العصمة بنظرة جديدة مجلة الکوثر الرابع والثلاثون - شهر رجب المرجب 1437هـ -2016م صحيفة صوت الكاظمين الشهرية العدد 207/206 النور الباهر بين الخطباء والمنابر قناة الکاظمين مصباح الهداية ونبراس الأخلاق بإدارة السید محمد علي العلوي الخصائص الفاطميّة على ضوء الثقلين الشباب عماد البلاد إجمال الكلام في النّوم والمنام المؤسسة الإسلامية العالمية التبليغ والإرشاد برعایة السید عادل العلوي صحیفة صوت الکاظمین 205-204 شهر رجب وشعبان 1437هـ الانسان على ضوء القرآن أخلاق الأنبياء في القرآن الكريم العلم الإلهامي بنظرة جديدة في رواق الاُسوة والقدوة الله الصمد في فقد الولد في رحاب اولى الألباب المأتم الحسیني الأسبوعي بإشراف السید عادل العلوي في دارالمحققین ومکتبة الإمام الصادق علیه السلام- إحیاء للعلم والعل نظرات في الإنسان الكامل والمتكامل مجلة الکوثر الثالث والثلاثون - شهر محرم الحرام 1437هـ -2015م نور العلم والعلم نور مقالات في رحاب الامام الحسين(ع)
اللغة
تابعونا...
فهرست کتاب‌‌ لیست کتاب‌ها
■ مقدّمة المحرّر
■ المقدّمة
■ اُمّ القرى في القرآن الكريم
■ ربط الحاضر بالماضي والمستقبل
■ اهتمام المسلمين بالقرآن
■ الشيعة والقرآن
■ إيران والقرآن
■ أوروبا والقرآن الكريم
■ ماهيّة القرآن
■ تحقيق مختصر عن ماهيّة القرآن
■ القرآن يشير إلى الطريق الصحيح
■ العمل بالقرآن عزّ للإنسان
■ القرآن هو النور الهادي
■ في القرآن كلّ العلوم
■ القرآن صائن لحياة الناس من التلف
■ أثر حفظ وتلاوة القرآن الكريم في إصلاح الفرد والمجتمع
■ معطيات المدرسة القرآنية
■ تعلّم القرآن والتفقّه فيه
■ توقير القرآن الكريم
■ أنصار كربلاء حفّاظ القرآن
■ متطلّبات تلاوة القرآن واستماعه
■ حملة القرآن
■ آداب التلاوة
■ ١ ـ النيّة الصادقة
■ ٢ ـ تنظيف الفم
■ ٣ ـ الاستعاذة ، والبسملة
■ ٤ ـ الدعاء عند أخذ القرآن و عند الفراغ منه
■ ٥ ـ الترتيل ٦٩
■ ٦ ـ رعاية التجويد وإعراب القرآن
■ ٧ ـ الصوت الحسن
■ ٨ ـ النظر في المصحف الشريف
■ ٩ ـ الذكر المناسب عند الآيات
■ ١٠ ـ التدبّر
■ ١١ ـ الخشوع والحزن والبكاء
■ ١٢ ـ استماع القرآن وأدبه
■ ثواب القرآن الكريم
■ أصناف القرّاء
■ واجبات المسلم تجاه القرآن
■ القرآن في القرآن
■ القرآن في كلام المعصومين :
■ القرآن على لسان النبيّ الأعظم محمّد ٩
■ اقرأ وارقأ
■ قارئ القرآن محفوف بالرحمة والسكينة والملائكة
■ دواء عدم نسيان القرآن
■ حملة القرآن
■ تحدّث مع ربّک
■ تعلّم القرآن واعمل به
■ أمير المؤمنين عليّ ٧ والقرآن
■ الزهراء سيّدة النساء ٣ والقرآن
■ الإمام المجتبى ٧ والقرآن
■ السبط الشهيد ٧ والقرآن
■ الإمام السجّاد ٧ والقرآن
■ باقر العلوم ٧ والقرآن
■ الإمام الصادق ٧ والقرآن
■ الإمام الكاظم ٧ والقرآن
■ الإمام الرضا ٧ والقرآن
■ جواد الأئمة ٧ والقرآن
■ الإمام النقي ٧ والقرآن
■ الإمام العسكري ٧ والقرآن
■ الإمام الحجّة المنتظر ٧ والقرآن
■ الخاتمة
  1. النوران الزهراء والحوراء
  2. الأقوال المختارة في احکام الصلاة سنة 1436هـ
  3. الکافي في اصول الفقه سنة 1436هـ
  4. في رحاب الخير
  5. الغضب والحلم
  6. إیقاظ النائم في رؤیة الامام القائم
  7. الضيافة الإلهيّة وعلم الامام
  8. البداء بين الحقيقة والافتراء
  9. سيماء الرسول الأعظم محمّد (ص) في القرآن الكريم
  10. لمعة من النورین الامام الرضا (ع) والسیدة المعصومة(س)
  11. الدوّحة العلوية في المسائل الافريقيّة
  12. نور الآفاق في معرفة الأرزاق
  13. الوهابية بين المطرقة والسندانه
  14. حلاوة الشهد وأوراق المجدفي فضيلة ليالي القدر
  15. الوليتان التكوينية والتشريعية ماذا تعرف عنها؟
  16. الصّارم البتّار في معرفة النور و النار
  17. بريق السعادة في معرفة الغيب والشهادة
  18. الشخصية النبوية على ضوء القرآن
  19. الزهراء(س) زينة العرش الإلهي
  20. مقالات في رحاب الامام الحسين(ع)
  21. نور العلم والعلم نور
  22. نظرات في الإنسان الكامل والمتكامل
  23. دروس الیقین فی معرفة أصول الدین
  24. في رحاب اولى الألباب
  25. الله الصمد في فقد الولد
  26. في رواق الاُسوة والقدوة
  27. العلم الإلهامي بنظرة جديدة
  28. أخلاق الأنبياء في القرآن الكريم
  29. الانسان على ضوء القرآن
  30. إجمال الكلام في النّوم والمنام
  31. العصمة بنظرة جديدة
  32. الشباب عماد البلاد
  33. الخصائص الفاطميّة على ضوء الثقلين
  34. النور الباهر بين الخطباء والمنابر
  35. التوبة والتائبون علی ضوء القرآن والسنّة
  36. القصاص علی ضوء القرآن والسّنة الجزء الثاني
  37. القصاص على ضوء القرآن والسنّة الجزء الثالث
  38. القول الرشید فی الإجتهاد و التقلید 2
  39. القول الرشيد في الاجتهاد والتقليد 1
  40. القصاص على ضوء القرآن والسنّة الجزء الاول
  41. الأقوال المختارة في أحكام الطهارة الجزء الأوّل
  42. أحكام السرقة على ضوء القرآن والسنّة
  43. الهدى والضلال على ضوء الثقلين
  44. في رحاب حديث الثقلين
  45. المأمول في تكريم ذرية الرسول 9
  46. عصمة الحوراء زينب 3
  47. عقائد المؤمنين
  48. النفحات القدسيّة في تراجم أعلام الكاظميّة المقدّسة
  49. قبس من أدب الأولاد على ضوء المذهب الإمامي
  50. حقيقة الأدب على ضوء المذهب
  51. تربية الاُسرة على ضوء القرآن والعترة
  52. اليقظة الإنسانية في المفاهيم الإسلامية
  53. هذه هی البرائة
  54. من لطائف الحجّ والزيارة
  55. مختصر دليل الحاجّ
  56. حول دائرة المعارف والموسوعة الفقهية
  57. رفض المساومة في نشيد المقاومة
  58. لمحات قراءة في الشعر والشعراء على ضوء القرآن والعترة :
  59. لماذا الشهور القمرية ؟
  60. فنّ الخطابة في سطور
  61. ماذا تعرف عن العلوم الغريبة
  62. منهل الفوائد في تتمّة الرافد
  63. سهام في نحر الوهّابية
  64. السيف الموعود في نحراليهود
  65. لمعة من الأفكار في الجبر والاختيار
  66. ماذا تعرف عن الغلوّ والغلاة ؟
  67. الروضة البهيّة في شؤون حوزة قم العلميّة
  68. النجوم المتناثرة
  69. شهد الأرواح
  70. المفاهيم الإسلامية في اُصول الدين والأخلاق
  71. مختصر دليل الحاجّ
  72. الشهيد عقل التاريخ المفكّر
  73. الأثر الخالد في الولد والوالد
  74. الجنسان الرجل والمرأة في الميزان
  75. الشاهد والمشهود
  76. محاضرات في علم الأخلاق القسم الثاني
  77. مقتل الإمام الحسين 7
  78. من ملكوت النهضة الحسينيّة
  79. في ظلال زيارة الجامعة
  80. محاضرات في علم الأخلاق
  81. دروس في علم الأخلاق
  82. كلمة التقوى في القرآن الكريم
  83. بيوتات الكاظميّة المقدّسة
  84. على أبواب شهر رمضان المبارک
  85. من وحي التربية والتعليم
  86. حبّ الله نماذج وصور
  87. الذكر الإلهي في المفهوم الإسلامي
  88. السؤال والذكر في رحاب القرآن والعترة
  89. شهر رمضان ربيع القرآن
  90. فاطمة الزهراء مشكاة الأنوار
  91. منية الأشراف في كتاب الإنصاف
  92. العين الساهرة في الآيات الباهرة
  93. عيد الغدير بين الثبوت والإثبات
  94. بهجة الخواصّ من هدى سورة الإخلاص
  95. من نسيم المبعث النبويّ
  96. ويسألونک عن الأسماء الحسنى
  97. النبوغ وسرّ النجاح في الحياة
  98. السؤال والذكر في رحاب القرآن والعترة
  99. نسيم الأسحار في ترجمة سليل الأطهار
  100. لمحة من حياة الإمام القائد لمحة من حياة السيّد روح الله الخميني ومقتطفات من أفكاره وثورته الإسلاميّة
  101. قبسات من حياة سيّدنا الاُستاذ آية الله العظمى السيّد شهاب الدين المرعشي النجفي «قدّس سرّه الشريف »
  102. طلوع البدرين في ترجمة العلمين الشيخ الأعظم الأنصاري والسيّد الأمام الخميني 0
  103. رسالة من حياتي
  104. الكوكب السماوي مقدّمة ترجمة الشيخ العوّامي
  105. الكوكب الدرّي في حياة السيّد العلوي 1
  106. الشاكري كما عرفته
  107. كيف أكون موفّقآ في الحياة ؟
  108. معالم الصديق والصداقة في رحاب أحاديث أهل البيت
  109. رياض العارفين في زيارة الأربعين
  110. أسرار الحج والزيارة
  111. القرآن الكريم في ميزان الثقلين
  112. الشيطان على ضوء القرآن
  113. الاُنس بالله
  114. الإخلاص في الحجّ
  115. المؤمن مرآة المؤمن
  116. الياقوت الثمين في بيعة العاشقين
  117. حقيقة القلوب في القرآن الكريم
  118. فضيلة العلم والعلماء
  119. سرّ الخليقة وفلسفة الحياة
  120. السرّ في آية الاعتصام
  121. الأنفاس القدسيّة في أسرار الزيارة الرضويّة
  122. الإمام المهدي عجل الله تعالی فرجه الشریف وطول العمر في نظرة جديدة
  123. أثار الصلوات في رحاب الروايات
  124. رسالة أهل البيت علیهم السلام سفينة النجاة
  125. الأنوار القدسيّة نبذة من سيرة المعصومين
  126. السيرة النبوية في السطور العلوية
  127. إشراقات نبويّة قراءة موجزة عن أدب الرسول الأعظم محمّد ص
  128. زينب الكبرى (سلام الله علیها) زينة اللوح المحفوظ
  129. الإمام الحسين (علیه السلام) في عرش الله
  130. رسالة فاطمة الزهراء ليلة القدر
  131. رسالة علي المرتضى (علیه السلام) نقطة باء البسملة
  132. الدرّ الثمين في عظمة أمير المؤمنين - علیه السلام
  133. وميض من قبسات الحقّ
  134. البارقة الحيدريّة في الأسرار العلويّة
  135. رسالة جلوة من ولاية أهل البيت
  136. هذه هي الولاية
  137. رسالتنا
  138. دور الأخلاق المحمّدية في تحكيم مباني الوحدة الإسلاميّة
  139. أخلاق الطبيب في الإسلام
  140. خصائص القائد الإسلامي في القرآن الكريم
  141. طالب العلم والسيرة الأخلاقية
  142. في رحاب وليد الكعبة
  143. التقيّة في رحاب العَلَمَين الشيخ الأعظم الأنصاري والسيّد الإمام الخميني
  144. زبدة الأفكار في طهارة أو نجاسة الكفّار
  145. طالب العلم و السیرة الأخلاقیّة
  146. فاطمة الزهراء سلام الله علیها سرّ الوجود

واجبات المسلم تجاه القرآن

واجبات المسلم تجاه القرآن

 

 

إنّ في أعماق الإنسان العديد من الغرائز، منها: غريزة الحبّ والعاطفة والعقل والفكر والإدراک والحفظ والتقليد والعقيدة والشهوة والدين وغيرها.

وهناک بعض الغرائز تولد في الإنسان ، وكثيرآ ما يقع الصراع والصدام بين غريزتين أو أكثر، مثلا يقع الصراع بين العاطفة والعقيدة ، أو بين العقيدة والعقل ، فإذا تغلّبت العاطفة يصاب العقل بالشلل فيتعطّل هو والعقيدة عن العمل ، ولذا نجد أنّ الله سبحانه وتعالى يكرّر قوله تعالى : (ولكنّ أكثرهم ، أكثر الناس لا يعقلون ، لا يؤمنون ، لا يتفكّرون ، لعلّهم يتفكّرون ).

فإذا لم يتدارک الإنسان جماح عقله وعاطفته ، فإنّه سينتهي إلى الانحراف عن جادّة العقل والصواب والرشاد، ويترسّخ الانحراف في أعماقه ، ويصعب حينئذٍ تقويمه ، ويصبح عرضةً وغرضآ للأمراض والمبادي المتقاطعة والمتنافية مع الدين ، وبدلا من أن يتبلور في أعماقه الإسلام ، وينضج ليفجّر عملا في جوارحه عن جوانحه ، نراه يفرغ عن إلحاد وكفر وفسق ونفاق ، ويصبح مادّة قابلة لأيّ صورة من صور هذه الأمراض المهلكة . إذن يجب أن تنمّى عاطفة وعقل الإنسان ، ويوجّه إدراكه نحو الدين والتديّن منذ طفولته وتبقى التنمية والمداراة
ترافقه طيلة مراحل حياته حتّى مماته . فنفسه مادة خام ، وصفحة بيضاء، وأرض خصبة غير مزروعة ، فإن تركت وشأنها تغلّبت عليها الأملاح وأفسدتها، وعشّشت فيها الأشواک والحشائش غير النافعة والضارّة ، وتبدأ جذورها تمتدّ في عمق تلک التربة الطيّبة والأرض الخصبة ، بكلّ سهولة ويسر لأنّه لا يوجد ما يعيق نموّها وتطفّلها، ولا يوجد من يصلح هذه الأرض المفيدة ، أمّا إذا بذرت فيها من أوّل الأمر اُصول الخير ومبادئ الدين والأخلاق والعقيدة ، فإنّها حتمآ ستنبت أشجار المحبّة والسعادة ، وكلّما حرّكت أغصانها نسائم الصيف أو الشتاء، فإنّها ستمطر المجتمع بثمار لذيذة الطعم كبيرة الفائدة .

وإليک أن تنظر إلى اُولئک الشبّان والأشبال اليافعين الذين لا زالوا وهم في عمر الزهور لكنّهم حفظوا القرآن عن ظهر قلب ، وحفظوا الأشعار العرفانية والحاملة للمفاهيم العقائدية والتاريخية ، وحفظوا كلام أهل البيت ، فترى في كلّ منهم رغم صغر سنّه ، أنّه مدرسة متجوّلة تحيي القلوب وترهف الأحاسيس ، حتّى أنّه مؤخّرآ عقد في مدينة كرمانشاه ـإيران ـ مؤتمرآ عظيمآ للقرآن يتبارى فيه حفّاظ القرآن فيما بينهم ويتسابقون ، وعدد يربو على الألف وقد استمرّ لمدّة ثلاثة أيام حضر جمع غفير من الناس ، وقد أعطى هذا المؤتمر وجهآ جديدآ للمحافظة ، وهو لا يشبه سائر المؤتمرات . وكلّ العالم رأى كيف أنّ الشابّ القارئ (كريم المنصوري ) عندما تلى آيات القرآن الكريم في صالة اجتماعات رؤساء الدول الإسلامية في مؤتمر منظمة الدول الإسلامية ، كيف أنّه أبكى الجميع ، وجذبهم إلى علياء القرآن من أعماق قلوبهم ، رغم الكمّ الهائل من الركام على قلوب الكثير منهم ، لكنّ الدموع فضحتهم جميعآ، وبيّنت لهم أنّ القرآن فوق الجميع ، فوق العواطف والعقول والأحاسيس .


إذن تنمية روح الطفل دينيآ منذ نعومة أظفاره ، تكوّن المادّة الحيّة في نفسه ، بهيئةٍ إيمانية راسخة ، بحيث لا تتأثّر بالمضادّات الفاسدة والمنحرفة .

قال أمير المؤمنين عليه أفضل السلام وأتمّه  :

«ولقد علمتم موضعي من رسول الله  6 بالقربة القريبة والمنزلة الخصيصة ، وضعني في حجره وأنا وليد، يضمّني إلى صدره ، ويكنفني إلى فراشه ، ويمسّني جسمه (جسده )، ويشمّني عرفه ـريحه ـ وكان يمضغ الشيء ثمّ يلقمنيه ».

وهدف رسول الله  9 من هذه الأعمال مع عليّ عليه أفضل الصلاة والسلام في طفولته ، هو أن تكون روح النبوّة الطاهرة غذاءً لروح الإمامة والوصاية ، ولكي تنتقل الملكات النبويّة الكريمة والزكية الطاهرة إلى روح وجسم الإمام  7. لذا ظلّت تلک اليد الكريمة ، تغذّي أمير المؤمنين  7 وتشرف عليه قائمآ وقاعدآ ونائمآ ويقظآ، حتّى صار عليّ  7 «روح النبيّ التي بين جنبيه ، وكان منه كنفسه ».

قال  9 :

«عليّ روحي »، «عليّ نفسي ».

وقال ذلک القرآن مؤكّدآ بيان النبىّ في آية المباهلة  :

(فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أبْنَاءَنَا وَأبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأنْفُسَنَا وَأنْفُسَكُمْ )[1] .

 

والمراد بالأنفس هو أمير المؤمنين ، خليفة الرسول عليّ  7، فنفس الإمام
هي نفس رسول الله
 9 جسمآ وروحآ ويقينآ، وفد فعلها النبيّ مع الحسين  7، كما فعلها مع أبيه أمير المؤمنين عليهم جميعآ آلاف التحيّة والسلام ، فوضع إبهامه في فم أبي عبد الله ليمتصّ روح النبوّة الشريفة ، وليكون الابن نفس الجدّ ونفس الأب ، ولكي تستمرّ الإمامة في صلبه ، ولم يقل رسول الله  9 لعليّ جزافآ :

«أنت أخي ووصيّي ووارثي ، لحمک لحمي ، ودمک دمي ، والإيمان مخالط لحمک ودمک كما خالط لحمي ودمي ».

وقال  9 العبارة نفسها بحقّ الحسين  7 :

«حسين منّي وأنا من حسين ، لحمه لحمي ، ودمه دمي ، من آذاه فقد آذاني ، ومن برّه فقد برّني ».

لقد أثمرت تربية الرسول  9 قد أثمرت الحسن والحسين ومحمّد بن الحنفيّة والعباس وزينب الكبرى .

العبّاس الذي عندما قطعت يمينه يقولها بملء فمه  :

والله إن قطعمتوا يميني         إنّي اُحامي أبدآ عن ديني

وعن إمامٍ صادق اليقين         نجل النبيّ الطاهر الأمين

وإذا كان القول المشهور: «الإسلام محمّدي الوجود، حسينيّ البقاء»، فإنّي اُضيف له : «حسيني وزينبي البقاء». فلولا تضحيات الحوراء زينب التي أهدت كربلاء ولدين غيورين ، ذبحا بين يدي أخيها أبي عبد الله، ثمّ صبرها العظيم وعقلها وتفكّرها، إنّها تضحيات كتضحيات الزهراء البتول التي وصفتها بأنّها لو وضع على الأيام لصرن لياليا، ولو وضعت على الجبال لصرن رواسيا، فلم يكن للإسلام اسم لولا تضحيات زينب  3، لقد أهّلها الخالق جلّ وعلا بقدرات لم تكن لنبيّ أو وصيّ، ووهبها قابليات تكوينية بحيث أومأت على الناس
في الكوفة أن اسكتوا، فخمدت الأنفاس وسكتت الأجراس ، إنّه غذاء النبوّة المنتقل بفيض عليّ
 7.

وقد أثمرت التربية المحمّدية للحسين  7 عليّ الأكبر الذي وهب شبابه الزاهر لشجرة الإسلام الطيّبة ، وأثمرت كذلک زين العابدين ـعلي الأوسط ـ امتداد النبوّة والخلافة الإلهية على وجه الأرض ، ولولاه ـأي لو قتله يزيد لعنه الله في تلک المعركة ـ لانتهت البشرية وساخت الأرض وانتهى كلّ شيء، بوجوده كان يقيم ما يعوّجه بني اُميّة عليهم لعائن الله، وأثمرت أيضآ لأبي عبد الله الحسين  7 رضيعآ ـعليّ الأصغر (عبد الله)ـ ذبح يوم عاشوراء، ويرتفع دمه الطاهر إلى السماء دون أن تسقط منه قطرة واحدة ، بل وشّح الإمام بحمرةٍ تتكلّم كلّ يوم وتنادي «أين الطالب بدم المقتول بكربلاء»، وتأتي ثمار التربية المحمّدية والغذاء النبوي لأبي عبد الله الحسين  7 فتكون تلک الثمار الأئمة الأطهار الغرّ الميامين آخرها «الطالب المندوب ، وغياث المستغيثين ، صاحب العدل ، ومقيم القسط ، ومبيد العتاة والمردة ، الحجّة بن الحسن العسكري » إمامنا ومولانا ومقتدانا ومطلوبنا ومعشوقنا عجّل الله تعالى فرجه الشريف ، ليملأ الله تعالى به الأرض عدلا وقسطآ، ويمحو الظلم والشقاء.

إذن التربية الدينية منذ الصغر لها من الأهمية ما ليس له نظير، بل هي الأصل والأساس المرسّخ للإيمان والعلم النافع والعمل الصالح «العلم في الصغر كالنقش على الحجر»، ويكون هذا العلم لازم غير مفارق لذلک الإنسان ما دام على قيد الحياة . فتنمية روح الطفل وقلبه قرآنيآ ودينيآ يكون المادّة الحيّة في جسمه وقلبه وعقله وتمنحه مناعة إيمانية قوية وراسخة غير متزعزعة أمام الأهوال والعواصف ، وبمختلف الظروف وتقلّبات الاُمور، لأنّ جذورها تمركزت
في القلب .

قال الإمام الباقر  7 :

«القلوب ثلاثة  :

1 ـ قلب منكوس لا يعثر فيه على شيء من الخير، وهو قلب الكافر.

2 ـ وقلب فيه نكتة ـنقطة ـ سوداء، فالخير والشرّ فيه يعتلجان ، فما كان منه أقوى غلب عليه .

3 ـ وقلب مفتوح ، فيه مصباح يزهر لا يطفأ نوره إلى يوم القيامة ، وهو قلب المؤمن ».

وقال الإمام الصادق  7 :

«إزالة الجبال أهون من إزالة قلب عن موضعه ـأي إزالة الإيمان عن قلب مؤمن ـ».

ولمّا كنّا شيعة النبيّ وعليّ والحسن والحسين صلّى الله عليهم أجمعين ، يجب علينا أن نتأسّى بهم ونسير وفق مسيرهم ومنهجهم المبارک ، للتخلّص من هذه التيارات الإلحادية الفاسدة ، شرقيّها وغربيّها، والتي تهبّ من هنا تارة ومن هنا اُخرى ، واُخرى ثالثة تهبّ في جميع الجهات ، فلكي نصون أنفسنا وأولادنا وذرّياتنا من سموم الفلسفات المادية الفاسدة ، ونحفظهم من شرّها وغدرها، يلزم أن نعدّ النفسية والأرضية الطيّبة لتقبّل كلّ ما هو صالح ومفيد، ونبتعد عن كلّ ما هو دنيء ورديء، وبذلک ستثمر لنا الخلق الحسن والمسلک القويم ، وتكون لنا غيثآ يسقي ربيع قلوبنا، ومصباحآ ينير ويرشد أنفسنا وعقولنا وعواطفنا إلى شاطئ السلام والكرامة والأمان .

يقول صادق أهل البيت عليهم جميعآ آلاف التحيّة والسلام  :


«من قرأ القرآن وهو شابّ مؤمن اختلط القرآن بلحمه ودمه ، وجعله الله مع السَفَرَة الكرام ، وكان عنه ـالقرآن ـ مجيزآ وحجيجآ يوم القيامة ».

فالله تعالى أعطانا دستور عمل لو سرنا بموجبه وعلى هديه ، لسلمنا نحن وأجيالنا من شرّ كلّ فاسد ومفسد :

(وَهَذَا كِتَابٌ أنزَلْنَاهُ مُبَارَکٌ فَاتَّبِعُوهُ وَآتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ )[2] .

 

وفي مكان آخر قال تعالى  :

(وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ )[3] .

 

إذن الجدير بنا أن نغرس في قلوبنا وقلوب أطفالنا أوّلا وقبل كلّ شيء معاني كتاب الله، ونعوّد عليه أطفالنا ونشجّعهم ماديآ ومعنويآ على تعلّم تلاوته وحفظه والنطق به ، حتّى ينطلقوا به رويدآ رويدآ إلى تحكيمه عمليآ في حياتهم ، وليس من شکّ أنّ مجرّد نطق الطفل بكلمات الله تعالى وتقديسه لها، وتصوّرها لها، له الأثر الفعّال والطيّب في ذات الطفل ، وذاک ما نراه بوضوح على سيماء محمّد حسين الطباطبائي ـعلم الهدى ـ ومحمّد باقر المنصوري وغيرهم من أشبال القرآن .

وعلينا أيضآ واجب آخر تجاه المجتمع الذي نعيش فيه ، فالإسلام حمّلنا مسؤولية ذلک بقوله  :

«كلّكم راعٍ ، وكلّكم مسؤول عن رعيّته ».

فلا بدّ من أن نسعى جاهدين كي نحوّل مجتمعنا إلى اُمّة قرآنية حاملة
للقرآن منجبة للمئات بل الآلاف من أمثال علم الهدى ومحمّد باقر، ولا ندير للقرآن أظهرنا، فنكون بذلک مصداقآ لقوله  :

(وَمَنْ أعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكآ)[4] .

 

ويحلّ بنا غضب الجبّار والعياذ بالله.

لقد راعى الإسلام جميع الجوانب والطرق المؤدّية إلى ازدهار التربية والتعليم لدى المسلمين ، وقد أمر بالخصوص والاختصاص في جميع أنواع العلوم والمعارف ، خصوصآ تلک التي تطوّر أو تسعى إلى تطوير الحياة الفكرية والاجتماعية لدى الشخص . وقد أوجب الإسلام بعض هذه العلوم وجعل تعلّمها واجب التحصيل ، وحتّم على المسلمين تحصيله والعمل به كعلوم العقيدة والفقه والأخلاق ومقدّماتها كعلوم الطبّ والصيدلة والهندسة وكثير من العلوم الحديثة .




[1] ()  الأنعام : 155.

[2] ()  الأنعام : 153.

[3] ()  طه : 124.

[4] ()  البقرة : 1 ـ 2.