العصمة بنظرة جديدة مجلة الکوثر الرابع والثلاثون - شهر رجب المرجب 1437هـ -2016م صحيفة صوت الكاظمين الشهرية العدد 207/206 النور الباهر بين الخطباء والمنابر قناة الکاظمين مصباح الهداية ونبراس الأخلاق بإدارة السید محمد علي العلوي الخصائص الفاطميّة على ضوء الثقلين الشباب عماد البلاد إجمال الكلام في النّوم والمنام المؤسسة الإسلامية العالمية التبليغ والإرشاد برعایة السید عادل العلوي صحیفة صوت الکاظمین 205-204 شهر رجب وشعبان 1437هـ الانسان على ضوء القرآن أخلاق الأنبياء في القرآن الكريم العلم الإلهامي بنظرة جديدة في رواق الاُسوة والقدوة الله الصمد في فقد الولد في رحاب اولى الألباب المأتم الحسیني الأسبوعي بإشراف السید عادل العلوي في دارالمحققین ومکتبة الإمام الصادق علیه السلام- إحیاء للعلم والعل نظرات في الإنسان الكامل والمتكامل مجلة الکوثر الثالث والثلاثون - شهر محرم الحرام 1437هـ -2015م نور العلم والعلم نور مقالات في رحاب الامام الحسين(ع)
اللغة
تابعونا...
فهرست کتاب‌‌ لیست کتاب‌ها
  1. النوران الزهراء والحوراء
  2. الأقوال المختارة في احکام الصلاة سنة 1436هـ
  3. الکافي في اصول الفقه سنة 1436هـ
  4. في رحاب الخير
  5. الغضب والحلم
  6. إیقاظ النائم في رؤیة الامام القائم
  7. الضيافة الإلهيّة وعلم الامام
  8. البداء بين الحقيقة والافتراء
  9. سيماء الرسول الأعظم محمّد (ص) في القرآن الكريم
  10. لمعة من النورین الامام الرضا (ع) والسیدة المعصومة(س)
  11. الدوّحة العلوية في المسائل الافريقيّة
  12. نور الآفاق في معرفة الأرزاق
  13. الوهابية بين المطرقة والسندانه
  14. حلاوة الشهد وأوراق المجدفي فضيلة ليالي القدر
  15. الوليتان التكوينية والتشريعية ماذا تعرف عنها؟
  16. الصّارم البتّار في معرفة النور و النار
  17. بريق السعادة في معرفة الغيب والشهادة
  18. الشخصية النبوية على ضوء القرآن
  19. الزهراء(س) زينة العرش الإلهي
  20. مقالات في رحاب الامام الحسين(ع)
  21. نور العلم والعلم نور
  22. نظرات في الإنسان الكامل والمتكامل
  23. دروس الیقین فی معرفة أصول الدین
  24. في رحاب اولى الألباب
  25. الله الصمد في فقد الولد
  26. في رواق الاُسوة والقدوة
  27. العلم الإلهامي بنظرة جديدة
  28. أخلاق الأنبياء في القرآن الكريم
  29. الانسان على ضوء القرآن
  30. إجمال الكلام في النّوم والمنام
  31. العصمة بنظرة جديدة
  32. الشباب عماد البلاد
  33. الخصائص الفاطميّة على ضوء الثقلين
  34. النور الباهر بين الخطباء والمنابر
  35. التوبة والتائبون علی ضوء القرآن والسنّة
  36. القصاص علی ضوء القرآن والسّنة الجزء الثاني
  37. القصاص على ضوء القرآن والسنّة الجزء الثالث
  38. القول الرشید فی الإجتهاد و التقلید 2
  39. القول الرشيد في الاجتهاد والتقليد 1
  40. القصاص على ضوء القرآن والسنّة الجزء الاول
  41. الأقوال المختارة في أحكام الطهارة الجزء الأوّل
  42. أحكام السرقة على ضوء القرآن والسنّة
  43. الهدى والضلال على ضوء الثقلين
  44. في رحاب حديث الثقلين
  45. المأمول في تكريم ذرية الرسول 9
  46. عصمة الحوراء زينب 3
  47. عقائد المؤمنين
  48. النفحات القدسيّة في تراجم أعلام الكاظميّة المقدّسة
  49. قبس من أدب الأولاد على ضوء المذهب الإمامي
  50. حقيقة الأدب على ضوء المذهب
  51. تربية الاُسرة على ضوء القرآن والعترة
  52. اليقظة الإنسانية في المفاهيم الإسلامية
  53. هذه هی البرائة
  54. من لطائف الحجّ والزيارة
  55. مختصر دليل الحاجّ
  56. حول دائرة المعارف والموسوعة الفقهية
  57. رفض المساومة في نشيد المقاومة
  58. لمحات قراءة في الشعر والشعراء على ضوء القرآن والعترة :
  59. لماذا الشهور القمرية ؟
  60. فنّ الخطابة في سطور
  61. ماذا تعرف عن العلوم الغريبة
  62. منهل الفوائد في تتمّة الرافد
  63. سهام في نحر الوهّابية
  64. السيف الموعود في نحراليهود
  65. لمعة من الأفكار في الجبر والاختيار
  66. ماذا تعرف عن الغلوّ والغلاة ؟
  67. الروضة البهيّة في شؤون حوزة قم العلميّة
  68. النجوم المتناثرة
  69. شهد الأرواح
  70. المفاهيم الإسلامية في اُصول الدين والأخلاق
  71. مختصر دليل الحاجّ
  72. الشهيد عقل التاريخ المفكّر
  73. الأثر الخالد في الولد والوالد
  74. الجنسان الرجل والمرأة في الميزان
  75. الشاهد والمشهود
  76. محاضرات في علم الأخلاق القسم الثاني
  77. مقتل الإمام الحسين 7
  78. من ملكوت النهضة الحسينيّة
  79. في ظلال زيارة الجامعة
  80. محاضرات في علم الأخلاق
  81. دروس في علم الأخلاق
  82. كلمة التقوى في القرآن الكريم
  83. بيوتات الكاظميّة المقدّسة
  84. على أبواب شهر رمضان المبارک
  85. من وحي التربية والتعليم
  86. حبّ الله نماذج وصور
  87. الذكر الإلهي في المفهوم الإسلامي
  88. السؤال والذكر في رحاب القرآن والعترة
  89. شهر رمضان ربيع القرآن
  90. فاطمة الزهراء مشكاة الأنوار
  91. منية الأشراف في كتاب الإنصاف
  92. العين الساهرة في الآيات الباهرة
  93. عيد الغدير بين الثبوت والإثبات
  94. بهجة الخواصّ من هدى سورة الإخلاص
  95. من نسيم المبعث النبويّ
  96. ويسألونک عن الأسماء الحسنى
  97. النبوغ وسرّ النجاح في الحياة
  98. السؤال والذكر في رحاب القرآن والعترة
  99. نسيم الأسحار في ترجمة سليل الأطهار
  100. لمحة من حياة الإمام القائد لمحة من حياة السيّد روح الله الخميني ومقتطفات من أفكاره وثورته الإسلاميّة
  101. قبسات من حياة سيّدنا الاُستاذ آية الله العظمى السيّد شهاب الدين المرعشي النجفي «قدّس سرّه الشريف »
  102. طلوع البدرين في ترجمة العلمين الشيخ الأعظم الأنصاري والسيّد الأمام الخميني 0
  103. رسالة من حياتي
  104. الكوكب السماوي مقدّمة ترجمة الشيخ العوّامي
  105. الكوكب الدرّي في حياة السيّد العلوي 1
  106. الشاكري كما عرفته
  107. كيف أكون موفّقآ في الحياة ؟
  108. معالم الصديق والصداقة في رحاب أحاديث أهل البيت
  109. رياض العارفين في زيارة الأربعين
  110. أسرار الحج والزيارة
  111. القرآن الكريم في ميزان الثقلين
  112. الشيطان على ضوء القرآن
  113. الاُنس بالله
  114. الإخلاص في الحجّ
  115. المؤمن مرآة المؤمن
  116. الياقوت الثمين في بيعة العاشقين
  117. حقيقة القلوب في القرآن الكريم
  118. فضيلة العلم والعلماء
  119. سرّ الخليقة وفلسفة الحياة
  120. السرّ في آية الاعتصام
  121. الأنفاس القدسيّة في أسرار الزيارة الرضويّة
  122. الإمام المهدي عجل الله تعالی فرجه الشریف وطول العمر في نظرة جديدة
  123. أثار الصلوات في رحاب الروايات
  124. رسالة أهل البيت علیهم السلام سفينة النجاة
  125. الأنوار القدسيّة نبذة من سيرة المعصومين
  126. السيرة النبوية في السطور العلوية
  127. إشراقات نبويّة قراءة موجزة عن أدب الرسول الأعظم محمّد ص
  128. زينب الكبرى (سلام الله علیها) زينة اللوح المحفوظ
  129. الإمام الحسين (علیه السلام) في عرش الله
  130. رسالة فاطمة الزهراء ليلة القدر
  131. رسالة علي المرتضى (علیه السلام) نقطة باء البسملة
  132. الدرّ الثمين في عظمة أمير المؤمنين - علیه السلام
  133. وميض من قبسات الحقّ
  134. البارقة الحيدريّة في الأسرار العلويّة
  135. رسالة جلوة من ولاية أهل البيت
  136. هذه هي الولاية
  137. رسالتنا
  138. دور الأخلاق المحمّدية في تحكيم مباني الوحدة الإسلاميّة
  139. أخلاق الطبيب في الإسلام
  140. خصائص القائد الإسلامي في القرآن الكريم
  141. طالب العلم والسيرة الأخلاقية
  142. في رحاب وليد الكعبة
  143. التقيّة في رحاب العَلَمَين الشيخ الأعظم الأنصاري والسيّد الإمام الخميني
  144. زبدة الأفكار في طهارة أو نجاسة الكفّار
  145. طالب العلم و السیرة الأخلاقیّة
  146. فاطمة الزهراء سلام الله علیها سرّ الوجود

زبدة المخاض 41

زبدة المخاض

 

 

خلاصة الكلام  :

أنّ الضابطة والقاعدة التي تعرف بها الغالي من غيره  :

أنّ كلّ من ينسب ما لله من الوحدانية والفردانية كتوحيد الذات والصفات والأفعال والعبادة لغير الله، فهو من الغلاة .

وبعبارة اُخرى  :

كلّ من يقول باُلوهيّة غير الله سبحانه أو ينسب صفات الله التي يتوحّد ويتفرّد بها كالخالقية والرزّاقية على نحو الاستقلال وبالذات لغير الله الذي يستلزم الشرک ، أو يقول بنبوّة غير الأنبياء، أو يقول بحلول الله في غيره كالإمام أو القطب ، أو يعبد غير الله سبحانه أو يقول بالتناسخ في العقيدة والإباحية في العمل ، فهو من الغلاة وخارج عن الإسلام ، فيحكم عليه بالكفر والنجاسة .

وبهذه الضابطة والميزان نعرف توثيق الرواة وتضعيفهم الصادر من علماء الرجال القدماء، واتهام البعض بالغلوّ، فمن لم يقل بسهو النبيّ في المدرسة القميّة يعدّ من الغلاة ، فمن ينقل الروايات الدالّة على العصمة وعدم السهو بطبيعة الحال سيتّهم بالغلوّ ويضعّف بذلک ، وأمّا في المدرسة البغدادية من قال بالسهو وعدم العصمة فإنّه
يكون مقصّرآ، بل يقال في مقام الأئمة أنّهم عباد الله، ولهم من المنازل الشامخة ما ليس لغيرهم فإنّهم معصومون عن كلّ شيء وذنب وسهو وغفلة ، كما يعلمون بما كان وما هو كائن وما سيكون كلّ ذلک في طول علم الله سبحانه وبإذنه ، فلهم الولاية التكوينية والتشريعية بإذن الله عزّ وجلّ ، ومثل عدم السهو للنبيّ أصبح من ضروريات المذهب ، وأجمع العلماء أنّ القول بسهو الصدوق أولى من القول بسهو النبيّ، وإلى مثل هذا المعنى يشير المحقّق المامقاني في رجاله في المقدّمة : (إنّ ما كان يعدّ من الغلوّ ـكعدم سهو النبيّـ أصبح من ضروريات المذهب )، فقد أجمع العلماء على عصمة الأنبياء والأئمة الأطهار
 : بعصمة ذاتية كلية ، كما عليه الأدلّة العقلية والسمعية .

قال العلّامة المجلسي  1 :

إنّ أصحابنا الإمامية أجمعوا على عصمة الأنبياء والأئمة صلوات الله عليهم من الذنوب الصغيرة والكبيرة عمدآ وخطأً ونسيانآ قبل النبوّة والإمامة وبعدهما، بل من وقت ولادتهم إلى أن يلقوا الله تعالى ، ولم يخالف في ذلک إلّا الصدوق محمّد بن بابويه وشيخه ابن الوليد قدّس الله روحهما، فإنّهما جوّزوا الإسهاء من الله تعالى لا السهو الذي يكون من الشيطان في غير ما يتعلّق بالتبليغ وبيان الأحكام ، وقالوا: إنّ خروجهما لا يخلّ بالإجماع لكونهما معروفي النسب .

وأمّا السهو في غير ما يتعلّق بالواجبات والمحرّمات كالمباحات والمكروهات فظاهر أكثر أصحابنا تحقّق الإجماع على عدم صدوره عنهم ، واستدلّوا أيضآ بكونه سببآ لنفور الخلق منهم وعدم الاعتداد بأفعالهم وأقوالهم ، وهو ينافي اللطف ، وبالآيات والأخبار الدالّة على أنّهم  : لا يقولون ولا يفعلون شيئآ إلّا بوحي من الله تعالى ، ويدلّ أيضآ عليه عموم ما دلّ على وجوب التأسّي بهم في جميع
أقوالهم وأفعالهم ولزوم متابعتهم ويدلّ عليه الأخبار الدالّة على أنّهم مؤيّدون بروح القدس ، وأنّه لا يلهو ولا يسهو ولا يلعب ، وقد مرّ في صفات الإمام عن الرضا
 7: (فهو معصوم مؤيّد موفّق مسدّد، قد أمن من الخطأ والزلل والعثار).

وسيأتي في تفسير النعماني في كتاب القرآن بإسناده عن إسماعيل بن جابر عن الصادق  7 عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه أنّه قال في بيان صفات الإمام  : فمنها أن يعلم الإمام المتولّى عليه أنّه معصوم من الذنوب كلّها صغيرها وكبيرها، لا يزلّ في الفتيا ولا يخطئ في الجواب ولا يسهو ولا ينسى ولا يلهو بشيء من أمر الدنيا)، وساق الحديث إلى أن قال  7: (عدلوا عن أخذ الأحكام عن أهلها ممّن فرض الله طاعتهم ممّن لا يزلّ ولا يخطئ ولا ينسى )، وغيرها من الأخبار الدالّة بفحاويها عن تنزّههم عنه )[1] .

 

هذا ولزيادة الاطلاع لا بأس أن نذكر ما قاله الشيخ المفيد  1 في الغلوّ والغلاة  :

الغلوّ في اللغة : هو تجاوز الحدّ والخروج عن القصد، قال الله تعالى : (يَا أهْلَ الكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللهِ إلاَّ الحَقَّ )[2] ، الآية . فنهى عن تجاوز

الحدّ في المسيح وحذّر من الخروج عن القصد في القول ، وجعل ما ادّعته النصارى غلوّآ لتعدية الحدّ على ما بيّناه ، والغلاة من المتظاهرين بالإسلام ـأي ليسوا من الإسلام في شيء واقعآـ هم الذين نسبوا أمير المؤمنين والأئمة من ذريته  : إلى الإلهية والنبوّة ووصفوهم من الفضل في الدين والدنيا إلى ما تجاوزوا فيه الحدّ
وخرجوا عن القصد، وهم ضلال كفّار، حكم فيهم أمير المؤمنين صلوات الله عليه بالقتل والتحريق بالنـار، وقضت الأئمة
 : عليهم بالإكفار والخروج عن الإسلام .

والمفوّضة صنف من الغلاة وقولهم الذين فارقوا به من سواهم من الغلاة  : اعترافهم بحدوث الأئمة وخلقهم ونفي العدم عنهم وإضافة الخلق والرزق مع ذلک إليهم ودعواهم أنّ الله تعالى تفرّد بخلقهم خاصّة ، وأنّه فوّض إليهم خلق العالم بما فيه وجميع الأفعال ...

ثمّ يقول  :

وقد سمعنا حكاية ظاهرة عن أبي جعفر محمّد بن الحسن بن الوليد ؛ لم نجد لها دافعآ في التقصير وهي ما حكي عنه أنّه قال : أوّل درجة في الغلوّ نفي السهو عن النبيّ  9 والإمام  7، فإن صحّت هذه الحكاية عنه فهو مقصّر مع أنّه من علماء القمّيين ومشيختهم .

وقد وجدنا جماعة وردت إلينا من قم يقصرون تقصيرآ ظاهرآ في الدين ـوهذا خلاصة النزاع بين المدرستين القمية والبغدادية ـ ينزلون الأئمة  : عن مراتبهم ، ويزعمون أنّهم كانوا لا يعرفون كثيرآ من الأحكام الدينية حتّى ينكث في قلوبهم ، ورأينا من يقول : إنّهم كانوا يلجأون في حكم الشريعة إلى الرأي والظنون ، ويدّعون مع ذلک أنّهم من العلماء، وهذا هو التقصير الذي لا شبهة فيه .

ويكفي في علامة الغلوّ نفي القائل به عن الأئمة  : سمات الحدوث وحكمه لهم بالإلهية والقِدم ، إذ قالوا بما يقتضي ذلک من خلق أعيان الأجسام واختراع الجواهر وما ليس بمقدور العباد من الأعراض ، ولا تحتاج مع ذلک إلى الحكم عليهم ، وتحقيق أمرهم بما جعله أبو جعفر ـالشيخ الصدوق في اعتقاداته ـ ؛ تتمّة في الغلوّ
على كلّ حال
[3] .

 

ويقول العلّامة المجلسي[4]  :

 

اعلم أنّ الغلوّ في النبيّ والأئمة  : إنّما يكون بالقول باُلوهيّتهم ـوهو الغلوّ في الذات ـ أو بكونهم شركاء لله تعالى في المعبودية أو في الخلق والرزق ـوهو الغلوّ في الصفات ـ أو أنّ الله تعالى حلّ فيهم أو اتّحد بهم ، أو أنّهم يعلمون الغيب بغير وحي أو إلهام من الله تعالى ، أو بالقول في الأئمة  : أنّهم كانوا أنبياء، أو القول بتناسخ أرواح بعضهم إلى بعض ، أو القول بأنّ معرفتهم تغني عن جميع الطاعات ولا تكليف معها بترک المعاصي والقول بكلّ منها إلحاد وكفر وخروج عن الدين كما دلّت عليه الأدلّة العقليّة والآيات والأخبار السالفة وغيرها، وإن قرع سمعک شيء مـن الأخبار الموهمة شيء من ذلک فهي إمّا مؤوّلة ، أو هي من مفتريات الغلاة .

ولكن أفرط بعض المتكلّمين والمحدّثين في الغلوّ لقصورهم عن معرفة الأئمة  : وعجزهم عن إدراک غرائب أحوالهم وعجائب شؤونهم ، فقدحوا في كثير من الرواة الثقات لنقلهم بعض غرائب المعجزات حتّى قال بعضهم  : من الغلوّ نفي السهو عنهم أو القول بأنّهم يعلمون ما كان وما يكون وغير ذلک ، مع أنّه قد ورد في أخبار كثيرة : (لا تقولوا فينا ربآ وقولوا ما شئتم ولن تبلغوا)، وورد: (أنّ أمرنا صعب مستصعب لا يحتمله إلّا ملکٌ مقرّب أو نبيٌّ مرسل أو عبدٌ مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان )، وورد: (لو علم أبو ذرّ ما في قلب سلمان لقتله )،
وغير ذلک ممّـا مرّ وسيأتي
[5] .

 

فلا بدّ للمؤمن المتديّن أن لا يبادر بردّ ما ورد عنهم من فضائلهم ومعجزاتهم ومعالجة اُمورهم ، إلّا إذا ثبت خلافه بضرورة الدين أو بقواطع البراهين أو بالآيات المحكمة أو بالأخبار المتواترة كما مرّ في باب التسليم وغيره[6] .

 

وزبدة الكلام  :

أنّ المعرفة من الكلّي التشكيكي لها مراتب طولية وعرضية تختلف بالشدّة والضعف ، وأنّها إمّا معرفة جلالية ظاهرية أو جمالية أو كمالية[7] .

 

فصاحب المعرفة الجلالية يرى الغلوّ في معتقدات صاحب المعرفة الجمالية أو الكمالية .

وفي عصرنا المتقدّم والمزدهر بالعلوم الصناعية والتطوّر التكنولوجي والمسمّى بعصر الفضاء والكومبيوتر، فمن العدل الإلهي سبحانه أنّه كما يتطوّر الإنسان في علومه المادية ، كذلک يتعمّق في علومه ومعارفه الإلهية ، فيتعمّق في معرفة الأئمة الأطهار  : وكلّ ما يقال في حقّهم ـمنهم وإليهم ـ إنّما هو واحد من مائة وإنّما هو من الألف المعقوفة ـأي نصف الألف ـ كما ورد في الأخبار الشريفة .

وليذهب سعي أعداء الشيعة والتشيّع أدراج الرياح ، فإنّ العقول تفتّحت وعرف الناس الحقّ ، ولا زالوا يدخلون فى مذهب أهل البيت  : زرافات
ووحدانآ، ويستبصرون بالآلاف والملايين ، وما كيد الوهابية إلّا في نحورهم . وما سعيهم إلّا في ضلال ، وكلّما موّهوا الحقّ وأرادوا إطفاء نور الله، فإنّ الله متمّ نوره ، ويتجلّى الحقّ كالشمس في رابعة النهار.

فقولهم إنّ الشيعة الإمامية الاثنى عشرية من الغلاة ، ليبعدوا الناس ومن يبحث عن الحقيقة عن التشيّع ومذهب أهل البيت  : ليس إلّا افتراء وكذب وخلط بين الحقّ والباطل ، على أنّ الإمامية يقولون بالوصاية والمهدوية وتأويل القرآن والرجعة والبداء، والغلاة يقولون بذلک أيضآ فهم إذن غلاة ، وهذا من الجدل الباطل ، فإنّ ما يقوله الإمامية غير ما يقوله الغلاة الذين رأيت كيف أنّ أئمة أهل البيت  : لعنوهم وتبرّأوا منهم .

هذا، والحقّ منتصر، ولا تبقى شمس الحقيقة خلف السحاب ، بل ستظهر يومآ ويعرف الناس الحقّ والحقيقة ، وأنّ التشيّع هو روح الإسلام ، أليس الصبح بقريب ...


 

 

 



[1] ()  بحار الأنوار :25 351.

[2] ()  النساء: 171.

[3] ()  بحار الأنوار :25 336، عن تصحيح الاعتقاد: 63 ـ 66.

[4] ()  بحار الأنوار.

[5] ()  لقد ذكرت تفصيل ذلک في (جلوة من ولاية أهل البيت  :)، فراجع .

[6] ()  بحار الأنوار :25 337.

[7] ()  ذكرت تفصيل ذلک في (الإمام الحسين في عرش الله)، فراجع .