن دعوات ما يدعو بهنّ مخلوق إلاّ حشره الله عزّ وجلّ معه ، وكان شفيعه في آخرته ، ولم يهتك ستره . فقال له اُبيّ بن كعب : ما هذه الدعوات يا رسول الله ؟ قال : تقول إذا فرغت من صلاتك وأنت قاعد : « اللّهم إنّي أسألك بكلماتك ومعاقد عرشك وسكّان سماواتك وأنبيائك ورسلك أن تستجيب لي ، فقد رهقني من أمري عسر ، فأسألك أن تصلّي على محمد وآل محمّد وأن تجعل لي من عسري يسراً » ، فإنّ الله عزّ وجلّ يسهّل أمرك ويشرح لك صدرك ويلقّنك شهادة أن لا إله إلاّ الله عند خروج نفسك[1].
2 ـ « كفاية الأثر » ، بسنده ، عن أبي سعيد ، قال : صلّى بنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)الصلاة الاُولى ثمّ أقبل بوجهه الكريم علينا فقال : معاشر أصحابي ، إنّ مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح وباب حطة في بني إسرائيل ، فتمسّكوا بأهل بيتي بعدي والأئمة الراشدين من ذرّيتي ، فإنّكم لن تضلّوا أبداً . فقيل : يا رسول الله ، كم الأئمة بعدك ؟ قال : إثنا عشر من أهل بيتي ، أو قال : من عترتي[2].
3 ـ « الكافي » ، بسنده ، عن جابر ، عن أبي جعفر (عليه السلام) في خطبة الوسيلة لأمير المؤمنين (عليه السلام) ، أ نّه قال : « ألا وإنّي فيكم أيّها الناس كهارون في آل فرعون ، وكباب حطة في بني إسرائيل ، وكسفينة نوح في قوم نوح ، وإنّي النبأ العظيم ، والصدّيق الأكبر ، وعن قليل ستعلمون ما توعدون »[3].
4 ـ « أمالي الصدوق » ، بسنده ، عن عبد الله بن عباس ، قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : « معاشر الناس ، من أحسن من الله قيلا وأصدق منه حديثاً ؟ معاشر الناس ، إنّ ربّكم جلّ جلاله أمرني أن اُقيم لكم علياً علماً وإماماً وخليفةً ووصيّاً ، وأن أتّخذه أخاً ووزيراً ، معاشر الناس ، إنّ علياً باب الهدى بعدي ، والداعي إلى ربّي ، هو صالح المؤمنين ، ومن أحسن قولا ممّن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال : إنّني من المسلمين ؟ معاشر الناس ، إنّ عليّاً منّي ، ولده ولدي ، وهو زوج حبيبتي ، أمره أمري ، ونهيه نهيي . معاشر الناس ، إنّ عليكم بطاعته واجتناب معصيته ، فإنّ طاعته طاعتي ومعصيته معصيتي . معاشر الناس ، إنّ عليّاً صدّيق هذه الاُمّة وفاروقها ومحدّثها ، إنّه هارونها ويوشعها وآصفها وشمعونها ، إنّه باب حطتها وسفينة نجاتها ... »[4].
5 ـ « الأمالي » ، بسنده ، عن الإمام الرضا ، عن آبائه (عليهم السلام) ، قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : مَن أحبّ أن يركب سفينة النجاة ويستمسك بالعروة الوثقى ويعتصم بحبل الله المتين فليوالِ علياً بعدي ، وليعادِ عدوّه ، وليأتمّ بالأئمة الهداة من ولده ، فإنّهم خلفائي وأوصيائي وحجج الله على الخلق بعدي ، وسادة اُمّتي وقادة الأتقياء إلى الجنّة ، حزبهم حزبي ، وحزبي حزب الله ، وحزب أعدائهم حزب الشيطان[5].
6 ـ قال الجزري في الحديث : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح ، من تخلّف عنها زُخّ به في النار ، أي دُفع ورُمي[6].
7 ـ « رجال الكشي » ، بسنده ، عن أبي ذرّ الغفاري ، قال : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو يقول : من قاتلني في الاُولى وفي الثانية فهو في الثالثة من شيعة الدجّال ، إنّما مثل أهل بيتي في هذه الاُمّة مثل سفينة نوح في لجّة البحر من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق ، ألا هل بلّغت[7].
8 ـ « الاحتجاج » ، بسنده ، عن سليم بن قيس ، قال : بينما أنا وحميش ابن معتمر بمكّة ، إذ قام أبو ذرّ وأخذ بحلقة الباب ثمّ نادى بأعلى صوته في الموسم : أ يّها الناس ، من عرفني فقد عرفني ، ومن جهلني فأنا جندب ، أنا أبو ذرّ ، أ يّها الناس ، إنّي سمعت نبيّكم يقول : إنّ مثل أهل بيتي في اُمّتي كمثل سفينة نوح في قومه ، من ركبها نجا ، ومن تخلّف عنها غرق ، ومثل باب حطة في بني إسرائيل . أ يّها الناس ، إنّي سمعت نبيّكم يقول : إنّي تركت فيكم أمرين لن تضلّوا ما تمسّكتم بهما : كتاب الله وأهل بيتي ... إلى آخر الحديث . فلمّا قدم المدينة بعث إليه عثمان فقال : ما حملك على ما قمت به في الموسم ؟ قال : عهد عهده إليّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمرني به ، فقال : من يشهد بذلك ؟ فقام علي (عليه السلام) والمقداد فشهدوا ثمّ انصرفوا يمشون ثلاثتهم ، فقال عثمان : إنّ هذا وصاحبه يحسبون أ نّهم في شيء[8].
وفي خبر آخر :
من قاتلني في الاُولى وقاتل أهل بيتي في الثانية حشره الله تعالى في الثالثة مع الدجّال ، إنّما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح ، من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق ، ومثل باب حطة ، من دخله نجا ومن لم يدخله هلك . وروايات اُخرى بهذا المضمون بسند أبي ذرّ ، فراجع (الباب 7 ، فضائل أهل البيت (عليهم السلام) والنصّ عليهم جملة من خبر الثقلين والسفينة وباب حطة وغيرها)[9] ، الحديث 38 ـ 39 ـ 40 ـ 41 ـ 42 ـ 43 ـ 44 ـ 48.
9 ـ « عيون أخبار الرضا » ، بسنده ، عن الإمام الرضا (عليه السلام) ، قال رسول الله : مثل أهـل بيتي فيـكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ، ومن تخلّف عنها زخّ في النار[10].
10 ـ عن ابن عباس ، قال رسول الله : مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح ، من ركبها نجا ، ومن تخلّف عنها هلك[11] . وكذلك الحديث 50 عن ابن المغازلي و 51 عن سلمة بن الأكوع ، ويقول العلاّمة المجلسي عليه الرحمة : روى ابن بطريق في العمدة تلك الأخبار بأسانيد من مناقب ابن المغازلي وفي المستدرك من فضائل الصحابة للسمعاني ، تركناها مخافة التكرار مع وضوح الحقّ عند ذوي الأبصار.
11 ـ ورأينا في « كتاب سليم بن قيس » : قال أبان بن أبي عياش : دخلت على علي بن الحسين (عليه السلام) وعنده أبو الطفيل عامر بن واثلة صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وكان من خيار أصحاب علي (عليه السلام) ، ولقيت عنده عمر ابن أبي سلمة بن اُمّ سلمة زوجة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فعرضت عليه كتاب سليم بن قيس ، فقال لي : صدق سليم (رحمه الله) . فقلت له : جعلت فداك إنّه يضيق صدري ببعض ما فيه ، لأنّ فيه هلاك اُمّة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) رأساً من المهاجرين والأنصار رأساً والتابعين غيركم أهل البيت وشيعتكم ، فقال : يا أخا عبد القيس ، أما بلغك أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال : « إنّ مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح في قومه من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق ، وكمثل باب حطة في بني إسرائيل » ؟ فقلت : نعم . فقال : من حدّثك ؟ فقلت : سمعته من أكثر من مئة من الفقهاء . فقال : ممّن ؟ فقلت : سمعته من حبيش بن المعتمر وذكر أ نّه سمعه من أبي ذرّ وهو آخذ بحلقة الكعبة ينادي به نداء ، يرويه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) . فقال : وممّن ؟ فقلت : وعن الحسن ابن أبي الحسن البصري إنّه سمعه من أبي ذرّ ومن المقداد بن الأسود ومن علي ابن أبي طالب (عليه السلام) . فقال : وممّن ؟ فقلت : ومن سعيد بن المسيّب وعلقمة بن قيس وأبي ظبيان الحسيني ومن عبد الرحمن بن أبي ليلى كلّ هؤلاء أخبر أ نّه سمعه من أبي ذرّ . قال أبو الطفيل وعمر بن أبي سلمة : ونحن والله سمعناه من أبي ذرّ وسمعناه من علي والمقداد وسلمان ، ثمّ أقبل عمر بن أبي سلمة فقال : والله لقد سمعته ممّن هو خيرٌ من هؤلاء كلّهم ، سمعته من رسول الله ، سمعته إذ نادى ووعاه قلبي . فأقبل علي بن الحسين (عليه السلام) فقال : أو ليس هذا الحديث وحده ينتظم جميع ما أفضعك وعظم في صدرك من تلك الأحاديث ؟ اتّقِ الله يا أخا عبد القيس ، فإن وضح لك أمر فاقبله ، وإلاّ فاسكت تسلم ، وردّ علمه إلى الله ، فإنّك بأوسع ممّـا بين السماء والأرض[12].
12 ـ « الأمالي » و « الإكمال » ، بسنده ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعليّ بن أبي طالب (عليه السلام) : يا عليّ ، أنا مدينة الحكمة وأنت بابها ، ولن تؤتى المدينة إلاّ من قبل الباب ، وكذب من زعم أ نّه يحبّني ويبغضك ; لأ نّك منّي وأنا منك ، لحمك من لحمي ، ودمك من دمي ، وروحك من روحي ، وسريرتك سريرتي ، وعلانيتك علانيتي ، وأنت إمام اُمّتي وخليفتي عليها بعدي ، سعد من أطاعك ، وشقي من عصاك ، وربح من تولاّك ، وخسر من عاداك ، وفاز من لزمك ، وهلك من فارقك ، مثلك ومثل الأئمة من ولدك بعدي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق ، ومثلكم مثل النجوم كلّما غاب نجم طلع نجم إلى يوم القيامة[13].
13 ـ روى السيّد ابن طاووس في كتاب « سعد السعود » ، بسنده ، عن أبي اسحاق السبيعي ، قال : خرجت حاجّاً فلقيت محمد بن علي ، فسألته عن هذه الآية : ( ثُمَّ أوْرَثْنا الكِتابَ ) ؟ فقال : ما يقول فيها قومك يا أبا اسحاق ؟ يعني أهل الكوفة ، قال : قلت : يقولون : إنّها لهم . قال : فما يخوّفهم إذا كانوا من أهل الجنّة ؟ قلت : فما تقول أنت ـ جُعلت فداك ـ ؟ فقال : هي لنا خاصّة يا أبا إسحاق ، أمّا السابق بالخيرات فعليّ بن أبي طالب والحسن والحسين ، والشهيد منّا أهل البيت ، وأمّا المقتصد فصائم بالنهار وقائم بالليل ، وأمّا الظالم لنفسه ففيه ما جاء في التائبين وهو مغفور له يا أبا إسحاق . بنا يفكّ الله عيوبكم ، وبنا يحلّ الله رباق الذلّ من أعناقكم ، وبنا يغفر الله ذنوبكم ، وبنا يفتح الله ، وبنا يختم ، لا بكم ، ونحن كهفكم كأصحاب الكهف ، ونحن سفينتكم كسفينة نوح ، ونحن باب حطتكم كباب حطة بني إسرائيل[14].
14 ـ « إكمال الدين » ، بسنده ، عن حبيش ـ حنش ـ بن المعتمر ، قال : رأيت أبا ذرّ الغفاري (رضي الله عنه) آخذاً بحلقة باب الكعبة وهو يقول : ألا من عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني فأنا أبو ذرّ جندب بن السكن ، سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)يقول : إنّي خلّفت فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ، ألا وإنّ مثلهما فيكم كسفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلّف عنها غرق[15].
15 ـ « تفسير الفرات » ، بسنده عن أبي ذرّ الغفاري (رضي الله عنه) في قول الله تعالى : ( وَإنِّي غَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى ) ، قال : آمن بما جاء به محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وعمل صالحاً ، قال : أداء الفرائض ، ثمّ اهتدى إلى حبّ آل محمد . وسمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول : والذي بعثني بالحقّ نبيّاً لا ينفع أحدكم الثلاثة حتّى يأتي بالرابعة ، فمن شاء حقّقها ومن شاء كفر بها ، فإنّا منازل الهدى وأئمة التقى وبنا يستجاب الدعاء ويدفع البلاء ، وبنا ينزل الغيث من السماء ، ودون علمنا تكلّ ألسن العلماء ، ونحن باب حطة وسفينة نوح ، ونحن جنب الله الذي ينادي من فرّط فينا يوم القيامة بالحسرة والندامة ، ونحن حبل الله المتين الذي من اعتصم به هُدي إلى صراط مستقيم ، ولا يزال محبّنا منفيّاً مؤذياً منفرداً مضروباً مطروداً مكذوباً محزوناً باكي العين حزين القلب حتّى يموت ، وذلك في الله قليل[16].
16 ـ في « كتاب سليم بن قيس الهلالي » نظر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى الحسن والحسين (عليهما السلام) يوماً وقد أقبلا فقال : هذان والله سيّدا شباب أهل الجنّة وأبوهما خيرٌ منهما ، إنّ أخير الناس عندي وأحبّهم إليّ وأكرمهم عليّ أبوكما ثمّ اُمّكما ، وليس عند الله أحدٌ أفضل منّي وأخي ووزيري وخليفتي في اُمّتي ووليّ كلّ مؤمن بعدي علي بن أبي طالب ، ألا إنّه خليلي ووزيري وصفيّي وخليفتي من بعدي ، ووليّ كلّ مؤمن ومؤمنة بعدي ، فإذا هلك فابني الحسن من بعده ، فإذا هلك فابني الحسين من بعده ، ثمّ الأئمة من عقب الحسين ـ وفي رواية اُخرى ـ ثمّ الأئمة التسعة من عقب الحسين ، الهداة المهتدون ، هم مع الحقّ والحقّ معهم ، لا يفارقونه ولا يفارقهم إلى يوم القيامة ، وهم زرّ الأرض ـ أي قوامها ـ الذين تسكن إليهم الأرض ، وهم حبل الله المتين ، وهم عروة الله الوثقى التي لا انفصام لها ، وهم حجج الله في أرضه وشهداؤه على خلقه ومعادن حكمته ، وهم بمنزلة سفينة نوح من ركبها نجا ومن تركها غرق ، وهم بمنزلة باب حطّة في بني إسرائيل من دخله كان مؤمناً ومن خرج منه كان كافراً ، فرض الله في الكتاب طاعتهم وأمر فيه بولايتهم ، من أطاعهم أطاع الله ومن عصاهم عصى الله[17].
17 ـ وأيضاً عن أبي عيّاش ، قال : سمعت علياً يقول : كانت لي من رسول الله عشر خصال ما يسرّني بإحداهنّ ما طلعت عليه الشمس وما غربت . فقيل له : سمّها لنا يا أمير المؤمنين ، فقال : قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : أنت أخي ، وأنت الخليل ، وأنت الوصيّ ، وأنت الوزير ، وأنت الخليفة في الأهل والمال في كلّ غيبة أغيبها ، ومنزلتك مني كمنزلتي من ربّي ، وأنت الخليفة في اُمّتي ، وليّك وليّي وعدوّك عدوّي ، وأنت أمير المؤمنين وسيّد المسلمين من بعدي.
ثمّ أقبل علي (عليه السلام) على أصحابه فقال : يا معشر الصحابة ، والله ما تقدّمت على أمر إلاّ ما عهد إليّ فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فطوبى لمن رسخ حبّنا أهل البيت في قلبه ، فوالله ما ذكر العالمون ذكراً أحبّ إلى رسول الله مني ، وصلّى القبلتين كصلاتي ، صلّيت صبيّاً ولم أرهق حلماً ، وهذه فاطمة ـ صلوات الله عليها ـ بضعة من رسول الله تحتي ، هي في زمانها كمريم بنت عمران في زمانها ، وإنّ الحسن والحسين سبطا هذه الاُمّة وهما من محمد كمكان العينين من الرأس ، وأمّا أنا فكمكان اليد من البدن ، وأمّا فاطمة فكمكان القلب من الجسد ، مثلنا مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق[18].
18 ـ « مجالس المفيد » ، بسنده ، عن عباد بن عبد الله ، قال : قام رجل إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) ، فقال : يا أمير المؤمنين ، أخبرني عن قول الله تعالى : ( أفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَة مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلوهُ شاهِدٌ مِنْهُ ) ؟ قال : قال (عليه السلام) : رسول الله الذي كان على بيّنة منه ، وأنا الشاهد له ومنه ، والذي نفسي بيده ما جرت عليه المواسي من قريش إلاّ وقد أنزل الله فيه من كتابه طائفة ، ـ من الآيات ـ والذي نفسي بيده لأن يكونوا يعلمون ما قضى الله لنا أهل البيت على لسان النبيّ الاُمّي أحبّ إليّ من أن يكون ملء هذه الرحبة ذهباً ، والله ما مثلنا في هذه الاُمّة إلاّ كمثل سفينة نوح وكباب حطة في بني إسرائيل[19].
19 ـ وفي أمير المؤمنين علي (عليه السلام) خصال الأنبياء ، فمن مساواته لنوح أ نّه حمل على السفينة عند طوفان الماء ( وَحَمَلْناهُ عَلى ذاتِ ألْواح وَدُسُر ) ، وقيل لعليّ (عليه السلام) : « مثل أهل بيتي كسفينة نوح » ، الخبر ، فسفينة علي نجاة من النار[20].
20 ـ وجاء في دعاء الإمام زين العابدين في عصر يوم الجمعة : « إلى محمد وآل محمد ـ عليه وعليهم السلام ـ ملتُ بهواي وإرادتي ومحبّتي ، ففي مثل سفينة نوح فاحملني ، ومع القليل فنجّني ، وفيمن زحزحت من النار فزحزحني ، وفيمن أكرمت بمحمد وآل محمد ـ عليه وعليهم السلام ـ فأكرمني ، وبحقّ محمد وآل محمد ـ صلواتك ورحمتك ورضوانك عليهم ـ من النار فاعتقني ».
قال العلاّمة في بيانه : « ففي مثل سفينة نوح » أي ولاء أهل البيت (عليهم السلام)ومتابعتهم ، كما قال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح »[21].
21 ـ في إجازة الشيخ محمد العاملي للسيد الهمداني ، قال : ولنذكر حديثاً مسنداً إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله) تيمّناً وتبرّكاً ، فنقول : روِّينا بالإسناد إلى الإمام جمال الدين الحسن بن المطهّر ، عن والده سديد الدين ، عن ابن نما ، عن محمد بن إدريس ، عن عربي بن مسافر العبادي ، عن إلياس بن هشام الحايري ، عن أبي علي المفيد ، عن والده أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي ، عن الشيخ المفيد محمد بن محمد ابن النعمان ، عن أبي جعفر محمد بن بابويه الصدوق ، عن الشيخ أبي عبد الله الحسن ابن محمد الرازي ، قال : حدّثنا علي بن مرويه القزويني ، عن داود بن سليمان القاري ، عن الإمام المرتضى أبي الحسن علي بن موسى الرضا ، عن أبيه الإمام الكاظم ، عن أبيه الإمام الصادق ، عن أبيه الإمام الباقر ، عن أبيه الإمام زين العابدين ، عن أبيه الإمام الشهيد أبي عبد الله الحسين ، عن أبيه سيد الأوصياء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهم السلام) ، عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، أ نّه قال : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح ، من ركبها نجا ، ومن تخلّف عنها زجّ في النار[22].
ويذكر الحديث مسنداً أيضاً بطريق آخر في الصفحة 168 من المجلد 106 من بحار الأنوار ، فراجع.
وكذلك يروي العلاّمة الخبر مسنداً في إجازة الشيخ علي بن عبد العالي الكركي[23] ، وكذلك في إجازة الشهيد لابن الخازن[24].
22 ـ قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في وصية لكميل : يا كميل ، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قولا أعلنه المهاجرون والأنصار متوافرون يوماً بعد العصر يوم النصف من شهر رمضان ، قائم على قدميه من فوق منبره : عليّ مني وابناي منه ، والطيّبون مني ومنهم ، وهم الطيّبون بعد اُمّهم ، وهم سفينة نوح من ركبها نجا ، ومن تخلّف عنها هوى ، الناجي في الجنّة والهاوي في لظى[25].
23 ـ وفي احتجاج الإمام الحسن (عليه السلام) مع معاوية بن أبي سفيان ، قال : اُنشدكم بالله ! أتعلمون أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حين حضرته الوفاة واجتمع أهل بيته قال : اللّهم هؤلاء أهل بيتي وعترتي ، اللّهم والِ من والاهم ، وانصرهم على من عاداهم ، وقال : إنّما مثل أهل بيتي فيكم كسفينة نوح من دخل فيها نجا ومن تخلّف عنها غرق[26].
24 ـ وفي احتجاج مؤمن الطاق في مجلس مع ابن أبي خدرة : ذهب دينك كلّه وفضحت حيث مدحت ، فقال الناس لأبي جعفر مؤمن الطاق : هات حجّتك فيما ادّعيت من طاعة علي (عليه السلام) ، فقال أبي جعفر مؤمن الطاق :
أمّا من القرآن وصفاً فقوله عزّ وجلّ : ( يا أ يُّها الَّذينَ آمَنوا اتَّقوا اللهَ وَكونوا مَعَ الصَّادِقينَ ) ، فوجدنا علياً (عليه السلام) بهذه الصفة في القرآن في قوله عزّ وجلّ : ( وَالصَّابِرينَ في البَأساءِ وَالضَّرَّاءِ وَحينَ البَأسَ ) يعني في الحرب والتعب ( اُولئِكَ الَّذينَ صَدَقوا وَاُولئِكَ هُمُ المُتَّقونَ ) ، فوقع الإجماع من الاُمّة بأنّ علياً (عليه السلام)أولى بهذا الأمر من غيره ; لأ نّه لم يفرّ عن زحف قطّ كما فرّ غيره في غير موضع . فقال الناس : صدقت.
وأمّا الخبر عن رسول الله نصّاً فقال : « إنّي تارك فيكم الثقلين ، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدي : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، فإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » ، وقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : « مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح ، من ركبها نجا ، ومن تخلّف عنها غرق ، ومن تقدّمها مرق ، ومن لزمها لحق » ، فالمتمسّك بأهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) هاد مهتد بشهادة من الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ، والمتمسّك بغيرهم ضالّ مضلّ ، قال الناس : صدقت يا أبا جعفر.
وأمّا من جهة العقل : فإنّ الناس كلّهم يستعبدون بطاعة العالم ، ووجدنا الإجماع قد وقع على علي (عليه السلام) أ نّه كان أعلم أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وكان جميع الناس يسألونه ويحتاجون إليه ، وكان علي (عليه السلام) مستغنياً عنهم ، هذا من الشاهد ، والدليل عليه من القرآن قوله عزّ وجلّ : ( أفَمَنْ يَهْدي إلى الحَقِّ أحَقّ أنْ يُتَّبَعَ أمَّنْ لا يَهْدي إلاّ أنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمونَ ) ، فما اتّفق يوم أحسن منه ، ودخل في هذا الأمر ـ أي أمر الولاية والاستبصار ـ عالمٌ كثير.
وكلّ من كان منصفاً ويطلب النجاة في حياته وبعد مماته يكفيه دليلا ما قاله المؤمن ، ولكي تعمّ الفائدة وينكشف حقيقة الحال ولا يبقى بعد الحقّ إلاّ الضلال ، ومن عمي فإنّما يعمى عن بيّنة ، ومن هدي فإنّما يهتدي عن بيّنة . أذكر لك أوّل المجلس ، فإنّ فيه ما يروي الظمآن ويشفي الغليل.
كتاب الاحتجاج ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن شريك بن عبد الله ، عن الأعمش ، قال : اجتمعت الشيعة والمحكّمة عند أبي نعيم النخعي بالكوفة ، وأبو جعفر محمد بن النعمان مؤمن الطاق حاضر ، فقال ابن أبي خدرة : أنا اُقرّر معكم أ يّتها الشيعة أنّ أبا بكر أفضل من علي وجميع أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بأربع خصال لا يقدر على دفعها أحد من الناس ، هو ثان مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في بيته مدفون ، وهو ثاني اثنين معه في الغار ، وهو ثاني اثنين صلّي بالناس آخر صلاة قبض بعدها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وهو ثاني اثنين الصدّيق من الاُمّة . قال أبو جعفر مؤمن الطاق رحمة الله عليه : يا ابن أبي خدرة ، وأنا اُقرّر معك أنّ علياً (عليه السلام) أفضل من أبي بكر وجميع أصحاب النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بهذه الخصال التي وصفتها ، وإنّها مثلبة لصاحبك واُلزمك طاعة علي صلّى الله عليه من ثلاث جهات : من القرآن وصفاً ، ومن خبر رسول الله نصّاً ، ومن حجّة العقل اعتباراً . ووقع الاتفاق على ابراهيم النخعي وعلى أبي اسحاق السبيعي وعلى سليمان بن مهران الأعمش.
فقال أبو جعفر مؤمن الطاق : أخبرني يا ابن خدرة ، عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، أتَركَ بيوته التي أضافها الله إليه ونهى الناس عن دخولها إلاّ بإذنه ميراثاً لأهله وولده ؟ أو تركها صدقة على جميع المسلمين ؟ قل ما شئت ، فانقطع ابن أبي خدرة لمّـا أورد عليه ذلك وعرف خطأ ما فيه . فقال أبو جعفر مؤمن الطاق : إن تركها ميراثاً لولده وأزواجه فإنّه قبض عن تسع نسوة ، وإنّما لعائشة بنت أبي بكر تسع ثمن هذا البيت الذي دُفن فيه صاحبك ، ولم يصلها من البيت ذراع في ذراع ، وإن كان صدقة فالبليّة أطمّ وأعظم ، فإنّه لم يصب له من البيت إلاّ ما لأدنى رجل من المسلمين ، فدخول بيت النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بغير إذنه في حياته وبعد وفاته معصية إلاّ لعليّ بن أبي طالب (عليه السلام) وولده ، فإنّ الله أحلّ لهم ما أحلّ للنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم).
ثمّ قال : إنّكم تعلمون أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أمر بسدّ أبواب جميع الناس التي كانت مشرعة إلى المسجد ما خلا باب علي (عليه السلام) ، فسأله أبو بكر أن يترك له كوّة لينظر منها إلى رسول الله فأبى عليه ، وغضب عمّه العباس من ذلك فخطب النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) خطبة وقال : إنّ الله تبارك وتعالى أمر لموسى وهارون أن تبوّءا لقومكما بمصر بيوتاً ، وأمرهما أن لا يبيت في مسجدهما جنب ولا يقرب فيه النساء إلاّ موسى وهارون وذرّيتهما ، وإنّ علياً منّي بمنزلة هارون من موسى وذريته كذرية هارون ، ولا يحلّ لأحد أن يقرب النساء في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)ولا يبيت فيه جنباً إلاّ علي وذريته (عليهم السلام) ، فقالوا بأجمعهم : كذلك كان . قال أبو جعفر : ذهب ربع دينك يا ابن أبي خدرة ، وهذه منقبة لصاحبي ليس لأحد مثلها ومثلبة لصاحبك ، وأمّا قولك ثاني اثنين إذ هما في الغار ، أخبرني هل أنزل الله سكينته على رسول الله وعلى المؤمنين في غير الغار ؟ قال ابن أبي خدرة : نعم ـ وذلك في غزوة اُحد ـ ، قال أبو جعفر : فقد أخرج صاحبك في الغار من السكينة وخصّه بالحزن ، ومكان علي (عليه السلام) في هذه الليلة على فراش النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وبذل مهجته دونه أفضل من مكان صاحبك في الغار . فقال الناس : صدقت.
فقال أبو جعفر : يا ابن أبي خدرة ، ذهب نصف دينك . وأمّا قولك ثاني اثنين الصدّيق من الاُمّة ، أوجب الله على صاحبك الاستغفار لعليّ بن أبي طالب (عليه السلام)في قوله عزّ وجلّ : ( وَالَّذينَ جاؤوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقولونَ رَبَّنا اغْفِرْ لَنا وَلإخْوانِنا الَّذينَ سَبَقونا بِالإيمانِ )[27] إلى آخر الآية ، والذي ادّعيت إنّما هو شيء سمّـاه الناس ومن سمّـاه القرآن وشهد له بالصدق والتصديق أولى به ممّن سمّـاه الناس ، وقد قال علي (عليه السلام) على منبر البصرة : أنا الصدّيق الأكبر ، آمنت قبل أن آمن أبو بكر وصدّقت قبله . قال الناس : صدقت . قال أبو جعفر مؤمن الطاق : يا ابن أبي خدرة ذهب ثلاث أرباع دينك . وأمّا قولك في الصلاة بالناس كنت ادّعيت لصاحبك فضيلة لم تقم لها ، وإنّها إلى التهمة أقرب منها إلى الفضيلة ، فلو كان ذلك بأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لما عزله عن تلك الصلاة بعينها ، أما علمت أ نّه لمّـا تقدّم أبو بكر ليصلّي بالناس خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فتقدّم وصلّى بالناس وعزله عنها ، ولا تخلو هذه الصلاة من أحد وجهين : إمّا أن تكون حيلة وقعت منه فلمّـا حسّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بذلك خرج مبادراً مع علّته فنحّاه عنها لكي لا يحتجّ بعده على اُمّته فيكونوا في ذلك معذورين ، وإمّا أن يكون هو الذي أمره بذلك وكان ذلك مفوّضاً إليه كما في قصّة تبليغ براءة فنزل جبرئيل (عليه السلام) وقال : لا يؤدّيها إلاّ أنت أو رجل منك ، فبعث علياً (عليه السلام) في طلبه وأخذها منه وعزله عنها وعن تبليغها ، فكذلك كانت قصّة الصلاة ، وفي الحالتين هو مذموم لأ نّه كشف عنه ما كان مستوراً عليه ، وذلك دليل واضح ، لأ نّه لا يصلح للاستخلاف بعده ولا هو مأمون على شيء من أمر الدين . فقال الناس : صدقت . إلى آخر الخبر الشريف كما أثبتناه[28].
25 ـ قال الشيخ الصدوق عليه الرحمة في اعتقاداته : اعتقادنا أنّ حجج الله عزّ وجلّ على خلقه بعد نبيّه محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) : الأئمة الاثنا عشر ، وأوّلهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، ثمّ الحسن ، ثمّ الحسين ، ثمّ علي بن الحسين ، ثمّ محمد بن علي ، ثمّ جعفر بن محمد ، ثمّ موسى بن جعفر ، ثمّ علي بن موسى الرضا ، ثمّ محمد بن علي ، ثمّ علي بن محمد ، ثمّ الحسن بن علي ، ثمّ الحجّة القائم المنتظر صاحب الزمان وخليفة الرحمان صلوات الله عليهم أجمعين.
واعتقادنا فيهم : أ نّهم اُولوا الأمر الذين أمر الله بطاعتهم ، وأ نّهم الشهداء على الناس ، وأ نّهم أبواب الله والسبيل إليه والأدلّة عليه ، وأ نّهم عيبة علمه وتراجمة وحيه وأركان توحيده ، وأ نّهم معصومون من الخطأ والزلل ، وأ نّهم الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً ، وأنّ لهم المعجزات والدلائل ، وأ نّهم أمان أهل الأرض ، كما أنّ النجوم أمان أهل السماء ، وأنّ مثلهم في هذه الاُمّة كمثل سفينة نوح من ركب نجا ، وكباب حطة ، وأ نّهم عباد الله المكرمون الذين لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون.
ونعتقد أنّ حبّهم إيمان وبغضهم كفر ، وأنّ أمرهم أمر الله ونهيهم نهيه وطاعتهم طاعته ومعصيتهم معصيته ، ووليّ الله وليّهم وعدوّ الله عدوّهم[29].
26 ـ ثمّ قد شهد الأعداء بأ نّهم سفن النجاة ـ والفضل ما شهدت به الأعداء ـ فهذا الحسن البصري يكتب إلى أبي محمد الحسن بن علي (عليهما السلام) يسأله عن القدر والاستطاعة قائلا : أمّا بعد ، فإنّكم معشر بني هاشم ، الفلك الجارية في اللجج الغامرة ، والأعلام النيّرة الشاهرة ، أو كسفينة نوح (عليه السلام) التي نزلها المؤمنون ونجا فيها المسلمون ...[30].
أجل : يشهد الثقلان أنّ أهل البيت صلوات الله عليهم إن هم إلاّ سفن النجاة ، ومفتاح كلّ خير ، ومنهل كلّ علم ، ومعدن كلّ إحسان ، ومأوى كلّ ضالّ ، سيرتهم منابع الأخلاق المحمدية ، وحياتهم روائع الصفات الأحدية ، وما من عالم سما بعلمه إلاّ وهو عيال عليهم ، وقد غدر حقّهم وجهل العالم قدرهم ، يوم كان الضلال مخيّماً على ربوعه ، والجهل منتشراً في أرجائه ، نتيجة ظلم الحكام وجورهم ضدّهم (عليهم السلام)لخنق حركة الإسلام الفكرية وتحريف الرسالة الأحمديّة عن أهدافها القدسية حفاظاً على عروشهم المزيّفة ، فعادوهم حسداً وبغياً وظلماً وعدواناً ، وما منهم إلاّ مسموم أو قتيل أو طريد أو شريد ، حتّى شيعتهم ومحبّيهم ، إلاّ أنّ الله متمّ نوره ولو كره المشركون ، وسيبقون إلى ما شاء الله مناراً للهدى ما دامت السماوات والأرض ، رغم محاولات كيد الكائدين وظلم الحاسدين ، ويشعّ نورهم الوهّاج في ربوع الأرض ، وترفرف راياتهم عالية خفّاقة في كلّ البقاع.
وشيعتهم يتحمّلون المصائب والمتاعب والقتل والتشريد والزنزانات في سبيل الله سبحانه وتعالى ، ومن أجل العقيدة الصحيحة والمبادئ السليمة ، فإنّ الشهادة من الله لنا كرامة ، ولا نبالي بالموت وقع علينا أم وقعنا عليه ، فإنّ ذلك من أجل محبّتهم شيء قليل.
ومن هذا المنطلق ورد في الخبر النبوي الشريف ـ كما مرّ ـ : « ونحن حبل الله المتين الذي من اعتصمبه هدي إلى صراط مستقيم ، ولا يزال محبّنا منفيّاً مؤذىً مضروباً مطروداً مكذوباً محزوناً باكي العين حزين القلب حتّى يموت ، وذلك في الله قليل »[31] ، والحمد لله ربّ العالمين.
[1]البحار 36 : 205 ، و 91 : 184.
[2]المصدر : 293.
[3]البحار 36 : 4.
[4]البحار 38 : 93.
[5]المصدر : 92.
[6]البحار 18 : 347.
[7]البحار 22 : 408.
[8]البحار 23 : 119.
[9]المصدر : 104.
[10]المصدر : 122.
[11]المصدر : 124.
[12]البحار 23 : 124.
[13]المصدر : 126.
[14]البحار 23 : 218.
[15]البحار 23 : 135.
[16]البحار 27 : 198.
[17]البحار 37 : 87 .
[18]البحار 39 : 353.
[19]البحار 36 : 390.
[20]البحار 39 : 50.
[21]البحار 87 : 70.
[22]البحار 106 : 106.
[23]البحار 105 : 47.
[24]البحار 104 : 190.
[25]البحار 44 : 76.
[26]سفينة البحار 4 : 185.
[27]الحشر : 11.
[28]بحار الأنوار 47 : 396.
[29]البحار 26 : 262.
[30]البحار 5 : 40.
[31]البحار 27 : 198.
![]() |
![]() |
![]() |