الدروس الحوزوية » خارج الفقه » عام 1437 - 1438 هـ » خارج الفقه - 15 جمادى الثاني 1438 هـ -یكره رفع الصوت في المساجد إلّا في الآذان (84)

قم المقدسة - منتدی جبل عامل الإسلامي - سماحة آیة الله الأستاذ السید عادل العلوي (حفظه الله) - الساعة التاسعة صباحاً

فقه (84)

15 جمادى الثاني

1438

3 ـ يكره رفع الصوت في المساجد إلّا في الآذان ونحوه:

ويدل عليه ما رواه الشيخ في الموثق عن علي بن اسباط عن بعض رجاله قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: جنبوا مساجدكم البيع والشراء.. ورفع الصوت ^([1]).

وفي خبر الراوندي كراهة رفع الصوت إلّا بذكر الله، فالمشهور بين الأصحاب كراهة رفع الصوت في المسجد مطلقاً وإن كان في القرآن تمسكاً بالأخبار المطلقة إلّا ما خصّ بذكر الله سبحانه، ولعلّه المراد في الأخبار، فإنّه يحسن رفع الصوت بالأذان والتكبير والخطب والمواعظ في المساجد.

وذهب صاحب الحدائق إلى أنّ الأحوط استحباباً عدم رفع الصوت في ما لم يتوقف الإنتفاع به عليه، ومعه يقتصر على تتأذى به الضرورة، وهذا هو المختار.

4 ـ يكره إنشاء الضالة في المساجد:

وهذا ما ذكره الأصحاب من كراهة تعريف الضالة وطلبها في المسجد ويحتمل خبر علي بن اسباط عليهما أي تعريف الضالة وإنشاء الضالة، ويدل على خصوص الثاني ما رواه في الفقيه مرسلاً: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سمع رجلاً ينشد ضالة في المسجد، فقال: قولوا له لا ردّ الله عليك، فإنها لغير هذا البيت ^([2]).

وفي خبر آخر في العلل عن الاشعري رفعه: إنّ رجلاً جاء إلى المسجد ينشد ضالة فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قولوا له: لا ردّ الله عليك فإنها لغير هذا بنيتْ.

وروى في الفقيه في حديث المناهي عن الصادق عليه السلام عن آبائه عليهم السلام قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن ينشد الشعر أو تنشد الضالة في المسجد.

وهناك طائفة من الروايات تعارضها وتقول بعدم البأس، ومنها: ما رواه الشيخ عن علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال: وسألته عن الضالة أيصلح أن تنشد في المسجد؟ قال: لا بأس، ورواه علي بن جعفر في كتابه الحميري في كتاب الاسناد بسنده عنه ^([3]).

وروى في كتاب دعائم الإسلام (ج1: ص180 طبعة مصر 1370) عن علي عليه السلام قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن تقام الحدود ي المساجد، وأن يرفع فيها الأصوات، وأن تنشد فيها الضالة، أو يسل فيها سيف، ويرمي فيها بالنبل أو يباع فيها أو يشتري أو يعلق في القبلة منها سلاح أو يبري نبل والجمع بينهما بحمل الجواز مع الكراهة.

هذا في إنشاء الضالة أي لم ضاع منه شيئاً فيسال عنه في المساجد، وأمّا التعريف بالضالة كاللقطة أو البعير الشارد والضّال، فأن الظاهر عدم نص صريح يدل على كراهته أو جوازه من دونكراهة وربما يدل عليه إطلاق خبر علي بن اسباط فتأمل.

5 ـ ويكره حذف الحصى أي ترمي بها ويدل عليه ما رواه الشيخ عن السكوني عن الإمام الصادق عليه السلام عن آبائه عليهم السلام: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أبصر رجلاً يحذف بحصاة في المسجد، فقال: ما زالت تلعن حتى وقعت، ثم قال: الخذف في النادي من أخلاق قوم لوط ثم تلا قوله تعالى: (وتأتون في ناديكم المنكر) قال: هو الخذف.

ولا يخفى أنه يستفاد منهذا الخبر كراهة الخذف مطلقاً ولو في غير المسجد وربما يقال حينئذٍ في المسجد يكون أشد كراهة، ويدل على الأول ما رواه الشيخ عن زياد بن المنذر عن أبي جعفر عليه السلام في جملة حديث قال: إن حلّ الأزار في الصلاة والخذف بالحصى ومضغ الكندر في المجالس وعلى ظهر الطريق من عمل قوم لوط.

وفي الروض عن الشيخ القول بتحريمه، وقال المراد بالخذف رمي الحصى بالكف كيف اتفق وإن لم يكن على الوجه الخاص في رمي حصاة الجمار في منى.

وقال في الصحاح: الخذف بالحصى الرمي به بالأصابع، ولكن أنكر صاحب الذخيرة بأن يكون القذف كيفما اتفق ، فإنه مخالف لكلام أهل اللغة بل المراد منه كيفية خاصة كما في رمي حصاة الجمار. بأن يضع الحصاة على ظفر ابهامه ويرميه والظاهر القول بالعموم أولى به، فإن ظاهر النهي عنه من جهة أنه من العبث واللهو واللعب مما ينتفي الوقار والسكينة المطلوبة في المؤمن مطلقاً أو في المسجد كما هو المختار.

6 ـ يكره قراءة الإشعار غير المواعظ ونحوها: ويدل عليه ما رواه الكافي في الصحيح بسنده عن عبد الرحمان بن الحجاج عن جعفر بن إبراهيم ـ كانه الجعفر ـ عن علي بن الحسين عليهما السلام : قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من سمعتوه ينشد الشعر في المساجد، فقولوا له: نصّ الله فاك ، إنما نصبت المساجد للقرآن^([4])

وفي حديث المناهي: نهى رسول الله أن ينشد الشعر في المسجد، إلّا أنه ورد في رواية علي بن جعفر نفى الباس عنه، وهذا لا يتنافى مع القول بالكراهة.

وقد صرح جمع من الأصحاب بكراهة ذلك إلّأ باستثناء بعض الأشعار، قال الشهيد في الذكرى بعد إيراد خبر علي بن جعفر: (ليس ببعيد حمل إباحة إنشاد الشعر على ما يقلّ منه وتكثر منفعته كبيت حكمة أو شاهد على لغة في كتاب الله أو سنّة نبيّه صلى الله عليه وآله وسلم وما شابه ذلك، فإنّه من المعلوم في سيرة النبي وتقريره أنه كان ينشد بين يديه البيت أو الأبيات من الشعر في المسجد ولم ينكر ذلك. والحق به بعض الأعلام الاشعار التي تقال في مدح النبي وآله أو رثائهم.

وفي المدارك: لا بأس بذلك كله ما دام لم يكن في الشعر بأساً تمسكاً بصحيحة علي بن يقطين: أنه سأل أبا عبد الحسن عليه السلام عن إنشاد الشعر في الأطراف، فقال: ما كان من الشعر لا بأس به، فلا بأس به.

ويؤيد جواز ذلك ما كان يستشهد به أمير المؤمنين عليه السلام في خطبه في المسجد من الاشعار، كما أن مدح أهل البيت ورثائهم ولا سيما مراثي الحسين عليهم السلام من العبادة وأفضل القربات، والمسجد محل العبادة في زينة الشعر الحق، وإنما يمنع عن الشعر الباطل.

ويدل عليه أيضاً ما رواه الصدوق في كتاب اكمال الدين واتمام النعمة (ص: 99) قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذات يوم بفناء الكعبة يوم افتتح مكة، إذا قبل اليه وفد فسلموا عليه فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من القوم؟ قالوا وَقد بكر ابن ولكن، فقال وهل عندئذ من خبر قيس بن ساعدة الأيادي؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال فما فعل؟ قالوا: مات ـ ثم ساق الحديث إلى أن قال: ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: رحم الله قساً يحشر يوم القيامة أمة واحدة، قال هل فيكم .

أمه يحسن من شعره شيئاً؟ فقال بعضهم سمعته يقول:

في الأولين الذاهبين من القرون لنا بصائر

لما رأيت موارداً للموت الاصاغر والأكابر

لا يرجع الماضي التي ولا من الباقين غابر

ايقنت ألّي لا محالة حيث صار القوم صائر... الحديث

فهذه الخبر صريح مع صحة سنده على جواز انشاد الشعر في المسجد الحرام وبين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وطلبه بنفسه، فالمختار كراهة الشعر الباطل في المساجد دون اشعار الحق والحكمة ومراثي ومداح الأئمة الطاهرين عليهم السلام.

[1]) (.الوسائل: الباب 27 من أحكام المساجد الحديث: .

[2]) (.الوسائل: باب 28 من أحكام المساجد.

[3]) (.الوسائل: باب 14 و28 من أحكام المساجد.

[4]) (.الوسائل: باب 14 من أحكام المساجد.

احدث ملفات

العشوائیة

الاکثر مشاهدة

الدروس الحوزوية » خارج الفقه » عام 1437 - 1438 هـ » خارج الفقه - 15 جمادى الثاني 1438 هـ -یكره رفع الصوت في المساجد إلّا في الآذان (84)

ارسال الأسئلة