أصول (60)

8 جمادى الأولى

1442 هـ

عطفاً على ما سبق: فيما قاله المصنف قدس سره بأنّ: (الوضع هو نحو إختصاص اللفظ بالمعنى وإرتباط خاص بينهما، ناشئ من تخصيصه به تارة ومن كثرة إستعماله فيه أخرى، وبهذا المعنى صحّ تقسيمه إلى التعييني والتعييني كما لا يخفى).

أقول يتعرّض المصنف قدس سره في الأمر الثاني من الأمور التي ذكرها في المقدمة إلى بيان وضع الألفاظ لمعاينها العامة والخاصة وفيه جهات من البحث منها ما لا ثمرة عمليّةفيها فلم يتعرض لها المصنف كالبحث عن أنّ الواضع للألفاظ على المعاني هل الله سبحانه كما نسب إلى أبي الحسن الأشعري محتجاً بقوله تعالى: (وعلم آدم الأسماء كلّها) أو البشر واحداً كان منهم أو أكثر، أو أنّ بعض الوضع التي نحتاج إليه في التنبيه على الجعل لله سبحانه والبعض الآخر بيد البشر، وعلى كل حال فإنّ الثابت بالضرورة إلى أنّ الأعراب والإفصاح عمّأ في ضمير الإنسان صار داعياً إلى المكالمة والمحادثة ممّا أدّى إلى وضع الألفاظ على المعاني.

والمصنف يتعرض إلى بيان كيفية الوضع وأقسامه، فإنّ الوضع من المعاني الإضافية المتوقفة تعقلّها وتصوّرها على معان أخرى كالعلم بالإضالة إلى العالم والمعلوم فالوضع يتوقف على الموضوع وهو اللفظ ويسمى بالوضع والموضوع له وهو المعنى ومن يلاحظ الإرتباط والعلقة بين اللفظ والمعنى وهو الواضع.

ثم الوضع هل هو من المصدر أي مجرد الحدث من جهة الواضع من دون أن يقترن بأحد الأزمنة الثلاثة أو أنّه من إسم المصدر وما يحصل من الوضع من جهة وضع الواضع أو خصوصيّة تحصل بين اللفظ والمعنى.

وبعبارة أخرى هل الوضع بمعنى تخصيص اللفظ بالمعنى حتى يكون من الصفات القائمة بالواضع أو أنّه إختصاص اللفظ بالمعنى فيكون من صفات اللفظ.

عرف المصنف الوضع بأنّه: إختصاص اللفظ بالمعنى وإرتباط خاص بينهما ناشئ من تخصيص اللفظ بالمعنى ومن كثرة إستعمال اللفظ في المعنى أخرى.

فمنشأ الإرتباط هو التخصيص من جهة واضع خاص كوضع الماء على سائل خاص من ميزته أن لا لون ولا طعم ولا رائحة له، فمن تخصيص الواضع يكون الإختصاص والإرتباط الوثيق والعميق بين اللفظ والمعنى وأخرى من كثرة الإستعمال كوضع الصلاة الذي كان بمعنى الدعاء لغة للأفعال الخاصة الشرعية، فإنّه من دون قرينة يطلق الصلاة ويفهم منه المعنى الخاص بعد كثرة الإستعمال فيه، وبهذا المعنى صحّ تقسيم الوضع إلى التعييني بأن يكون من من جهة الواضع أو التعييني بأن يكون من كثرة الإستعمال، فإن كان الوضع من تخصيص اللفظ وليس الإختصاص، فإنّه يلزمه عدم صحة التقسيم وكأنه أراد المصنف بصحة التقسيم يستدل أو يؤيد ما يذهب إليه في الوضع أن الإرتباط بين اللفظ والمعنى من الإختصاص لا التخصيص. ثم في المقام أقوال وآراء أخرى لجملة من الأعلام وقد أشرنا إلى ما قاله المحقق الكمباني وما أورد عليه وكذلك على المصنف، وأما القول الثالث في المقام: