العصمة بنظرة جديدة مجلة الکوثر الرابع والثلاثون - شهر رجب المرجب 1437هـ -2016م صحيفة صوت الكاظمين الشهرية العدد 207/206 النور الباهر بين الخطباء والمنابر قناة الکاظمين مصباح الهداية ونبراس الأخلاق بإدارة السید محمد علي العلوي الخصائص الفاطميّة على ضوء الثقلين الشباب عماد البلاد إجمال الكلام في النّوم والمنام المؤسسة الإسلامية العالمية التبليغ والإرشاد برعایة السید عادل العلوي صحیفة صوت الکاظمین 205-204 شهر رجب وشعبان 1437هـ الانسان على ضوء القرآن أخلاق الأنبياء في القرآن الكريم العلم الإلهامي بنظرة جديدة في رواق الاُسوة والقدوة الله الصمد في فقد الولد في رحاب اولى الألباب المأتم الحسیني الأسبوعي بإشراف السید عادل العلوي في دارالمحققین ومکتبة الإمام الصادق علیه السلام- إحیاء للعلم والعل نظرات في الإنسان الكامل والمتكامل مجلة الکوثر الثالث والثلاثون - شهر محرم الحرام 1437هـ -2015م نور العلم والعلم نور مقالات في رحاب الامام الحسين(ع)
اللغة
تابعونا...
فهرست کتاب‌‌ لیست کتاب‌ها
  1. النوران الزهراء والحوراء
  2. الأقوال المختارة في احکام الصلاة سنة 1436هـ
  3. الکافي في اصول الفقه سنة 1436هـ
  4. في رحاب الخير
  5. الغضب والحلم
  6. إیقاظ النائم في رؤیة الامام القائم
  7. الضيافة الإلهيّة وعلم الامام
  8. البداء بين الحقيقة والافتراء
  9. سيماء الرسول الأعظم محمّد (ص) في القرآن الكريم
  10. لمعة من النورین الامام الرضا (ع) والسیدة المعصومة(س)
  11. الدوّحة العلوية في المسائل الافريقيّة
  12. نور الآفاق في معرفة الأرزاق
  13. الوهابية بين المطرقة والسندانه
  14. حلاوة الشهد وأوراق المجدفي فضيلة ليالي القدر
  15. الوليتان التكوينية والتشريعية ماذا تعرف عنها؟
  16. الصّارم البتّار في معرفة النور و النار
  17. بريق السعادة في معرفة الغيب والشهادة
  18. الشخصية النبوية على ضوء القرآن
  19. الزهراء(س) زينة العرش الإلهي
  20. مقالات في رحاب الامام الحسين(ع)
  21. نور العلم والعلم نور
  22. نظرات في الإنسان الكامل والمتكامل
  23. دروس الیقین فی معرفة أصول الدین
  24. في رحاب اولى الألباب
  25. الله الصمد في فقد الولد
  26. في رواق الاُسوة والقدوة
  27. العلم الإلهامي بنظرة جديدة
  28. أخلاق الأنبياء في القرآن الكريم
  29. الانسان على ضوء القرآن
  30. إجمال الكلام في النّوم والمنام
  31. العصمة بنظرة جديدة
  32. الشباب عماد البلاد
  33. الخصائص الفاطميّة على ضوء الثقلين
  34. النور الباهر بين الخطباء والمنابر
  35. التوبة والتائبون علی ضوء القرآن والسنّة
  36. القصاص علی ضوء القرآن والسّنة الجزء الثاني
  37. القصاص على ضوء القرآن والسنّة الجزء الثالث
  38. القول الرشید فی الإجتهاد و التقلید 2
  39. القول الرشيد في الاجتهاد والتقليد 1
  40. القصاص على ضوء القرآن والسنّة الجزء الاول
  41. الأقوال المختارة في أحكام الطهارة الجزء الأوّل
  42. أحكام السرقة على ضوء القرآن والسنّة
  43. الهدى والضلال على ضوء الثقلين
  44. في رحاب حديث الثقلين
  45. المأمول في تكريم ذرية الرسول 9
  46. عصمة الحوراء زينب 3
  47. عقائد المؤمنين
  48. النفحات القدسيّة في تراجم أعلام الكاظميّة المقدّسة
  49. قبس من أدب الأولاد على ضوء المذهب الإمامي
  50. حقيقة الأدب على ضوء المذهب
  51. تربية الاُسرة على ضوء القرآن والعترة
  52. اليقظة الإنسانية في المفاهيم الإسلامية
  53. هذه هی البرائة
  54. من لطائف الحجّ والزيارة
  55. مختصر دليل الحاجّ
  56. حول دائرة المعارف والموسوعة الفقهية
  57. رفض المساومة في نشيد المقاومة
  58. لمحات قراءة في الشعر والشعراء على ضوء القرآن والعترة :
  59. لماذا الشهور القمرية ؟
  60. فنّ الخطابة في سطور
  61. ماذا تعرف عن العلوم الغريبة
  62. منهل الفوائد في تتمّة الرافد
  63. سهام في نحر الوهّابية
  64. السيف الموعود في نحراليهود
  65. لمعة من الأفكار في الجبر والاختيار
  66. ماذا تعرف عن الغلوّ والغلاة ؟
  67. الروضة البهيّة في شؤون حوزة قم العلميّة
  68. النجوم المتناثرة
  69. شهد الأرواح
  70. المفاهيم الإسلامية في اُصول الدين والأخلاق
  71. مختصر دليل الحاجّ
  72. الشهيد عقل التاريخ المفكّر
  73. الأثر الخالد في الولد والوالد
  74. الجنسان الرجل والمرأة في الميزان
  75. الشاهد والمشهود
  76. محاضرات في علم الأخلاق القسم الثاني
  77. مقتل الإمام الحسين 7
  78. من ملكوت النهضة الحسينيّة
  79. في ظلال زيارة الجامعة
  80. محاضرات في علم الأخلاق
  81. دروس في علم الأخلاق
  82. كلمة التقوى في القرآن الكريم
  83. بيوتات الكاظميّة المقدّسة
  84. على أبواب شهر رمضان المبارک
  85. من وحي التربية والتعليم
  86. حبّ الله نماذج وصور
  87. الذكر الإلهي في المفهوم الإسلامي
  88. السؤال والذكر في رحاب القرآن والعترة
  89. شهر رمضان ربيع القرآن
  90. فاطمة الزهراء مشكاة الأنوار
  91. منية الأشراف في كتاب الإنصاف
  92. العين الساهرة في الآيات الباهرة
  93. عيد الغدير بين الثبوت والإثبات
  94. بهجة الخواصّ من هدى سورة الإخلاص
  95. من نسيم المبعث النبويّ
  96. ويسألونک عن الأسماء الحسنى
  97. النبوغ وسرّ النجاح في الحياة
  98. السؤال والذكر في رحاب القرآن والعترة
  99. نسيم الأسحار في ترجمة سليل الأطهار
  100. لمحة من حياة الإمام القائد لمحة من حياة السيّد روح الله الخميني ومقتطفات من أفكاره وثورته الإسلاميّة
  101. قبسات من حياة سيّدنا الاُستاذ آية الله العظمى السيّد شهاب الدين المرعشي النجفي «قدّس سرّه الشريف »
  102. طلوع البدرين في ترجمة العلمين الشيخ الأعظم الأنصاري والسيّد الأمام الخميني 0
  103. رسالة من حياتي
  104. الكوكب السماوي مقدّمة ترجمة الشيخ العوّامي
  105. الكوكب الدرّي في حياة السيّد العلوي 1
  106. الشاكري كما عرفته
  107. كيف أكون موفّقآ في الحياة ؟
  108. معالم الصديق والصداقة في رحاب أحاديث أهل البيت
  109. رياض العارفين في زيارة الأربعين
  110. أسرار الحج والزيارة
  111. القرآن الكريم في ميزان الثقلين
  112. الشيطان على ضوء القرآن
  113. الاُنس بالله
  114. الإخلاص في الحجّ
  115. المؤمن مرآة المؤمن
  116. الياقوت الثمين في بيعة العاشقين
  117. حقيقة القلوب في القرآن الكريم
  118. فضيلة العلم والعلماء
  119. سرّ الخليقة وفلسفة الحياة
  120. السرّ في آية الاعتصام
  121. الأنفاس القدسيّة في أسرار الزيارة الرضويّة
  122. الإمام المهدي عجل الله تعالی فرجه الشریف وطول العمر في نظرة جديدة
  123. أثار الصلوات في رحاب الروايات
  124. رسالة أهل البيت علیهم السلام سفينة النجاة
  125. الأنوار القدسيّة نبذة من سيرة المعصومين
  126. السيرة النبوية في السطور العلوية
  127. إشراقات نبويّة قراءة موجزة عن أدب الرسول الأعظم محمّد ص
  128. زينب الكبرى (سلام الله علیها) زينة اللوح المحفوظ
  129. الإمام الحسين (علیه السلام) في عرش الله
  130. رسالة فاطمة الزهراء ليلة القدر
  131. رسالة علي المرتضى (علیه السلام) نقطة باء البسملة
  132. الدرّ الثمين في عظمة أمير المؤمنين - علیه السلام
  133. وميض من قبسات الحقّ
  134. البارقة الحيدريّة في الأسرار العلويّة
  135. رسالة جلوة من ولاية أهل البيت
  136. هذه هي الولاية
  137. رسالتنا
  138. دور الأخلاق المحمّدية في تحكيم مباني الوحدة الإسلاميّة
  139. أخلاق الطبيب في الإسلام
  140. خصائص القائد الإسلامي في القرآن الكريم
  141. طالب العلم والسيرة الأخلاقية
  142. في رحاب وليد الكعبة
  143. التقيّة في رحاب العَلَمَين الشيخ الأعظم الأنصاري والسيّد الإمام الخميني
  144. زبدة الأفكار في طهارة أو نجاسة الكفّار
  145. طالب العلم و السیرة الأخلاقیّة
  146. فاطمة الزهراء سلام الله علیها سرّ الوجود

المحاضرة الثانیة

المحاضرة الثانیة:

                                 بسم الله الرحمن الرحیم

بعد البسملة والحمد والصلاة:

نحن الآن بجواز السیّدة زینب الكبری‘، وكلّنا حبّ لمقامها الشامخ، فیحلو لنا الذكر، لأنّ من أحبّ شیئاً أحبّ ذكره، ومن لوازم الحبّ أن یذكر المحبوب[1]، وكلّما ازداد الإنسان حبّاً ازداد ذكراً لمحبوبه، وهذا أمر فطرني وجداني، والوجدانیات من البدیهیات[2]، فإذن هذا أمر بدیهي. فإتماماً لما بدأنا نقول:

إنّ تقسیم المعرفة إلی جلالیة وجمالیة وكمالیة، فإنّما یكون هذا التقسیم أوّلاً في الصفات ا لإلهیة كما بیّنّا سابقاً، وهذا التقسیم موجود أیضاً في جمیع الشرائع السماویة، فمثلاً لوأردنا أن نعرف الأحكام الشرعیة فنعرفها تارةً بجلالها كما لو أردنا أن نعرف الصلاة، فمنهم من سیعرّفها لنا بحدودها كصلاة الصبح مثلاً ركعتان والظهر أربعة، وهناك من یعرّف لنا الصلاة بجمالها أي بأسرارها[3]، وهناك من یقف علی حقیقة الصلاة وهذه معرفة كمالیة للصلاة[4]، وهناك تقسیم مشهور لأعلامنا ولا بأس بذكره باعتبار أنّ المحفل محفل أیضاً لحضور أهل العلم حفظهم الله تعالی.

فتقول: إنّ المعرفة تارةً تكون حسّیة أي من خلال الحواسّ الظاهریة، واُخری تكون علمیّة، وثالثة تكون فلسفیة، حیث إنّ هناك فرقاً بین المعرفة العلمیة والفلسفیة، ورابعة تكون شهودیّة، وخامسة تكون دینیة، وسنوضح هذه المعارف كالآتي:

أوّلاً ـ المعرفة الحسیّة: هي المعرفة التي تكون من خلال الحواسّ الظاهریة الخمسة، وهي الباصرة والسامعة والذائقة واللامسة والشامّة كما أنّ للإنسان قوی باطنة خمسة، ترسم علی شكل زاویة منفرجة في صفحة الذهن، والتي هي عبارة عن الحسّ المشترك الذي یسمّی بالقوّة البنطاسیة حیث إنّ مدركات  الإنسان تنطبع في الحسّ المشترك الذي یسمّی بالقوّة البنطاسیة حیث إنّ مدركات الإنسان تنطبع في الحسّ المشترك من خلال الحواسّ الخمس، ثمّ تنتقل بعد ذلك الی خزانة الخیال ثمّ إلی القوّة الحافظة وهناك قوّة ثالثة تكون بین هاتین القوّتین هي القوّة المتصرّفة كما أنّ هناك أیضاً قوّة اُخری تسمّی بالقوّة العاقلة، فهذه هي القوی الباطنیة الخمسة وأمّا المعرفة بالحواسّ الظاهریة الخمسة تسمّی بالمعرفة الحسیّة.

ثانیاً ـ المعرفة العلمیة: هي المعرفة التي یكون العلم أداة فیها[5]. وتكون المعرفة جزئیة لا كلیّة بالنسبة إلی المعرفة الفلسفیة.

ثالثاً ـ المعرفة الفلسفیة: هي المعرفة التي تهتمّ بالكلیّات ویكون الباحث فیها مهتمّاً بما هو كلّي كما لو كان بحثه في الكون فیبحث في العلّة والمعلول والحادث والقدیم وما شابه[6].

رابعاً ـ المعرفة الشهودیة: هي عبارة عن الكشف والشهود وهذه المعرفة تختصّ بالعرفاء[7].

خامساً ـ المعرفة الدینیة: هي المعرفة التي تبتني علی الآیات القرآنیة والأحادیث الشریفة، أي أنّها تبتني علی كتاب الله تعالی وسنّة النبيّ| والوليّ الوصيّ المتمثّلة بقول المعصوم وفعله وتقریره[8][9].

وقفة علی المعرفة الفلسفیة والعرفانیة:

نقف علی هاتین المعرفتین لكي نبیّن الحقیقة لمن یعتبر بعض المظاهر الخاطئة أنّها مظاهر عرفانیة وهو یخطأ بتطبیق الكلّي علی الجزئي أي علی المصداق، فنقول: إنّ الفلاسفة یبحثون عن الوجود أو المجود بما هو موجود حسب الطاقة البشریة وذلك من خلال الاستدلال العقلي، وأمّا العرفاء فیبحثون عن الوجود من خلال صیقلة القلب فیقول العرفاء: بقلوبنا نصل إلی الله تعالی، ویقول الفلاسفة: نصل إلی الله تعالی بعقولنا، وهذا لا یتمّ إلّا بشرطه وشروطه، فلاكلّ من یدّعي العرفان هو صادق في مدّعاه بل هو لا یرید إلّا التصوّف ومن التصوّف ما فیه الانحراف الفكري أو السلوكي، فتدبّر.

في حین أنّ العرفان الذي نحن بصدده هو الذي ینهل من نبع أهل البیت^[10]، ذلك النبع الصافي فبالصقل للقلب ینكشف للعارف الوجود وتنكشف الحقائق ویكون عند ذلك دلیلهم هو الكشف والشهود والإشراقات الإلهیّة، وهذه القصّة التأریخیة توضح ما قلناه: «ففي غابر الزمان یُنقل أنّ الإسكندر ذي القرنین جمع الفلاسفة والعرفاء وبنی لكلّ واحدٍ جداراً لیرسموا علیه ما عندهم من البحوث والعلوم وجعل بینهما ستاراً، ثمّ قال: سأرجع إلیكم بعد سنة لأعرف ما أنتم علیه، وفعلاً لمّا مضی الوقت ا لذي قرّروه جاء الاسكندر إلیهم ودخل علی الفلاسفة فوجدهم رسموا علی الجدار من كلّ شيء فرداً، فمن الطیور طیراً، ومن الأشجار شجرة، وهكذا، فقالوا: هذا هو الموجود ونحن نبحث في هذا، ولمّا رفع ا لستار الذي ببینهم وبین العرفاء وجد العرفاء قد صقلوا الجدار حتّی جعلوه الكمرآة فانعكست فیه نفس صورة ا لفلاسفة التي رسموها بالاضافة إلی صورة الاسكندر، فقالوا للاسكندر: نحن نبحث عن ما یبحث عنه الفلاسفة بما في ذلك أنت وحاشیتك من خلال صقل القلب».

وبهذه المعارف التي بیّنّاها لكم تُعرف الأشیاء، فلابدّ للإنسان الذي یرید الترقّي في سلّم الكمال من المعرفة، فإنّ الفضل بالمعرفة «أفضلكم أفضلكم معرفةً» وهي التي تقود إلی العبادة الحقّة الخالصة، ونوم العالم أفضل من قیالم الجاهل[11]، ویبیّن لنا میزان الأعمال والقرآن الناطق أمیرالمؤمنین× مدی الترابط الوثیق بین العلم والعبادة فیقول: «قسم ظهري اثنان: جاهل متنسّك، وعالم متهتّك»[12]، فالجاهل یغرّ الناس بعبادته والعالم یغرّ الناس بعلمه، فقیمة  الإنسان بالمعرفة وهذا عندالله تعالی والراسخون في العلم لا عند الناس، لأنّ الناس أعداء ما جهلوا[13]، فكم نری من عالم مهجور كما نری قرآناً مهجوراً كما نری قرآناً مهجوراً ومسجداً مهجوراً، وهؤلاء ممّن یشتكون إلی الله تعالی یوم القیامة[14]، فالناس یجهلون قدر العالم الربّاني ویهجرون هذا العالم حتّی كأنّه غریب بینهم، مع أنّه یدعی في السماء عظیماً كما في الحدیث الشریف: «من علم لله وعمل لله وعلّم لله دُعي في ملكوت السماوات عظیماً»[15]، فهذه العظمة التي نالها هذا العالم، إنّما هي لإخلاصه، لأنّه تعلّم وعمل لله تعالی لا للریاء والجدل والاستطاعة علی الناس، فهو عظیم عند ربّه وإن كان مستضعفاً عند أهل الأرض، فناءً علی هذا لابدّ لنا من إنصاف أهل العلم والعمل الخالص، ولابدّ من تعظیمهم وعلی رأسهم سادتهم وأئمّتهم معدن العلم ومهبط الوحي^، ومن یسیر علی نهجهم سیّما أولادهم الذین عكسوا ذواتهم كزینب الكبری، لنعرف زینب بصفاتها الجمالیة وذلك من خلال ما ورد في حقّها وشأنها.



[1] إنّ حبّ المؤمن لربّه أو لمن یحبّه الله تعالی یقوده إلی الذكر، ولذلك جاء عن النبيّ| في بحارالأنوار (77:84) قوله: «إنّ أحبّكم إلی الله، أكثركم ذكراً له...» وجاء عن الإمام الصادق×: «شیعتنا الرحماء بینهم، الذین إذا خلوا ذكروا الله، إنّا خلوا ذكروا الله، إنّاإذا ذكرنا ذكر الله، وإذا ذكر عدوّناذكر الشیطان» في  الوسائل، الجزء 23، الحدیث 3، ففي ذكرهم یتحقّق ذكر بارئهم كما ورد عندالفریقین أنّ ذكر عليّ× عبادة.

[2] تنقسم القضیة الیقینیة إلی بدیهیة ونظریة كسبیّة تنتهي لا محالة إلی البدیهیات، فالبدیهیات إذن هي اُصول الیقینیات، وهي علی ستّة أنواع: أوّلیات، مشاهدات، تجریبیات، متواترات، حدسیات، فطریات، وهي المراد في متن الكتاب، وتفصیل ذلك في علم المنطق.

[3] للصلاة أسرار ذكرت في الكتب المعدّة لذلك، فهناك سرّ لكلّ فعل ولكلّ قول من أقوالها، ففي قولك «الله أكبر» في تكبیرة الإحرام مثلاً هو أن تستصغر ما بین العلی والثري وتجعل كلّ شيء دون كبریائه فهذا ما ورد عن إمامنا الصادق×، وفي القیام یعني المثول بین یدي الله تعالی لأداء حقّ العبودیة واستجلاب خیرات الربوبیة، فمعرفة أركان الصلاة وأجزائها بهكذا معرفة تسمّی هذا المعرفة معرفة جمالیة.

[4] عند الوقوف علی حقیقة الصلاة فإنّك ستراها معراجاً للمؤمن یعرج بها إلی ربّه، وتراها أیضاً أنّها صلاة بین العبد وربّه فتكون هذه الصلاة في نظرك كما قال النبي|: «إنّ الصلاة تمكن، وتواضع، وتیأّس، وتندّم، فتمد یدیك وتقول: اللهمّ فمن لم یفعل فهي خداج»، بحیث لو كبّرت الله تعالی وكان عملك وقولك مخالفاً ومضادّاً للتكبیر فسیمّی هذا التكبیر تحقیراً ولیس تكبیراً، فهكذا معرفة هي المعرفة الكمالیة، ومن رام الزیادة فلیرجع إلی كتب أسرار الصلاة، كالآداب المعنویة للصلاة للسیّد الإمام+ وأسرار الصلاة للشهید الثاني وأسرار الصلاة لمیرزا ملك التبریزي.

[5] عندما یجعل المحاضر السیّد الاُستاذ المعرفة العلمیة في قبال غیرها من المعارف ویقول: إذا كان العلم أداتها فمراده بالعلم بالمعنی الأخصّ الذي یبحث حول الجزئیات في قبال الفلسفة التي تبحث حول الكلیّات، وأمّا العلم بالمعنی الأعمّ فإنّه شامل للفلسفة وغیرها.

[6] المعرفة الفلسفیة: بما أنّها تهتمّ بالكلیّات فیكون بحثها في الموجود بما هو موجود، وهذا البحث یهتمّ بمعرفة الموجود هل هو علّة دو معلول، قدیم أو حادث، فلذلك یكون الفیلسوف مهتمّاً بالمعروف الكلّیة للأشیاء أي أنّه ینظر إلی الكلیّات لا إلی الجزئیات، والكلام في الفلسفة طویل وكثیرل فلتأخذ من مظانّها.

[7] المعرفة العرفانیة: یعني هي المعرفة التي بها تكشف الحقائق الحقائق الكونیة وما وراء الطبیعة من خلال صفاء القلب بعد تهذیبه وتزكیته فتنعكس حقائق الكون علیه، فیصل العارف إلی مقام الكشف والشهود، ونقول عندما تصفو النفس وننقطع إلی التكفیر في الاُمور العلویة وتنخلّی عن ارتباطها واشتغالها بالاُمور الدینیة إلّا ما تحتاجه من الضرورة ونصب همّها واهتمامها في التعرّف علی ما وراء  الطبیعة فإنّها ستحصل لها حالات نفسیة وتتوارد علیها خواطر قلبیة تستشعر من خلالها الارتفاع عن عالمها المادّي الضیّق وتتّصل بعالم المثال أو عالم الأرواح والعقول ومن خلال هذا الاتّصال یبدأ الإنسان بدرك الحقائق شیئاً فشیئاً وحسب ما تتوفّر له من عوامل موضوعیة وذاتیة لها مدخلیة في تحصیل هذه المعرفة، وهذا ما یعبّر عنه بالكشف والشهود، أو الإشراق أو التجلّي علی اختلاف التسمیات.

[8] فعل المعصوم أي الفعل الذي یفعله المعصوم إمام المسلمین فهو حجّة لنا بالتمسّك به كسنّة نفهم منه درجة الإباحة وكونه مشرعاً، وأمّا قوله هو عندما یقول لنا افعل كذا ولا تفعل كذا، وأمّا تقریره معناه أنّه یری الفعل ولا یردع فاعله عنه بشرط أن یكون عدم الردع والسكوت خالي من التقیّة فهذا إقرار منه× للفاعل بصحّة فعله.

[9] شرط العرفان هو صفاء القلب وتهذیبه وصقله لكي یكون قابلاً لتلقّي الحقائق وتنعكس فیه بواطن الاُمور كالمرآة كلّما كانت صافیة كلّما كان الانعكاس  فیها واضحاً وكلّما كانت ملوّثة كلّما كان الانعكاس ضئیلاً وقد یكون منعدماً، ولا نعني بتصفیة القلب عدم التعلّق بالاُمور الدنیویة فحسب بل لابدّ من العمل العبادي المتمثّل بأداء الواجبات وترك المحرّمات والتضرّع إلی علّام الغیوب والاتصال به دوماً ویقال عن بعض الأعلام إنّ بعض المؤمنین سألوا العارف المتألّه الشیخ جوادي آملي عن العرفان العملي فقال: «مفاتیح الجنان والرسالة العملیة»، أي تطبیق ما في الرسالة العملیة وما في مفاتیح الجنان، بالإضافة إلی المحاربة الهوی ومجاهدة النفس وتزكیة القلب وتخلیته وتحلیته بما یوصل إلی الكمال.

[10] منهج أهل البیت^ یدعو إلی التقوی فیوافق مذاقهم القرآن الكریم الذي هو العدل الأكبر فورد في القرآن الكریم ﴿إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً﴾(الأنفال: 29)، وقال تعالی: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمْ اللَّهُ﴾(البقرة: 282)، وهذا  هو منهج أهل البیت^ لأنّه لن یفترق عن القؤآن كما في حدیث الثقلین المعروف، وعندما سئل الإمام× عن قوله تعالی: ﴿أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ﴾ (الزمر: 22)، قال×: نور یقذفه الله في قلبه فیشرح صدره، قیل: هل لذلك علامة؟ قال×: «علامته التجافي عن دار الغرور، والإنابة إلی دار الخلود والاستعداد للموت قبل حلول الفوت»، وهكذا یلتقي الإمام مع القرآن في... منهج واحد لأنّه لا انفصال بینهما، بل هو واحد فلن یفترقا في كلّ شيء منذ البدایة وحتّی النهایة.

[11] ورد عن أمیرالمؤمنین× عندما رأی رجلاً من الخوارج قائماً یصلّي قال: «نوم علی یقین خیرٌ من قیام في شك»، وهذا معناه أنّ الذي علی یقین هو العالم والذي علی شك الجاهل، فصار نوم العالم أفضل من قیام الجاهل، وورد عن النبيّ|: «یا عليّ، نوم العالم أفضل من عبادة العباد»، أي العابد الجاهل. قصار الجمل ـ المشكیني 2: 63.

[12] نهج البلاغة، قصار الجمل.

[13] ورد في نهج البلاغة قصار الجمل: «الناس أعداء ما جهلوا»، ومراده× بحسب ما نفهم من قوله أنّ الإنسان لا یعرف قیمة وثمن ما یجهل فیقع منه تجاهلاً وإهمالاً لهذا المجهول وقد یقع منه محاربة له وذلك بسبب جهله بمقامه أو بقیمته فیكون عدوّاً له.

[14] ورد في الحدیث الشریف: «عن الصادق×: ثلاثة یشكون إلی الله تعالی: مسجد خراب لا یصلّي فیه أهله، وعامل بین جهّال، ومصحف معلّق قد وقع علیه غبار لا یقرأ فیه»، كتاب قصار الجمل ـ المشكیني (2: 63)، ثمّ جاء في بحارالأنوار (77: 140) عن النبيّ|: «ارحموا عزیزاً ذلّ، وغنیّاً افتقر، وعالماً ضاع في زمان جهّال».

[15] رسالات إسلامیة (موسوعة السیّد الاُستاذ) المجلّد الثالث.