العصمة بنظرة جديدة مجلة الکوثر الرابع والثلاثون - شهر رجب المرجب 1437هـ -2016م صحيفة صوت الكاظمين الشهرية العدد 207/206 النور الباهر بين الخطباء والمنابر قناة الکاظمين مصباح الهداية ونبراس الأخلاق بإدارة السید محمد علي العلوي الخصائص الفاطميّة على ضوء الثقلين الشباب عماد البلاد إجمال الكلام في النّوم والمنام المؤسسة الإسلامية العالمية التبليغ والإرشاد برعایة السید عادل العلوي صحیفة صوت الکاظمین 205-204 شهر رجب وشعبان 1437هـ الانسان على ضوء القرآن أخلاق الأنبياء في القرآن الكريم العلم الإلهامي بنظرة جديدة في رواق الاُسوة والقدوة الله الصمد في فقد الولد في رحاب اولى الألباب المأتم الحسیني الأسبوعي بإشراف السید عادل العلوي في دارالمحققین ومکتبة الإمام الصادق علیه السلام- إحیاء للعلم والعل نظرات في الإنسان الكامل والمتكامل مجلة الکوثر الثالث والثلاثون - شهر محرم الحرام 1437هـ -2015م نور العلم والعلم نور مقالات في رحاب الامام الحسين(ع)
اللغة
تابعونا...
فهرست کتاب‌‌ لیست کتاب‌ها
■ مقدّمة المحرّر
■ المقدّمة
■ اُمّ القرى في القرآن الكريم
■ ربط الحاضر بالماضي والمستقبل
■ اهتمام المسلمين بالقرآن
■ الشيعة والقرآن
■ إيران والقرآن
■ أوروبا والقرآن الكريم
■ ماهيّة القرآن
■ تحقيق مختصر عن ماهيّة القرآن
■ القرآن يشير إلى الطريق الصحيح
■ العمل بالقرآن عزّ للإنسان
■ القرآن هو النور الهادي
■ في القرآن كلّ العلوم
■ القرآن صائن لحياة الناس من التلف
■ أثر حفظ وتلاوة القرآن الكريم في إصلاح الفرد والمجتمع
■ معطيات المدرسة القرآنية
■ تعلّم القرآن والتفقّه فيه
■ توقير القرآن الكريم
■ أنصار كربلاء حفّاظ القرآن
■ متطلّبات تلاوة القرآن واستماعه
■ حملة القرآن
■ آداب التلاوة
■ ١ ـ النيّة الصادقة
■ ٢ ـ تنظيف الفم
■ ٣ ـ الاستعاذة ، والبسملة
■ ٤ ـ الدعاء عند أخذ القرآن و عند الفراغ منه
■ ٥ ـ الترتيل ٦٩
■ ٦ ـ رعاية التجويد وإعراب القرآن
■ ٧ ـ الصوت الحسن
■ ٨ ـ النظر في المصحف الشريف
■ ٩ ـ الذكر المناسب عند الآيات
■ ١٠ ـ التدبّر
■ ١١ ـ الخشوع والحزن والبكاء
■ ١٢ ـ استماع القرآن وأدبه
■ ثواب القرآن الكريم
■ أصناف القرّاء
■ واجبات المسلم تجاه القرآن
■ القرآن في القرآن
■ القرآن في كلام المعصومين :
■ القرآن على لسان النبيّ الأعظم محمّد ٩
■ اقرأ وارقأ
■ قارئ القرآن محفوف بالرحمة والسكينة والملائكة
■ دواء عدم نسيان القرآن
■ حملة القرآن
■ تحدّث مع ربّک
■ تعلّم القرآن واعمل به
■ أمير المؤمنين عليّ ٧ والقرآن
■ الزهراء سيّدة النساء ٣ والقرآن
■ الإمام المجتبى ٧ والقرآن
■ السبط الشهيد ٧ والقرآن
■ الإمام السجّاد ٧ والقرآن
■ باقر العلوم ٧ والقرآن
■ الإمام الصادق ٧ والقرآن
■ الإمام الكاظم ٧ والقرآن
■ الإمام الرضا ٧ والقرآن
■ جواد الأئمة ٧ والقرآن
■ الإمام النقي ٧ والقرآن
■ الإمام العسكري ٧ والقرآن
■ الإمام الحجّة المنتظر ٧ والقرآن
■ الخاتمة
  1. النوران الزهراء والحوراء
  2. الأقوال المختارة في احکام الصلاة سنة 1436هـ
  3. الکافي في اصول الفقه سنة 1436هـ
  4. في رحاب الخير
  5. الغضب والحلم
  6. إیقاظ النائم في رؤیة الامام القائم
  7. الضيافة الإلهيّة وعلم الامام
  8. البداء بين الحقيقة والافتراء
  9. سيماء الرسول الأعظم محمّد (ص) في القرآن الكريم
  10. لمعة من النورین الامام الرضا (ع) والسیدة المعصومة(س)
  11. الدوّحة العلوية في المسائل الافريقيّة
  12. نور الآفاق في معرفة الأرزاق
  13. الوهابية بين المطرقة والسندانه
  14. حلاوة الشهد وأوراق المجدفي فضيلة ليالي القدر
  15. الوليتان التكوينية والتشريعية ماذا تعرف عنها؟
  16. الصّارم البتّار في معرفة النور و النار
  17. بريق السعادة في معرفة الغيب والشهادة
  18. الشخصية النبوية على ضوء القرآن
  19. الزهراء(س) زينة العرش الإلهي
  20. مقالات في رحاب الامام الحسين(ع)
  21. نور العلم والعلم نور
  22. نظرات في الإنسان الكامل والمتكامل
  23. دروس الیقین فی معرفة أصول الدین
  24. في رحاب اولى الألباب
  25. الله الصمد في فقد الولد
  26. في رواق الاُسوة والقدوة
  27. العلم الإلهامي بنظرة جديدة
  28. أخلاق الأنبياء في القرآن الكريم
  29. الانسان على ضوء القرآن
  30. إجمال الكلام في النّوم والمنام
  31. العصمة بنظرة جديدة
  32. الشباب عماد البلاد
  33. الخصائص الفاطميّة على ضوء الثقلين
  34. النور الباهر بين الخطباء والمنابر
  35. التوبة والتائبون علی ضوء القرآن والسنّة
  36. القصاص علی ضوء القرآن والسّنة الجزء الثاني
  37. القصاص على ضوء القرآن والسنّة الجزء الثالث
  38. القول الرشید فی الإجتهاد و التقلید 2
  39. القول الرشيد في الاجتهاد والتقليد 1
  40. القصاص على ضوء القرآن والسنّة الجزء الاول
  41. الأقوال المختارة في أحكام الطهارة الجزء الأوّل
  42. أحكام السرقة على ضوء القرآن والسنّة
  43. الهدى والضلال على ضوء الثقلين
  44. في رحاب حديث الثقلين
  45. المأمول في تكريم ذرية الرسول 9
  46. عصمة الحوراء زينب 3
  47. عقائد المؤمنين
  48. النفحات القدسيّة في تراجم أعلام الكاظميّة المقدّسة
  49. قبس من أدب الأولاد على ضوء المذهب الإمامي
  50. حقيقة الأدب على ضوء المذهب
  51. تربية الاُسرة على ضوء القرآن والعترة
  52. اليقظة الإنسانية في المفاهيم الإسلامية
  53. هذه هی البرائة
  54. من لطائف الحجّ والزيارة
  55. مختصر دليل الحاجّ
  56. حول دائرة المعارف والموسوعة الفقهية
  57. رفض المساومة في نشيد المقاومة
  58. لمحات قراءة في الشعر والشعراء على ضوء القرآن والعترة :
  59. لماذا الشهور القمرية ؟
  60. فنّ الخطابة في سطور
  61. ماذا تعرف عن العلوم الغريبة
  62. منهل الفوائد في تتمّة الرافد
  63. سهام في نحر الوهّابية
  64. السيف الموعود في نحراليهود
  65. لمعة من الأفكار في الجبر والاختيار
  66. ماذا تعرف عن الغلوّ والغلاة ؟
  67. الروضة البهيّة في شؤون حوزة قم العلميّة
  68. النجوم المتناثرة
  69. شهد الأرواح
  70. المفاهيم الإسلامية في اُصول الدين والأخلاق
  71. مختصر دليل الحاجّ
  72. الشهيد عقل التاريخ المفكّر
  73. الأثر الخالد في الولد والوالد
  74. الجنسان الرجل والمرأة في الميزان
  75. الشاهد والمشهود
  76. محاضرات في علم الأخلاق القسم الثاني
  77. مقتل الإمام الحسين 7
  78. من ملكوت النهضة الحسينيّة
  79. في ظلال زيارة الجامعة
  80. محاضرات في علم الأخلاق
  81. دروس في علم الأخلاق
  82. كلمة التقوى في القرآن الكريم
  83. بيوتات الكاظميّة المقدّسة
  84. على أبواب شهر رمضان المبارک
  85. من وحي التربية والتعليم
  86. حبّ الله نماذج وصور
  87. الذكر الإلهي في المفهوم الإسلامي
  88. السؤال والذكر في رحاب القرآن والعترة
  89. شهر رمضان ربيع القرآن
  90. فاطمة الزهراء مشكاة الأنوار
  91. منية الأشراف في كتاب الإنصاف
  92. العين الساهرة في الآيات الباهرة
  93. عيد الغدير بين الثبوت والإثبات
  94. بهجة الخواصّ من هدى سورة الإخلاص
  95. من نسيم المبعث النبويّ
  96. ويسألونک عن الأسماء الحسنى
  97. النبوغ وسرّ النجاح في الحياة
  98. السؤال والذكر في رحاب القرآن والعترة
  99. نسيم الأسحار في ترجمة سليل الأطهار
  100. لمحة من حياة الإمام القائد لمحة من حياة السيّد روح الله الخميني ومقتطفات من أفكاره وثورته الإسلاميّة
  101. قبسات من حياة سيّدنا الاُستاذ آية الله العظمى السيّد شهاب الدين المرعشي النجفي «قدّس سرّه الشريف »
  102. طلوع البدرين في ترجمة العلمين الشيخ الأعظم الأنصاري والسيّد الأمام الخميني 0
  103. رسالة من حياتي
  104. الكوكب السماوي مقدّمة ترجمة الشيخ العوّامي
  105. الكوكب الدرّي في حياة السيّد العلوي 1
  106. الشاكري كما عرفته
  107. كيف أكون موفّقآ في الحياة ؟
  108. معالم الصديق والصداقة في رحاب أحاديث أهل البيت
  109. رياض العارفين في زيارة الأربعين
  110. أسرار الحج والزيارة
  111. القرآن الكريم في ميزان الثقلين
  112. الشيطان على ضوء القرآن
  113. الاُنس بالله
  114. الإخلاص في الحجّ
  115. المؤمن مرآة المؤمن
  116. الياقوت الثمين في بيعة العاشقين
  117. حقيقة القلوب في القرآن الكريم
  118. فضيلة العلم والعلماء
  119. سرّ الخليقة وفلسفة الحياة
  120. السرّ في آية الاعتصام
  121. الأنفاس القدسيّة في أسرار الزيارة الرضويّة
  122. الإمام المهدي عجل الله تعالی فرجه الشریف وطول العمر في نظرة جديدة
  123. أثار الصلوات في رحاب الروايات
  124. رسالة أهل البيت علیهم السلام سفينة النجاة
  125. الأنوار القدسيّة نبذة من سيرة المعصومين
  126. السيرة النبوية في السطور العلوية
  127. إشراقات نبويّة قراءة موجزة عن أدب الرسول الأعظم محمّد ص
  128. زينب الكبرى (سلام الله علیها) زينة اللوح المحفوظ
  129. الإمام الحسين (علیه السلام) في عرش الله
  130. رسالة فاطمة الزهراء ليلة القدر
  131. رسالة علي المرتضى (علیه السلام) نقطة باء البسملة
  132. الدرّ الثمين في عظمة أمير المؤمنين - علیه السلام
  133. وميض من قبسات الحقّ
  134. البارقة الحيدريّة في الأسرار العلويّة
  135. رسالة جلوة من ولاية أهل البيت
  136. هذه هي الولاية
  137. رسالتنا
  138. دور الأخلاق المحمّدية في تحكيم مباني الوحدة الإسلاميّة
  139. أخلاق الطبيب في الإسلام
  140. خصائص القائد الإسلامي في القرآن الكريم
  141. طالب العلم والسيرة الأخلاقية
  142. في رحاب وليد الكعبة
  143. التقيّة في رحاب العَلَمَين الشيخ الأعظم الأنصاري والسيّد الإمام الخميني
  144. زبدة الأفكار في طهارة أو نجاسة الكفّار
  145. طالب العلم و السیرة الأخلاقیّة
  146. فاطمة الزهراء سلام الله علیها سرّ الوجود

تحقيق مختصر عن ماهيّة القرآن

تحقيق مختصر عن ماهيّة القرآن  :

قال تعالى  :

(وَقُرْآنآ فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلا)[1] .

 

وقال تعالى  :

(إنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنآ عَرَبِيّآ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَوَإنَّهُ فِي اُمِّ الكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ )[2] .

 

وقال تعالى  :

(كِتَابٌ اُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ)[3] .

 

إنّ من خلال نظرة فاحصة للايات المباركة أعلاه يتبيّن للناظر مراحل نشوء القرآن الكريم ، حيث كان في أصله كتاب محكم الآيات عالى القدر رفيع المنزلة (كِتَابٌ اُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ) وهو في اُمّ الكتاب ـاللوح المحفوظ ـ (لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ )، والمراد بعليّ وحكيم : رفيع القدر وعالي المنزلة من أن ترتقي له العقول وتناله ، لأنّه محكم غير مفصّل وغير مجزّأ إلى سور وآيات وجمل وكلمات ، إنّ هذين الوصفين أوجبا لهذا الكتاب المحكم أن يكون فوق العقول البشرية ، لأنّ العقل في فكره لا ينال إلّا ما كان من قبيل المفاهيم والألفاظ أوّلا، ومؤلّفآ من مقدّمات تصوّرية تصديقية يترتّب بعضها على بعض ثانيآ، كما في الآيات والجمل
القرآنية ، أمّا إذا كان الأمر وراء المفاهيم والألفاظ ، وغير متجزّئ إلى فصول وأجزاء، فلا سبيل أمام العقل لنيل شيء منه .

فهذا الكتاب في اللوح المحفوظ ذو مقام رفيع ، وإحكام تعجز عن إدراكه العقول .

والمراد من الإحكام هو في مقابل التفصيل : والتفصيل (ثُمَّ فُصِّلَتْ ) هو إيجاد الفصل بين أجزاء الشيء المتّصل بعضه ببعض والتفريق بينها بعدما كانت مندمجة في بعضها، ومن هنا يتّضح أنّ المراد بالإحكام ربط بعض الشيء ببعضه الآخر، وإرجاع كلّ طرف إلى طرف آخر بحيث يعود الجميع ـجميع الأبعاض والأطراف ـ شيئآ واحدآ بسيطآ غير ذي أجزاء، لكن هذا المعنى للإحكام إنّما يأتي في الأعيان الخارجية التي لها ما بإزاء ما في الخارج . أمّا المراد من (اُحْكِمَتْ ) في القرآن غير ما هو عليه في الأعيان الخارجية ، وإنّما المراد إحكام المعاني ، وإحكام المعاني المتكثّرة يعني إرجاعها إلى معنى واحد، وهذا الواحد هو الأصل المحفوظ فى الجميع .

وبكلمة اُخرى إنّ الآيات الكريمة على اختلاف مضامينها وتشتّت مقاصدها وأغراضها، ترجع جميعها إلى أصل واحد بسيط ، وغرض فارد أصلي ، لا تكثّر فيه ولا تشتّت ، بحيث لا تروم آية من الآيات الكريمة مقصدآ من المقاصد ولا ترمي إلى هدف من الأهداف إلّا والغرض الأصلي هو الروح السارية فيه . فليس للكتاب إلّا غرض واحد متوحّد، فإذا فصل كان في مورد أصلا دينيآ، وفي مورد أمرآ خلقيآ، وفي ثالث حكمآ شرعيآ، وهكذا، كلّما نزل وتنزّل من الاُصول إلى الفروع ومن الفروع إلى فروع اُخرى ، فإنّه لم يخرج من معناه الواحد المحفوظ في الجميع ولا يتخطّى غرضه .


وهذا الأصل الواحد بتركّبه يصير كلّ واحد واحد من تفاصيل العقائد والأخلاق والأعمال ، وهي بتحلّيها وإرجاعها إلى الروح السارية فيها الحاكمة على أجسادها تعود إلى ذلک الأصل الواحد.

فتوحيده تعالى بما يليق بساحة عزّه وكبريائه ، مثلا في مقام الاعتقاد هو إثبات أسمائه الحسنى وصفاته العليا.

وتوحيده في مقام الأخلاق هو التخلّق بالأخلاق الكريمة من الرضا والتسليم والشجاعة والعفّة والسخاء ونحو ذلک والاجتناب عن الصفات الرذيلة .

وتوحيده في مقام الأعمال والأفعال ، الإتيان بالأعمال الصالحة والورع عن محارم الله.

فالتوحيد الخالص هو: ما يوجب في كلّ مراتب العقائد والأخلاق والأعمال ما بيّنه الكتاب الإلهي من ذلک ، كما أنّ هذه المراتب أجزاؤها لا تتمّ من دون توحيد خالص .

إنّ الله تعالى بلطفه ويمنه على عباده أراد لهذا الكتاب أن يكون في متناول عقول البشرية ، فنزّله من تلک المراحل العليا :

(وَإنَّهُ فِي اُمِّ الكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ )[4] .

 

إلى مراحل يتمكّن معها الإنسان من تعقّل مطالبه  :

(وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلا)[5] .

 

بعد أن فصّله وجعله مقروءآ، لأنّ المراد بكلمة قرآن : مقروء، يعني اسم
مفعول ، ثمّ تلطّف ربّنا الكريم وجعل هذا المقروء عربيآ :

(إنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنآ عَرَبِيّآ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ )[6] .

 

وخلاصة المطلب : إنّ القرآن الكريم في مراحله العليا كان فوق إدراكات البشر وتعقّلاتهم ، لكنّ الله عزّ وجلّ نزّله ونزّله حتّى أخرجه من حال كونه محكمآ إلى التفصيل ، وجعل ذلک التفصيل عبارة عن موادّ تتمكّن منها العقول (لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ) ـأي ألفاظ ومفاهيم ـ ثمّ جعله عربيآ[7] .

 

لأنّ العربية أفضل لغة تملک السعة والشمولية التي بهما تتمكّن من بيان مطالب القرآن الكريم .

وبالرغم من هذا التنزّل في مراتب القرآن من تلک العلياء إلى هذه الألفاظ المكتوبة التي هي بين أيدينا اليوم ، فإنّه بالرغم من ذلک لم يتضاءل غرضه فهو باقٍ على نفس القوّة والقدرة ويحقّق نفس الهدف فهو يوصل من ارتبط به إلى تلک العليا، يوصله إلى الله تعالى ، فهو حبل ممدود له طرفان أحدهما بين أيدي الناس والآخر إلى عند الله تعالى ، من تمسّک به يجذبه إلى هناک ، وينتشله من عالم الكثرة والتفاوت إلى عوالم الغبطة والسرور ومقام الوحدة ، وكلّما ارتقى على أدراجه تتلاشى عنده التعدّدات وتتجلّى له الوحدة .

وهناک أمر مهمّ بل هو في غاية الأهمية ، وهو أنّ الله تعالى من تلک العلياء التي نزّل منها القرآن للبشر، نزّل معه عبادآ هم أساتذة وترجمان لهذا القرآن
الكريم ، رافقوا كلّ مراحل نشوئه ووعوه ووعته أرواحهم ، فحملوه محكمآ ومفصّلا، مجملا ومبيّنآ، فلا يتمكّن الإنسان العادي تخطّي هؤلاء الأساتذة الكرام الذين أنزلهم الله تعالى كاختصاصيين بالقرآن ، فلا بدّ لمن يريد أن يمسک بالقرآن ، عليه أن يأتي الاُستاذ أوّلا ـاُستاذ القرآن ـ وبدون ذلک يستحيل عليه الارتباط بالقرآن لأنّه كما جعله الله تعالى عربيآ، جعل الهادي والمرشد والمبيّن له هؤلاء الثلّة المصطفاة والمنتخبون من البشر أيضآ عُرُبآ. إنّ هؤلاء هم الأئمة الأطهار عليهم أفضل الصلوات والتسليم ، وإنّ هؤلاء الثلّة الطاهرة في كلّ زمان موجود منهم واحد، ولا يمكن أن يخلو منهم زمان ، فما دام القرآن موجودآ فهم موجودين ، ولا يمكن الأخذ بالقرآن دونهم ، ولا يمكن ترک القرآن والأخذ بهم ، بل لا بدّ من الاثنين معآ، فهما لا يفترقان في كلّ شيء، ومن أخذ بالاثنين معآ وعمل بما أخذ، فإنّه يتمكّن من السير على مدارج القرآن صعودآ، حتّى يصل إلى الدرجة التي يقال له عندها اقرأ وارقأ. وكان آخر ما يوصي به رسول الله
 9 هو التمسّک بهذين الثقلين القرآن والعترة الطاهرة ـالأئمة المعصومون ـ عليهم أفضل صلوات ربّي وتسليمه ... إنّها وصيّة قيّد بها رقاب الجميع ، وضمن لمن تمسّک بها عدم الضلال وعدم التيه مطلقآ وفي جميع الأحوال ولكلّ الأفراد، للعربي والهندي والغيني ، وفي جميع أحواله الاقتصادية والسياسية والتجارية والعسكرية ، أفرادآ ومجتمعات .

قال  9 في مواطن عديدة كما هو متواتر عند الفريقين ـالسنّة والشيعة ـ :

«إنّي تارکٌ فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدي أبدآ».

والحكيم يدرک أنّ العرب لو أدخلوا (لن ) على المضارع فإنّهم يريدون
بذلک التأبيد، فالرسول الكريم أراد للاُمّة عدم الضلال الأبدي ، وقد وردت كلمة (أبدآ) في بعض الروايات ، وهو تأكيد لقوله
 9.

لكنّ الآن للأسف الشديد نقولها وبقلوب تتوجّع بالألم ، رُفضت الوصيّة وصودرت مضامينها، وقال قائلهم : (إنّ الرجل ليهجر)، تجرّؤآ على رسول الله  9، ثمّ يتألّم قلب الرسول الكريم لهذا القول بعد أن أثار الجدل واللغط في ما بين المسلمين ، فطردهم الرسول من مجلسه وأخرجهم ، وبلا حياء يعود هذا القائل الأحمق ويقول : (حسبنا كتاب الله)، والأمر الذي يدمي القلوب أن لا أحد من المسلمين يفضّ هكذا فاه يجرؤ بهكذا كلام على شخصية الرسول المقدّسة ، فآل الأمر إلى ما نراه اليوم من انحطاط المسلمين وانتكاساتهم يومآ بعد يوم .

ولا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم .



[1] ()  الزخرف : 3 ـ 4.

[2] ()  هود: 1.

[3] ()  الزخرف : 4.

[4] ()  الإسراء: 106.

[5] ()  الزخرف : 3.

[6] ()  إلى هنا كان مأخوذآ من تفسير (الميزان ) للعلّامة السيّد محمّد حسين الطباطبائي قدّسالله نفسه الزكيّة .

[7] ()  المائدة : 15 ـ 16.