ارسال السریع للأسئلة
تحدیث: ١٤٤٥/١٢/٢٤ السیرة الذاتیة کتب مقالات الصور دروس محاضرات أسئلة أخبار التواصل معنا
العصمة بنظرة جديدة مجلة الکوثر الرابع والثلاثون - شهر رجب المرجب 1437هـ -2016م صحيفة صوت الكاظمين الشهرية العدد 207/206 النور الباهر بين الخطباء والمنابر قناة الکاظمين مصباح الهداية ونبراس الأخلاق بإدارة السید محمد علي العلوي الخصائص الفاطميّة على ضوء الثقلين الشباب عماد البلاد إجمال الكلام في النّوم والمنام المؤسسة الإسلامية العالمية التبليغ والإرشاد برعایة السید عادل العلوي صحیفة صوت الکاظمین 205-204 شهر رجب وشعبان 1437هـ الانسان على ضوء القرآن أخلاق الأنبياء في القرآن الكريم العلم الإلهامي بنظرة جديدة في رواق الاُسوة والقدوة الله الصمد في فقد الولد في رحاب اولى الألباب المأتم الحسیني الأسبوعي بإشراف السید عادل العلوي في دارالمحققین ومکتبة الإمام الصادق علیه السلام- إحیاء للعلم والعل نظرات في الإنسان الكامل والمتكامل مجلة الکوثر الثالث والثلاثون - شهر محرم الحرام 1437هـ -2015م نور العلم والعلم نور مقالات في رحاب الامام الحسين(ع)
اللغة
تابعونا...
احدث العناوين الأخبار العشوائیة أکثر الأخبار مشاهدة
  • الذكری السنوية الثالثة لرحيل سماحة آية المعظم السید عادل العلوي الخميس ٢٧ ذي الحجة ١٤٤٥ بعد صلاة المغربين
  • اسعد الله ايامكم بمناسبة حلول عيد الله الاكبر، عيد الولاية، عيد الغدير الاغر
  • اعظم الله اجورنا و اجورکم بذكرى استشهاد الإمام محمد الباقر (عليه السلام)
  • اعظم الله اجورنا و اجورکم بذكرى استشهاد الامام الجواد (عليه السلام)
  • نبارك لكم ذکری ولادة السّیدة الطاهرة فاطمة الزهراء (سلام الله علیها)
  • اعظم الله اجورنا و اجورکم بذكرى استشهاد الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام
  • نبارك لكم ميلاد أمل المستضعفين الإمام الحجة المهدي المنتظر عجل الله فرجه
  • نبارك لجمیع الأمة الإسلامیة لاسیما موالي أهل البیت(ع)ذکری ولادة الأقمار الثلاثة
  • اعظم الله اجورنا و اجورکم بذكرى استشهاد باب الحوائج الإمام موسی بن جعفر الکاظم (ع)
  • نبارك لكم ذکری ولادة ذكرى ولادة امير المؤمنين (ع)
  • نبارك لكم ذکری ولادة السّیدة الطاهرة فاطمة الزهراء (سلام الله علیها)
  • نعزي بوفاة ام البنین(سلام الله علیها)
  • نبارك لکم مولد الرسول الاکرم (ص) وحفیده الامام الصادق(ع)
  • اعظم الله اجورنا و اجورکم بذكرى وفاة الرسول الأعظم (ص) و استشهاد الإمام الحسن المجتبى (ع) و الامام علی بن موسی الرضا (ع)
  • فضيلة المشي في زيارة الإمام الحسين عليه السلام في ايام الاربعين
  • اعظم الله لنا ولكم الاجر بمصاب ابي الاحرار الحسين بن علي عليه السلام
  • الذكری السنوية الثانية لرحيل سماحة آية المعظم السید عادل العلوي الخميس 2 محرم الحرام 1445- بعد صلاة المغربين
  • أَسْعَدَ الله أيامكم بعيد الله الأَكبَر يوم اكمال الدين عيدالغدير الأَغَر
  • نهني و نبارک لکم ذکری مولد بولادة الإمام علي النقي عليه السلام
  • اعظم الله أجورنا وأجوركم بذكرى استشهاد الإمام محمد الباقر عليه السلام
  • احدث العناوين

    الأخبار العشوائیة

    متبارکین بمولد عقيلة الهاشميين الحوراء زينب (سلام الله علیها)


    کتاب عصمة الحوراء زینب سلام الله علیها - بقلم السید عادل العلوي

    بسم الله الرحمن الرحیم

    الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف خلقه محمّد المصطفى وآله الطاهرين ، واللعن الدائم على أعدائهم ومنكري فضائلهم من الآن إلى قيام يوم الدين .

    أمّا بعد :

    فإنّ الحديث ليحلو عن مقام الحوراء زينب  3، سيّما ونحن في رحابها الواسع وفي أيام ولادتها المباركة ، وإنّما اخترت هذا الموضع لما للمكان من أثر، حيث إنّي حللتُ ضيفآ عليها، فوحيآ من مكانها تاقت النفس للحديث عنها، ولما لزيارتها من إشعاع روحي ينعكس على كلّ من دخل إليها مستعدّآ بقلبه وعقله لتلقّي هذا الإشعاع ، وكلامي عنها مبيّنآ عظمتها، لأنّها سلام الله عليها باب أمير المؤمنين صلوات الله عليه ، وأمير المؤمنين  7 باب رسول الله  9 كما ورد في الحديث الشريف عن النبيّ  9: «أنا مدينة العلم وعليٌّ بابها»[1] ، كما أنّه  7  باب الله الذي منه يؤتى ، كذلک الرسول الأكرم  9 باب الله تعالى كما ورد في الزيارة الشريفة : «أنتم باب الله الذي منه يؤتى »[2] ، فتكون زينب الكبرى  3    باب الله تعالى لو حذفنا الوسائط[3] ، فإذن من له حاجة عند أمير المؤمنين  7 لا بدّ أن يدخل إليه من الباب المقصود، ألا وهو زينب  3، وهذا المعنى ـكون زينب باب أمير المؤمنين  8ـ حدّثني به سيّدنا الاُستاذ آية الله العظمى النجفي المرعشي  1، كما هو عند أهل السير والسلوک إلى الله تعالى . فنحن إذن على باب من أبواب الله تعالى وفي رحاب السيّدة الحوراء زينب الكبرى  3، وسنتطرّق إلى الحديث عن عظمة هذه السيّدة الكبرى لنبيّن مضمون العبارة الرائعة التي قرأتها على سيّارة بعض المؤمنين التي تقول : (السيّدة زينب روضة العلم والنور)، وحيث إنّها سلام الله عليها كذلک فلنستمدّ سويّة من علمها ومن نورها ممّا يجعلنا نعيش في هذه الروضة ونهتدي بنورها إن شاء الله تعالى .

    لقد كتب لنا التأريخ عن العشّاق ، وأجمل ما كتب عن قيس العامري العاشق ، مجنون ليلى ، فإنّه كان يمرّ على جدران ديار ليلى بعد أن فارقته ، وكان يقبّل هذه الجدران بلهفة المشتاق وعطش العاشق ، فلامه الناس على ذلک ووصفوا هذا الفعل بالجنون ، فردّ عليهم بقوله الرائع الذي صاغه ببيت من الشعر، فقال  :

    وما حبّ الديار شغفن قلبي         ولكن حبّ من سكن الديارا

    فالحبّ يعلّم الإنسان ماذا يفعل مع الحبيب في حضرته ، وكيف يتعامل مع ديار الحبيب وآثاره ، هكذا نحن عندما ندخل على حبيبة الله وحبيبة أمير المؤمنين  7 وحبيبة الإمام الحسين  7، حبيبة أهل البيت  :، فنقبّل الأبواب والضريح ونقول لمن يعترض على ذلک كما قال قيس العامري[4] ،  فإذا وقف الإنسان على جمال حبيبه ، فإنّه يعشقه لأنّ الإنسان يعشق الجمال ، وإذا عشق الحبيب لجماله ، سيقبّل جداره وكلّ آثاره لو لم يتمكّن من تقبيله ، فلا يُشكل علينا أنّ هذا الفعل شرک[5]  والذين توهّموا الشرک في هذه الأفعال إنّما ينشأ توهّمهم هذا من عدم معرفة مقام أهل البيت  : معرفة جمالية ، ولو أنّهم عرفوا مقامهم سلام الله عليهم لفعلوا كما فعل قيس العامري إلّا أنّ معرفتهم الأئمة المسلمين حقّآ معرفة جلالية مع أنّ لهم رتبة اُخرى لا يعرفهم فيها إلّا الله سبحانه ، وهذه المعرفة هي الرتبة العليا في المعرفة وتسمّى المعرفة الكمالية[6] ، وبناءً على هذا فإذا أردنا معرفة السيّدة الجليلة الجميلة الكاملة زينب الكبرى 3 لا بدّ لنا أن نعرفها بهذه الرتب الثلاثة من المعرفة التي ستكسبنا أدبآ وخضوعآ وحبّآ وعشقآ زينبيّآ، لأنّها باب الله تعالى الذي منه يؤتى ، ووسيلته التي إليه ترجى ، فحديثي سيكون عن عظمة هذه السيّدة التي لو رأينا جمالها لوصلنا إلى مقام الفناء[7]  في وصفها وتمام الانبهار بجمالها، فالعبارة التي قرأتها على تلک السيّارة (السيّدة زينب روضة العلم والنور) سواء قصد كاتبها ما فهمت أو لم يقصد فإنّ زينب الكبرى هكذا حقّآ، ولكن لا بدّ من معرفة عمق هذه العبارة وكيف تكون روضة العلم والنور؟ ولماذا لا نحسّ هذا النور سيّما ونحن بجوارها وحول ضريحها؟ لماذا لا يُذهب نورها ظلمتنا؟ لماذا لا يرفع علمها جهلنا؟ لماذا لا يطيّب عطرها أرواحنا؟ لماذا لا تعلو حقيقتها على أوهامنا؟

    نحن نعلم أنّ الذي يقف أمام نورٍ حسّي سيتكوّن خلفه ظلّ وظلمة ، ويتصاغر هذا الظلّ وتندحر هذه الظلمة كلّما اقتربنا من النور، فما يعيشه الإنسان من الجهل الذي خلق من الظلمة ، وجُعل له جنودآ وهي الصفات الذميمة وكلّها ظلمانية ، كما خُلق العقل من النور وجعل الله له جنودآ نورانية كما في حديث العقل في كتاب الكافي .

    فالظلمات التي يعيشها الإنسان هي السبب في هذا البعد عن الحقّ والحقيقة.

    فيا تُرى عندما ندخل حرم السيّدة  3 ولا نشعر النورانية وبالعلم الإلهي ، هل المناظر الشيطانية التي ألفناها كلّ يوم في الشوارع والأسواق والأزقّة والسيارات العامّة ، هي الحاجب أم الأدران المعنوية أم كلاهما؟ والحقّ أقول إنّ المناظر الشيطانية لها دورها الذي لا يستهان به[8] ، ولكن الظلمة القلبية الناشئة من الذنوب لها دورها الأكبر[9] ، ويكفي شاهدآ على ذلک قول النبيّ  9: «من رأى  منكم منكرآ فليغيّره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلک أضعف الإيمان »[10] ، فلكثرة هذه المشاهد الشيطانية يموت فينا هذا الإيمان الضعيف ،  فنعتاد على رؤيتها وتستأنسها النفوس وهذا ما أحسسته[11] ، فإذن لا بدّ من علاج   لما نحن فيه ولا أرى علاجآ ناجعآ لهذه اللوثة إلّا معرفة زينب العقيلة كما هو اللائق بها، لأنّ القلب لو تنجّس بشيء من هذه القاذورات فإنّه يطهر بدخوله إلى حضرة هذه اللبوة الطاهرة ويخرج منها طاهرآ مرّة اُخرى ، وكما أنّ الماء يطهّر البدن فزينب تطهّر القلب والروح ولا قياس[12] ، فبعطرها نتعطّر وبطهرها نتطهّر، وجاء عن النبيّ  9[13] : إنّ من وقف قرب بائع العطر يصيبه شيء من ذلک العطر، وهكذا الذي يدخل إلى العطر المعنوي وينغمس فيه فسيكون مصدرآ للعطر أينما حلّ ، فلنعرف زينبآ، ولنزر زينبآ، لتجب لنا الجنّة ، فإنّ من زارها عارفآ بحقّها وجبت له الجنّة[14] ، وإن لم نعدم الثواب في زيارة بلا معرفة ، إلّا أنّ السعادة  الاُخرويّة واللذّة العنويّة ، لا تتمّ إلّا بزيارة محاطة بمعرفة كمالية أو جمالية ، فبهكذا زيارة تتغيّر جواهر القلوب ، وترتفع الحجب الظلمانية ، وتفتح الأقفال .

    ربما يتبادر إلى الذهن أنّ هذه الكلمات إنشاء محض وهذا التبادر ناشئ من التسرّع في الحكم ، فنحن نقول : المعرفة من العرفان في مقابل العلم[15]  وربما يكونان مترادفين ، إلّا أنّا نرى أنّ هناک فرق بين العلم والمعرفة ، فالعلم يهتمّ بالكلّيات والمعرفة تهتمّ بالجزئيّات ، فيطلق على الله تعالى عالم ولا يطلق عليه عارف[16]  فالمعرفة كلّي تشكيكي لها مراتب[17]  طولية وعرضية[18]  وبالمعرفة توزن الأشياء، ولهذا قال مولى الموحّدين  7: «تكلّموا تعرفوا، فإنّ الإنسان مخبوء تحت طيّ لسانه »[19] ، وجاء أيضآ: «تكلّموا يرحمكم الله، فبالكلام يعرف قدركم »، فالمعرفة إذن هي اُسّ الكمال لكلّ قابل لها[20]  وهي على ثلاثة أنحاء كما ذكرنا جلالية ، وجمالية وكمالية واُقرّب هذا بالمثال (فإنّک لو رأيت جبلا عن بعد فإنّک ستعرفه بحدوده وإنّه لم يكن شجرآ أو حيوانآ أو شيئآ آخر إنّما هو جبل ، وهذه معرفة جلالية ، ولكن لو اقتربت منه ورأيت جماله وصلابته وشموخه فهذه معرفة جمالية ، وعندما تصعد عليه وترى كنهه وواقعه فهذه معرفة كمالية )، وهكذا معرفتنا للأئمة الأطهار  :.

    ورد في الزيارة الجامعة : «ما من وضيع ولا شريف ولا عالم ولا جاهل إلّا عرف جلالة قدركم »[21] ، أي حتّى عدوّهم يشهد بفضلهم لأنّه يعرفهم معرفة جلالية ، وهناک من يعرف أمير المؤمنين  7 والسيّدة زينب  3 بمعرفة جمالية فلذلک استحقّ سلمان الإخلاص سلمان التقوى ، أن يكون من أهل البيت  : فقالوا في حقّه : «سلمان منّا أهل البيت »[22] ، فتراه ملازمآ لأمير المؤمنين  7  فكلّما دخل الأصحاب المسجد وجدوا سلمان بجوار مولاه يشرب من معينه الصافي ونميره العذب ، فاتّفقوا على أن يسبقوا سلمان إلى أمير المؤمنين  7 فبكّروا بالمجيء وفعلا لم يجدوا في الطريق إلّا آثار أقدام الإمام  7 ففرحوا بذلک ، ولكن ما أن وصلوا المسجد، وإذا بسلمان جالس عند أمير المؤمنين  7، فتفاجأوا فقالوا: يا سلمان ، من أين أتيت ؟ أنزلت من السماء أم خرجت من الأرض ؟ فقال سلمان : إنّما جئت من حيث جئتم . فقالوا: فأين آثار أقدامک ؟ فقال : إنّي لمّا رأيت أقدام أمير المؤمنين  7 فوضعت أقدامي عليها، لأنّي أعلم أنّه لا يضع قدمآ ولا يرفعها إلّا بحكمة وعلم ، هكذا يعرف سلمان مولاه وهكذا يقتفي أثره ، فمعرفة سلمان معرفة جمالية ولكن لأمير المؤمنين  7 معرفة اُخرى وهي المعرفة الكمالية وهذه منحصرة بالله تعالى ورسوله حيث أكّد ذلک النبيّ  9: «يا عليّ، ما عرفک إلّا الله وأنا...»[23]  لأنّه لا يعرف حقيقة الولي  والحجّة وباطن أمير المؤمنين  7 إلّا من كان محيطآ بذلک تمام الإحاطة ، وإن شاء الله في المحاضرات الآتية سنعرف زينبآ بشي من المعرفة الجمالية من خلال أحاديثهم الشريفة ، وهذا ما نفهمه من قول الإمام زين العابدين : «أنتِ عالمة غير معلّمة » فبكلامه هذا أراد أن يعرفنا جمالها وعظمتها، فمثل هذا الكلام من الإمام المعصوم  7 إشارة إلى جمال زينب  3، وهذا أبوها أمير المؤمنين  7 عندما يدخل عليها وهي تفسّر القرآن الكريم للنساء وفي آية (كهيعص ) فأشار أمير المؤمنين  7 إلى سرّ هذه الحروف المقطّعة فقال : «ک يعني كربلاء وما سيجري فيها على زينب »[24] ، وورد في روايات العرش أنّه كتب على   العرش : «زينة العرش الإلهي عليّ بن أبي طالب »[25] ، وكتب في اللوح المحفوظ  :  «زينة اللوح المحفوظ زينب »، وهذا الحديث إشارة صريحة إلى جمال زينب ، فإذن من خلال معرفتنا لجمالها  3 نزداد حبّآ لها، ومن خلال ازدياد الحبّ نزداد أدبآ وشوقآ، ومن خلال الأدب والحبّ نزداد علمآ ونورآ في روضتها ودوحة علمها وعنوان بطولتها وصبرها.

    العلم كثير ومنه ما هو نافع ، ومنه ما هو ضارّ، وفيه ما لا نفع فيه إذا عُلم ، ولا ضرر فيه إذا جُهل ، وهذا ما يوضحه الحديث المروي عن «إنّ النبيّ  9 دخل المسجد فوجد الناس قد تجمهروا على رجل فقال : ما هذا؟ قالوا: علّامة يا رسول الله، فقال : وما العلّامة ؟ قالوا: إنّه أعرف بأنساب العرب وأشعارها، فقال النبيّ  9: هذا علم لا يضرّ من جهله ولا ينفع من علمه ، إنّما العلم ثلاث : آية محكمة ، وفريضة عادلة ، وسنّة قائمة ، ما خلاهن فضل »[26] ، فمن دراية هذا الحديث كما عند الفيض الكاشاني في كتاب الحقائق يقول : هذه الكلمات الثلاثة إشارة إلى علوم ثلاثة تنفع في الدنيا والآخرة وفي عالم القبر، فالمراد بـ«آية محكمة » يعني علم الكلام لأنّ علم الكلام الذي هو علم العقائد، علم المبدأ والمعاد وما بينهما لا يثبت إلّا بالآية المحكمة ألا وهي البرهان العقلي الذي لا يجوز فيه التقليد[27] .

    وهذه القصّة شاهدة على ذلک قصّة الفلّاح الذي دخل عليه رجل وسأله بأيّ شيء تستدلّ على وجود الله تعالى ، انزعج الفلّاح من هذا السؤال ثمّ رفع المسحاة وضرب الرجل على رأسه وقال : بهذا أستدلّ[28] ، ورواية النبيّ  9 الذي  مرّ على عجوز بيدها مغزلها وسألها عن وجود الله تعالى فقالت : أستدلّ عليه بهذا المغزل ، أي برهان الحركة[29]  فيقال إنّه قال  9: عليكم بدين العجائز فإنّه دين الفطرة[30] ، لأنّ كلّ مولود يولد عل الفطرة[31] ، فهذا كلّه إشارة إلى أنّ الدليل العقلي  هو الموصل إلى الله تعالى وهو المراد بـ«آية محكمة » وأمّا قوله «فريضة عادلة » فهو إشارة إلى علم الفقه حيث إنّه عبارة عن الفرائض الواجبة والمحرّمات ، فالفقه هو الفريضة العادلة التي تعبّر عن العدل الإلهي فبها يصل الإنسان إلى سعادة الدنيا والآخرة ، فالفريضة العادلة هي التقوى وسيكون كلامي عن التقوى العامّة وتقوى الخاصّ وتقوى خاصّ الخاصّ[32] .

    وأمّا السنّة القائمة فهي إشارة إلى علم الأخلاق الذي هو ملكة راسخة ، وقوله  9: وما خلاهنّ فضل ، فمراده إمّا زيادة أو فضيلة وعلى كلا الأمرين يكون العلم البشري ضروريآ حسب حاجة الاُمّة إليه ولعلّه يصير واجبآ عينيآ بعد أن كان واجبآ كفائيّآ، وهذا العلم الإلهي ينفع في القبر أيضآ، لأنّ السؤال الثاني الذي يوجّه إلى صاحب القبر عن الصلاة والصيام وفروع الدين بعد السؤال عن اُصول الدين ، فعلى هذا لا بدّ لنا أن نتعلّم من زينب ونزداد منها علمآ، فإذا لم نزداد أو لا نتعلّم ونحن بحضرتها المقدّسة ، فهذا القصور فينا لا فيها، لأنّ القصور في القابل لا في الفاعل ، لأنّ فاعلية الحوراء تامّة[33] ، كالشمس تضيء لذي عينين ،ولا ينتفع منها الأرمد. وكلّما دخل الإنسان إلى حضرة زينب يزداد علمآ وينفتح له باب من ذلک العلم ، وإنّ هذا العلم لا ينضب لأنّه علم الله تعالى بل هو الله تعالى[34] ، والله تعالى لا نهاية له ،لأنّه الأوّل والآخر والباطن والظاهر[35] ، فيكفيک أن تجلس أمام وجودها وشعاعها وتفكّر في مسألة ، فإنّه سينفتح لک علم جديد لم تعلمه من قبل ، وهذا هو الإلهام الإلهي ، لأنّ العلم ليس بكثرة التعلّم إنّما العلم نور يقذفه الله في قلب من يشاء[36] ، وهذا ما أكّده روح الله عيسى بن مريم  7 بقوله : «ليسالعلم فى السماء حتّى ينزل إليكم ، ولا في الأرض فيخرج لكم ، إنّما العلم في قلوبكم فتخلّقوا بأخلاق الروحانيين يظهر لكم »، وهذا مرادف لقوله  9: «من أخلص لله أربعين يومآ تتفجّر ينابيع الحكمة من قلبه »[37] ، ولكن هذا لا يعني ترکالدراسة التي هي مقدّمة للعلم الإلهي ، فيا أيّها الذين آمنوا لا يستحوذ الشيطان على قلوبكم كما استحوذ على غيركم لأنّ حكومة الرحمن هي الحاكمة وليس حكومة الشيطان[38] ، وهذا يتمّ بمعرفة جمال السيّدة زينب لا في أنّها بنت عليّ  وفاطمة واُخت الحسين واُمّ المصائب ، فهذه حدودها ويعرفها القصيّ والداني والمسلم والكافر، وإنّها من المعرفة الجلالية ، بل لا بدّ من المعرفة الجمالية ، فهذا القول يوضح لنا ما هي ثمرة المعرفة الجمالية فيقول : «من طلبني عرفني ، ومن عرفني عشقني ، ومن عشقني قتلته ، ومن قتلته فأنا ديته ».

    فنور زينب نور معنوي كالنور الحسّي ، ظاهر بنفسه ومظهر لغيره ، والنور الأوّل هو الله تعالى ، حيث إنّه نور السماوات والأرض ، فروضة النور يعني روضة إلهية ، والنبيّ  9 نور حيث إنّه سراج منير، فتكون روضتها  3 روضة نبويّة وقرآنية وولوية ، لأنّ القرآن نور والولي نور «فكلامكم نور وأمركم رشد»، فتكون روضتها روضة أحاديث أهل البيت  :، فالدخول في هذه الروضة يورث العلم والتلذّذ المعنوي والروحي ، ولهذا قال أمير المؤمنين  7: «منهومان لا يشبعان : طالب علم وطالب دنيا»، وطالب الدنيا ينكب عليها مع أنّها جيفة «لأنّ الدنيا جيفة ، وطلّابها كلاب »[39] ، فلو ناداها صاحبها: هل امتلأتِ ؟ تقول  : هل من مزيد، أي آتني من حلال أو حرام ، فطالب الدنيا نار، وطالب العلم نور، وذاک جهل ، وهذا علم ، وذاک شيطان وهذا رحمن .

    فهيّا بنا لنزور الحوراء زينب الكبرى بقلوبنا وعقولنا وأجسامنا، فندخل روضتها المقدّسة وحرمها المبارک ، لنستلهم من روحها الزكيّة ونفسها القدسيّة ، العلم الإلهي والنور الربّاني .

    وآخر دعوانا أنّ الحمد لله ربّ العالمين .

    للمزید یمکنك الرجوع الی ما کتبه سماحته تحت عنوان عصمة الحوراء زینب سلام الله علیها 

    *****************


    أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

    [1] ()  الوسائل :17 242، تأريخ بغداد :11 204 جاء الحديث فيه عن ابن عباس ، قال : «قالرسول الله  9: أنا مدينة الحكمة وعليّ بابها فمن أراد الحكمة فليأتِ من الباب »،==وفي مستدرک الصحيحين :3 126 عن ابن عباس «قال رسول الله  9: أنا مدينة العلموعليّ بابها». وكما تعلم أنّه لا يجوز الدخول من غير الباب المخصّص فسيأخذک إلى غيرالنبيّ  9 وغيره باطل محض . ومراد سيّدنا الاُستاذ بقوله : «وعليّ باب رسول الله» أيالوسيلة إلى النبيّ  9 هو أمير المؤمنين  7 ومن وصل إلى النبيّ  9 فقد دخل في الرحمةالإلهيّة لأنّه  9 رحمة الله للعالمين ، ودخل في الأمن الإلهي لأنّه أمان للبشرية ، واستضاءبنوره لأنّه سراج منير.

    [2] ()  ورد هذا المقطع الشريف في الزيارة ، ومراده أنّ النبيّ  9 هو باب إلى الله تعالى وهوالوسيلة إلى الله تعالى لقوله تعالى : (وَلَوْ أنَّهُمْ إذْ ظَلَمُوا أنفُسَهُمْ جَاؤُوکَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَوَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ ) (النساء: 64)، فحيث كان النبيّ  9 بابآ من أبواب الله تعالى ووسيلةً إليه ،فلا بدّ من الولوج إلى الرحمة الإلهية من الباب الذي فتحه لنا واتّخاذ الوسيلة التي لها قابليّةأن توصلنا لله تعالى ولأنّه  9 أفضل الخلق طرّآ فهو الباب الأوسع والوسيلة الأسرع .

    [3] ()  أي لو حذفنا الواسطة بينها  3.

    [4] ()  نعم نقول كما قال قيس العامري ، ولكن لا نستدلّ بقول قيس بل هو شاهد من التأريخ ،وحيث كان ردّه منطقيآ فاستشهدنا به ، وإلّا لنا دليلنا المتين كما في جامع أحاديث الشيعةللسيّد البروجردي (:20 172) حديث طويل إلى أن قال : فزرنا لله شكرآ لما عرفنا وقبّلناالأرض بين يديه وسألناه عمّا أردنا فاُجبنا، فحملنا إليه الأموال الخبر: ومعناه عندما التقوابالإمام الحجّة  7 فعلوا ذلک ولم يردعهم عنه ، فجاز أن نقبل ما يمتّ لهم بصلة تعظيمآوحبّآ، كما أنّه ورد في السنّة المتّفق عليها عند الفريقين تقبيل الحجر الأسود في الحجّ ،وينقل أنّ أحد علمائنا الكبار عند تشرّفه بزيارة بيت الله الحرام وعند لقائه بالملک فيالسعوديه جعل مصحفآ في جلد خروف وأهداه إلى الملک ، ولمّا عرف الملک ذلک قبّلالقرآن ، ولكن فوق الجلد، فقال العالم : لِمَ قبّلت الجلد أيّها الملک ؟ قال : إنّما قبّلت القرآنالذي في باطن الجلد وهذا هو قصدي ، فقال العالم : وهكذا الشيعة يقبّلون الضريح==وقصدهم من في الضريح وليس الحديد أو الخشب ، وإنّما كتبت هذه القصّة كشاهد فيالمقام للاستدلال بها. ونقول في التفسير إنّ النبيّ يعقوب  7 لمّا ألقوا عليه قميصيوسف  7 وارتدّ بصيرآ بإذن الله تعالى ، فكان للقميص أثرآ وضعيّآ بإذن الله تعالى .

    [5] ()  إنّ الشرک له معنى عند أهل التفسير والعقائد ألا وهو عبادة غير الله مع الله سبحانه ، ونحنعندما نفعل هذا التعظيم لأئمة أهل البيت  : ولذرّياتهم الكريمة فليس المقصود منهالعبادة ، ولا يقول أحد من الشيعة ـعامّتهم أو علماءهم ـ إنّنا نرى في صاحب الضريح له أويفعل فعل الإله بالاستدلال ، ومن في قلبه شکّ في كلامي فليرجع إلى كتبهم ومن في قلبهمرض ندعو الله تعالى أن يزيل مرضه .

    [6] ()  قسّم الاُستاذ المعرفة الإلهية إلى ثلاثة أقسام  :أوّلها ـ المعرفة الجلالية ، والتي معناها سلب النقص عن المعرّف وبيان الحدود، فقولناالله تعالى ليس بجسم ، ليس متّحدآ مع غيره ، ليس في جهة وغيرها من الصفات التي يجلّالله تعالى عنها وتسمّى الصفات الجلالية ، وعند بيان أنّه تعالى واجب الوجود وليس ممكنالوجود فنكون قد بيّنّا الفرق بينه وبين مخلوقاته ، هذه هي المعرفة الجلالية .ثانيها ـ المعرفة الجمالية ، وهي أن نعرف الله تعالى بصفات الجمال وأنّه يتّصف==بالعلم والقدرة والحياة وبصفات أفعالية كالرازق والخالف وغيرها.ثالثها ـ المعرفة الكمالية ، وهي المعرفة التامّة أي معرفة الكنه والحقيقة ، وهذهممتنعة على المخلوق ولا يعرف الله بهذه المعرفة إلّا الله تعالى لأنّه هو الذي يعلم ذاتهولأنّه لا محدود فلا يحيط به شيء وهو يحيط بكلّ شيء، وقد وردت روايات كثيرة تؤكّدهذا.وأمّا معرفة النبيّ وأمير المؤمنين وأهل البيت  : لله تعالى فهي معرفه جمالية إلّا أنّهاأعلى مراتب المعرفة الجمالية لأنّ المعرفة الجمالية لها مراتب متفاوتة . وأمّا المعرفةالكمالية فقد ورد عنه  9: «ما عرفناک حقّ معرفتک ». وهكذا أهل البيت  : هناک منيعرفهم معرفة جلالية أي بسلب النقوص عنهم في الرتبة البشرية وأنّهم يجلّون عن غيرهممن أهل المعصية والفجور والزلل والخطل والوهم والانحراف والاشتباه والالتباس ، كما وردذلک في الزيارة الجامعة التي سوف تأتي إن شاء الله كما أنّهم يعرفون بالمعرفة الجمالية أينعرفهم كما يعرفهم سلمان المحمّدي بأنّهم أهل الفضل ولهم أعلى الرتب في كلّ كمال فضلاعن تنزّههم عن كلّ نقص ، ولهم معرفة اُخرى هي المعرفة الكمالية أي الإحاطة بكنههموحقيقتهم ، وهذه لا يرتقي إليها مخلوق إلّا هم ، فهم يعرفون حقيقة أنفسهم فقط والله منورائهم محيط فلذلک قال النبيّ  9 لعليّ  7: «يا عليّ ما عرفني إلّا الله وأنت ، وما عرفکإلّا الله وأنا». وهذه الرتب تجري على سيّدتنا زينب لأنّها من أهل البيت  : إلّا أنّهم حججالله تعالى وخلفائه ولهم من الصفات والحقيقة التي لا يدانيهم فيها حتّى مثل زينب  3.ولكن لا بدّ أن نعرفها بالمعارف الثلاثة حتّى نطّلع على مقامها الشامخ .

    [7] ()  المقامات التي يصل إليها المؤمن في السير والسلوک الذي تعلّق قلبه بالمعشوق سواء كانهذا المعشوق هو الله تعالى ، أو من يحبّه الله تعالى ، فهي متعدّدة ومنها مقام الفناء أي أنّالعاشق يكون مرآة المعشوق .

    [8] ()  إنّ المشاهد أو المناظر سواء كانت رحمانية أو شيطانية لها أثرها على القلب والروحولذلک جاء الحديث الشريف بمعاشرة (من يذكّركم الله رؤيته ) أي انظروا إلى من يذكّركمبالله تعالى وعاشروه لكي يكون رفيق صلاح لقلوبكم ، وإنّ النظرة الثانية للمرأة الأجنبيةسهم من سهام الشيطان .

    [9] ()  نعم ذكر أهل الحديث عن إمامنا الصادق  7: «إن أذنب الرجل خرج في قلبه نكتةسوداء»، وكلّما ازداد الذنب اتّسعت النكتة حتّى تستولي على القلب جميعه فيكون قلبآمحجوبآ ومنكوسآ بسواده عن الحقّ . وهناک للذنوب آثار اُخرى كثيرة وعليكم بمراجعةكتب الحديث لتعرفوا مضارّ الذنوب . كما لسيّدنا الاُستاذ كتاب (التوبة والتائبون على ضوءالقرآن والعترة ) وهو مطبوع ضمن المجلّد الرابع من موسوعته الكبرى (رسالات إسلامية )فراجع .

    [10] ()  مستدرک الوسائل ، باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الباب الثالث ، الخبر السابع ،عن كتاب قصار الجمل .

    [11] ()  إنّ ظاهر سيّدنا الاُستاذ دام عزّه يدلّ على أنّه حاوٍ على رتبة عالية من الإيمان ، فلو قال إنّرتبة أضعف الإيمان ماتت لتكرّر المشاهد الشيطانية فليس مراده أنّه بقي بلا إيمان وإنّمامراده أنّ النهي عن المنكر في القلب يستوجب رتبة ضئيلة من الإيمان وهي المعبّر عنها فيالحديث بـ«أضعف الإيمان »، فلو تركنا النهي بقلوبنا لكثرة المشاهد الشيطانية نكون قدقتلنا هذه الرتبة الضئيلة وهذا ما أحسّه السيّد حفظه الله تعالى .

    [12] ()  أي لا قياس بين المطهّر المادّي وآثاره وبين المطهّر المعنوي وآثاره لما للمطهّر المعنويمن أهمية كبيرة في حياة البشر.

    [13] ()  جاء في الحديث عن رفيق السوء وعشرته وعن رفيق الصلاح وعشرته : «إنّ النبيّ  9قال : إنّ مثل جليس السوء كمثل نافخ الكير فإن لم يصبک من رائحة كيره أصابک منسواده ، وقيل الجليس الصالح كبائع الطيب فإن لم يصبک من طيبه أصابک من رائحته ».

    [14] ()  ورد في حقّ السيّدة فاطمة المعصومة اُخت الإمام الرضا  7: «عن سعد الأشعريالقمّي ، عن الضرا  7، قال : قال : يا سعد عندكم لنا قبر؟ قلت : جعلت فداک قبرفاطمة  3 بنت موسى بن جعفر  7، قال : بلى ، من زارها عارفآ بحقّها فله الجنّة »،فمابالک بزينب ، فإنّه من الأولى أن يكون لزائرها الجنّة إذا كان عارفآ لأنّها كفاطمةالمعصومة إذا لم تكن أعلى وأرفع ، وهذا من تنقيح المناط عند الاُستاذ دام ظلّه .

    [15] ()  هنا الكلام يدور عن العلم والمعرفة ، ولو أردنا أن نتجاوز هذا الهامش لكان بالإمكان كتابةفصل خاصّ بذلک ، ولكن نبيّن ذلک بحسب ما يسمح به المقام ، فنقول : إنّ الفرق بين العلمبالمعنى الأعمّ والعرفان المأخوذ من المعرفة ، فإنّ المعرفة عبارة عن إدراک الجزئيات والعلمعبارة عن إدراک الكلّيات ، وقيل : إنّ المعرفه تصوّر والعلم تصديق ، ولمثل هذا يقال : كلّعالم عارف ، وليس كلّ عارف عالم .

    [16] ()  لا يطلق على الله تعالى عارف لأنّ المعرفه أخصّ من العلم وهي علم بالشيء مفصّلا عمّاسواه أي علم بالجزئيات ، والعلم هو إحاطة بالكلّيات والجزئيات والله تعالى محيطبالكليات والجزئيات ، فلذلک نطلق عليه عالم ولا نطلق عليه عارف تعالى عن ذلک .

    [17] ()  مراده من الكلّي التشكيكي : أي أنّ مفهوم المعرفة مفهوم كلّي ينطبق على مصاديقه وهذهالمعرفة ذات مراتب متعدّدة وهذا مراده من كلمة تشكيكي ، والكلّي التشكيكي ما يتفاوتفي التقدّم والتأخّر والضعف أو الأولوية ويقابله الكلّي المتواطي كالإنسان .

    [18] ()  طولية وعرضية : أي مراتب المعرفة إحداها في طول الاُخرى أي تليها ومتوقّفة عليهافتسمّى مراتب طولية ، واُخرى معرفة في قبال معرفة موازية لها فتسمّى عرضيّة .

    [19] ()  نهج البلاغة / قصار الكلمات ، ومعناها أنّ قيمة الإنسان تحدّد من كلامه ، ويستدلّ عليهأنّه صادق أو كاذب ، عالم أو جاهل من خلال كلامه ، لأنّ الكلام صفة المتكلّم ، والظاهرعنوان الباطن .

    [20] ()  اُسّ الكمال القابل لها: أي أنّ المعرفة هي الأساس الأوّل والأهمّ في كمال كلّ من له قابليةلحمل هذه المعرفة وهذا القيد، لأنّ المعرفة مختصّة بمن له إدراک دون سواه .

    [21] ()  مفاتيح الجنان ؛ للمحدّث القمّي : 610.

    [22] ()  «سلمان منّا أهل البيت » هذا حديث مشهور عن النبيّ  9 وأيضآ ورد في الدرجاتالرفيعة عن أبي جعفر  7 وفي البحار عنه أيضآ  7 ومراد الأئمة  : وسيّدهم أنّ سلمانمنهم أي على نهجهم وفكرهم وسلوكهم ويطابقهم القدم بالقدم والنعل بالنعل ، بل ورد عنأمير المؤمنين  7 إنّه خلق من طينتنا وروحه مقرونة بروحنا... وهناک كلام طويل فليراجععنه في الكتب المؤلّفة فيه .

    [23] ()  هذا حديث نبوي مشهور: «إنّ النبيّ  9 قال لأمير المؤمنين  7: يا عليّ، ما عرف اللهإلّا أنا وأنت ، وما عرفني إلّا الله وأنت ، وما عرفک إلّا الله وأنا»، وهنا يشار إلى أنّ معرفةالنبيّ 9 وأمير المؤمنين لله تعالى معرفة تفوق معرفة جميع الخلق ومختصّة بهما مع الأئمةالأطهار وفاطمة الزهراء  : وأنّهم لا يعرفهم حقّ المعرفة إلّا الله تعالى أي بالمعرفةالكمالية .

    [24] ()  (كهيعص ) هذه الحروف المقطّعة في سورة مريم آية (1)، لها من التأويل في قضيةكربلاء، وإنّ كلّ حرف يدلّ على شيء وحدث في كربلاء مذكور في محلّه ، فالكاف تدلّعلى كربلاء، والهاء هلاک يزيد، والصاد تدلّ على صبر الحسين ، والعين عطشه ، وغير ذلک .

    [25] ()  لمعرفة هذه الكتابة على العرش يراجع كتاب السيّد العلوي (هذه هي الولاية ) المجلّدالخامس من الموسوعة (رسالات إسلامية )، وكذلک (الإمام الحسين في العرش الإلهي )و(زينب الكبرى زينة اللوح المحفوظ ) في المجلّد السادس من الموسوعة .

    [26] ()  قوله : «ما خلاهن فضل » أي أنّ العلوم البشرية لها أهمية كبرى لكنّها تأتي في الدرجةالثانية من حيث الأهمية والحاجة البشرية لها بعد العلوم الإلهية بحيث يصل التكليف==فيها حدّ الوجوب الكفائي وأحيانآ يتعدّاه إلى الوجوب العيني حسب حاجة الاُمةالإسلامية وأهمية هذه الحاجة فيراجع كتب الفقه الاستدلالي في ذلک .

    [27] ()  أي أنّ اُصول الدين التي هي العقائد لا يجوز فيها التقليد، بل لا بدّ من الاستدلال والقناعةالخاصّة بذلک ، إلّا أنّه يقال في حقّ من ليس له القدرة على الاستدلال أنّه يكتفي منه بحسبهولكن عن قناعة تامّة .

    [28] ()  أي استدلّ الرجل على أنّ لكلّ حادث محدث ، وهذا الضرب الذي سقط على رأسالسائل هو بسبب الفلّاح فكيف لا يكون لهذا الكون الحادث من محدث؟

    [29] ()  البراهين كثيرة والطرق إلى الله تعالى بعدد أنفاس الخلائق كما قال أمير المؤمنين  7، إلّاأنّ هناک برهانآ اسمه برهان الحركة ومفاده أنّ لكلّ متحرّک محرّک يحرّكه ، وهكذا مغزلالعجوز إن حرّكته تحرّک ، وإن تركته سكن واستقرّ، فكيف بهذا الكون المتحرّک المتغيّريتحرّک بدون محرّک هذا محال ؟

    [30] ()  أي أنّ هذه العجوز أجابت بحسب فطرتها التي فطرها الله عليها وبدون التشبّث بالدراسةوالتعلّم فإنّ الله تعالى فطر الناس على معرفته كما ورد في الحديث .

    [31] ()  ورد حديث مستفيض عن النبيّ  9: «لكلّ مولود يولد على الفطرة حتّى يأتي أبواهفيهوّدانه أو ينصّرانه أو يمجّسانه ».

    [32] ()  أي أنّ التقوى تُقيّم بحسب صاحبها فهناک تقوى العوام من الناس الذين يعملون الواجباتويتركون المحرّمات وهناک رتبة أعلى وهي تقوى الخاصّ أي أنّ هناک اُناس لهم تقوى أوسعوأدقّ من الطبقة السابقة ، وهناک طبقة أعلى منها، وندع ذلک للسيّد حفظه الله تعالى في بيانالمراد منها.

    [33] ()  الفاعلية والقابلية : هذان مصطلحان فلسفيان فيراد من الفاعلية أنّ الفاعل له القدرة التامّةعلى الفعل ولا يمنعه شيء، والقابلية يراد منها أنّ الطرف المتلقّي للفيض من قبل الفاعل لهالقدرة والمؤهّلات لتلقّي هذا الفيض وهناک شرح فلسفي في محلّه ، وإنّما اكتفينا بما يناسبالجميع .

    [34] ()  مراد السيّد الاُستاذ من «أنّ العلم هو الله تعالى » أي أنّ العلم صفة ذاتية من صفات اللهتعالى ، وبما أنّ صفاته عين ذاته ، فصار تعالى علم كلّه في عين هو قدرة وفي عين هو حيّ،وهكذا فيصحّ أن تقول العلم هو الله تعالى بعيدآ عن الاتحاد، وإنّما المراد العينية .

    [35] ()  إنّ الله تعالى هو الأوّل أي لم يسبق بشيء أو بالعدم أو بالزمن ، والآخر أي لم يلحق بالغيرأو العدم ، والظاهر أي المعروف والمتجلّي لخلقه في آثاره وعلاماته ، والباطن أي لا يحاطبكنهه وبحقيقته ، وهناک كلام أوسع من هذا.

    [36] ()  ورد فى الحديث الشريف في بحار الأنوار (:1 225): «العلم نور يقذفه الله في قلب منيشاء» أي فكرامةً لزينب  3 يلهمک الله تعالى حلّ هذه المسألة التي فكّرت بها، ولهذاالنور مراتب حسب مراتب الإيمان . وهناک كلام أعمق في كيفية هذه النورانية وما هيالشروط التي يجب أن يتحلّى بها القابل الذي فاض عليه هذا النور، طوينا عنه كشحآ لأنّهلايناسب المقام الذي نحن فيه وهو معروف عند أهله .

    [37] ()  اُصول الكافي ، الجزء الثاني في باب الأخلاق .

    [38] ()  ليس للشيطان حكومة على أحد بل ليس له إلّا الوسوسة والتزيين والتسويل فهو لا يسلبالاختيار عن أحد، ولكن تضعف النفوس فتقع في شراكه ليس إلّا، والله تعالى برحمته العامّةالتي عمّ بها جميع مخلوقاته حتّى الشيطان فتكون حكومته هي الحاكمة وعلى هذا يستطيعالإنسان أن يجعل الشيطان طريقآ إلى الجنّة وذلک بمخالفته له .

    [39] ()  هذا الحديث ورد في اُصول الكافي ، الجزء الثاني في باب الأخلاق ، ومراده أنّ الدنيالاتكون جيفة بذواتها لأنّ هذه الذوات هي آثار الله تعالى وآثار الله تعالى محبوبة له ،فلايقع الذمّ عليها بل المراد هو أنّ التعلّق بهذه الآثار الذي يمنع الإنسان من التكامل هوالمذموم فيكون من حيث النفع لا نفع فيها لأنّها جيفة أي ميتة نتنة الرائحة فلا يقبل على هذاإلّا الكلاب ، فعلى الإنسان أن لا ينزل إلى هذه المرتبة الحيوانية ويتكالب على الدنيا.