احدث المقالات
- هدایا وتحف » أدعية وأوراد کثيرة مع بعض آثارها الدنيوية والاُخروية
- هدایا وتحف » زيادة الذاكرة بقلم سماحة السید عادل العلوی
- المقالات الأخلاقیة » كلمة الاستاذ آية الله السيد عادل العلوي لطالبات مدرسة تدبر القرآن
- الأخلاق » علو الهمة
- العرفان » اقبال النفس و ادبارها!!
- الأخلاق » طالب العلم أولى الناس برعاية الأخلاق
- العقائد » سر من أسرار السیدة المعصومة (ع)
- العرفان » من نصائح العلوي في علم النّفس
- الأخلاق » انا موظف في دائرة حكومية
- الأخلاق » كيف يمكن ان نجعل البركة والتفاهم والوئام يعمّ المنزل
- العرفان » ماهو السبيل للوصول الى حالة العارفين
- الأخلاق » الغضب و الحلم
- العقائد » لماذا خلق الشیطان
- الأذکار والأوراد » عندي طفلة رضيعة لاتهدا منذ ولادتها كثيرة البكاء
- البيانات » الأهداف الخمسة لبناء الخير
المقالات العشوائية
- العقائد » هذه هی البرائة
- العرفان » الغيب والشهود عند العرفاء
- المقالات الأخلاقیة » (إقرأ. فكّر. إعمل ) صلاة الاستغفار وسعة الرزق
- العقائد » سيماء الرسول الأعظم محمّد (ص) في القرآن الكريم
- الأخلاق » شرح حدیث عنوان البصري (القسم الثالث)
- الأخلاق » یقاظ النائم في رؤیة الامام القائم
- الأخلاق » في رحاب الامام الحسين(ع)
- الأخلاق » مقتطف من کتاب من وحي التربية والتعليم
- المقالات الأخلاقیة » شهود عاشوراء (القسم الثاني) { مؤسّسة وارث الأنبياء - قم المقدّسة }
- هدایا وتحف » أضف إلى معلوماتك الروائية (أحاديث الرسول وأهل البيت عليهم السلام)
- العقائد » سهام في نحر الوهّابية
- العرفان » من نصائح العلوي في علم النّفس
- التفسير » سر من أسرار سورة الحمد
- الأذکار والأوراد » ختم مجرّب لزيادة الحافظة وسلامتها
- الأخلاق » حقیقة النفوس
المقالات الاکثرُ مشاهدة
- المقالات الأخلاقیة » (إقرأ. فكّر. إعمل ) صلاة الاستغفار وسعة الرزق
- هدایا وتحف » ذکر (یا بدوح) هدیة عید الغدیر 1436 - هدایا وتحف 4
- هدایا وتحف » أذكار وختومات في محبّة الزوجين
- المقالات الحوزویة » سرٌ من أسرار ليلة القدر
- المقالات الحوزویة » شرح حدیث عنوان البصري
- المقالات الأخلاقیة » (إقرأ . فكّر . إعمل - 16) أسباب زيادة الرزق وسعته
- هدایا وتحف » الذکر اليونسي لدفع الديون - هدايا وتحف 3
- هدایا وتحف » ختم مجرّب لزيادة الحافظة وسلامتها - هدایا وتحف من کتاب زبدة الأسرار في العلوم الغریبة - 2
- هدایا وتحف » ختم البسملة لكل مطلب - هدایا وتحف من کتاب زبدة الأسرار في العلوم الغریبة - 1
- المقالات العقائدیة » سر من أسرار السیدة المعصومة (ع)
- المقالات الأخلاقیة » (إقرأ . فكّر . إعمل) كثرة الإستغفار
- المقالات العقائدیة » التجّلي الاعظم (سرّمن أسرار رسول الله محمد)
- المقالات العقائدیة » سرّ من أسرار معرفة أهل البيت(ع)
- هدایا وتحف » من قصص الأنبياء عليهم السلام: قصة سليمان النبي× ومشورة الوطواط
- المقالات العقائدیة » سر من أسرار فاطمة الزهراء سلام الله علیها
رؤية ليلة القدر.
الحمد لله الذي أكرمنا بشهر رمضان المبارك، فرض علينا صيامه وندبنا إلى قيامه، والصلاة والسلام على أشرف خلقه محمد وآله الطاهرين.
أما بعد: فقد قال الله الحكيم في محكم كتابه الكريم (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ) .
أخوتي في الإيمان لقد أقبل علينا بريد الخير عزّة الشهور وأفضلها ليخبرنا بضيافة الله على مأدبة كتابه الكريم الذي يتجلّى فيه كما يتجلّى في خلقه بخلقه، وفي محمد وآل محمد^، فأقبل علينا بالبركة والرحمة والمغفرة والرضوان، شهر دعينا فيه لضيافة الرحمن وجعلنا الله من أهل كرامته برحمته الرحيميّة، فكانت الأنفاس فيه تسبيح، والنوم عبادة، والعمل مقبول، والدعاء مستجاب، وفيه ليلة خير من ألف شهر، ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر تنزل فيها الملائكة والروح من كل أمر حكيم على وليّ الله الأعظم...
الذي بيمنه رُزِقَ الورى، وبوجوده ثبتت الأرض والسّماء، ولولاه لساخ العالم بأهله، ذاك إمام زماننا وولي أمرنا الحجة المنتظر المهدي الموعود عجّل الله فرجه الشريف، فسلام عليه حتى مطلع الفجر. أحبّتي لقد كتب الله على مجتمعنا الإيماني بقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ) وهي حالة معنوية وملكوتية يحصل عليها الصائم بعد صومه وإمساكه عن المفطرات، وبعد قبول صومه بقبول الصحة وقبول الكمال، وينتج من ذلك خير الزاد في الدنيا والآخرة، إلاّ وهو التقوى وما أدراك ما التقوى فإنها وصية الله ووصية أنبيائه ورسله وكتبه وعباده الصالحين.
وكانت قمّة الضيافة الإلهية في ليلة القدر عند مدّ مائدة الرحمة الإلهية الرحيميّة على مأدبة الله وفي ربيع القرآن الكريم وفي ليلة نزوله العظيم.
في هذه الليلة المباركة يفرق فيها كل أمر حكيم، وفيها أسرار وكنوز وخزائن من المعارف الإلهيّة التي لا يقف عليها إلاّ الله والراسخون في العلم محمد وآل محمد^ ومن يحذو حذوهم، وينهج منهاجهم، ويتبع خطواتهم ويسير في صراطهم المستقيم. ومن أدرك ليلة القدر فقد أدرك الخير والجلال والجمال والكمال كلّه، ولا يدركها إلاّ ذو حظ عظيم، ومن أسرارها أنّ ليلة القدر فاطمة الزهراء’ فمن عرفها فقد أدرك ليلة القدر، وعلی معرفتها دارت القرون الاُولى، إلاّ ان الخلق فطموا عن معرفتها إلاّ من كان منهم أهل البيت ^.
وقد ورد في فضل شهر رمضان وليلة القدر وبسط رحمة الله فيها من الآيات والأخبار أمر عظيم، لا يقف على أسرارها إلاّ الأوحدي من النّاس (لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) .
كان السلف الصالح من علمائنا الأبرار ومن المؤمنين والمؤمنات يبالغون في عبادات ليالي القدر، ومنهم من يريد أن يعرفها بالخصوص، فإنّه لنفاستها أخفاها الله على النّاس بين ليالٍ كإسمه الأعظم بين أسمائه الحسنى، وكان من همتهم العالية أن يكشف لهم في هذه الليلة الخاصة الفريدة عمّا تنزّل من السماء إلى الأرض من الروّح الملك الأعظم ومع الملائكة، ومعهم من التقديرات ومن كل أمر حكيم وما يقدّر الله سبحانه من عام إلى عام.
وقد روي للوصول إلى معرفتها أمور: منها: قراءة سورة الدّخان في كلّ ليلة مأة مرّة إلى ليلة الجهني وهي ليلة الثالث والعشرین من الشهر المبارك. ومنها: قراءة سورة القدر ألف مرة كذلك في كل ليلة إلى ليلة الجهني وغيرها من العلائم كرؤية الشمس عند شروقها، وإعتدال الهواء في ليلتها. واليكم سرّ من أسرار ليلة القدر لمن أراد أن يعرف ما معنى رؤيتها وما هي لذّة الرؤية الملكوتيّة فيها؟! إعلم أنّ المراد من الرؤية هي الرؤية القلبية والباطنية أوّلاً، التي يُرى بها بحقيقة الإيمان، كما يرى بها صاحب الزّمان الغائب عن الأبصار×، وبها يرى ملكوت السماوات والأرض، كما أرى الله سبحانه ذلك خليله إبراهيم×، وربّما العين والبصر يرى ما يراه القلب والبصيرة من الحقائق غير رؤية الله عزّوجل، فإنّه لا يقاس به شيء، وتسمّى هذه الرؤية عند أهل المعرفة كالعارف الفقيه والفقيه العارف بالمكاشفة والشهود، أما الرؤية في المصطلح العرفاني تعني كشف الحقائق كما هي، وفي ليلة القدر تعني كشف ورؤية ما يفتح فيها من نزول الأمر في كل أمر حكيم من السماء إلى الأرض، كما يُكشف على الوجه الأتمّ والكامل لإمام العصر والزمان في هذه الليلة المباركة عجل الله فرجه الشريف.
توضيح وبيان ذلك: إنّ العالم الذي نحن نعيش فيه هو عالم الأجسام عالم المادة والصورة وهو عالم الطبيعة المسمّى بالعالم الناسوتي، وانه مركب من مادة هيولائية ظلمانية وصورة مضيقة تميّز الموارد بعضها عن بعض، ومن قبل كان الإنسان في عالم آخر يسمّى بعالم الأشباح والنشأة الإنسانيّة الأُولى، وعالم الذّر والعهد والميثاق وعالم المثال وهو عالم الصور من دون المادة كانطباع الصورة في المرآة. ثمّ من قبله عالم آخر يسمّى بعالم الأنوار والأرواح وعالم العقل المجرّد من المادة والصورة.
وما عالم المثال إلاّ برزخ بين عالم العقل المجرد النّوري وعالم الأجسام الكثيف الظلماني، فهو عالم ليس مضيقاً مظلماً كعالم الاجسام والماهيات الظلمانية، ولا واسعاً نيّراً كعالم الأرواح والعقول المجردة. فإن عالم العقل المجرد مجرّد عن كدورة المادة وظلمانيتها، وعن ضيق الصور ومقدارها، وعالم الأجسام مقید بالمادة والصورة. فعالم المثال مجرد عن المادة إلاّ أنّه مقيد بالصورة والمقدار، وهو يشتمل على عوالم كثيرة وصور متنوعة تتبع الأفعال والصفات في عالم الأجسام، فإنّ كل موجود في عالم الأجسام له صور مختلفة في تلك العوالم الملكوتيّة المثالية غير هذه الصورة التي هو عليها في عالم الناسوت والأجسام، وإذا قال رسول الله |: «يأتي زمان على الناس وجوههم وجوه الآدميين وقلوبهم قلوب الشياطين» أو أنّ الكاذب يحشر يوم القيامة رأسه رأس حمار وجسده جسد الخنزير، أو ان العالم الذي أحبّ الدنيا كالكلب ان تحمل عليه يلهث وإن تتركه يلهث، والذي أحبّ الدنيا كالحمار يحمل أسفاراً، وما شابه ذلك ممّا يدل على تجسيد الأعمال و الصفات في البرزخ الذي يكون بعد الدنيا وعالم الناسوت، كذلك الأمر في البرزخ الذي يكون قبل عالم الناسوت أي في عالم المثال، فان الحقائق تتجلّى كما هي، ومن الناس من يظهر بصورته الشيطانية ومنهم بصور حيوانية وغير ذلك كما في جملة من الآيات الكريمة والأخبار الشريفة.
فكلّ ما في هذا العالم الناسوتي إنّما يوجد له بعد وجوده في العالمين الأوليّن الملكوتين (المجرّد والمثال) بنحو وجود يليق بهما وبحقيقتهما (اللّهم أرنا الحقائق كما هي).
ويقول العارف بالله الميرزا جواد الملكي التبريزي في كتابه القيّم (المراقبات: ص 227) بتصرف وبيان: وكلّ موجود في عالم المثال إنّما ينزل إليه من خزائن الله التي أُشير إليها في القرآن الكريم بقوله تعالى: (وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ) وكلّ جسم وجسماني في هذا العالم إنما ينزل إليه من عالم المثال بتوسط ملائكة الله سبحانه، والذي يدلّ عليه الأخبار أنّ أحكام كل سنة في تقدير أرزاق الموجودات في هذا العالم وغيره، وكذلك الأجال وحتى صكّ الحاج والحاجة، فإنّه ينزل إلى الأرض في ليلة القدر المباركة، وينكشف ذلك لمن هو خليفة الله في الأرض، الإنسان الكامل الذي تجلّى فيه إسم الله الأعظم، فكان حجة الله على الخلائق، وإمام الخلق ينزل عليه الروح والملائكة من كل أمر حكيم في هذه الليلة المباركة، ويسمّى انكشاف نزول الأمر بتوسط الملائكة له رؤية ليلة القدر، ولذة هذا الإنكشاف ومشاهدة نزول الأمر والملائكة إنّما يعرفها أهلها ـ أهل أسرار الله وحملة علمه والعارفين بجماله وكماله بحسب طاقتهم البشريّة ـ ولعلّ ذلك من قبيل ما روئي لإبراهیم الخليل من ملكوت السماوات والأرض في قوله تعالى: (وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ) .
وروى الصفّار في بصائر الدرجات (ص: 120) بإسناده إلى عبدالرحيم عن مولانا الإمام الباقر × قال في هذه الآية (وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ): كُشط له عن الأرض حتى رآها ومن فيها، وعن السّماء حتى رآها ومن فيها، والملك الذي يحملها والعرش ومن عليه، وكذلك أريّ صاحبكم) (البحار 2: 73 ح 15) أي إمام زمانكم ×.
ثم لا يخفى ان لكلّ واحد من النّاس نصيب كامل من هذه العوالم الثلاثة مخصوص به، إلاّ أنّ أغلب النّاس بل وحتى من أهل العلم ومن الطبقة المثقفة من هو غافل عن هذه العوالم وعن عالم المثال، بل وغافلون حتى عن غفلتهم أيضاً، فأكثرهم لا يعلمون، وأكثرهم للحق كارهون وعن الحقائق غافلون، وعن عوالمهم الروحانية والملكوتيّة بعيدون، إلاّ مَنْ مَنّ الله عليه بالعرفان السليم وبمعرفة نفسه، فإنّه (من عرف نفسه عرف ربّه، ومن عرف ربّه عرف كل شيء) فمعرفة عالم المثال إنّما هو في طريق معرفة النفس الإنسانيّة وفي العالم الناسوتي والطبيعي، فإنها في قوسها النزولي مرّت بتلك العوالم الملكوتية، فإن حقيقة النفس نزلت من العليّ الأعلى ومن عالم الأرواح والأنوار، ومن رفع ودفع عن نفسه الحجب الظلمانيّة والتي أمّهاتها: حبّ الدنيا وحبّ النفس والإعجاب بها والاستبداد بالرأي، وكذلك الحجب النورانية التي تعدّ بالآلاف ومطلعها العلم، فإنّه ما لم يقترن بالعمل كان الحجاب الأكبر الذي يرى ما خلفه من دون الوصول إلی المقصود، فإنّه من كوشف له حجاب المادة عن وجه روحه ونفسه، ورأى نفسه مجردة عنها في عالم المثال يسهل عليه الإنتقال إلى حقيقة روحه المجردة عن الصورة أيضاً، وإلى مثل هذه المعرفة أشار النبي الأعظم | في قوله: «من عرف نفسه عرف ربّه» فان رب العالمين واحد لا شريك ولا ثاني ولا ضدّ ولا مثيل له، كما هو أحد لا تركيب ولا مادة ولا صورة فيه، ثم وجه إرتباط معرفة النّفس بمعرفة الرب لا يعرفه إلاّ من وفّق بتوفيق من الله سبحانه لهذه المعرفة، وهذا المقدار من البيان كاف فيما نحن بصدده من تعريف ما يزول به الانكار والاستبعاد لدرك ورؤية حقيقة ليلة القدر للعاملين العارفين العابدين لأجل تحصيل الشوق الهائم والاشتياق اللازم للوصول إلى حقيقة رؤية ليلة القدر، والله المستعان وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.