الدروس الحوزوية » خارج الأصول » عام 1436 - 1437 هـ » خارج الأصول - 26 جمادي الثاني 1437 هـ - ما هو الأصل الشرعي عند الشك في الجزء المنسي (84)

قم المقدسة - منتدی جبل عامل الإسلامي - سماحة آیة الله الأستاذ السید عادل العلوي (حفظه الله) - الساعة التاسعة صباحاً

ما هو الأصل الشرعي عند الشك في الجزء المنسي

إذا ثبت جزئية شيء أو شرطيته لمركب، ثم نسى ذلك الجزء أو غفل عنه، فلم يأت به وأتى بالمركب الناقص ثم تذكر داخل الوقت أو خارجه، فيشك في وجوب اتيانه ولا اطلاق في دليل جزئيته، فهل نجري اصالة البراءة الشرعيّة حال الذكر كما أجرينا اصالة البراءة العقليّة؟ في المسألة جهات بل قولان:

فذهب بعض الاعلام المعاصرين إلى أصالة البراءة الشرعيّة والتمسك بحديث الرّفع لرفع الجزئية أو الشرطية في حال النسيان، وحينئذٍ عند الجمع بين الحكم الأوّلي للتكليف وهو التكليف بالتام لو فرضنا اطلاقه الذي يشمل النسيان أيضاً فإنّه بحيث الرافع الحاكم عليه يقال بأنّ الواجب على الناسي هو المركب النّاقص.

والوجه في ذلك: كما مرّ من أن الأمر بالمركب التام له دعواية لنفس المركب كما بعينها لأجزاء المركب وشرائطه، فإنّ الأجزاء عين المركب في حال الكثرة كما أنّ المركب عين الأجزاء في لحاظ الوحدة.

ومثال ذلك: لو قال المولى ابن داراً فإنّ الأمر واحد لبناء الدار ولكن بعينه يكون أمراً لبناء الغرف وملحقاتها، فكلّ ما يصدر من البناء كالجدران والسقوف وغيرها فإنّه مأمور به بنفس الأمر الذي تعلق ببناء أصل الدار، ولا يعد ذلك من الامتثال الضمني أو الغيري.

وعندئذٍ لو قام الدليل كحديث الرفع، على أنّ دعوة المركب إلى هذا الجزء في حال النسيان وإن كان ثابتاً بالحكم والدليل الأوّل إلّا أنّه بإعتبار حال النسيان والارادة الجديدة في تلك الحالة من دون التعرّض لباقي الأجزاء غير المنسية لا زالت داعوية الأمر فيها متحققة، فتنحصر دعوة الأمر الأول فيها، دون الجزء المنسي أو المغفول عنه.

ثم كما مر ان حديث الرفع يدل على رفع الآثار والأحكام، وعند رفع الجزء بالنسيان لحديث الرفع فمعناه رفع جزئية الجزء بالنسبة إليه، ولازمه ان الواجب عليه المركب الناقص وقد امتثل ذلك، وبعد التذكر سواء في الوقت أو خارجه نشك في وجوب الجزء المنسي وحيث لا اطلاق في دليله، ولا دليل على وجوبه، فإنّه نجري أصالة البراءة الشرعية كما أُجرينا البراءة العقلية.

ولا يخفى أنّ النسيان يتعلق بطبيعة الجزء المنسي وليس بطبيعة الصلاة بما هي صلاة، فلا يقال أنّ أثر وجود الجزء هو صحة الصلاة ومع عدمه تبطل، فإن هذا فيما لو علم بالجزء وتذكره، فإنّه مع انتفاء الجزء ينتفي الكل دون ما لو كان ناسياً للجزء، فإنّه مرفوع بحديث الرفع، وما كان مرفوعاً في جميع آثاره لا يؤثر وجوده وعدمه في صحة الصلاة وبطلانها.

مقولة النائيني ومناقشته:

ذهب المحقق النائيني قدس سره إلى أن رفع الجزئية أو الشرطية بحديث الرفع غير ممكن.

بيان ذلك: أن الجزئية بما هي جزئية من الأمور الانتزاعية كالفوقية والتحتية منتزعة من الفوق والتحت وفي الجزئية أو الشرطية من الجزء أو الشرط، وليست الجزئية تحت يد الجاعل كأصل الجزء، فلا تنالها يد التشريع ولا حديث الرفع.

وإذا قيل ان منشأ انتزاعها بيد الشارع، فرفعها بيده، ولكن لازمه رفع التطبيق عن المركب، فلابد في القول بأن أصل التكليف مرفوع عن أصل المركب بحديث الرفع، ولازمه انه لا يمكن حينئذٍ اثبات التكليف لباقي الأجزاء، فلم يكن المركب الناقص عندئذٍ مصداقاً للمأمور به حتى يكون الإتيان به يخرياً عن الاتيان بالمركب التام.

وأجيب عنه: بأن معنى رفع الجزئية عن الجزء مثلاً، ليس هو أنّ الجزء الثابت بالأدلة الأولى حتماً مرفوع بحديث الرفع حتماً، بل المراد الرفع بحسب الإرادة الإستعمالية ويكشف عن سلب الإرادة الجدية بالنسبة إلى الجزء في حال النسيان، فإنّ الجزئية في الإرادة الإستعمالية لا زالت موجودة، وإن سلبت في حال الإرادة الجديّة.

فالرفع انما كان بحسب الحكم الظاهري لا الحكم الواقعي كما يجري هذا المعنى في جميع الأدلة الثانوية الحاكمة على الأدلة الأولية كما في بحث الاجزاء.

وخلاصة ما يقال في هذا المقام: ان حديث الرفع إنما يتعلق بالجزء المنسي ويرفع لنا جميع آثار الجزئية لا أصل الجزئيّة بحسب الإرادة الإستعمالية، فالمرفوع نفس طبيعة الجزء باعتبار آثاره، ومعناه عدم جزئية السورة مثلاً في الصلاة حال النسيان وإن كان النسيان غير مستوعب، فإنّه لا تجب الإعادة مطلقاً وإن كان الأحوط اعادة الصلاة في داخل الوقت كما هو المختار.

احدث ملفات

العشوائیة

الاکثر مشاهدة

الدروس الحوزوية » خارج الأصول » عام 1436 - 1437 هـ » خارج الأصول - 26 جمادي الثاني 1437 هـ - ما هو الأصل الشرعي عند الشك في الجزء المنسي (84)

ارسال الأسئلة