- النوران الزهراء والحوراء
- الأقوال المختارة في احکام الصلاة سنة 1436هـ
- الکافي في اصول الفقه سنة 1436هـ
- في رحاب الخير
- الغضب والحلم
- إیقاظ النائم في رؤیة الامام القائم
- الضيافة الإلهيّة وعلم الامام
- البداء بين الحقيقة والافتراء
- سيماء الرسول الأعظم محمّد (ص) في القرآن الكريم
- لمعة من النورین الامام الرضا (ع) والسیدة المعصومة(س)
- الدوّحة العلوية في المسائل الافريقيّة
- نور الآفاق في معرفة الأرزاق
- الوهابية بين المطرقة والسندانه
- حلاوة الشهد وأوراق المجدفي فضيلة ليالي القدر
- الوليتان التكوينية والتشريعية ماذا تعرف عنها؟
- الصّارم البتّار في معرفة النور و النار
- بريق السعادة في معرفة الغيب والشهادة
- الشخصية النبوية على ضوء القرآن
- الزهراء(س) زينة العرش الإلهي
- مقالات في رحاب الامام الحسين(ع)
- نور العلم والعلم نور
- نظرات في الإنسان الكامل والمتكامل
- دروس الیقین فی معرفة أصول الدین
- في رحاب اولى الألباب
- الله الصمد في فقد الولد
- في رواق الاُسوة والقدوة
- العلم الإلهامي بنظرة جديدة
- أخلاق الأنبياء في القرآن الكريم
- الانسان على ضوء القرآن
- إجمال الكلام في النّوم والمنام
- العصمة بنظرة جديدة
- الشباب عماد البلاد
- الخصائص الفاطميّة على ضوء الثقلين
- النور الباهر بين الخطباء والمنابر
- التوبة والتائبون علی ضوء القرآن والسنّة
- القصاص علی ضوء القرآن والسّنة الجزء الثاني
- القصاص على ضوء القرآن والسنّة الجزء الثالث
- القول الرشید فی الإجتهاد و التقلید 2
- القول الرشيد في الاجتهاد والتقليد 1
- القصاص على ضوء القرآن والسنّة الجزء الاول
- الأقوال المختارة في أحكام الطهارة الجزء الأوّل
- أحكام السرقة على ضوء القرآن والسنّة
- الهدى والضلال على ضوء الثقلين
- في رحاب حديث الثقلين
- المأمول في تكريم ذرية الرسول 9
- عصمة الحوراء زينب 3
- عقائد المؤمنين
- النفحات القدسيّة في تراجم أعلام الكاظميّة المقدّسة
- قبس من أدب الأولاد على ضوء المذهب الإمامي
- حقيقة الأدب على ضوء المذهب
- تربية الاُسرة على ضوء القرآن والعترة
- اليقظة الإنسانية في المفاهيم الإسلامية
- هذه هی البرائة
- من لطائف الحجّ والزيارة
- مختصر دليل الحاجّ
- حول دائرة المعارف والموسوعة الفقهية
- رفض المساومة في نشيد المقاومة
- لمحات قراءة في الشعر والشعراء على ضوء القرآن والعترة :
- لماذا الشهور القمرية ؟
- فنّ الخطابة في سطور
- ماذا تعرف عن العلوم الغريبة
- منهل الفوائد في تتمّة الرافد
- سهام في نحر الوهّابية
- السيف الموعود في نحراليهود
- لمعة من الأفكار في الجبر والاختيار
- ماذا تعرف عن الغلوّ والغلاة ؟
- الروضة البهيّة في شؤون حوزة قم العلميّة
- النجوم المتناثرة
- شهد الأرواح
- المفاهيم الإسلامية في اُصول الدين والأخلاق
- مختصر دليل الحاجّ
- الشهيد عقل التاريخ المفكّر
- الأثر الخالد في الولد والوالد
- الجنسان الرجل والمرأة في الميزان
- الشاهد والمشهود
- محاضرات في علم الأخلاق القسم الثاني
- مقتل الإمام الحسين 7
- من ملكوت النهضة الحسينيّة
- في ظلال زيارة الجامعة
- محاضرات في علم الأخلاق
- دروس في علم الأخلاق
- كلمة التقوى في القرآن الكريم
- بيوتات الكاظميّة المقدّسة
- على أبواب شهر رمضان المبارک
- من وحي التربية والتعليم
- حبّ الله نماذج وصور
- الذكر الإلهي في المفهوم الإسلامي
- السؤال والذكر في رحاب القرآن والعترة
- شهر رمضان ربيع القرآن
- فاطمة الزهراء مشكاة الأنوار
- منية الأشراف في كتاب الإنصاف
- العين الساهرة في الآيات الباهرة
- عيد الغدير بين الثبوت والإثبات
- بهجة الخواصّ من هدى سورة الإخلاص
- من نسيم المبعث النبويّ
- ويسألونک عن الأسماء الحسنى
- النبوغ وسرّ النجاح في الحياة
- السؤال والذكر في رحاب القرآن والعترة
- نسيم الأسحار في ترجمة سليل الأطهار
- لمحة من حياة الإمام القائد لمحة من حياة السيّد روح الله الخميني ومقتطفات من أفكاره وثورته الإسلاميّة
- قبسات من حياة سيّدنا الاُستاذ آية الله العظمى السيّد شهاب الدين المرعشي النجفي «قدّس سرّه الشريف »
- طلوع البدرين في ترجمة العلمين الشيخ الأعظم الأنصاري والسيّد الأمام الخميني 0
- رسالة من حياتي
- الكوكب السماوي مقدّمة ترجمة الشيخ العوّامي
- الكوكب الدرّي في حياة السيّد العلوي 1
- الشاكري كما عرفته
- كيف أكون موفّقآ في الحياة ؟
- معالم الصديق والصداقة في رحاب أحاديث أهل البيت
- رياض العارفين في زيارة الأربعين
- أسرار الحج والزيارة
- القرآن الكريم في ميزان الثقلين
- الشيطان على ضوء القرآن
- الاُنس بالله
- الإخلاص في الحجّ
- المؤمن مرآة المؤمن
- الياقوت الثمين في بيعة العاشقين
- حقيقة القلوب في القرآن الكريم
- فضيلة العلم والعلماء
- سرّ الخليقة وفلسفة الحياة
- السرّ في آية الاعتصام
- الأنفاس القدسيّة في أسرار الزيارة الرضويّة
- الإمام المهدي عجل الله تعالی فرجه الشریف وطول العمر في نظرة جديدة
- أثار الصلوات في رحاب الروايات
- رسالة أهل البيت علیهم السلام سفينة النجاة
- الأنوار القدسيّة نبذة من سيرة المعصومين
- السيرة النبوية في السطور العلوية
- إشراقات نبويّة قراءة موجزة عن أدب الرسول الأعظم محمّد ص
- زينب الكبرى (سلام الله علیها) زينة اللوح المحفوظ
- الإمام الحسين (علیه السلام) في عرش الله
- رسالة فاطمة الزهراء ليلة القدر
- رسالة علي المرتضى (علیه السلام) نقطة باء البسملة
- الدرّ الثمين في عظمة أمير المؤمنين - علیه السلام
- وميض من قبسات الحقّ
- البارقة الحيدريّة في الأسرار العلويّة
- رسالة جلوة من ولاية أهل البيت
- هذه هي الولاية
- رسالتنا
- دور الأخلاق المحمّدية في تحكيم مباني الوحدة الإسلاميّة
- أخلاق الطبيب في الإسلام
- خصائص القائد الإسلامي في القرآن الكريم
- طالب العلم والسيرة الأخلاقية
- في رحاب وليد الكعبة
- التقيّة في رحاب العَلَمَين الشيخ الأعظم الأنصاري والسيّد الإمام الخميني
- زبدة الأفكار في طهارة أو نجاسة الكفّار
- طالب العلم و السیرة الأخلاقیّة
- فاطمة الزهراء سلام الله علیها سرّ الوجود
الاُسوة والقدوة في الأحاديث الشريفة
1 ـ البحار بسنده عن أبي عبدالله 7 قال :إنّ قابيل أتى هبة الله 7 فقال :إنّ أبي قد أعطاک العلم الّذي كان عنده ، وأنا كنت أكبر منک وأحقّ به منک ، ولكن قتلت إبنه فغضب عليّ فآثرک بذلک العلم عليّ، وذلک والله ذكرت شيئاً ممّا عندک من العلم الّذي ورّثک أبوک للتكبّر به عليّ وتفتخر عليّ لأقتلنّک كما قتلت أخاک ، واستخفي هبة الله بما عنده من العلم ينقضي دولة قابيل ، ولذلک يسعنا فى قومنا التقية ، لأنّ لنا في ابن آدم اُسوة ...)[1] .
أقول : للحديث صلة في إثبات الوصيّة لعالم بعد عالم فراجع
، كما في الخبز كيف بنى قابيل بيوت النيران ، وعبدالنار، كما يدلّ الحديث على إصالة
التقيّة وتاريخها الأوّل ، ويدلّ على العلم التوارث ، كمايدلّ على الاُسوة والقدوة
، فإنّه يقتدى بمثل هبة الله ابن آدم في كتمان العلم لغير أهل كما في دولة قابيل ،
كما أنّ دولة القابليين جارية إلى ظهور صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف عند
ما تنقضي دولة قابيل ، ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد ما ملئت ظلماً وجوراً،
والمقصود أنّ هبة الله وصّى آدم ممّن يقتدى به في التقيّة ، فالتقيّة ديني ودين آبائي
.
2 ـ البحار بسنده عن أبي عبدالله 7: إنّ اسماعيل كان رسولاً نبيّاً، سلّط عليه قومه فقشروا جلدة وجهه وفروة رأسه ، فأتاه رسول من ربّ العالمين فقال له : ربّک يقرؤک السلام ويقول :قد رأيت ماصنع بک وقدأمرني بطاعتک فمرني بما شئت ، فقال لي أسوة بما يصنع لي بالحسين بن علي 8.
أقول : إنّ أمم الانبياء كانوا يؤذون أنبيائهم ، حتّى
منهم من كان ينشر بالمناشير، وقال رسول الله محمد 6 (ما أُوذي نبي مثل ما أُوذيت) فقد آذاه قومه في حياته
وبعد مماته ، فقتلوا أهل بيته ، وبنته وصهره وسبطيه الحسن والحسين 8، ومن الأنبياء إسماعيل النبي 6 فقد تسلّط عليه قومه ، فقشروا جلدة وجهه وفروة رأسة
تعذيبآ له ، فنزل الملک عليه يقرؤه سلام ربّه ، وإنّه بأمره إذا أراد أن يرفع عنه ظلم
قومه لفعل ، ولكن إسماعيل عنده من قبل خبر الإمام الحسين 7 وكيفيّة شهادته ، فإنّ الله كان يخبر الأنبياء بما يجري
في آخر الزمان من الظلم والعدوان على أهل بيت نبيّه الاكرم محمّد خاتم النبيين وسيد
المرسلين 6، فقال إسماعيل: رضيت بما يفعل بي قومي من الأذى والألم والعذاب والتمثيل لكي
أقتدى بسيدالشهداء الامام الحسين بن علي 7، وإنّه يذبح ويرفع رأسه على
القنا، يدار من منزل إلى منزل ، حتّى يدخل مجلس يزيد بن معاوية بن أبي سفيان لعنة الله
عليهم ، فيوضع في طشت فيقرعه بعود على ثناياه ، وربّما يقشر بذلک جلدة وجهه وفروة رأسه
، وكان يشرب الخمر ويقول
(لعب هاشم بالملک فلاخبر جاء ولاوحى نزل) وكلّ من رضي بخلافته من قبله ومن بعده ، فهو
محشور معه يوم القيامة .
فمنّي يتأسّى ويقتدى بهم سيدالشهداء الإمام الحسين 7 وأهل بيته وأصحابه الكرام ، وعياله عقائل الرسالة في سبيهم من كربلاء إلى الكوفة ، وإلى الشام .
3 ـ البحار المجلد السادس عشر باب 12 صفحه 402 باب نادر فى اللطائف في فضل نبيّنا 6 في الفضائل والمعجزات على الأنبياء : فيذكر فضل النّبي على آدم وادريس وهود وصالح ولوط وابراهيم الخليل ويعقوب ويوسف وموسى وداود وسليمان وعيسى :، وفي ابراهيم 7 أشار إلى أنّ الله اتّخذ مقام الخليل قبلة في قوله تعالى (وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ)[2] ولكن جعل
أحوال الحبيب محمّد6 وأفعاله وأقواله كلّها قبلة يتوجّه إليها كما في قوله تعالى (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ )[3] ....
أقول : قالت الصوفية القائلون بالشريعة والطريقة والحقيقة ، أنّ أقوال رسول الله محمد 6 الشريعة ، وأفعاله : الطريقة ، وأحواله : الحقيقة ، ولايخفى أنّه فى الفقه سنته حجة ، والمراد بها قوله وفعله وتقريره 6، فكلّ واحد أنّما هو بمنزله القبلة الّتي تولّى الوجوه شطره .
4 ـ قال أميرالمؤمنين على 7 في نهجه البليغ : (ولقد كان في رسول الله 9
كاف لک في
الاُسوة ، ودليل لک على ذمّ الدنيا وعيبها، وكثرة مخازيها ومساويها، إذ قيضت عنه أطرافها،
ووطئت لغيره أكنافها، وفطم من رضاعها، وزوي عن زخارفها ـ وساقها إلى قوله 7 ـ فتأس بنبيّک الأطهر الأطيب 6، فإنّ فيه اُسوة لمن تأسّى ، وعزاءً لمن تعزّى ،
وأحبّ العباد إلى الله تعالى المتأسي بنبيّه 6، والمقتصّ لأثره ، قضم قضماً، ولم يعرها طرفاً، أهضم
أهل الدنيا كشحاً، وأخصّهم من الدنيا بطناً، عرضت عليه الدنيا فأبى أن يقبلها، وعلم
أنّ الله سبحانه أبغض شيئاً فأبغضه ، وحقّر شيئاً فحقّره ، وصغّر شيئاً فصغّره ، ولم
يكن فينا الّا حبّنا ما أبغض الله، وتعظيماً ما صغّرالله لكفي به شقاقاً لله، ومحادّة
عن أمر الله، ولقد كان رسول الله 6 يأكل على الأرض ، ويجلس جلسة
العبد، ويخصف بيده نعله ، ويرقّع بيده ثوبه ، ويركب الحمار العاري ، ويردف خلفه ، ويكون
الستر على باب بيته فتكون فيه التصاوير فيقول : يا فلانة ـ لإحدى أزواجه ـ غيبيه عنّي
، فإنّي إذا نظرت اليه ذكرت الدنيا وزخرفها، فأعرض عن الدنيا بقلبه ، وأمات ذكرها في
نفسه ، وأحبّ أن تغيب زينتها عن عينه ، لكيلا يتّخذ منها رياشاً، ولايعتقدها قراراً،
ولايرجو فيها مقاماً، فأخرجها من النفس وأشخصها عنه القلب ، وغيّبها عن البصر، وكذلک
من أبغض شيئاً أبغض أن ينظر إليه ، وأن يذكر عنده ، ولقد كان في رسول الله 6 مايدّلک على مساوى الدنيا وعيوبها، إذ جاع فيها
مع خاصّته ، وزويت عنه زخارفها مع عظيم زلفته ، فلينظر ناظر بعقله أكرم الله محمداً
6 بذلک أم أهانه ؟ فإن قال : أهانه فقد كذب والعظيم
ـ وأتى بالافک العظيم ـ وإن قال : أكرمه فليعلم أنّ الله قد أهان غيره حيث بسط الدنيا
له ، وزواها عن أقرب
الناس منه ، فتأسّى متأسّ بنبيّه ، واقتضى أثره ، وولج مولجه ، وإلا فلا يأمن الهلكة
، فإنّ الله جعل محمداً 6 علمآ للساعة ، ومبشّراً بالجنّة
، ومنذراً بالعقوبة ، خرج من الدنيا خميصاً ـ أي جائعاً ـ وورد الآخرة سليماً، لم يضع
حجراً على حجر حتّى مضى سبيله ، وأجاب داعي ربّه ، فما أعظم منة الله عندنا حين أنعم
علينا به سلفاً نتّبعه ، وقائداً نطأ عقبه)[4] .
أقول : لقد ذكرت جملة من أخلاق النبي الأكرم رسول الإنسانيّة محمد 6 وسننه وسيرته العطرة في رسالة (إشراقات نبويّة) و(السيرة النبويّة في السطور العلوية) في المجلّد السابع من موسوعتنا (رسالات اسلاميّة) فراجع .
5 ـ وسئلت إحدى ازواج النّبي عن خلقه العظيم الّذي يقتدي به فقالت : كان خلقه القرآن .
أقول : ما أعظم كتاب الله الكريمه فإنّه بكلّ جود وسخاء وكرم يجود بالهداية والسعادة لكلّ من طرق بابه ، ودخل محرابه ، فإنّه يأتيه رزقه من الله سبحانه ، إذ أنّه يهدي للّتي هي أقوم ، ولايأتيه الباطل مطلقاً، فهو الحقّ وبالحقّ أنزل ، فكلّ من جلس على مأدبته لا يقوم إلّا بزيادة هداية أو دفع ضلالة . ثمّ ماسنة رسول الله الّتي يتأسّى عزّوجلّ بها إلّا سنّة القرآن الكريم .
فسبحان الله إن هذا القرآن كما أنّه مأدبة الله عزّوجلّ
، وأنّه يتجلّى فيه عزّوجلّ ، فكذلک خاتم أنبيائه وسيّد رسله ليتجلّى فيه ، فإذا أثنى
ربّه عليه بالخلق العظيم (وَإِنَّکَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ومن العظمة
أنّه خارج عن تصوّر البشريّة ، فإنّه
جعل القرآن كلّه آيات خلقه العظيم ، فمن يتأسّى برسول الله 6 إنّما يقتدي بالقرآن الكريم ، فتكون حياته كلّها حياة
نور، وحياة القرآن وحياة محمد وآل محمّد :، وبهذا ينال سعادة الدارين ، ولمثل هذا فليعمل العاملون
.
6 ـ فى غزوة أحد لما انهزم المسلمون وتركوا رسول الله وحده ، فلم يكن معه الّا أنفار بعدد أصابع اليد، ومنهم أميرالمؤمنين عليّ 7.
قال الصادق 7: انهزم الناس عن رسول الله 6 فغضب غضباً شديداً، وكان إذا غضب انحدر من وجهه وجبهته مثل اللؤلؤ من العرق ، فنظر فإذا عليّ 7 إلى جنبه فقال : مالک لم تلحق ببني أبيک ؟ فقال عليّ 7: يا رسول الله 6 أكفر بعد الإيمان ـ بعد الإسلام ـ إنّ لي بک اُسوة ، فقال : أمّا لا، فاكفني هؤلاء، فحمل عليّ 7 فضرب أوّل من لقي منهم ، فقال جبرئيل 7: إنّ هذه لهى المواساة يا محمّد، قال : (إنّه منّي وأنا منه) قال جبرئيل : وأنا منكما)[5] .
أقول :إنّ رسول الله اُسوة
وقدوة في الحرب والصّلح وفي حياته ومماته ، فهو حيّ في سننه وسيرته ، وأنّه كمال القدرة
وقدوة الكمال ، ومن عنده مثل رسول الله ومثل أهل بيته الاطهار : كأميرالمؤمنين
عليّ 7 وسيّدة النساء فاطمة الزهراء 3 وأولادهما
المعصومين : فهل يبحث عن اُسوة وقدوة
؟ يكفيه أن يقرء سيرتهم وحياتهم الطيّبة ليعيش في رحابهم ، لينهل من مناهلهم العذبة
، ويتّعظ بمواعظهم ، ويتعلّم الدروس من مدرستهم الإلهيّة ، وإذا أردت أيّها القاري
الكريم نموذجاً حيّاً وقدوة معاصرة ، فاتّبع العلماء الصالحين ، ومن كان وريثآ للأنبياء
ولخاتمهم محمّد المصطفى 6، ثمّ الأمثل فالأمثل من المؤمنين والمؤمنات .
7 ـ البحار بسنده عن محمّد بن مسلم قال : خرجت إلى المدينة وأنا وجع ثقيل ، فقيل له : محمّد بن مسلم وجع ، فأرسل إليّ أبوجعفر 7 بشراب مع الغلام مغطّى بمنديل ، فناولينه الغلام ، وقال لي : إشربه فإنّه قد أمرني أن لاأرجع حتّى تشربه ، فتناولت فإذا رائحة المسک منه ، وإذا شراب طيّب الطعم بارد، فلمّا شربته قال لي الغلام : يقول لک إذا شربت فتعال ففكّرت فيما قال لي ، ولا أقدر على النهوض قبل ذلک على رجلي ، فلمّا استقرّ الشراب في جوفي ، كأنّما أنشطت من عقال ، فأتيت بابه ، فأستأذنت عليه ، فصوّت بي . صحّ الجسم[6] ، أدخل أدخل
فدخلت وأنا باکٍ ، فسلّمت وقبّلت يده ورأسه ، فقال لي : ومايبكيک يامحمّد! فقال أبوعبدالله 7: فنظر رسول الله 6 إلى جبرئيل 7 على كرسي من ذهب بين السماء والأرض وهو يقول : لاسيف إلّا ذوالفقار، ولافتى إلّا علي .
فقلت : جعلت فداک أبكي على اغترابي وبُعد الشقة ، وقلّة المقدرة ، على المقام عندک والنظر إليک فقال لي : أمّا قلّة المقدرة ، فكذلک جعل لله أولياءنا وأهل مودّتنا وجعل البلاء إليهم سريعاً، وأمّا ماذكرت من الغربة فلک بأبي عبدالله 6 اُسوة ، بأرضٍ ناءٍ عنّا أي بعيد عنّا بأرض العراق ـ بالفراق 6.
وأمّا ما ذكرت من بعد المشقّة ، فإنّ المؤمن في هذه الدنيا غريب وفي هذا الخلق منكوس حتّى يخرج من هذه الدار إلى رحمة الله، وأمّا ماذكرت من حبّک قربنا والنظر إلينا، وأنّک لاتقدر على ذلک ، فالله يعلم ما في قلبک وجزاؤک عليه[7] .
أقول : إنّما نقلت الخبر بتمامه لما فيه من الفوائد الدالّة على عظمة الولاية كما يقف عليهما القاري الكريم ، وأمّا الشاهد ففي قوله 7 (فلک اُسوة بأبيعبدالله الحسين 7 فإنّه قتل شهيداً مظلوماً غريباً بشط فرات ـ أي شابهته في الغربة ـ، وهذا يعني أنّه دائماً في كلّ مجالات الحياة يتأسّى بأهلالبيت :، فلايمنع الفاصل الزمانيّ عن الإقتداء والتأسّي بهم .
8 ـ أنشد بريدة الأسلمي حينما أمر رسول الله 6 الصحابة أن يسلموا على عليّ 7 بأميرالمؤمنين :
أمر النّبي معاشراً هم اُسوة ولهازم أن يدخلوا ويسلّموا
تسليم من هو عالم مستيقن أنّ الوصيّ هو الإمام القائم[8]
9 ـ البحار عن الكشّي بسنده عن إسماعيل بن جابر قال : لمّا قدم أبوإسحاق من مكّة ، فذكر له قتل المعلّى بن خيس ، قال : فقام مغضباً يجرّ ثوبه ، قال له اسماعيل إبنه : يا أبة أين تذهب ؟ فقال : لوكانت نازلة لقدمت عليها ـ أي لو كان الموت لقدمت عليه ـ فجآء حتّى دخل على داود بن عليّ ـ وكان حاكماً من قبل خلفاء الجور ـ فقال يادود لقد أتيت ذنباً لايغفره الله لک قال : وماذلک الذنب ؟ قال : قتلت رجلاً من أهل الجنّة ، ثمّ مكث ساعة ، ثمّ قال : إن شاء الله، قال له ، داود، وأنت قد أتيت ذنباً لايغفره الله لک ، قال وما ذلک الذنب ؟ قال : زوجت ابنتک فلاناً الأمويّ قال : ان كنتُ زوّجت فلاناً الاموي فقد زوّج رسول الله 6 عثمان ، ولي برسول الله 6 أُسوة ، قال : ما أنا قتلته قال : فمن قتله ؟ قال : قتله السيراني قال : فأقدنا منه ـ أي خذ القصاص منه ـ قال : فلمّا كان من الغد غدا السيرا في فآخذه فقتله ، فجعل يصيح : يا عبادالله يأمروني أن أقتل الناس ثمّ يقتلوني .
أقول : المقصود من الحديث الشريف أنّ الإمام 7 أيضاً يقتدي بجدّه رسول الله، وإنّ مافعله كان للتّقيّة ، فالتأسّي برسول الله عام في كلّ الأحوال ، ولايختصّ بالسنن والمستحبّات .
ثمّ ما يلفت النظر ما ورد في آخر الخبر، أنّه كيف الدولة الحاكمة تأمر عملائها بقتل النّاس ، ثمّ تتخلّى عنهم لتبرئت ساحتهم ، وهذا مانشاهده ونسمعه من أفعال المخابرات والمباحث في الدّول العربيّة وغيرها، فإن القوم أبناء القوم ، وكلّ يقتدي ويتأسّى بأسلافه ، وبما بينهم من التماثل والسنخيّة والشّبه ، فإنّ الجنس مع الجنس يميل ، وكلّ إناء بما فيه ينضح ، وإذا أردت أن تعرف الشخص فمن طرق المعرفة : أن تلاحظ بمن يقتدى ويتأسّى ، برسول الله 6 وأميرالمؤمنين علي 7، أم بزيد وعمرو؟
10 ـ البحار بسنده عن أبيعبدالله 7 قال : قال علي للحسين : يا أباعبدالله اُسوة أنت قدماً؟ فقال : جعلت فداک ماحالي ؟ قال : علمت ماجهلوا وسينتفع عالم بما علم ، يابني اسمع وأبصر من قبل أن يأتيک ، فوالّذي نفسي بيده ليسفكنّ بنواُميّة دمک ، ثمّ لايريدونّک عن دينک ، ولاينسونک ذكر ربّک ، فقال الحسين 7: والّذي نفسي بيده حسبي ، وأقررت بما أنزل الله، وأصدق نبىّ الله، ولاأكذب قول أبي[9] .
قال العلّامة المجلسي في بيان الخبر: الاُسوة ـ ويضمّ ـ القدوة ، ومايأتسي به الحزين ، أي ثبت قديماً أنّک اُسوة الخلق يقتدون بک ، أو يأتسّي بذكر مصيبتک كلّ حزين .
أقول : وقد ورد عن أهلبيت : (لايوم كيومک ياأباعبدالله) وأنّ المصائب كلّها تهون عند مصيبته ، فمن أصابه مصيبة فليتأس وليقتدي بسيدالشهداء الحسين بن علي 8، فهو القدوة والاُسوة من قديم الزمان .
7 - البحار بسنده عن الإمام الهادي أبيالحسن الثالث 7 في حديث مفصّل ـموضع الشاهدـ قال 7 لفتح لما رأى أمام الإمام 7 حنطة مقلّوة فأوقع في نفسه الشيطان أنّه لاينبغي للإمام أن يأكل ويشرب إذا كان ذلک آفة ، والإمام غير مأفون ؛ فقال 7: أُجلس يا فتح فإنّ لنا بالرّسل اُسوة ، كانوا يأكلون ويشربون ويمشون فى الأسواق ، وكلّ جسم مغذوّ بهذا إلّا الخالق الرزاق ، لأنّه جسّم الأجسام وهو لم يجسّم ...[10] .
أقول : كما ذكرت التأسّي بمعناه العام لايختص بالحزن كما هوالمعنى اللغوي ، ولاباتباع السنن والطاعات ، بل يعمّ كلّ مجالات الحياة ، حتّى مثل الأكل والشرب والمشى في الأسواق ، فإنّه مثل الإمام المعصوم 7 يتأسّى بالأنبياء : فقد أخبر الله عنهم أنّه كانوا يأكلون ويمشون فى الأسواق .
12 ـ البحار بسنده عن الإمام زين العابدين 7، لمّا دخل معه في الحمام حنان بن سدير وأبوه وجدّه ، فقال لجدّه ، يا كهل ما يمنعک في الخضاب ؟ فقال له الجدّ: أدركت من هو خير منک ومنّي ولايختضب ، فسأله من ذلک ؟ فقال هو علي بن أبيطالب 7، فقال الإمام علي بن الحسين 7:صدقت وبررت ثمّ قال : ياكهل إن تختضب فإنّ رسول الله 6 قدخضب وهو خبر من عليّ، وأن تترک فلک بعلي أُسوة)[11] .
أقول : إنّما لم يختضب أميرالمؤمنين ، فكما هو 7 أخبر بذلک أنّه بعد رسول الله لم يختضب ، وإنّه ينتظر أن تُخضب لحيته بدم هامّته ، كما كان كذلک في ليلة التاسع عشر من شهر رمضان في آخر سنة من حياته 7 على يدالملعون أشقى الأشقياء إبن ملجم المرادي لعنه الله أبدالآبدين . فالمؤمن الموالي 7 عليه أن يقتدي ويتأسّي بأوليائه ، فإن شاء تأسّى في خضابه برسول الله، أو تأسّى يترک الخضاب بأميرالمؤمنين ، فكلاهما من التأسي ، وإن كان على طرفي النقيض الخضاب وعدمه ، فلاإشكال في ذلک مادام من يتأسى به معصوماً، فتدبّر.
13 ـ قال أميرالمؤمنين على 7: (من نصب نفسه للنّاس إماماً فعليه أن يبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره ، وليكن تأديبه بسيرته قبل تأديبه بلسانه .
أقول : من روائع أحاديث أميرالمؤمنين علي 7 ـ وكلّ أحاديثه روعة وجمال وحكمه وكمال ـ أنّه من أراد أن يكون قدوة للاخرين ، ويأتّم به غيره ، وذلک فيما ينصب نفسه للنّاس إماماً، فالمفروض عليه أن يبدء بتهذيب وتعليم نفسه ، قبل تعليم غيره ، لأنّه أوّلاً: فقد الشي لايعطيه ، فمن كان فاقداً للنور وللعلم والتربية ، كيف يعطي الآخرين النور والعلم ؟ فهذا أمر غير معقول .
وثانيا: إذاخرج الكلام من القلب دخل في القلب ، وإذا خرج من اللسان فإنّه لايتجاوز الآذان ، فمن لم يكن مهذباً في واقع نفسه ، كيف يتهذّب به الآخرون ، بل لابد من تعليم نفسه أوّلا.
وثالثاً: المفروض أن يودب الآخرين بسيرته وحسن سلوكه وطيب معاشرته ، قبل أن يؤدب الناس بكلامه ولسانه ، فإنّ الناس يميلون إلى من كان فعله يصدّق قوله ، وقوله يصدّق فعله ، ومن كان حَسَن الظاهر والباطن ، والسّر والعلن ولا يكون ظاهره خير من باطنه ، فمن اختلف الظاهر عن الباطن ، فكان باطنه سوءاً، كان ذلک من النفاق ، والمنافق يعيش في ظلام النَّفق ومن يتبعه ويقتدى به ويتأسّى بفعله وقوله ، فإنّه يكون معه في الأنفاق المظلمة ، فيخرج من مطبّات ليقع في الدّواهى ، ويتخبّط في جهله وشقائه ، فضعف الطالب والمطلوب ، وهلک الاُسوة والمتأسّي ، وخسر المقتدي والمقتدى وهذا من الخسران المبين .
14 ـ قال الإمام زين العابدين 7: إنّ أبغض الناس إلى الله من يقتدى بسنّة إمام ، ولايقتدى بأعماله .
15 ـ البحار بسنده عن زرارة عن أحدهما 8 قال : إنّ علي بن الحسين 7 تزوّج أم ولد عمّه الحسن وزوّج اُمّه مولاه ، فلمّا بلغ ذلک عبدالملک بن مروان كتب إليه يا على بن الحسين كأنّک لاتعرف موضعک من قومک وقدرک عندالناس ، تزوّجت مولاة وزوّجت مولاک باُمّک ، فكتب إليه علي بن الحسين 7: فهمت كتابک ولنا اُسوة برسول الله 6 فقد زوّج زينب بنت عمّه زيداً مولاه ، وتزوّج مولاته بنت حيى بن أخطب[12] .
أقول : موضع الشاهد أنّ مثل الإمام زين العابدين وسيدالساجدين 7 يقتدي بجدّه رسول الله 6 في مثل التزويج ، وهذا يدلّ ـ كما ذكرت ـ على سعة دائرة التأسّي والاقتداء، فلاينحصر في مثل السّنن والآداب والاخلاق .
وأخيراً وليس بآخر، فماذكرته إنّما هو غيص من فيض في رحاب الأحاديث المرويّة الّتي تتعلّق بموضوع القدوة الصالحة والاُسوة الحسنة ، وأختم المقال ، بأنّ اُسوة الاُسوة وقدوة القدوة هوالله سبحانه وتعالى ، وإنّما نتأسّى بالانبياء والأوصياء ثمّ العلماء من ورثتهم الأمثل فالأمثل ، لأنّهم المثل الأعلى لله عزّوجلّ ، فإنّه وإن كان ليس كمثل شيء، اي ليس لله مثل المثل ، فكيف بالمثل ، إلّا أنّ له المثل الأعلى ، يضرب لنوره مثلاً، فإنّه سبحانه نورالسموات والأرض ، مثل نوره كمشكاة فيها مصباح ، فالانسان الكامل مظهر إسمه الأعظم يكون مثله الأعلى ، فإنّه خلق الاشياء كلّها من أجله ، وخلق الإنسان من أجله جلّ جلاله ، وسخر له ما في السماوات ومافيالأرض ، يسخّره لنفسه ويستخلفه في أسمائه الحسنى وصفاته العليا، وما جعل القدوة والاُسوة (فبهداهم اقتده) إلّا ليصل الانسان إلى قمّة كما له المودع في جبلّته وفطرته ، ليصل إلى قاب قوسين أو أدنى من العلي العلى ، فيرى ملكوت السموات والأرض ، ويفنا في إرادة الله، ويبقى في أبديّته ، وإنّه كل يوم في شأن .
16 ـ البحار بسنده : روي أنّ موسى 7 قال : ياربّ أحبس عنّي ألسنة بني آدم فإنّهم يذمّوني ـ وقد أوذي كما قال الله جلّ جلاله عنهم (لاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى)[13] .
قيل : فأوحى الله جلّ جلاله إليه : يا موسى هذا شي مافعلته مع نفسي ، أفتريد أن أعمله معک ؟ فقال : قدرضيت أن تكون لي اُسوة بک[14] .
فالأنبياء يتأسون بالله جلّ جلاله ، والناس يتأسون بأنبيائهم (فبهداهم اقتده) والله المستعان على كلّ شيء، وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين .
[1] () بحار: :11 241.
[2] () البقرة : 125.
[3] () الاحزاب : 21.
[4] () البحار: :16 286 عن نهج البلاغه : :1 311 ـ 315.
[5] () البحار: :20 95 ـ 105 عن روضة الكافي : 110.
[6] () أي صاحب به ودعالي وقال صحّ جسمک أدخل أدخل .
[7] () البحار: :46 334 عن الاختصاصى : 52 وفي المناقب : :3 316 والبحار: :64 244.
[8] () البحار: 310:37؛ عن المناقب : :1 547.
[9] () البحار: :44 262.
[10] () البحار: :75 368 عن كشف الغمّة : :3 176.
[11] () البحار: :73 103.
[12] () البحار: :100 374.
[13] () الأحزاب : 69.
[14] () البحار: :68 363.