العصمة بنظرة جديدة مجلة الکوثر الرابع والثلاثون - شهر رجب المرجب 1437هـ -2016م صحيفة صوت الكاظمين الشهرية العدد 207/206 النور الباهر بين الخطباء والمنابر قناة الکاظمين مصباح الهداية ونبراس الأخلاق بإدارة السید محمد علي العلوي الخصائص الفاطميّة على ضوء الثقلين الشباب عماد البلاد إجمال الكلام في النّوم والمنام المؤسسة الإسلامية العالمية التبليغ والإرشاد برعایة السید عادل العلوي صحیفة صوت الکاظمین 205-204 شهر رجب وشعبان 1437هـ الانسان على ضوء القرآن أخلاق الأنبياء في القرآن الكريم العلم الإلهامي بنظرة جديدة في رواق الاُسوة والقدوة الله الصمد في فقد الولد في رحاب اولى الألباب المأتم الحسیني الأسبوعي بإشراف السید عادل العلوي في دارالمحققین ومکتبة الإمام الصادق علیه السلام- إحیاء للعلم والعل نظرات في الإنسان الكامل والمتكامل مجلة الکوثر الثالث والثلاثون - شهر محرم الحرام 1437هـ -2015م نور العلم والعلم نور مقالات في رحاب الامام الحسين(ع)
اللغة
تابعونا...
تصنیف المقالات احدث المقالات المقالات العشوائية المقالات الاکثرُ مشاهدة

المقالات العشوائية

المقالات الاکثرُ مشاهدة

مقتطف من کتاب رسالة علي المرتضى (علیه السلام) نقطة باء البسملة

لا يذهب عليک أنّ فهم هذا الحديث «وأنا النقطة تحت الباء»، لا بدّ من توضيح وبيان ، وكذا قول أهل المعرفة : بالباء ظهر الوجود، وبالنقطة تمّ تميّزالعابد عن المعبود، وذلک إشارة إلى تنزّل الحقّ وظهوره بصورة الخلق كتنزّل الألف وظهوره بصورة الحروف ، لأنّ تعيّن الحقّ المطلق الذي هو المعبود بصورة الخلق المقيّد الذي هو العابد، ليس إلّا بسبب النقطة التعيّنية الوجودية الإضافية المسمّاة بالإمكان والحدوث ، التي تحت الوجود البائن الأوّلي الإمكاني المسمّى بالعقل الأوّل تارة وبالروح الأعظم اُخرى ، المتميّز بها العابد الذي هو العبد عن المعبود الذي هو الربّ ، وكذلک الحروف لأنّ تعيّن الألف المجرّد الذي هو بمثابة الذات بصورة الباء المقيّد، ليس إلّا بسبب النقطة التعينية البائية تحت الباء، المتميّز بها الباء عن الألف ، لأنّ الألف إذا نزل من حضرة إطلاقه إلى حضرة تقيّده في صورة البائية ، التي هي أوّل مراتبه في عالم الكثرة ، لم يكن تميّزه عنه إلّابالنقطة البائية المتميّز بها عن غيره من الحروف ، وكذلک الحقّ تعالى ، فإنّه إذانزل من حضرة ذاته ومقام إطلاقه وصورة أحديّته إلى صورة تقيّده وتعيّنه المعبّر عنه بصورة الإمكان في حضرة واحديّته ، لا يكون تميّز تلک الصورة المقيّدة عنه إلّا بالنقطة القيدية الإمكانية الواقعة تحت تعيّنه ، المتميّز بها عن غيره من الموجودات ، وأوّل تلک الصورة المقيّدة تارة تسمّى بالعقل ، وتارة بالروح ، وتارة بالنور، إلى آخر الموجودات ، كما يسمّى أوّل الصورة المقيدة الحروفية تارة بالباء وتارة بالجيم وتارة بالدال إلى آخر الحروف ، ولعظمة الصورة المقيدة الاُولى التي هي بإزاء الباء من الحروف ، ورد عن النبي 9: «ظهر الموجودات من باء بسم اللّه الرحمن الرحيم »، وبسبب أنّ تقييدها وتمييزها كان بالنقطة البائية التميّزية ، أعني الإمكانية الحدوثية ، ورد عن علي 7: «أنا النقطة تحت الباء»، ورد عن الكملّ : «بالباء ظهر الوجود، وبالنقطة تميّز العابد عن المعبود»، فلا سرّ أعظم من الباء، والنقطة بعد الألف أعني العقل الأوّل ، وحقيقة الإنسان المعبّر عنهما بالباء، والنقطة بعد الذات الأحدية المعبّر عنها بالألف ، ومن هنا قال علي 7: «العلم نقطة كثّرها الجاهلون »، وكيفية الاطلاع من وجهين :إمّا أن يكون من الوحدة إلى الكثرة ، ومن المبدأ إلى المنتهى ، الذي هوطريق النزول والظهور. وإمّا أن يكون من الكثرة إلى الوحدة ، ومن المنتهى إلى المبدأ، الذي هو طريق الصعود والبطون ، فإن كان الأوّل فهو أعظم فيجتهد في الاطلاع على النقطة أوّلا، ثمّ على ما صدر منها من النفس والهيولى والطبيعة والجسم الكلّي والأفلاک والعناصر والمواليد. وإن كان الثاني ، وهو أظهر وأمتن ، فيجتهد في الاطلاع على هذه الموجودات بعكس ذلک ، وذلک لأنّ كلّ من اطّلع على النقطة الوجودية والذي تحتها، كمن اطّلع على الوجود كلّه ، وعلى ما في ضمنه من الأسرار والحقائق ، ولاطّلاع نبيّنا على الكتب السماوية وما في ضمنها من الأسرار والحقائق ، ولاطّلاع نبيّنا 9 على النقطة الوجودية ليلة المعراج ، قال : «علمت علوم الأوّلين والآخرين »، وقال : «اللّهم أرنا الأشياء كما هي »، ولاطّلاع علي 7 عليها قال : «أنا النقطة تحت الباء»، وقال : «سلوني عمّا تحت العرش »، وهذه النقطة هي الموسومة عند القوم بعبادان ، في قولهم : ليس وراء عبادان قرية »، وهي التي عليها مدار الوجود، كالنقطة المركزية التي إليها ينتهي خطوط الدائرة المحيطة بها، وذلک لأنّ الوجود بالاتفاق دوريّ لتقابل النقطتين المتقابلتين ، اللتين هما نقطة المبدئية والنقطة المنتهائية (كَما بَدَأكُمْ تَعُودُونَ )، والأوّل والآخر والظاهر والباطن ، أسمائه بهذين الاعتبارين ، والأزل والأبد إشارة إليهما، (قابَ قَوْسَيْنِ أوْ أدْنى ) كذلک ، لأنّ القوس إشارة إلى قطع الدائرة الوجودية بالخطّ الوهميّ بينهما، الفاصل بين المطلق والمقيّد والإمكان والوجوب في صورة الدائرة ، والخطّ الوهمي باصطلاحهم ، هو مقام القرب الأسمائي ، باعتبار التقابل بين الأسماء في الأمر الإلهي ، المسمّى بدائرة الوجودية ، كالإبداء والإعادة ، والنزول والعروج ، والفاعلية والقابلية .
وهذه النقطة قد يعبّر عنها بنقطة النبوّة ونقطة الولاية اللتين هما مخصوصتان من حيث الاطلاق بالنبيّ 9 وعلي 7، لأنّ النبوّة المطلقة والولاية المطلقة مخصوصتان بهما، لقول النبي 9: «كنت نبيّآ وآدم بين الماء والطين »، وقول علي 7: «كنت وليآ وآدم بين الماء والطين.
... اقرأ المزيد

ذکر (یا بدوح) هدیة عید الغدیر

من کتاب زبدة الأسرار لسماحة آیة الله السید عادل العلوي
أحبتي أعزتي سلام الله علیکم أینما کنتم
هذه هي المجموعة الرابعة من التحف والهدایا المعنویة والإلهیة في رحاب الأذکار والأوراد والختومات المجربة وأجزت لمن یعمل بها لقضاء حوائجه بشرط أن تکون شرعیة وتوجب رضوان الله تعالی.
1-للدخول علی السلاطین والحکام ومن علی شاکلتهم کمدراء الإدارات الحکومیة فإنه ینقش علی جبهته بسبابته (بدّوح) ویخطّ الحاء علی تمام وجهه لیملاء وجهه.
2-وکذلک من یکتب علی ظرف رسالته أو متاعه کالحقائب والجنط في السفر کلمة (بدّوح) فإنه تصل الرسالة إلی صاحبها ویصل المتاح إلی أهله سالماً إن شاء الله.
3-وکذلک من یکتب کلمة (بدّوح) علی زجاجة سیارته للأمان من الأخطار في الأسفار وإعلم إن بدّوح من الملائکة العظام ومن وظائفه إیصال ما یکتب علیه إسمه الشریف فهو کالبرید في الناس وحبذا لمن یرید أن یکون صاحبته في الحضر وفي السفر علیه أن یذکره دائماً بالخیرات کأن یقرء القرآن کسورة الحمد وثلاث مرات سورة التوحید ویهدي ثوابه إلیه أو عندما یزور المعصومین ینوي الزیارة نیابةً عنه أو یتصدّق عنه تکریماً لمقامه وغیر ذلک من الأعمال الصالحة فنعم الملک والعون بإذن الله سبحانه.
4-ولحفظ الأولاد وحصول البرکات یستعمل تکسیر (بدّوح) کما هو معروف عند أهله ولو قیل علی شيء (20) مرة (یا بدّوح) فإنه یحفظ ذلک الشيء بإذن الله سبحانه.
5-ویتیسّر له الأشیاء من قال (بدوّح) (160) مرة.
6-ولزیادة المال الحلال تکتب هذه الآیة الکریمة مع البسملة (بسم الله الرحمن الرحیم وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ) وتکون الکتابة في یوم الجمعة بین الصلاتین ویوضع في کیس المال أو الحقیبة الصغیرة أو ما شابه ذلک مما یوضع فیه المال فإنه ینفع في زیادته إن شاء الله تعالی.
7-ولسلامة المزارع من الآفات من کتبب آیة الکرسي ودفنها في المزارع آمنت من آفة اللص والنقصان وألقی الله فيه البرکة العظیمة وإن وضعها في الباب کباب الدار فلا یدخلها اللص وإن وضعها في باب الحانوت والدکان حسن بیع متاحه وکثر نفعه.
8-ولبیع المتاع الکاسد یکتب علیه (برکة لنا) وکذلک یقرء ویکتب (قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِیَدِ اللَّهِ یُؤْتیهِ مَنْ یَشاءُ وَ اللَّهُ واسِعٌ عَلیمٌ یَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ یَشاءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظیمِ) وکذل الآیة الشریفة (فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) فإنه من المجربات ولا یخفی أن مثل هذه الکتابات إنما تکتب علی ورقة بیضاء من دون الخطوط والحمد لله أولاً وآخراً وصلّی الله علی محمد وآله الطاهرین
إنتظروا التحف والهدایا الخامسة إن شاء الله تعالی.
... اقرأ المزيد

مقتطف من کتاب عيد الغدير بين الثبوت والإثبات

انطلاقآ من عقيدتنا الإسلاميّة الحقّة ، لا بدّ لنا ولكلّ مسلم ومسلمة أن يحتفل بهذا اليوم العظيم بالعبادة والتقرّب إلى الله سبحانه وبالصلاة والصوم والشكر لله، والصلاة على النبيّ وآله ، ولعن أعدائهم ومنكري فضائلهم ، كما نحتفل فيه بالسرور والأفراح وإقامة الحفلات والإطعام والسخاء والعطاء على الأهل والعيال والأصدقاء والأحبّاء، ونشاطر البهجة السماوية ونشارک الفرحة القدسيّة مع ملائكة السماء، واجتماعهم في القصر الفردوس الذي وصفه لنا مولانا وإمامنا الرضا 7، ونتعايد بعضنا مع بعض بالمعانقة والمصافحة الولائية ، فرحين مستبشرين بما آتانا الله من إكمال الدين وإتمام النعمة التي لا يحصى فضائلها، ونقول : الحمد لله الذي جعلنا من المتمسّكين بولاية أمير المؤمنين وأهل بيته الطاهرين .
ومن الطريف أن نذكر أنّ كثيرآ من الحوادث والوقائع الإسلامية ـكولادة النبيّ 9ـ يوجد اختلاف بين المسلمين في تحديده ووقوعه ، بل نجد الاختلاف في الأحكام والفروع الفقهيّة ، وحتّى الاختلاف في العقائد وحدودها، إلّا أنّه نجد الاتّفاق بين كلّ المذاهب الإسلاميّة على هذه الأيام الأربعة (أعياد المسلمين ) الفطر والأضحى والغدير والجمعة ، فإنّ الجمعة نهاية الاُسبوع يجتمع فيه المسلمونويحتفلون بها بصلاة الجمعة ، كما يحتفلون بيوم الفطر الأوّل من شوّال ، ويوم الأضحى العاشر من ذي الحجّة ، ويوم الغدير الثامن عشر من ذي الحجّة ، ولم يقع الخلاف بأنّ واقعة الغدير كانت في غير اليوم الثامن عشر، فتدبّر.
كما أنّ القاسم المشترک في هذه الأعياد هو مسألة الإمامة والالتفاف حول الإمام ، ففي كلّ اُسبوع يجتمع المسلمون في صلاة الجمعة حول أئمّتهم (أئمة الجماعة والجمعة ) ليسمعوا الخطب والمواعظ والبلاغ ، كما أنّ أصل البلاغ وتمامه كان في يوم الغدير، فلو لم يفعل النبيّ نصب الولي والوصي فما بلّغ رسالته ، فاجتمع الناس حول إمامهم في الغدير كما يحتفل به في كلّ عام إحياءً لتلک الواقعة العظمى ، وكذلک الناس يجتمعون حول أئمّتهم في عيد الفطر والأضحى ، فتدبّر.
واعلم أنّ ثقافة مذهب أتباع أهل البيت : تبتني على أركان وأساطين أربع :
1 ـ التوحيد الكامل .
2 ـ النبوّة الصادقة .
3 ـ والغدير الأغرّ.
4 ـ وعاشوراء الخالدة .
والثالث يتجلّى فيه الولاء والإمامة الحقّة ، كما أنّ الرابع يتبلور فيه البراءة من الأعداء والشهادة ، فالثالث يعني الولاية ، كما أنّ الرابع ينتهي إلى الشهادة .
ولمثل هذا نقول : (إنّما الحياة عقيدة وجهاد) شعار وشعور وفداء.
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين .
... اقرأ المزيد

أضف إلى معلوماتك الروائية

كما تعلم أنّه في كل علم وفن وصناعة، يبرز ويظهر على الساحة في الكلّ والأقوياء والأذكياء، ومن كان أكثر خبرةً وعلماً وفناً وصناعة من غيره، حتى يقتدونهم من الأبطال والأقوياء، ويمنحونهم الجوائز، كما في الألعاب الرياضية، فالفائز الأول مدالية ذهبية، وللثاني: فضيّة، وللثالث: بُرنزية كما لهم في المجتمع مكانة خاصة وامتياز خاص بالنسبة إلى باقي الناس العاديين.
فيا ترى من الأقوياء والأبطال عند الله سبحانه وعند الأنبياء والأوصياء وأهل الله سبحانه؟
إقرء معي هذا الحديث الشريف عن رسول الله صلی الله علیه واله وسلم حتى تعرف من الابطال حقاً، وكرّر القراءة بتأمل وتعقل سترى في كلّ مرة يضاف إليك معلومة جديدة .
قال صلی الله علیه واله وسلم: قال الله سبحانه: إذا علمت ـ أي إذ كان عبدي هكذا ـ أنّ الغالب على عبدي الاشتغال بين نقلت شهوته في مسألتي ومناجاتي، فإذا كان عبدي كذلك، فأراد أن يسهو حِلتُ بينه وبين أن يسهو، أُولئك أوليائي حقاً، أولئك الأبطال حقاً.
وفي حديث آخر عنه صلی الله علیه واله وسلم قال: يقول الله عز وجل: إذا كان الغالب على العبد الاشتغال بي، جعلت بغيته ولذّته في ذكري، فإذا جعلتُ بغيته ولذّته في ذكري، عشقني وعشقته، فإذا عشقني وعشقته، رفعت الحجاب فيما بيني وبينه، وصيّرت ذلك تغالباً عليه، لا يسهو إذا سها النّاس، أولئك كلامهم كلام الأنبياء، أولئك الأبطال
حقاً.
ولا يخفى ما في هذين الحديثين من دلالات راقية، يستخرج منها الدّرر والجواهر الفاخرة من العلوم والمعارف، فطوبى لمن كان من الأبطال حقاً، أو كان في طريقه إلى البطولة الحقّة في سيره وسلوكه وعرفانه الإسلامي الصادق والسليم.
العبد عادل العلوي
... اقرأ المزيد

مقتطف من کتاب في ظلال زيارة الجامعة

في عصر الإمام الهادي عليّ بن محمّد علیهم السلام كان للغلاة دورآ فعّالا، ربما كان من جرّاء حبس الإمام علیه السلام من قبل المتوكّل العباسي في معسكر جيشه في سامراء فاستغلّ هؤلاء عدم حضور الإمام علیه السلام في الساحة للإقامة الجبريّة عليه في مدينة سامراء آنذاک .
ومن رؤوس هؤلاء الغلاة المعاصرين للإمام الهادي علیه السلام علي بن حسكة القمّي ـوكانت قم آنذاک مهد التشيّع ـ والقاسم بن يقطين ، والحسن بن محمّد بن باب القمّي ، وفارس بن حاتم بن ماهويه القزويني ، ومحمّد بن نصير الفهري النميري ، وغيرهم .
لقد اختلق هؤلاء الأحاديث على لسان الأئمة : التي تشمئزّ منها النفوس ، ومن بدعهم وأضاليلهم التي حاولوا فيها الكيد للإسلام والطعن به وتشويه واقع الأئمة الأطهار من أهل البيت : ادّعاؤهم أنّ الصلاة والزكاة والصيام وسائر الفرائض جميعها رجل ، فاستهتروا بسائر الفرائض والسنن الإلهيّة ، وأسقطوا عمّن دان بمذهبهم ، بل وأباحوا النكاح من المحارم واللواط ، وقالوا بالتناسخ ، وما إلى ذلک من المحرّمات والأباطيل .
والأنكى من جميع ذلک أنّهم ادّعوا الربوبيّة للإمام الهادي علیه السلام بأنّه هو الربّ الخالق والمدبّر للكون ، وأنّه بعث ابن حسكة ومحمّد بن نصير الفهري وابن بابا وغيرهم أنبياء يدعون الناس إليهم ويهدونهم ، وكان هدفهم الأساس هو الاستحواذ على أموال الناس والحقوق والوجوه الشرعيّة التي تُحمل إلى الإمام علیه السلام كما هو ظاهر كثير من الروايات .
وعلى الرغم من الإقامة الجبرية على الإمام علیه السلام في هيمنة خلفاء بني العباس الجائرين ، وملاحقة مواليه وشيعته ومحبّيه ، فإنّه علیه السلام وأصحابه رضوان الله عليهم لم يألوا جهدآ في سبيل تصحيح المسار، والتصدّي لهذه الحركة المشبوهة والمنحرفة ضمن المسؤولية الشرعيّة والمرجعيّة الدينية والعلمية والتبليغيّة المناط به علیه السلام ، للحفاظ على الإسلام والمسلمين بكلّ ما حوى من علوم ومعارف واتّجاهات ، فقد لعنهم الإمام علیه السلام وأعلن البراءة منهم ، ودعا عليهم ، وحذّر أصحابه وسائر المسلمين من الاتّصال بهم أو الانخداع بمفترياتهم ودسائسهم ، بل وأمر بقتل زعيم الغلاة في وقته فارس بن حاتم ، وضمن لقاتله الجنّة ، كما ورد في الروايات والتاريخ .
ثمّ الإمام علي الهادي علیه السلام كي يبيّن حقيقة الإمامة بأبعادها ومراتبها ومقاماتها لظروفه الخاصّة ، أبانها من خلال زيارة الجامعة التي وردت لمن أراد أن يزور الأئمة الأطهار علیهم السلام دون غيرهم حتّى فاطمة الزهراء سلام الله علیها ، فإنّها لا تزار بهذه الزيارة ، فهي مختصّة بهم لما فيها من بيان مقامات الإمامة والإمام.
... اقرأ المزيد

مقتطف من کتاب الإخلاص في الحجّ

الحجّ يمثّل بوضوح عزّ الإسلام وبقاءه وسلطانه ، وكرامة المسلمين وشرفهم ، فليس لاُمّة وملّة من الاُمم والملل مثل هذا المؤتمر العالمي العظيم ، والمشهد السنوي الكبير، الحافل بالخيرات والبركات ؛ ليشهدوا منافع لهم ؛ ليجتمع فيه المسلمون من شرق الأرض وغربها على اختلاف جنسيّاتهم ، وطوائفهم ، وأشكالهم وألوانهم ولغاتهم ، ولا يتميّز غنيّهم عن فقيرهم ، ورئيسهم عن مرؤوسهم ، وكلّ واحد منهم وقد اتّزر بأحد ثوبي الإحرام وارتدى بالآخر؛ ليلبّي دعوة الله، التي يدوّي صداها عبر الأحقاب والأجيال من شيخ الأنبياء إبراهيم الخليل 7 في قوله تعالى :(وَأذِّنْ فِي النَّاسِ بِالحَجِّ يَأتُوکَ رِجَالا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ).
فالحجّ فلاح وصلاح وقد أفلح من أقامه ، ورفع بنيانه كما أمر الشارع به ، وإنّما ركّز القرآن الكريم ، ورسول الله الأعظم 6، وأهل بيته الأطهار : على الحجّ لما فيه من المغزى والمعنى الملكوتي ، ولأنّه يحتوي على كثير من العبادات ، والفضائل الأخلاقية ، والخير والإحسان الاجتماعي ، والثواب الاُخروي ، فإنّه من
بين أركان الإسلام ومبانيه ، عبادة العمر وختام الأمر، وتمم الإسلام وكمال الدين فيه .
قال النبيّ 6: من مات ولم يحجّ فليمت إن شاء يهوديآ وإن شاء نصرانيآ.
فهو نقلة اجتماعية ، ورحلة جماهيرية يتّجه فيها الناس من كلّ صوب ومكان ؛ لأداء فريضة إلهية واجبة ، في مكان مقدّس واحد هو من أشرف بقاع الأرض : مكّة المكرّمة . وفي زمان واحد من الأشهر الحرم ، ذي الحجّة المبارک ؛ ليمارسوا شعائر موحّدة ، ومناسک دينيّة ، وطقوسآ خاصة ، تجرّد الإنسان عن عالم الماديات ، وتحلّق بروحه إلى عالم ملكوتي وروحاني بلا نهاية ، إلى الرفيق الأعلى فيكون قاب قوسين أو أدنى .
ولكن نوايا الناس مختلفة ، والإنسان على نفسه بصيرة ، ولو ألقى معاذيره وأستاره .
فقد روي في خبر من طريق أهل البيت :إذا كان آخر الزمان خرج الناس للحجّ أربعة أصناف : سلاطينهم للنزهة ، وأغنياؤهم للتجارة ، وفقراؤهم للمسألة ، وقرّاؤهم للسمعة فليس كلّ من أدّى فريضة الحجّ نال الكمال وبلغ العلى ، بل بشرطها وشروطها، والإخلاص في النوايا والمناسک أوّل شروطها. ... اقرأ المزيد

أضف إلى معلوماتك القرآنيّة

لقد ورد في القرآن الكريم ضوء الشمس والقمر، فعبّر عن نور الشمس بالضياء، وعن القمر بالنور في قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُوراً﴾ .
فهل فرق بين الضياء والنور:
1 ـ قيل: كلاهما من المترادفات، كالإنسان والبشر، ويذكر للتّنوع.
2 ـ وقيل: من الكلمات التي إذا إجتمعت افترقت، وإذا إفترقت إجتمعت، كالفقير والمسكين كما في آية الزكاة، فإنّ الثاني أسوء حالاً من الأوّل.
3 ـ وقيل: الضياء بمعنى النور القوي كنور الشمس يضيء في النهار، وما في القمر بمعنى النور الضعيف، يضيء في الليل.
4ـ وقيل: الضياء فيمن كان نوره من ذاته كالشمس، ولكن نور القمر ما كان من نور الشمس فيكون من العرضي.
5 ـ وقيل: النّور أعم من الضياء، فيشمل النور الذاتي والنور العرضي.
6 ـ وقيل: نور الشمس من الفاعل فهو ضياء، ونور القمر متنقل ومن القابل فهو نور.
7 ـ وقيل: الشمس منبع النّور ومعدنه، ونور القمر من النور الإكتسابي ومن نور الشمس، فكان الأول ضياءً دون الثاني.
فالضياء لمن كان منبعاً للنور وكان من فاعليته وذاتياته كما في الشمس.

العبد عادل العلوي ... اقرأ المزيد

سر من أسرار الوحدة الاسلامیة

الوحدة الإسلامية بالمعنى الأخصّ، فالمقصود منها وحدة المذاهب الإسلامية وأنصارها في عصرنا هذا، أمام أعداء الإسلام. والنبيّ الأعظم سيّدنا محمّد منقذ البشرية| قد دعى العالم والاُمم إلى كلمة التوحيد وتوحيد الكلمة، ولكن أخبر بوحيٍ من ربّه بالإنقلاب على العقب بعد رحلته، وأخبرنا باختلاف اُمّته إلى ثلاث وسبعين فرقة، وحذّر هذا الاختلاف وذمّه، وأنّ الفرقة الناجية واحدة، لأنّ الحقّ واحد، والباقية من الهالكين يوم القيامة. والمسلمون في الدنیا وإن تعدّدت مذاهبهم في الاُصول والفروع، وكلّ واحد يدّعي أ نّه الفرقة الناجية، ولكن النبيّ| قد أوضح سبيل الحقّ وبيّن الفرقة الناجية، وذكر أوصافها ومعالمها كما في حديث الثقلين وحديث السفينة، ولكن إنّما يعلم ذلك وينكشف بانكشاف أتمّ، يوم تُبلى السرائر، ويوم يقوم الأشهاد إلى ربّ العالمين، يوم يدعى كلّ إنسانٍ بإمامه، فتفويض الأمر إلى الله سبحانه يومئذٍ: (وَقِفوهُمْ إنَّهُمْ مَسْؤولونَ). ولكن (نحن المسلمون) في هذه الحياة الدنيا التي نعيش فيها، لا بدّ من الاتّحاد عند مداهمة الخطر الموحّد، وهناك عوامل كثيرة للوحدة وعدم الفرقة، لنكون يد واحدة ضدّ الكفر، لا سيّما وأمامنا أعداء الإسلام الكثیرین من الاستكبار العالمي والاستعمار والصليبية والكفر والإلحاد من الشيوعية والرأسمالية والصهيونية والماسونية وأذنابهم وعملائهم في البلاد الإسلامية، كبعض الملوك الفَسَقَة ورؤساء الجمهوريات الخَوَنَة. وحينما ننظر إلى كلمة الاختلاف في القرآن الكريم والروايات الشريفة نجد: (كانَ النَّاسُ اُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرينَ وَمُنْذِرينَ وَأنْزَلَ مَعَهُمُ الكِتابَ بِالحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فيما اخْتَلَفوا فيهِ وَما اخْتَلَفَ فيهِ إلاّ الَّذينَ اُوتوهُ). (وَما كانَ النَّاسُ إلاّ اُمَّةً واحِدَةً فَاخْتَلَفوا).
وعن الإمام الباقر ×: كانوا قبل نوح اُمّة واحدة على فطرة الله لا مهتدين ولا ضلالاً فبعث الله النبيّين (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ اُمَّةً واحِدَةً وَلـكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ في ما آتاكُمْ). (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَهُمْ اُمَّةً واحِدَةً وَلـكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ في رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمونَ ما لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصيرٍ). والله سبحانه واجب الوجود لذاته، مستجمع جميع صفات الكمال والجلال والجمال، وهو الخير المحض، فإنّ الوجود خير والشرّ أعدام، وهو يدعونا إلى الصلح في قوله تعالى: (وَالصُّلـْحُ خَيْرٌ). والصلح إنّما هو مظهر من مظاهر الوحدة، وأمّا الاختلاف والشقاق والفرقة، فإنّما هو من فعل الشيطان وأعوانه من الطواغيت والظالمين، فإنّهم يفرّقون الناس شِيَعاً وأحزاباً: (إنَّما يُريدُ الشَّيْطانُ أنْ يوقِعَ بَيْنَكُمُ العَدَاوَةَ وَالبَغْضاءَ). وأمثال فرعون الطاغوت يجعل الاُمّة فرقاً وشيعاً: (إنَّ فِرْعَوْنَ عَلا في الأرْضِ وَجَعَلَ أهْلَها شِيَعا). هذا قبل الإسلام، وأمّا عند بزوغ شمسه في الآفاق، فقد قال سبحانه وتعالى: (إنَّ هذِهِ اُمَّتُكُمْ اُمَّةٌ واحِدَةٌ وَأنا رَبُّكُمْ فَاعْبُدونِ). (وَأنا رَبُّكُمْ فَاتَّقونِ).
وقد أمرنا الله أن نعتصم بحبله: (وَاعْتَصِموا بِحَبْلِ اللهِ جَميعا وَلا تَفَرَّقوا وَاذْكُروا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إذْ كُنْتُمْ أعْداءَ فَأ لَّفَ بَيْنَ قُلوبِكُمْ فَأصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إخْوانا). (وَلا تَكونوا كَالَّذينَ تَفَرَّقوا وَاخْتَلَفوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ البَيِّناتُ وَاُولـئِكَ لَهُمْ عَذابٌ عَظيمٌ).
فالاختلاف من الشيطان وحزبه وأزلامه، وإنّما كان ذلك للإمتحان والفتنة، شاء الله ذلك بحكمته وعلمه، ولكن لا بدّ أن نعرف الحقّ فنتّبعه، ولا نستوحش في طريق الهدى من قلّة أهله، فإنّ أكثر الناس لا يفقهون، ولا يعلمون ولا يشكرون وللحق كارهون كما ذكرهم الله في كتابه الكريم، ولكن مع هذا لا بدّ أن نتّحد مع البشرية لو دهمها خطر الاضمحلال، ونتّحد مع المستضعفين أمام المستكبرين، ومع الموحّدين أمام المشركين والملحدين، ومع المسلمين أمام اليهود والصهاينة، ومع المؤمنين شیعة أمیرالمؤمنین علي× أمام المنافقين والمخالفين. واليوم إنّما ندعو المسلمين إلى الوحدة الإسلامية أمام خطر الاستعمار والاستكبار العالمي والصهيونية العالمية وهيمنتها، وبعد تطهير الأرض من رجسهم وقطع أياديهم الخبيثة عن بلاد المسلمين وثرواتهم، ندعوهم إلى ما هو الحقّ، ونقتدي في سلوكنا بالنبيّ الأكرم حيث كان يدعو لاُمّته بالهداية لأ نّهم لا يعلمون: (رَبِّي اهْدِي قَوْمَي فَإنَّهُمْ لا يَعْلَمونَ). فندعو لجميع المسلمين بالهداية ما داموا لا يعلمون، ندعو بذلك لهم في حياتهم، فإنّهم قوم مستضعفون وبحكم الجاهل القاصر. فندعو له بالهدایة والتمسك بالإمام والخلیفة لرسول الله| كما قال النبي الأعظم| في مواطن كثیرة في خبر صحیح متواتر عند جمهور المسلمین: (إنّي مخلف فیكم الثقلین كاب الله و عترتي أهل بیتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً) وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمین.
[من أراد تفصیل الموضوع یراجع رسالة (الأخلاق المحمدیّة في تحكیم الوحدة الإسلامیة) لسماحة السیددام ظله]
... اقرأ المزيد

من السر في آیة الحج

قال اللّه‏ تعالى في محكم كتابه ومبرم خطابه: ﴿وَللّه‏ِِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾.
بيان ذلك: (للّه‏): يدلّ على الوجوب والإخلاص وحصر العبادة إيّاه.
(على الناس): يدلّ على أنّ الحجّ كان من قديم الزمان من لدن آدم وإلى يوم القيامة.عن الإمام الصادق×: إن الحجّ لعامّة الناس، فلا يختصّ بزمان ولا مكان ولا أقوام ولا طوائف ولا أُمم ولا شعوب.
(حجّ البيت): الحجّ لغةً: ـ بفتح الحاء المهملة ـ من حجّ يحجّ حجّاً فهو مصدر يدلّ على مجرّد الحدث من دون أن يقترن بأحد الأزمنة الثلاثة ـ الماضي والحاضر والمستقبل ـ وأنّه بمعنى القصد المتكرّر. وفي المصطلح: عبارة عن مناسك خاصّة في أيّام معلومات ومعدودات. وأمّا الحجّ ـ بكسر الحاء المهملة ـ فهو إسم مصدر، ويدلّ على ما يحصل من الحجّ من الآثار المعنويّة والروحيّة، فالمصدر يدلّ على أصل الفعل، وإسمه يدلّ على ما يحصل من الفعل من إسقاط التكليف الشرعي والقرب من اللّه‏ سبحانه. فالحجّ المطلوب عند اللّه‏ سبحانه ليس مجرّد أصل الفعل، بل ما يحصل من فعل الحجّ من الصيانة المعنويّة والآثار الروحيّة والمقامات الرفيعة التي تجمعها كلمة (التقوى) كما يجري ذلك في الفرق بين الصوم والصيام.
فالذي كُتب على المؤمنين كما كُتب على الذين من قبلهم هو الصيام من قبلهم هو الصيام، وليس مجرّد الصوم، لأنّه ربّ صائم وليس له من صومه إلاّ الجوع والعطش، فالمقصود من الصيام (لعلّكم تتقون) وكذلك الحجّ ﴿وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى﴾ وإلاّ ورد في أحاديثنا الشريفة: «ما أكثر الضجيج وأقلّ الحجيج» ﴿وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾ فإنّ أكثرهم كالأنعام بل أضلّ سبيلاً. ثمّ المراد من (البيت) هو البيت العتيق الذي وضعه اللّه‏ للناس من اليوم الأوّل، فكان عتيقاً، كما عتق من طوفان نوح×، كما أنّه الثمين كالتراث العتيق، وقد ورد ذكره في القرآن الكريم في ستّة عشر موضعاً.
(من استطاع إليه سبيلاً) أعم من الاستطاعة المالية والبدنيّة والسربيّة، أي الطريق، كما ذكرها الفقهاء في رسائلهم العمليّة.
(ومن كفر فان اللّه‏ غنيّ عن العالمين) فمن يترك الحجّ وهو مستطيع من دون عذر، فقد كفر بنعمة اللّه‏، وهذا من الكفر العملي، ويأتيه ملك عند نزع روحه ويقول له: مُت يهوديّاً أو نصاريّاً أو مجوسيّاً. فلا يموت على دين الإسلام، المحمّدي الأصيل ـ والعياذ باللّه‏. ثمّ لا يضر الله من كفر به‏ في عقيدته أو سلوكه، إنّما يضرّ نفسه، فإنّ اللّه‏ غنيّ عن الحاج وحجّه، بل غني عن العالمين، إنّه غنيّ بالذات، فإنّه الكمال المطلق ومطلق الكمال في الذات والصفات والأفعال: ﴿أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللّه‏َ وَاللّه‏ُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾ فلا يضرّه من ضلّ عن سبيله، وإرتكب معاصيه، وكفر بنعمه وآلائه، إنّما هو الخاسر خسراناً مبيناً.
ثمّ ممّا يدلّ على الوجوب والتأكيد على الحجّ لمن كان مستطيعاً الوجوه التالية:
(1)(للّه‏ على الناس) جملة خبريّة، وإنّها أقوى من الجملة الإنشائيّة للدّلالة على الوجوب وتأسيس حكم أو إمضائه. (2) إنّها جملة إسميّة وهي أدل على الوجوب من الفعليّة لدلالتها على الثبوت والإستمرار. (3) لام التكليف في قوله (لله) وللتأكيد الذي إقترن مع الله، مقدمة على المبتدء وهو الحجّ، فيدلّ على الحصر.
(4) ذكر (على الناس) بعد قوله: (لله‏) يفيد التأكيد فيدلّ على الوجوب. (5) ذكر المكلّفون مرّتين: (على الناس... من إستطاع اليه) بدلاً من أن يقال: للّه‏ على المستطيع، ففي الآية بدّل البعض عن الكلّ، ويفيد التاكيد والوجوب.
(6) عبّر عمّن ترك الحجّ بالكفر ـ وهو من الكفر العملي. عن الإمام الصادق×: «من مات ولم يحجّ حجّة الاسلام لمن يمنعه من ذلك حاجة تجحف به أو مرض لا يطيق فيه الحجّ، أو سلطان يمنعه، فليمت يهوديّاً أو نصرانيّاً».وهذا يدلّ على الوجوب الفوري، لعدم علم الإنسان بساعة موته، فلا يؤخّرالحجّ ويسوّفه ـ أي يقول سوف أذهب ـ لمن كان مستطيعاً.
(7) لإظهار عدم الإعتناء بمن ترك الحجّ قال سبحانه: (فإنّ اللّه‏ غنيّ عن العالمين) فإنّه غنيّ ليس لمن ترك الحجّ وحسب بل لكلّ العالمين.
ثمّ في الحجّ أسرار وحكم یجمعها الإيمان الكامل بالمبدء والمعاد، باللّه‏ سبحانه واليوم الآخر، وما بينهما من الإيمان بالرسل والكتب النازلة عليهم، وبالإمامة من بعد الرسل والعمل الصالح.
... اقرأ المزيد

قوموا لله

س: نلاحظ أن التقوى تساهم معها ظروف تساعد عليها إمّا سلباً أو إيجاباً، ما هي التقوى وكيف يمكن تحصيلها؟‏
ج: التقوى من الوقاية وتعتبر في علم الأخلاق أنّها التحفظ في طريق الشوك من الشوك (هذا التحفظ هو التقوى). فالمؤمن يتحفظ من شوك الذنوب والمعاصي ما ظهر منها وما بطن، فمن كان كذلك كان متقياً. وبعبارة أخرى التقوى عرّفها في الحديث الشريف أنّها: «أن لا يراك الله حيث نهاك ولا يفقدك حيث أمرك» (5). وفي الحديث «اتّقوا الله في الخلوات فإنّ الشاهد هو الحاكم» (6). كثيراً ما يحصل عندما يخلو الإنسان بنفسه ـ ولا سيّما الشباب ـ يقع في الذنب، باعتبار أن الناس لا يرونه فسرعان ما يُذنب، ولكن إذا علم أن الله يرى ويسمع،ويعلم أن الله يحاكمه يوم القيامة،فحينئذ يخاف الله. (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى*فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى)(النازعات: 40). فمن كان متّقياً خاف الله. وهناك ارتباط وثيق بينهما. يقول علماء الأخلاق: «إن المرء يدخل الجنّة بخطوتين الأولى أن يخاف الله والثانية أن ينهى النفس عن الهوى بمخالفتها بالجهاد الأكبر».‏
فمن كان متّقياً سيعيش الراحة النفسيّة والاطمئنان {أَلاَ بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (الرعد: 28).‏
نعم ورد في الحديث الشريف عن الصادق×: «التقوى ثلاث: تقوى العام وتقوى الخاص وتقوى خاص الخاص» (7).‏
تقوى العام: أن تأتي بالواجبات وتترك المحرّمات وهذا لعامّة الناس منذ بلوغهم، الرجل يبلغ وعمره 15 سنة والمرأة تبلغ وعمرها 9 سنوات، يكون متقياً بهذه الدرجة، يعني يفعل الواجبات ويترك المحرّمات. أمّا المرتبة الثانية ـ أي التقوى الخاص ـ فإضافة إلى فعله للواجب فإنه يُقبل على المستحبات ويترك الشبهات إضافة للمحرّمات. أمّا مرتبة خاص الخاص فإنه يترك حتى الحلال، وقد ورد عن الإمام الحسن×: «الدنيا في حلالها حساب وفي حرامها عقاب وفي الشبهات عتاب» (8) فهو يترك الحلال كي لا يحاسب،ويترك الشبهات كي لا يعاتب،والحرام كي لا يُعاقب.‏
وفي الحديث الشريف «أفضل الأعمال أحمزها» (9) أي أشدّها. والبيئة مؤثرة، لا شكّ، في حياة الإنسان. وقد روي «أن كلّ إنسان يولد على الفطرة،وأبواه إما يهوّدانه أو ينصّرانه أو يمجسانه»(10)، فالمحيط إذا كان محيطاً غير أخلاقي، محيط ذنب ومعصية ونشأ فيه إنسان تقوائي واجه بإيمانه مظاهر الفساد، لا شكّ أنّه أفضل من ذاك الذي نشأ في بيئة مؤمنة أتاحت الظروف له التقوى. المهم أن يخاف الإنسان ربّه في قلبه وأن يتذكّر دائماً أنه يراه سبحانه على كلّ حال.‏
أمّا كيف يمكن تنمية دواعي التقوى في النفس؟ فإنّه يقال الإسلام والأخلاق كالسُّبحة عندما تأخذ خرزة واحدة منها تبدأ بالأخرى حتى تأتي عليها كلّها، لذا الأحكام الإسلاميّة إنما هي كخرز السُّبحة فلا يمكن أن يأخذ الإنسان واحدة ويترك الباقي، لا بدّ من أخذه كلّه. يقال جاء رجل إلى رسول الله وقال له: يا رسول الله علّمني حكماً واحداً في الإسلام أعمل به ولا أعمل بالأعمال الأخرى، فقال الرسول|: «لا تكذب». عندئذ ذهب، وصار وقت الصلاة فقال إذا لم أصلِّ وسألني رسول الله| عنها بماذا أجيب؟ أقول لم أصلِّ؟ هذا أمر صعب، أقول صليت؟ فأكون كاذباً. عندها قام فصلّى. ثمّ بعد ذلك الصوم ثمّ الغيبة ثمّ الغضب.. وهكذا بكلمة لا تكذب عمل بالكلّ أحكام الإسلام، لانّه لابُدّ أن يكون صادقاً في حياته.‏ ... اقرأ المزيد

ارسال الأسئلة