(112) ··· شهد الأرواح
--------------------------------------------------------------------------------
حوزة قم العلميّة
قال الإمام الصادق
عليهالسلام : وتصير ـ قم
ـ معدنا للعلم والفضل
حتّى لا يبقى
في الأرض مستضعف في الدين
.
وقال عليهالسلام : فيفيض
العلم منه ـ بلد قم ـ إلى
سائر البلاد في المشرق
والمغرب ، فيتمّ حجّة
اللّه على الخلق ، حتّى
لا يبقى أحد على الأرض لم
يبلغ إليه
الدين والعلم ، ثمّ يظهر
القائم عليهالسلام .
وقال عليهالسلام : ثمّ
يظهر العلم ببلدة يقال
لها قم ، وتصير معدنا
للعلم والفضل
حتّى لا يبقى في الأرض
مستضعف في الدين ، حتّى
المخدّرات في الحجال .
أجل : لقد أراد اللّه
سبحانه لهذه البلدة
المباركة عُش آل محمّد
عليهالسلام والكوفة
الصغيرة ، أن تكون حجّته
على كلّ البقاع ومن فيها
، قبل ظهور خاتم الحجج
صاحب العصر والزمان ،
القائم من آل محمّد عليه
وعليهم السلام .
فأعدّها منذ اليوم الأوّل
كما أعدّ مكّة المكرّمة
وكعبتها المشرّفة بيد آدم
صفوة اللّه وأبي البشر ،
وشرّفها على البقاع كما
شرّف كربلاء التي هي في
خطّ
الأنبياء والأوصياء
ورسالات السماء ، بواقعة
الطفّ والشهادة والشهداء
وأبي
عبد اللّه الحسين
عليهالسلام ، فمن آدم
وأرض مكّة المكرّمة ،
وإلى سيّد الشهداء
عليهالسلام
(113)
--------------------------------------------------------------------------------
وأرض كربلاء المشرّفة ،
وإلى صاحب العصر المهدي
عليهالسلام وأرض قم
المقدّسة .
فتسمّى بـ ( قم ) في
معراج خاتم الأنبياء
صلىاللهعليهوآله ،
وتسمّى بـ ( قم ) في
طوفان
نوح ، وتسمّى بـ ( قم )
لقيام أهلها مع مهدي هذه
الاُمّة عليهالسلام .
فترد ( قم ) على لسان
الأئمة الأطهار
عليهمالسلام ليخبرونا عن
حقيقة ناصعة
البيان ، قاطعة البرهان ،
إنّ قم حرم الأئمة وعش آل
محمّد عليهمالسلام إنّما
هي امتداد
خطّ الأنبياء والأوصياء
عليهمالسلام .
قال الإمام الصادق
عليهالسلام : ألا إنّ
حرمي وحرم وُلدي بعدي قم
، ومذهب
الحقّ ينسب إلى الإمام
جعفر الصادق فيقال : هذا
جعفريّ المذهب ، فحرم
الجعفريّين أئمةً وشيعةً
هي قم المباركة .
وقال عليهالسلام : أهل
قم أنصارنا .
وقال الإمام الكاظم
عليهالسلام : رجل من أهل
قم يدعو الناس إلى الحقّ
، يجتمع
معه قوم كزبر الحديد ، لا
تزلّهم الرياح العواصف ،
ولا يملّون من الحرب ،
ولا يجبنون ، وعلى اللّه
يتوكّلون ، والعاقبة
للمتّقين .
وفي وجه تسميتها بقم يقول
عليهالسلام : لأنّ أهلها
يجتمعون مع قائم آل محمّد
عليهمالسلام ويقومون معه
ويستقيمون عليه
وينصرونه(1) .
وأخبرنا الإمام الصادق
عليهالسلام أنّ العلم
ينتقل من النجف ( الكوفة
الكبيرة )
إلى قم ( الكوفة الصغيرة
) فيقول عليهالسلام :
ستخلو كوفة من المؤمنين
ويأرز عنها العلم
كما تأرز الحيّة في
حُجرها ، ثمّ يظهر العلم
ببلدة يقال لها قم ،
وتصير معدنا للعلم
والفضل حتّى لا يبقى في
الأرض مستضعف في الدين ،
حتّى المخدّرات في
--------------------------------------------------------------------------------
(1) بحار الأنوار 60 :
213 .
(114) ··· شهد الأرواح
--------------------------------------------------------------------------------
الحجال .
ثمّ يقول عليهالسلام :
فيتمّ حجّة اللّه على
الخلق ، حتّى لا يبقى أحد
على الأرض
لم يبلغ إليه الدين
والعلم ثمّ يظهر القائم .
وعنه عليهالسلام في مدح
أهل قم : أما أ نّهم
أنصار قائمنا ودعاة حقّنا
.
وما أروع ما يقوله أمير
المؤمنين ومولى الموحّدين
أسد اللّه الغالب الإمام
عليّ بن أبي طالب
عليهالسلام : تلك البلدة
التي يخرج منها أنصار خير
الناس أبا واُمّا
وجدّا وجدّةً وعمّا
وعمّةً .
ويقول الإمام الصادق
عليهالسلام في ذيل قوله
تعالى : « فَإذَا جَاءَ
وَعْدُ اُولاهُمَا
بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ
عِبَادا لَـنَا اُولِي
بَأسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا
خِلالَ الدِّيَارِ
وَكَانَ وَعْدا
مَفْعُولاً »(1) ، يقول
ثلاث مرّات : هم واللّه
أهل قم .
فالآية الشريفة تبشّر
بظهور المهدي في آخر
الزمان ، والإمام يخبر عن
أنصاره عباد اللّه ،
اُولي بأس شديد ، لا
يجبنون ولا يملّون من
الحرب ، وعلى اللّه
يتوكّلون ، وتكون حكومتهم
الإسلامية حكومة عالميّة
، فإنّ العاقبة للمتّقين
.
فطوبى لقم ولأهلها ، وكلّ
شيعي إمامي اثنى عشري هو
قمّي في المعتقد
والسلوك والمذهب ، إذ
العقل المفكّر للشيعة هو
الحوزة العلميّة ، فما من
شيعي إلاّ
ويأخذ معالم دينه اُصولاً
وفروعا وأخلاقا وسلوكا من
الحوزة العلمية ، ومن
رجالها الأفذاذ وفقهائها
العظام .
وأيّ دليل أقوى لصحّة سند
هذه الروايات الشريفة من
وقوعها وتحقّقها في
الخارج ، فأدلّ دليل على
إمكان الشيء وقوعه ، وإذا
قال الإمام الصادق
عليهالسلام :
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الإسراء : 5 .
حوزة قم العلميّة ···
(115)
--------------------------------------------------------------------------------
« وسيأتي زمان تكون بلدة
قم وأهلها حجّة على
الخلائق » وحتّى ينتشر
هذا العلم
في الشرق والغرب وحتّى
النساء المخدّرات في
الحجال ، فكلّ واحد يقول
:
حدّثتني قم ...
ومن الواضح أنّ ( الحوزة
العلميّة ) في مذهب أتباع
أهل البيت عليهمالسلام
يعني
مرجع الاُمّة ومنطلق
الدين والدنيا للناس
كافّة ، وفي كلّ جوانب
الحياة ومجالات
العيش من العقائد والفقه
والأخلاق والسياسة
والثقافة وغير ذلك إنّما
تستمدّ
قوامها ومناهجها من
الحوزات .
وأوّل حوزة علميّة عامرة
تشكّلت بعد دعوة رسول
اللّه
صلىاللهعليهوآله
ودولة
أمير المؤمنين
عليهالسلام ونهضة الإمام
الحسين عليهالسلام هي
حوزة الإمامين الباقر
والصادق عليهماالسلام في
المدينة المنوّرة ، ثمّ
في عصرهما الزاهر تأسّست
حوزة قم
العلميّة بدخول
الأشعريّين إليها ، وذلك
في القرن الأوّل من
الهجرة النبويّة الشريفة
.
ثمّ مرّت عبر القرون
بأدوار بين فتور وازدهار
، حتّى جدّد تأسيسها آية
اللّه
العظمى الشيخ عبد الكريم
الحائري سنة 1340 ه ق ،
وتلألأت نورا مرّة اُخرى
،
وازدهرت كواكبها الدرّية
، وشموسها المضيئة في
سمائها وآفاقها
النورانيّة ،
وعادت نشاطها العلمي
والفقهي ، بل والسياسي
لتمهّد الطريق لظهور
صاحبها
صاحب العصر والزمان
الحجّة الثاني عشر ،
القائم من آل محمّد
عليهمالسلام .
أجل : لقد برزت قم منذ
نشأتها الإسلامية الاُولى
بأعلامها وعباقرتها في
العلم والإيمان ، فكانت
في بعض الأدوار تضمّ ألف
ومائتي محدّث ، وفي برهة
اُخرى من الزمن خمسمائة
فقيه ، وفي عصر الشيخ
الصدوق عليّ بن بابويه
القمّي
كان يعيش فيها مائتي ألف
محدّث ، واليوم يسكن فيها
من رجال العلم والدين
ما يقارب ستّون ألفا ـ
عشرة آلاف منهم غير
الإيرانيين من تسعين دولة
ـ وستبقى
(116) ··· شهد الأرواح
--------------------------------------------------------------------------------
قم المقدّسة مصدر إشعاع
ونور وعلوم وأخلاق إلى
كلّ العالم ، تزهو وتزدهر
حتّى
ظهور وليّ اللّه الأعظم
صاحب العصر والزمان
المهدي من آل محمّد عليه
وعليهم
السلام .
حوزة قم العلميّة ···
(117)
--------------------------------------------------------------------------------