وأورد عليه:

أولاً: أنه حتى على القول بنتيجة الإطلاق والتقييد فإنه لا يكاد يرفع محذور الدور، لأن المحذور هو توقف القطع بالحكم على وجوده في الواقع، وتوقف الحكم عليه لأنه موضوعه، ومثل هذا لا يكاد يرتفع بمتمم الجعل ونتيجة التقييد.

وثانياً: ربما ما قاله باعتبار إلحاق المقام بالانقسامات اللاحقة للحكم كقصد القربة وقصد التعبد فتصور أن القطع كذلك والحال ليس الأمركذلك للفرق بينهما فإن المحذور في قصد القربة في أخذ الحكم إن كان غير ممكن أخذه في الموضوع لو كان في لسان دليل واحد، فيمكن أخذه حينئذٍ بمتمم الجعل، هذا بناءً على القول بأنه لا يمكن أخذه بدليل واحد ومع ذلك فأين المقام من هذا فإنه بمتمم الجعل لا يعقل أن يدفع المحذور في الواقع في لزوم الدور الصريح في أخذ القطع بالحكم موضوعاً لحكم شخصه؟ فلا يصح ذلك بمثل نتيجة التقييد، فالقياس بينهما مع الفارق.

وثالثاً: ما قابله من التقابل في المقام بين الملكة وعدمها إنما يصدق ذلك في التكوينيات ولا يكون للعدم قوة واستعداد للتقييد كالعمى والبصر في الحيوان ولا يجري ذلك في الأمور الاعتبارية كما في المقام، فلم يكن بين المطلق والمقيد نسبة العدم والملكة، إنما هما شبيه بالعدم والمكلة حيث أن المطلق عدم التقييد والإرسال ويقابله المقيد الذي فيه القيد وعدم الإرسال.

ورابعاً: ما ذكر في تفسير الإطلاق والمقيد لم يكن من الملكة وعدمها إنما هما من شبه التضاد ، لأن الإطلاق اللحاظي يعني ملاحظة جميع القيود، ومن الواضح أن النسبة بين لحاظ جميع القيود وبين لحاظ قيد واحد نسبة شبه التضاد لا شبه العدم والملكة، نعم النسبة والتقابل بين الإطلاق الذاتي وهو عبارة عن عدم القيد عما من شأنه ذلك وبين المقيد هو شبه تقابل العدم والملكة ولكن بين الإطلاق اللحاظي والتقييد اللحاظي فإنهما أشبه بتقابل التضاد من تقابل العدم والملكة.

وخامساً: لو سلمنا أن التقابل بين المطلق اللحاظي هو العدم والملكة إلا أنه لا يعني ذلك أنه إذا امتنع التقييد لسبب ما ولو من الخارج أن يمتنع الإطلاق كذلك، فإنه ربما يمكن أن يقيد الشيء بقيد ذاتاً إلا أنه يمتنع ذلك لسبب من الخارج كالدور مثلاً في المقام وهذا لا يعني أنه يمتنع الإطلاق كذلك، فإن المحذور الدوري مختص بالتقييد ولا يجري في الإطلاق كما في المقام فإذا امتنع أخذ عنوان القطع بالحكم في شخص موضوعه لأنه يلزمه الدور المصرح الباطل فهذا لا يعني أن يمتنع الإطلاق وعدم أخذ شيء من العلم والجهل في الموضوع، بل يمكن أن يصرح المولى في مقام الإطلاق في الموضوع بتعميم الحكم للعالم والجاهل.

نعم لو كان عدم قابلية التقييد ذاتاً كما في العمى والبصر بالنسبة إلى الحجر، فإنه بامتناع التقييد يمتنع الإطلاق كذلك لكون تقابلها شبه تقابل العدم والملكة ، فتدبر.