العصمة بنظرة جديدة مجلة الکوثر الرابع والثلاثون - شهر رجب المرجب 1437هـ -2016م صحيفة صوت الكاظمين الشهرية العدد 207/206 النور الباهر بين الخطباء والمنابر قناة الکاظمين مصباح الهداية ونبراس الأخلاق بإدارة السید محمد علي العلوي الخصائص الفاطميّة على ضوء الثقلين الشباب عماد البلاد إجمال الكلام في النّوم والمنام المؤسسة الإسلامية العالمية التبليغ والإرشاد برعایة السید عادل العلوي صحیفة صوت الکاظمین 205-204 شهر رجب وشعبان 1437هـ الانسان على ضوء القرآن أخلاق الأنبياء في القرآن الكريم العلم الإلهامي بنظرة جديدة في رواق الاُسوة والقدوة الله الصمد في فقد الولد في رحاب اولى الألباب المأتم الحسیني الأسبوعي بإشراف السید عادل العلوي في دارالمحققین ومکتبة الإمام الصادق علیه السلام- إحیاء للعلم والعل نظرات في الإنسان الكامل والمتكامل مجلة الکوثر الثالث والثلاثون - شهر محرم الحرام 1437هـ -2015م نور العلم والعلم نور مقالات في رحاب الامام الحسين(ع)
اللغة
تابعونا...
فهرست کتاب‌‌ لیست کتاب‌ها
  1. النوران الزهراء والحوراء
  2. الأقوال المختارة في احکام الصلاة سنة 1436هـ
  3. الکافي في اصول الفقه سنة 1436هـ
  4. في رحاب الخير
  5. الغضب والحلم
  6. إیقاظ النائم في رؤیة الامام القائم
  7. الضيافة الإلهيّة وعلم الامام
  8. البداء بين الحقيقة والافتراء
  9. سيماء الرسول الأعظم محمّد (ص) في القرآن الكريم
  10. لمعة من النورین الامام الرضا (ع) والسیدة المعصومة(س)
  11. الدوّحة العلوية في المسائل الافريقيّة
  12. نور الآفاق في معرفة الأرزاق
  13. الوهابية بين المطرقة والسندانه
  14. حلاوة الشهد وأوراق المجدفي فضيلة ليالي القدر
  15. الوليتان التكوينية والتشريعية ماذا تعرف عنها؟
  16. الصّارم البتّار في معرفة النور و النار
  17. بريق السعادة في معرفة الغيب والشهادة
  18. الشخصية النبوية على ضوء القرآن
  19. الزهراء(س) زينة العرش الإلهي
  20. مقالات في رحاب الامام الحسين(ع)
  21. نور العلم والعلم نور
  22. نظرات في الإنسان الكامل والمتكامل
  23. دروس الیقین فی معرفة أصول الدین
  24. في رحاب اولى الألباب
  25. الله الصمد في فقد الولد
  26. في رواق الاُسوة والقدوة
  27. العلم الإلهامي بنظرة جديدة
  28. أخلاق الأنبياء في القرآن الكريم
  29. الانسان على ضوء القرآن
  30. إجمال الكلام في النّوم والمنام
  31. العصمة بنظرة جديدة
  32. الشباب عماد البلاد
  33. الخصائص الفاطميّة على ضوء الثقلين
  34. النور الباهر بين الخطباء والمنابر
  35. التوبة والتائبون علی ضوء القرآن والسنّة
  36. القصاص علی ضوء القرآن والسّنة الجزء الثاني
  37. القصاص على ضوء القرآن والسنّة الجزء الثالث
  38. القول الرشید فی الإجتهاد و التقلید 2
  39. القول الرشيد في الاجتهاد والتقليد 1
  40. القصاص على ضوء القرآن والسنّة الجزء الاول
  41. الأقوال المختارة في أحكام الطهارة الجزء الأوّل
  42. أحكام السرقة على ضوء القرآن والسنّة
  43. الهدى والضلال على ضوء الثقلين
  44. في رحاب حديث الثقلين
  45. المأمول في تكريم ذرية الرسول 9
  46. عصمة الحوراء زينب 3
  47. عقائد المؤمنين
  48. النفحات القدسيّة في تراجم أعلام الكاظميّة المقدّسة
  49. قبس من أدب الأولاد على ضوء المذهب الإمامي
  50. حقيقة الأدب على ضوء المذهب
  51. تربية الاُسرة على ضوء القرآن والعترة
  52. اليقظة الإنسانية في المفاهيم الإسلامية
  53. هذه هی البرائة
  54. من لطائف الحجّ والزيارة
  55. مختصر دليل الحاجّ
  56. حول دائرة المعارف والموسوعة الفقهية
  57. رفض المساومة في نشيد المقاومة
  58. لمحات قراءة في الشعر والشعراء على ضوء القرآن والعترة :
  59. لماذا الشهور القمرية ؟
  60. فنّ الخطابة في سطور
  61. ماذا تعرف عن العلوم الغريبة
  62. منهل الفوائد في تتمّة الرافد
  63. سهام في نحر الوهّابية
  64. السيف الموعود في نحراليهود
  65. لمعة من الأفكار في الجبر والاختيار
  66. ماذا تعرف عن الغلوّ والغلاة ؟
  67. الروضة البهيّة في شؤون حوزة قم العلميّة
  68. النجوم المتناثرة
  69. شهد الأرواح
  70. المفاهيم الإسلامية في اُصول الدين والأخلاق
  71. مختصر دليل الحاجّ
  72. الشهيد عقل التاريخ المفكّر
  73. الأثر الخالد في الولد والوالد
  74. الجنسان الرجل والمرأة في الميزان
  75. الشاهد والمشهود
  76. محاضرات في علم الأخلاق القسم الثاني
  77. مقتل الإمام الحسين 7
  78. من ملكوت النهضة الحسينيّة
  79. في ظلال زيارة الجامعة
  80. محاضرات في علم الأخلاق
  81. دروس في علم الأخلاق
  82. كلمة التقوى في القرآن الكريم
  83. بيوتات الكاظميّة المقدّسة
  84. على أبواب شهر رمضان المبارک
  85. من وحي التربية والتعليم
  86. حبّ الله نماذج وصور
  87. الذكر الإلهي في المفهوم الإسلامي
  88. السؤال والذكر في رحاب القرآن والعترة
  89. شهر رمضان ربيع القرآن
  90. فاطمة الزهراء مشكاة الأنوار
  91. منية الأشراف في كتاب الإنصاف
  92. العين الساهرة في الآيات الباهرة
  93. عيد الغدير بين الثبوت والإثبات
  94. بهجة الخواصّ من هدى سورة الإخلاص
  95. من نسيم المبعث النبويّ
  96. ويسألونک عن الأسماء الحسنى
  97. النبوغ وسرّ النجاح في الحياة
  98. السؤال والذكر في رحاب القرآن والعترة
  99. نسيم الأسحار في ترجمة سليل الأطهار
  100. لمحة من حياة الإمام القائد لمحة من حياة السيّد روح الله الخميني ومقتطفات من أفكاره وثورته الإسلاميّة
  101. قبسات من حياة سيّدنا الاُستاذ آية الله العظمى السيّد شهاب الدين المرعشي النجفي «قدّس سرّه الشريف »
  102. طلوع البدرين في ترجمة العلمين الشيخ الأعظم الأنصاري والسيّد الأمام الخميني 0
  103. رسالة من حياتي
  104. الكوكب السماوي مقدّمة ترجمة الشيخ العوّامي
  105. الكوكب الدرّي في حياة السيّد العلوي 1
  106. الشاكري كما عرفته
  107. كيف أكون موفّقآ في الحياة ؟
  108. معالم الصديق والصداقة في رحاب أحاديث أهل البيت
  109. رياض العارفين في زيارة الأربعين
  110. أسرار الحج والزيارة
  111. القرآن الكريم في ميزان الثقلين
  112. الشيطان على ضوء القرآن
  113. الاُنس بالله
  114. الإخلاص في الحجّ
  115. المؤمن مرآة المؤمن
  116. الياقوت الثمين في بيعة العاشقين
  117. حقيقة القلوب في القرآن الكريم
  118. فضيلة العلم والعلماء
  119. سرّ الخليقة وفلسفة الحياة
  120. السرّ في آية الاعتصام
  121. الأنفاس القدسيّة في أسرار الزيارة الرضويّة
  122. الإمام المهدي عجل الله تعالی فرجه الشریف وطول العمر في نظرة جديدة
  123. أثار الصلوات في رحاب الروايات
  124. رسالة أهل البيت علیهم السلام سفينة النجاة
  125. الأنوار القدسيّة نبذة من سيرة المعصومين
  126. السيرة النبوية في السطور العلوية
  127. إشراقات نبويّة قراءة موجزة عن أدب الرسول الأعظم محمّد ص
  128. زينب الكبرى (سلام الله علیها) زينة اللوح المحفوظ
  129. الإمام الحسين (علیه السلام) في عرش الله
  130. رسالة فاطمة الزهراء ليلة القدر
  131. رسالة علي المرتضى (علیه السلام) نقطة باء البسملة
  132. الدرّ الثمين في عظمة أمير المؤمنين - علیه السلام
  133. وميض من قبسات الحقّ
  134. البارقة الحيدريّة في الأسرار العلويّة
  135. رسالة جلوة من ولاية أهل البيت
  136. هذه هي الولاية
  137. رسالتنا
  138. دور الأخلاق المحمّدية في تحكيم مباني الوحدة الإسلاميّة
  139. أخلاق الطبيب في الإسلام
  140. خصائص القائد الإسلامي في القرآن الكريم
  141. طالب العلم والسيرة الأخلاقية
  142. في رحاب وليد الكعبة
  143. التقيّة في رحاب العَلَمَين الشيخ الأعظم الأنصاري والسيّد الإمام الخميني
  144. زبدة الأفكار في طهارة أو نجاسة الكفّار
  145. طالب العلم و السیرة الأخلاقیّة
  146. فاطمة الزهراء سلام الله علیها سرّ الوجود

الفصل الاول: النقد البنّاء

الفصل الأوّل:
النقد البنّاء
ورد في الأخبار الشریفة: المؤمن مرآة المؤمن، وأحبّ الإخوان إليّ من أهدی إليّ عیوبي، ویعرف عقل المرء بثلاث: برسوله ورسالته وهدیّته، فعذراً یا أبا الهادي دام مجدک وعزّک، اُقدّم إلیک بعض الملاحظات العامة علی رسالتک الکریمة علی أمل أن لا أجرح مشاعرک وأحاسیسک المرهفة، فتقبّلها مني هدیة متواضعة، وقد أدخلت رسالتک في نفسي السرور والحزن، سررت لسلامتک وصحتک وأنک لازلت تفکّر في إصلاح نفسک ولم تغرّک مظاهر الدنیا وزخارفها، فإنّ الإنسان بطبیعته لیطغي ولایعرف الحق ولاینصدق ویخضع له، ولا یسأل عنه، إن رآه إستغنی، ونسي فقره إلی الله سبحانه وتعالی، ولکن بحمدالله یبدو لي أنک عرفت الدنیا، وأنها فانیة وأیامها متداولة، یوم لک ویوم علیک، ولاقیمة للثروة والأموال ما لم تکن علیها صبغة الله وإسمه المبارک وتصرف في مرضاته وسبیله، فأن الدنیا مزرعة الأخرة، فأری من سلوکک قد لمست هذه الحقائق، وهذه من نعم الله الکبری علیک، فأشکر الله علی الهدایة والبصیرة وإن کنت في بدایة المسیر والطریق، ولکن ورد في الخبر الشریف: إذا أراد الله بعبده خیراً بصّره بعیوب نفسه وبعیوب الدنیا فیزهد فیها، ویعلم أنّ رأس کل خطیئة حبّ الدنیا، فسررت لذلک، وحزنت لما فیها ما لایقرّبک إلی الله سبحانه، أتعجب من مقولتي هذا؟ سأبعث لک رسالتک مرّة أخری لتجد ما أقوله بوضوح بعد وضع النقاط علی الحروف، وتقبّلها هدیة لتری وجودک من وجودي، واستمیحک العذر مرّة أخری یا کریم النفس، والعذر عند أمثالکم مقبول. 
أولاً: عهدتک من قبل رجلاً صادقاً، واملي فیک أن لایخرج من فیک ولا من قلمک ولا سلوکک ما یتجاوز الحد، فإنّ الشيء إذا جاوز حدّه انقلب إلی ضدّه، وإن العاقل الذي یضع الأشیاء في مواضعه، وجاء في الخبر الشریف: للمؤمن ثلاث علامات: أنّ حدّث لم یکذب وإن وعد لم یخلف وإن ائتمن لم یخن، وللمنافق ثلاث علامات وإن صلّی وصام ـ وهذا یعني أنّه لانغتر بالصلاة والصوم بل نعرف المؤمن من المنافق بمثل هذه العلامات ـ إنّ حدث کذب وإن وعد أخلف وإن ائتمن خان.
وأیضاً ورد في الخبر الشریف: الخمر مفتاح کلّ شر والکذب شراً منه، وأیضاً: یُسأل الإمام × أنّ المؤمن قد یسرق فیجیب ×: قد یکون ، فیسأل : قد یزني؟ فیجیب: قد یکون، فیسأل: قد یکذب فیجیب: لا تخرج من فیه کذبة واحدة.
أباالهدی: أو تدري لماذا هذا الإهتمام بعدم الکذب؟ لأن منشأ الکذب الشرک بالله وأنّ الله سبحانه یغفر الذنوب جمیعاً الّا ما اُُشرک به، وإنّ الشرک لظلم عظیم، فالمؤمن لایمدح من دون علم ویقین، إذ یدري أنّه ورد في الخبر الشریف: حثّوا علی المادحین التراب، فلماذا هذا الأطراء والمدح البلیغ في رسالتک، وما لایطابق الواقع فإنه یدخل في مفهوم الکذب.
ثانیاً: کل عمل لم یبدء بالبسملة ـ بسم الله الرحمن الرحیم ـ فهو أّتر مقطوع الأثر والبرکة ولا خیر فیه، وما أکثر الروایات التي تحدثنا علی أن نبدء في أعمالنا أوّلاً  بالبسملة، لاسیّما في المکتوب والرسائل ، ألیس سلیمان بعث کتابه إلی بلقیس یبدء ببسم الله الرحمن الرحیم، ولایقبل منک العذر أنّه خوفاً من سقوط الرسالة أسماء الله أولاً وثانیاً لایحق لک أن تسيء الظن بأخیک، فارجع البصر إلی رسالتک فهل تری من البسملة أثراً ثمّ لو فرضنا ـ وفرض المحال لیس بمحال ـ أنا لسنا من المسلمین ، ولکن الوجدان والضمیر الواعي یطالبنا أن نبدء في أعمالنا وأقوالنا بإسم الله سبحانه إذا کل ما عندنا فهو من الله وإلی ، فمنه وإلیه، ونستعین بإسمه المبارک وبصفاته وأسمائه الحسنی، أفمن الإنصاف أن نترک البسلمة حینئذ؟
ثالثاً: قولک: (العلّامة) أتعرف ما معنی العلّامة  ومن هو العلّامة؟ أو خط قلمک ذلک إعتباطاً؟ ومن مثلک یستبعد منه ذلک وأنت جلیس العلماء والفضلاء تنهل من علومهم وقد صاحبت العباقرة في العلم والأدب، فإن لم تکسب شیئاً منهم فقد اتلفت العمر الغالي ووقتهم الثمین، أیحق لک ذلک؟ فهل تدري أنّ العلّامة، أصله من العلم بناء علی أنّ المصدر أصل الکلام والمشتقات، واُشتق منه اسم الفاعل أي العالم حینما یحمل العلم، وإذا أردنا أن نبالغ في وفور علمه وکثرة ثقافته وسعة اطلاعه نأتي بصیغ المبالغة ومنها: العلّام علی وزن فعّال، أي کثیر العلم، والتاء في العلّامة تاء الجماعة تفید المبالغة أیضاً وهذا یعني المبالغة في المبالغة فماذا تکون نتیجة المعادلة؟ 
فیا أبا الهدایتین: أي علم وجدته عندي وأي غزارة علم لمسته منّي حتی تخاطبني بالعلاّمة؟ العلّام من أسماء الله سبحانه، فیاتری هل کنت صادقاً في قولک أم اتبعت الناس؟ وهل لک مجوّز شرعي في إتباعهم؟ لا أدري! والحدیث ذوشجون، والعاقل تکفیه الإشارة.
رابعاً: ماذا تقصد من قولک (المخلص) فهل تدري معنی الإخلاص وما یقابله من الریاء ؟ وکیف عرفتني مخلصاً ولا أعرف في نفسي ذلک وأنا أقرب لنفسي منک والإنسان علی نفسه بصیرة، وهل تعلم أنّ للمخلص علامات وللمرائي علامات، أذکر لک واحدة منها والبقیة علیک في مراجعتها کتب الأخلاق کجامع السعادات للمحقق النراقي علیه الرحمة والمحجة البیضاء للمحقق الفیض الکاشاني علیه الرحمة.
فمن علاما المرائي: إذا کان وحده کسل عن العبادة وتضجّر منها وإما إذا کان مع الآخرین تراه نشیطاً في العبادات الصوریة، فإذا عبدت ربي أمامک من یقول: کان ذلک عن إخلاص والله یعلم السرائر؟ فکیف تصفني بالأخلاص؟ یا هذا اتق الله حق تقاته . 
خامساً : ماذا تعني بقولک (الطاهر) هل طهارة النفس الأمّارة بالسوء، وأنّی یکون لي ذلک أم طهارة وجودي وقد تقذّر بالمعاصي حتی صار الحجاب الأکبر؟ أم طهارة العقل والجنون فنون أقلّها إثنی وسبعون؟ أم مقصود مدحي وأطرائي وقد ورد: حثّوا؟ أم تبغي أغرائي، والغواني یغرّهنّ الثناء وعلیک بنصح أخیک فماذا تعني من قولک (الطاهر)؟
سادسا: تکتب (المجبل) ولم أعرف معنی هذه الکلمة وأتصور أردت أن تکتب (المبجّل) بمعنی المحترم المکرّم، فعلیک أوّلاً أن تقرء رسالتک بعد الکتابة بل تقرء کل ما تکتبه حتّی تصحّحه، ثمّ علیک ثانیاً أنّ تراعي الأخطاء الاملائیّة فإنّ الرسالة عنوان الشخصیة، وتدلّنا علی عقل المرسل، ولا یحق أن یعتذر بالجنون والجهل وغیر ذلک لیبرّر الزّلات، فإنّ الله سبحانه أراد منّا أن نکون في حیاتنا علماء عاملین مخلصین وعقلاء مهذبین  وأدباء فطنین، فإنّ المؤمن کیس فطن، ولا ترضی من نفسک إلّا أن تکون سلمان زمانک وأویس عصرک، فأنّ من یفکّر في صعود جبل بلوغ قمّته فإنه ینالها أو دونها بقلیل، ومن یفکّر بصعود نصفه فإنّه یبقی في وادیه وسفائحه، فانظر إلی أقصی القوم، کما عهدتک ولاتفکر إلا بالقمة، عرفتک من قبل کمالاً تحب الکمال.
سابعاً: قولکم (وبتسامکم الشهیّة) أوّلاً: الکلمة الأولی یعوزها الألف وثانیاً: تاء الشهیة تعوزها النقاط کما في البهیة وغیرها، وثالثاً: لا أدري ماذا تشتهي عندما أبتسم ؟ لعلک تشتهي أن لا أبتسم ـ قلت هذا لأدخل السرور علی قلبک فإن إدخال السرور في القلب المؤمن عبادة ـ .
ثامناً: المصیبة کل المصیبة في قولکم (وأخلاقکم الفیّاضة) والفیّاضة مبالغة: أي الذي یفیض کثیراً، ولیس ذلمک إلا الله سبحانه وتعالی فهو الفیاض عزّوجلّ، فماذا تقصد من ذلک، ربّما أردت مراعات السج لتدخل في زمرة الشعراء والأدباء، أو أردت أن تسبح في عالم الألفاظ وتترک المعاني، والله یحاسبنا علی الألفاظ والمعاني، فما یلفظ من قول إلا لدیه عتید یعدّ ما نلفظه ورقیب یراقب أعمالنا وحرکاتنا وسکناتنا، ولایصحّ أن تعتذر بالجهل، إذ یأتي الخطاب یوم القیامة: هلاّ تعلّمت، فلا یعذر الإنسان بجهله مادام یتمکن من التعلّم.
والّا فالجاهل المقصّر بحکم المتعمّد في الفقه الأسلامي.
ثمّ یا هذا لقد مرّت علی صداقتنا شهور فکیف عرفت أنّ لي أخلاقاً فیّاضة وعواطفاً جیّاشه، ولاتعلم عواقب الأمور ، ومستقبلي کالماضي عندک مجهول، وما أکثر الناس الذین کانوا في بدایتهم من الصلحاء ثمّ في نهایة المطاف إنحرفوا عن الصّراط المستقیم وأصبحوا من الأشرار وکذلک العکس، نسأل الله سبحانه حسن العاقبة، اللهمّ اجعلني خیراً ممّا یظن الحاج کمال دام کماله فإنه لایعلم منّي شیئاً ولایدري بذنوبي.
وأنت بلطفک ورحمتک الواسعة سترتها علی العباد ولم تفضحني بین الملاء، اللهم استر علینا في الدّنیا والآخرة، آمین.
تاسعاً: بودّي أن أُریک حقیقتک من خلال کلماتک في کلّ کلمة کلمة، ولکن یمنعني خوف الأطالة وجرح الشاعر وضیاع الوقت، فإن هناک ما هو أهم وأولی، فأذکرک من خلال سطورک، فتقول: أقول والحقّ أقول، وکان الأولی أن تقول: والحقّ یقال، ولا یصحّ قولک (إني مشتاق الکثیر) بل من دون ألف واللام للمتابعة، والصحیح ترن، لا (تزن) والأولی أن تقول (واسلّیها بالسفر إلیک) وکیف تقول: (قال الله الزمن) وقد ورد في الخبر: لاتعادوا الأیام فتعدیکم، وألیس الزمن من خلق الله.
عاشراً: أشکرکم علی خطابکم بکلمة (أخي) وأشکر ربي علی مثل اخوتک فرب أخ لم تلده لک أمکّ، ویؤلمني إنني لم استطع أن أوفّي بحقّ الأخوّة، ولکن استعین بالله أن أؤدي ولو جزءاً یسراً منهات وذلک الدّعاء ومشارکتک في الأعمال الصالحة إنشاءالله تعالی، و ما توفیقي إلّا بالله العليّ العظیم.
ثمّ لماذا هذا الأطراء والمدح: الکبیر في همّته القوي في أرادته العزیز بین إخوانه ؟؟! !
أسأل الله أن یوفقک لکل ما فیه الخیر والصّلاح وأن یحفظک من شرّ الأشرار ومن شر نفسک الأمّارة التي بین جنبیک، فإن أشج الناس من غلب هواه ونفسه، فأسأل الله أن یرعاک بعینه ویحرسک في کنفه ویحفظک من جهل الناس وشقوتهم، ویصلح بالک وحالک وقلبک.
وأعلم أنّ علماء الأخلاق والعرفان قد اهتمّوا باصلاح الباطن والقلب أوّلاً، لأنّه إذا صلح القلب صلحت الجوارح، وإذا فسد القلب فسد الجوارح ، وکلّما یضمره الإنسان فلابدّ أن یظهر علی فلتات لسانه ولمحات وجهه، والحرکة الطبیعیّة تغلب الحرکة القسریة القهریّة، فلو قهرنا أنفسنا باظهار الصلاح فلابدّ یوماً تتغلّب المیول الطبیعیّة الباطنیّة علی الظاهر، فیفتضح المرء والعیاذ بالله.
ولمثل هذا نجد في نهج أمیر المؤمنین علي × یقول: کانت العلماء حینما تکتب الرسائل بعضم إلی بعض یبدؤون بهذه الکلمات الثلاثة من باب التذکّر، فإنّ العلم أیضاً یحتاج إلی الذکری، فأنّها تنفع المؤمنین. 
والکلمات الثلاثة تجمع الإصلاح الفردي والأجتماعي وهي: 
1 ـ من أصلح بینه وبین الله أن أٌلح الله بینه وبین النّاس. 
2 ـ من أصلح سریرته أصلح الله علانیته.
3ـ من أصلح آخرته أصلح الله دنیاه.
أجل: یا قرّة العین لو فکرت في هذه الروایة الشریفة، فإنها قلیلة الألفاظ ولکن عزیزة المعاني، تحمل أسراراً وبرکات لایلقّها إلّا ذو حظ عظیم کثیر منا یحال أن یصلح دنیاه ویفکر دوماً أن یصلح ظاهره ویحسّن العلاقة بینه وبین النّاس، ولایعرف کیف یکون ذلک فیلجأ إلی مطالعة أفکار الغرب ویطالع کتاب کارنجي (کیف تکسب الأصدقاء) و(کیف تکون ناجحاً في عملک) وقد غفل عن الأصول وعمّا هو الواقع والحقیقة.
أذکر أنک سألتني یوماً عن عدم النجاح في العمل، ومن أین یکون التقصیر، وما هي العوامل لعدم الفوز؟ وقد غفلنا أنّ التقصیر من أنفسنا، إذ تفکر في إصلاح دنیانا ونسینا الآخرة، والله سبحانه قد تکفّل وضمنّ، أنّه من أصلح آخرته فهو الذي یصلح دنیاه، إذ بیده کلّ شيء فهو الّذي یمرضني وهو الّذي یشافیني وهو الذي یبکیني وهو الّذي یضحکني وهو الّذي یطعمني وهو یسقیني، وهذا من توحید نبي الله إبراهیم الخلیل×.
فمن أراد حرث الآخرة آتاه الله حرث الدنیا والآخرة، ومن کان لله کان الله له، ومن طلبه وجده ومن وجده عشقه ومن عشقه قتله ومن قتله فهو دیّته، فما معنی أنا دیته، وکیف یکون الله المستجمع لجمیع الصفات الکمالیّة  والجلالیة علی الإطلاق دیة العاشق المقتول الشهید، وینظر إلی وجه الله، فأي درجة هذه یا تری؟ 
فإصلاح دنیانا بإصلاح آخرتنا، وحینئذٍ لانخالف الموت وقع علینا أم وقعنا علیه ، وأن إبن أبي طالب لآنس للموت من الطفل إلی ثدي أمّه، ونشتاق الآخرة ونرجوا لقاء الله ونحب الموت.
سُئل أبوذر الغفاري رضوان الله تعالی علیه: لماذا نخاف الموت؟ فقال : اعمرتم دنیاکم وخرّبتم آخرتکم فکیف لایخاف من ینقل من العمران إلی الخراب.
وإذا أصلحنا السریرة والباطن والخلوة، فإن الله سبحانه عهد إلی عبده ووعده ولن یخلف الله وعده وعهده، أن یصلح علانیته وجلوته، فکل الناس تهواه، بل یلقی محبته في الماء، وکلّ من یشرب الماء یحبّه کما ورد في الخبر، حتّی تقول لصاحبک: لا أدري لماذا أحبّ هذا الشخص مع أنک لم تره من قبل، فیکون المؤمن عزیزاً، فإنّ العزّة لله ولرسوله وللمؤمنین الّذین أصلحوا قلوبهم وسریرتهم فأصلح الله علانیتهم. 
ومن أصلح بینه وبین الله وجعل حلقة وتمسک یحبل الله، بل ولو جعل بینه وبین ربّه وصال بمقدار شعرة، فإنّ الله یصلح بینه وبین الناس، یعزّره ویکرّمه، ویکون طیب الزمان والمکان، مبارکاً أینما رحل وارتحل، یعیش سعیداً بنفس مطمئنة ویرجع إلی ربّه بقلب سلیم لیس فیه سوی الله سبحانه، وقد سئل أمیرالمؤمنین علي ×: کیف وصلت إلی هذا المقام؟ فأجاب وقفت علی باب قلبي ولم أخل فیه سوی ربّي، وحینئذٍ یکون قلب المؤمن عرش الرحمن وحرم الله.
فیالتني بیني وبینک عامر
وبیني وبین الناس کلهم خراب 

هنیئاً لأرباب النعیم نعیمهم، أحبّ الصالحین ولست منهم لعلّ الله یرزقني الصلاح، آمین رب العالمین.