العصمة بنظرة جديدة مجلة الکوثر الرابع والثلاثون - شهر رجب المرجب 1437هـ -2016م صحيفة صوت الكاظمين الشهرية العدد 207/206 النور الباهر بين الخطباء والمنابر قناة الکاظمين مصباح الهداية ونبراس الأخلاق بإدارة السید محمد علي العلوي الخصائص الفاطميّة على ضوء الثقلين الشباب عماد البلاد إجمال الكلام في النّوم والمنام المؤسسة الإسلامية العالمية التبليغ والإرشاد برعایة السید عادل العلوي صحیفة صوت الکاظمین 205-204 شهر رجب وشعبان 1437هـ الانسان على ضوء القرآن أخلاق الأنبياء في القرآن الكريم العلم الإلهامي بنظرة جديدة في رواق الاُسوة والقدوة الله الصمد في فقد الولد في رحاب اولى الألباب المأتم الحسیني الأسبوعي بإشراف السید عادل العلوي في دارالمحققین ومکتبة الإمام الصادق علیه السلام- إحیاء للعلم والعل نظرات في الإنسان الكامل والمتكامل مجلة الکوثر الثالث والثلاثون - شهر محرم الحرام 1437هـ -2015م نور العلم والعلم نور مقالات في رحاب الامام الحسين(ع)
اللغة
تابعونا...
فهرست کتاب‌‌ لیست کتاب‌ها
■ المقدّمة ــ من هو العدوّ الأوّل ؟! ٣
■ الفصل الأوّل ــ معالم الشيطان ٢١
■ الفصل الثاني ــ تمثّل الشيطان وحكاياته ٤٧
■ الفصل الثالث ــ خطوات الشيطان ٦٣
■ الفصل الرابع ــ أساليب الشيطان ١٠١
■ الفصل الخامس ــ كيف الخلاص من الشيطان ؟ ١١٧
■ الخاتمة ــ أدعية الخلاص ١٤٣
■ بعض المصادر العربية والفارسية ١٤٧
■ المصادر العربية ١٤٧
■ المصادر الفارسية ١٤٨
  1. النوران الزهراء والحوراء
  2. الأقوال المختارة في احکام الصلاة سنة 1436هـ
  3. الکافي في اصول الفقه سنة 1436هـ
  4. في رحاب الخير
  5. الغضب والحلم
  6. إیقاظ النائم في رؤیة الامام القائم
  7. الضيافة الإلهيّة وعلم الامام
  8. البداء بين الحقيقة والافتراء
  9. سيماء الرسول الأعظم محمّد (ص) في القرآن الكريم
  10. لمعة من النورین الامام الرضا (ع) والسیدة المعصومة(س)
  11. الدوّحة العلوية في المسائل الافريقيّة
  12. نور الآفاق في معرفة الأرزاق
  13. الوهابية بين المطرقة والسندانه
  14. حلاوة الشهد وأوراق المجدفي فضيلة ليالي القدر
  15. الوليتان التكوينية والتشريعية ماذا تعرف عنها؟
  16. الصّارم البتّار في معرفة النور و النار
  17. بريق السعادة في معرفة الغيب والشهادة
  18. الشخصية النبوية على ضوء القرآن
  19. الزهراء(س) زينة العرش الإلهي
  20. مقالات في رحاب الامام الحسين(ع)
  21. نور العلم والعلم نور
  22. نظرات في الإنسان الكامل والمتكامل
  23. دروس الیقین فی معرفة أصول الدین
  24. في رحاب اولى الألباب
  25. الله الصمد في فقد الولد
  26. في رواق الاُسوة والقدوة
  27. العلم الإلهامي بنظرة جديدة
  28. أخلاق الأنبياء في القرآن الكريم
  29. الانسان على ضوء القرآن
  30. إجمال الكلام في النّوم والمنام
  31. العصمة بنظرة جديدة
  32. الشباب عماد البلاد
  33. الخصائص الفاطميّة على ضوء الثقلين
  34. النور الباهر بين الخطباء والمنابر
  35. التوبة والتائبون علی ضوء القرآن والسنّة
  36. القصاص علی ضوء القرآن والسّنة الجزء الثاني
  37. القصاص على ضوء القرآن والسنّة الجزء الثالث
  38. القول الرشید فی الإجتهاد و التقلید 2
  39. القول الرشيد في الاجتهاد والتقليد 1
  40. القصاص على ضوء القرآن والسنّة الجزء الاول
  41. الأقوال المختارة في أحكام الطهارة الجزء الأوّل
  42. أحكام السرقة على ضوء القرآن والسنّة
  43. الهدى والضلال على ضوء الثقلين
  44. في رحاب حديث الثقلين
  45. المأمول في تكريم ذرية الرسول 9
  46. عصمة الحوراء زينب 3
  47. عقائد المؤمنين
  48. النفحات القدسيّة في تراجم أعلام الكاظميّة المقدّسة
  49. قبس من أدب الأولاد على ضوء المذهب الإمامي
  50. حقيقة الأدب على ضوء المذهب
  51. تربية الاُسرة على ضوء القرآن والعترة
  52. اليقظة الإنسانية في المفاهيم الإسلامية
  53. هذه هی البرائة
  54. من لطائف الحجّ والزيارة
  55. مختصر دليل الحاجّ
  56. حول دائرة المعارف والموسوعة الفقهية
  57. رفض المساومة في نشيد المقاومة
  58. لمحات قراءة في الشعر والشعراء على ضوء القرآن والعترة :
  59. لماذا الشهور القمرية ؟
  60. فنّ الخطابة في سطور
  61. ماذا تعرف عن العلوم الغريبة
  62. منهل الفوائد في تتمّة الرافد
  63. سهام في نحر الوهّابية
  64. السيف الموعود في نحراليهود
  65. لمعة من الأفكار في الجبر والاختيار
  66. ماذا تعرف عن الغلوّ والغلاة ؟
  67. الروضة البهيّة في شؤون حوزة قم العلميّة
  68. النجوم المتناثرة
  69. شهد الأرواح
  70. المفاهيم الإسلامية في اُصول الدين والأخلاق
  71. مختصر دليل الحاجّ
  72. الشهيد عقل التاريخ المفكّر
  73. الأثر الخالد في الولد والوالد
  74. الجنسان الرجل والمرأة في الميزان
  75. الشاهد والمشهود
  76. محاضرات في علم الأخلاق القسم الثاني
  77. مقتل الإمام الحسين 7
  78. من ملكوت النهضة الحسينيّة
  79. في ظلال زيارة الجامعة
  80. محاضرات في علم الأخلاق
  81. دروس في علم الأخلاق
  82. كلمة التقوى في القرآن الكريم
  83. بيوتات الكاظميّة المقدّسة
  84. على أبواب شهر رمضان المبارک
  85. من وحي التربية والتعليم
  86. حبّ الله نماذج وصور
  87. الذكر الإلهي في المفهوم الإسلامي
  88. السؤال والذكر في رحاب القرآن والعترة
  89. شهر رمضان ربيع القرآن
  90. فاطمة الزهراء مشكاة الأنوار
  91. منية الأشراف في كتاب الإنصاف
  92. العين الساهرة في الآيات الباهرة
  93. عيد الغدير بين الثبوت والإثبات
  94. بهجة الخواصّ من هدى سورة الإخلاص
  95. من نسيم المبعث النبويّ
  96. ويسألونک عن الأسماء الحسنى
  97. النبوغ وسرّ النجاح في الحياة
  98. السؤال والذكر في رحاب القرآن والعترة
  99. نسيم الأسحار في ترجمة سليل الأطهار
  100. لمحة من حياة الإمام القائد لمحة من حياة السيّد روح الله الخميني ومقتطفات من أفكاره وثورته الإسلاميّة
  101. قبسات من حياة سيّدنا الاُستاذ آية الله العظمى السيّد شهاب الدين المرعشي النجفي «قدّس سرّه الشريف »
  102. طلوع البدرين في ترجمة العلمين الشيخ الأعظم الأنصاري والسيّد الأمام الخميني 0
  103. رسالة من حياتي
  104. الكوكب السماوي مقدّمة ترجمة الشيخ العوّامي
  105. الكوكب الدرّي في حياة السيّد العلوي 1
  106. الشاكري كما عرفته
  107. كيف أكون موفّقآ في الحياة ؟
  108. معالم الصديق والصداقة في رحاب أحاديث أهل البيت
  109. رياض العارفين في زيارة الأربعين
  110. أسرار الحج والزيارة
  111. القرآن الكريم في ميزان الثقلين
  112. الشيطان على ضوء القرآن
  113. الاُنس بالله
  114. الإخلاص في الحجّ
  115. المؤمن مرآة المؤمن
  116. الياقوت الثمين في بيعة العاشقين
  117. حقيقة القلوب في القرآن الكريم
  118. فضيلة العلم والعلماء
  119. سرّ الخليقة وفلسفة الحياة
  120. السرّ في آية الاعتصام
  121. الأنفاس القدسيّة في أسرار الزيارة الرضويّة
  122. الإمام المهدي عجل الله تعالی فرجه الشریف وطول العمر في نظرة جديدة
  123. أثار الصلوات في رحاب الروايات
  124. رسالة أهل البيت علیهم السلام سفينة النجاة
  125. الأنوار القدسيّة نبذة من سيرة المعصومين
  126. السيرة النبوية في السطور العلوية
  127. إشراقات نبويّة قراءة موجزة عن أدب الرسول الأعظم محمّد ص
  128. زينب الكبرى (سلام الله علیها) زينة اللوح المحفوظ
  129. الإمام الحسين (علیه السلام) في عرش الله
  130. رسالة فاطمة الزهراء ليلة القدر
  131. رسالة علي المرتضى (علیه السلام) نقطة باء البسملة
  132. الدرّ الثمين في عظمة أمير المؤمنين - علیه السلام
  133. وميض من قبسات الحقّ
  134. البارقة الحيدريّة في الأسرار العلويّة
  135. رسالة جلوة من ولاية أهل البيت
  136. هذه هي الولاية
  137. رسالتنا
  138. دور الأخلاق المحمّدية في تحكيم مباني الوحدة الإسلاميّة
  139. أخلاق الطبيب في الإسلام
  140. خصائص القائد الإسلامي في القرآن الكريم
  141. طالب العلم والسيرة الأخلاقية
  142. في رحاب وليد الكعبة
  143. التقيّة في رحاب العَلَمَين الشيخ الأعظم الأنصاري والسيّد الإمام الخميني
  144. زبدة الأفكار في طهارة أو نجاسة الكفّار
  145. طالب العلم و السیرة الأخلاقیّة
  146. فاطمة الزهراء سلام الله علیها سرّ الوجود

الفصل الثاني ــ تمثّل الشيطان وحكاياته 47

الفصل الثاني

 

تمثّل الشيطان وحكاياته

 

خلق الشيطان من النار، وإنّه من طائفة الجنّ ، فهو عنصر ناري ليس فيه كثافة مادية ملموسة ومحسوسة ، إلّا أنّه بإمكانه أن يتمثّل بالأجسام وبالإنسان ، إلّا الأنبياء والأوصياء.

قال العلّامة المجلسي في بحاره : لا خلاف بين الإمامية بل بين المسلمين في أنّ الجنّ والشياطين أجسام لطيفة يرون في بعض الأحيان ولا يرون في بعضها، ولهم حركات سريعة وقدرة على أعمال قويّة ، ويجرون في أجساد بني آدم مجرى الدم ، وقد يشكّلهم الله بحسب المصالح بأشكال مختلفة وصور متنوّعة كما ذهب إليه السيّد المرتضى  2 أو جعل الله لهم القدرة على ذلک كما هو الأظهر من الأخبار والآثار.

قال صاحب المقاصد: ظاهر الكتاب والسنّة وهو قول أكثر الاُمة أنّ الملائكة أجسام لطيفة نورانية قادرة على التشكلات بأشكال مختلفة كاملة في العلم والقدرة على الأفعال الشاقة ـوساق الكلام إلى قوله ـ: والجنّ أجسام لطيفة هوائية متشكّل بأشكال مختلفة ويظهر منها أفعال عجيبة ، منهم المؤمن والكافر والمطيع والعاصي ، والشياطين أجسام نارية شأنها إلقاء النفس في الفساد والغواية بتذكير أسباب المعاصي واللذّات ، وإنساء منافع الطاعات وما أشبه ذلک ، على ما قال تعالى
حكايةً عن الشيطان :
(وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إلاَّ أنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ

لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أنْفُسَكُمْ )[1] ، وقيل : تركيب الأنواع الثلاثة من امتزاج

العناصر الأربعة إلّا أنّ الغالب على الشيطان عنصر النار، وعلى الآخرين عنصر الهواء...

ثمّ ذكر مذاهب الحكماء في ذلک فقال : والقائلون من الفلاسفة بالجنّ والشيطان زعموا أنّ الجنّ جواهر مجرّدة لها تصرّف وتأثير في الأجسام العنصرية من غير تعلّق بها تعلّق النفوس البشرية بأبدانها والشياطين هي القوى المتخيّلة في أفراد الإنسان من حيث استيلائها على القوى العقلية وصرفها عن جانب القدس واكتساب الكمالات العقلية إلى اتّباع الشهوات واللذات الحسيّة والوهمية .

ومنهم من زعم أنّ النفوس البشرية بعد مفارقتها عن الأبدان وقطع العلاقة عنها إن كانت خيّرة مطيعة للدواعي العقلية فهم الجنّ ، وإن كانت شرّيرة باعثة على الشرور والقبائح معينة على الضلال والانهماک في الغواية فهم الشياطين[2] .

 

وعند الأكثر أنّ الشيطان ليس من الملائكة بل هو من الجنّ كما جاء ذلک في الأخبار وهو مذهب الإمامية وكثير من المعتزلة وأصحاب الحديث .

وأمّا بالنسبة إلى كيفية تكاثره وتوالده ، فإنّ لسان الروايات في ذلک مختلفة ، فعن أبي عبد الله  7، قال : الآباء ثلاثة : آدم ولد مؤمنآ، والجان ولد كافرآ، وإبليس ولد كافرآ، وليس فيهم نتاج ، إنّما يبيض ويفرخ ، وولده ذكور ليس فيهم إناث[3] .

 



قال رسول الله  9: إنّ الله عزّ وجلّ حين أمر آدم أن يهبط هبط آدم

وزوجته ، وهبط إبليس ولا زوجة له ، وهبطت الحيّة ولا زوج لها، فكان أوّل من يلوط بنفسه إبليس فكانت ذرّيته من نفسه ، وكذلک الحيّة ، وكانت ذرّية آدم من زوجته ، فأخبرهما أنّهما عدوّان لهما[4] .

 

وسمّي إبليس لأنّه أبلس من الخير كلّه يوم آدم  7[5] ، وعن الإمام

الرضا  7: أنّ اسم إبليس الحارث ، وإنّما قول الله عزّ وجلّ : يا إبليس يا عاصي ، وسمّي إبليس لأنّه ابلس من رحمة الله. قال الراغب : الإبلاس : الحزن المعترض من شدّة اليأس ، يقال : أبلس ومنه اشتقّ إبليس فيما يقال ، قال تعالى : (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُـبْلِسُ الُمجْرِمُونَ )[6] .

 

ويسمّى بالرجمى ومعناه ـعن الإمام العسكري  7ـ أنّه مرجوم باللعن مطرود من مواضع الخير، لا يذكره المؤمن إلّا لعنه ، وإنّ في علم الله السابق أنّه إذا خرج القائم  7 لا يبقى مؤمن في زمانه إلّا رجمه بالحجارة كما كان قبل ذلک مرجومآ باللعن[7] .

 

وأمّا تمثّل الشيطان  :

عن تفسير الفرات : بإسناده عن أبي جعفر 7، قال : رأى أمير المؤمنين 7 على بابه شيخآ فعرفه أنّه الشيطان فصارعه وصرعه ، قال : قم عنّي يا علي حتّى
اُبشّرک ، فقام عنه ، فقال : بِمَ تبشّرني يا ملعون ؟ قال : إذا كان يوم القيامة صار الحسن عن يمين العرش والحسين عن يسار العرش يعطيان شيعتهما الجواز من النار، قال : فقام إليه وقال : اُصارعک ؟ قال : مرّة اُخرى ، قال : نعم ، فصرعه أمير المؤمنين قال : قم عنّي حتّى اُبشّرک ، فقام عنه فقال : لمّـا خلق الله آدم خرج ذرّيته من ظهره مثل الذرّ فأخذ ميثاقهم فقال :
(ألَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى )[8] ، قال  :

فأشهدهم على أنفسهم فأخذ ميثاق محمّد وميثاقک فعرف وجهک الوجوه وروحک الأرواح ، فلا يقول لک أحد: اُحبّک ، إلّا عرفته ، ولا يقول لک أحد: اُبغضک ، إلّا عرفته ، قال : قم صارعني ، قال : ثلاثة ، قال : نعم ، فصارعه وصرعه فقال  : يا عليّ لا تبغضني وقم عنّي حتّى اُبشّرک ، قال : بلى وأبرأ منک وألعنک ، قال : والله يا بن أبي طالب ما أحد يبغضک إلّا شركت في رحم اُمّه وفي ولده فقال له : أما قرأت كتاب الله (وَشَارِكْهُمْ فِي الأمْوَالِ وَالأولادِ)[9] .

 

وفي تفسير علي بن إبراهيم القمّي بسنده عن أبي جعفر  7 في قصّة طويلة في حجّ إبراهيم وذبحه ابنه إلى أن قال : وسلّما لأمر الله وأقبل شيخ فقال : يا إبراهيم ما تريد من هذا الغلام ؟ قال : اُريد ذبحه ، فقال : سبحان الله تذبح غلامآ لم يعصِ الله عزّ وجلّ طرفة عين ؟ ـيرجى الانتباه كيف الشيطان يريد إخراج نبيّ الله إبراهيم من الدين باسم الدين وباسم الوظيفة الدينية ، وهكذا يفعل الشيطان بالمؤمنين ، فإنّ وسوسته إيّاهم في بداية خطواته ليس بالخمر والزنا، بل بالصلاة والصوم بما يتلائم مع النفس ، لا بما يريده الله، فتأمّل ـ فقال إبراهيم : إنّ الله أمرني بذلک ، فقال : ربّک
ينهاک عن ذلک وإنّما أمرک بهذا الشيطان ، فقال له إبراهيم : إنّ الذي بلغني هذا المبلغ هو الذي أمرني به ، والكلام الذي وقع في اُذني ، فقال : لا والله ما أمرک بهذا إلّا الشيطان ، فقال إبراهيم : لا والله لا اُكلّمک .

ثمّ عزم إبراهيم على الذبح فقال : يا إبراهيم إنّک إمام يقتدى بک ، وإنّک إذا ذبحته ذبح الناس أولادهم ، فلم يكلّمه وأقبل على الغلام واستشاره في الذبح ـوساق الحديث في الفداء إلى قوله :ـ ولحق إبليس باُمّ الغلام حين نظرت إلى الكعبة في وسط الوادي بحذاء البيت فقال لها: ما شيخ رأيته ؟ قال : إنّ ذلک بعلي ، قال  : فوصيف رأيته معه ؟ قالت : ذلک ابني ، قال : فإنّي رأيته وقد أضجعه وأخذ المدية ليذبحه ، فقالت : كذبت إنّ إبراهيم أرحم الناس كيف يذبح ابنه ؟ قال : فوَ ربّ السماء والأرض وربّ هذا البيت لقد رأيته أضجعه وأخذ المدية ، فقالت : ولِمَ ؟ قال : يزعم أنّ ربّه أمره بذلک ، قالت : فحقّ له أن يطيع ربّه[10] .

 

وعن أبي عبد الله  7، قال : ظهر إبليس ليحيى بن زكريا  7 وإذا عليه معاليق من كلّ شيء، فقال له يحيى : ماهذه المعاليق يا إبليس ؟ فقال : هذه الشهوات التي أصبتها من ابن آدم ، قال : فهل لي منها شيء؟ قال : ربما شبعت فثقّلتک عن الصلاة والذكر، قال يحيى : لله عليّ أن لا أملأ بطني من طعام أبدآ، فقال إبليس : لله عليّ أن لا أنصح مسلمآ أبدآ، ثمّ قال أبو عبد الله  7: يا حفص ولله على جعفر وآل جعفر أن لا يملؤوا بطونهم من طعام أبدآ، ولله على جعفر وآل جعفر أن لا يعملوا للدنيا أبدآ.

عن الإمام الرضا، عن آبائه  :: أنّ إبليس كان يأتي الأنبياء  : من
لدن آدم
 7 إلى أن بعث الله المسيح  7 يتحدّث عندهم ويسائلهم ، ولم يكن بأحد منهم أشدّ اُنسآ منه بيحيى بن زكريا  7، فقال له يحيى : يا أبا مرّة إنّ لي إليک حاجة ، فقال له : أنت أعظم من أردّک بمسألة ، فاسألني ما شئت فإنّي غير مخالفک في أمرٍ تريده .

فقال يحيى : يا أبا مرّة اُحبّ أن تعرض عليَّ مصائدک وفخوخک التي تصطاد بها بني آدم ، فقال له إبليس : حبّآ وكرامة ، وواعده لغدٍ، فلمّـا أصبح يحيى  7 قعد في بيته ينتظر الموعد وأغلق عليه الباب إغلاقآ، فما شعر حتّى ساواه من خوخة ـشباک ـ كانت في بيته ، فإذا وجهه صورة وجه القرد، وجسده على صورة الخنزير، وإذا عيناه مشقوقتان طولا، وإذا أسنانه وفمه مشقوقآ طولا عظمآ واحدآ، بلا ذقن ولا لحية ، وله أربعة أيد: يدان في صدره ويدان في منكبه ، وإذا عراقيبه قوادمه ، وأصابعه خلفه ، وعليه قباء قد شدّ وسطه بمنطقة فيها خيوط معلّقة بين أحمر وأصفر وأخضر وجميع الألوان ، وإذا بيده جرس عظيم ، وعلى رأسه بيضة ، وإذا في البيضة حديدة معلّقة شبيهة بالكلّاب .

فلمّـا تأمّله يحيى  7 قال له : ما هذه المنطقة التي في وسطک ؟ فقال : هذه المجوسية أنا الذي سننتها وزيّنتها لهم ، فقال له : ما هذه الخيوط والألوان ؟ قال له  : هذه جميع أصناع النساء لا تزال المرأة تصنع الصنيع حتّى يقع مع لونها، فأفتن الناس بها، فقال له : فما هذا الجرس الذي بيدک ؟ قال : هذه مجمع كلّ لذّة من طنبور وبربط ومغرفة وطبل وناي وصرناي ، ـوهذه من الآلات الموسيقية ، وما أكثرها في عصرنا الراهن ، وما أكثر الناس الذين افتتنوا بها، وزيّن لهم الشيطان ذلک ، باسم الفنّ والفنانين ، حتّى في مثل البلاد الإسلامية وعند المسلمين ، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم ـ وإنّ القوم ليجلسون على شرابهم فلا يستلذّونه فاُحرّک الجرس
فيما بينهم ، فإذا سمعوه استخفّهم الطرب ، فمن بين من يرقص ، ومن بين من يفرقع أصبعه ، ومن بين من يشقّ ثيابه ، فقال له : وأيّ الأشياء أقرّ لعينک ؟ قال : النساء هنّ فخوخي ومصائدي ، فإنّي إذا اجتمعت عليّ دعوات الصالحين ولعناتهم ، صرت إلى النساء فطابت نفسي بهنّ ، فقال له يحيى
 7: فما هذه البيضة ـأي الدرع ـ التي على رأسک ؟ قال : بها أتوقّى دعوة المؤمنين ، قال : فما هذه الحديدة التي أرى فيها؟ قال : بهذه أقلب قلوب الصالحين ، فقال يحيى  7: فهل ظفرت بي ساعة قطّ ؟ قال : لا ولكن فيک خصلة تعجبني . قال يحيى : فما هي ؟ قال : أنت رجل أكول فإذا أفطرت أكلت وبشمت ـأي شبعت ـ فيمنعک ذلک من بعض صلاتک وقيامک بالليل ، قال يحيى  7: فإنّي اُعطي الله عهدآ أنّي لا أشبع من الطعام حتّى ألقاه ، قال له إبليس : وأنا اُعطي الله عهدآ أنّي لا أنصح مسلمآ حتّى ألقاه ، ثمّ خرج فما عاد إليه بعد ذلک[11] .

 

عن عبد السلام ، عن أبي عبد الله  7، قال : قال : يا عبد السلام احذر الناس ونفسک . فقلت : بأبي أنت واُمّي أمّا الناس فقد أقدر على أن أحذرهم ، وأمّا نفسي فكيف ؟ قال : إنّ الخبيث يسترق السمع يجيئک فيسترق ثمّ يخرج في صورة آدمي فيقول : قال عبد السلام ، فقلت : بأبي انت واُمّي هذا ما لا حيلة له ، قال : هو ذاک[12] .

 

عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال : كنّا بمنى مع رسول الله  9 إذ بصرنا برجل ساجد وراكع ومتضرّع ، فقلنا: يا رسول الله ما أحسن صلاته ؟ فقال  9 :
هو الذي أخرج أباكم من الجنّة ، فمضى إليه علي
 7 غير مكترث ، فزّه هزّة أدخل أضلاعه اليمنى في اليسرى واليسرى في اليمنى ، ثمّ قال : لأقتلنّک إن شاء الله تعالى ، فقال : لن تقدر على ذلک إلى أجل معلوم من عند ربّي ، ما لک تريد قتلي ؟ فوالله ما أبغضک أحد إلّا سبقت نطفتي إلى رحم اُمّه قبل نطفة أبيه ، ولقد شاركت مبغضيک في الأموال والأولاد، قال النبيّ  9: صدق يا علي ، لا يبغضک من قريش إلّا سفاحي ، ولا من الأنصار إلّا يهودي ، ولا من العرب إلّا دعيّ، ولا من سائر الناس إلّا شقي ، ولا من النساء إلّا سلقليقة وهي التي تحيض من دبرها، ثمّ أطرق مليّآ، ثمّ رفع رأسه فقال : معاشر الأنصار أعرضوا أولادكم على محبّة علي ، قال جابر بن عبد الله: فكنّا نعرض حبّ عليّ على أولادنا، فمن أحبّ عليآ  7 علمنا أنّه من أولادنا، ومن أبغض عليآ انتفينا منه[13] .

 

وعن أمير المؤمنين علي  7، قال : كنت جالسآ عند الكعبة فإذا شيخ محدودب قد سقط حاجباه على عينيه من شدّة الكبر وفي يده عكازة وعلى رأسه بُرنس أحمر، وعليه مدرعة من الشعر، فدنا إلى النبيّ  9 والنبيّ مسند ظهره على الكعبة ، فقال : يا رسول الله ادعُ لي بالمغفرة ، فقال النبيّ  9: خاب سعيک يا شيخ وضلّ علمک ، فلمّـا تولّى الشيخ قال لي : يا أبا الحسن أتعرفه ؟ قلت : لا، قال  : ذلک اللعين إبليس ، قال عليّ  7: فعدوت خلفه حتّى لحقته وصرعته إلى الأرض وجلست على صدره ووضعت يدي في حلقه لأخنقه فقال لي : لا تفعل يا أبا الحسن فإنّي من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم ، والله يا عليّ إنّي لاُحبّک جدّآ، وما أبغضک
أحد إلّا شركت أباه في اُمّه فصار ولد زنا، فضحكت وخلّيت سبيله
[14] .

 

قال أبو عبد الله  7: صعد عيسى  7 على جبل بالشام يقال له : أريحا، فأتاه إبليس في صورة ملک فلسطين فقال له : يا روح الله أحييت الموتى وأبرأت الأكمه والأرص ، فاطرح نفسک عن الجبل ، فقال  7: إنّ ذلک اُذن لي ، وإنّ هذا لم يؤذن لي فيه[15] .

 

وعنه  7 قال : جاء إبليس إلى عيسى فقال : أليس تزعم أنّک تحيي الموتى ؟ قال عيسى : بلى ، قال إبليس : فاطرح نفسک من فوق الحائط ، فقال عيسى  7: ويلک العبد لا يجرّب ربّه ، وقال إبليس : يا عيسى ، هل يقدر ربّک على أن يدخل الأرض في بيضة والبيضة كهيئتها؟ فقال : إنّ الله تعالى عزّ وعلا، لا يوصف بالعجز، والذي قلت لا يكون ـأي هو مستحيل في نفسه كجمع الضدّين ـ.

وآخر يوم يتمثّل إبليس هو ما جاء في خبر إسحاق بن عمّـار، قال : سألت أبا عبد الله  7 عن قول إبليس : (رَبِّ فَأنظِرْنِي إلَى يَوْمِ يُـبْعَثُونَ * قَالَ فَإنَّکَ مِنَ المُنظَرِينَ * إلَى يَوْمِ الوَقْتِ المَعْلُومِ )[16] ، قال له وهب : جعلت فداک أيّ يوم

هو؟ قال : يا وهب ، أتحسب أنّه يوم يبعث الله فيه الناس ؟ إنّ الله أنظره إلى يوم يبعث فيه قائمنا، فإذا بعث الله قائمنا كان في مسجد الكوفة ، وجاء إبليس حتّى يجثو بين يديه على ركبتيه فيقول : يا ويله من هذا اليوم ، فيأخذ بناصيته فيضرب عنقه ،
فذلک يوم الوقت المعلوم
[17] .

 

والشيطان يتمثّل بصورة إنسان ، فعن زرارة ، عن أبي جعفر  7، قال  : سمعته يقول : كان الحجّاج ابن شيطان يباضع ذي الردهة ، ثمّ قال : إنّ يوسف دخل على اُمّ الحجّاج فأراد أن يصيبها فقالت : أليس إنّما عهدک بذلک الساعة ؟ فأمسک عنها فولدت الحجّاج[18] .

 

قال أمير المؤمنين  7: لقد سمعت رنّة الشيطان حين اُنزل الوحي عليه  9، فقلت : يا رسول الله ما هذه الرنّة ؟ فقال : هذا الشيطان قد آيس من عبادته ، إنّک تسمع ما أسمع وترى ما أرى ، إلّا أنّک لست بنبيّ، ولكنّک وزير، وإنّک لعلى خير[19] .

 

عن أبي حمزة الثمالي ، عن الإمام زين العابدين عليّ بن الحسين  7، قال  : كان عابد من بني إسرائيل فقال إبليس لجنده : من له فإنّه قد غمّني ، فقال واحد منهم : أنا له ، فقال : في أيّ شيء؟ قال : اُزيّن له الدنيا، قال : لست بصاحبه ، قال الآخر: فأنا له ، قال : في أيّ شيء؟ قال : في النساء، قال : لست بصاحبه ، قال الثالث : أنا له ، قال : في أيّ شيء؟ قال : في عبادته ، قال : أنت له ، فلمّـا جنّه الليل طرقه فقال : ضيف ، فأدخله ، فمكث ليلته يصلّي حتّى أصبح ، فمكث ثلاثآ يصلّي ولا يأكل ولا يشرب ، فقال له العابد: يا عبد الله ما رأيت مثلک ، فقال له : إنّک لم تصب شيئآ من الذنوب وأنت ضعيف العبادة ، قال : وما الذنوب التي اُصيبها؟ قال : خذ أربعة دراهم فتأتي فلانة البغيّة فتعطيها درهمآ للحم ودرهمآ للشراب
ودرهمآ لطيبها ودرهمآ لها فتقضي لها فتقضي حاجتک منها؟ قال : فنزل وأخذ أربعة دراهم فأتى بابها فقال : يا فلانة يا فلانة ، فخرجت فلمّـا رأته قالت : مفتون والله، مفتون والله، قالت له : ما تريد؟ قال : خذي أربعة دراهم فهيّئي لي طعامآ وشرابآ وطيبآ وتعالي حتّى آتيک ، فذهبت فدارت فإذا هي بقطعة من حمار ميّت فأخذته ، ثمّ عمدت إلى بول عتيق فجعلته في كوز، ثمّ جاءت به إليه ، فقال : هذا طعامکِ ؟ قالت : نعم ، قال : لا حاجة لي فيه ، وهذا شرابکِ ؟ فلا حاجة لي فيه ، اذهبي فتهيّئي ، فتقذّرت جهدها، ثمّ جاءته فلمّـا شمّها قال : لا حاجة لي فيکِ ، فلمّـا أصبحت كتب على بابها: إنّ الله قد غفر لفلانة البغيّة بفلان العابد
[20] .

 

عن أبي عبد الله  7، قال : كان عابد في بني إسرائيل لم يقارف من أمر الدنيا شيئآ، فنخر إبليس نخرة فاجتمعت إليه جنوده ، فقال : من لي بفلان ؟ فقال بعضهم  : أنا، فقال : من أين تأتيه ؟ فقال : من ناحية النساء، قال : لست له لم يجرّب النساء، فقال له آخر: فأنا له ، قال : من أين تأتيه ؟ قال : من ناحية الشراب واللذّات ، قال : لست له ، ليس هذا بهذا، قال آخر: فأنا له ، قال : من أين تأتيه ؟ قال : من ناحية البرّ، قال : انطلق فأنت صاحبه ، فانطلق إلى موضع الرجل فقام حذاءه يصلّي ، قال : وكان الرجل ينام ، والشيطان لا ينام ، ويستريح والشيطان لا يستريح .

فتحوّل إليه الرجل وقد تقاصرت إليه نفسه واستصغر عمله ، فقال  : يا عبد الله بأي شيء قويت على هذه الصلاة ؟ فلم يجبه ، ثمّ عاد عليه فلم يجبه ، ثمّ عاد عليه فقال : يا عبد الله إنّي أذنبت ذنبآ وأنا تائب منه ، فإذا ذكرت الذنب قويت على الصلاة ، قال : فأخبرني بذنبک حتّى أعمله وأتوب ، فإذا فعلته قويت على
الصلاة ، فقال : ادخل المدينة فسل عن فلانة البغيّة فأعطها درهمين ونل منها، قال  : ومن أين لي درهمين ؟ ما أدري ما الدرهمين ؟ فتناول الشيطان من تحت قدمه درهمين فناوله إيّاهما، فقام فدخل المدينة بجلابيبه يسأل عن فلانة البغية ، فأرشدوه الناس وظنّوا أنّه جاء يعظها، فأرشدوه فجاء إليها فرمى إليها بالدرهمين وقال  : قومي ، فقامت فدخلت منزلها وقالت : ادخل ، وقالت : إنّک جئتني في هيئة ليس يؤتى مثلي في مثلها، فأخبرني بخبرک ، فأخبرها، فقالت له : يا عبد الله إنّ ترک الذنب أهون من طلب التوبة ، وليس كلّ من طلب التوبة وجدها، وإنّما ينبغي أن يكون هذا شيطانآ مثّل ذلک ، فانصرف فإنّک لا ترى شيئآ، فانصرف ، وماتت من ليلتها، فأصبحت فإذا على بابها مكتوب : احضروا فلانة فإنّها من أهل الجنّة ، فارتاب الناس فمكثوا ثلاثآ لا يدفنونها ارتيابآ في أمرها، فأوحى الله عزّ وجلّ إلى نبيّ من الأنبياء الا أعلمه إلّا موسى بن عمران
 7 أن ائتِ فلانة فصلّ عليها ومُر الناس أن يصلّوا عليها فإنّي قد غفرت لها، وأوجبت لها الجنّة ، بتثبيطها عبدي فلانآ عن معصيتي[21] .

 

وعن أبي جعفر  7، قال : كان قوم لوط من أفضل قوم خلقهم الله فطلبهم إبليس الطلب الشديد، وكان من فضلهم وخيرتهم أنّهم إذا خرجوا إلى العمل خرجوا بأجمعهم وتبقى النساء خلفهم ، لم يزل إبليس يعتادهم وكانوا إذا رجعوا خرّب إبليس ما يعملون ، فقال بعضهم لبعض : تعالوا نرصد هذا الذي يخرّب متاعنا، فرصدوه ، فإذا هو غلام أحسن ما يكون من الغلمان ، فقالوا له : أنت الذي تخرب متاعنا مرّة بعد اُخرى ، فأجمع رأيهم على أن يقتلوه ، فبيّتوه عند رجل ، فلمّـا
كان الليل صاح فقال له : ما لک ؟ فقال : كان أبي ينوّمني على بطنه ، فقال له : تعال فنم على بطني ، قال : فلم يزل يدلک الرجل حتّى علمه أن يفعل بنفسه ، فأوّلا علّمه إبليس والثانية علّمه هو، ثمّ انسلّ ففرّ منهم فأصبحوا فجعل الرجل يخبر بما فعل بالغلام ويعجبهم منه وهم لا يعرفونه ، فوضعوا أيديهم فيه حتّى اكتفى الرجال بعضهم ببعض ، ثمّ جعلوا يرصدون مارّة الطريق فيفعلون بهم حتّى تنكّب مدينتهم الناس ، ثمّ صار الشيطان إلى النساء فصيّر نفسه امرأة ، ثمّ قال : إنّ رجالكنّ يفعل بعضهم ببعض ؟ قالوا: نعم قد رأينا ذلک ، وكلّ ذلک يعظهم لوط
 7 ويوصيهم ، وإبليس يغويهم حتّى استغنى النساء بالنساء. الحديث طويل[22] .

 

فكان الشيطان يتمثّل للأنبياء والأولياء وغيرهم فيما سبق ، كحديثه مع نوح وما جرى بينهما في الكرم والنخل[23] ، وما جرى على أيوب من إبليس لعنه الله[24] ،

 

وما جرى بينه وبين موسى[25] ، وشكاية الشياطين الذين كانوا يعملون لسليمان بن

داود  7 إلى إبليس ، وما قال في جوابهم الذي صار سببآ للتشديد عليهم[26] ،

وشركته في قتل زكريا  7[27] ، وحديثه مع عيسى في إدخال البيضة في الأرض

وجوابه ، وعن أبي جعفر  7 قال : لقى إبليس (لعنه الله) عيسى بن مريم فقال : هل
نالني من حبائلک شيء؟ قال : جدّتک التي
(قَالَتْ رَبِّ إنِّي وَضَعْتُهَا اُنْثَى وَاللهُ أعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالاُنْثَى وَإنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإنِّي اُعِيذُهَا بِکَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ )[28] ، يعني كيف ينالک من حبائلي وجدّتک دعت حين ولدت

والدتک أن يعيذها الله وذرّيتها من شرّ الشيطان الرجيم وأنت من ذرّيتها[29] .

 

وقصّته يوم بدر، فعن الإمام الباقر  7: كان إبليس يوم بدر يقلّل المؤمنين في أعين الكفّار ويكثّر الكفّار في أعين الناس ، فشدّ عليه جبرئيل بالسيف فهرب منه وهو يقول : يا جبرئيل إنّي مؤجّل ، حتّى وقع في البحر[30] .

 

وكان صورته بصورة سُراقة بن مالک ، وللشيخ المفيد في ذلک كلام[31] .

 

وصيحته (لعنه الله) ليلة بيعة الأنصار: يا معشر قريش والعرب ، هذا محمّد  9 والصباة من الأوس والخزرج على جمرة العقبة يبايعونه على حربكم[32] .

 

واجتماعه مع كفّار قريش في دار الندوة للمشاورة في أمر النبيّ  9[33] .

 

وتمثّله في دار الندوة بصورة أعور ثقيف[34] .

 

وصيحته يوم اُحد: قتل رسول الله  9[35] .

 



ونداؤه (لعنه الله) حين وفاة النبيّ  9: إنّ نبيّكم طاهر مطهّر، فادفنوه ولا تغسّلوه ، وجواب أمير المؤمنين  7: إخسأ عدوّ الله، فإنّه أمرني بغسله وكفنه ودفنه وذاک سنّة[36] .

 

وظهوره لسلمى بنت عمرو وقوله لها: إنّ هاشم بن عبد مناف رجل ملول للنساء كثير الطلاق جبان في الحروب ، لئلّا ترغب في هاشم حين جاء خاطبآ لها[37] ،

وبكاء إبليس حين ذكر هاشم ما يمهره لسلمى وقوله لأبيها: اطلب الزيادة ، فروي أنّه كلّما زاد هاشم أشار إبليس بالزيادة ، وكان (لعنه الله) بصورة شيخ في جملة من حضر النكاح مع اليهود إلى أن صابح به أبو سلمى وقال : يا شيخ السوء اخرج[38] .

 

وهذا يدلّ على أنّ من يزيد في مهر النساء فإنّه من النعرات الشيطانية ، فتدبّر.

وقول أمير المؤمنين  7 له حين رآه بصورة شيخ وكان يصلّي فهزّه هزّة أدخل أضلاعه اليمنى في اليسرى واليسرى في اليمنى ، فقال  7: لأقتلنّک إن شاء الله[39] .

 

وإغوائه مرحب اليهودي حين فرّ من مبارزة أمير المؤمنين  7 خوفآ ممّـا حذّرته ظئره[40] .

 



وبيعته في السقيفة لبعض أعداء الله على صورة شيخ كبير متوكّئآ على عصاه بين عينيه سجّادة شديد التشمير[41] .

 

ووقوفه على باب فاطمة وعلي  8 وسؤاله أن يطعموه ممّـا كانوا يأكلون من طعام الجنّة .

وقول رسول الله  9: إنّها لمحرمة على هذا السائل ، وقول إبليس لرسول الله: اشتقت إلى رؤية علي  7 فجئت آخذ منه الحظّ الأوفر، وأيم الله إنّي من أودّائه وإنّي لاُواليه[42] .

 

وتمثّله بصورة الفيلة في المسجد الحرام ، وبصورة شيخ محدودب قد سقط حاجباه على عينيه يسأل النبيّ  9 أن يدعو له بالمغفرة ، وبصورة رجل راكع ساجد متضرّع بمنى ، وبصورة راعٍ على جبل بقرب المدينة ، وسؤال أمير المؤمنين  7 إيّاه : هل مرّ بک رسول الله؟ وجوابه : ما لله من رسول ، فأخذ علي  7 جندله ، وفي رواية اُخرى : فغضب علي  7 وتناول حجرآ ورماه فأصاب بين عينيه ، فصرخ الراعي فإذا الجبل قد امتلأ بالخيل والرَّجِل ، فما زالوا يرمونه بالجندل ، واكتنف عليآ طائران أبيضان ، فما زال يمضي ويرمونه حتّى لقي رسول الله  9، فأخبره : إنّ الراعي إبليس ، والطائران : جبرئيل وميكائيل[43] .

 

وهناک حكايات كثيرة ومثيرة للإعجاب وللتأمّل ، وللموعظة والتدبّر، لم نتعرّض لها طلبآ للاختصار.


 

 

 



[1] ()  إبراهيم : 22.

[2] ()  البحار :60 285.

[3] ()  البحار :60 223، عن الخصال .

[4] ()  البحار :60 246، عن علل الشرائع .

[5] ()  البحار :60 242، عن معاني الأخبار.

[6] ()  الروم : 12.

[7] ()  البحار :60 242، عن معاني الأخبار.

[8] ()  الأعراف : 172.

[9] ()  البحار :60 208، والآية من سورة الإسراء: 64.

[10] ()  البحار :60 209.

[11] ()  البحار :60 224.

[12] ()  البحار :60 221، عن تفسير العياشي .

[13] ()  البحار :60 237، عن علل الشرائع .

[14] ()  المصدر، عن العيون .

[15] ()  البحار :60 252.

[16] ()  ص : 79 ـ 81.

[17] ()  البحار :60 254، عن تفسير العياشي .

[18] ()  المصدر نفسه .

[19] ()  المصدر، عن نهج البلاغة .

[20] ()  البحار :60 270.

[21] ()  البحار :60 278، عن روضة الكافي .

[22] ()  البحار :60 278، عن الكافي :5 544.

[23] ()  البحار :11 292.

[24] ()  المصدر :12 340.

[25] ()  المصدر :13 323.

[26] ()  المصدر :14 72.

[27] ()  المصدر :14 179.

[28] ()  آل عمران : 36.

[29] ()  السفينة :1 376.

[30] ()  البحار :19 304.

[31] ()  المصدر :19 255.

[32] ()  البحار :19 48 + 13.

[33] ()  المصدر :19 47 ـ 57.

[34] ()  المصدر :38 169.

[35] ()  المصدر :20 94.

[36] ()  البحار :22 541.

[37] ()  المصدر :15 44.

[38] ()  المصدر :15 47.

[39] ()  المصدر :18 89.

[40] ()  المصدر :21 9.

[41] ()  البحار :28 263.

[42] ()  المصدر :37 102 + :43 78.

[43] ()  البحار :39 171 + 180.