الدروس الحوزوية » خارج الأصول » عام 1437 - 1438 هـ » خارج الأصول - 14 محرم الحرام 1438 هـ

ومن بحوثه: ما يقال من وجوب بالتعلّم والفحص عن الدليل قبل إجراء الأصول العملية كالبراءة في الشبهات الحكميّة،فهل يختص الوجوب بما إذا علم المكلّف بعلم إجمالي أنه يبتلى بمسائل وهذا العلم أما تفصيلاً أو إجمالاً، أو أنه يعم العلم العادي الموجب للاطمينان القلي بأنه سيبتلى بمسائل كمسائل الشكوك في الصلاة مثلاً المتعارفة والتي يعّم بها الابتلاء، أو يجب التعلم بمجرد احتمال الإبتلاء كالظن المطلق فيما كان احتمالاً عقلائياً، في المسألة وجهان بل قولان.

ذهب المشهور بل ربما ريقال من المتسالم عليه هو مجرد احتمال الإبتلاء ولا يشترط أن يكون بالعلم سواء الوجداني أو العادي، وربما قيل باشتراط العلم بالابتلاء.

واستدل الثاني باستصحاب عدم الإبتلاء عند الشك والإحتمال ولو في المستقبل وبعد احراز عدم الإبتلاء ولو بالاستصحاب وبالتّعبد، فإنّه لا يجب التعلّم حينئذٍ.

وأورد على هذا الاستصحاب بوجهين:

الأوّل: أن الاستصحاب إنّما يجري في الماضيات، فلا يشمل المستقبلات، لأن الاستصحاب عبارة عن يقين سابق وشك لاحق وهذا يصدق في الماضيات، فعدم الابتلاء في المستقبل لا يدخل تحت أدلة الاستصحاب.

وأجيب عن هذا الاشكال: بأن المراد من الاستصحاب والملاك فيه هو تقدّم زمان المتيقن على زمان المشكوك فيه مطلقاً، ولا فرق في ذلك بين الأمور الماضية أو الاستقبالية.

وجوابه: أن هذا من المبنى وهو خلاف مبنى المستشكل في قوله بجريان الاستصحاب في الأمور الماضية دون الأمور المستقبلية.

الثاني: ما ذكره المحقق النائيني قدس سره: بأن صحة جريان الاستصحاب يتوقف على كون الواقع المشكوك فيه بنفسه أثراً شرعياً أو ذا أثر شرعي، فإذا لم يكن فيه أحد العنوانين، فلم يكن أثراً شرعياً أصلاً أو كان إلّا أنه مترتب على نفس الشك دون الواقع المشكوك فيه، فلا معنى لجريان الاستصحاب التعبّدي الشرعي.

والمقام من هذا القبيل فلا أثر شرعي في استصحاب عدم الابتلاء، لأنّ وجوب التعلّم كان من باب وجوب رفع الضرر المحتمل بحكم العقل وهذا مترتب على احتمال الابتلاء لا على واقع الابتلاء حتى يتمسك بالاستصحاب لاحراز عدم الإبتلاء.

وأورد عليه: أنه لا يعتبر في جريان الاستصحاب كون المستصحب أثراً شرعياً أو ذا أثرٍ شرعي، بل يكفي في جريانه ترتب الأثر على نفس الاستصحاب وليس على المستصحب، فلا مانع حينئذٍ من إجراء الاستصحاب في المقام واحراز عدم الابتلاء بالتعبد، ويترتب عليه حينئذٍ عدم وجوب التعلم فيثبت المطلوب.

وبهذا لا يقض موضوع لحكم العقل بوجوب دفع الضَرر المحتمل.

ولكن هذا إنما يبتني على القول بأن الاستصحاب يقوم مقام القطع الموضوعي، إلّا أنه من الاعلام من ذهب إلى أنه يقوم مقام القطع الطريقي كما عليه صاحب الكفاية المحقق الآخوند الخراساني قدس سره ، ستكون المسألة مبنوية أيضاً، والمختار الثاني.

والتحقيق في الجواب عن عدم جريان الاستصحاب في المقام، أنه إنّما الاستصحاب دليل من لا دليل له، أي مع عدم الدليل الإجتهادي من النصوص ومطلقاتها ومن الإمارات الشرعية فإنه يؤخذ بالدليل الفقهاهتي كالاستصحاب.

والحال في المقام لنا أدلة ونصوص كثيرة على وجوب التعلّم مطلقاً، فاطلاقها يشمل المقام أيضاً، وأمّا تحصيصها بموارد العلم الوجداني أو العادي الاطمئناني من الفرد النادر وهو كالمعدوم فيستهجن التخصيص به، فإنّ الغالب الأعم في مسائل الشكوك ونحوها مجرد احتمال الإبتلاء، فيكون وجوب التعلّم عند احتمال الإبتلاء ثابتاً بالدليل، ومعه لا مجال إلى جريان الاستصحاب.

احدث ملفات

العشوائیة

الاکثر مشاهدة

الدروس الحوزوية » خارج الأصول » عام 1437 - 1438 هـ » خارج الأصول - 14 محرم الحرام 1438 هـ - شروط جريان الأصول (9)

ارسال الأسئلة