فقه (84 )

6 جمادى الثانية

1442 هـ

عطفاً على ما سبق: فيمن وضع جبهته على ما لا يصحّ السجود عليه، فذهب المشهور كما عند المصنف وهو المختار أنه يجب عليه الجرّ ولا يجوز رفعها، لأنّه يستلزمه زيادة السجدة، وهذا ما لا يصدق في الجرّ، ونظير هذا فيما إذا الولد سجد على ما يصح السجود عليه إلّا أنه أراد أن يكون على الأفضل أو الأسهل ونحو ذلك فإنّه يجوز له الجرّ.

وأمّا إذا لم يمكنه إلّا الرفع فالمسألة ذات صور: الأولى: إذا كان الإلتفات إلى أنه سجد على ما لا يصح السجود عليه قيل تمام الذكر فذهب المصنف قدس سره إلى أن الأحوط الإتمام ثم إعادة الصلاة.

الثانية: إن كان الإلتفات بعد تمام الذكر فالإكتفاء بهذا السجود قوي.

الثالثة: فيما لو كان الإلتفات بعد رفع الرأس، فكذلك الأقوى الإكتفاء به، وإن كان الأحوط الإتمام ثم الإعادة أيضاً.

وقد مرّ بالتفصيل إنّ جواز الرفع وعدمه لإختلاف المباني في موضع الجبهة وكون المسجد ممّا يصحّ عليه السجود يا ترى هل هو شرط للسجود أو واجب في السجود وجزئه ومقّومه؟ فعلى الأول: يجب تدارك السجود بفعله ثانياً، لوجود المحلّ أوّلاً، ولكون المأتي به ليس مطابقاً لموضوع الأمر أي المأمور به شرعاً، فلا يسقط الأمر بالسجود بالسجدة الأولى لبطلانها، وكأنه لم يسجد بعد، وأمّا السجود الأولى المأتي به لا يقدح في صحة الصلاة فيما إذا كانت عن سهو دون العمد الموجب للبطلان كما مرّ أو أن لا توجب السجدة الواحدة السهوية لما دلّ على ذلك بأنّه لا تعاد الصلاة من السجدة سهوية واحدة (الوسائل: باب 14 من أبواب السجود الباب 23 و26 من أبواب الخلل في الصلاة.

وأمّا على المبنى الثاني: فإنّه لا مجال لتداركه لفوات محلّه، لأنّ محلّه هو السجود الذي هو الجزء الصلاتي، وما أتى به فهو كذلك من السجود الجزئي الصلاتي، والفروض عدم إمكان فعله في موضع الجبهة، وإذا أراد أن يرفع ويسجد مرة أخرى فهذا ليس من السجود الصلاتي، لأنّ السجود المأمور به شرعاً جزء صلاتي ينطبق على السجود الأول لا غير، فلو سجد ثانياً وتدارك فيه الواجب المذكور لم يكن آتياً به في محلّه، بل يكون في غير محلّه فلا يقبل منه، أي لا يجدي السجود ثانياً لتداركه.

وإن قيل في مقام الاشكال: إنّ السجود الأول يكون باطلاً لو كان لوحده، لعدم إنضمامه إلى هذا الواجب، فيجب الإتيان به ثانياً منضماً إلى الأول، فيكون تدارك السجود حينئذٍ في محلّه.

وأجيب عنه: أنّ حديث (لا تعاد الصلاة (  ينفي وجوب تدارك الجزء لو كان الخلل من جهة فوات الإنضمام، لأنّ الخلل لا يختص بجزء، بل يطرد في جميع الأجزاء، فلو إقتض فوات الإنضمام تدارك الجزء، فإنّه يقتضي تدارك الصلاة من رأس ومن الأوّل فيعيدها^([1]).

هذا بعد تمام الذكر، ويشكل ذلك فيما لوالتفت قبل تمام الذكر، فإنّ حديث (لا تعاد) لا يصلح لتشريع الذكر في حال فقد الواجب لأنّ الحديث يرفع الخلل الماضي وليس اللاحق.

ثم الظاهر من دليل اعتبار ما يصح السجود عليه كونه من الشرط في المسجد وكان من قوام السجود، فكان اللازم الرفع لتدارك السجود المشروط كما هو المشهور والمعروف، بل في الجواهر: (لا  أجد فيه خلافاً) وإستشهد له بالتوقيع المروي عن كتاب الغيبة وإحتجاج الطبرسي كما مرّ بالتفصيل ولحديثه صلة كما أشار إليه سيدنا الحكيم في مستمسكه، كما سيدنا الخوئي قدس سره في المقام تفصيل من الكلام فراجع والمختار ما ذهب إليه المشهور من التفصيل والله العالم بحقائق الأمور.