- النوران الزهراء والحوراء
- الأقوال المختارة في احکام الصلاة سنة 1436هـ
- الکافي في اصول الفقه سنة 1436هـ
- في رحاب الخير
- الغضب والحلم
- إیقاظ النائم في رؤیة الامام القائم
- الضيافة الإلهيّة وعلم الامام
- البداء بين الحقيقة والافتراء
- سيماء الرسول الأعظم محمّد (ص) في القرآن الكريم
- لمعة من النورین الامام الرضا (ع) والسیدة المعصومة(س)
- الدوّحة العلوية في المسائل الافريقيّة
- نور الآفاق في معرفة الأرزاق
- الوهابية بين المطرقة والسندانه
- حلاوة الشهد وأوراق المجدفي فضيلة ليالي القدر
- الوليتان التكوينية والتشريعية ماذا تعرف عنها؟
- الصّارم البتّار في معرفة النور و النار
- بريق السعادة في معرفة الغيب والشهادة
- الشخصية النبوية على ضوء القرآن
- الزهراء(س) زينة العرش الإلهي
- مقالات في رحاب الامام الحسين(ع)
- نور العلم والعلم نور
- نظرات في الإنسان الكامل والمتكامل
- دروس الیقین فی معرفة أصول الدین
- في رحاب اولى الألباب
- الله الصمد في فقد الولد
- في رواق الاُسوة والقدوة
- العلم الإلهامي بنظرة جديدة
- أخلاق الأنبياء في القرآن الكريم
- الانسان على ضوء القرآن
- إجمال الكلام في النّوم والمنام
- العصمة بنظرة جديدة
- الشباب عماد البلاد
- الخصائص الفاطميّة على ضوء الثقلين
- النور الباهر بين الخطباء والمنابر
- التوبة والتائبون علی ضوء القرآن والسنّة
- القصاص علی ضوء القرآن والسّنة الجزء الثاني
- القصاص على ضوء القرآن والسنّة الجزء الثالث
- القول الرشید فی الإجتهاد و التقلید 2
- القول الرشيد في الاجتهاد والتقليد 1
- القصاص على ضوء القرآن والسنّة الجزء الاول
- الأقوال المختارة في أحكام الطهارة الجزء الأوّل
- أحكام السرقة على ضوء القرآن والسنّة
- الهدى والضلال على ضوء الثقلين
- في رحاب حديث الثقلين
- المأمول في تكريم ذرية الرسول 9
- عصمة الحوراء زينب 3
- عقائد المؤمنين
- النفحات القدسيّة في تراجم أعلام الكاظميّة المقدّسة
- قبس من أدب الأولاد على ضوء المذهب الإمامي
- حقيقة الأدب على ضوء المذهب
- تربية الاُسرة على ضوء القرآن والعترة
- اليقظة الإنسانية في المفاهيم الإسلامية
- هذه هی البرائة
- من لطائف الحجّ والزيارة
- مختصر دليل الحاجّ
- حول دائرة المعارف والموسوعة الفقهية
- رفض المساومة في نشيد المقاومة
- لمحات قراءة في الشعر والشعراء على ضوء القرآن والعترة :
- لماذا الشهور القمرية ؟
- فنّ الخطابة في سطور
- ماذا تعرف عن العلوم الغريبة
- منهل الفوائد في تتمّة الرافد
- سهام في نحر الوهّابية
- السيف الموعود في نحراليهود
- لمعة من الأفكار في الجبر والاختيار
- ماذا تعرف عن الغلوّ والغلاة ؟
- الروضة البهيّة في شؤون حوزة قم العلميّة
- النجوم المتناثرة
- شهد الأرواح
- المفاهيم الإسلامية في اُصول الدين والأخلاق
- مختصر دليل الحاجّ
- الشهيد عقل التاريخ المفكّر
- الأثر الخالد في الولد والوالد
- الجنسان الرجل والمرأة في الميزان
- الشاهد والمشهود
- محاضرات في علم الأخلاق القسم الثاني
- مقتل الإمام الحسين 7
- من ملكوت النهضة الحسينيّة
- في ظلال زيارة الجامعة
- محاضرات في علم الأخلاق
- دروس في علم الأخلاق
- كلمة التقوى في القرآن الكريم
- بيوتات الكاظميّة المقدّسة
- على أبواب شهر رمضان المبارک
- من وحي التربية والتعليم
- حبّ الله نماذج وصور
- الذكر الإلهي في المفهوم الإسلامي
- السؤال والذكر في رحاب القرآن والعترة
- شهر رمضان ربيع القرآن
- فاطمة الزهراء مشكاة الأنوار
- منية الأشراف في كتاب الإنصاف
- العين الساهرة في الآيات الباهرة
- عيد الغدير بين الثبوت والإثبات
- بهجة الخواصّ من هدى سورة الإخلاص
- من نسيم المبعث النبويّ
- ويسألونک عن الأسماء الحسنى
- النبوغ وسرّ النجاح في الحياة
- السؤال والذكر في رحاب القرآن والعترة
- نسيم الأسحار في ترجمة سليل الأطهار
- لمحة من حياة الإمام القائد لمحة من حياة السيّد روح الله الخميني ومقتطفات من أفكاره وثورته الإسلاميّة
- قبسات من حياة سيّدنا الاُستاذ آية الله العظمى السيّد شهاب الدين المرعشي النجفي «قدّس سرّه الشريف »
- طلوع البدرين في ترجمة العلمين الشيخ الأعظم الأنصاري والسيّد الأمام الخميني 0
- رسالة من حياتي
- الكوكب السماوي مقدّمة ترجمة الشيخ العوّامي
- الكوكب الدرّي في حياة السيّد العلوي 1
- الشاكري كما عرفته
- كيف أكون موفّقآ في الحياة ؟
- معالم الصديق والصداقة في رحاب أحاديث أهل البيت
- رياض العارفين في زيارة الأربعين
- أسرار الحج والزيارة
- القرآن الكريم في ميزان الثقلين
- الشيطان على ضوء القرآن
- الاُنس بالله
- الإخلاص في الحجّ
- المؤمن مرآة المؤمن
- الياقوت الثمين في بيعة العاشقين
- حقيقة القلوب في القرآن الكريم
- فضيلة العلم والعلماء
- سرّ الخليقة وفلسفة الحياة
- السرّ في آية الاعتصام
- الأنفاس القدسيّة في أسرار الزيارة الرضويّة
- الإمام المهدي عجل الله تعالی فرجه الشریف وطول العمر في نظرة جديدة
- أثار الصلوات في رحاب الروايات
- رسالة أهل البيت علیهم السلام سفينة النجاة
- الأنوار القدسيّة نبذة من سيرة المعصومين
- السيرة النبوية في السطور العلوية
- إشراقات نبويّة قراءة موجزة عن أدب الرسول الأعظم محمّد ص
- زينب الكبرى (سلام الله علیها) زينة اللوح المحفوظ
- الإمام الحسين (علیه السلام) في عرش الله
- رسالة فاطمة الزهراء ليلة القدر
- رسالة علي المرتضى (علیه السلام) نقطة باء البسملة
- الدرّ الثمين في عظمة أمير المؤمنين - علیه السلام
- وميض من قبسات الحقّ
- البارقة الحيدريّة في الأسرار العلويّة
- رسالة جلوة من ولاية أهل البيت
- هذه هي الولاية
- رسالتنا
- دور الأخلاق المحمّدية في تحكيم مباني الوحدة الإسلاميّة
- أخلاق الطبيب في الإسلام
- خصائص القائد الإسلامي في القرآن الكريم
- طالب العلم والسيرة الأخلاقية
- في رحاب وليد الكعبة
- التقيّة في رحاب العَلَمَين الشيخ الأعظم الأنصاري والسيّد الإمام الخميني
- زبدة الأفكار في طهارة أو نجاسة الكفّار
- طالب العلم و السیرة الأخلاقیّة
- فاطمة الزهراء سلام الله علیها سرّ الوجود
التصوّف بين الرَّفض والقبول[1]
قالوا: إنّ التصوّف كان ولا يزال من أسوأ الأحداث التي
طرأت على الإسلام والأُمّة الإسلامية خلال القرن الثاني من الهجرة النبويّة الشريفة
، وما بعده إلى يومنا هذا، عن طريق الفرس وغيرهم ممّن دخلوا في الإسلام مرغمين بعد
أن عجزوا عن مقاومته خلال القرون الأُولى من تاريخه ، وتستّروا بالزهد والورع ، وراحوا
يتلاعبون بنصوص الإسلام يفسّرون الإعراض عن الدنيا، وتهذيب النفس بالجوع ، ولبس الخرق
والمرقّعات ،والالتجاء إلى الكهوف والغابات ، والتنكّر لجميع مقوّمات الحياة ، بدعوى
تفريغ القلب للعبادة والتجرّد عن المادّة التي تحول بين الإنسان وبين الله سبحانه ،
ومن خلال ما يسمّونه بالرياضات والمجاهدات ظهرت في أوساطهم فكرة الحلول والاتّحاد وتناسخ
الأرواح وغير ذلک ، ممّا أخذوه عن البوذيين والبراهمة واليونانيين ، بينما وقف الإسلام
من حاجات الجسم والروح موقفاً معتدلاً، وأعطى لكلّ منهما حقّه ، ودعا إلى استخدام طاقات
النفس والبدن فيما ينفع النّاس في ظلّ عقيدة التوحيد، وفرض
على كلّ مسلم أن يأخذ ويعطي بدون إفراط أو تفريط ، بل يتواكب مع الاعتدال والحدّ الوسط
، وأن يقف للظالمين والباغين بالمرصاد، وإلّا يفتتن بالدنيا وزخارفها وينزلق بمفاتنها
وزبرجها، وإلّا يخشى أحداً إلّا الله، ويستقيم على ذلک .
(الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا)[2] .
كما وقف من المال والنعيم والملذّات والمشتهيات موقفاً يتناسب مع كرامته الإنسانيّة وحياته الطبيعية ، وقد حدّده الله سبحانه بقوله تعالى :
(وَابْتَغِ فِيمَا آتَاکَ اللَّهُ الدَّارَ الاْخِرَةَ وَلاَ تَنسَ نَصِيبَکَ مِنَ الدُّنْيَا)[3] .
(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً)[4] .
ولخّصه النبي الأعظم 6 بما جاء عنه : «ليس خيركم من ترک دنياه لآخرته ، ولا من ترک آخرته لدنياه ، ولكن خيركم من أخذ من هذه وهذه ، من طلب الدنيا مفاخرة لقي الله وهو عليه غضبان ، ومن طلبها استعفافاً وصيانة لنفسه جاء يوم القيامة ووجهه كالقمر ليلة البدر»[5] .
ولا يخفى أنّ التشيّع الناصع الأصيل بإصالة الإسلام ـ
ومن يوم الدار والإنذارـ غير التصوّف ـبكل فرقه ومذاهبه والتي تربو على مائتي فرقة
ومدرسة ـ فبينهما فجوة عميقة بالغة أقصى حدودها في جميع المعتقدات ، بل
هما على طرفي نقيض كما يدلّنا على ذلک أوثق المصادر والمراجع .
ثمّ أئمّة أهل البيت : حاربوا الصوفيّة كمحاربتهم كلّ الفرق المنحرفة والمذاهب الباطلة والشخصيات الضالّة والمضلّة ، وندّدوا بهم غاية التنديد، فإنّ أمثال المذهب الصوفي إنّما اخترعه حكّام الظلم وخلفاء الجور كمدرسة تعارض مدرسة أهل البيت :، فإنّه لمّا امتازوا برفيع أخلاقهم وزهدهم وانجذب النّاس نحوهم ، أوجد خلفاء الجور والطغمة الحاكمة وجلاوزتهم ووعّاظ السلاطين مذهباً يدّعي العرفان والتزهّد والتورّع والتصوّف ، لكسب عواطف الجماهير وخلوص نواياهم ، وسذاجة جمع منهم .
نكتفي بنماذج من أحاديثهم الشريفة في ردّ الصوفية في عصرهم ومن بعدهم وبيان ظلالتهم ، ومن أراد التفصيل فعليه بكتاب (الإثنى عشرية) للشيخ الحرّ العاملي صاحب وسائل الشيعة ، فإنّه نقل ما يقارب ألف حديثٍ عن المعصومين : في ذمّ الصوفيّة وإنكارهم .
منها: بسند صحيح عن البزنطي وإسماعيل عن الإمام الرضا 7 قال : من ذكر عنده الصوفيّة ولم ينكرهم بلسانه وقلبه فليس منّا، ومن أنكرهم فكأنّما جاهد الكفّار بين يدي رسول الله 6»[6] .
وأيضاً عن الإمام الصادق 7 قال : إنّهم أعداؤنا فمن مال إليهم فهو منهم ويحشر معهم ، وسيكون أقوام يدّعون حبّنا ويميلون إليهم ويتشبّهون بهم ويلقّبون أنفسهم بلقبهم ، ويأوّلون أقوالهم ، إلّا فمن مال إليهم فليس منّا وأنا منه برئاء، ومن أنكرهم وردّ عليهم كان كمن جاهد الكفّار بين يدي رسول الله 6.
وعن رسول الله 6: لا تقوم السّاعة على أُمّتي حتّى يقوم قوم من أُمّتي إسمهم الصوفيّة ليسوا منّي ، وإنّهم يحلقون للذكر ويرفعون أصواتهم ، إنّهم ليسوا على طريقتي ، بل هم أضلّ من الكفّار وهم أهل النار لهم شهيق الحمار.
وفي حديقة الشيعة عن الإمام العسكري 7: «يا أبا
هاشم ، سيأتي زمان على النّاس وجوههم ضاحكة مستبشرة وقلوبهم مظلمة منكرة ، السنّة فيهم
بدعة ، والبدعة فيهم سنّة ، المؤمن بينهم محقّر والفاسق بينهم موقّر، أُمراؤهم جائرون
وعلماؤهم يسرقون زاد الفقراء، وأصاغرهم يتقدّمون على الكبراء، كلّ جاهل عندهم خبير،
وكلّ محيل عندهم فقير، لا يتميّزون بين المخلص والمرتاب ، ولا يعرفون الضأن من الذناب
، علماؤهم شرار خلق الله على وجه
الأرض ، لأنّهم يميلون إلى الفلسفة والتصوّف ، وأيّم الله إنّهم من أهل العدوان والتحرّف
، يبالغون في حبّ مخالفينا، ويضلّون شيعتنا وموالينا، فإن نالوا منصباً لم يشبعوا عن
الرشا، وإن خذلوا عبدوا الله على الرياء، إلّا إنّهم قطّاع طريق الدين والدعاة إلى
نحلة الملحدين ، فمن أدركهم فليحذرهم وليصن دينه وإيمانه ».
والشيخ القمّي 1 في سفينته ، والشيخ المفيد في دلائل الربوبيّة : عن الإمام الهادى 7 عند رؤيته لحلقة الذكر لجمع من الصوفيّة في المسجد قال : يتزهّدون لراحة الأجسام ، ويتهجّدون لتصييد الأنام ، لا يهلّلون إلّا لغرور النّاس ، ولا يقلّلون الغذاء إلّا لملأ المساس . يكلّمون النّاس بإملائهم في الحبّ ويطرحونهم في الجبّ ، أورادهم الرقص والتصدية ، وإذكارهم الترنّم والتغنية ، فلا يتبعهم إلّا السفهاء، ولا يعتقدهم إلّا الحمقاء، فمن ذهب إلى زيارة أحد منهم حياً أو ميتاً فكأنّما ذهب إلى زيارة الشيطان وعبدة الأوثان ، ومن أعان أحداً منهم ، فكأنّما أعان يزيد ومعاوية وأبي سفيان . فقال له رجل من أصحابه : وإن كان معترفاً بحقوقكم؟ قال : فنظر إليه شبه المغضب وقال : دع ذا عنک من اعترف بحقوقنا لم يذهب في عقوقنا، أما تدري إنّهم أخسّ طرائق الصوفيّة ، والصوفيّة كلّهم من مخالفينا وطريقتهم مغايرة لطريقتنا، وإن هم إلّا نصارى ومجوس هذه الأُمّة أُولئک الذين يجهدون في إطفاء نور الله، والله يتمّ نوره ، ولو كرّه الكافرون[7] .
وهناک العشرات من الروايات الشريفة في هذا المضمار.
فمثل هذه الروايات الشريفة تؤكّد بوضوح مدى خطورة المذاهب المنحرفة التي أوجدها الكفر وعملاء الجور والمنافقين في صفوف المسلمين ، فإنّ الأئمّة الأطهار : وصفوهم بالكفر والشرک والمروق من الدين والضلال ، وإنّ عاقبتهم النار. وبهذا تعرف أنّ الشيعة وأئمّتهم : كانوا ولا يزالون من أحرص المسلمين على ما جاء به الرسول الأعظم 6 والقرآن الكريم من المبادىء التي تتعلّق بعالم التشريع وغيره ، ولا يقرّون أي فكرة تتنافي مع المبادىء الإسلامية مهما كان مصدرها، وقد وقفوا بصلابة في وجه تلک الأفكار الهدّامة والتيارات الغريبة والمنحرفة في جميع الأدوار والمراحل التي مرّوا بها.
فالفرق المحسوبة على الشيعة كالكيسانية والزيدية والإسماعيلية بجميع فروعهم بما في ذلک القرامطة والغلاة على اختلاف نزعاتهم ، وكذلک الصوفية بجميع طرقهم ، هذه الفرق لا ترتبط بالتشيّع الأصيل من قريب أو بعيد، ولا تجتمع معه في قاسم مشترک ، بل هي إلى المسيحية واليهودية والبوذية أقرب منها إلى الإسلام ، ولعلّ أكثر الدعاة إليها كانوا من غير الإسلام . وحينما دخلوا فيه لم يدخلوا على أساس التشيّع الذي بدأ مع بدء الدعوة إلى الإسلام منذ (يوم الدار).
ومن إنخرط منهم في صفوف الشيعة فضحته الأيام والأحداث ، وتكشّف على واقعه خلال سنوات معدودات[8] .
وقد استفحل أمر الصوفية في إيران في عصر الشاه إسماعيل
الصفوي
القاجاري في القرن العاشر الهجري ، وقد انبرى في ردّ غيهم علماء الإسلام آنذاک ، وفي
مطلعهم المحقّق الثاني الشيخ علي الكركي 1 فإنّه في عصر الشاه طهماسب
ابن الشاه إسماعيل أوّل ما قام به هذا العبقري الفذّ هو (تشجيع الشاه على محاربتهم
ونبذ طرقهم ، ومنع القوّالين والقصّاصين الذين يجولون في طول البلاد وعرضها، ينشرون
قصصاً أُسطوريّة ، ومعاجز كاذبة عن رجال الصوفيّة ، فاصدر طهماسب دستوراً حكومياً بمنع
ذلک وزجر ومعاقبة مرتكبه .
ثمّ عمل الكركي بشكل دؤوب على توعية النّاس وإيقافهم على حقيقة الصوفيّة وفضح مخالفاتهم للشرع المقدّس ، ممّا حدا بالكثير من مقلّديه المنتشرين في أنحاء إيران باستفتائه عنهم ، وبيان كيفية التعامل معهم ... ولم يكتفِ المحقّق الكركي بذلک بل تجاوزه إلى مرحلة أعمق في محاربتهم وبيان رأيه فيهم ، فعمد إلى كتابة رسالة مستقلّة في بيان ضلالهم وبطلان طرقهم ، سمّاها (المطاعن المجرمية في ردّ الصوفيّة) وهي ردّ على الصوفيّة عموماً، وبيان كفر أبي مسلم الخراساني خصوصاً.
ولعلّ الكركي هو أوّل من طرق هذا الباب وألّف في ردّ الصوفيّة ، إذ لم يجرأ أحد قبله على ذلک ـ فإنّ الدولة كانت بأيديهم ـ وتتألف التأليفات في ردّهم من بعده ، حتّى تجمّع من ذلک تراث ضخم يضمّ الكثير من الكتب والرسائل ، بيّن بعضها الشيخ محمّد حسن الحرّ العاملي (ت 1104ه ) في رسالته ـ الاثنا عشرية في الردّ على الصوفيّة ـ[9] .
هذا ومن الأعلام من دافع عنهم ، ومنهم من قال بالتفصيل كما حكي عن العلّامة المجلسي 1 عندما سُئل عن والده العلّامة محمّد تقي المجلسي صاحب (ملاذ الأخيار) حيث أُتّهم بالصوفيّة فأجاب : إن كان التصوّف بمعنى تهذيب الأخلاق والسلوک إلى الله سبحانه فكان أبي منهم ، وإن كان بمعنى لبس الخرقة والإباحية فأبي بريء منهم .
والعلّامة السيّد حيدر الآملي من أعلام القرن الثامن في
كتابه (جامع الأسرار ومنبع الأنوار) يقول : ولاشکّ أنّ هذا ـأي إثبات حقيقة أمر الصوفيّة
ـ يصعب على بعض الأذهان المحجوبة عن الحقّ من أهل الشيعة ، لأنّه يتصوّر أنّي أُساعد
مذهب أهل الباطل بالباطل ، وأجتهد في إثبات حقيّتهم بغير الحقّ ، مع أنّه ليس كذلک
، لأنّي بالحقيقة ما أُساعد إلّا مذهب آبائي وأجدادي الطاهرين ـصلوات الله عليهم أجمعين
ـ وذلک من حيث الظاهر والباطن كما تقدّم ذكره ، لأنّ أكثر الصوفية من جهلهم يتصوّرون
أنّ الأئمّة المعصومين : كانوا عارين عن هذه الفضيلة
، وكذلک الشيعة فإنّهم أيضاً يتوهّمون أنّ فضيلة أئمّتهم كانت منحصرة في هذه العلوم
المتداولة بينهم ، وليس كذلک ، لأنّ كلّ واحد منهما مخطىء في تصوّرهما، لأنّه ليس هناک
علم إلّا وهم منبعه ، ولا سرّ إلّا وهم معدنه ، وهم رؤساء أرباب الشريعة ، وأئمّة أهل
الطريقة ، وأقطاب أساطين الحقيقة ، وهم خلفاء الله في أرضه وسمائه ، ومظاهر كبريائه
وجلاله في ملكه وملكوته ، والله ثمّ والله لو لا هم ما كانت السماوات قائمة ، ولا الأرضون
ثابتة ، ولا ما بينهما من المخلوقات موجودة ، كما شهد به كلام الوارد من الله تعالى
خطاباً إلى
النبي 6: «لولاک
لما خلقت الأفلاک » وكما شهد به أيضاً الكلام الوارد منه تعالى أيضاً إلى داوود:
«يا داوود، إنّي خلقت محمّداً لأجلي ، وخلقت
أولاد آدم لأجل محمّد، وخلقت ما خلقت لأجل أولاد آدم » الحديث[10] ...
والذي أذهب إليه في نهاية المطاف : أنّ الصوفيّة أن كان أحوالهم وأقوالهم وسلوكهم كما ورد في الروايات والأحاديث التي تذمّهم وتنكرهم فهم على باطل وطريقتهم الضلال والإنحراف ، وأنّا منهم براء، وإن كان بمعنى التخلّق بالأخلاق الإلهيّة قولاً وفعلاً وعلماً وحالاً ومقاماً، وأنّه يعني تهذيب النفوس وصيقلة القلوب وانشراح الصدور بالعلم النافع والعمل الصالح ، فهذا ما نؤمن به ، وندعو إليه ، كما يقرّه العقل السليم والفطرة الموحّدة ، بل وجميع الشرائع السماوية ، وإن اختلفت الأسماء، وسمّي عند البعض بالصوفيّة ، فإنّه لا نزاع لنا في الأسماء والألفاظ ، بل الملاک والمقياس ما وراء الأسماء من المسمّيات والمعاني ، فإنّه لابدّ أن نعرض أنفسنا على الحقّ وعلى الثقلين : كتاب الله والعترة الهادية أئمّة الحقّ :، فما وافقهما في العقائد والسلوک والعمل فهو الحقّ الحقيق ، وما خالفهما فهو الباطل الزهوق .
ولمّا كانت الفرق الصوفيّة على مرّ العصور والأحقاب ـبمقدار ما علمناه ـ من القسم الأوّل ، فحفاظاً على عقائدنا الحقّة نتبرّأ منهم ، بل ونتجنّب حتّى من إسم التصوّف : فان أورع النّاس من وقف عند الشبهات .
والحمد لله ربّ العالمين . والصلاة والسّلام على محمد وآله الطاهرين .
بسمه تعالى
وصلى الله على محمّد وآل محمّد
الدوّحة العلوية في المسائل الافريقيّة
الحمد لله العلام بالخفايا والخبير على النوايا، والصلاة والسلام على أشرف الخلق والبرايا محمّد وآله الطاهرين لاسيما بقية الله في الأرضيين الإمام المهدي المنتظر الحجّة الثاني عشر عجل الله فرجه الشريف .
أما بعد :
فقد قال الله تعالى في محكم كتابه الكريم : (فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ)[11] ثمّ سلامي الخالص وتحياتي الإيمانيّة من أعماق
القلب ومن أرض العلم والاجتهاد عشّ آل محمّد :
مدينة قم المقدّسة إلى كلّ المؤمنين والمؤمنات في ربوع الأرض وفي العالم الإسلامي ولاسيما
من سكن ديار قارة افريقيا وأخصّ بالذكر الاخوة الكرام في نجيريا أسعدهم الله وهداهم
لما فيه الخير والصلاح وسدّد خطاهم ، وآراهم الحقّ حقّاً فاتبعوه والباطل باطلاً
فاجتنبوه ، وعرفوا الحقّ فعرفوا أهله وكانوا كما أمر الله تعالى مع الصادقين في قوله
سبحانه : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ)[12] وأن من أتمّ وأبرز
مصاديق الصادقين هو الصادق الأمين رسول الله محمّد المصطفى 6 ثمّ من بعده العترة الطاهرة أهل بيته كما في الحديث (حديث الثقلين) المتواتر عند الفريقين السنّة والشيعة ، ثمّ من بعدهم أصحابه المنتجبين الأمثل فالأمثل والذي كان منهم سلمان الفارسي «سلمان منّا أهل البيت » رضي الله عنهم .
ثمّ أيّها الأحبّة الأجلّاء هذه أجوبة مفتوحة وسريعة وموجزة لاسئلتكم الكريمة ، وإنّي أعلم أنها ربما لا تفي بالمراد، وإن لم تكن كما هو المطلوب ، إلّا انه بقاعدة الميسور، وما لا يُدرک كلّه لا يترک جلّه ، وعسى أن يكون بمنزلة كفّ ماءٍ يروي الظمأ من بحر علم ، أو يكون مفتاح فهم يفتح أبواباً وآفاقاً جديدة في المطالعة والتحقيق ، أو تكون شمعة صغيرة تنير الدرب لمن أراد السلوک والطريق إلى ربّه ، كأقدام يسيرة وخطوة أوّليّة ، والله المستعان وهو من وراء القصد،
والأسئلة كما يلي :
السؤال الأوّل : كيف ترون الطرق الصوفية التي عندنا كالتيجانية والقادرية؟
الجواب :
أوّلاً: ستكون الأجوبة انشاء الله تعالى على ضوء مدرسة أهل البيت : ومن خلال القرآن الكريم والسنّة الشريفة .
ثانياً: ستكون الأجوبة مختصرة وبلغةٍ ساذجةٍ يفهمها الجميع
فان المقصود
إيصال فكرة الحقّ إلى كل طبقات المجتمع .
ثالثاً: إنّما أُجيبُ حسب محفوظاتي من دون أن أرجع إلى مصادر ومراجع ، وهذا يعني إنّي أكتب ما اعتقده حقّاً وإنه من العلم المعقود بقلبي وفكري وجميع جوارحي وجوانحي . وحينئذٍ أقول :
أوّلاً: لا يخفى على ذوي النهي انه كان من منهجيّة الأئمّة الأطهار : في أحاديثهم الشريفة أن يعطوا لشيعتهم أمارات وعلائم في الطريق إلى الله سبحانه حتّى لا يخطئوا وينحرفوا ويضيعوا فكانوا : يلقون الأُصول وكان التفريع والتطبيق على شيعتهم الكرام ، كما كانوا يبيّنون الخطوط العامّة والقضايا الكليّة ، ويكون التطبيق ومعرفة الجزئيات من خلال الكليات والثوابت الملقاة عليهم بيد الشيعة ، ومن هذا المنطلق نجد لمثل هذه القضايا يرجعونا إلى القرآن الكريم وانه ما يصدر من كلامهم ان وافق كتاب الله فخذوه وإلّا فهو من زخرف القول الباطل فاضربوه عرض الجدار. فكلام مهم كالقرآن الكريم نور للمهتدين والمستبصرين ، فانّهم القرآن العيني الناطق ، كما ان كتاب الله القرآن التدويني الصامت .
ثانياً: كلّ علم ومعرفة وفنٍ لم يخرج منهم فهو مردود، فان صافي العلوم والمعارف عندهم ، إذ انّهم معدن العلم والتقوى ، وفي أبياتهم نزل الكتاب ، فهم فصل الخطاب .
ثالثاً: كما ورد عن صاحب الزمان المهدي المنتظر 7
أنّه : «طلب الهداية من غيرنا مساوغ لإنكارنا»
وإنكارهم والردّ عليهم إنكار لرسول الله وردّ على
الله فيكون في حدّ الشرک بالله وكان من الكافرين ، فأيّ طريقة من الطرق وأي سبيل من
السبل لم ينتهِ إلى صراطهم المستقيم سواء الطرق الصوفية أو غيرها، فانّه إذا لم تخرج
منهم وترجع إليهم فهو مردود، وانّه لا يتاب الإنسان عليه ، بل يحاسب عليه يوم القيامة
(وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم
مَّسْئُولُونَ)[13] فطلب الهداية والدّين من
غير أهل البيت 7 لا يقبل منه أعماله الصالحة ، فانّ الله سبحانه أراد أن يعبد من خلال أنبيائه وأوصيائهم ، وفي آخر الزمان من خلال خاتم الأنبياء والمرسلين محمّد وحبيب الله 6: (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ)[14] ومن بعده
قد خلّف في أُمّته إلى يوم القيامة : كتاب الله وعترته من أهل بيته الأئمة الأثني عشر كلّهم من قريش وعيّن اسمائهم أوّلهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب 7 وآخرهم المهدي القائم المنتظر 7، ما ان تمسكت الأُمّة بكتاب الله والعترة الطاهرة لن تضلّ أبداً، وأمّا من تمسک بكتاب الله ولم يعتقد بإمامة الأئمّة الأطهار : فقد ضلّ ضلالاً أبداً، وقال رسول الله6 كما هو ثابت عند الشيعة والسنّة : «من لم يعرف إمام زمانه مات ميتة الجاهلية »[15] ؛ ميتة كفر وضلال
فأراد الله سبحانه ان يعرف ويعبد من خلال الرسول الأعظم والعترة الطاهرة ، وغير هذا كان من عبادة الشيطان (قال الشيطان ان أكفر بالله واعبدن)[16] . فكل
عمل وقول وفعل من عبادة أو غيرها إذا لم يكن على ضوء الثقلين
فهو باطل
ومردود كما هو ثابت بالادلّة العقليّة والنقليّة من الكتاب والسنّة والأحاديث الشريفة
.
السؤال الثاني : هناک أوراد وأذكار خاصّة (يقرأها) يذكرها أصحاب هذه الإتجاهات والطرق الصوفيّة فما حكمها؟
الجواب : قد علم من الجواب الأوّل حكم هذا السؤال إجمالاً،
إلّا انّه نضيف عليه ان الأذكار والأوراد لما كان لها جانب العبادة ، فلابدّ أن يكون
بإذن صاحبها أي الربّ المعبود، فانّه لا يرضى باي عبادة كانت ، فانّه لما قال للشيطان
(اسجد) فأبى واستكبر وكان من الكافرين ، قال الشيطان أعفني عن هذه السجدة وأسجد لک
سجدة لم يسجد لک من قبل ومن بعد أحد مثلها فلم يرض الله منه ، بل قال : أريد ما أُريد ولا ما تُريد هذا، وقد ورد في الأحاديث
الشريفة : ذكر الله حسن على كل حال ، فما يأتي به الإنسان من الأذكار والأوراد ان كان
بقصد ذكر الله العام وعلى نحو الإطلاق فهذا حسن ، ولكن ان قصد الورود أي ورد عن الله
هذا الذكر الخاص والحال لم يثبت ذلک إنّما ورد عن الشيخ الفلاني مثلاً فهذا يكون من
البدعة وانه حرام وباطل ، لانّه من مصاديق إدخال ما ليس من الدّين في الدّين ، فاتيان
الأذكار ان كان بقصد ذكر الله العام فهو حسن ، وان كان بقصد الورود فلابدّ له من دليل
شرعي وإلّا كان من البدعة والبدعة ضلالة والضلالة في النّار، وليس في مذهب أهل البيت
: البدعة الحسنة كما يقال في صلاة التراويح ، وعليه
كلّ ذكر ان قصد منه التشريع فان لم يثبت ذلک بدليل خاص من
كتاب أو سُنّة فانّه يدخل تحت عنوان إدخال ما ليس من الدّين في الدّين وهو من البدعة
المحرّمة ، ومثل هذا الذكر يبعد العبد عن ربّه وانه من الأذكار الشيطانيّة ، فانّ إبليس
الملعون أيضاً يريد من خلال الأذكار والأوراد التي لم ترد في الشريعة الإسلامية يحاول
أن يضل الناس إذ انه تارة باسم الدّين يحارب الدّين وبإسم المذهب يحطم أركان المذهب
، وحتّى كما قال سبحانه : (وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى
أَوْلِيَآئِهِمْ)[17] فيرى الذاكر بهذه الأذكار الشيطانيّة بعض المكاشفات
إلّا انها من
الشيطان وليست من الشهود والمكاشفات الرحمانيّة ، فيزيد في الدّين ما ليس في الدّين ويكون صاحب مذهب جديد ما أنزل الله به من سلطان ، فلابدّ من أن يجتنب عنها حتّى لا يكون من أولئک الذين اتبعوا خطوات الشيطان ودسائسه وتسويلاته ، فالحذار الحذار من الشيطان الغدّار، فانّه العدو اللدود للإنسان ، وانّه تارة يأتيه بلباس العابدين والصالحين كما فعل مع برسيس العابد كي يضلّه عن الصلاح والفلاح ، فقد أفلح المؤمنون المخلصون الذين عرفوا الشيطان اللعين وعرفوا خدعه وأساليبه ودعواته .
السؤال الثالث : للقيام بالذكر الصباحي والمسائي يقومون
بالكيفيّة الخاصّة كجعل القماش الأبيض والإحاطة به للقيام بالذكر المسائي عند التيجانية
، أو الرقص والحركات عند القادرية ، وما شابه ذلک ، وقد يحيط الذاكرون بمكان خاص مكررين
أذكار وأوراد وأصوات قد تكون غير ذات المعنى عند السامع إذ
لا تسمع إلّا الهمس ، ولا تدل إلّا على التعبير عن الشوق إلى المحبوب والسكر الذي ينشأ
من اللذّة المعنوية كما عند القادرية ، فماذا تقولون في أمثال هذه .
الجواب : أوّلاً: كما ذكرنا وهو واضح ومعلوم انه نحن أبناء
الدليل أينما مال نميل ، فلا نقوم بشيء إلّا أن يكون عليه دليل معتبر من كتاب الله
وسنّة رسوله ومنهاج الأئمة الأطهار من عترته الأبرار :، فكل عمل من ذكر وغيره يقوم
به الإنسان المؤمن لابدّ أن يكون له دليل شرعي وفي عصر الغيبة الكبرى أن لم يكن مجتهداً
أو محتاطاً فانّه يرجع إلى الفقهاء العظام ومراجع التقليد في الفتاوى . ثانياً: ثمّ
الشيطان عدو الإنسان وانه لبالمرصاد يحاول أن يضلّه ويخدعه وتارة يأتيه بإسم الدّين
والمذهب والطريقة الخاصّة ويصوّر له انه في لذّة معنوية وسكر المحبوب وانه في عالم
اللاهوت ، ولا يدري هذا السالک المسكين ان مثل هذا الرقص والأصوات والكيفيات الخاصّة
التي ما أنزل الله بها من سلطان إلّا ما قاله الشيخ مثلاً إنّما هو من الشيطان ، إذ
مثل هذا الرقص يكون عند الغربيين الكفّار أيضاً وحتّى يكون لهم مثل هذه الحالات ، فهذا
لا يدلّ على صدق العمل وصحّته وشرعيّته ، فانّ العلامة التي تكون للباطل ربّما تكون
للحقّ أيضاً وبالعكس فيما إذا التبس الأمر على النّاس ، وإلّا فالحق بيّن رشده والباطل
بيّن غيّه فلا من الرجوع إلى العالم الخبير في معرفة المتشابهات والملابسات والشبهات
ليرشدک إلى ما هو الحقّ ويبيّن لک الحقيقة ، فلا تغتر بهذه الأصوات أو الرقص أو السّماع
الصوفي فانّه عند فقهائنا بل فقهاء كلّ المذاهب الإسلاميّة إلّا الصوفية ان السماع
والرقص محرّم ، فكيف بامر محرّم ومبغوض إلى الله سبحانه يكون مقرّباً إليه؟
فهذا غير معقول فانّه من اجتماع الضدين أو النقيضين وهو محال ؛ فكيف يكون المبعّد مقرّباً
فانّه يستحيل عقلاً كما هو باطل شرعاً.
السؤال الرابع : وللقيام بالأذكار نوايا خاصّة فكيف ترونها؟ منها: بسم الله الرحمن الرحيم اللّهم إنّي نويت أن أتقرب إليک بأداء ورد اللازم ، صباح هذا اليوم أو مساء هذا اليوم إقتداءاً بشيخنا أحمد التيجاني تعبداً واحتساباً بالله فيقرأ الفاتحة مرّة واحدة ، والإستغفار 100 مرّة ، ثمّ صلاة الفاتح : اللّهم صل على سيّدنا محمّد الفاتح لما أغلق والخاتم لما سبق ناصر الحق بالحق والهادي إلى صراطک المستقيم ، وعلى آله حق قدره ومقداره العظيم 100 مرّة ، ثمّ الهيللة 100 مرّة .
وهناک الأوراد المسائية تسمّى بالوظيفة : بعد النيّة ،
تقرأ الفاتحة ، فالإستغفار 100 مرّة ، ثمّ صلاة الفاتح ، وبعدها جوهرة الكمال 12 مرّة
: وهي : اللّهم صل وسلم على عين الرحمة الربانيّة
والياقوتة المتحققة الحاشطة بمركز الفهوم والمعاني ، ونور الأكوان المتكوّنة الآدمي
صاحب الحق الرباني ، البرق الأسطع بمزون الأرباح المالئة لكل متعرض من البحور والأواني
، ونورک اللامع الذي ملئت به كونک الحائط بأمكنة المكاني . اللّهم صل على عين الحق
التي تتجلّى منها عروش الحقائق عين المعارف الأقوم ، صراطک التام الأسقم . اللّم صل
وسلم على طلعة الحق بالحق الكنز الأعظم ، إفاضتک منک إليک إحاطة النور المطلسم ، صلى
الله عليه وعلى آله صلاة تعرفنا بها إيّاه 12 مرّة . ثمّ تعقب بقول :
إن الله وملائكته يصلون على النبي ، يأ ايّها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما،
صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما، سبحان ربّک ربّ العزة عما يصفون ، وسلام
على المرسلين ، والحمد لله ربّ العالمين.
للقيام بالذكر الصباحي والمسائي يقومون بالكيفيّة الخاصّة لجعل القماش الأبيض والإحاطة به للقيام بالذكر المسائي عند التيجانية ، أو الرقص والحركات عند القادرية ، وما شابه ذلک ، وقد يحيط الذاكرون بمكان خاص مكررين أذكار وأوراد وأصوات قد تكون غير ذات المعنى عند السامع إذ لا تسمع إلّا الهمس ، ولا تدل إلّا على التعبير عن الشوق إلى المحبوب والسكر الذي ينشأ من اللذّة المعنوية كما عند القادرية ، فماذا تقولون في أمثال هذه .
الجواب : لقد عرفتم من خلال الأجوبة السابقة ما هو المقياس والملاک في الأُمور العباديّة ، فإنّ الوقائع والقضايا تارة تكون من قسم المعاملات والتي تتعلّق بالأُمور المعاشيّة فحسنها وقبحها يرجع فيها إلى العقلاء والشارع المقدّس بمعنى ذلک إلّا ما أخرجه بالدليل الخاص كالبيع فانّه أحل الله البيع الذي عند النّاس وأمضى ذلک إلّا الرّبا فانّ النّاس يرونه هو بيعٌ ولكن الشارع المقدّس كما في كتابه الكريم يراه حرباً مع الله، فحرّم ذلک وشدّد على حرمته لسلامة إقتصاد المجتمع ولعدم تسلّط الرأسماليين على إقتصاد البلد، ومثل هذا الحكم الإمضائي الذي يقابله الحكم التأسيسي الجديد يجري في كلّ المعاملات كالإجارة والنكاح وما شابه ذلک .
أمّا في العبادات فانّ للشارع أحكاماً تأسيسيّة إذ ان
العبادة من حقّ الله
سبحانه فلا يجوز لغيره ان يزيد أو ينقص في حكمه وحقّه (إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ
لِلّهِ) ومن يحكم بغيرما أنزل الله فأولئک هم الفاسقون الكافرون
، فمن زاد أو أنقص في شريعته السّمحاء حتّى لو كان من قبل المشايخ وأرباب الطرق وأصحاب
الكرامات فانّه يكون من إدخال ما ليس في الدّين وهو من البدعة المحرّمة ، ولكن إذا
كان بنحو عام وانه من ذكر الله المطلق الحسن على كلّ حال فلا مانع في ذلک كما أفتى
به جميع فقهاء الإسلام .
ثمّ ما ذكرتموه من الأذكار والأوراد فإنّي بصفتي رجل عربي
ولي ذوق في اللغة العربيّة فانّ ما ذكر لا يخرج من بيت الوحي والرسالة والطاهرة من
بيت رسول الله 6 والعترة الهادية آل محمّد : فانّهم أئمّة الفصاحة والبلاغة
وانّهم سادة العرب وأفصح من نطق بالضّاد، أُمراء الكلام وإذا أردتم ان تعرفوا لغتهم
الخاصّة في الأدعية والاوردة فعليكم بقراءة دعاء كميل ، والمناجاة الشعبانية ، والصحيفة
السجادية ، وغيرها من الأدعية كما في مفاتيح الجنان وغيره من كتب الأدعية الصادرة عن
أهل البيت : وحينئذٍ تقفون على الفرق بينها وبين ما ذكرتموه وانه أين
الثرى من الثريا، وأين كلام المشايخ من كلام الأئمّة الأطهار :، ومن الواضح ان ما يقوله
غيرهم : إنّما هو من نسيج أفكار بشريّة لا تمدّ بصلة مع
السّماء، وهذا بخلاف ما في سنّة رسول الله وأهل بيته الأطهار : فانّه من عيبة علم الله ومعدن
وحيه ، وانّه في أبياتهم نزل الكتاب وبهم يعرف الصواب ، وانّهم فصل الخطاب والمقياس
بين الحقّ والباطل كما قال رسول الله6 في حديث متواتر عند الفريقين السنّة والشيعة : «علي مع الحقّ
والحقّ مع علي إينما دار يدور».
ثمّ لماذا يقتدي بالشيخ الفلاني ولا يقتدي برسول الله 6 أليس قال الله تعالى في كتابه الكريم : (لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) ولم يقل ولكم في الشيخ الفلاني أسوة حسنة وقدوة صالحة؟! نعم إنّما نرجع إلى علمائنا ومشايخنا فيما إذا أرجعونا إلى الرسول الأعظم وأهل بيته الأطهار، لا أن يكون هو بدلاً عن رسول الله6 فاتعبّد بما قاله لا بما قال الله وقال رسوله؟! نعم لا بأس ان تعبّد بما قاله الله ورسوله من خلال إرشاد الشيخ الحكيم والأُستاذ العليم . فإنّ العلماء ورثة الأنبياء يرثونهم في علومهم ومعارفهم ومسؤولياتهم ، لا أنّهم يزيدون في شرائعهم من عند أنفسهم لمكاشفة حصلت لهم والتي هي ليس بحجة شرعيّة وربّما تكون من المكاشفات الشيطانيّة .
ثمّ الأعداد الواردة في الأذكار وكذلک الكيفيات الخاصّة
فانّه كما ان أصل الذكر التعبّدي الخاص لابدّ له أن يكون عليه دليل شرعي أي يكون من
أهله وأصحاب الشريعة الإسلاميّة ومن خلال الكتاب الكريم والسنّة الشريفة ومنهاج الأئمّة
الأثني عشر : من آل محمّد كذلک إعداده وكيفيته وكمّه ، إذ انه من الصفات
التعبّدية ، وكل عبادة ـ كما ذكرنا تكراراً ـ لابدّ أن يكون من قبل الشارع المقدّس
إذا قُصد به الورود، وإلّا فانّه يدخل تحت عنوان البدعة الضالّة والمضلّة ، إلّا ان
يكون ذلک من الذكر المطلق والعام الحسن على كل حال من دون قيد أن يكون من قبل الشيخ
الفلاني أو الطريقة الفلانية ، وبهذا نختلف عن الوهابيّة المهزومة فانّهم يقولون كلّ
ذكر لم يكن من رسول الله فهو شرک وباطل
وبهذا يكفرون الصوفية كتكفير باقي المذاهب الإسلامية ، إلّا انه نحن نختلف معهم علميّاً
وعمليّاً ولا نكفّر أحد من المسلمين ولا نتحجّر أونجمد على النصوص الشريعيّة أو نغلق
باب الاجتهاد.
ثمّ كما ذكرت لكم أيّها الأحبّة والأعزّة ان ما ذكرتموه في أسئلتكم ان كان كما ذُكر فانّه بعيد كل البعد عن مذاق ولغة الشريعة المقدّسة ، فانّ نعتها لغة القرآن الكريم لغة الفصاحة والبلاغة والأدب الرفيع والمتسامي ، وإذا أردت أن أُبيّن لكم ثغرات وأخطاء ما ذكر وانه خلاف اللغة العربية والذوق الأدبي العربي من النحو، والصرف ، واللغة ، وعلم البيان ، والمعاني ، البديع ، لأطلت عليكم أوّلاً، وثانياً إنّما ينفع أصحاب الاختصاص من أهل العلم من طلّاب الجامعات والحوزات العلميّة ، أمّا عامّة النّاس فانّه ربّما يلتبس عليهم الأمر، فالمفروض ان نكلّم النّاس على قدر عقولهم كما ورد عن رسول الله 6: «العلماء ورثة الأنبياء»[18] . وقال : «أُمرتُ أن أكلّم النّاس على قدر عقولهم »[19] . فالمفروض
على العلماء كذلک أن يكلموا النّاس على قدر عقولهم وثقافتهم .
ثمّ لا بأس أن أضرب إليكم مثالاً من بعض الدعاء الذي أورتموه ثمّ ارجعوا إلى كل عارف باللغة العربية وأسألوه ما معنى ذلک فانّه سوف يضحک عندما يسمع مثل هذه العبارات ويعلم انّها عبارة افريقيّة أكثر من أن تكون من اللغة العربية وان صدرت عن رسول الله 6؟!
فما معنى قولكم : (ونور الأكوان المتكوّنة الآدمي صاحب الحق الربّاني)؟! أقوله : (عين المعارف الأقوم) فان الأقوم مذكّر وموصوفه (العين) مؤنث ولابد من المطابقة بين الصفة والموصوف في التذكير والتأنيث والإعراب فيقال : (عين المعارف القويمة)...
ثمّ ما معنى : (صراطک التام الأسقم) فانّ السّقم بمعنى المرض وعدم الاعتدال في المزاج فيكون ناقصاً وغير تام فكيف يكون صفة بعد التّام وهل هذا إلّا أجتماع الضدين لموصوف واحد كالأبيض والأسود في الجسم الواحد وهو محال؟!
ثمّ ذكر الأصحاب في الصلاة على النبي وآله ممّا دليل عليه شرعاً فارجعوا إلى صحيح البخاري وأقرأوا ما فيه بعد نزول قوله تعالى : (إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ) قال الأصحاب يا رسول الله كيف نصلّي عليک فقال : قولوا : اللّهم صل على محمد وآل محمد كأفضل ما صليّت على ابراهيم وآل ابراهيم ، فأين الأصحاب؟! هل غفل عنهم رسول الله ـ والعياذ بالله ـ فانّه لا ينطق عن الهوى انه هو إلّا وهي يوحى ـ؟ ثمّ لو كان الصلاة على الأصحاب أيضاً لماذا لا نذكرهم في صلاتنا اليوميّة عند ذكر محمّد وآله في تشهد الصلاة كما قال الإمام الشافعي (من لم يصلّ عليكم لا صلاة له) فأين الأصحاب .
ثمّ في الأصحاب من كان منافقاً وفاسقاً كما في قوله تعالى : (إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا)[20] فانّ هذا الفاسق كان خالد بن الوليد قد صاحب النبي
وشارک في غزواته ولعدّة سنوات فهل تشمله الصلوات وحينئذٍ يلزمنا أن نخالف القرآن الكريم فانّه يصفه بالفسق ونحن نصلّي عليه ونقرنه مع الصلاة على محمّد وآل محمّد فهل هذا من الدين والإنصاف؟!! وإذا أردتم ان تعرفوا حال الصحابة فارجعوا إلى سورة المنافقين فانّها نزلت في المنافقين من أصحاب رسول الله6 ولا تقل هذا من أقوال الرافضة ، بل هذه حقيقة قرآنية وتاريخيّة وعلى كل مسلم ومسلمة أن يعرفا الحقيقة ودعنا عن أقوال النّاس واجعل عقلک السليم هو الحاكم فانّه كما قال سبحانه : (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ)[21] فانّه يسالک الله عن
عقائدک ومبادئک أوّلاً ثمّ عن أعمالک وأقوالک ، فلابدّ أن يكون الجواب على ضوء القرآن الكريم وهدى الرسول الأكرم 6 ومن كان في خطّه ونهجه من العترة الطاهرة والأصحاب المنتجبين الأخيار، فارجع البصر إلى التاريخ الإسلامي وإلى صدر الإسلام فهل ترى من فطور؟! واعرف الحق تعرف أهله ، واقرأ يوم الغدير ويوم السقيفة وكن نافذ البصيرة ولا تأخذک العواطف والتقاليد وتقليد الآباء فانّه قد ذمّ ذلک القرآن الكريم . في قوله تعالى : (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُواْ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ)[22] . (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا
عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئآ وَلاَ يَهْتَدُونَ)[23] .
السؤال الخامس : هناک أحكام وشرائط يلتزم بها... كعدم زيادة أي ولي من الأولياء إذا لم يكن ... فكيف ترون ذلک؟
الجواب : لقد أمرنا الله ورسوله بصلة الأرحام وزيارة الاخوان
ولقاء العلماء الصالحين وزيارة المؤمنين فإذا كان الشخص مؤمناً صالحاً ولم يكن من أهل
الطريقة الفلانية فهل هذا يعني انه لا يزال؟! أليس هذا يتنافى مع روح الشريعة الإسلامية
التي نأمر بالتواصل والتزاور بين المؤمنين والمؤمنات ،وهل يصدق على هذا انه مسلم وهو
لا يزور أخاه المسلم؟! ما أكثر النصوص الدينية من الآيات القرآنية والأحاديث النبويّة
والاولوية التي تحدّثنا عن حسن التواصل واستحباب التزاور بين المسلمين والمؤمنين ،
فكل هذه الأخبار النبويّة والآيات القرآنية نضربها عرض الجدار لان الولي الذي نريد
أن نزوره ليس من الطريقة الفلانية؟! ما لكم أيّها الاخوة الكرام كيف تحكمون؟! أليس
العقل السليم في مثل هذه القضايا هو الحاكم؟ فهل العقل السليم والفطرة الموحّدة السليمة
يقبلان بمثل هذه المزاعم؟ كلّا ثمّ ألف كلّا. فالمفروض ان نتأدّب بالآداب الإسلاميّة
وننسج الشريعة المقدّسة ونتزاور فيما بيننا، إلّا انّه كما قال عيسى بن مريم 7 عندما
سأله الحواريون : يا روح الله من نعاشر؟ قال 7: من يذكّركم الله رؤيته ويزيدكم في علمكم منطقه ويرغّبكم
في الآخرة عمله . فالمفروض في الصداقة والمعاشرة والتزاور ان نلاحظ هذه الأوصاف ان
نزور الرجل الذي يكون مرآة لأسماء الله وصفاته فيذكرنا بالله عندما نرى وجهه النوراني
، وعندما يتكلّم يزيد في علمنا ومعرفتنا أي لا يتكلم اللغو ولا يفعل اللهو بل يرغّبنا
إلى الآخرة بأعماله
الصالحة إذ انه يعمل باعتقاد كامل بيوم القيامة فيخلص في عمله وأخلاصه نور ونحن نتنوّر
بنوره وبعمله الصالح فنرغّب إلى الآخرة ونزهد في الدنيا.
وقد ورد في الأحاديث الشريفة ان نعاشر من يجرّنا من خمس إلى خمس : من حبّ الدنيا إلى الزهد فيها وإلى حبّ الله ومن التكبّر إلى التواضع ومن الرّياء إلى الخلاص ومن المعصية إلى الطاعة ، ومن الكذب إلى الصدق . فإذا كان الشيخ زاهداً في دنياه صادقاً في قوله وعمله مخلصاً في نواياه ومتواضعاً لله ومحبّاً له ولأوليائه فكيف لا نزوره وننتفع من علمه وتقواه حتّى لو كان من غير الطريقة الفلانية التي انتسب إليها، فانّ المقياس هو التقوى وليس الطريقة الصوفية : (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ). سواء أكان من الطريقة الفلانية أو خارج عن الطريقة ، هذا لو كانت طريقته صحيحة وشرعيّة وإلّا فان الكلام يكون في أصل صحّة الطريقة التي انتسب إليها في التصوّف والعرفان؟!
السؤال السادس : هل يجوز الإلتزام بأمثال تلک الأوراد بحيث إذا فاتت الإنسان ان يقضيها؟
الجواب : جاء في الأمثال العربيّة (ثبّت الأرض ثمّ انقش)
فلابدّ أوّلاً أن يثبت شرعيّة مثل هذه الأذكار والأوراد بهذا الكمّ والكيف الخاص ثمّ
بعد ذلک ينحت انه لوفاته فهل يجب عليه قضائها كما هو كذلک في الصلوات اليوميّة فانّه
ورد في الحديث المعتبر: «إقض ما فات كما فات
» وكالصوم إلّا انّه يحب قضاء ذلک على المرأة الحائض دون صلواتها اليوميّة ، فكيف
لا تقضي صلواتها اليوميّة
والتي هي عمود الدّين ان قبلت قبل ما سواها وان أدّت ردّ ما سواها، ولكن تقضي هذه الأوراد
والأذكار لانّها وردت عن الشيخ الفلاني ، فما ورد عن الله ورسوله لا يقضي وما ورد عن
الشيخ يقضي كيف يكون ذلک؟! فهل الشيخ أعلى مرتبة من الله ورسوله ـ والعياذ بالله؟!
فهل الأوراد المحبوبة البشريّة الأرضيّة لابدّ من قضائها وأمّا المجعولة الشرعيّة السماوية
لا يجب قضائها؟!
فهل من دليل شرعي من كتاب الله وسنّة رسوله وفي مدرسة أهل البيت : بل وحتّى في مدرسة الصحابة على ذلک؟
أرونا ذلک جزاكم الله خيراً، إلّا انه هيهات ان يحدو المثل هذه الأذكار دليل شرعي على إثباتها فضلاً عن قضائها لو فاتت ، فانّه من صنع البشر فكيف الشارع المقدّس يأمر بقضائه؟! فهذا أمر غير معقول وغير منقول ولابدّ للمؤمن والمؤمنة أن يكون ملتزمين بالشريعة المقدّسة ويسلّمان لها تسليماً وإلّا فانّه كما في سورة العصر: (وَالْعَصْرِ * إِنَّ الاِْنسَانَ لَفِي خُسْرٍ) أي البشريّة جمعاء كلّهم في خسرٍ وضياع وانحراف : (إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) فأقولها مرّة أُخرى وبكلّ صراحة : أعرف الحق تعرف أهله ، إذا عرفت الحقّ فاصبر عليه في اذائه وقضائه والعمل بأركانه وأحكامه وآدابه وأخلاقه ولا تأخذک في الله لومة لائم وكن من (الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاَتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلاَ يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلاَّ اللَّهَ)[24] .
السؤال السابع : كيف ترون مدى التزام الصوفي المتمسّک بتلک الطرق بشرائطها؟
الجواب : لقد عُلم الجواب ممّا سبق إلّا انّه في التكرار زيادة تقرير وإفادة فنقول : ان المفروض ان يكون كلّ فعل وقول يصدر منّا على ضوء الشريعة الإسلاميّة المقدّسة ، ولانتعدّ حدود الله جلّ جلاله ، فانّه من يتعدّاها كان من الظالمين وله خزي في الدنيا وعذاب في الآخرة أليم .
فكلّ ما يفعله المسلم والمسلمة وكلّ التزام ديني سواء أكان من قبل الصوفي أو غيره لابدّ أن يكون مستمدّاً ومؤخوذاً ذلک من الإسلام الحنيف ، ومن مصدر ثقافته المباركة وحضارته الخالدة أي من القرآن الكريم وما ورد في سنّة رسوله الأكرم محمّد 6 وفي منهاج عترته الهادية من أهل بيته :، فانّ الهداية الأبديّة من بعد رسول الله في (الكتاب والعترة) كما ورد عنه 6 في مواطن كثيرة في حديث الثقلين المتواتر عند الفريقين ـ السنّة والشيعة ـ انه قال : «إنّي مخلّف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما أن تمسكتم بهما لن تضلّوا بعدي أبداً»[25] .
فالهداية كلّ الهداية ليست في الطرق الصوفية بل في إتباع
القرآن الكريم والعترة الطاهرة من آل محمد الأئمّة الأثني عشر كلّهم من قريش كما ورد
في الأخبار عند الفريقين السنّة والشيعة . فمن يحصل القرآن المجيد وراء ظهره ولا
يتبع في سلوكه وطريقته وفي عباداته ومعاملاته محمّد وآل محمّد :
فانّه في ضلال بعيد ومصيره النّار وبئس المصير.
السؤال الثامن : يلتزم أصحاب تلک الطرق بعدم عدّ أحد منهم إلّا بأخذها وقبولها بواسطة المريد أو شيخ الطريقة فكيف ترون من تمسّک بها بدون واسطة المريد.
الجواب : لا يخفى طبقاً لما ورد من البراهين العقليّة الساطعة والأدلّة النقليّة من الكتاب والسنّة الشريفة ان الصراط المستقيم في العقائد واحد لا غير، فانّ الحقّ في المبادىء والعقيدة الإسلاميّة مع القرآن الكريم ومحمّد وآل محمّد :، إلّا أنّه في مقام العمل يقال بتحدّد القراءآت وان السّبل إلى الله بعدد أنفاس الخلائق (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا)[26] فكلّ واحد في مقام العمل بعد
الإيمان اتيان الواجبات وترک المحرّمات يمكنه أن يصل إلى ربّه (إِلَى رَبِّکَ الْمُنتَهَى)[27] بأي عمل صالح ، فمنهم من خلال كثرة الصلوات النافلة فان الصلاة
خير موضوع ، ومنهم من خلال الأذكار والأوراد فانّ ذكر
الله حسن على كل حال ، ومنهم من خلال خدمة النّاس فانّ خير النّاس من نفع النّاس ،
وهكذا فكلّ واحد يأخذ لنفسه طريقاً خاصّاً في أعماله وأفعاله وأقواله بعد اتيان الفرائض
ليصل إلى ربّه ، ولكن شريطة أن يكون ذلک بإذن من الشارع المقدّس ، وإلّا فانّه
مع الرياء يكون العمل باطلاً، ومع البدعة يكون العمل ضلالاً وهكذا. فلابدّ من الالتزام
والتسليم للشريعة المقدّسة بكلّ ما جاء فيها من التكاليف الشرعيّة والوظائف الدينيّة
والأخلاق الإسلاميّة ، إلّا ان قبول العمل إنّما يتم بعد صحّة العقيدة وسلامتها، وإلّا
لو كانت العقيدة إنحرافيّة وفاسدة ، فانّه لا يقبل منه العمل ، ومن هذا المنطلق الأساسي
والأُصولي يجوز للإنسان بعد سلامة عقيدته أن يأتي بالأذكار والأوراد بصورة عامّة حتّى
لو لم يأخذها من شيخ أو قطب ومرشد، نعم يقال أن الذكر مع إجازة ممّن له حقّ الإجازة
وكان حقّاً ويبتني على أُسس شرعيّة له تأثيره الخاص ، وكانّما الإجازة في الذكر بمنزلة
العطر والأرياح الطيّبة ، فربّ الإنسان يلبس ثوباً جديداً إلّا انذه يلتذذ منه البصر
دون حاسّة الشامة ، ولكن إذا تعطّر الثوب بالمسک والعنبر مثلاً فانّه تتلذذ حاسّة الشمّ
أيضاً، وكذلک الذكر فمن يذكر ربّه كانّه يلبس ثوباً جديداً إلّا انه لو كان الذكر مع
إجازة فانّه يعطّر ذلک الثوب والله العالم بحقائق الأُمور.
السؤال التاسع : هناک مجموعة من النّاس عندنا يستبصرون ولكنّهم في نفس الوقت يلتزمون بالطرق الصوفية وترى أحدهم يعبّر عن نفسه بانّه أنا شيعي مذهباً والتيجاني طريقةً فكيف ترون ولاء هؤلاء لأهل البيت :، فهل هو مقبول؟ وبعبارة أُخرى ؛ هل يمكن الجمع بين الولاية المنصوصة والطرق الصوفيّة وهي غير منصوصة .
الجواب : هنيئاً لأرباب النعيم نعيمهم ، ومن أكبر وأعظم
نِعم الله سبحانه ولانه
أمير المؤمنين علي 7 وأهل بيته الأئمّة الأطهار :
كما في آية إكمال الدّين (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ
وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً)[28] فإنّها
نزلت في قصّة الغدير المباركة في خبر متواتر يفيد العلم والقطع كما يذكره العلّامة الأميني في كتابه القيم (الغدير) في أحد عشر مجلداً فراجع ، فانّه من يستبصر ويرى نور الهداية في قلبه ويحسّ ببرودة الولاية يتوهّج ويحسّ بالنعمة الإلهيّة الكبرى قد غمرته فيوالي الله وأوليائه من الأنبياء والأوصياء والأئمّة الأطهار : فيفوز بسعادة الدارين بنعمة الله التي لا تُعدّ ولا تُحصى (وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي) (وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا)[29] وعليه أن يشكر هذه النّعمة العظيمة نعمة
ولاية أهل البيت :.
والمستبصر حينما يعيش في رحابهم ويستلهم من علومهم ومعارفهم
فانّه يستغني عن غيرهم بل كما قال الإمام الصادق 7 للحسن البصري : شرّق أو غرّب فإنّک لا تجد العلم الصافي
إلّا هنا. وأشار إلى صدره الشريف . فالعلم الصافي والحقّ إنّما يؤخذ من منبعه وعيونه
الصافية من أهل البيت :، فأي حاجة حينئذ ان نطرق
أبواب الآخرين بعد ان عرفنا ووقفنا على أبواب الله عزّ وجلّ محمّد وآل محمّد 6،
وإذا كُنّا مأدبة الله وهو القرآن الكريم ومائدة سول الله وعترته الأطهار :
والتي فيها ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين ومالم يخطر على قلب أحد من البشر من العلوم
والمعارف والعبادات والأذكار والأوراد
وغيرها، فأي حاجة ان نجلس على موائد الآخرين من المشايخ والأقطاب؟! طبعاً لا يفهم من
هذا الكلام لا سامح الله أنا أُريد المنقصة في المشايخ كلّا ثمّ كلّا، بل علينا أن
نجلس على موائد أهل البيت : ونمير من طعامهم ، وإنّما
سمّى أسد الله الغالب علي بن أبي طالب بأمير المؤمنين لانّ المير بمعنى الطعام وصهر
الرسول وزوج البتول 7 يطعم شيعته ومحبّيه من علومه
الربانيّة ومعارفه الإلهيّة ، فانّه أعرف بطرق السماء وبطرق الأرض من غيره بعد رسول
الله 6.
فمع هذا الطعام الإلهي في مائدة أهل البيت : هل نحتاج ان نمدّ أيدينا
إلى غيرهم ممّن يعدّون من تلامذتهم وخدمتهم ، كما ان المشايخ كلّهم يعترفون بذلک وان
طريقتهم أخذت من قطب الأقطاب من أمير المؤمنين 7، فلماذا لا نرجع إلى أصل البحر ونروي الظمأ من عذب مائه
، ونكتفي بالنهر الصغير الضيّق المتمثل بالشيخ أو المرشد، وربّما يكون ماء هذا النهر
وسخاً بالذنوب والمعاصي وحبّ الدنيا والشهرة والجاه والمقام وغير ذلک من الصفات الرذيلة؟!
فعلينا أن نطرق أبواب العصمة والطهارة أولئک الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً أي محمّد وآل محمّد : أمّا مثل الشيخ فانّه يطهّر تطهيراً فلماذا نضيّع الطريق ويسوّل لنا الشيطان ويزيّن لنا أعمالنا فنحسب انه نحسن صنعاً. والعياذ بالله.
فنقول : أنا شيعي المذهب وطريقتي فلانيّة ، فانّ هذا أمر بعيد كلّ البعد عن الواقع والإنصاف والحكمة المتعالية والعقل السليم والفطرة الموحّدة .
بل أقول وأحمد الله وأشكره على ما أقول : أنا شيعي وموالي
لأهل
البيت : ديناً
ومذهباً وإيماناً وعملاً وسلوكاً وطريقةً وفكراً ومبدأً وظاهراً وباطناً وحيّاً وميّتاً
وديناً وآخرةً وأوّلاً وآخراً، والحمد لله الذي جعلنا من المتمسّكين بولاية أمير المؤمنين
علي وأهل بيته الطاهرين اللّهم أجعل محيانا محياهم ومماتنا مماتهم وارزقنا في الدنيا
زيارتهم وفي الآخرة شفاعتهم واحشرنا في زمرتهم في مقعد صدق عند مليک مقتدر آمين يا
ربّ العالمين .
السؤال العاشر: ما هو حكم أهل الفيضة عندكم : وهي جماعة لها أفكار متعددة ، ولكن أسوأها هم الذين يرون سقوط التكليف عنهم (الحلال والحرام والواجب) وبعبارة أُخرى : ما عندهم حرام ولا حلال؟
الجواب : أقوالها بصراحة عندما ينحرف الإنسان عن الصواب
وعن الصراط المستقيم أي القرآن الكريم والعترة الهادية بعد رسول الله 6
فانّه لا محالة يقع في هاوية الضلال وتستلمه الشياطين من الجن والإنس ، ثمّ الشياطين
يوحون إلى أوليائهم ، فمن كان وليّه الشيطان فانّه يدعوه إلى المنكرات والقبائح ، لانّ
الله سبحانه يأمر بالعدل والإحسان ، أمّا الشيطان فيعدكم الفقر وانه يأمر بالفحشاء
والمنكر ما ظهر منه وما بطن ، فيسوّل للإنسان ويزيّن له عمله ، فيحسب أنه يحسن صنعاً،
بأفكار واهية وعقائد فاسدة ما أنزل الله بها من سلطان فيتفلسف في عقيدته بان رسول الله 6
له أقوال وأفعال وأحوال ، فأقواله (الشريعة) وأفعاله (الطريقة) وأحواله (الحقيقة) ومن
وصل إلى الحقيقة وقتل في الله وصار (أنا الحق) ويقول لنفسه (يا سبحاني) وانه قطرة اتصل
بالبحر فصار بحراً، ومن ثمّ
لماذا يعبد ولماذا الشريعة والطريقة ، فإنّها آليات للوصول إلى الحقيقة ، فإذا وصل
وصار وحدة الوجود مع ربّه ، فصار هو هو، فلا واجب ولا حرام حينئذٍ لانّ الواجبات والمحرمات
تكاليف شرعيّة للعبد، ولكن العبد إذا صار هو المولى واتّحد الصوفي مع ربّه ، فلماذا
يعبده ، فانّه يلزمه ان يعبد نفسه ، وكيف يكون ذلک؟ فعليه لا حلال ولا حرام عندما يتّحد
مع الله سبحانه وبمثل هذه المقولات الشيطانيّة يقولون بالإباحيّة وان كلّ حرام يكون
حلالاً ومباحاً وحتّى اللواط ـ العياذ بالله ـ يقولون انه من باب إدخال نور الشيخ في
بطن مريده وفقيره من حلال وغيره ، فيكون المنكر عندهم معروفاً وهذا كلّه من إيحاءات
الشيطان وأعوانه وحزبه ، وأتباعاً للنفس الأمّارة بالسوء والتي تحب الإفراط في الشهوات
والملاذ حتّى تخرج عن دائرة الشريعة المقدّسة والإنسانيّة الموحّدة . فالحذار الحذار
من هؤلاء الإباحيين الفجّار الكفّار فانه يفجر ويكفر بنعم الله سبحانه ويغيّر حكم الله
وحدوده فعليه لعنة الله أبد الآبدين .
السؤال الحادي عشر: هناک شطحيات لعبد القادر الجيلاني في كتابه الفيوضات الربانيّة . وفي الكتاب أيضاً ص : 68 عبارات أمثال : يا سيّدي عبد القادر! يا جيلاني أدركني وتداركني! فكيف تقوّمون ذلک .
الجواب : لا يخفى كما نعتقد ان (غير المعصوم غير معصوم)
فكلّ واحد من غير المعصومين ربّما تصدر منه شطحيات وهفوات ، إلّا انه تارة شطحات تمسّ
العقيدة وتوجب الإنحراف والضياع والضلال فمثل هذه الشطحات لا تغفر ولابدّ
أن نتبرأ منها ومن أصحابها، وبعض الشطحات في مقام العمل أو لا تمسّ العقيدة وسلامتها،
فانّه يمكن أن تغفر كما انه قال سبحانه (فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ
فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ)[30] فهذا علّمنا القرآن وأدّبنا بأدب إلهي فالمفروض ان
نعرض عقائدنا وأعمالنا وسلوكنا وطريقتنا وما جاء في الكتب وما قاله المشايخ وأرباب الطرق والمذاهب والمدارس على كتاب الله عزّ وجلّ وسنّة نبيّه 6 ومنهاج أهل البيت : فما وافقهم فنأخذ به وإلّا فنضربه عرض الجدار فانّه من زخرف القول الباطل وان كان القائل الشيخ الفلاني فانّه كما أدّبنا أمير المؤمنين 7: «أُنظر إلى ما قال لا إلى من قال ».
ختامه مسک
وفي الختام ؛ أسال الله سبحانه أن يُرينا الحقّ حقّاً فنتبعه ، والباطل باطلاً فنجتنبه ، ونعرف الحقّ فنعرف أهله ، ونكون مع الصادقين ونفوز بسعادة الدارين بحب الله واتباع رسوله وإطاعة أهل بيته الأئمّة الأطهار :. (إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ)[31] .
(أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ)[32] وهم الأئمّة الاثني
عشر: أوّلهم علي بن أبي طالب أسد الله الغالب ثمّ ولديه الحسن
والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة ثمّ علي بن الحسين زين العابدين ومحمد بن علي باقر
علم الأوّلين والآخرين وجعفر بن محمد الصادق الأمين ، وموسى بن جعفر الكاظم وعلي بن
موسى الرضا ومحمد بن علي الجواد وعلي بن محمد الهادي والحسن بن علي العسكري والحجّة
بن الحسن القائم المهدي الموعود المنتظر عجّل الله فرجه الشريف وجعلنا من خلّص شيعته
وأنصاره وأعوانه وخيرة تلامذته وأُسرته وأصحابه وخدّامه آمين يا ربّ العالمين .
ثمّ ما ذكرته في هذه الأجوبة السريعة والارتجاليّة إنّما قصدت به التقرّب إلى الله سبحانه في بيان الحقّ والحقيقة أوذلاً، ثمّ لم يكن المقصود ان أجرح وانتقد الطريقة الفلانية أو الصوفي الفلاني ، بل كان حديثي بصورة عامّة لكلّ المذاهب والطرق والمدارس الصوفيّة وغيرها، ولا أدري ما حال الصوفية في قارة أفريقيا، إلّا إنّي أعلم أن بعض الدّراوشة والصوفية ممّن يفكّر ويعمل لتهذيب نفسه وصيقلة روحه وتطهير قلبه ، فمقصوده ليس خُصوصي هذه الطريقة أو خصوصي هذا الشيخ أو المرشد، بل مقصوده ربّ العالمين ويتصوّر انه يصل إليه من خلال هذه الطريقة أو الشيخ الفلاني ولكن عندما يعرف الحقّ وانه الصواب في صراط آخر، فانّه يدع ما يتمسّک به حتّى ولو أخذه تقليداً عن آبائه ، فكم من كان في غير مذهب أهل البيت : إلّا انه عندما عرف حقانيّة مدرستهم ومذهبهم إتّبعهم بكل إخلاص وتفاني ، حتّى ولو حاربه أقربائه وأهله ..
وكم من مستبصر في بلادكم هداه الله إلى اتباع مذهب أهل
البيت : في عقيدته وسلوكه وطريقته وقد حاربه النّاس ولاسيما
الوهابية اتباع مدرسة الشيخ محمّد عبد الوهاب النجدي ، إلّا انه صمد وتجلّت الصمديّة
الإلهيّة في
وجوده ، فقاوم ونشر معارف أهل البيت : في بلاده ، وكان مصدر إشعاع
نور إلهي في أُسرته ثمّ في عشيرته ، ثمّ قريته ، ثمّ في بلده ، ثمّ في مملكته ، وهكذا
حتّى انتشر اسمه وجهاده ونشاطه في كلّ العالم ، فكان كالشمس يُضيء الدرب للبرّ والفاجر.
وزبدة المخاض انه : ليس كلّ صوفي هو محكوم بالفسق والإنحراف والضلال ، بل لابدّ ان نرى على ماذا يبتني تصوّفه وطريقته ، فان كان من كتاب الله وسنّة نبيّه ومنهاج عترته أي من محمّد وآل محمّد : فهو من الحقّ وإن سمّى بالتصوّف فانّه لا منازعة في التسميّات وفي الأسماء، وان كان تصوّفهم وإذكارهم وغير ذلک يبتني على أُسس غير قرآنية ولا نبويّة ولا ولويّة ـ أي المنسوبة إلى أولياء الله آل محمّد : ـ فإنّه يكون من مصاديق الضلال لانّه خلاف حديث الثقلين كما هو واضح وبيّن رُشده . هذاوقد كتبت من قبل مقالة حول التصوّف والمقبول والمردود وطُبعت فيى صحيفة (صوت الكاظمين) أُرسل إليكم نسخة منها لتعميم الفائدة ولزيادة في الاستبصار، والله الهادي والمرشد إلى صواب الأعمال والأقوال ، ومن الله التوفيق والتسديد وصلى الله على محمّد وآله الطاهرين وآخر دعوانا ان الحمد لله ربّ العالمين .
العبد
عادل بن السيّد علي العلوي
الحوزة العلميّة ـ قم المقدّسة ـ ايران
محرم الحرام ـ 1429ه .ق
[1] () صحيفة (صوت الكاظمين) العدد 142، السنة الثانية عشر.
[2] () فصّلت : 30.
[3] () القصص : 77.
[4] () البقرة : 201.
[5] () اقتباس من كتاب (بين التصوّف والتشيّع) بقلم هاشم معروف الحسني : 11.
[6] () سفينة البحار: 2، 57 والاثنى عشرية في شرح نهج البلاغة : 6، 304 والمقدّس الأردبيلي في حديقةالشيعة والسيّد الجزائري في الأنوار النعمانية وغيرهم وعندنا أكثر من مائتي كتاب في ردّ الصوفيّةتناقلت هذه الأحاديث الشريفة .والظاهر أنّ تسمية (الصوفيّة أو التصوّف) أُطلقت في أوائل القرن الثاني الهجري أيام الحسن البصري(ت 110ه ) ثمّ انتشرت بشكل واسع في أوائل القرن الثالث وما بعده . وقد يذكر في سبب التسميةوجوهاً كلبسهم الصوف أو عزلتهم عن النّاس حتّى كانوا كالخرقة الملقاة والصوفة المرمية أو أنّهم فيالصفّ الأوّل بين يدي الله أو كان صفوي فصار صوفياً أو نسبة إلى أهل الصفة في المسجد النبويالشريف ، أو نسبة إلى بقلة تُدعى صوفانة من نبات الصحراء، أو أنّها مشتقّة من كلمة يونانية أي سوفياوقيل منشأه الإسلام وقيل تمتدّ جذوره إلى الديانة المسيحية والعقائد البوذية الهندية وآراء أفلاطون .والمتّفق عليه أنّ حركة التصوّف تعتبر من الأحداث الاجتماعية والسياسية المهمّة في تاريخ العالمالإسلامي وبلغت هذه الحركة ذروتها في القرنين السادى والسابع واستفحلت في القرنين الثامنوالتاسع وخرجت من الانزواء إلى ساحات السياسة وتسلّم الحكومات كما حدث في إيران في عصرالقاجارية .
[7] () حقيقة العرفان أو التفتيش : 12.
[8] () اقتباس من كتاب بين التصوّف والتشيّع : 77.
[9] () حياة المحقق الكركي وآثاره ، بقلم الشيخ محمّد الحسّون : 1، 248 ـ 253.
[10] () جامع الأسرار ومنبع الأنوار: 9.
[11] () الزمر: 17 ـ 18.
[12] () التوبة : 119.
[13] () الصافات : 24.
[14] () آل عمران : 85.
[15] ؟؟؟.
[16] ؟؟؟.
[17] () الأنعام : 121.
[18] ؟؟؟.
[19] ؟؟؟.
[20] ؟؟؟.
[21] ؟؟؟.
[22] المائدة : 104.
[23] البقرة : 170.
[24] () الأحزاب : 39.
[25] () صحيح مسلم : وقد شرحت هذا الحديث بالتفصيل سنداً ودلالة في أكثر من خمسمأة صفحة وهومطبوع في كتاب (في رحاب حديث الثقلين)، فراجع .
[26] () العنكبوت : 69.
[27] () النجم : 42.
[28] () المائدة : 3.
[29] () ابراهيم : 34.
[30] () الزمر: 17 ـ 18.
[31] آل عمران : 31.
[32] النساء: 59.